-->

رواية جديدة للذئاب وجوه أخرى 5 لنورا محمد علي - الفصل 37 - 2 - الأربعاء 10/11/2024


قراءة رواية جديدة للذئاب وجوه أخرى5 كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية للذئاب وجوه أخرى5 رواية جديدة قيد النشر

من قصص وروايات 

الكاتبة نورا محمد علي


الفصل السابع والثلاثون

2

تم النشر يوم الأربعاء

10/1/2024



_ كان ممكن ما اوريكي حاجة، كان ممكن اقول لك ما ينفعش وخلاص، بس انا عارف انك عارفة انه ما ينفعش، ومع ذلك في حاجة جواكى بتجذبك ليه، كانك مش حاسة بالخيه اللي ممكن تقعي فيها، بالهوية اللي انت على بابها، الشخص اللي زي ده ما يتأمنش على العرض والمال، الشخص اللي زي ده ما تامنيهوش على قلبك.


 كان يتكلم بالدفاع لا يعلم ان كان يتكلم عن ذاخر و دانه أم يتكلم عن نفسه، اختياراته الخاطئة نظرات عينيه كانت تحمل غضبا مستتر، لكنها لم ترد كانت تستمع في صمت وكأنها فقدت القدرة على الكلام.. 


التفت لينظر لها لتلك الدمعة المترققة في عينها، وهو يسأل:

_ معقولة تكون بتبكي عشان ده؟ شخص زيه مايستاهلش. 

ازدادت لعابها دون ان تقوى على الرد حاولت ان تكفكف دموعها التي لم تجرأ على ان تنساب على خدها، منذ متى وهي ضعيفة الى هذا الحد؟ منذ متى وهي تشعر بالخواء بداخلها؟ لكن نظرة رحيم كانت تحمل الدعم وكأنه يتعاطف مع نفسه بداخل قلبها، وهو يسأل:


_ معقوله تكوني مش حاسة؟


 التفتت له باستفسار وعينها تسأل قبل لسانها 


_ مش فاهم تقصد ايه يا رحيم؟ حاسة بأيه؟


_ يعني مش عارفة يا دانه ان في حواليك وقريب منك أوي حد بيحبك، ومتعلق بيكي و مستني اللحظة اللي تقرب فيها منه، للدرجة دي مش حاسة بالمشاعر اللي يكنها ليكي 


الدهشة على وجهها كانت واضحة والصدمة على قلبها كانت أوضح، هل يمزح؟ هل يتكلم عن نفسه؟


 السؤال لم يدور في عقلها هي فقط، بل كان يشغل قلب وروح تلك المسكينة، التي  كانت تهم ان تقترب بعد ان شعرت بالسأم من بقائها بالداخل، لكنها الآن تتمني أنها بقت مكانها ولم تخرج، لانها لم تستطع أن تفعل شئ، فوقفت في مكانها كأنها صنم لا تقوى على الحركة، بعد ان استمعت الى كلام رحيم الى اختها، فماذا يعني بانها لا تشعر؟ هل يعني انه يكن لها شيء قوي؟ 


وماذا عنها؟! الألم يمزق قلبها كأنه مخالب من الغدر، تختال مشاعرها وروحها، وهي لا تقوى على ان تتنفس او تهمس، ماذا تقول له؟ وهو الذي احتضن كفها منذ لحظة، ليجعلها تشعر أنها فراشة تطير في سماء العشق، ماذا تقول له وهي التي تذوب في اللحظة التي تكون بالقرب منه؟ كأنها شمعة تنصهر بفعل حرارة العشق الذي يجتاحها ويمتلكها ويحولها إلى شيء آخر..


 لم يكمل كلامه لأنه أدرك أن رائحة عطرها الهادئ الذي يختلف تماما عن الجميع ينساب إلى انفه، ليوقظه من ذلك الاندفاع والغضب الذي يدور بداخله، وهو ينظر لها ولكن الصدمة كانت على وجهه، من تلك الدموع التي تنساب على وجهها، همس شهقاتها التي تحاول ان تكتمها بداخلها، كأن اناتها ستخرج لتثبت مدى ضعف وهشاشة روحه أمام صدماته المتتالية، في لحظة استطاع ان يرفعها الى عنان السماء، وفي أخرى استطاع ان يسقطها الى قاع الجحيم..


 منذ لحظات فقط كان يحتضن قلبها بين اصابعه، بمجرد أن تلامست يديهما للمرة الأولى، بمحض إرادته وارادتها، فهي لن تنكر انها كانت تريد ذلك الاتصال بينهم، وفي هذه اللحظة ها هو يهوي على قلبها بسيف من الجحيم، وهو يسأل اختها ان كانت لا تشعر بما يدور حولها؟


 ابتلعت الالم بداخلها وازدردت لعابها وهي تحاول ان تفر من أمامه، قبل أن يقترب لأنه بـ الفعل نهض من مكانه يتحرك إليها بخطوات واسعة، كادت ان تفر لا تعلم إلى أين؟ الى بيتهم! أم الى الداخل، أم إلى المرحاض لتنساب دموعها بحرية أم تترك لنفسها العنان لتصرخ، ام عليها ان تركض إلى سيارتها. 


لكن هل اتت بها؟ لمَ لم تأتي بها ليكون لها فرصة للهرب، أفكار كثيرة تدور في عقل داليدا، في اللحظة التي كادت ان تبتعد كان يجذب ذراعها لترتطم بصدره وهو يقول: 


_ انت فاهمة غلط 


كانت تتحرك بين ذراعيه برفض، كأنه عدو لدود، كأن ذلك المكان الذي حلمت به طوال عمرها، ذلك الحضن الذي تمنت ان تنتمي له ويكون حقها في العلن، لم يعد هو مقصدها ولم يعد مأربها، ولم يعد هو الدفء والحنان الذي تخيلته، كأنه اشواك نافرة، كلما اقترب منها زاد الالم في قلبها و روحها قبل جسدها 


_ انت فاهمة غلط


_ انت وقح.. انت كذاب؛ لا انت مش كذاب انا اللي كذابة، انا كذبت على نفسي صدقت ان انت ممكن تحس بيا، طلعت محتاج اللي يحس بيك

_ انت مجنونة انت بتتكلمي عن ايه؟


_ انت بتسأل؟ بتكلم عن ايه! عن قد ايه انت انسان مخادع، عمري ما توقعت انك تكون القذارة دي، بتلعب على أحلامي وتطيرني لسابع سما وفي لحظة تحطم كل حاجة وكأنه لوح قزاز وقع اتكسر على الأرض 100 حتة، مش حاسس بيا كنت…


 ابتلعت ما في فمها من كلام، لم تستطيع ان تكمل وهي تحاول ان تنسحب الى الداخل في اللحظة، التي نهضت فيها دانه لا تعرف ما الذي عليها أن تقول بالتحديد؟ هي في اغرب احلامها لم تتخيل أن يتكلم رحيم بهذه الطريقة؟ ولا تعلم عن من يتكلم بالتحديد، ولكن لماذا فهمت داليدا هذا الأمر؟ هل تظن انها خائنة..؟ 


 اقتربت منها تحاول ان تجذبها اليها تضمها بين ذراعيها، رغم الالم الذي ينساب إلى قلبي داليدا، وكأنه شلال متدفق، الا أنها تركت نفسها تتعلق في عنق اختها، تبكي بين ذراعيها، تبكي تلك المشاعر التي طالما طلبت منها دانا ان تحاربها، وهي تخبرها ان رحيم يختلف عن وبراءتها ونقائها، ولكن هل هو مختلف؟ ام هم من فهموا الأمر خاطئا 


رحيم: داليدا أنا


_ انا عايزة امشي من غير ما اشوف ماما 


_مش هسيبك تمشي قبل ما تفهمي،  رغم اني مش ناسي أي كلمة من اللي انت قلتيها، ومش انا الراجل اللي يتقبل الإهانة ويسمعها بودنه ويسكت. 


_ كمان


_ آه كمان يا داليدا عشان لازم يكون في ثقة


_ الثقة انتهت قبل ما تبدا وبعدين ما كانش في حاجة من اصله، عشان يبقى في ثقة، ماكانش في حاجة انا اللي كنت عايشة في وهم،  أنا اللي غبية



_أنا ما اسمحش أنك تقولي عن نفسك كده 

_ انت مين عشان تسمح

_ يا حبيبتي المفروض تسمعيني 

ربما في وقت لاحق كانت تلك الكلمة، قد تجعلها تحلق في السماء العشق، لكنها الآن تشعر بشيء غريب، كأن تلك الكلمة نصل حاد يغرز في روحها، لهذا لم تنتظر دانه او تنتظر ان يقول شيء آخر، فكل كلمة يقولها تجعلها تتألم، نظرت له دانه وهي تركض خلفها، لا تعرف ماذا عليها ان تفعل بالتحديد؟

 هي التي منذ لحظاتنا كانت تشعر بالعذاب يكتسحها، تدرك ما الذي تشعر به أختها؟ الصدمة التي شعرت بها منذ أن رأت فيديوهات ذاخر وتلك العلاقات المتعددة التي لا زال يعيش فيها، فبعض الفيديوهات من فترة قريبة، وما بداخلها يقول شيء واحدا أن شخص كهذا لا يتغير من اجل احد، ولن يتغير من أجلها، ولكن لمَ عليها هي واختها ان يشعرون بالعذاب، هي تتالم من أجل عشقها، واختها تتألم من اجل ذلك الذي القى كلمة عكرت سطح الماء، لينتهي الحلم قبل أن يبدأ..

 بينما رحيم شعر بالغضب يجتاحه كان عليه أن يوضح لها قبل ان تذهب، ولكن هل اخطأ في شيء؟ كل ما كان يريده أن يوضح لدانة انا ذاخر شخص بعيد كل البعد عن عالمها، ومع ذلك اصبح الامر سيء بالنسبة له..

تحرك بخطوات قوية تدك الأرض تحت قدمه،  كان يدخل إلى صالة التدريب يقضي وقت طويل فيها، لم يدرك متى ذهبت خالته أو متى صعد اخوه الى جناحه، ووالدته  إلى فراشها، لم يشعر حتى بوالده الذي وقف على باب صالة التدريب فترة طويلة، ينظر له ولذلك الغضب المكبوت الذي يخرج في صورة شحنات على ذلك الرسن الذي يصب جام غضبه عليه.. 

لا يعرف السبب، لكن هو يعرف جيدا ان رجلا مثل رحيم سوف يستطيع ان يحل مشاكله بنفسه، لهذا انسحب ليترك له مساحة


في فيلا ادهم البيه كانت دانه تجلس بجواري فراش أختها، تحرك اصابعها في خصلات شعرها الطويل، وهي تقرأ عليها بعض الآيات القرآنية وتهمس لها بأنها لا تعرف ما الذي يحدث بالتحديد؟ لقد كان يريها بعض المشاهد الخاصة بذاخر والتي تعني الألم نفسه، لم تعرف متى استطاع رحيم أن يأتي بها؟ وكيف استطاع أن يخترق بهذه السرعة جهازة الخاص، ليصل الى أسراره الدفينة او إلى حساباته الوهمية، ولكن في نفس الوقت اختها لم تهتم لم تسمع كل ما كانت تقوله دانه لم يكن ليبرئ رحيم في شيء، بل كان يزيد الاتهام في عينها، هي لا تستمع الآن إلا صوته وهو يقول:
_ انت مش حاسة
 عقلها يسأل لأول مرة، لماذا لم يحبني انا؟ الا استحق ان اعيش وانا صورة طبق الأصل منها، ام انا مجرد صورة باهتة لها، الا ان من فرط الألم أتى النوم لتغفو بينما دانة على ذلك الوضع، لازالت  تتألم لا تعرف ماذا عليها أن تفعل؟ فتكات بجوار أختها في الفراش وهي تقول:

_ توأمين حتى في الوجع

بعد وقت كان يصعد الى غرفته، منهك العضلات لا يشعر بالألم، يشعر بأن هناك شيء يشبه الهواء داخل قلبه، تلك النظرة في عينها كانت هوة.. 

حاول ان ينام تمنى لو قد ياخذه النوم من ذلك الحوار العنيف، الذي يدور بين روحه وقلبه بين كبريائه ومشاعره، وهو ولأول مرة يعترف امام ذاته انه يعشقها، ربما ليس من الآن ربما منذ زمن بعيد، منذ كانت طفلة تتعلق فيه، كأنها طفلته بينما هو يصارع من اجل ان ينام، ان يغفو يتقلب في مرقده حتى اصبح فراشه مجعد، من فرط ما مرغ وتحرك  فيه، إلا أنه في النهاية غفى..

 بينما هناك من يغفو كان هناك من يستيقظ، ومن يصل.

 ليزا جميله شقراء قد يلتفت لها الجميع لكنها كانت منذ سمحت لقلبها بأن يعشق لم تلتفت، لكنها الآن تحاول ان تخرج من تلك الشرنقة التي تحيط نفسها بها، وها هي  تنظر إلى صديقتها بوله، وهي تقول:

_ اشعر بالحماس

نظرن لها بوله بإبتسامة، وهي تقول:

_ اعلم ذلك، هيا بنا.

 اخذت ليزا تتهادى في خطواتها، بذلك الثوب القصير داخل أروقة المطار تصل حيث فوج الرحلة التي تتجه  إلى القاهرة مع مجموعة من الشباب، شاركوا في  رحلة اقتصادية إلى مصر، لا تعلم لماذا اختارت المكان؟ ورضيت أن تدفع كل شيء معها، كل ما ادخرته في تلك السنوات، لتأتي إلى هذه البلاد، التي تحمل من العراقة بعمر  سنوات الكثير مضت، وتحمل بساطة التعامل والترحيب بالجميع من شعبها.. 

الاكثر من كل هذا هو شعورها بالسعادة هي تتلفت حولها، تنظر لكل شيء حتى وصلت إلى ذلك الباص الذي ينتظرهم امام المطار ليأخذهم الى ذلك الفندق، حتى يغفو إلا ان ليزا ليست ممن تغفوا ملئ عينيها، هي ليست من هؤلاء الذين  ينامون لفترات طويلة، ولقد اعتادت السهر في عملوها في ذلك البار

 رغم انها تركته منذ فترة، تركته منذ أن طلب منها ريان ذلك، رغم أنه اختفى من حياتها، إلا أن ريان لا زال يسكن أحلامها الوردية، ليحول أحلامها للجموح،  بما لتلك اللحظة التي تشاركها وأسفر عنها… 

نفضت أفكارها ورجعت تفكر في ريان الذي اتى الى ذلك المطعم والبار ليسرق سلامها النفسي، ويمزق ثباتها يحولها إلى عاشقة تبحث عنه في كل الوجوه، وصل بها الامر وان سافرت الى ازمير حيث أخبرها أنها موطنه، ولكنها في النهاية لم تصل إلى اي شيء يدلها الى طريقه، هي لا تعرف سوى اسمه،  ومع ذلك لم تنسي اي شيء من تفاصيل وجهه و ملامح رجولته.. 

وآه من رجولته التي سكنتها ليلة لتحول الرجال في نظرها إلى أشباه.. 

 يتبع..


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة نورا محمد علي لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة