-->

رواية جديدة جوازة ابريل 2 لنورهان محسن - الفصل 1 - السبت 13/1/2024

 

قراءة رواية جوازة ابريل الجزء الثاني  كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


قراءة رواية جوازة ابريل

الجزء الثاني

 رواية جديدة قيد النشر 

من روايات وقصص 

الكاتبة نورهان محسن

الفصل الأول

تم النشر يوم السبت

13/1/2024


(لا إحترام للمشاعر) 


ضائعة المشاعر بيننا كالطير المهاجر الذي ترك ملجأه وهرب بحثاً عن موطن جديد ، تاركاً عشه القديم ، مطعوناً بألم الخذلان منه ، لا تدرى عنه شيئاً أو عن قلبي الذي جعلته يشعر بكمية هائلة من الفراغ بعد هجرك ، والآن أجلس مع خفقاتى الأليمة في الطرقات ، أنظر إلى خيبات قلبي المكسور على يد طائري ، الذي تركني أتشتت ، بلا وطن ولا أمان.


❈-❈-❈


عند باسم


جحظت عيناه تكاد تخرج من محجرها ، فور أن لاحظ وجهها الشاحب الأزرق كالأموات ، لعدم قدرة الهواء على الوصول إلى رئتيها. 


انصعق باسم حالما رآها في هذا المنظر المرعب ، ثم انهارت قدماه على الأرض ، وركع على ركبتيه وهي جثة باردة بين ذراعيه.


تدفقت العبرات من عينيه لا إرادياً ، وتباطأت نبضات قلبه مع ألم قاتل في صدره بسبب حدث قديم مغمور في الذاكرة ، مر من جديد أمام عينيه ، مما جعله مبهوت حرفياً ، وتعطلت وظائف أعضائه للحظات فور انتعاش أسوأ كوابيسه فى عالم الواقع ، وتجسدت مشاهد مخزنة في عقله الباطن لشخص ملطخ بدمه ، ولا يستجيب قلبه للصعقات الكهربائية ، ثم صور أخرى أكثر قسوة ، وهم يدفنون جسده تحت التراب ، مما أدى إلى خروج دمعات حارقة من مقلتى عينه ، وكان هناك شعور عنيف بالضغط يسيطر على روحه ، بينما يضغط لا إرادياً فوق قلب إبريل الساكنة بين يديه.


❈-❈-❈


فى التوقيت ذاته


بالمنصورة 


داخل منزل أحمد


تتحدث نادية فى الهاتف بخفوت : لحظة يا أسيل خليكي معايا


أغلقت نادية باب غرفة ابنتها الصغيرة بهدوء شديد ، وواصلت سيرها إلى غرفة النوم أثناء قولها بتوضيح : معاكي يا سولي معلش كنت بنيم زينب


سألتها أسيل مستفسرة : شكلك لسه طالعة من عند حماتك 


ردت نادية بزفرة مليئة بالتعب ، وهي تخلع حجابها : ما انتي عارفة بفضل قاعدة معاها لحد ما حمايا بيرجع من شغله


عقبت أسيل بصوت غير راضٍ : اللي يسمعك يقول مقعداكي تدلع فيكي .. دا انتي اللي شايلة شغل شقتها كله


تساءلت نادية بضيق بعد أن جلست تستريح على السرير : يعني هعمل ايه طيب؟ ما انتي عارفة اللي فيها و دا نظامها من اول يوم معايا


إستفسرت أسيل بنبرة مقهورة على حالة أختها الصغيرة : ولحد امتي هدت حيلتك كل يوم يا نادية .. هتلحقي علي شقتك ولا بنتك ولا شغل بيتها ولا علي جوزك للي لسه واصل من السفر


نهضت نادية من مجلسها ، وهي تتحرك بدورها ، وتجيب ساخرة على حالهما : جوزي بتقوليها كأنه قاعد معايا طول الوقت ومابيفارقنيش لحظة


تابعت نادية حديثها ، وهي واقفة أمام النافذة وتنظر من خلف الستار الخفيف : بقولك ايه انا شايفاه واقف مع صاحبه تحت البيت هقفل معاكي وانام احسنلي


اسيل بإستنتاج : زعلانة طبعا عشان هيسافر بكرا


رددت نادية بنبرة خاض فيها الحزن والاستياء معارك عنيفة ، ثم أفصحت عما يعترى قلبها : زعلانة!! انا هجنن يا اسيل .. حاسة بنار قايدة في صدري وكل ما بفكر انه هيشوفها بكرا بشيط علي الاخر .. طول اليوم بفكر لما يجي ادب معاه خناقة واللي يحصل يحصل 


كبت أسيل غيظها من زوج أختها بصعوبة بالغة ، قائلة بضيق : اهدي يا نادية .. عدي الليلة علي خير معاه انتي لو نكدتي عليه ولا هيسأل فيكي لان دماغه في حته تانية وهتبقي انتي الخسرانة وهيتحرق دمك اكتر


شهقت نادية بتقطع تلتقط أنفاسها بدموع ساخنة تدفق من مقلتيها ، تريد فقط أن تطفئ نيران قلبها التي لا تهدأ ، فسألتها بتيه : اومال اعمل ايه بس؟


صمتت أسيل لحظة حزنا على حالة أختها ، ثم أجابت بعقلانية : سيبيه يروحلها خلاص البت هتتجوز .. انتي لازم تفكري بذكاء وتلاعبيه عشان ماتضيعيش جوزك منك .. واحسن حل ليكي دلوقتي تخزي الشيطان وتنامي واتجنبيه لحد مايبقي يرجع نكون فكرنا هنعمل معاه ايه


استعادت رباط جأشها قليلا ، لتقول مسرعة : طيب خلاص يا اسيل هبقي اكلمك لما يمشي الصبح عشان هو طالع اهو .. سلام


_مع السلامة


❈-❈-❈


عند ياسر


_وليها اسم تالت شكلك ماتعرفش اسمه عديت حدودك!!


قال ياسر ذلك بتعبير بارد مقتضب للغاية ، وهو يسحب يارا من معصمها من حضن طارق لتقف خلف ظهره ، وداخلها تكاد تموت من الفرحة من نجاح خطتها لإثارة غيرته عليها ، ففلتت منها إبتسامة منتصرة بعد أن نالت مرادها ، وهى ترى هالة على مقربة منهم بملامح واجمة.


أما ياسر فاندفع نحو طارق ، وأمسكه بخشونة من سترته ، وضربه بقوة عنيفة جعلت الآخر يرتد للخلف ، وعلى الفور سال الدم من فمه وأنفه في خط مستقيم.


لم يكتفى ياسر بذلك ، بل اقترب منه مرة أخرى قاصدا تلقينه درسا قاسيا. 


تفادى طارق الضربة الثانية من ياسر بمهارة فائقة ، كونه مدربا رياضيا ودون أن يمنحه فرصة لحركة أخرى ، هوى على وجهه بلكمة أقوى أوقعته أرضا بعد أن فقد توازنه. 


حرك طارق منكبيه العريضتين متحفزاً لأدنى حركة من ياسر الذي استطاع النهوض سريعا في غضب شديد دون أن يهتم للألم الحارق في جانب فكه.


تقدم ياسر بخطوات واسعة ، وهو ينوي على العراك معه ، إلا أنه وجد عدة أشخاص يقفون في الوسط بينهما بعد أن ركضوا إليهما بسرعة لمنعهما من مواصلة القتال مع بعضهم.


سأل أحدهم بعدم فهم : ايه يا جماعة صلو علي النبي في ايه .. اهدوا وفهمونا ايه اللي بيجري دا؟


صدح صوت ياسر الغاضب ، وهو يشير نحو طارق ثم يارا : اللي بيجري ان المحترم دا اللي معزوم عند ناس محترمة .. كان مقرب منها بشكل قذر ولازم يتربي عشان يتعلم يحترم المكان والناس اللي عندهم


 انصعقت هالة لسماع إجابته الباطلة ، وهو يتهم أحد أقاربها بشيء كهذا ، لكنها تأكدت من نظرات يارا الخبيثة إليهم أنه لم يفعل ذلك ، بينما أضيق طارق عينيه بحنق ، ثم صرخ بحدة خشنة وهو يشير إليه : انا محترم غصب عنك .. هو انا كنت عديت حدودي معاكي زي ما بيقول او عملت حاجة ضايقتك


قال طارق يسأل يارا التى وقفت متوترة بعض الشيء ، فهي لم تكن تتوقع أن يتضخم الأمر إلى هذا الحد ، فلم تتمكن من الرد عليه ، لكن رد عليه ياسر بدلا منها بصراخ ضاري ممزوج بالسخرية : كلامك معايا انا يا حيلتها ولا انت مش متعود تكلم مع رجالة


تدخل أحد أقارب ياسر ، وأوقفه بحزم : خلاص يا ياسر مالوش لزوم اللي بتعملو دا 


❈-❈-❈


فى الجهة الأخري بالحفلة


عند ريهام


_ايوه يا ماما!!


أتاها صوت سلمي المحتقن بتساؤل عبر الهاتف : انتي روحتي فين يا ريهام ابنك بيزن وبيسأل عليكي؟


زفرت ريهام بضجر مبررة بكذب وتخبط : انا راجعة اهو .. كان معايا مكالمة شغل مهمة .. من الدوشة بعدت عشا..


قاطعت سلمي حديثها بتعجل : بقولك ايه ركزي معايا شوية .. مفيش اهم من المصيبة اللي كلنا وقعنا فيها ولازم نحلها بسرعة


سألتها سلمي مضيفة : ماشوفتيش ابريل اختفت البت دي ومش عارفة الاقيها


زمت ريهام شفتيها بسخط ، حالما خطرت في ذهنها الصورة الحميمة لهما معًا منذ قليل ، وللتنفيس عن غضبها كذبت قائلة بنبرة محتقنة : لا ماشوفتهاش .. يلا انا جاية .. سلام


❈-❈-❈


عند ياسر


ركض صلاح عندما رأى هذه الضجة ، ليتحدث بصوت قوى : محصلش حاجة يا ياسر .. اكيد طارق مايقصدش حاجة وحشة من اللي انت فكرت فيها


حاول ياسر إبعاد الاثنين اللذين كانا يوقفانه ، وهو يصرخ باستهجان : و انا هستناه لما يقصد يا عمي


رأى عم ياسر عيون طارق تلمع غضبًا من تمادي ابن أخيه في كلامه ، فخاطبه من بين أسنانه محذرا : ما خلاص خلصنا يا ياسر في ايه ما تحترم وقفتنا


أضاف معتذراً : اسفين يا جماعة دا سوء تفاهم وخلص


تحدث أحدهم إلى طارق محاولاً إلهائه ، وهو يسحبه بعيدًا : انت بتنزف يا طارق تعالي معايا اغسل وشك


ألقى عم ياسر نظرة جانبية معاتبة على يارا التي خفضت جفنيها بإرتباك ، بينما اتجهت عيون ياسر نحو هالة التي كانت تحدق به بعينيها الزرقاوين الغامضتين ، متعجباً من نظراتها إليه.


صرّت هالة على أسنانها بغضب ، معلناً ثورته ، يقاوم للخروج دافعاً عن كرامتها التي تهدر كلما زاد صمتها.


كاد صوتها أن يصل إلى حلقها ، تنوي توبيخه أمام الجميع ، دون أن تهتم بشيء ، بينما كانت أطراف يدها تنوي خلع الخاتم الذي وضعه في إصبعها منذ ساعات قليلة ، لكن قبل أن تتمكن من ذلك ، وجدت يدًا ملفوفة حول معصمها ، أعقبها صوت صلاح التحذيري : هالة .. تعالي معايا!!


❈-❈-❈


فى المنصورة


عند أحمد


فتح أحمد الباب ، ودخل بخطوات هادئة إلى المنزل ليجده غارقاً في الصمت ، لا يقطعه إلا صوت عقارب الساعة الذي يتردد حوله ، فأطلق تنهيدة مليئة بالضجر ، وهو يقترب من غرفة النوم ، واثقاً أن زوجته تجلس تنتظره كالعادة. 


أدار مقبض الباب ، ليتفاجأ بأن الغرفة كانت مغمورة بالظلام ، فقط بصيص من الضوء يتسرب من مصابيح الشارع عبر النافذة ، ووجدها أمامه تنام بإستكانة.


زوي أحمد بين حاجبيه متفاجئا من ذهابها للنوم مبكرا دون انتظار عودته إلى المنزل ، لكنه لم يعير الآمر إهتماماً لأن أفكاره كانت مشغولة بأشياء أخرى.


توجه أحمد إلى الخزانة ، ثم أخذ يعبث بمحتوياتها حتى أحضر ملابس داخلية ليرتديها بعد الاستحمام ، قبل أن يخلع قميصه ويلقيه بلا مبالاة على كرسي في زاوية الغرفة ، متجاهلا الذهاب إلى شماعة الملابس.


تطلع أحمد من فوق كتفه إلى المرأة النائمة ، التى تعطيه ظهرها ، قبل أن يزفر ببطء ويخرج من الغرفة غافلاً عمن أفرجت عن أهدابها عندما تأكدت أنه غادر ودموعها تنساب على خديها ، فتغرق وجهها ثم وسادتها ، وقلبها يخفق ألماً وحزناً.


ارتعشت شفتاها في محاولة لحبس دموعها ، لكنها فشلت ، فرفعت ذراعها لتحتضن جسدها ، وواصلت جلد نفسها سراً ، وكل ما أرادته من معشوق هذا القلب أن يلمسه بلطف ، ليزيل آخر قطرة حزن باقية فيه ، ويملأه بالأمان والطمأنينة.


❈-❈-❈


عند صلاح


وقف صلاح وهالة في مواجهة بعضهما البعض ، وعمها ، ودعاء معهم ، فسألها صلاح مستفسرا بغرابة : ايه اللي كنتي عايزة تعمليه دا يا هالة؟


نظرت هالة إليه بتعجب من سؤاله ، وأجابته مستنكرة بغضب : كنت عايزة اخلص من الخطوبة دي يا بابا للي مافيهاش اي احترام لمشاعري .. ما انت شوفت بعينك اللي حصل .. وفي حفلة خطوبتي وقدام كل الناس هستني ايه تاني؟


تدخلت دعاء فى الحديث معربة عن رأيها ، وهي تربت بمواساة على ذراع هالة : واضح ان في بينه وبين البنت دي حاجة مش مجرد صحوبية .. وهالة عندها حق تضايق اللي عمله دا مش طبيعي يا صلاح


وافقها فخر الدين ، قائلا بجدية : و دا رأيي كمان يا صلاح .. احنا لسه علي البر .. دي مجرد خطوبة .. المهم ماتتقهرش هالة بالمنظر دا


أومأ صلاح إلى أخيه ، ثم رفع ذراعيه ووضع كفيه بلطف على ذراعي هالة ، وتحرر صوته بحنو : هالة انا مقدر حالتك يا بنتي وانا اوعدك اذا اتأكدت من الكلام دا هتصرف بنفسي معاه .. بس بلاش قرارات في لحظة انفعال تندمي عليها بعدين


تمرد الغضب في مقلتيها ، وبنرفزة بالغة أعربت بألم شديد لتصرفات ياسر التي أصبحت جارحة جدا لمشاعرها : بابا انا صبرت بما فيه الكفاية وبحاول اتصرف بعقل .. بس اللي بيحصل دا فوق طاقتي والله العظيم .. انا كدا هيجرالي حاجة؟


أنهت هالة جملتها بصوت منفعل مرتفع ، وهى على وشك البكاء ، بينما تطرق جانب صدرها بإصبعها السبابة ، مشيرةً إلى قلبها ، مما جعل صلاح يقطع المسافة بينهما ، ويحتضنها إلى صدره بحنان ، محاولاً احتواء غضب ابنته الذي نادراً ما يحدث ، والذي يؤكد أن خلفه ألماً داخلياً كبيراً ، لذا سارع بالقوة بنبرة حانية : بعد الشر عليكي يا حبيبتي .. اهدي عشان خاطري .. شوفي خلينا ننهي الليلة علي خير عشان الناس الموجودين .. وانا هعملك اللي انتي عايزاه واتأكدي مفيش حاجة تهمني غير راحتك ومصلحتك يا حبيبتي ومش هسمح لحد يزعلك


❈-❈-❈


فى تلك الأثناء


عند ياسر


وزع ياسر أنظاره يميناً ويساراً محاولاً العثور عليها بعد أن اختفت عن بصره عندما ذهب ، ليغسل الدم عن وجهه. 


ضيق ياسر عينيه بألم طفيف فى صدغه ، وهو يراها من بعيد ، ليتجه نحو الطاولة التي تجلس فيها يارا بينما تحمل كوب الماء وترفعه إلى فمها ، وحالما وصل إليها سألها مستغربا : بتعملي ايه؟


إتجهت عيناها للأعلى ، ثم رأته يجلس قبالتها ، فضغطت على زجاجة الدواء في كفها ، لكنه استطاع رؤيتها قبل أن تضعها في حقيبتها ، وقال بنبرة مليئة باللوم : كام مرة اتفقنا بلاش المهدئات دي!!


اجابته يارا مبررة بحشرجة خافتة : كتير بس عارف اعصابي بتتوتر غصب عني 


_اسفة علي اللي حصل يا حبيبي مكنتش حابة ينتهي يوم زي دا بمشكلة بسببي..


ربت ياسر على كفها الناعم بلطفٍ ، وأخبرها بهدوء : اسكتي لو سمحتي ..انا ممكن اعمل اكتر من كدا كمان عشانك .. انتي ماتعرفيش معزتك عندي ولا ايه


ابتسمت يارا لإهتمامه بها ، وتاهت عيناها الكهرمانية بين عينيه الداكنتين الدافئتين ، مما زاد من تخبطها الداخلي الذي غرقت فيه ، وبصوتها الأنثوي المغلف بالرقة أجابته : شكرا انك معايا يا ياسر .. دايما ضهر ليا وجنبي و..


كادت تفصح عن مشاعرها في لحظة متهورة ، لكنه قاطعها بطريقة حطمت كل توقعاتها التي طالما تهربت منها ، قائلا بصوت حنون للغاية : انتي اختي يا يارا مش بس اعز صديقة ليا وانا دايما هكون جنبك لو احتاجتيني


أومأت يارا برأسها موافقة ، بينما قطعت الاتصال البصري معه ، محاولة جمع رماد الكلمات وربط الحروف على لسانها لتكوين جملة مفيدة : معلش انا عايزة اروح يا ياسر عشان حاسة اني تعبانة .. ممكن توصلني علي البيت


حدق فيها ياسر مقطبًا حاجبيه غير مدرك لما يحدث لها ، ثم فرك جبهته في نوع من الحيرة ، لكنه حسم أمره ، فلن يجعلها تقود سيارتها في هذا الوقت المتأخر بمفردها. 


_تمام خليني اشوف هالة وراجعلك


قذف ياسر تلك الكلمات ، وهو يبتسم ، ثم هب من مقعده بخطوات متوازنة يغادر ، غافلاً عن نظراتها الدامعة التي تلاحقه ، وألم قلبها المشتعل بنار الغيرة.


❈-❈-❈


خلال ذلك الوقت


لا يعرف كم من الوقت مضى ، وهو جالسا على الأرض ، يشعر أن دمائه توقفت عن التدفق في عروقه ، مما جعل أطرافه تتجمد وكأنه أصيب بالشلل.


تظهر الصدمة جلياً على ملامحه ، وهو يطوف بعينيه الدامعتين فوق وجهها الشاحب ، وتدور أفكاره التائهة في حلقات مفرغة ، وانقباضات قلبه تضخ ألماً من قوة نبضاته المجنونة.


فهل كان قدره أن يقابلها تلك الليلة ، لتفارقه الآن بهذه الطريقة، أو بالأحرى أن تموت بين ذراعيه؟ 


حرك باسم رأسه يميناً ويساراً رافضاً ان تسيطر هذه الأفكار السوداوية أكثر على عقله ، وهو يمسح وجهه بكفه المرتجف عدة مرات حتى يتمكن من التركيز ، ثم بتردد أمسك معصمها ليفحص نبضها ، بينما عيناه تركزان علي نقطة فراغ أمامه ، وازداد معدل نبضات قلبه المذعورة.


مرت عدة لحظات 


بدأت الصدمة فيهم تزول عنه تدريجياً ، مدركاً أن عليه النهوض ، ثم فعل ذلك بصعوبة ، وهو يشعر بضعف قواه من الخوف ، لكنه تماسك منتصبا على قدميه ، يحملها بين ذراعيه ، ويخطو بخطوات واسعة ، معلاً لنفسه أنه لا يبالى بها ، لكنه لن يسمح لها بالموت اليوم.



يتبع..

إلى حين نشر الفصل الجديد نورهان محسن، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية..

رواياتنا الحصرية كاملة