رواية جديدة ميراث الندم لأمل نصر الفصل 32 - 3 - السبت 23/12/2023
قراءة رواية ميراث الندم كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية ميراث الندم
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة أمل نصر
الفصل الثاني والثلاثون
3
تم النشر يوم السبت
23/12/2023
- كنت عارف اني هوافج!
هتفت بها فور ان اقتربت منه اسفل المظلة الخشبية الكبيرة بحديقة المنزل، والتي اتخذ جلسته عليها، بعدما غادرهم، وكأنه كان يعرف بمجيئها.
ارتفعت رأسه اليها يشير لها أن تجلس مقابلة له، مخاطبًا لها بتوقير:
- عشان عارف ان عجلك يوزن بلد، وان أمان معتز وامه اهم عندك من الدنيا وما فيها.
عقبت تجفله بردها:
- بس انت الأمر عندك مش معتز وبس، انا شايفة دا في عيونك زين .
مباشرة كالقطر، على قدر ما ضاعفت من دهشته لفطنتها وذكائها الشديد في كشفه، على قدر ما احرجته بصراحتها، حتى انه اضطرب على غير إرادته في الرد مقرًا لها:
- مدام شايفاها في عيني، يبجى مفيش منه لزوم الانكار.... انا عايز اتجوزها، تبجى هي مرتي وولدها ولدي، مش هزود اكتر من كدة عشان مبعرفش.... وكل اللي تطلبيه يا ست سليمة انا موافق عليه .
ردت بأسى يغلف صفحة وجهها:
- انا مش طالبة أكتر من أمانهم وحمايتهم، حتى لو كان دا من اصعب الأمور عليا، ان اشوف حد تاني يحل محل ولدي الله يرحمه، بس دا قدر ومكتوب، والحي أبجى من الميت، وزي ما بيعمل اهل البلد هنا لما يجوزا الفتى لمرة اخوه الميت عشان يصون عياله، أكيد يعني انا مش هلاجي احسن منك.
كانت تجبره على احترامها سابقًا، وبعبارتها الأخيرة جعلت رابط ما يميزها عن الجميع بمحبته وتقديره، وهو ابدا لن يخذلها:
- الله يرحمه ويصبر جلبك عليه يارب.
تمتم بها بمؤازرة ليخرج بسؤاله الملح رغم تردده:
- طب معلش يعني كنت عايز اعرف منك، عرفتي تقنعيها على كدة؟ يعني هديت على حيلها، وبطلت الجنان اللي كانت طالعة فيه ، بس انا عاذرها والله.
قال بلهفة جعل الأخيرة تتبسم على غير ارادتها، تطالع الرجل المهيب، وقد غلبه عشق امرأة ضعيفة لا حو لها ولا قوة، وكم من عروش وممالك اهتزت لنفس هذا السبب.
❈-❈-❈
- اخوكي عملها يا روح.
هتف مجلجلًا بضحكاته، ليجبرها على الخروج سريعًا من المرحاض بمئزرها الأببض، والمنشفة التي كانت ومازالت تجفف بها شعر رأسها، لتسأله بلهفة:
- عمل ايه المجنون دا يخليك تضحك وتفتحها كدة ع الرابع؟
سقط يجلس بركبتيه على الاَريكة أسفله، ليجيبها غامزًا بعد أن توقف بصعوبة عن ضكاته:
- خد الموافجة اخيرا وهيتجوز حلم عمره، بت هريدي جبلت بيه يا روح
- يا سلام.
تمتمت عاقدة الحاجبين، تستوعب ما يتقوه به، لتتناول فرشاة الشعر تمشط بها معقبة بعد ذلك:
- حلم عمره ازاي يعني؟ هو كان يعرفها منين اصلا عشان تلحج تبجى حلم عمره؟ انا اللي اللي اعرفه انه اول مرة يشوفها كان في عزا جوزها .
مدد قدميه على الأرض امامها، ليجيبها باسترخاء:
- ما هو دا اللي انتي تعرفيه يا عسل، اما انا بجى عارف الحكاية من أولها، دي حب من جت عمره ما كان ١٩ سنة وهي عيلة ١٢ سنة.
توسعت عيناها واشتعل الشغف برأسها، لتجلس جواره
على الفور، تخاطبه بإلحاح:
- طب ومستني ايه؟ ما تجول على طول يا عارف.
تحركت رأسه بالنفي يشاكسها بتسلية:
- بالساهل كدة؟ عايزاني اعترف واجرلك على سر صاحبي ببلاش؟ طب اغريني، اديني اللي يعوضني عن عذاب الضمير، بعد ما اعترفلك...
زمت شفتيها بغيظ، تكبت ابتسامتها، ثم ما لبثت ان تهجم بقبضتيها على تضربه معبرة حنقها:
- لا وانت ضميرك صاحي جوي، بطل غلاسة يا عارف، مش بعد ما شوجتني باقتباس مشوق ، تخلى بيا .
قهقه بصوت العالي يسيطر على قبضتيها، ليزيد عليها:
- يا ستي وانتي مالك؟ مش ليكي تفرحي باخوكي وبس ، وسيبي الاسرار الصحاب، ولا هي حشريه من الحريم وخلاص.
- ايوة حشرية يا عارف، جول وحياة غلاوتي عندك.
صاحت بالاَخيرة وقد استبد بها الفضول، لتواصل الإلحاح والتهديد بكل السبل والأسلحة التي تملكها الانثى، تدخل بقلبه البهجة، حتى اجبرته أن يقص لها القصة بأكملها، وقد حصل منها على ما يرضيه، ويسكت ضميره على حسب قوله.
❈-❈-❈
وبداخل غرفتها، وبعد ان سطحت صغيرها على الفراش، ليغفى بجوارها ، وتظل هي تراقبه بعدم كلل أو ملل، وقد ضج رأسها بالأفكار المتناحرة به، لا تصدق انها فعلتها، لترضخ وتوافق على ما كانت ترفضه بقوة في الصباح، لكن ماذا كان عليها تفعل وسط هذه النيران المشتعلة حولها؟
كيف استجابت لرأي لسليمة؟!
- نادية انتي لسة صاحية؟
هتفت بها جليلة وهي تدلف اليها بالغرفة، لترد الأخيرة بعد أن رقعت اليها رأسها:
- نعم ياما، كنتي عايزة حاجة؟
- سلامتك يا عين امك، مش انا اللي عايزاكي يا حبيبتي، تعالي برا كلمي .
سألتها تعتدل بجذعها عن الفراش باهتمام:
- مين اللي عايزني برا ؟.
اكتنف جليلة التردد، تتمتم مجيبة لها بتعلثم:
- ااا، خ... خ.. بصي ما انتي اطلعي تشوفي بنفسك.
- ايه هو اللي اشوفه بنفسي؟ مين اللي جاي يزورنا في الوجت ده؟ والساعة تمانية؟
صدرت منها عالية وبانفعال، غير عابئة بالإشارات الساذجة من والدتها التي تجتهد بها بكفيها وبحركة جسدها يصعد ويهبط وشفتيها التي كانت تغمغم بكلمات غير مفهومة ، زادت من تشتت الأخرى، حتى اجفلها الصوت القوي :
- انا يا نادية اللي عايزك مش حد غريب.
برقت عينيها بشر، نحو والدتها التي وقفت امامها كطفل مذنب تهادنها بصوت خفيض بالكاد يسمع:
- اطلعي شوفيه عايز ايه يا حبيتي، أكيد جاي يطمن عليكي .
حدجتها بنظرة نارية جعلتها ارتدت للخلف برعب من هيئتها، لتنهض عن تختها بعجالة، وتلف على رأسها بالحجاب، قبل ان تخرج اليه بحالتها الغاضبة تلك :
- اهلا يا غازي بيه، معلش الوجت ليل وانا بصراحة استعجبت بجيت حد في الوجت ده.
اخفى ابتسامة داخله، ليرد على قولها بمرح :
- لا ولا يهمك، انا أصلا مش غريب .
قالها ثم جلس على الكرسي القريب منه، يدعوها للجلوس هي الأخرى:
- اجعدي يا نادية، انتي هتفضلي واجفة
عضت على نواجزها بسخط داخلها، لهذا البرود الذي اتخذه منهجًا معها، غير عابئًا بجلافتها في الحديث معه:
- يارب بس يكون الموضوع ضروري اللي جعلك تاجي مخصوص على هنا، حتى وهي الساعة تمانية.
شددت على الأخيرة بأسلوب كاد ان يضحكه، ولكنه تماسك ليردف ردًا لها:
- طبعا مهم يا نادية، بس في البداية كدة بلاش منها غازي بيه دي، احنا خلاص داخلين في جواز يعني يحقلك تناديني باسمي حاف
- حاف كمان
تمتمت بها بنصف شهقة كبتتها على الفور، لتتابع بحدة:
- اظن ان الكلام ده ، لسة بدري جوي عليه، لسة مفيش اي حاجة رسمي تمت.
قابل أنفعالها بمنتهى الهدوء:
- صح طبعا وليكي حج فيها، بس هانت، كلها كام يوم وكله يبجى رسمي .
قالها يركز على ردود افعالها، وقد اسبلت بعينيها عنه، صامتة باستسلام، وقد نفذت طاقتها عن الجدال والنزال،
ف استطرد يخبرها:
- انا كنت عند عزب من شوية اتفجت معاه على كل حاجة، كتب الكتاب هيتم بعد سنوية المرحوم على طول زي ما اتفجنا.
- على طول كدة
تمتمت بها بصدمة، لتردف سائلة:
- مكنش ينفع يتأجل الموضوع دا شوية، انا حاسة....
- مفيش تأجيل يا نادية.
هتف بها مقاطعًا ليتابع بحزمه، واعملي حسابك من دلوقت، هيبجى كتب كتاب ودخلة كمان .
- بتجول ايه؟
اردف ردًا على سؤالها بتحدي:
- اللي سمعتيه يا نادية، عزب هيجي بكرة ويفهمك على التفاصيل، وانا من دلوك هجز الدور التالت، شجتك يا ناادية.
يتبع..
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أمل نصر من رواية ميراث الندم, لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية..