-->

رواية جديدة مشاعر مهشمة 2 لشيماء مجدي - الفصل 64 - 4 الخميس 25/1/2024

  

قراءة رواية مشاعر مهشمة الجزء الثاني كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية مشاعر مهشمة الجزء الثاني 
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات 
الكاتبة شيماء مجدي 

الفصل الرابع والستون

4

تم النشر يوم الخميس

 25/1/2024

❈-❈-❈

لاحقًا، بعد عودته من الخارج، وبعد أن قام بإبلاغ أفراد عائلته بدعوته لصديقه ومعه زوجته وطفله الصغير للمجيء لتناول العشاء معهم اليوم، صعد إلى غرفته للتجهز والاستعداد للقائهم، خاصة وأنه قد عاد إلى البيت بعد حضور موعد غداء بالخارج، رفقة بعض رجال الأعمال المهمين، الذين تجمعه معهم علاقة شراكة. خرج من غرفة الثياب، بعدما ارتدى زيًا مكونًا من قميصٍ وبنطال، وبينما يثني كم قميصه بطريقة مهندمة، وقعت عيناه على حوريته الثمينة، زوجته الحبيبة تضبط زينتها البسيطة أمام المرآة، مع انتقائها لثوب هادئ اللون والتصميم، مع حجاب مرتخي في لفته حول وجهها، تشكلت بسمة والهة فوق ثغره، وبقى موضعه يتفقدها بعينين عاشقتين وهي تضع لمساتها الأخيرة، وأثناء ذلك انتبهت هي إلى نظراته المرتكزة عليها باهتمام واضح، ممَ برز ابتسامة مغترة فوق شفتيها الورديتين بلمع زاهٍ، أعادت فرشاة المورد مكانها، بعدما استخدمتها في وضع القليل، وناظرته عبر المرآة بنظراته تبادله نفس درجة العشق، وربما أكثر، واستطردت برقة:


-انت عارف ان انت كنت اجمل حاجة عندي في طفولتي.


ضم ما بين حاجبيه بتفاجؤ مصطنع، وسألها بنبرة غير جادة:


-معقولة، كنت أجمل من لعبك؟


بالرغم من ملاحظتها عدم أخذه كلامها بشكل جدي، إلا أنها جارته بقولها:


-كنت اجمل لعبة عندي.


تقدم منه بوجه ضاحك، وبعدما أضحى قبالتها، حاوط خصرها بذراعيه وهو يقول باستنتاج:


-يعني تخميني طلع صح.


ضحكت بخفوت على قوله الساخر، وقالت له بجدية تمتزج بنعومة صوتها:


-بتكلم بجد..


ثم ما لبثت أن تابعت بنبرة تقطر بالتيم والوله وهي مستندة بساعديه فوق صدره:


-انت كنت اكتر حد مبهر ومميز في حياتي، والوحيد اللي كنت ببقى عايزه افضل معاه طول الوقت.


هام بعينيه بها وهو تضيف بحب لم ينضب بداخلها له ليومٍ، رغم الخلافات المتالية، والنزاعات:


-انا حبيتك يا عاصم من أول ماوعيت على الدنيا، قلبي اتزرع جواه حبك من قبل حتى مايفهم يعني ايه حب.


نفذ كل ما فاهت به، بذلك الصوت الرقيق الذي يعج بمشاعرها الثائرة نحو، عبر شغاف قلبه، مزيدًا من نبضه، وجاعلًا تأثيرها القوي يظهر على قسماته التي لانت، ووجهه الذي أشرق، وبينما يمسح بعينيه ملامحه الجميلة، قال ببعض الندم:


-انا كنت غبي اوي..


احتوى وجنتها لراحته، وبإهاميه تلمس جاتب شفتيها وهو يضيف بتوله:


-كان بين ايديا كل الجمال ده ومكنتش عارف قيمته.


مدحه جعلها تزداد ثقةً واغترار، وتوسعت بسمتها التي حملت نوعًا من الاعتداد الأنثوي، وتدللت عليه بحركة من وجهها، الذي مال على كفه، وبعينين شقيتين قالت له بدلع:


-بس كويس انك عرفت قبل فوات الأوان.


تراءى له غنجها المغوي، ولكن جملتها آثارت غيظه، رفع أحد حاجبيه، وسألها بترقبٍ يحمل تحذير مصطنع:


-وإيه اللي كان هيحصل يعني لو الأوان كان فات؟


تراجعت في لحظتها عن إثارة غيظه، وقالت له باستسلام مضحك:


-مفيش حاجة هتحصل، كنت هديك فرصة تانية.


انفرج ثغره رغمًا عنه ببسمة متأثرة، وعلق على عفويتها:


-بتلحقي نفسك.


ضمت شفتيها وهي تهز رأسها بتأكيدٍ وتطالعه للأعلى بعينين تشبه عيني قطة صغيرة، أغرته نظرتها، وجعلتها شهية في نظره، ممَ دفعه للهبوط لمستوى شفتيها المضومة، ولثمها برقة أنعشتها، وجددت حيويته، ابتعد عنها بعد ذلك، حتى لا ينجرف معها لمراحل أعلى، وقال لها بصوت رخيم ثقلت أنفاسه قليلًا:


-يلا ننزل بقى الضيوف على وصول.


تحكمت في الارتجافة التي أصابتها من قربه الطاغي، وأومأت له بالموافقة، قائلةً وهي تتحرك صوب المرآة:


-هظبط الجلوس..


توقفت بعد خطوتين، بعدما لاحظت آثار ملمع الشفاه خاصته فوق فمه، ونبهته بضحكة خافتة:


-وامسح انت كمان شفايفك.


رفع يده ماسحًا بأصابعه شفتيه، وقد ابتسم عنظما تدارك ما طبع فوق ثغره، مرت بضعة لحظات أخرى وخرج من غرفتهما سويًا، في نفس الوقت الذي كان متوليًا به "عز الدين" مهمة استقبال صديق أخيه، وأسرته الصغيرة، الذين وصلوا لتوهم، وما إن ولجوا من باب الفيلا، حتى ردد بترحيب بالغ:


-أهلا يا مجد بيه، البيت نور.


تقدم منه لمصافحته، ورد عليه بوقار:


-البيت منور بيكوا يا دكتور عز.


داعب بإصبعيه وجنة الصغير "يزيد" الذي يحمله والده، ثم انتقل بعد ذلك إلى زوجته المجاورة له، ورحب بها دون تلامس:


-اهلا يا مدام طيف، اتفضلوا.


قال الأخير وهو يشير لهم نحو غرفة استقبال الضيوف، ولكن قاطع تحركهم، صوت "عاصم" الذي قد انتهى من نزول الدرج، يوجه حديثه نحو صديقه هاتفًا:


-سبعة بالدقيقة، مواعيدكم مظبوطة.


رد عليه "مجد" وهو يتابع سيره نحوه ومن خلفه زوجته، مرددًا:


-طبعًا مانت عارفني.


صافحه بودٍ وابتسامة مرحبة تعلو وجهه، وخلال ذلك انتقل ببصره نحو "طيف"، وأخبرها بتسلية:


-ظلمك على فكرة وقال إن انتي اللي بتأخريه.


قبل أن تعلق "طيفى على ما قاله، ردد "مجد" بنبرة مستنكرة:


-ظلمتها!


حول نظره نحو زوجته التي أطرقت رأسه وهي تمنع بسمتها من الظهور، حينها عاد هو بعينيه نحو صديقه، وقال له بإيضاح:


-عشان تبقى عارف في تأخير ساعة وده كان متوقع، وعشان اتفاداه واجيلك في الميعاد فهمتها ان ميعادنا ستة.


ضحك "عاصم" على قوله، وعلق باستحسان:


-بتعرف تصرف أمورك.


شاركه "مجد" الضحك، وقال له:


-الجواز بيحتم عليك تشغل عقلك. 


تدخل وقتئذٍ "عز الدين" في الحديث قائلًا بمرح:


-بالظبط كده زي ما الجيش قالك اتصرف.


تشاركوا الضحك وهم يتحركوا نحو الغرفة، بقوا بداخلها لبعض الوقت ريثما انتهين العاملات من إعداد مائدة الطعام، حينها انتقلوا إلى غرفة السفرة، متناولين كل من "عاصم" و"مجد" الطعام معًا لأول مرة منذ سنوات، في جو أسري مليء بالود والالفة. مرت الدقائق وتوجهوا بعدها إلى الحديقة، مجتمعين حول مائدة صغيرة موضوع عليها المشروبات، أصوات الضحك تصدح من حولهم، مع الكلمات المرحة، والعبارات المازحة، بالأخص بين كل من "عاصم" و"عز الدين" ممَ آثار استغراب "مجد"، وعلق على ما يراه بينهما، من علاقة أخوة سوية، وقوية بين الاثنين، مرددًا: 


-اللي يشوف علاقتكم دلوقتي مايشوفهاش من كام شهر.


 سبق "عز الدين" أخيه في الرد عليه، قائلًا بمرحه المعتاد:


-والله هو عموما اللي يشوف عاصم دلوقتي مايشوفوش من كام شهر.


وجه "عاصم" نظره نحو صديقه، وقال له في استيضاح:


-قصده يقول ان المشكلة كانت فيا.


رفع "عز الدين" أحد حاجبيه، وسأله بترقبٍ:


-تنكر؟


رد عليه "عاصم" ببراءة مصطنعة:


-انا اتكلمت، انا بوضح قصدك لمجد بس.


بوجه لا يخلو من آثار الضحك، علق "مجد":


-مجد مش محتاج توضيح.


من خلفهم استمع "عاصم" إلى صوت ضحك أنثوي متبادل بين زوجته وزوجة صديقه، التفت نحو مصدر الصوت، وجدهما آتيتين في اتجاههم، و"طيف" تقول للأخرى بود:


-ولادك زي القمر ما شاء الله، ربنا يخليهملك.


ردت عليها "داليا" بوجهها البشوش، وطريقتها المحبة:


-ويزيد كمان جميل أوي ورائف ونائل أخدوا عليه بسرعة.


في تلك اللحظة كانا قد وصلتا إلى موضع جلوسهم، وما فاهت به "داليا" وصل إلى مسامعهم، حينها هتف "عاصم" بلهجة متسلية:


-عشري زي ابوه.


نظر له "مجد" باغتياظ لتداركه لنبرة التهكم في صوته، وسأله:


-ويا ترى نائل ورائف حد فيهم طالعلك؟


مط شفتيه مفكرًا للحظة قبل أن يخبره باحتمالية:


-لسه مش عارف، بس احتمال يبقى رائف، صعب شوية زيي.


ضيق عينيه عليه وهو يسأله بسخرية:


-صعب شوية؟


تفقه ما يرمي إليه، وهو جبروته السابق، وشخصيته الصارمة، انشق ثغره بضحكة صغيرة، وقال له:


-ماهو مش طالعلي أوي يعني.


تفاوتت أصوات الضحك فيما بينهم، وبينما يتناولون من أطباق التسالي والمقرمشات، مد "مجد" يده ملتقطًا كوب العصير، ليرتشف منه بعد أن استطرد، موجهًا حديثه نحو "عز الدين":


-عرفت إنك بتعمل مشروع جديد.


أومأ "عز الدين" مؤكدًا، وبعدما ابتلع ما بفمه، قال له:


-مستشفى.


حدثه "مجد" بصوته الرزين وهو يشير نحو "عاصم":


-عاصم اللي هيخلصهالك اكيد.


انحنى "عز الدين" للأمام واضعًا الطبق فوق المنضدة، وأجابه:


-أيوه، وبدأنا فعلا فـ...


لم ينتبه "عاصم" إلى تتمة عبارته، فقد انتقل بنظره نحو "داليا" التي كانت ترد في تلك اللحظة على زوجة صديقه، بصوتها المليء بالحماس:


-مانيسا شبه خالتو، وواخده مني برضه.


قالت لها "طيف" آنئذٍ بلطافة:


-زي القمر، من جمالها خليتني عايزه اخلف بنت أوي.


ارتسمت ابتسامة واسعة على وجه "عاصم" وهو يرى تعبيرات السرور تزداد وتتضاعف على تقاسيم زوجته، فكل ما يتعلق بأبنائها يفرحها، وكل ما يقود إليه في الأخير يجعل قلبها يتضخم بسعادة جلية، هنا وقد شرد بذهنه عنهم جميعًا، ففي أبعد نقطة بمخيلته، وأعمق أجزاء عقله لم يكن يتوقع أن تتحول حياته ذلك التحول الجذري، يسودها الراحة، الدفء، والأمان، لم يتخيل أن يصبح هو شخصًا سويًا، عاقلًا، راشدًا، وعاصمًا عن فعل الموبقات، وعمل السيئات. لقد اكتشف أن بائسه وظلمه لم يُنِيله من متع الحياة مثلما كان يتوقع ويوهم نفسه، فالنعمة الحقيقة وجد أنها في حب من حوله. فاق من شروده اللحظي على صوت والدة أخيه، قائلةً:


-اتفضلوا يا ولاد الشاي.


حول نظره لها وهي تضع الصينية الموضوع فوقها أكواب الشاي فوق الطاولة، وحينئذٍ هتف ابنها يمتدح صنيعها:


-تسلم إيدك يا ست الكل.


مسحت بحنوٍ فوق ذراعه، ثم انتقلت نحو "عاصم" تمد له فنجان الشاي، قائلةً له بمحبة صادقة:


-خد يا حبيبي شايك.


ارتسمت بسمة ممتنة على وجهه، ليست لكونها أحضرت له مشروبًا، إنما لمعاملتها الطيبة، التي تعوضه ولو بجزءٍ عن فقده لوالدته، أخذ منها الكوب، وقال لها بودٍ:


-تسلم إيدك يا ماما.


ابتسمت له بسمةً تشع بالطيبة والحنان، وبيدها ملست فوق كتفه بلين ولطف، وغادرت بعد ذلك، ولكن شعوره بالرضا والارتياح انتشر في أعماقه، فلقد منحه المولى أكثر ممَ يشاء، حتى بات يرى أنه وصل من عطايا الحياة إلى حد الإكتفاء، وذلك قد تحقق فقط بتوبته وهدايته، اقشعر بدنه عند تخيله لذلك الأمر المزلزل للوجدان، وتلقائيًا وجد نفسه ينظر نحو الأعلى وهو يردد بشكرٍ خالصًا لله جلَّ ثناؤه:


-الحمد لله.



يتبع..

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة شيماء مجدي من رواية مشاعر مهشمة الجزءالثاني، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية