رواية جديدة عقاب ابن البادية لريناد يوسف - الفصل 31 - 2 الثلاثاء 16/1/2024
قراءة رواية عقاب ابن البادية كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
قراءة رواية عقاب ابن البادية
رواية جديدة قيد النشر
من روايات وقصص
الكاتبة ريناد يوسف
الفصل الواحد والثلاثون
2
تم النشر يوم الثلاثاء
16/1/2024
❈-❈-❈
هم سالم ان يرد عليه ولكنهم سمعا صوت اقدام خيل تقترب، فنظرا صوب الصوت وكانت رجوة وهلال يتسابقان، وصلت رجوه الاولى وترجلت عن الحصان وإقتربت منهم ومن بعدها هلال، ألقوا التحية عليهم وردها رابح، اما سالم فلم يرد وأشاح بنظره بعيداً عنها، فقد داهمته جيوش من المشاعر المختلطة فور أن رأها، مشاعر حنين وإشتياق وغضب ورغبة عارمة فى العتاب كظمها كي لا ينتقص من قدر كرامته أكثر.
جلست رجوه ولم تهتم لسالم ولا لغضبه ومشاعره، أما هلال فاخذ يتفحص المكان من حوله وأردف:
- والله الوادي والقبيلة كلها مالها عازه بلا عقاب، حاسس إن في شي ناقص، استاحشته واااجد واشتقت لكلامه وعلامه وحتى عراكه معي، مانعرف ليش الله وضع كل هي المحبة ليه بقلبي، والله اني انحبه اكتر من هلي.. والله انحسا هو بوي مو قصير.
تنهدت رجوة وقد كتمت فى جوفها رداً لو ردته عليه لتصدع بدن سالم كلياً، كتمت حقيقة ان هلال باح بما في داخلها هي ايضاً وكانه نظر داخل روحها وعلم بماذا تشعر ونقله علي لسانه، نعم فهي مشتاقة وتشعر بالحنين والغربة بدونه، تشعر بان كل شيئ جميل فى القبيلة رحل معه وأصبح المكان خالِ من الحياة.
نظر سالم لهلال ورد عليه بحسرة:
-ايش راح نسوي ياهلال حين يطول غيابه ونحن من كم يوم غياب بدا الشوق يلعب بينا والخوف ياكل بقلوبنا عليه.. ماانتوقع راح نعتاد الغياب.
هلال:
-انا انقول ايش قولك ياسالم لو نسافر انا وانت نزوره ونطمنو عليه ونعرفو ايش اخباره، انا صحيح انكلمه من نقال بوي بس انحس كلام النقال مو كافي.
وهنا إنتفضت رجوة وتحدثت بلهفة:
- انعدي معاكم ارجولي قبل ارجولكم ،نفسي انغير جو القبيله.
نظر لها رابح وتحدث بغيظ:
- اي ماهي كمان الصحرا وراح تسرحي وتمرحي فيها بكيفك؟!
رجوه:
- يارابح ويش فيها، انا انقول اذا رحتوا بتاخذوني معكم، والله اشتقت لمايزه وجاى ع بالي انزور أولياء الله الصالحين وانشوف قصر عقاب وهله وعيشته، متمنيه اني انشوف القاهرة اللي يحكون عليها.
رابح:
-حضر متل الحضر اللي هانا ماتزيد شي.
- بعد انشوف بعيوني نحكم يارابح.
هلال:
- صكري فمك يارجوه ومو كل من حكي كلمه انعدي معاكم خدوني معاكم وحاسبه حالك راجل من ضمن الرجاجيل.. انقبري هانا وكوني متل صبايا القبيلة ثقيلة وبطلي خِف.
نظرت إليه رجوه بغضب وتهديد ولكنها لم تتحدث، تركت مهمة الدفاع عنها لسالم كالعادة، ولكن كانت هذه المرة الاولي التى يسمع فيها شخص يتحدث معها بهذا الأسلوب ويسكت.
نظرت له معاتبة فتجاهلها أكثر، فقامت هي بالرد علي هلال وتوبيخه، وما حدث ان رابح أيد كلامه، ووجدت نفسها وحيدة تحارب الكثرة، وتخلى عنها داعمها الوحيد فشعرت بأن درعها فُقد، فما كان منها إلا ان تحاول إستعادته.. فنظرت لسالم وأردفت بنبرة هي واثقة تمام الثقة أنها ستأتي بثمارها:
- عاجبك هكي ياسالم، يعني هلال يشتمني ووده يمشي كلمته على رقبتي وإنت موجود، وحتي رابح بعد، يعني هما مايعرفون إن الكلمه الولى والاخيرة بأمري لسلومتي ومن بعدها يموت كل الكلام.. مايعرفو رجوه لمن مرهونه حتى كل واحد يحكيلي حكي شكل، مايعرفو إن ماحد له كلمه من بعد كلمتك على رجوه؟
انتبهت جميع حواس سالم، فهاهي رجوه تعود لسابق عهدها معه، هاهي تلاطفه حتي لو بكلام غير مباشر، والأهم من كل هذا نادته بأحب لقب لقلبه"سلومتي" فبإضافتها لتاء الملكية تملك قلبه في كل مرة من أول وجديد.
فرد على هلال وهو ينظر أليها:
- هلال مالك شغل برجوه، اذا بنروح للحضر رجوه تروح معنا ومافي قول بعد قولي.
هلال:
-ياسالم هكي مايصير كون رجال اكتر من هيكي انحس رجوه تسوقك وإنت ماشي وراها كيف التيس.
هم ان ينهض له ليلقنه درساً عقاباً له على ماتفوه به ولكن رجوه كانت أسرع وسبقته إليه، وبدأت في ضرب هلال بكل ماتملك من قوة، فتقاعس سالم وجلس ينظر إليها بفخر وفرحة وهو يراها تدافع عنه كالنمرة وإرتوي قلبه اكثر وهو يسمعها تقول لهلال من بين الدفرات والضربات:
- والله ماتيس غيرك، سلومتي ينقال عليه تيس ياتيس التيوس انت، هاد سيدك وتاج راسك وراس القبيلة كلها.
نظر رابح لرجوة ونظر لسالم وضرب كفاً بكف وأردف:
- وهي انكلبت وهادا فشخ ضبه وراح فيها المسكين هلال، فنهض يدافع عنه ويخلصه من بين مخالبها وهو يقول لسالم:
- قوووم ياتيس رجوه جزها معاي راح يضيع الوليد بيد المكلوبه، هادا امانة قصير عندي الله لا يوفقك ولا يوفقها.
صدق من قال لو تفرط للصبايا الحبال يقيدو بيها الرجال
انتهى القتال واخد سالم رجوته وأبتعد عن هلال ورابح، وجلس بها على ربوة واخذا ينظران إلى البراح امامهم وبعد فترة من السكوت سألها بهمس مستغلاً هذه الفرصة النادرة:
- رجوه تحبيني؟
نظرت إليه واخذت تبحث في ملامحه عن عقاب فلم تجده، عادت للنظر بعيداً وأجابته بإقتضاب:
-اي انحبك ياسالم.
- قديش تحبيني يارجوه؟
- واااجد انحبك ياسالم.
- لكن ليش تعامليني هيك، ليش ماتحني على قلبي اللي ذايب فيك وترحمى شوقي وحنيني، ليش تغيرتي معي يارجوه ليش انحسك قاسية علي وماعدتي رجوة زمان، انحسك ماعاد تحبي سالم ولا عاد يعنيلك!
-تتوهم.. ليش ماانحبك يعني، إنت اللي ربيتني ياسالم وانت اللي قدمتلي اللي مافي حدا يقدمه لحد، وعشان هيك انا انحبك.
- ويش هادا يارجوه! معنى كلامك تحبيتي حب إمتنان، حب شكر ورد جميل، ومو هادا الحب اللي نقصده.
- كله حب ياسالم مافي فرق، من طول الواحد غالى على قلبنا معناها نحبوه، ومايهم نوع المحبه.
- لا لا يارجوه غالطه انتي.. هاداك الحب اللي نقصده حب المره للراجل، حب البنت للولد،الحب اللي يخليك اتحبي كل شي انا انحبه الحب اللي يخليك اتشوفيني بقلبك وتحسي بوجودي قبل عينك تلمحني ، حب الزواج اللي يتعمر بيه بيت وتنولد بعده أولاد على هي الدنيا.. معاكِ ان كل هادول عادي يتموا بدون محبه، لكن بالمحبة غير يارجوه، بالمحبه تصير الحياة أحلا..فهمتي علي يابنت هالقلب؟
- اي ياسالم فهمت عليك.
- طيب ايش قولك؟
-في ايش؟
- بأنك تحبيني متل مانريد تحبيني، تحبيني حب مختلف عن حب البنت لبوها هاد اللي تحبيهولي.
صمتت ولم تجبه ودفنت رأسها بين ساقيها، فكيف لها أن تعده بما لا تملك منه شيئ، فالقلب ليس باليد ولا يُعاهد بدوام مشاعرة، فهو بيد مقلب القلوب.
إنتظر طويلاً أن ترفع رأسها وتنظر إليه وتعاهدة، ولكن طالت دفنت رأسها كالنعامة التي تهرب من الخطر، فغير دفة الحديث حينما إفترض خجلها منهو، أو افترض أن لسكوتها أسباب تود الإحتفاظ بها،، وألتمس لها الآف الأعذار وقال:
- هاه قوليلي ايش بنفسك تجيبيه من الحضر من بلد آدم؟
وهنا رفعت رأسها أخيراً وأجابته بفرحة:
- والله مااريد شي، ولااا شي، بس خدني هناك وما تحمل هم ماراح انكلفك ولا راح اندفعك قرش زايد عن حق المواصلات والسفر لا تخاف
- ومن امتى انا نحمل هم القروش ولا انخاف تطلبين مني شي، الخزي عليك ياكلبة القبيلة انا غاية سعادتي وقت تطلبين مني شي وتتمنين علي وانا انحقق أمنياتك، وهو سالم لمن يجمع القروش هااا؟ مو عشانك وليكِ يانبض القلب.
نظرت رجوه للفراغ وردت عليه:
- تعيش ياسالم والله إنك ابوا الكرم والجود كله وانا عارفتك ماتقصر معاي، بس انا والله غير السفر مانريد.. واذا ودك. تسعد هالقلب قولي امتي هنشدو الرحال للقاهرة.. ينفع نسافرو غدوه؟
- لا مايصير، تعرفين الشيخ منصور مسافر بعد يومين ولازم نودعه قبل سفره ونسلم عليه، هو ماكد إن الكل يوم سفره يكون متواجد كبير وصغير، بده كل القبيلة تكون حاضره ومايغيب منها حدا.
- نصبرو احنا ايش عندنا غير الصبر نصبرو.. الله يجيبك ياصبر وياطولة البال.
وصمتت بعدها وهى تحدث نفسها بأنها تصل عنده فقط ولن تعود إلى هنا مجدداً، وستفعل معه المستحيل حتى ينتبه لها، فهذه فرصتها الأخيرة معه، فهو إبتعد ولن تراه إلا كل حين وحين، ومن الحين للحين لن تُفلح المحاولات، فالأمر يشبه الطرق على الحديد يجب أن يتم تِباعاً وأثناء سخونة الحديد، فإن توانت الضربة برد الحديد وصعُب تشكيله والتأثير فيه.. وكذلك الطرق على القلوب يجب أن يكون بلا توقف.
أما عند آدم في الشركة..
وصل عمه يحيي إليه وإبنه ياسين أيضاً، دلفا للمكتب ورأوه جالس يقلب فى الأوراق على المكتب، نظر يحيي إلى إسمه الملقى على الأرض وبغضب قال لآدم:
-هي ايه قلة الذوق دي، وبعدين مالمكاتب كتيره إشمعنا مكتبي يعني؟
- هادا اللي عجبني.. خد ابنك واطلعو بره المكتب وبلغهم يسولي إجتماع طارئ ودي الكل هانا حالا،وما نريد مماطله لو انت حنش انا ذيلك ،يارب اتكون فاهم عليا .
ياسين:
- يابني إنت مجنون ولا إيه حكايتك بالظبط، جاي وقاعد على المكتب وبتتأمر فاكرها شركة أبوك ولا إيه؟
أجابه آدم دون النظر إليه:
- لتكون شركة ابوك انت وانا ماندري؟ اي ياقلب هي شركة بوي، وانا جالس على مكتب آبوي، وكل هادا اللي حولك ملك لأبوي... وهااا جهز القروش اللي اخذتها من المزارعين يايحيي لتعطيهم أرضي لأني من غدوة راح نسترد الأرض ونعرف كيف انزعها من فم السبع، وبعدها راح يجولك ودهم اللي دفعوه.. تعرف هادول الناس ياواكل اقروشهم ،مافي شي يحوشهم.ونصيحتي ماتتهاون بحقهم.. والمخازن كمان راح نستردها، وكل شي سرقته ياحرايمي هترجعه.سوا بالهداوة او بالقوه الامر يرجعلك وياريت تحكم عقلك وما تسترعن وتسوي امور العويل لانه كله يصب في في خزينتك السودا عندي
يحيي بسخرية:
- اعلى مافخيلك اركبه ياأبن محمود، الناس اللي واخده الارض وضع يد اللعب معاهم بالموت، والمخازن اللي مأجرينها بلطجيه ولو قدرت تطلعهم منها ابقي قابلني.
- راح نقدر وبتشوف، واعلى خيلي إذا ركبته راح ندعك الكل دعك تحت أقدامه.. وتو اصحاب المخازن البلطجيه تبعك اعطيني بس كم ساعة وراح تسمع نواحهم وعويلهم كيف الصبايا على نقالك، بس بالأول راح انمر على المصنع وانشوف كيف شغلي ماشي.
أنهى حديثه ثم غادر المكتب تحت أنظارهم ونظراتهم الساخطة، واخذ يتفقد كل شبر في الشركة والمصنع.
أما ياسين فقال لأبيه وهو ينظر إلى آدم:
- يابابا اللي بيعمله الحيوان دا مش هينفع، إحنا لازم نتخلص منه بسرعه، انا سمعتك قبل كده بتتكلم إنت وماما وبتقولوا انكم سبتوه عايش عشان الوصية والفلوس، دلوقتي لا فيه فلوس ولا حاجه هتتأثر بموته، كام فدان أرض والشركة والمخازن ودول عملنا اكتر من تمنهم بكتير، والقصر اوراقه معانا وبقى بتاعنا ومحدش يقدر يقربله، يبقى إيه بقى؟
- لا مش دلوقتي ياغشيم.. الواد راجع مسنود ومنعرفش مين وراه ولانعرف لما يموت هيعملوا فينا إيه وكل أصابع الإتهام هتتوجه لينا، إحنا نستحمله وكل حاجه تمشى عالهادي وقضاء وقدر، ولما يتم المراد يختفى زي الاختفاء الاولاني ومحدش يعرف لجثته طريق، وبكده لا وصيه هتتنفذ ولا نخسر أي خسارة من أي نوع.. إنت عارف الكام فدان والمخازن اللي بتتكلم عليهم بإستخفاف دول يسووا كام دلوقتي؟ إنت غبي ياياسين ولا أيه؟
- مش غبي بس مابحبش وجع الدماغ.. واللي بيعمله الأخ دا معصبني.
- معلش نستحمله فترة بس وأنا هخططله فحاجه متخرش الميه.
- بس بالله عليك ياشيخ بلاش سم الموضوع بقي فاكس اوي، خليها طلقه فنافوخه ونخلص مش لسه هنسمم ونستنى، بلاش طرق الأبيض وأسود في الموت دي.
- هسيبلك إنت المهمة وانهيها زي ماتحب، بس أهم حاجه مفيش شيئ يتم إلا لما اديك أنا إشارة البدء.
- تمام.
لم يلبث الإثنان إلا ساعتين بعدها يتباحثان في أمور العمل داخل مكتب ياسين وورد ليحيي إتصال من رقم مجهول، وحين رد عليه جاءة صوت مستأجر المخازن غاضب مستغيث:
- يحيي بيه فيه جيش هجم علي المخازن طلع كل اللي فيها رماها في الشارع وهددوني إني لو قربت ناحية المخازن تاني هيخلصوا عليا، هو فيه إيه؟
- مفيش ابقى تعالالي الشركة بكره خد فلوسك وشوفلك مخازن تانيه.
انهى مكالمته ونظر لياسين وتحدث بنبرة ذات مغذى:
- مش قولتلك إبن الحرام دا مسنود سنده جامده وكلامه مش مجرد تهديد.
صمت ياسين وهو يفكر فى الطريقة التي سيتخلص بها من هذا المزعج الذى أتى ليحتل كل شيئ ويعكر صفوا حياتهم.
عاد آدم للقصر في نهاية اليوم، بعد عشرات المكالمات من أمه وأبيه للاطمئنان عليه، ومثلهم من عمه قصير ورابح وسالم، والشيخ منصور على رأسهم، وهو من تم الإستيلاء على المخازن بفضلة، فقد أسند هذه المهمة لمن يعلم جيداً أن لا أحد لها غيره.. وقد تمت كما أرادها هو وآدم.. وعاد أول حق مسلوب لأصحابه.
والخطوة الثانية التي خطط لها آدم هى البدء فى تعمير المصنع وإعادته كما كان، وأقسم على أنه سيلتهم به السوق ويجعل أباه يتربع فوق عرش السوق مجدداً ويجعل عمه وأولاده يموتون حسرة وجوعاً وقهراً، قبل أن تاتي مرحلة القصاص الاخيرة، والتي ستكون كالسعير تحرق كل ماتبقى منهم.
..يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة ريناد يوسف، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية