رواية جديدة جوازة ابريل 2 لنورهان محسن - الفصل 8 - 2 - الثلاثاء 6/2/2024
قراءة رواية جوازة ابريل الجزء الثاني كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
قراءة رواية جوازة ابريل
الجزء الثاني
رواية جديدة قيد النشر
من روايات وقصص
الكاتبة نورهان محسن
الفصل الثامن
2
تم النشر يوم الثلاثاء
6/2/2024
رفعت الأم كتفيها مشيرة إلى أنها لم تكن متأكدة من ستقول ، لكنها قالت ما قادها إليه مشاعرها : انا مش عايزة اظلم بس الله اعلم يمكن تبقي حنين
رأت ملامحه تتغير فوراً ، وهو ينفي بالإنكار التام : لالا مستحيل حنين تعمل عملة زي دي
عارضت والدته كلامه ، مذهولة من موقفه غير المفهوم : وليه مستحيل ؟! وانت ايه مخليك واثق كدا انها مش هي اللي ورا العملة دي يا مصطفي؟! يا بني انت ماتعرفش الستات في غيرتهم ممكن يعملوا ايه ويطلع منهم ايه
قال معتز ساخراً بتنهيدة : امك في التسخين ايه لوز اللوز وشكلها كدا هتقوم القيامة انهاردة
أشارت له سمر ، تحثه على الصمت : هششش لو سمعوك هيمسكو فيك انت
لوح معتز بيده دون اهتمام ، وقال ببرود ينهض صاعدا غرفته : لا وعلي ايه انا رايح علي اوضتي
همهمت سمر بفم ملتوي ، وهي لا تزال تتابع ما يحدث بهدوء : يكون احسن
تحرك مصطفى نحو باب المنزل ، فنادته الأم قائلة بضيق وأسف : يا مصطفي رايح فين يا بني دا انت مالحقتش تاخد نفسك من السفر
دخل الأب من الباب ، وهو يستمع إلى صوت مصطفى الصارخ غاضبًا ، ليتساءل في ذهول : ايه في ايه حصل ايه يا مصطفي؟
قبل مصطفى رأس والده بخفة ، ثم هتف بسرعة ، وعيناه ممتلئتان بالعزم : مفيش وقت ..معلش يا بابا ماما هتبقي تحكيلك .. بس انا مش هقدر اقعد هروح لإبريل وافهم ايه اللي حصل في غيابي واعرف مين مطلع علينا الكلام الزفت دا..!!!
❈-❈-❈
فى هذا الوقت
عند ابريل
اتسعت عيناها مفاجأة ، ثم استبدلت نظراتها المندهشة بنظرات شرسة ممزوجة بالانزعاج ، وتحدثت بتلقائية لعدم تصديقها لوقاحته : يا بجاحتك يا اخي .. انت كمان جاي تهددني بعد ما كنت هموت في ايدك بسبب تحرشك بيا .. اطلع برا .. اطلع بكرامتك مش طايقة اشوفك
أشارت بإصبعها نحو الباب ، فهزّ باسم رأسه لها بالنفي ، قائلاً بهدوء واستفزاز : انا شايف انك تتعودي تشوفيني من هنا ورايح دا هيسهل عليكي حاجات كتير الفترة الجاية .. ولو مش عايزة انا مش طالع واعملي اللي انتي عايزة .. خلي اهلك يكتشفوا كل حاجة
رمقته ابريل من أعلى إلى أسفل بنظرات ازدراء واضحة ، وهى تبتلع غصة ألم فى حلقة ، بعد أن شعرت أنها ستنخرط مرة أخرى في نوبة بكاء ، لكن آخر شيء أرادت حدوثه هو ان تعرى انكسارها أمام هذا العابث ، لذا بشراسة قامت بصب جام وجعها عليه بتهور ، وهى تتكلم بين أسنانها بقهر مرير : خليهم يكتشفوا ما خلاص اتفضحت ومستقبلي اللي كنت بحاول ابنيه عمري كله بقي كوم تراب في لحظة واحدة بسبب واحد حقير ومنحط زيك
للحظات أحست ببهجة النصر ، وهي ترى العبوس ارتسم على ملامحه ، وقد نجحت في إزالة ابتسامته الاستفزازية من وجهه الوسيم.
أضاءت عيناه الرماديتان بنظرة شرسة جراء إهانتها لكبريائه ، لماذا تقذفه بهذه الاتهامات المسمومة ، وتحمله مسؤولية ما حدث ، الخطأ الذي ارتكبه ما هو إلا رد فعل على ما أقترفته فى المقام الأول ، عند هذا الحد من التفكير الثائر ، هب واقفاً من مقعده فجأة كالذئب المفترس ، وفي أقل من ثانية كان يواجهها ممسكاً بذراعيها بقوة ألمتها ، وملامحها تتقلص في ذعر مفاجئ ، ليهسهس بنفاذ صبر بعد أن فقد آخر ذرة عقل كان يتمسك بها أمام تلك المتمردة : المنحط دا هو الوحيد دلوقتي اللي يقدر يخرجك من الورطة اللي اتورطنا فيها كلنا .. بعد المصايب اللي حصلت من ورا كدبتك يا هانم
تضاعفت إنتفاضة جسدها أكثر بين يديه ، وغامت عيناها بالدموع من جديد ، لتنهمر بلا إرادة على خديها قبل أن تصرخ في انهيار شديد ، وهي تحاول أن تدفعه بعيدا عنها : ابعد عني انت اتجننت ماتقربليش كدا .. اخرج برا قبل ما اصرخ واعمل ليك وليا فضيحة جديدة و..
سارع باسم بوضع كفه فوق فمها ، قاطعاً بقية تهديداتها الشرسة ، وبغتة تحولت نظرته الحادة إلى نظرة أخرى مختلفة ، وبقلب مستهام حدق في عينيها المتسعة ، وكأنها ألقت عليه تعويذة سحرية ، جعلته يقربها منه كما يجذب المغناطيس قطعة معدنية نحوه ، ويميل بوجهه حتى صفعت أنفاسها الساخنة وجهه ، فاجتاحه شعور غريب لم يكن لديه الوقت الكافي لاكتشافه ، قائلا بصوت خرج رخيمًا لا إراديا ، وعيناه الرماديتان مثبتة فى عينيها الفيروزيتين بنظرات عميقة تسببت في ارتعاشات متوترة في جسدها : ماقبلتكيش الا كام مرة .. وكلهم كانوا مواقف ملخبطة وسخيفة ورغم ان كل مرة كان نفسي بجد اقص لسانك فيهم .. بس مش عجبني دلوقتي بصتك ليا اللي كلها خوف دي..
ابتلعت ابريل لعابها بضطراب ، وهي تنظر إليه بعينين مهتزتين وحاجبين مقعدتين ، دليل على عدم رضاها عن كلامه وقربه المربك منها ، لكنه شوش عقلها بحديثه ، فهدأت شهقاتها تدريجيا.
تابع باسم ، وعلامات الجدية بدت على وجهه ، مؤكدا كلامه السابق : والله مابتريقش دا بجد .. نظراتك ليا اللي كلها تحدي وتمرد هي بس اللي عايز اشوفهم
❈-❈-❈
عند أحمد
كان أحمد جالسا في القطار السريع ينتظر وصوله إلى القاهرة بفارغ الصبر ، لقد سئم الانتظار والتفكير فيما حدث لأبريل.
صرف الأفكار السلبية عن عقله المنهك ، وهو يتصفح أحد التطبيقات على الهاتف دون اهتمام
ضاقت عيناه قليلا ، حالما لفت انتباهه شيء ما ، متوقفاً عنده متحققاً مما رآه جيدا ، إذ تظهر إحدى صورها على العديد من المواقع الإلكترونية ، فأخذ بإعادة قراءة المقالات أكثر من مرة حتى تأكد مم فهمه جيداً.
جحظت عيناه بهلع ، وتجمد جسده كأن أحدهم سكب فوق رأسه دلو ماء بارد فى شتاء قارص من قوة الصدمة عليه ، كما لو أنه انفصل بوحشية عن العالم من حوله.
❈-❈-❈
خلال ذلك الوقت
عند هالة
سأل ياسر بسأم ، وعلامات الامتعاض تعلو وجهه : انتي ليه مكبرة الحكاية كدا دا كان مجرد ظرف اتحطيت فيه.. ؟!
صمت ياسر للحظة ، وهو يتنفس بغضب ، بينما كانوا يتبادلون النظرات ، قبل أن تظهر ابتسامة ساخرة على فمه إقترنت بكلماته التالية مصحوبة بالبرود والازدراء : اللي بجد ماكنش يصح هو الاستهتار والاستخفاف منك ومن اهلك ليلة امبارح .. حفلة خطوبتنا باظت بسبب وحدة مانعرفهاش وكمان فضايحها انهاردة مالية المواقع
عقدت هالة حاجبيها بإستغراب مما سمعته ، وتساءلت بعدم فهم : فضايح ايه اللي بتكلم عنها انت .. مش فاهمة حاجة من اللي بتقوله؟
مد يده إليها بالهاتف الذي أخرجه من جيب بنطاله الخلفي ، قائلا بنبرة بطيئة جامدة : خدي اقرأي وهتفهمي يا دكتورة
❈-❈-❈
عند باسم
رفع باسم يده عازمًا على دفع خصلة شاردة على جبهتها خلف أذنها ، لكن قبل أن تصل أصابعه إليها ، دفعتها بحدة بعد أن استيقظت من تشتتها بنظراته المربكة ، لتهتف بنفس الصوت المبحوح : ماتلمسنيش وقولتلك اخرج برا انت مابتسمعش
افاق باسم أيضا من غيبوبته المؤقتة ، وهو يرتد إلى الوراء بإرتباك محملقاً في وجهها الذي يكاد ينفجر من الحرارة والخجل ، وهي تزحف إلى الخلف بتوجس ، وأخذ صدرها يرتفع ويهبط من انفعالها ، وتنفسها يرتجف ، ممَ جعله يأخذ بسرعة كوب الماء الذي تم وضعه بجوار السرير ، وسلمها إياه قبل أن يشير بيده لتهدأ ، وهو يحاول طمأنتها قائلا بقلق وحذر : خلاص خلاص مش هاجي جنبك .. بس بما ان بقي عند علم باللي بيحصل حواليكي محتاجين نتكلم
تناولت ابريل منه الكأس بتردد ، تستشعر نبضها بأطراف أصابعها دون هوادة دون أن تدرى أن من الآن دقت طبول المعمعة قلبها ، وهو لم ينتظر ردها ، بل جلس أمامها مرة أخرى بعد أن مسح شعره بحركة مضطربة ، ونظر إليها بإصرار.
أشاحت ابريل ببصرها بعيدًا ، وهي تزفر بيأس ، قبل أن تشرب كوب الماء ببطء ، وهي تتكئ على الوسادة باستسلام إجبارى ، بعد أن ارتخت ملامحها ، فمن الواضح أنها مهما عبرت عن الغضب والرفض ، تحتج على سماع شيء منه ، فهو لن يصغى إليها.
❈-❈-❈
عند دعاء
أغلقت دعاء باب الغرفة بهدوء ، ثم اتجهت نحو السرير الذي كانت منى مستلقية عليه ، والتي لا تعلم شيئا عما يدور حولها.
جلست دعاء على الكرسي بجانب سريرها ، تنظر إليها ، وتجمعت العبرات في عينيها ، وقلبها يتألمها من الحسرة والندم على ما كانت تخطط له من أجل تزويج ابنها من امرأة أخرى ، هي التي جعلتها تستمع إليها ، وكانت تعلم جيدًا أن ما هي عليه الآن صنعته بيدها في المقام الأول ، وها هى أضافت سبقة جديدة بجانب السوابق الماضية بهذا الفعل الشنيع.
كيف يمكن أن تكون أماً صالحة ، وهي ترتكب جرائم إنسانية بحق كل عزيز عليها؟
ابتسمت دعاء وسط دموعها بحزن ومرارة ، وهي تكلم نفسها قائلة بنبرة باكية : أذيتي نفسك يا دعاء وكل اللي حواليكي اتأذو منك حتي حياة ابنك خربتيها .. خلتيه هو يدفع تمن انانيتك بس ليه بتعيطي ومش مبسوطة ليه؟!!!
زادت الانقباض فى صدرها من الضيق ، والشعور بالذنب يمزق قلبها ، وشعور مرعب يسيطر على كيانها ، وكأن الكون ينهار من حولها ، ولا تستطيع فعل أي شيء لمنع هذا الانهيار ، وهمست بحزن : ياريتك تسامحيني يا مني .. بس ازاي هتسامحيني وانا مش قادرة اسامح نفسي .. وياريتني قادرة اطلب منك اتغفريلي .. بس انا اجبن من اني اقول اني غلطانة .. انا اللي وصلتك اللي انتي فيه وخسرتي ابنك مع انك تستاهليه .. انا اللي ماستاهلش ابقي ام .. انا احقر ام في الدنيا وماستاهلش حب ابني ليا..
ارتفعت شهقاتها الممزقة ، لتتردد صداها في أرجاء الغرفة قبل أن تقطع كلامها ، تزامنا مع شهقة عنيفة أطلقتها ، حالما فوجئت بشخص ما فتح باب الغرفة من خلفها.
يتبع..
إلى حين نشر الفصل الجديد نورهان محسن، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية..