رواية روضتني 2 (الجزء الرابع من رواية ترويض الفهد) طمس الهوية -لأسماء المصري - الفصل 28 - 3 السبت 23/12/2023
قراءة رواية روضتني 2 (طمس الهوية) كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية روضتني 2
(الجزء الرابع من رواية ترويض الفهد)
طمس الهوية
للكاتبة أسماء المصري
الفصل الثامن والعشرون
3
تم النشر يوم السبت
23/12/2023
انتبه يزن لرده الذي لم يبتلعه البته وتسلل القلق لقلبه بعد أن لاحظ نظراته لنرمين وقت المشفى ومحاولاته الفاشلة الآن وأمام أنظاره بتحاشي تلاقي نظراته لها حتى لا يفتضح أمره، فأسرها في نفسه وضغط على أسنانه صامتا ومازن يثرثر بحجج لم يجدها مقبولة لعقله:
-مامتها في السجن وفارس في حداد وحوارات طويله فمش وقته ابدا اتكلم عن كتب كتاب وغيره.
نطق أخيرا يسأله:
-هو أنت كنت ناوي تعمل فرح من تاني؟
نفى وهو يضحك ساخرا فعقب الأول:
-طيب يعني كل الموضوع مأذون يرجعها لعصمتك عشان ابنكم، مش حفله هي عشان تقول ظروف إلا بقى لو أنت بتعيد تفكير في الجواز عموما.
وكأنما يفهمان بعضهما البعض فرمقه مازن بنظرة حادة وزفر بأنفاسه الغاضبة فستأذنت نرمين التي وجدت أنه لا يوجد سبب لجلوسها برفقة ثلاثتهم وتبعها ساجد:
-أنا هروح أشوف الشغل اللي ورايا وأنت لما تخلص مع الأستاذ مصطفى ابقى عدي عليا.
أومأ وانتظر حتى غادر أخيه الأصغر والتفت ينظر ليزن وأراح ظهره على المقعد واضعا قدما فوق الأخرى يتحدث بشكل أثار حنق الآخر:
-فاكر وقت ما رجعت أنت وأخوك أنا كنت اتكلمت معاك في موضوع كده، فاكره ولا أفكرك بيه؟
رفع حاجبه الأيسر مغتاظا من طريقته:
-موضوع ايه ده؟
قوس فمه وهو يجيبه:
-لما قولتلك إن نرمين كانت خطيبتي وإنها متنفعش تبقى معاك بأي شكل، أنا حبيت أفكرك تاني عشان بقالي فتره شايف بوادر لحاجات ممكن تعمل زعل بينا يا يزن.
انعقد جبين يزن بشدة وسأله محتدا:
-أنت سامع نفسك بتقول ايه؟
حرك رأسه بتأكيد:
-أكيد سامع نفسي ومتأكد من كل كلمة بقولها، بلاش نرمين يا يزن.
أكد على مخارج حروفه بجدية جعلت الآخر يتململ في جلسته تاركا مقعده واستدار حول المكتب جالسا أمامه متكئا بساعديه على قدميه ينظر له بتدقيق وتكلم بصوت هادئ ولكن غاضب بعض الشيئ:
-لو أنت بتفكر ترجع لها وتسيب چنى كنت ممكن أفهم سر إصرارك بالشكل ده على كلامك، لكن الغريب انك مكمل مع مراتك ولا أنا فاهم غلط؟
رد الآخر وهو يضغط على أسنانه:
-الموضوع ملوش علاقه بچنى ولا بيا لو أنت مفكر إن جوايا مشاعر لنرمين.
قوس يزن جبينه فانغلق جفنيه نتيجة لملامح التعب التي بدت على وجهه وسأله:
-أومال ايه سر الكلام ده فهمني؟
ترك مازن المقعد ووقف أمامه يشير له بسبابته وكأنه يحذره في التمادي بحديثه:
-أنا قولت اللي عندي ولو أنت مش فاهم السبب فهفمك بس ده هيكون آخر كلام بينا في الموضوع ده.
رافعا حاجبه الأيسر ظل ينظر له منتظرا تفسيره فأضاف:
-وقت ما كنت أنا وفارس بنعط سوا قبل الجواز والالتزام كان في بينا اتفاق إن مينفعش حد فينا يلمس بنت التاني لمسها قبله وأكيد مش محتاج افسرلك السبب.
هز يزن رأسه مرتين متتاليتين وكأنه تفهم حديثه، ولكنه سأله والسخرية تظهر على محياه:
-وأنت لمست نرمين على كده؟
رفض فورا وقد اتسعت حدقتيه مزهولا:
-ﻷ طبعا ايه الكلام ده؟ نرمين بالرغم من الخلاف اللي حصل بينا بس هي بنت محترمه جدا وعمرها ما سمحت بأي تجاوز.
اتسعت بسمة يزن وعقب:
-طيب يعني أنت دلوقتي بتتكلم وتناقض نفسك يا مازن، أنت قولت مينفعش تلمس واحده فارس لمسها وفي نفس الوقت بتقولي إن محصلش اي تجاوز بينك وبين نرمين يبقى كلامك كله ملوش علاقه بالموضوع.
زفر مازن بفروغ صبر واقترب منه ينظر له بحدة:
-يا بني نفس الفكره، مينفعش ترتبط بواحده أنا ارتبطت بيها قبل كده مش لازم أكون لمستها يعني مجرد أنها كانت على اسمي لفتره وكان في بينا مشاعر ده يخلي علاقتك بيها مرفوضة.
التف حول نفسه وعاد ينظر له وهو يتابع:
-وبعدين إصرارك على الموضوع ده معناه إن في حاجه بينكم مش بوادر زي ما بخمن.
لم يجبه بل عض جانب فمه وجلس على مقعده وهو يوضح:
-أنا فاتحتها في مشاعري وهي رفضتها يا مازن فخلاص الحوار ده كله ملوش لازمه بس خد بالك أنت من تصرفاتك عشان باينه أوي إن لسه جواك بقايا من نرمين مش قادر تتخلص منها في قلبك.
❈-❈-❈
انتظرت طوال اليوم عودته وهي تشعر بالضجر فدينا ظلت ما بين مراعاتها للصغير مدحت الذي يحتاج عناية مكثفة وبين دوامها بالمشفى وعودتها لتتابع تجهيز الطعام لرجال البيت، أما چنى فقد ظلت معظم الوقت جالسة بغرفتها لا تخرج منها إلا قليلا؛ فتعجبت ياسمين من أسلوبها وظنت أنها ربما تتحاشى التعامل معها لسبب لا تعلمه.
دلفت المطبخ لتتسامر مع دينا التي تعطي أوامرها للخدم بتجهيز الطعام:
-هي چنى مالها يا طنط؟
التفتت تبتسم لها وأجابتها بعفوية:
-ملهاش يا ياسمين، هي بقت منطوية كده على نفسها من ساعة ما ولدت وزاد عليهم حكاية فريدة كمان.
انتبهت لحديثها فهي لا تعلم عن أي شيئ تتحدث فقادها فضولها لتسألها:
-ماله فريدة هانم؟
انتبهت لذلة لسانها فأنبت نفسها وهي تعلم حالة فارس بالآونة الأخيرة وما قد يفعله إن تم تجاهل تعليماته أو أوامره فحاولت التهرب من الإجابة:
-عادي يا ياسمين، المعتاد يعني بس هي چوچو بقت حساسه شويتين.
تنهدت تشعر بالضياع لجهلها ما يحدث حولها، فهل يمكن ليومين فقط أن يتغير الجميع حولها لهذه الدرجة أم حدثت أشياء تعجز هي عن مواكبتها.
لم تجد إجابة لتساؤلاتها فخرجت من المطبخ وتوجهت لجناحها الذي خصصته لها دينا وظلت جالسة على الفراش تنتظر عودته بفارغ الصبر حتى تطلب منه أن يعودا برفقة صغيريهما لمنزلهما الحبيب.
أمسكت هاتفها واتصلت بابنة عمها تلك التي سمح لها فارس بالتحدث معها:
-ايه يا شوشو عامله ايه؟
أجابتها باشتياق:
-حبيبتي يا سو، عامله ايه يا قلبي؟
تنهدت وزفرت حزينة:
-حاسه إن في حاجات كتير حصلت وأنا في الغيبوبه وفارس مخبي عليا كالعادة، كل اللي حواليا بيتعاملوا معايا بحذر جامد أوي حتى أنتي.
لم تعقب على حديثها فصاحت الأولى:
-ما تردي يا بنتي وتفهميني ايه الحكاية؟
ابتلعت شيرين ريقها وأجبتها:
-أكيد فارس هيقولك في الوقت المناسب يا سو، بلاش تدخليني أنا مع فارس في صدام اللي يخليكي انتي مشوفتيهوش كان عامل ازاي وأنتي في الغيبوبه.
شدت بأناملها على شعرها تشعر بالضيق وتسائلت:
-بتشوفي نرمو؟
أكدت مجيبة:
-ايوه، انهاردة قدمت استقالتها وغالبا كده بسبب موضوع يزن؟
رفعت حاجبها وهي تسألها:
-ماله سي يزن ده كمان؟
ضحكت شيرين عاليا ووضحت:
-ابدا يا ستي أنا وساجد شايفينه مهتم بيها من فتره وهي طبعا زي العادة مصدره الطارشه ولا كأنها شيفاه، وعرفت من ساجد انها أصرت على الاستقاله عشان عرفت مشاعره ورفضاها.
تنفست عاليا بغضب وهي تعقب على حديث ابنة عمها:
-عندها حق، خلاص مفيش غير ابن مروان كمان، مش كفايه الزفت اللي اسمه مالك.
انتبهت شيرين لذكر اسمه فهتفت:
-آه صحيح معرفتيش آخر الأخبار؟
نفت فأخبرتها:
-ياسين بيقولي إن حالة أنس اتدهورت خالص وكلها مسألة وقت ويفصلوا عنه الأجهزة.
فرحت ودعت ربها بالقصاص العادل وعادت تسألها:
-وموضوع شادي؟