-->

رواية جديدة عقاب ابن البادية لريناد يوسف - الفصل 29 - 2 الخميس 11/1/2024

 

قراءة رواية عقاب ابن البادية كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




قراءة رواية عقاب ابن البادية

 رواية جديدة قيد النشر

من روايات وقصص 

الكاتبة ريناد يوسف


الفصل التاسع والعشرون

2

تم النشر يوم الخميس

 11/1/2024

❈-❈-❈

- عن ايش تتكلم انت ياشيخي؟ 

- انت تدري عن ايش نحكي ياسالم، يجوز ماتقتنع توا، بس خلي كلامي بمخك لانك راح تعوزه بعدين.. لاني نعرف ايش يسوي عشق الفوانص وقاري من توا ايش اللي راح يجرا بعدين. 

- لا تخوفني ياشيخ. 

- انا عم نعطي لقلبك دليل ياسالم راح تعوزا بعدين وقت تحتار بيك الطرق وتربد النصيحه وتدورها من الكل.. خدها من شيخك وخليها لوقتها،وبس تعتازها وتشوفها انها الأصح نفذها ولا تتردد.. هي كرامتك والكرامه مابيها تهاون.

نهض سالم وغادر خيمة الشيخ ليهيم بين الخيام وهو يفكر في حديث الشيخ منصور ويحاول أن يفهمه، وكأنه لغز ألقاه على مسامعه، لغز لم يفهم إلى ماذا يرمي، ولكنه يشعر بأن له علاقة بما يشعر به الآن من ضياع وإختناق. 

 رأته أمه من خلف الخيمة، فخرجت وذهبت إليه وسألته بقلق:

- ويش بيك ياسالم، حالك موعاجبني هاليومين، كيف ماتكون حامل صخور الصحرا كلها فوق كتافك والحمل ثقيل عليك، صارحني يايومه ايش اللي مثقل عليك وتاعبك،انا امك وماحد يحس ولا يخاف عليك  قدي ؟ 

- ولا شي يالغاليه سلامتك، انا بس عم انفكر انديرلي مشروع بالحضر وانتقل هناك واعمرلي بيت كيف عمي  قياتي وكيف كثير من اهل القبيلة،اللي ربي عمر بيهم الحضر 

-ايواااا، هادا مو كلامك ياسالم ياللي تعشق الصحاري وتعرفها متل كف يدك وحافض كل حبة رمل فيها،ايش اتريد بالحضر لاهو منا ولا احنا منه ولا عندك ما تشتغل فيه فالحضر لكن هنا حالك ومالك يا وليدي ،لكن انا عارفه ان  هادا اكيد رأي الفانص ورغبتها، هاي علوم بت مكاسب وقصير. 

- رجوه مادخلها، انتي تعرفي إن روحي متعلقة بروح عقاب وعقاب غادر، وإن كان عم يروح ويرد عالقبيلة بهاليومين شوي شوي راح يخف حضوره وتنقطع رجله من هان وراح يبلعه الحضر، وأنا ودي انكون معاه وقريب عليه، من صوب  مانقدر انفارقه، ومن صوب  تاني ما نأمن عليه وهو لحاله بعيد عني وما نقدر نتطمن عليه بعيوني يوميه. 


-لا والله وغلاتك عندي ماهاي الأسباب، السبب انا نعرفه زين.كيف ماني نعرفك ياضنا بطني، رجوه هي السبب وراح تكون السبب بكل شي راح يجرالك، رجوه بدت تفتح عيونها وتشتهي روحها اللي مابيدك، وانت كيف ماتعودت وعودتها ماتردلها طلب ولا تقدر ماتحققلها مطاليبها، بس دير بالك ياسالم إنت راح تضل طول عمرك تمشي هايم ببلاد الله بس لترضيها وتلحق كل اللي تتمناه.. ولا هي راح تبطل تتمنى المحال ولا انت راح تبطل تلحق مطاليبها وتحققها بأي شكل.. والحين تعا للخيمه وتعشى مع بوك اللي من ساعة رديت من الحضر ماسلمت عليه ولا جلست جواره. 

عدي انتي عشيه يامي وانا بتمشى شوي وانرد، ضايق خلقي وماطايق نقعد بالخيام وشبعان لدرجة اني حاسس حالي واكل كبش بحاله. 


-ع راحتك ياسالم، وقت تتعب من اللف والدوران بالقبيلة تعال للخيمة، راح انتظرك ماراح نرقد. 

- أبشري يالغالية ماراح انغيب. 

غادرت امه وهو أكمل جولته إلى أن وصل أمام خيمة الشيخة عوالي، ولاحظ أن ضوء القنديل لازال يضوي، ومعنى هذا أنها لازالت مستيقظة، فقصدها لعله يجد لديها مايريح قلبه وتخبره بالحل الذي يعيد إليه رجوته. 


نادى عليها فأجابته بصوتها الحنون الهادئ:

- ادخل ياسالم.. ياهلا ومية هلا، لحمد لله على سلامة وليدي الغالي. 

- كيفك ياشيختي وكيف احوالك، استحاشيتك واجد. 

- استاحشتك العافيه وجاتك من كل صوب ياعيون شيختك.. كيفك وكيف اللي كنت عندهم وكيف مايزه، والله الخيمة والقبيله بلاها ماتسوا وحسها كان مهون عليا كل شي. 

- الكل بخير اطمني، ومايزه صايره متل الذيبه تاكل اللي يرف بقشوره. 

- اي والنعم من مايزه والنعم.. اقترب واجلس هان واحكيلي شو اللي ساق اقدامك لعندي وخلاك تقصد خيمتي بهالوقت؟

- والله ياعمتي ماندري ويش انقولك. 

- الفانص اكيدا؟ 

- ياااعمتي كافي من هاللقب والله رجوه كبرت عليه ومايصير تضلوا تقولولها فانص وفانص، هي راح تكون أم اولادي شو راح تقولهم الناس؟ 

- ولاد الفانص. 

- ياعممه! 

- اهووو سكتنا.. شوف ياسالم إذا متل ماتوقعت جيتك لهان بسبب رجوه فانا راح انريح بالك وانفكرك.. 

رجوه بدت تكبر وماعادت رجوه الصغيره محرومة الحنان واللي تجوز عليها الشفقة، رجوه الحين ماعاد ينفع معها الدلال ياسالم، اذا ودك رجوه تصير متل ماتحب وتتمنى تعلم تقسى عليها، إمنع عنها الدلال اللي خلى الطمع وفراغة العين إستوطنوها. 

- ياناس ياهووو كافي كل اللي نحكي معاه يقولي دلالك ودلالك، انا ويش سويت يعني، الكل يعرف إن رجوه كانت يتيمة إم وأب وماليها غيري. 


- وانت كفيت ووفيت وماحكينا انك غلطت، بس ياسالم حتى الأم يجيها وقت وتفطم إبنها ورجوه ودها فطام من الدلال..انت ربيت وعلمت وكبرت ودللت وكافي لحد هان، صارت القسوة واجبه. 

- كيف تريدوني  نقسى عليها ويش نعمل دبريني؟ 

--أول شي ماتجيب وتحط بحجرها وتملالها كرشها ومو كل ماتمنت تلاقيه.. تاني شي لا تبينلها خوفك عليها ولا محبتك ليها، اجفى وبعد حتى لا تزهدك.. تالت شي حسسها بإن القبيله فيها صبايا غيرها، وان الحرمة مو بحلا وجهها ،الحرمة تنحب لحياها وطاعتها وهدو صوتها ،صبي واحكي مع بنيات عمامك واضحك معاهن، خلي كل وحده فيهن تتمناك وتحكي لرجوه يابختك بيه.وتحسدها عليك. فيه نوع ياسالم يحب بودنا ويعشق من الحكى ويشوف بعيون الناس، اللي الناس تشوفا زين هو يشوفا زين ولو حتى كانت عيوبا واصله للغيم. 

صمت سالم بعد أن سمع كلمات عوالي التي لولا أن كان متأكداً بأن المكان لم يكن به احد اثناء حديثه مع رجوه لكان أقسم بأنها كانت بالجوار وسمعت كل شيئ. 

- ياشيخه راح نسألك سؤال واحد بس وراح امشي بعده.. رجوه تحبني ولا لا؟ 

- سوي اللي قلتلك عليه وراح يبان مكنون القلوب لو بيه حب ولا مافيه.. وراقبها ياسالم.. راقب عيونها وراقب لسانها.. اقلع غمامة المحبه وشوف كل شي متل ماهو على حقيقته. 

غادر سالم من خيمة عوالي وهو يحمل لغزاً جديداً، وكأنه يوم الالغاز العالمي، وكأن الجميع إجتمع اليوم كي يفجروا الحيرة في قلبه الذي أشعلت رجوه فتيله. 


أما فى القصر.. 

الجميع مجتمعون على نفس طاولة الطعام يتناولون الطعام.. آدم وأمه وأبيه ومايزه معاً ياكلون من الطعام الذى اعدته مايزه، أما البقية فيأكلون من طعامهم الذي طهته فريال، ولأول مرة يجتمعون في ميعاد واحد.. وكان الصمت والنظرات المحملة بكافة أنواع البغض هي المتبادلة،وكاد آدم ينفجر غيظاً وهو مضطر أن يجلس مع هؤلاء الاوغاد على طاولة واحدة..

أما نظراتهم هم له فكانت كلها إستهزاء وسخرية خفية، كانت عيونهم تتجول على الزي البدوي الذي رفض أن يرتدي غيره مهما ألحت عليه والدته، فهو يستريح فيه، ونشأ على أن راحته هي الأهم، وأن الذي يأكل على مزاجه يلبس على مزاجه أيضاً وتباً للناس جميعاً.. هكذا أخبرها وبجملته هذه أحبط جميع محاولاتها الحاليه وحتى القادمة في إقناعه بالعدول عن قناعة تربى عليها. 

والسخرية الأخرى كانت على طريقة تناوله الطعام بيديه دون الإستعانة بأدوات تناول الطعام، فكانت الإبتسامات المتبادلة كفيلة بأن تجعله يقلب الطاولة فوق رؤسهم، ولكنه تحمل وأكمل طعامه متجاهلاً لهم، فالطعام له آداب، هكذا تعلم. 


وفي هذه الاثناء ورده أتصال من قصير فمسح يديه في محرمة وأمسك هاتفه وأجابه:

- هلا ياعمي.. اي أبشر تو انراسلهم.. لالا ماراح يجرا كيف المرة السابقة، راح نعدي البضاعة من غير طريق وناخد كامل احتياطنا..لا يُلدغ مؤمن من جحر مرتين.. ولو حصل هاد الشي على المؤمن هد الجحر وقطع راس الحية اللي تلدغ. 

قال جملته الاخيرة وهو ينظر نحو عمه وزوجته وأختها وأولادهم، وينقل عيونه بينهم فرداً فرداً.. وبمجرد ان أنهى حديثه نهض من على الطاولة وتوجه للأريكة القريبة وأمسك حاسوبه الموضوع فوق المنضدة القريبة عليها، فتحه وبدأ مراسلة شركة الأسلحة الروسية، وبعد دقائق أتاه إتصال عبر الماسنجر من المسئول عن إبرام الصفقات فى الشركة، وماإن فتح آدم وتحدث حتى تدلت جميع الأفواه بصدمة إثر الطلاقة في اللغة الانجليزية التي سمع الجميع آدم يتحدث بها مع المتصل، وتبادلوا النظرات التى تبدلت كلياً من نظرات سخرية لنظرات إستهجان وسؤال إنبثق في عقول الجميع، كيف لهذا المتخلف الذي كان ياكل بطريقة بدائية منذ قليل ويرتدي مالايمت لمجتمعهم بصلة أن يتحدث الانجليزية هكذا؟ 

بل وأيضاً هناك بعض الجمل كان ينطقها بالروسية، وكأنه آتٍ من بلاد الغرب، وكأن امريكا وروسيا موطنه! 

هذا كان كل مايشغل بال الجميع في هذة اللحظات، إلا شخص واحد هو الذي ركز فى شيئ آخر.. إنه ياسين الذي كان يستمع لما يقوله آدم بإنصات شديد، وليس لطريقة قولة او لبراعة لغته.. والذي تبسم بظفر وهو يسمع آدم يبرم صفقة أسلحة أمامهم، وكأنه يشترى شحنة العاب أطفال.. والغريبة أنه كان يتحدث بالمليارات! إذاً لماذا يهتم بعدة ملايين ليس لهم قيمة، ومصر على أن يسترجعهم منهم؟! 

وأردف لنفسه أنه لا بأس، فالآن قد عرف كيف سيجعله يخسر كل شيئ، فبغبائه المتناهي لف حبل القانون حول رقبته، وسيجذبه ياسين بمنتهى البساطة ويخنقه به ويتخلص منه بمنتهى السهولة. 


..يتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة ريناد يوسف، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة