رواية جديدة عقاب ابن البادية لريناد يوسف - الفصل 26 الجمعة 5/1/2024
قراءة رواية عقاب ابن البادية كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
قراءة رواية عقاب ابن البادية
رواية جديدة قيد النشر
من روايات وقصص
الكاتبة ريناد يوسف
الفصل السادس والعشرون
تم النشر يوم الجمعة
5/1/2024
❈-❈-❈
سالم:
- بالهداوة شوي ياآدم السيارة صارت طيارة باقيلها شوي وتنقلب بينا.وتدمرنا ياخوي
آدم:
- هادا قلبي اللي طاير مو السيارة ياسالم، هادول أمي وابوي واللقا اللي تأخر واااجد.وزاد عن الحد،تعرف انا لو نقدر اندير اجناحات كان درتها وطرت بكل كياني مو بقلبي بس
رابح:
-اي بس لا تموتنا يامهندس وتموت حالك وقتها حتي الشوق يلعنك لعن.ونقعدو في دايرة المشافي
لم يكترث آدم لأياً مما قالاه، فقط أكمل الطريق على نفس سرعته، فقلبه هو من يتحكم به الآن، وما علي القلب أحكام.
وصلوا المطار ودخلوا الى صالة الوصول، ولاحت جنته من بعيد وهى تحت جناح ابيه الذي يستند عليها، فهو برغم كل هذه المدة وكل هذا العلاج لازال يجد صعوبة فى الحركة ولا يستطيع مشي مسافات طويلة، ولكنه يمشي.
واخيراً تلاقت الارواح وتلامست الأبدان وتوحدت دقات القلوب في حضن ثلاثى وكأن الطيور المهاجرة عادت إلى اعشاشها ووجدوا صغيرهم الذي تركوه لازال فى عشه ينتظرهم.
اخذهم آدم بالسيارة وأكمل بهم إلى القاهرة كما خططوا، لم يعود إلي البادية أو لأي مكان.. فغداً هو اليوم الموعود، اليوم الذي ستحكم المحكمة وتقر بموت محمود وزوجته رسمياً وتعطى ليحيي حق التصرف كل شيئ، وليس هذا كل شيء، بل ستقر بموت آدم أيضاً، فيحيي ابلغ عن اختفاء الجميع في ظروف غامضة.
نزلوا جميعاً في فندق، آدم مع امه وأبيه وسالم ورابح سوياً.
اما عند سالم ورابح..
سالم:
- والله اني حاسس بقلبي بقلبي طاير من الفرحه برجوع اهل آدم يمكن بقدر فرحته واكتر انحس روحي منه وهو مني
رابح:
- والله وانا متلك، آدم خونا يستاهل الفرح كله، وربي عوضه هو واهله بالجمعة من بعد الفرقة.. وتنهد ثم اكمل بوجع وحسرة.. يارب ماتفرق حبيب عن حبيبه وجمع كل الحبايب سوا.
سالم:
- اااخ يارابح والله قصتك قصة وحكايتك وجيج قلب، يعني الكلب محراب صار له سنين وهو راكب راسه اليابس وقاعد قبالك انت ومعزوزه وواخدها عند وماراضي يتزوج الا تتزوج انت، وهادا كله مجاكره وبس.
- هاد كله غل وكره.. من ساعة اللي كنا صبيان صغار وكان عمي قصير يدربنا ويقول بس رابح وحيوا رابح ورابح متفوق عالكل وهو قلبه انملا عليا غيرة وكره وبغض..ووده ياخد مني اي شي ليقهرني، يريد ياخد مني اي شي ليحس انه اخيراً تغلب عليا،، والله لو نعرف هيك راح يصير مانازلته ولا غلبته وكنت فشلت حالي بكل الاختبارات وصرت الاخير.
- الا مايمل ويزهق ويتزوج.. انا بالاساس سامع ان ابوه وامه ماججين راسه زن وودهم يزوجوه بالغصب،، وحتى هو بدا يسأل عن بنات القبيلة ويفرز فيهن. ويوازي بينهن
- الله يسمع منك ياسالم.. والله انقيم لفراح شهر بحاله وكل يوم نذبح ذبيحة ونعمل ليلة سمر، ويوم اللي ينكتب كتابي على روح الروح والله لنركبها فرس ونمسك لجامه ونلف بيها القبيلة كلها ومع كل خطوة نرمى عليها الورود والحلوى لحتى تتلون رمال القبيلة كلها وتتحول لورود وحلوى ولو كلفني الأمر فدان ورد.
سالم:
-هاباااا هاباااا ياقيس القبايل ويش كل هادا.. شوي شوي علينا ياعمي.
رابح:
- اي نعرفك خايف رجوه تقولك انريد تسويلي متل رابح بس تتزوجني. وقتها ماعندك مفر ياسلوومتي
تنهد سالم واردف متحسراً:
- رجوه!.. وهي وين رجوه ووين طلبها وقربها.. وينها بنيتي مني.. مامدري ليش صايره بعيده عني بعد السما والأرض، حاسس انها اتغربت وبعدت عني.. بالأول قلت يمكن صارت تستحي لأنها كبرت وعرفت انها مرهونه الي، بس القصه طلعت ماقصت حيا.. في سد انبنى بيني وبينها وكل مانحاول انهده ومعبر لها متل قبل انشوفها تهروب مني.وتشرد لابعد مكان مانعثر عليها فيه
- والله ياسالم ماندري ويش انقولك، حتى انا سألت معزوزه وااجد عن سبب تغير رجوه مع الكل وسبب العداوة والقساوة اللي تمت تتعامل بيها مع الكل مافادتني.. بس قالتلي انها انلبست بجنى وبدل اطباعها وسكتت.
صمت سالم وشرد بعيداً وهو يتذكر طفولتهم، قبلها احضانها العفوية، يداها الصغيرتين، احاديثها التي لا تنقطع معه، ملازمتها له.. وقارنه بما هي عليه الآن ووجد أن كل هذا اختفى، لم يستمر سوى شراءة الحلويات لها وشراء كل مايلزمها، وهذا هو الشيئ الوحيد الذي تقبله منه ولا تجادله فيه.
أما في البادية..
ابو محراب:
- ياقصير طال الأمر وباخ بعد، يعني ويش منتظر على بتك معزوزه، اللي بسنها ملت القبيلة صغار وهي راهبة جوار امها، ياخوب اعطيها لمحراب وخلينا نفرحو بيهم وبضناهم، الولد صارله سنين منتظرها.وما يريد غيرها
- ياابو محراب، ياخوي البت ماودها تتزوج، انا حابب اني انزوجها وواجد حاولت نغصبها، بس عمي الشيخ منصور واخد حماها بهادا الامر وبكل مره يقول اللي يغصب معزوزه عدوي.
- طيب اذا هيك انا راح انزوج ابني حتي لو بالغصب، وراح تشوف ان عندنا الأب حتي على اولاده الرجال بيحكم مو بس عالبنات، واللي مايحكم ضناه ماخرج يحكم قبايل ياقصير.
صب كلماته كالرصاص فى آذان قصير وتركه وغادر، وهو على الفور توجه لخيمة مكاسب، وقام بتوبيخها والقصاص منها لكرامته التي جرحها ابو محراب، وكل هذا بسبب ابنتها التى خرجت عن طوعه وصغرته أمام شريكه، وبالطبع الآن ستتأثر شراكتهم واعمالهم، فالناقم لا يتعامل بعدل ابداً، وفي النهاية قد حدث مايخاف منه.
اما معزوزه فكانت تسمع حديث امها وأبيها، أو شجارهم بالأحرى، وعلى الرغم من أن الشجار فى العادة يكون مرتبط بالإنزعاج.. إلا هذا الشجار إقترن بطبول أفراح قرعت في قلب معزوزه تخبرها بأن نصر الله قريب وسينتهي الصبر وتُجبر القلوب، فخرجت من الخيمة متوجهة إلي خيمة الشيخه عوالي وهي تشعر بأن قدماها لا تلامس الرمال من السعادة وحين دلفت للخيمة قالت بفرحة:
- خلاص ياشيختي خلص صبر المعاند وهيخلى الطريق لغيرا، محراب الكلب بوه راح يزوجه وراح نفتك منه والقلوب ترتاح والوليف يحظى بوليفه
عوالي:يهنالك يابنيتي
-يافرحة القلب، والله وآن الآوان.. عقبال اللي فبالي يهديها الله وينصف وسخ عقلها ،والله دايرتلي وجيح براسي من يوم ماصرخت على هالدنيا
- تقصدي قلبها ياعمه.
- لا نقصد عقلها، القلب ماله ذنب واللي يجرا معها ماهو راعيه.. اللي بيصير مع بلوه راعيه العقل والتفكير وفراغة العين، اما القلب فعارف حبيبه ومامخيب طريقه، بس مع سطوة التفكير ساكت. ومسلم
عادت معزوزه وانضمت لصفوف النساء لتجهيز الطعام وهي تنتظر بفارغ الصبر عودة رابح لتزف اليه البشرى، فاليوم قد نزل الغيث على القلوب التي كادت تموت عطشاً.
وفى المساء كانت القبيلة كلها تتناقل خبر خطبة محراب لإحدى فتيات القبيلة، وصدق أباه حين قال أن الكلمة له ولا قرار إلا قراره وقد كان.
ظلت معزوزه في هذا اليوم تغني وتضحك من لا شيئ، وسعادتها لم تخفى على الجميع، حتي محراب الذى اكل القهر قلبه وهو يرى رابح يفوز مجدداً ومعزوزه تحتفل طرباً بالتخلص منه، ولكنه قال لنفسه انه انتظر سنوات وهذا يكفي، وعليه الإعتراف بأن رابح تفوق عليه فى معركة الصبر ايضاً.
ذهبت عوالي للشيخ منصور بعد أن تفرق الرجال وقالت له:
- هاه شايفه الصبر انتهى والغريم رفع راياته، خبر رابح على النقال بتاع آدم يجي ليتزوج معزوزه. ونريحوهم ونتريحو احنا كمان ،ونفطنو لغيرهم
- هدي ياعوالي، مايصير رابح ومعزوزه يتزوجون الا يتزوج محراب ويعدي علي زواجه كام شهر والا راح تنكشف الألاعيب ويصير الزعل اللي قصير خايف منه ويكون رفضها لمحراب كره مو لجل الأسباب اللي ذكرناها.
وانا ما نريد الخرايب بين الخوت وضنا خوتي يعادوني ويكرهوني
-والله ياشيخ من فرحتي ماعاد قادرة نصبر.
- الله يكون بعون الصغار اذا انت هيك.. صبريهم وهوني عليهم وقوليلهم هانت فات الكتير والفرح ان شاء الله قريب
عادت معزوزه لخيمتها في اخر النهار وانضمت اليها رجوة ومسك وعنبر والتفوا اخواتها حولها بما فيهم هلال.
رجوه:
- يابارد قوم من مجلس البنات واطلع اقعد عند الرجال ويش بخصك بينا.
- ماحدا بارد وكالح الا انت،انا قاعد مع اخواتي انا مو معك انت
معزوزه:
- اتركيه يارجوه ليش كل ماتشوفي وجهه تقلعيه من جوارنا، اخونا هادا ومن حقه يجلس معنا.هادا هلالنا ياهبيله
- والله اني انحبك يالحنونه.
- وانا انحبك وااااجد ياسندي وراجلي من بعد بوي.
- ورابح؟
- رابح بعدكم يانبض القلب. وكحل العيون
تبسم هلال واحتضن اخته معزوزه، ونظر لرجوه واخرج لها لسانه يجاكرها، فوقفت ولمت ملابسها ورفعت راسها وقالت:
- ياااولد.. هات العطر.
فضحك الجميع وتجهم وجه هلال، فهذه جملة من فيلم سمعوه على كمبيوتر آدم جميعاً في ليلة سمر ، ومن يومها تقولها له دليلاً على أنه رقيق كالفتيات ومدلل بشكل كبير.
كاد ان يقف ويتضارب معها ولكن معزوزه منعته واسكتت رجوه وحذرتها من ان تجاكره مرة أخرى، ومن بعدها كفت المجاكرة وبدأوا يتحدثون حول زواج معزوزه ورابح والكل اخذ يخطط ماذا سيرتدى وكيف سيحتفل.
شردت رجوه ذات الثلاث عشر عاماً وهي تتخيل نفسها هى من ستتزوج، ولكن عريسها لم يكن سالم، الذي من وقت ان علمت العام الماضي بأنه رهنها، وهي لا تعرف ماذا حدث لها، فقد انهارت جميع احلامها.. احلامها التي نسجتها على غيره.. ومنذ عام مضى وبدأ كل شيئ، وتسلل شعور دافى لداخلها لا تعرف كيف، وأخذ يراودها كلما رأته.. إنه "عقاب"
حلم جميع فتيات القبيلة وأصبح حلمها هي ايضاً معهم، فلا مجلس للفتيات إلا ويذكر إسمه ويقترن بكافة عبارات الغزل، وحتي مجالس الرجال لا يذكر فيها إسم عقاب إلا وإقترن بعبارات الثناء والمدح، وكأن القبيلة لا يوجد فيها إلا عقاب، وحتى الشيخ منصور الذي لم يثنى على احد يوماً إلا قصير أبيها، اصبح يتغني في جميع المجالس وبين القبائل بعقاب، وحتي قصير لا يذكر إبنه بالمدح مثلما يذكر عقاب، الذي أتاه فرخاً صغيراً وتربى على يديه واصبح عقاباً نقش إسمه بحروف من نار بين جميع القبائل.
فالأسلحة كلها التي تغذى البلاد اصبح هو من يستوردها، وفتح لقصير والشيخ منصور باب رزق وخير لم يحلم به إحدهم، ومن بعد أن كانوا تحت رحمة المستوردين اصبح الجميع تحت رحمتهم.
قبيلتهم اصبحت محمية حكومياً ولا يستطيع احد الإقتراب منها وكأنها خطاً احمر، وعلا مع هذا التميز إسم الشيخ منصور اكثر، فقبيلته اصبحت الملجأ الآمن للجميع.
وفى مجالس فض النزاعات، رأي الشيخ منصور اولاً ثم رأي قصير ومن بعدهم رأي آدم، الذي في كثير من الاحيان يجعل الاثنين يتراجعون فى آرائهم حين يكتشفون ان رأيه هو الرأي الصائب.
بإختصار عقاب أصبح نجم البادية، حتى ان البعض نسب القبيلة لإسمه ونحوا إسم الشيخ منصور، فأصبح السائل يقول:
-هون قبيلة عقاب؟
وهذا الأمر جعل شباب القبيلة كلهم له حاسدين، الا ثلاثه.. سالم ورابح وهلال. فهم يرون أن عقاب منهم وهم منه، ونجاحه نجاحهم وتفوقه فخر لهم.
اما فى القاهرة..
أتى الصباح والجميع مستعدون للقاء الذي سيقسم ظهر يحيي..
ذهبوا جميعاً بسيارة آدم ونزلوا أمام المحكمة واقتحموا القاعة، وكان القاضي يبت فى أمر قضيتهم، وقبل نطقه بالحكم..
القاضي:
- اليوم وبعد مرور المدة المحددة ولم يُستدل على اثر من المدعوا محمود عبد العزيز أبو عامر وزوجته عايده احمد مخيون وإبنهم آدم محمود عبد العزيز، حكمت المحكمه بأن ثلاثتهم...
- عايشين ياسيادة القاضي.. أحياء يرزقون.
هكذا قاطع محمود القاضي بصوت رج اركان قاعة المحكمة وزلزل كيان يحيي، الذي هب واقفاً واخذت الدنيا تدور به وهو يرى أخيه وزوجته وشاب يقف معهم، ثلاثتهم أحياء أمامه وسقط مغشياً عليه، أما فريال فوقفت متصنمة وهاجمتها على الفور نوبة قلبية عنيفة جعلت الهواء ينقطع من الوصول إليها، ولولا أيدي فاطمة اختها لكانت رقدت على الأرض فوق يحيي.
تقدم آدم وقدم جميع الأوراق للقاضي الذي نظر بهم وتداولهم مع المستشارين، وبعد التأكد رفعت الجلسة وأُغلقت القضية،وركب الجميع سيارة آدم وهم متوجهين لقصرهم.. ملكهم المسلوب وحقهم المنهوب.
وفور دخولهم القصر وكان آدم يتقدمهم إعترضه مدحت وهو يقول:
-هيي انت رايح فين وداخل كده ازاي هي وكاله؟
رفع آدم يده وازاحه من أمامه وواصل العبور لداخل القصر، ومن بعده رابح وسالم وهم متأهبان لدفع أي أذى عن آدم وعائلته والدفاع عنهم بأرواحهم إن لزم الأمر، وما إن انكشفت عايده ومحمود حتي صاح مدحت بفرحة:
- عمي.. مرات عمي.. انتوا عايشين؟
انهى هتافه ثم هرول ليرتمى فى احضان عمه ويضمه وهو غير مصدق لما رآه، أما عايده فكارمن كانت داخل احضانها بسرعة البرق وهي تشهق باكية وتقول:
-ماما عايده.. انا افتكرتك موتي بعد الشر انتي وعمي، انتوا كنتوا فين وليه ماما وبابا قالولنا انكم موتوا؟!
