-->

رواية جديدة ميراث الندم لأمل نصر الفصل 30 - 3 السبت 16/12/2023


  قراءة رواية ميراث الندم كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى





رواية ميراث الندم

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر

الفصل الثلاثون

3

تم النشر يوم السبت

16/12/2023 


دلفت جليلة اليها داخل الغرفة بعدما عادت من منزلها في ميعادها اليومي كالعادة ، كانت قد غفت بجوار ابنها على التخت، بعدما استبد بها القلق والضجر، نتيجة لقاءها بهذا البغيض، ثم نجدتها بالفرار منه بفضل بسيوني، والذي لم تعلم كيف وجدته فجأة امامها، هل كان الأمر بالصدفة ام هو مراقبًا لها، مما زاد عليها وارهقها بالتفكير، حتى لم تجد راحتها سوى بالنوم، لتستيقظ الاَن بفضل نداء والدتها:


- نادية، انتي يا بت،  لحقتي امتى تنامي والوجت دلوك العشا؟

تطلعت الأخيرة حولها لتجد الظلام بالفعل قد حل، مما جعلها تعتدل على الفور مع مداومة والدتها بالحديث:


- نايمة بعبايتك السودة، انبي شكلك نمتي من ساعة ما جيتي وحتى ولدك كمان نام معاكي، طب عشيه الاول ، 

على الاقل عشان ميصحاش في نص الليل ويجولك انا جعان، حريم خايبة صح،  دا انا مرضيتش اتعشى مع اخواتك يا زفتة اجي الاجيكي مخمودة.


ضحكت تعقب وهي تلملم شعرها الذي انفلتت عقدته مع نومها:

- خلاص يا ام عزب متزعليش نفسك، انا هجوم دولك اسخن نتعشى احنا الاتنين الاول، وان كان على معتز، هبجى اصحيه كمان بالمرة بعد شوية كدة.


ردت جليلة بوجه عابس:

- طيب يا اختي بس متعوجيش، اروح اصلي انا على ما انتي خلصتي. 


صدح صوت جرس المنزل ف انتبهت نادية توقف والدتها التي كانت على وشك الخروج اليه:

- استني ياما ، روحي انتي اتوضي عشان تحصلي الفرض، وانا هروح افتح واشوف مين؟


لم تجادلها جليلة، لتخرج باتجاه المرحاض القريب بالطرقة ، وذهبت هي لترى من الطارق،  وكانت المفاجأة حينما وجدته أمامها، حتى انها لم تصدق عينيها، لتظل لفترة من الوقت تحدق به بعدم استيعاب،  حتى قطع هو الصمت بقوله:


- إيه مش هتجوليلي حمد الله ع السلامة؟

قالها بجمود يماثل هيئته، وهذه النظرة الغامضة التي يرمقها بها، لتضع بقلبها شعور عدم الارتياح، ف ابتعلت لتردد بتماسك مزيف:


- حمد على سلامتك، انا مكنتش اعرف انك وصلت.


ارتسمت نصف ابتسامة على زاوية فمه، ليعقب على قولها 

- واديني واجف بطولي جدامك، معناها اني جيت، هتسببني كدة من غير ما تجوليلي اتفضل؟!


بدا التردد جليًا على صفحة وجهها، ما بين استهجان لطلبه المباشر لها، وما بين ورفض تود البوح به، ولكنها لا تجرؤ.


ضاقت عينيه وكأنه يقرأ جميع ما يدور برأسها، ظل صابرًا حتى لبت طلبه على استحياء، تزيح بجسدها عن الباب :


- اتفضل طبعًا.

دلف لداخل الاستراحة يرمقها بطرف عينيه، قبل ان ينتبه على صوت جليلة التي تفاجأت بحضوره:

- وه، غازي الدهشان وصل من السفر؟ حمد الله ع السلامة يا غالي.


- الله يسلمك يا خالة.

تمتم بها يستقبل ترحيبها بحفاوة، ليصافحها قبل ان يخلع سترته ثم يجلس مقابلًا لها بالقميص المنشي الابيض، والبنطال الأسود، امام ابصار تلك المصدومة من فعله، لتغمغم داخلها:


- وه، دا جعد وخد راحته كمان، ولا اكنه في بيته.

- نادية!

هتفت جليلة منادية بإسمها ، لتلفت انتبهاها لها، ثم تأمرها:

- روحي اعملي كوباية عصير ولا حاجة لواد عمك،  ولا تعملك جهوة احسن. 

توجهت بالاخيرة نحوه، فجاء رده مخالفًا:

- لا دي ولا دي يا خالة، انا راجع من السفر عليكم على طول،  هموت من الجوع،  عندكم عشا اتعشى معاكم؟


- وه ، انت بتسأل؟ دا احنا عندنا الخير كله يا ولدي، شكلك واد حلال وحماتك هتحبك، جبل ما تاجي على طول كانت داخلة تسخن، ياللا نادية، سخني كل اللي في التلاجة.


أومأت تحرك رأسها بزهول يشل افكارها، لتزعن على مضض، لتنفيذ الأمر،وقبل أن تستدير بجسدها، أوقفها بقوله:


- ياريت يا نادية لو فاضل محشي من بتاع امبارح،  تلحجيني بطبج، ولا يكون خلص، وانا مليش نصيب ادوج منه .


- لاه والنعمة فيه، مش بجولك واد حلال. 

صاحت بها جليلة بلهفة تخبره، قبل ان تعيد بتوجيه الأمر،  نحو تلك التي ما زالت لا تستوعب حتى الاَن ما يحدث أمامها، وهذه الاريحية المبالغ فيها منه،  


- سخني الحلة كلها يا نادية، دا باين غازي وصل النهاردة مخصوص  عشان يفتح نفسنا والله، حمد ع السلامة يا غالي.


- تسلمي يا خالة، امال فين الواد معتز، واد يا معتز .

- معتز نايم هجوم اصحيهولك


❈-❈-❈


في صالة منزله الجديد، وبعد انتهاء الزفاف، امام المراَة التي تتوسط الحائط وقف يتطلع لنفسه الاَن بها في انتظار خروج العروس اليه، الى حين أن تنتهي من تبديل ملابسها، يتسائل داخله:


أين هي فرحة العرس؟.

لقد فعل كل شيء ، ليلة حناء صاخبة شهد عليها القاصي والداني، وقد ذاع صيتها على كل ارجاء البلدة وما حولها،  واكثر ، نظرا للشهرة الواسعة التي يتمتع بها النجوم الذين أحيوها،  والفرقة، والفقرات المتنوعة، والذبائح، ثم اليوم وهذا الزفاف الاسطوري في القاعة الفخمة في المحافظة، 


انه لم يترك شيء للتفاخر والزهو، حتى انه اندمج مع ما يحدث بالأمس، وظن انه قد نسي، وعاش ليلة الأمس بفرحها وصخبها ، ولكن ومع بزوغ الصباح، ورؤيته بالصدفة لها اثناء مرور السيارة التي كانت تقلها مع هذا المدعو زوجها وابن عمها، لقد كانا يضحكان، يعيشان السعادة التي كان يوعد نفسه بها معها، 


انتفض يستفيق من شروده مع صوت فتح الباب ، ثم خروج هذه الصغيرة، والتي تقدمت حتي وصلت اليه، 


وقفت أمامه بطلتها المبهرة، تنهج من فرط حماسها،  قلبها الفتي يطالع هيئته المهلكة بوله، تتأمل كل تفصيلة من ملامح وجهه الخشنة بهذه الجاذبية القادرة على الإيقاع بأجمل النساء، وهي المحظوظة بأن وقع اختياره عليها، وها هي اللحظة التي تُراود خيالها من وقت الطفولة، لحظة القرب من الرجل الذي انعم عليها القدر لتكن من نصيبه.


كانت كالكتاب المفتوح أمامه، ليس بها الخجل الذي يتوقعه الرجل الشرقي من عروسه في ليلة كهذه، بل هي امرأة راغبة، نظرتها مشبعه بإعجاب قادر على ارضاء غروره كرجل، بدعوة صريحة للغرق معها في بحر العسل؛ ولكنها ليست هي؟

ليست عروسه التي تمناها ودفع ثمن الوصال بها من عمره، ليست هي الحلم الذي عاش من أجله، ليست هي من كسرت قلبه الذي ذاب عشقًا بها، حتى أصبح خيال رجل، في انتظار اكتمال لن يحدث.


ولكنه الاَن على أرض الواقع، والمفروض به ان يفرح، ان يتجاوز، ان يكون عريسًا لهذه العروس


صدرت شهقة مجفلة منها بعد أن طوقها فجأة بذراعه، بوجه متجهم ليس له أي صلة بما كانت ترسمه في خيالها، ازدردت ريقها بتوتر تحاول السيطرة على خفقان قلبها، وسبابته تمر على شفتيها، يحدثها بصوت وكأنه يأتي من البعيد بعد أن تاهت بهذا الوجه الغريب منه:


- لتكوني خايفة مني؟

- ها.

تمتمت بها بعدم تركيز ثم سرعان ما حركت رأسها نافية، رغم فزعها بالفعل منه، 

ضاقت عينيه، ليمط ثغره بنصف ابتسامة ساخرة زادت من توجسها، قبل ان تصدر شهقتها الثانية بصوت أعلى من الاولى حينما وجدته يرفعها عن الأرض بعنف، قبل أن يتحرك بها نحو غرفتهم قائلًا:


- يبجى أحسنلك تخافي


❈-❈-❈


على مائدة السفرة، وقد اجبرت على الانضمام معهما بفضل إلحاح والدتها وطلبه المباشر لها ، وكأنه هو من يضايفها وليست هي، تمضغ الطعام بصعوبة، يحكمها الخجل امام اَريحته المبالغ فيها، وقد كان يتناول الطعام بشراهة أمامها، يتلذذ بالطعم، واضعًا صغيرها بحجره يطعمه بيده:


- امممم دوج الواد الحلاوة دوج، يسلم ايدين اللي عملته، اول مرة اكل محشي كرنب بالحلاوة دي. 


عقبت جليلة ضاحكة، وكأنها تلبست الدور هي الأخرى،  تسلم ايديها هي بجى، ما هي نادية هي اللي عملاه،  وانا والنعمة ما اعرف اعمله بالحلاوة دي زيها، 


نقل بنظره نحوها بغزل مبطن:

-  رغم ان جدتي كانت حاكيالي عن طعامته، بس والله حسيت بنفسها فيه..


- حسيت كيف يعني؟

سألته بتحفز رافعة حاجبًا واحدًا بشر، قابلها بعبث ابتساماته المستفزة لها، وتباسط والدتها معه، يجعل عقلها على وشك الانفجار، فما يجري حولها الاَن، يشعرها وكأنه.......


نفضت رأسها، رافضة الفكرة ان تطرا بعقلها من الأساس، لتضع همها في الطعام، ولكن كيف لها التناول؟ وسهام انظاره المتربصة لها ولا تتركها؟


- كفاية يا ولدي، دا باين النوم غلبه من تاني، ومعدتش فيه نفس للوكل اساسًا.


هتفت بها جليلة بالإشارة نحو معتز الذي غفى بالفعل على صدره، قبل ان تنهض من محلها مردفة:

- هات اخده اغسله وشه وخشمه،  جبل ما احطه يكمل نومه ع السرير من تاني.


- خليكي انتي كملي وكل،  انا اللي جايمة عشان شبعت. 

- لا انتي استني يا ناادية..... 

تفوه يوقفها بكف يده التي صدرها امامها، لتلتزم محلها على مضض، يكتنفها احساس انه قد تجاوز بالفعل،، ولابد لها ان توقفه،  انتظرت حتى ذهبت والدتها بصغيرها، لتبادره السؤال:


- نعم ، كنت عايزني استنى ليه،؟

لم يكترث لحدتها، بل ادهشها بتحول ملامحه فجأة،  لتغلف بتجهم تناقض تمامًا مع هيئته منذ قليل،  يجفلها هامسًا بأعين تطلق شررًا من الجحيم:


- طلعتي ليه من غير ما تبلغيني ولا تبلغي حد من الرجالة؟ بسيوني دا اللي رازعه تحت امرك وامر معتز، مكنتش جادرة تديله خير؟


اكتنفها فزع كاد ان يوقف قلبها في البداية من هيئته، لكن سرعان ما تمالكت لتغلبها روح العند في الرد عليه؛


- وافرض يعني معملتش كل اللي جولت عليه دلوك، انت مالك؟ عشان تيجي وتحاسبني كدة؟


لم يكن متوقعًا لهذا الرد منها على الاطلاق، حتى ارتدت رأسه للخلف بمفاجأة ، ليستوعب قليلًا، فينحي هذا الجزء الصارم في شخصيته، ليخفف من حدته قليلًا حتى يقتنع رأسها العنيد، وليعطيه الله القوة حتى لا يضعف امام العيون الساحرة تلك:

- يعني انتي معرفاش بحاسبك ليه؟ ولدك دا اللي مسؤلية امنه في رجبتي، لو حصله حاجة لا قدر الله، ساعتها هيبجى ايه وضعي ساعتها؟..... الزفت ناجي كان هيقدر يجرب منك، لو ماشية مع حد من رجالتي؟

انتي مغلبة عِندك ليه على مصلحة وأمان ولدك؟


رددت خلفه بصدمة محتجة:

- انا مغلبة عندي على مصلحة ولدي؟ ليه ان شاء الله؟ عايزه اذيته يعني؟


رد موجهًا لها سؤاله المباشر:

- بعد اللي حصل النهاردة، معترفة ان اللي عملتيه صح ولا غلط؟


- عملت إيه؟ وانا ايه ذنبي لو الزفت......

قطع مانعًا عنها الجدال او التبرير مرددًا:

- معترفة باللي عملتيه صح ولا غلط؟


اجبرتها حدته هذه المرة على الرد لتطالعه بوجه ممتقع:


- انا ممكن اكون غلطت في حاجة واحدة بس، هي اني مبلغتش بسيوني....


- يبجى اعترفتي، ومن هنا ورايح،  مفيش فرصة تاني للغلط ، اللي اجوله يتسمع ومن غير مراجعة. 


- من غير مراجعة!

- ايوة من غير مراجعة، ولاحظي اني بتكلم معاكي وبحاول اقنعك كواحدة عاجلة لوحدينا،  من غير ما ادخل اخوكي ولا امك معانا، وانتي عارفة طبعا رأيهم ساعتها هيبقى مع مين؟


يتبع..

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أمل نصر من رواية ميراث الندم, لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية..

رواياتنا الحصرية كاملة