رواية جديدة ظلمات حصونه 2 لمنة أيمن - الفصل 30 - 2 - الثلاثاء 9/1/2024
قراءة رواية ظلمات حصونه الجزء الثاني
الإنتقال من الظلمة الى النور
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية ظلمات حصونه
الجزء الثاني
الإنتقال من الظلمة الى النور
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة منة أيمن
الفصل الثلاثون
2
تم النشر يوم الثلاثاء
9/1/2024
مُغلق العنين ويتمنى أن لا يفتحهم مرة أخرى، يتمنى من كل قلبه أن تكون هذه النهاية ولا ينظر فى عينيها مرة أخرى حتى لا يرى فيهم حقارته وخسيته، ولكن ماذا بعد الموت؟ ستتألم هي وسيتعذب هو بذنب ما فعله بها، ولن ينتهي عذابه إلى قيام الساعة، إذا ما هو الحل الأن.
فتح عينيه ببطئ شديد وبمجرد إتضاح الروئية أمامه وجدها تنظر له بلهفة وهلع، تقف بجانب الطبيب الذي يجلس بجانبة مباشرة ليتفحصة، هتف الطبيب بقليل من المرح:
- إيه يا عم مالك بقى، كل شوية هتخضنا كده!
أستند "مالك" على ذراعيه السليم ليعتدل فى جلسته وأضاف مستفسرًا:
- هو إيه اللي حصل؟
أجابه الطبيب على سؤاله مُستنتجًا ما يمكن أن يصل به إلى ما حدث قائلا:
- شكلك ضغط على نفسك شوية إنك تفتكر حاجة عقلك مش حابب يفتكرها! أو سمعت حاجة ضيقتك؟
لم يهتم بما يمكن أن يكون حدث له بالضبط، وأضاف مُستفسرًا عما يريد معرفته فقط مُردفًا بعدم صبر:
- هو أنا هقدر أفتكر كل حاجة أمتى يا دكتور.
حاولةالطبيب إبعاد تلك الفكرة عن رأسة وأشغاله بالحديث عن شيء أخر وعقب بقليل من المرح:
- أنا مش عارف أنت مستعجل كده ليه، هو أنت مخبي دهب وعايز تلحق تبيعه قبل ما سعره ينزل.
ابتسم بمجاملة كي لا يشعر الطبيب بالحرج وأضاف مُصرًا:
- لا بس فيه حاجات مهمة عايز أفتكرها.
أستسلم الطبيب عندما رائ إصراره واضحًا فى عينيه وأردف موضحًا:
- على العموم كلها شوية وقت بس وتفتكر كل حاجة، أهم حاجة المواظبة على العلاج ومتجهدش عقلك مرة تانية.
أومأ له بالموافقة ولكن بداخلة لم يزعن أبدًا لإرشدات الطبيب وردد بهدوء:
- إن شاء الله.
مدت "زينة" يدها وصافحت الطبيب شاكرة إياه وهي توصله إلى الخارج مُردفة بإمتنان:
- شكرًا يا دكتور.
قابلها بمجاملة مُعقبًا بود:
- العفو يا مدام.
عادت إلى الداخل مرة أخرى فوجدته شارد الذهن وعلى ما يبدو يفكر فيما حدث وفيما علمه، لتهتف مانعة إياه عما يفعل مُردفة برجاء:
- أرجوك كفاية بقى، أنا تعبت ومش عايزه أرجع للي فات تاني.
نظر لها بخذي ويتمنى أن تنشق الأرض وتبتلعة ندمًا عما فعله، وإلى الأن لا يتذكر سبب فعلته تلك، ليردف بحزن:
- أنا مش هقدر أسامح نفسي.
نهته عما يقول وصاحت مُصححة له ما تفوه به وهي تجلس بجانبه على الفراش مُردفة بإصرار:
- لا هتسامحها زي ما أنا سامحتها وهننسا وهنرجع أحسن من الأول، أنت بس محتاج شوية وقت وأنا متفهمة دة.
أشاح بنظرة بعيدًا عن زرقاوتيها وهتف بنبرة يملئها التوسل:
- ساعديني أفتكر اللي حصل يمكن يطلع مش بالبشاعة اللي أنا متخيلها وأقدر أسامح نفسي.
تنهدت بثقل شديد ولكنها فى النهاية أستسلمت إلى طلبه وأضافت بإنصاغ:
- حاضر يا مالك.
❈-❈-❈
وصل إلى المشفى وبالفعل قابل الطبيب وذهب كلاهما إلى مكتبه ليتكنوا من تبادل الحديث بهدوء، دلف "هاشم" وجلس أمام الطبيب مباشرة وأضاف بقلق وإستفسار:
- فى إيه يا دكتور قلقتني؟
حاول الطبيب التمهيد لما يريد إخباره به وهتف بحزن:
- أنا عايزك تتمالك أعصابك يا هاشم بيه عشان اللي هقوله مش سهل، وحضرتك راجل مؤمن.
لقد أستمع إلى مثل هذه الكلمات كثيرًا من قبل، موت شقيقه، زوجته وجنينه، عجز شقيقته، موت والدايه، هل كُتب عليه دائمًا إنه هو من يتلقي خبر موت أفراد عائلته، ليهتف دون إدراك منه مُستفسرًا بحزن:
- هناء ماتت؟
أبتلع الطبيب بكثير من الأسى ولكن لا مفر، يجب إخباره بكل شيء ليكون مُستعد فى أي وقت، ليُعقب بيأس:
- للأسف بتموت، جسمها مش بيستجيب للعلاج، بل حالتها بتسوء أكتر، ده غير الخلل اللي أصاب العقل عندها، بتفضل تنده على ناس وتتكلم معاهم، وأوقات بتصرخ وتعيط، وأوقات تانية بتضحك بهسترية.
لم يكن يريد أن يستنتج أن الطبيب يخبره بأن يستعد لتلقى خبر موتها في أي وقت، ليهتف مُستفسرًا:
- يعني إيه!
ليضطر الطبيب أن يؤكد له ما لم يكن يريد إستنتاجة وأجابة بأسى:
- يعني لازم حضرتك تكون مُستعد لأي حاجة الفترة الجاية.
شعر "هاشم" بالحزن الشديد على نهاية إبنة عمه المأساوية، بالرغم من إنها هي من فعلت ذلك بنفسها وبهم، ولكنه حقا يشعر بألم داخل قلبه حزنًا عليها، ها هي ستفارق الحياة دون عملًا واحد يجعلهم يترحمون عليها، وحتى بدون أبن يتذكرها، ليردد بقهر وحزن:
- لا حول ولا قوة إلا بالله.
نهض "هاشم" من مقعده بحزن شديد، ليربط الطبيب على كتفه مُحاولًا أن مواسته مُردفًا بحزم:
- شد حيلك يا هاشم بيه.
أومأ له "هاشم" بالموافقة وقبل أن يخطوا خطوة واحده نظر له وسأله بنبرة مُلحقة أكثر من كونها مستفسرة:
- هو أنا ممكن أشوفها؟
أجابه الطبيب مُصرحًا عن موافقته قائلا:
- طبعًا أتفضل.
أصطحبه الطبيب إلى غرفة "هناء" التي تم نقلها إليها بسبب سوء حالتها الصحية، وربط على كتفه وتركه يدلف بمفرده لمراعاة خصوصيتهم العائلية، وبمجرد أن دلف "هاشم" تفاجئ بكم الأجهزة والخراطيم الموصولة بجسد "هناء" الذي أصبح هزيل للغاية.
لتتنقل عينيه على جسدها بالكامل الخامد دون حركة لا حول له ولا قوة، هل هذه هي "هناء" المُتحكمة صاحبة الشخصية القاسية سُبحان المُعز المُزل، تقدم نحوها ليجدها شاردة فى سقف الغرفة، ليحاول لفت إنتباهها مُناديها بهدوء:
- هناء.
نظرت له وسريعًا ما أعتلت السعادة تقاسيم وجهها وصاحت بلهفة:
- هاشم أنت جيت! أومال فين شرف؟ هو منزلش معاك أجازة ولا إيه!!
ورغمًا عنه أمتلئت عينيه بالدموع مُتذكرًا تلك الأيام التي كان يذهب فيها هو وشقيقة إلى بيت والدهم فى أجازتهم، ولكنه لم يستطيع الرد عليها، ليجد ملامحها تبدلت بسرعة إلى الغضب والكراهية وأضافت بحقد:
- لبنى قالتله مينزلش صح؟ أنا عارفة إنها بتكرهني ومش عايزاني أشوفه بعد ما خطفته مني.
ظل صامتًا ينظر لها بمزيج من الشفقة والعتاب على كل ما حدث لهم بسبب هوسها المرضي، ولكن فيما سيُفيد العتاب الأن؟
لتتكلم هي مرة أخرى وهي تنظر له بلهفة وندم فى نفس ذات الوقت مُردفة بتلعثم:
- وتهاني، مجتش معاك ليه! هي لسه زعلانه مني عشان البيبي اللي مات؟
وهنا لم يستطيع "هاشم" السيطرة على نفسه وأنهار باكيًا وكأنه لم يبكي من قبل، يبكي بحرقة عشرون عامًا، يبكي على فراق أحبابه وعلى ظلمه لـ"لبنى" و"ديانة" وأولاده، بكى وبكى عسى أن يتخلص من تلك النيران التي اشتعلت في قلبه.
لتبكي هي الأخرى بندم ولكن لا تدرك هى نادمة على أي شيء بالضبط! أعلى قتل شقيتها هي وطفلها؟ أم عجز أبنة عمها وصديقتها الوحيدة؟ أم على تسببها فى موت شرف؟ أم على تهذيبها لـ"جواد" أم ظلمها لـ"لبنى"! أم مُحاولتها لقتل "ديانة" وطفلها! أم ما فعلته بـ"زينة"
ولكن كل ما تتذكره الأن هو شقيقتها وتُحاول بينها وبين نفسها أن تكون ضحية، بل هي متأكدة من إنها هي الضحية الوحيدة، لتصيح من بين بكائها مُرددة بتبرير:
- أنا مكنش قصدي أزوقها يا هاشم، أنا كنت عايزة أزوق لبنى، بس تهاني وماجدة أدخلوا و...
قطعت حديثها من تلقائها نفسها عندما تذكرت ما فعلته بـ"ماجدة" وذلك لم يكن حادث ولم يكن خطأ أي شخصًا سواها هي، لتتوقف عن البكاء وتهمس بحسرة:
- ماجدة!
نظرت إلى "هاشم" بحسرة على ما وصلت له وإنها شربت من صنع يداها مُردفة بسخرية من نفسها:
- قول لماجدة إني جربت قاعدتها، لا دا أنا حتى مش بقعد.
أغمص "هاشم" عينيه بألم وضيق صدر وهتف بأستفسار:
- كان عليكي من ده كله بإيه يا هناء؟
لم تُجيبه لأنها لم تعد تعي بماذا تُجيب أو ماذا يحدث حولها، لتنظر لسقف مرة أخرى بأعين ثابته وهتفت برجاء:
- أنا عايزة أشوف جواد يا هاشم، أخر مرة قبل ما أموت.
❈-❈-❈
أخذت تتجول فى جميع أركان المنزل مُتفحصة كل إنشًا فيه بعد أن أنتهى المهندس من تسليمه لهم فى الموعد المحدد، كانت عينيها تلمعان وهي بالسعادة والفرح وهي ترى منزلها الجديد الذي سيجمعها معا قريبًا جدًا.
أستند "إياد" برأسه على باب الغرفة وهو يُطالعها بسعادة لكونها فرحة بمنزلها الجديد، ليهتف موجهًا حظيثه نحوها بفخر:
- إيه رائيك بقى فى زوقي!
نظرت له "ملك" بفخر وهتفت بمدح صادق نابع من سعادتها:
- أنت مش بس مهندس معماري شاطر، لا وديكور كمان.
أتخذ بعض الخطوات مُتجها نحوها والمكر يتلاعب فى عينيه مُعقبًا بكلمات ذات مغزى:
- طب إيه رائيك تيجي تشوفي باقي شطارتي فى أوضة النوم؟
رفعت يديها وكادت أن تلقي بقا على وجهه مُلقنة إياه صفعة يحلم بها حتى حفل زفافهم، ولكنه ألتقط يدها بأخر لحظة وصاح مُصححًا ما قاله حتى لا تنزعج منه مُردفًا بمراوغة:
- قصدي الديكور يا أم تفكير قذر.
نظرت له بحدة كادت أن تقتله وصاحت فيه بإنفعال:
- تفكيري بردو هو اللي قذر ولا تلميحاتك الزبالة؟
أقترب منها للغاية وأضاف بنبرة يملئها التوعد:
- والله العظيم لأدبك على كل ده بس أصبري عليا.
أبتلعت بإرتباك شديد لا تعلم من أقترابه المبالغ فيه أم خشية من كلماته، ولكنها عزمت أن تُبين ذلك أمامه وهتفت بحزم:
- يله عشان تروحني.
بلحظة أمسكها من ذراعيها ودفعها نحو الحائط وألتصق بها مُهثهثًا بتشفي:
- خوفتي والخوف مالي عنيكي، بتكبري ليه بقى؟
العناد فى مثل هذه الأوقات غباء شديد لذلك كان يجب عليها أن تستغل كونها أنثى للهروب من ذلك الموقف:
- عشان أنا واثقة إنك مش هتأذيني.
وبمجرد قولها لتلك الجملة تحول مئة وثمانون درجة، ليتخلى عن ذلك المكر وتبدل إلى عشق طاغي مُضيفًا بصدق:
- عمري ما أقدر أأذيكي، أنتي عندي أغلى من روحي يا ملك.
أبتسمت له بثقة وهي بداخلها تؤمن بما قالت منذ لحظات ولم تكن مجرد كلمات للهرب من الموقف، لتضيف بفخر:
- أنا دلوقتي متأكدة إني أخترت الراجل الصح.
عاد إلى المكر مرة أخرى وغمزلها بعينيه مُرددًا:
- لا فى حتة الرجولة دي أنا أعجبك أوي.
تبدلت ملامخها للإنزعاج مرة أخرى وهتفت زاجرة إياه:
- مفيش فايدة فيك.
أقترب من أذنيها وهمس لها مُصرًا على كل كلمة مُعقبًا:
- أنا مش هعمل حاجة دلوقتي، بس وحيات كل لحظة تعبتيني فيها وسبتيني على أخري كده، لطل كل ده عليكي بعد الفرح، بس على الله أنتي تستحملي بقى.
أستطاعت أن تملص من بين يديه وهرولت نحو باب المنزل مُعقبة بتحدي:
- بكرة نشوف.
يُتبع..
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة منة أيمن, لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية