-->

رواية جديدة ميراث الندم لأمل نصر الفصل 28 - 3 الأحد 10/12/2023

 

   قراءة رواية ميراث الندم كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى





رواية ميراث الندم

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر

الفصل الثامن والعشرون

3

تم النشر يوم الأحد

10/12/2023



وقف أمامها بهيبته، وبعكس الفترة الماضية حينما كان يتجنبها دائمًا، ويتجنب حتى اللقاء بها بالصدفة، ابصاره هذه المرة كانت منصبة عليها مباشرةً، وهو يخاطبها:


-  طلبتي تجابليني؟ 

- أيوة طالبت اجابلك. 

ردت بالإجابة بقوة، لتجسر نفسها ، مستجمعة شجاعتها، تلقي بوجهه الكلمات التي ظلت تحفظها طوال الليل، بتوتر تفضحه أفعالها:


- انا طبعا مجدرة لكل جمايلك معايا، وكفاية ان انا وولدي عايشين في حماك، بس بصراحة انك تاخد حجي من ناجي واد عمك شيء،  وان اتجوزك عشان امنع الكلام والحديت عني شيء تاني، انا لا يمكن اجبل بحاجة زي.....


- يعني انتي رافضة جوازك مني؟

قاطعها بحدة يزيد من صعوبة مهمتها، ولكنها تُصر على موقفها،  ولن يثنيها شيء عما قررته برأسها:


- مش حكاية رفضاك انت بالذات، انا رافضة الجواز كله، 

فما بالك لما يجي بالأسلوب ده، انا مش رمية عشان ارضى ب......


- اللي يجول كدة امحيه من على وش الدنيا. 

باغتها بقوله حتى توقفت تطالعه بانشداه، وهو يردف دون مواربة:

- وانت مش رمية، انت ست الكل والدار دي كلها، من ساعة ما دخلتي البيت ده، وانتي بجيتي سته، لا ناجي ولا عشرين من عينته حد فيهم هيجدر يمسك بكلمة واحدة وانتي على زمتي.. جوازنا بجي ضرورة. 


ضغطت بغيظ شديد تعقب على كلماته:

- طب لو فرضنا اني سلمت بكلامكم انت وعزب وجبلت، هترضى تسيبني كدة على زمتك...... جواز على ورج؟ لأن بصراحة معنديش حاجة اجدمها .


ضيق عينيه لنصف دقيقة يستوعب المغزى من خلف عبارتها القاسية، قبل ان يخرج قوله بحزم، وبجرأة أخجلتها:


- لأ يا نادية، معنديش حاجة على ورج، عشان انا عايزك 

، عايز اتجوزك صح.... وانتي عندك كتير تجدميه.


انتفضت تدير بوجهها عنه، وقد صعقها رده، لتغزو السخونة وجنتيها، يغلبها الحياء رغمًا عنها وعن تحديها له بجرأة هي ليست من صفاتها،


فتابع موضحًا، بنبرته الحادة، تخترفها سهام عينيه:

- ماتفهمنيش غلط، بس انا صريح ومبعرفش ازوج في الكلام، اسمعي يا نادية، مش هزيد في الضغط عليكي، بس انا مسافر اخلص الشغل اللي ورايا مع شريكي، هسيبلك حرية التفكير مع نفسك، ياريت تحددي قرارك الصح .


❈-❈-❈


- تعالي يا هدير، تعالي يا بنتي. 

هتف والدها يرحب بدخولها  غرفة الاستقبال، بعدما انهى جلسته مع خطيبها المزعوم،  والذي وقف يصافحها باحترام، قبل ان يستأذن مغادرًا لصلاته،  تاركًا الاثنان .


- جاعدة على اَخر الكنبة ليه؟ هو انا هخطفك؟

صدرت منه بغضب  اربكها لتنهض على الفور، مرددة بأسف، لتغير مقعدها لجواره:


- لا والله مش جاصدة، انا جعدت كدة وخلاص. 

- جربي كمان .

هتف بها يشير بكفه لتقترب اكثر، اذعنت لتنفيذ أمره،  حتى جلست بجواره، ليتلقاها بقوله:


- من اولها كدة، ايه موحشتكيش؟

تبسمت تجيبه بمرح:

- لا طبعا وحشتني،  ودي فيها كلام ، انا بس مكسوفة يعني .


قالتها بعفوية اطربته، شاعرًا بحجم تأثيره على قلبها الندي، جال بعيناه يتأمل هيئتها  في تنفيذ تعليماته، حتى وان كانت الملابس ليست بالقدر المطلوب من الاناقة ، ولكنها تحاول لإرضاءه، حتى جرأتها اصبحت تحجمها من اجله، جميلة وصغيرة،  كقطعة الحلوى التي تذوب في الفم، زهرة تتفتح حديثًا، هو اول من يقطفها، خير مخدر لجراحه،


- شوفتي جيبتلك ايه النهاردة؟

التمعت عينيها لتهتف بلهفة، فور ان وقعت ابصارها على الهدية التي اخرجها من العلبة المغلفة:


- جيبتلي تلفون، وكمان عدة (....... ) الحديثة. 


تبسم ساخرًا يعقب على قولها:

- وانت كمان عرفتي عدة (.......) دا انتي متابعة بجى.


ردت بحماس يستبد بها، وهي تتأمل الهاتف الجديد:

- ايوة امال ايه؟ انا اعرف كل العدد الجديدة، البت يمنى صاحبتي معاها واحدة زيها، بس دوكها جديمة على دي شوية،  ياما لعبت انا وهي عليها، اصل كمان عندهم واي فاي، يعني نت على كيفك. 


أشتدت ملامحه وتحول فجأة،  ليقبض على كفها بعنف يسألها:

- والنت ده بتشوفي عليه ايه؟ ليكي حسابات كمان ع التطبيقات، ولا انتي فرجة بس؟


رددت على الفور نافية:

- لا والله فرجة وبس، وحتي لما بتتفرج انا وهي،  كلها مسلسلات كوري او هندي، يا اما اغاني من اللي طالعة جديد، انا معنديش حساب زيها، عشان تلفوني اساسا بزراير مش شاشة. 


ارتخى ببعض الارتياح، ليرد على قولها:

- شاطرة يا هدير، بس التليفون دا مش عليه غير خطي  انا ، وباجي الارقام هحطها انا بنفسي من خطك الجديم  ومن هنا ورايح مفيش روحة لصاحبتك يمني ولا غيرها، كلها اسبوع بالكتير وتبجى في بيتك عندي، تشتغلي ع النت على كيفك، بس برضوا تحت عيني. 


لم تركز في معظم ما فات،  وقد انتبهت لشيء واحد ، كي تسأله:

- اسبوع ازاي؟ مش ابويا جالك ان احنا لسة هناخدوا وجت على ما نجهزوا الانتيريه، والمطبخ عند النجار احنا حسبناها امبارح ع الاجل شهر


رد ببساطة اذهلتها

- وانا حليتها معاه جبل ما تاجي، متشغليش نفسك انتي، ركزي بس في المهم 


- وهو ايه المهم؟

ارتفعت كفه ليربت على الخد المكتنز ويتلمس نعومته،  ليردف لها:

- تسمعي الكلام، وتركزي معايا، وجت ما اتصل بيكي تردي على طول، عايزك تفهميني وتفهمي طبعي، المدة جصيرة وانا مش عايزك تدخلي على عماكي معايا. 


- مش فاهمة.

تمتمت بها ثم تابعت بسؤالها المُلح:

- طب مدام هو كدة، ما نستنى شوية، ايه لزوم الاستعجال؟


تبسم بجانبية لاندفاعها في الرد دون انتباه منها كالعادة،  ليشملها بنظرة شاملة، تركز على أشياء بعينها،  ليزفر قبل أن يجيبها على قدر فهمها:

- عشان انا عايز كدة، مينفعش استنى تاني، انا لو عليا اتجوزك النهاردة، مش بعد اسبوع، ولا انتي مش مستنية اليوم ده زيي؟


ردت ببعض الخجل وحالمية ما يدور برأسها:

- لا ازاي يعني ؟ اكيد طبعا مستنية اليوم ده، اني ابجى معاك ع الكوشة والبس احلى فستان ابيض، والبنات كلها تتغاظ اني متجوزة احلى عريس، دي تسوى الدنيا كلها. 


تبسم ضاحك من قلبه ليعلق بمكر:

- تسوى الدنيا كلها كمان. ماشي يا هدير.....  يا مين يصبرني؟


❈-❈-❈


فتحت باب الاستراحة للطارق، فتفاجأت به أمامها، يقف بكامل هيئته مرتديًا حلة رمادية أنيقة، والنظارة السوداء تغطي عينيه وكأنها ترى رجل اخر، ليس غازي الدهشان الذي تعرفه، يبتسم لها بوسع فمه يخاطبها:


- انا جولت اجي اسلم جبل ما اسافر. 


- تسلمي عليا انا !

رددت بها من خلفه باستنكار يعلو ملامحها، قابله بابتسامة مشاكسة، يرد:

- لا طبعًا مستغناش، بس انا جاي لصاحبي، واد يا معتز ، معتز  


خرج الاَخير على الصيحة راكضًا نحوه، ليتلقفه بين يديه ثم يرفعه ليضمه اليه بقوة متمتمًا بمغزى؛


- هتوحشني يا معتز ، هتوحشني يا حبيبي الكام دول.

ختم يقبل الصغير على وجنتيه وابصاره لا تتركها، لتتكتف مشيحة بوجهها عنه ، تنتظر انتهاء هذا المشهد الدرامي، ومدعابات الاثنان وحديث يدور بينهما، بتفاهم لطالما اثار استغرابها، لكنه زاد هذه المرة بتلميحات ليست بالغبية لتغفل عنها ، رغم استغرابها ايضًا أن تخرج من رجل مثله، حتى وصل لمرحلة لا يصح عنها السكوت 


- انا سايب في البيت راجل ياد، تخلي بالك من نفسك ومن امك، فاهم يا زيزو،

- هو مين اللي سايب في البيت راجل؟ انت تجصد ايه بكلامك؟


على الفور انكر ببرائة يدعيها:

- وه يا نادية، هو انا لما اوصي الواد، لازم يعني اكون جاصد حاجة مش كويسة، انا بوصيه وخلاص. 

اومأت على مضض لتصرف ببصرها عنه، نحو شقيقتها،  والتي أتت هذا اليوم لزيارتها بعد اخبار الأمس.


والتي أشار لها غازي بالتحية من محله، حينما انتبه لوجودها :

- ام احمد، عاملة ايه؟ وعاملين ايه عيالك؟

بادلته المرأة رد التحية بود :

- اهلا يا غازي يا واد عمي، حمد لله يا سيدي انا زينة وعيالي وجوزي كمان رايجين،  تشكر يا كبيرنا ع السؤال. 

دار حديث سريع بينهم وهذه الأسئلة الروتينية التي تدار في مثل هذه اللقاءات،  حتى استغربت تلك التي ظلت واقفة بينهم تنتظر مغادرته، تذهب عينيها كل دقيقة نحو صديقه الذي يقف بجوار السيارة في انتظاره ايضًا،  ليسافرا معًا.


حتي اجفلها مناديًا باسمها:

- ناادية 

التفت تطالعه باستفهام، حتى اردف قائلًا لها:

- كنت بسألك لو عايزة حاجة اجيبها معايا؟


لوحت بسبابتها نحوها بتساؤل، وقد اصابها عدم الفهم في البداية، لكن سرعان ما استدركت لترد بحدة:

- لأ طبعا مش عايزة حاجة، ربنا مكفينا والحمد لله الف شكر .


تبسم باتساع يردف لها:

- شالله دايما، انا بس بسأل عادي على فكرة،  ولا ايه رأيك يا ام احمد؟ عايزة انتي حاجة اجيبهالك معايا ؟

ضحكت له الأخيرة تجيبه بزوق:

- يا سيدي وانت لو جيبت هجولك لا؟ على العموم احنا عايزين سلامتك، تروح وترجع بألف سلامة .


التقط من الاخيرة ليضيف معلقًا بمغزى؛

- الله يكرمك يارب ويسعدك،  والله دعوتك دي بالدنيا كلها، واخدة بالك يا نادية. 


للمرة الثانية يجفلها ، ليردف ببعض تعليماته؛

- بتمنى بس تطلي على جدتي في غيابي، اينعم خواتي وبنات اخواتي بيجوا يطلوا عليها يوماتي، بس دا ميمنعش انك تطمني عليها كل يوم لو تسمحي؟


- اسمح ايه؟ هي جدتي فاطنة محتاجة وصية؟ دي في عيني من جوا.

قالتها بعفوية وحمائية تتخلل نبرتها، ليقابلها بقوله قبل أن يتحرك ذاهبًا:

- ما هو دا العشم برضوا، ع العموم لو عوزتي اي حاجة اطلبيها من بسيوني، ولو مفيش بسيوني اتصلي بيا انا شخصيًا، اكيد انتي حافظة نمرتي، زي انا كمان ما حافظ نمرتك...... ياريت بجى لما اتصل عشان اطمن تردي، ماشي يا نادية 


اومأت زامة شفتيها،  حتى اذا ذهب، واغلقت الباب من خلفه، رددت:


- ناادية، خدتي بالك؟ هو بيمد الألف ولا بيزود عليها؟ أنا مش فاهمة، بس الراجل ده بينطج إسمي بشكل غريب.

قالتها بحنق؛ أضحك شقيقتها بصخب، لتزيد من استفزازها قائلة:

- بصراحة دي اول مرة اسمعه وهو بينده عليكي، حسيته وكأنه بيستطعم الأسم.

- وه.

تمتمت بها بسخط، لتطلق زفرة مشبعة بغضبها تتابع:

- دا انتي باينك اتجنيتي انتي كمان؟


توقفت برهة باستدراك وهي تعيد برأسها على تعليماته لتتسائل بعدم فهم:

- استني صح، طب هو بيوصيني على جدتي،  ودي حاجة مش محتاجة وصاية،  لكن ايه لزوم الاتصال وتردي عليا ومش عارف ايه؟ هو مش جال هبعد عشان مضغطتش عليكي،  طب دا اسمه ايه بجى؟


تبسمت الأخرى بصمت  أمامها وبداخلها تغمغم:.

- دا على اساس انه فعلا غازي الدهشان ها يديكي مساحة للأختيار؟ والنعمة انتي غلبانة 


يتبع..


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أمل نصر من رواية ميراث الندم, لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية..

رواياتنا الحصرية كاملة