رواية جديدة عقول غيبها العشق لأسماء حميدة - الفصل 11 - 1 - الخميس 22/2/2023
قراءة رواية عقول غيبها العشق كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
قراءة رواية عقول غيبها العشق
رواية جديدة قيد النشر
من روايات وقصص
الكاتبة أسماء حميدة
الفصل الحادي عشر
1
تم النشر يوم الخميس
22/2/2023
*في برج المراقبة خاصة (صياد الوحوش).
(أرون) بسخرية:
-أجل وبكل تأكيد، كنت هنا طوال الليل، ولكن عليكِ أن تكوني ممتنة لذلك.
-فمن الممكن أن تتصدر جرائدكِ الصفراء قائمة الأكثر رواجاً، هذا ما إذا أنشئتِ مقالاً، وأرفقتِ به صوري تحت عنوان ليلتي مع (أرون دانييل) صياد الوحوش ما رأيكِ؟
-أعتقد أنه عنوان مثير وملفت!
قال ما قاله بشيء من الجدية حتى وإن شابها التهكم اللاذع؛ مما جعل الدماء يتدافع إلى بشرة وجهها حتى صارت ملتهبة كالجمر.
فأردفت تقول بتلبكٍ وذلك بالرغم من تعنتها ومحاولاتها المستميتة لإلا تظهر تأثرها بما يريد الوصول إليه من تعقيبه المستفز هذا:
-لا!! لا تكن متحاذقًا، أنا لم أقضي الليلة معك!
اقترب منها (أرون) وهو يومئ برأسه في إيجاب، يقول بتأكيد:
-أجل عزيزتي، لقد حدث ذلك بشكل أو بآخر، كل ما في الأمر أن الصورة تحتاج إلى إيضاح، كما أن الطبيب هو مَن أمرني بذلك صغيرتي.
قال الأخيرة وهو يتكأ على كل حرف، صغيرتي!!
هل استغل هذا الخسيس غيابها عن الوعي وانتهك عذرية جسدها، وبشكل لا إرادي توجهت أنظارها تتمعن النظر بالشرشف الذي يغطي الفراش.
ولكنها لم تلحظ أي شيء من شأنه ينفي أو يؤكد ما ظنت به كون الغطاء المسدل عليه بإهمال قد حجب الرؤية عن ناظريها، وسيكون من السخيف إذا توجهت إلى السرير تزيح عنه الغطاء؛ لتتحرى ما في الأمر، ولكن عوضاً عن فعل هذا، تسائلت باستفسار:
-وما دخل الطبيب فيما تدعيه الآن؟!
مد يده يرفع خصلة من شعرها الثائر عن جبهتها يتحسس موضع إصابتها برقة، وهو يقول:
-لقد أُصبتِ إصابة بالغة (كيتي) فاضطررت إلى إحضار صديق لي يفهم بأمور الطب والعلاج ليفحصكِ.
-وهو مَن أقر بضرورة بقاء أحد إلى جوارك ليتابع حالتكِ؛ خوفاً من حدوث انتكاسة او ما إذا ارتفعت حرارتكِ بدرجة كبيرة، فهذا سيشكل خطراً على حياتك.
أقشعر بدنها، وما إن أسدل يده عنها، رفعت خاصتها لتتبين مدى الضرر الذي لحق برأسها ومن وقع ملمس هذا الورم وما لاح أمام عينيها عند رؤية انعكاس صورتها بمرآة الحمام علمت أنه من الواجب عليها أن تشكره، ولا تعلم كم مرة يتوجب عليها فعل ذلك!!
ولكن شغلها شيء آخر عن واجب الشكر الثقيل على قلبها، ألا وهو ارتجافة جسدها استجابة للمسة يده، ولا تعلم إذا كان هذا بسبب الألم أو تأثراً بملمس أصابعه الدافئة على موضع الوجع، ولكنها لم تطل في التفكير لإيجاد أسباب.
وسواء أكان السبب هذا أو ذاك، فما يُحتمه عليها العقل هو أن ترحل من هنا؛ إذ بات البقاء مع (أرون) شيء يستحيل عليها تحمله ولو لساعة إضافية، وبموجب هذا الرأي العقلاني أردفت تقول بكل وقار استطاعت تقمصه فقربه يثير اضطرابها حد اللعنة:
-أرى أنني قد تسببت لك في الكثير من الإزعاج والمتاعب؛ لذا يتوجب علي أن أرحل والآن.
لا تعلم أ ما لاح بعينيه عناد أو خيبة أم رفض لما أقرت وتعنت منه دون أسباب؟!، وإجابته على طلبها كانت محيرة أيضاً، وذلك عندما قال:
-ما تطلبينه مستحيل؛ حتى إذا سمحت لكِ بالرحيل، فحالتكِ لن تسعفكِ للسفر، أرى أنه يجب عليكِ أن تعودي إلى التخت.
-وسأجلب إليكِ أقراص مسكنة للوجع تلك التي قد وصفها لكِ الطبيب.
صاحت (كيتي) تقول باعتراض:
-لا، لا تقولها، أمعنى هذا أنك تريد احتجازي هنا ضد إراداتي، هذا يعتبر خطف وإكراه.
أضاف (شيزار) بحماسة: - وحبذا لو تبعه اغتصاب.
أشاح (أرون) بوجهه عنها، وهو يسدل أهدابه ليخفِ لمعة الحسرة التي لاحت بمقلتيه، فلم يتخيل أنها ستقذفه بإتهام كهذا خاصة بعد ما فعله من أجلها، وكذلك رد فعل استهجاني لما يضخه (شيزار) برأسه من أفكار، ومن ثم قال بتهكم:
-هذا إتهام خطير ويجب عليكِ مقاومة فاعله، هل ترغبين بأن أوصلكِ برقم النجدة لتبثي إليهم دعواكِ ضدي، أم ماذا؟
أجابته تقول بتحدٍ سافر:
-نعم بالطبع.
أشَّر (أرون) برأسه ناحية الباب، وهو يقاوم ارتجاف عضلات وجهه التي تنم عن انزعاجه الشديد ليبدو طبيعياً، حتى لا تفسر غضبه كونه خائف من تهديدها السخيف هذا، وبسط يده أمامها كإشارة لها بالتقدم، يقول بثبات:
-لكِ ما أردتِ، هيا لنفعلها.
قالها وخطواته سبقتها باتجاه باب الغرفة، وهي تتبعه بخطوات متعثرة، وبدر منها سؤال محير:
-هل ستسمح لي بذلك فعلاً؟
أجابها (أرون) بحزم وتأكيد:
-قطعًا سأفعل، ويجب عليكِ ألا تتراجعي، فالخطف فعل شنيع لابد وأن يعاقب مَن ينتهجه!
(شيزار) بتذمر:- هل من تحرش على الأقل قبل التواصل مع الشرطة أيها الأحمق!!
أجابته بتحفزٍ:
-سأفعل، و....
تلاشى صوتها بعد أن التفت إليها (أرون) يقابلها بنظرات باردة وملامح وجه صارمة لا تلين، ومن ثم أردف يقول بسخرية:
-دعيني أكمل عنكِ! ستفعلي ولكن ألن يبدو هذا تصرف سخيف ووقح أيضاً؟!
تهربت (كيتي) بنظراتها عنه، وهي تجيب عن سؤاله باستفسارٍ مختصر:
-لماذا إذاً؟!
أجابها (أرون) بحاجب مرفوع، وأعين مستديرة دهشة بسبب تبجحها، لا! وتسأل أيضاً عن السبب:
-لماذا!!
-لنقل مثلاً إنك ستبدين ناكرة للجميل كونكِ تقدمين شكوى ضد شخص أنتِ مَن تعديتِ على حدود أملاكه لتتلصيين وتلتقطين صوراً له بالرغم من رفضه صراحةً لذلك، ولكنكِ أصريتِ على اختراق خصوصياته.
-وفي المقابل عندما رآكِ تُعرِّضين حياتكِ للخطر، لم يتوانَ عن مساعدتكِ وأنقذ حياتكِ و....
قاطعته (كيتي) تقول بحماقة:
-كان يمكنني الاعتماد على نفسي.
لم يجادلها، وكذلك لم يُعقب على اعتراضها السخيف، بل تابع وگأنها لم تتفوه بحرف، يكمل قائلاً :
-وأحضرتكِ إلى بيتي، وغسلت...
تمهل عن عمد وهو يرسم على شفاهه ابتسامة شامتة عندما رأي الدماء تتفجر من خديها اللتان أمتقعتا بحمرة الخجل، ومن ثم كرر باستفزاز:
-وغسلت جروحكِ بنفسي، وسارعت في إحضار طبيب لمداوتكِ!
-في الحقيقة لا يبدو لي أن هذا يعد اختطاف، ولكن إذا كنتِ ترين شيئاً آخر لا أراه وقد تؤيدكِ فيه الشرطة، فلتفعلي وعلى الفور.
وعندما لم يجد منها رداً رفع كتفيه باستسلام، وهو يقول بتحدٍ:
-لا أعتقد أن الشرطة ستلتفت لسخافة كهذه، ولكن يمكنني استدعائهم على الفور.
رمقها (أرون) بعناد، وتمهل ينتظر ردها بنظرات تهكمية مغيظة، وهو يتأهب لفعل ما قال بكل غطرسة، ولم يلن لنظراتها المتوسلة لأن يرأف بها، بل ظل متجمداً بأرضه على أعتاب باب الغرفة، ولكنها إذا عاندت وأصرت على ما قالت ستبدو بالفعل حمقاء غبية، وسيجعل من نفسه بطلاً قومياً، أو كان ينقصه ذلك؟!
فهو بالفعل (أرون دانييل) صياد الوحوش.
وما مِن شهرة تضاهي هذا اللقب!
لذا أطرقت (كيتي) رأسها بخزي، تتمتم بتراجعٍ:
-أنا أعتذر لك عن كل ما صدر مني.
-ولا أريد إبلاغ أحد بشيء، انس أمر الاتصال بالشرطة.
-ولكنني حقاً بخير ولا أريد أن استريح بالتخت، جل ما أريده هو الرحيل، أرجوك!
أجابها المتغطرس (أرون) بجفاء، يقول:
-أتعتقدين أن وجودكِ بقلعتي هو شيء مفرح بالنسبة لي؟!
-إذا كنتِ تظنين هذا، فأنا أشعر بالأسف لأخباركِ بأنكِ تخدعين حالكِ، فأنا أعتز جداً بخصوصيتي.
-وسأسمح لكِ بالمغادرة وهذا في أقرب وقت ممكن، ولكن هناك قواعد وشروط ستلتزمين بها.
(شيزار) بامتعاض : - قل ما شئت ولكن رحيلها حلم بعيد عن شاربك.
(أرون) جازاً على أنيابه، يهمس بضيق:
-سأقتلكما معاً.
(شيزار) بتهكم: - أنا وأنت شخص واحد أيها المعتوه.
(أرون) بسخط : - سأنتحر إذاً.
(شيزار) : - نحن خالدان، ابحث عن تهديد آخر.
قطبت (كيتي) جبينها، تسأله بتوجسٍ:
-شروط!! ما هي؟!
والقاها (أرون) ظهره يستعد لاستكمال طريقه خروجاً من الغرفة، قبل أن ينفجر رأسه بما يلعي به (شيزار)، وهو يقول:
-لا تتعجلي، سنتحدث بشأنها ولكنني الآن جائع، سنتناول الفطور ولنا حديث سيطول.
التفت برأسه إليها يحدثها من أعلى كتفه:
-أعتقد أنك ستحبذين تناول بيض الأومليت مع كوب حليب، أليس كذلك؟!
يا لك من متغطرس؟! أتختار أيضاً ما يجب علي تناوله؟!
هذا ما جال برأسها، لينطق لسانها بخفوت:
-وماله ما أنا تحت مزاج الست الوالدة!! هدق على الفطار يعني؟! بجملة الاضطهاد يا عم الامبراطور؟!
ومن ثم رفعت (كيتي) صوتها تقول بسخرية:
-أوه!! بيض أومليت وحليب؟! أعتقدت أنه سيتم إطعامي العدس والخبز كسجينة لديك!!
غامت عينا (أرون) بغضبٍ شديد، وقد تبدلت ملامح وجهه ليظهر عليه السأم جراء كلماتها السامة، لذا تجاهلها عمداً وهو يلقي عليها بضعة كلمات مقتضبة لم تفسر معناها إلا عندما صفق الباب خلفه بقوة، وكان تعقيبه:
-إذا كنتِ مصرة على فكرة الخطف والسجن، فلكِ هذا.....
(كيتي) : - ماذا تق........
اعترضت ولكن مع مَن تتحدث؟! إنها تحادث نفسها، فقد غادر على الفور ولم ينتظر رداً.
وللحظة انتابها هلع شديد، وبدأ جسدها في الإرتجاف من فكرة احتجازها بهذه الغرفة، ركضت باتجاه الباب الذي أغلقه وراءه بحدة اهتزت لها جدران المبنى بأكمله.
ولم تُعِر ألم أصابعها انتباهاً، وهي تطبق يدها بقوة على مقبض الباب حتى كادت أن تنتزعه من موضعه، ولكنه فُتِح بسهولة تعجبت لها؛ إذ ظنت أنه قد أحكم غلقه من الخارج، والغريب أنه لم يفعل كما هددها.
تشتتٌ أصابها لبرهة وهي تقف على مشارف عتبة باب الغرفة تطل برأسها إلى الخارج، فأبصرت ذلك الدرج الحجري المزين بتمثالين من الرخام على رأس دعاماته العلوية، وداخلها يتسائل ماذا إذا ركضت هابطة الدرج ومنه إلى الخارج؟!
ولكن صوت أجابها من عمق عقلها الباطن، يقول بهزئ:
-بصي لنفسك وبطلي الهبل اللي أنتِ فيه ده، هو مش محتاج يقفل عليكي عشان يحبسك هنا!!
-وحتى لو فلقتي من جوه وعرفتي توصلي للبوابة اللي برة، هتروحي فين بلبس الأرجوزات ده؟!
-لاء!! وكمان حافية وماعكيش ولا نكلة!
زفرت بإحباط وهي تعاود أدراجها إلى الداخل، وببهوت وامتعاض أغلقت الباب خلفها، وهي تتمتم:
-قصة الهروب لازمها تخطيط ودراسة.
ولكنها تسأل وتجيب على حالها، عندما سخرت مما تفوهت به تواً، وهي تقول بلويةِ ثغر:
-تخطيط إيه ودراسة إيه مش لما تعرفي تتحركي بلبس الديناصورات ده الأول، وبعدين تبقي تفكري هتهربي إزاي يا أم مخ بلاستيك؟!
جلست على حافة التخت بتهدلٍ وهي تميل بجذعها إلى الأمام تمسح على وجهها بكلا راحتيها بضيق، وما إن وقعت أنظارها على تلك الأدوات الطبية الموضوعة على طاولة صغيرة إلى جانب السرير لم تنتبه إليها من قبل.
وجدت لفافة من الشاش الطبي ومقص أيضاً، فلمعت عيناها بحماس وهي تقول قارضة على أنيابها بغيظٍ:
-ماشي يا عم الإمبراطور مش أنت ما بتحبش تفرط في أغراضك، أنا هفشخرها لك على الآخر.
قالتها وهي تمد يدها تلتقط المقص رامقة إياه بعزم، وهي توجه سن المقص المدبب إلى منطاله الذي ترتديه صانعة ثقب به لتمرق إحدى طرفي المقص الحادتين ما بين القماش داعسة على مقبضيه.
وقد ارتسم على وجهها تعبير شرس وهي تكمل مسيرة النصلين تقص من طول هذا المنطال قليلاً، لا بل كثيراً.
إذ بدأت القطع من فوق الركبة بإصبعين، وفعلت المثل برجل المنطال الأخرى، ولكن على ما يبدو أنها عازمة على شيء أخرى، إذ أخذت تحدق في القميص بعدم رضى، ومن ثم قررت نزع أكمامه كاملة فالجو حار وهذا القميص بأكمامه المدلاة إلى ما بعد معصميها يجعلها تبدو، وكأنها فتاة صغيرة تحاول التشبه بالكبار فارتدت عباءة والدتها السمينة.
لم تفكر مرتين بل شرعت تنفذ ما أرادت وهي تشعر بانتشاء، مبتسمة بسعادة لا تقاوم، أخذت تحدث حالها، وهي تقول بعد أن انتهت من تنفيذ جريمتها:
-بااااس تمام أوي كده، الله عليكي يا بت يا كوكو، مقص دار ماحصلتيش.
صمتت قليلاً تنظر بعبوس إلى انحراف خط القص على قماش المنطال والقميص وبالرغم من عدم وضوحه، فإذا رأهما أحد سيعتقد أنه شورت، وقميص تم شرائه على وضعه دون أكمام.
ولكن تلك عادتها فهي وإن كانت لا تحب أن تتنمر على أحد، أما إذا كان الانتقاد هي المعنية به، ففي تلك الحالة ستكون سيدة المتنمرين الأولى وبلا منازع، إذ أردفت تقول بتهكم على حالها:
-مقص دار إيه يا اللي يتقص لسانك من لغلوغه، ده الخط شبه الزجزاج.
-وعملالي فيها مصممة أزياء؟!
-اكتمي ها!! اكتمي أحسن لك.
تمهلت وهي تمد الطرف إلى عنق المنطال المحاوط لخصرها الذي يتسع عن مقاسها بأربع أو خمس درجات إن لم يكن أكثر وهذا ما جعلها تتشبث به أمامه؛ خشية من أن يسقط إلى كاحلها وتقف أمامه شبه عارية.
لذا التقطت لفافة الشاش تجذب طرفها تاركة تكورها ينسدل على الأرض وهي تلف طرفه حول خصرها لتأخذ المقاس بدقة.
ومن ثم قطعت ثلاث مقاطع من اللفة بنفس طول المحيط وصارت تجدل منها ضفيرة لتستخدمها كحزام لهذا اللعين الذي لا ينفك منحصراً عن خصرها لأسفل، وفي أثناء انشغالها بربط ما صنعت بعد أن مررته بالفتحات المخصصة له بعراوي المنطال، تسلل إلى مسامعها أصوات آدمية تقترب من باب الغرفة.