-->

رواية جديدة عقول غيبها العشق لأسماء حميدة - الفصل 4 - 1 - الخميس 11/1/2023

  

قراءة رواية عقول غيبها العشق كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



قراءة رواية عقول غيبها العشق

 رواية جديدة قيد النشر

من روايات وقصص 

الكاتبة أسماء حميدة

الفصل الرابع

1

تم النشر يوم الخميس

11/1/2023



*في شركة "ألفريدو". 

زفر (ماركوس) بضايقٍ، فحالة أخيه وهوسه بتلك اللعينة بات يشكل خطراً على حياته، وهذا ال (سيمانز) وإن لم يكن بقوة (چاكوب) ونفوذه ولكنه مخادع وماكر، وفي لعبتهما معاً سيكون البقاء للأدهى. 


في حين أن عشق (چاكوب) أضعف قدراته الإدراكية وغيب عقله على الأخير، فلابد وأن يفيق مما هو فيه قبل أن يسحقه قطار انتقامه، هذا ما إذا كان هدفه الثآر لكرامته، ولكن (ماركوس) بدأ يشك بالأمر، وللآن لا يفهم ما يدور بعقل الدون. 


لذا حاول فض تلك العداوة بالحيلة يقول بمهادنة:


-اسمع (جاك) لدي فكرة رائعة، ستجعل كلاهما يستشيطا غيظاً. 


(چاكوب) باهتمام:


-ما هي (ماركوس)؟


(ماركوس) بتساؤلٍ:


-اخبرني أولاً، هل تعلم المكان الذي سيقام به الحفل؟ 


(چاكوب):


-أجل لقد قال أنه سيقيمه على أرضٍ محايدة حتى يقنعني بصفاء النية على أساس أنني أبلهٌ مثله. 


-وأن الحفل لن يكون بمكانٍ مملوك له كمبادرةٍ منه لفض الخلافات بيني وبينه هو وعائلته، وبهذا قد أظهر النية المبيتة للغدر. 


(ماركوس) برحابةٍ:


-جميل، بل رائع، فبهذا سهل علينا الأمر، وسينقلب السحر على الساحر. 


(جاكوب) بنزقٍ لاويًا ثغره بامتعاض:


-خَلِّصنا (ماركوس) لا بال عندي للألغاز، تحدث مباشرةً يا رجل. 


(ماركوس) متقدماً إليه، يجلس إلى جواره على الأريكة، مربتًا على فخذه بِودٍ أخوي:


-سنذهب وسط رجالنا، وسنحاوط المكان من الداخل والخارج وسنجعل من أتباعنا طاقم للخدمات في الفندق الذي سيقام به الحفل. 


(چاكوب) بتهكمٍ:


-وهل تجهيزات كتلك كنت سأغفل عنها يا فاقد العقل أنت! 


(ماركوس) مصوبًا على الهدف مباشرةً، فمهما كان هو على دراية بأن الدون (چاكوب) طالما قرر الذهاب فلا مجال للحماقة، ويعلم جيداً أنه فكر في سبل الحيطة قبل أن يقترحها عليه ولكن ما ذكره مجرد مدخلاً لشيءٍ آخر، فأردف يقول بإطراءٍ:


-معك حق فأمر كهذا لا يُسْأَل عنه الدون (چاكوب)، ولكن هناك استعدادات أخرى لابد وأن نُجهِز لها سوياً. 


أخرج الدون علبة سجائره يدس إحداها بين شفاهه يشعل تبغها بتروٍ، محاولاً الوصول إلى ما يرمي إليه أخيه، فإذا كانت التجهيزات الأمنية ليست المقصودة! فماذا إذاً؟! 


زفر (چاك) دخان سيجارته إلى أعلى، وعندما احتار في تفسير ما قاله (ماركوس)، نظر إليه نظرةً جانبية يقول بضيقٍ:


-هات ما عندك حتى ننتبه إلى أشغالنا، فمخنث كهذا لا يستحق أن نضيع عليه مزيداً من الوقت. 


(ماركوس) بحيلةٍ ومهادنة:


-ما رأيك إذا ذهبت إلى الحفل بصحبة حسناء تفوق (ناتاشا) جمالاً وفتنة، تتأبط ذراعك وتسير بغنج يكيد له تلك الخائنة، ويتحسر مَن عاداك على حظه ويعلم أنك تركت له الفُتات لتهنئ بشهد العسل. 


(چاكوب) بخيلاءٍ:


-تاريخي الحافل مع النساء يدل على رفعة ذوقي، والكل يعلم ذلك. 


-ثانياً كلهن عاهرات فلن أسحب بيدي إحداهن وقد نالها مَن في الحفل جميعاً، فبهذا سأبدو كمَن تركته عاهرة لتُغَفِّله أخرى. 


ومَن قال أن (ماركوس) يريده أن يصطحب حقيرات ممَن يتحدث عنهن، فأردف بترغيبٍ يقول:


-مَن أتى على ذكر مَن هن على علاقة بوسطنا نحن نحتاج إلى وجهٍ جديد. 


-حورية.. لا بل دمية ساحرة ذات شعرٍ طويل وأعينٍ براقة، وابتسامةٍ تستحي لجمالها الشمس. 


قاطعه (چاكوب) قائلاً:


-وحبذا لو كانت مهرةً عربيةً أصيلة. 


قهقه (ماركوس) يقول بمشاكسةٍ:


-هذا هو أخي ذو النزوات المنحرفة. 


زفر (چاكوب) قائلاً بجدية:


-لا تثير غضبي، يجب أن يكون بيننا نقاشٌ جاد. 


راقص (ماركوس) حاجبيه يقول بمرحٍ:


-عن النساء؟ 


هدر به (چاكوب)، وهو يهب من جلسته واقفاً، يواليه ظهره مستديراً ليحتل مقعده خلف المكتب، فاستقام (ماركوس) يتبعه:


(چاكوب) :-بل عن العمل. 


ومن ثم أشار إلى المقعد الفرعي أمام المكتب يقول آمراً:


-اجلس، وامحي هذه الابتسامة السمجة عن وجهك ماركوس، ودعنا نلتفت إلى شئوننا. 


تمتم (ماركوس) بسخريةٍ، وهو ينفذ الأمر بالجلوس، يرسم حزناً مصطنعاً:


-لابد وأن اعذره، الرجل مجروح. 


قالها، ولكنه ندم فقد لاحظ توتر (چاكوب) الذي جاهد ليخفيه، محاولاً التحلي ببعض الجدية. 


فمن الخطر إثارة غضب الدون (جاكوب) خاصةً إذا كان في مزاجٍ سيءٍ كهذا، فهو أدرى الناس بأخيه الذي يتأثر بكلمة وخاصة إذا مست كبريائه ورجولته، صحيح أن (جاكوب) عبقري ولكنه شرس ومن الصعب ترويضه أو إقناعه بالعدول عن قرارٍ اتخذه، ومن المستحيل أن تُمحى ذكرى اللعينة (ناتاشا) بداخله من مجرد نقاشٍ أو اقتراحٍ كهذا، ولكن (ماركوس) يضاهي أخاه عنادًا وأبداً لن يستسلم. 


ولكن في الوقت الراهن من المؤكد أن الحديث معه لن يكون ذا جدوى، ولكنه سيحرص على أن يجد له أميرة خيالية تنسيه (ناتاشا) وأيامها ومَن أنجباها، فهو غالباً يحتاج إلى طفرة مبهجة لم تقع عيناه على مثيلةٍ لها، ولكن الظروف التي وُضِع بها (جاكوب)، و الفضائح التي أثارتها هذه الملعونة جعلت اقتراح كهذا غير مناسب بالوقت الحالي. 


كلاهما يختلف كليًّا عن الآخر، فكرياً وجسدياً هما نقيضان، ف (جاكوب) قوي البنية فارع الطول عريض المنكبين أسود الشعر، رمادي العينين.

 بينما كان  (ماركوس) متوسط الطول، ذا عينين عسليتين وشعر بني غامق، لين المعشر يتحدث بطلاقةٍ على نقيض (جاكوب)، فهو كتوم حد اللعنة لا ينسجم مع التجمعات، وعلى الجانب الآخر ف (ماركوس) عاشق للثرثرة قادر على اجتذاب أي امرأة يريد. 


وعلى الرغم من هذا فهما مقربين إلى بعضهما، ويشكلان ثنائياً رائعاً، ليسا كأخوة فقط ولكن كصديقين وكفريق عمل، ونجاح كل منهما يعتمد بشكلٍ كبيرٍ على تكاملهما وقوة العلاقة الفكرية ورابطة الدم بينهما على عكس توأم (جاكوب) الذي تسبب لكليهما بكوارثٍ جسيمة في السابق. 


(ماركوس) بجدية:


-(چاكوب) لابد وأن تنه هذه المهزلة.


(چاكوب) وقد تحولت معالمه من الحدة إلى اللين فبجميع الأحوال هو يُقَدِّر مساعي أخيه لإخراجه من هذه الحالة، لذا أردف بتهكمٍ مرح:


(ماااركوس)!! أنت مَن يهزي هنا لا أنا.


تحمحم (ماركوس) يقول بحرجٍ لا يخلو من المرح:


-العمل يا دون، هل سنُمرق الوقت في العتاب؟! كفى.


(چاكوب) بجدية:


-لقد اتخذت قراراً وأريد رأيك به؟


(ماركوس) بجبينٍ مقطب، يقول بعدم إدراك:


-قرار ومشورة لا يتفقان!! فقرار ومن الدون (چاكوب) أمر واجب التنفيذ.


(چاكوب) بامتنانٍ:


-واجبٌ على أي شخص، ولكن بالنسبة إليك فأنت مرآتي التي تعكس صحة قولي وفعلي.


(ماركوس) ببشاشةٍ:


-على الرحب والسعة، كلي آذان صاغية.


انخرط (چاكوب) يشرح له بهدوء وإقناع لا ينتهجه إلا معه، ف(جاك) نافذ الصبر مع مَن سواه، وختم حديثه قائلاً:


-(ماركوس) سنوقف نشاطنا في تجارة المخدرات... أصبحت مكشوفة وكل فترة تضبط لنا شحنة، نتكبد بعدها خسائر فادحة.


(ماركوس) بتعجبٍ:


-ما الجديد في ذلك؟! هل لأننا أوقفنا التعامل مع الحكومة منذ آخر مرة رفضنا فيها تسليمهم الشحنة التي نشتري بها سكوتهم، ففضلت إيقاف النشاط لفترة محددة؟


-أم قررت فتح أسواق أخرى في دول غير التي نتعامل فيها مع موزعينا المكشوفين لهم؟


هز (چاكوب) رأسه برفضٍ، يقول بإيضاحٍ:


-لا (ماركوس)، سنوقف هذا النشاط نهائياً وللأبد.


(ماركوس) بإقناعٍ:


-بالرغم من خسائرنا التي ذكرتها ولكن هذا النوع من التجارة رائج وإذا ضبطت شحنة وسط عشرة كما كان بالسابق سنعوض خسائرنا، ويمكنني إيجاد شخص حكيم وسط هؤلاء الذين يدعون المثالية ونجعله يتعاون معانا مقابل ما سنغدقه عليه من أموالٍ.


-أو فلنستخدم معه حيلنا الأخرى؟


-اصرف نظر عن قرارك هذا دون (چاكوب)، سينقلب علينا رجالنا وستجد ألف مُعارضٍ، ولا تنسى الموزعين الذين يعتمدون علينا اعتماداً كلياً في مدهم بالكمية التي يريدونها.


-كما أن هذا سيخفض من أرباحنا، فتجارة السلاح كما تعرف ليست برواج تجارة المزاج... الحروب تخمد ولكن الإدمان شبح يطارد صاحبه. 


رد (چاكوب) بحدة:


-لدينا الكثير وأنا أحتاج إلى راحتي، كما أنني قد تواصلت بالفعل مع أحد المسئولين. 


(ماركوس) بمهادنةٍ:


-حسناً، اهدأ (چاكوب)، واعلمني لم تواصلت معه ما دمت ستوقف تجارة المخدرات؟! 


-هل كل هذا بسبب تجربة زواج فاشلة؟! إنها لا تملكك يا دون! 


زفر (چاكوب) بتململٍ، يقول بضيقٍ:


-سأصدقك القول (ماركوس)، لقد سئمت هذه الحياة المحفوفة بالمخاطر والعداوات، سنصفي كل هذا العبث ونعمل بشيءٍ نحبه ونبرع به. 


رفع (ماركوس) كلا يديه كعلامة استسلام وإزعان، يقول:


-حسناً، حسناً. 


-افعل ما تراه مناسباً مادامت النساء لا علاقة لها بالأمر، هذا بالرغم إنك دوماً ما كنت تقول أننا سنعمل بجد حتى نُكَوِّن ثروة طائلة تكفينا نحن وأولاد أولادنا. 


-على أي حال سنُكيف حياتنا بصفقات السلاح التي نتفق عليها بين الحين والآخر ما دُمت ترغب في هذا. 


(چاكوب) بإقرارٍ:


-ولا حتى ذاك. 


جحظت عينا (ماركوس)، وفغر فاهه حتى كاد أن يلامس فكه الأرض، وهو يعقب ببلاهة:


-ماذا؟! 


ابتسم (چاكوب) بوقارٍ على هيئة أخيه، وهو يقول بتعاطفٍ زائف:


-اغلق فمك، واستمع لما سأقول، واهدأ حتى تستوعب ما أفكر به. 


لاوى (ماركوس) ثغره، وهو يقول بتشدقٍ:


-ألازال هناك مفاجأت أخرى؟! 


أومأ (چاكوب) برأسه في إيجابٍ يقول:


-انصت (ماركوس)، ل...


قاطعه (ماركوس) يقول بغيظٍ مكتوم:


-سأُجلط بسبب إنصاتي، ماذا حدث لكل هذا؟! وما سر هذا التحول المفاجئ؟! 


قلب (چاكوب) عينيه بضجرٍ، وهو يبسط إحدى يديه إلى درج مكتبه يسحبه كي يفتحه، داسًا يده به ،يخرج منه سلاحاً، وقطعة أخرى تلك التي تلحق بطبنجة اليد ككاتم صوت، يديرها بموضعها المخصص لذلك، يشد أجزاء السلاح. 


ومن ثم أسنده أمامه على سطح المكتب كتهديدٍ صريح حتى وإن لم يكن يعنيه حقاً، ولكن تصرفه هذا جعل (ماركوس) يزدرد لعابه بتوترٍ، يناظره بحذرٍ وأعينٍ زائغةٍ ما بين معالم وجه هذا الحانق ومابين السلاح المُعَمْر الجاهز على الإطلاق، فقط ضغطةٌ واحدة على الزناد وينتهي الأمر. 


انكمشت ملامح (ماركوس) يرمقه باستياءٍ، يقول باستعطاف مبطن:


-اللعنة! المرء لا يستطيع أن يتحدث بأريحية مع أخيه، قل ما شئت (چاكوب) لن أقاطعك حبي، تفضل. 


(چاكوب) برفعة حاجب:


-الآن صرت حبك؟! 


(ماركوس) معقباً :


-لا وخاطرك عندي، منذ زمن وأنا ملتاع بهواك. 


(چاكوب) بجدية:


-سأبلغ الخامسة و الثلاثين من عمري الشهر القادم، وها قد جنينا أموالا طائلة، وأنت أيضاً تعديت الثلاثين وحتى الآن لا زوجة ولا عائلة، كل حياتنا تدور حول العمل.

- وعندما فكرت في الاستقرار انشغلت عنها وصراعاتنا مع الآخرين فرقت بيني وبينها.


-أتعلم؟ إنني أعذرها في بعض الأحيان.


(ماركوس) بنزق:


-ها قد عاد مرجعنا إلى النساء، أو ليس أنت مَن أرد أن نغلق الحديث بشأنهن؟!


(چاكوب) بحدةٍ:


-اللعنة (ماركوس) أريد أن يكون لي حياة غير العمل، حتى لو لم يكن هذا من أولوياتك، أريد أن ابتعد عن كل هذه الصراعات وأبدأ من جديد.


-أريد أن أشعر بمذاق المال الذي اكتسبه بطرق مشروعة. 


-ولا تقلق في الوقت ذاته لن نترك عملنا في تجارة السلاح، ولكن سنعطي لما نفعل طابع قانوني. 


(ماركوس) بعدم استدراكٍ:


-أنا لا أفهم شيئاً على الإطلاق. 


(چاكوب) باستفاضة:


-لقد تواصلت مع أحد الوزراء واتفقت معه أننا سنورد السلاح للحكومة ودول شرق آسيا.


الصفحة التالية