ضمتها عايده ومن بعدها اخذت مدحت في احضانها وسألت عن اخيهم فاخبرها بأنه فى جامعته، وإستغرب آدم من إستقبال الاولاد لها وإحتضانها لهم برغم كل شيئ.
ولكن العجب الحقيقي كان لمحمود و عايده حين رأو ثلاثة اولاد يقفون بعيداً، بنت وولدين، البنت فى سن كارمن أو اكبر قليلاً أما الولدين فهم اكبر من اولاد يحيي!
فسأل محمود:
- انتوا مين؟
كارمن:
- دول أولاد خالتي فاطمه اخت ماما وعايشين معانا هنا.
نظر محمود لعايده ونظرا لآدم الذى اردف بسخريه:
- اي ماهو كان قصر امكم وقاعده تستضيف فيه اهلها.اسمعو كلمه وحده وما نريد انكررها. خدوا اولاد خالتكم وخالتكم وانقلعوا من هنا .ومع الف غارة مالها رجعة
نظر الجميع لآدم وفحصاه من رأسه لقدمه وتسائل الجميع تُرى من هذا الذي يلبس الذي البدوي هو ومن معه وماالذي يقوله، وماعلاقته بالقصر؟
فأتاهم الجواب من يحيي الذي دخل القصر ومعه فريال وفاطمه، وثلاثتهم سحبوا الأولاد ورائهم بخوف ونظر يحيي لمحمود وقال له:
- الولاد لأ يامحمود، إلا ولادي.
تجمعت الدموع في عيني محمود وهو يرد عليه:
-غاليه الولاد يايحيي مش كده؟ غالي الضنا والخوف عليه بيحرق القلب.. أمال إبني انا كان رخيص ليه؟ معتبرتهوش ليه زي ولادك وحطيت نفسك مكاني؟
وانا يايحيي.. انا ازاي اهون عليك.. أنت ايه يااخي اللي فعروقك بيجري دا سم وغل مش دم ابداً؟
يحيي:
- انا معملتش حاجه يامحمود للكلام ده، ابنك مات لوحده والحادثه بتاعتك مديحه اختك هي اللي دبرتها، ومستعد احلف إني مليش يد فيها ولا اعرف عنها حاجه وانك ظالمني.
نظر محمود إليه نظرة طويلة ولم يتحدث، فأخفض يحيي عيناه خجلاً، فأردف محمود:
- يحيي خد ولادك ومراتك واطلعوا بره بيتي.
هي صحيح خطوه اتاخرت وقرار كان المفروض يتاخد من زمان والتأخير فيه كلفني كتير بس معلش، اديني اخدت درس وندمت ندم عمري.
يحيي:
- همشي اروح فين يامحمود انا مليش مكان غير هنا، والولاد ميعرفوش يعيشوا غير هنا، الولاد اتعودوا عالقصر.
أنهى كلامه لتصرخ به عايده هذه المرة:
- يتعودوا علي مكان غيره، اشمعنا انا ابني اتحرم من القصر والعيشه الهنيه واترمى فى الصحرا في البرد والحر ووسط التعابين والحشرات والوحوش.واتعود عليهم. كفايه بقي خلي كل واحد يرجع لحياته والحق يرجع لأصحابه.. خد ولادك واخرج بره قصري وخد ولاد اختك دول كمان معاك يلا.
نظرت كارمن لزوجة عمها بعدم تصديق لما تراه منها، فكيف لها ان تطردهم من المكان الذى تربوا فيه، ومن أين اتت بكل هذه القسوة؟
فأشاحت عايده بوجهها بعيداً، فهي الآن تسترد حق إبنها المسلوب، ولا يوجد فى هذه اللحظه من هو أحق بالشفقة منه.
صمت يحيي وهنا تحدثت فريال وقالت بحزم:
- لا مش هنمشي ولا هنخرج، والقصر دا مش بتاعك ولا ليكي حق فيه، القصر دا بتاعنا إحنا وإحنا اصحابه، ولو ليكي كلام تاني المحاكم قدامك واثبتي.
انهت كلماتها ونظرت للجميع بتحدي، وكأنها تخبرهم بأن حرباً جديدة قد بدأت، ولم تكن تعلم أن المحارب هذه المرة عظيم.
..يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة ريناد يوسف، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية