رواية جديدة ليتها تعلم لمريم جمعة - الفصل - 5 - 3 - الأحد 25/2/2024
قراءة رواية ليتها تعلم كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية ليتها تعلم
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة مريم جمعة
الفصل الخامس
3
تم النشر يوم الأحد
في ذلك المكان الَّذي يضُم جميعَ من أنهو إمتحان الدُنيا وفارقوها تاركينَ أحبابهُم خلفهم، وقف أمام قبرٍ مُزين بورُودٍ يضعها كلما أتى كل يومٍ جُمعة منذُ أن فارقته، وقد إنخفض بجزعهِ يتلمَّسُ بكفه القبر بحنين جارف، وتحدث بنبرة تملئُها الحُب والإشتياق..:
_إشتقتلك إكتير ياضي العيون..الدنيا ما إلها أي قيمة بدون وجودك ووجود إبتسامتك.. ويعلم الله إن الشيئ الوحيد اللي مخليني أستمر بدونك هو القِطعة اللي تركتيهالي واللي ربنا وهبني إياها مشان أضل صابر هي "رَامَ الله" ..
ضحك وائِل عندما ذكر إسم إبنتهِ وأكمل وهو يمسحُ دموعهِ الَّتي ذرفت عندما كان يتحدَّث..:
_طبعًا مابحتاج أكلمك عنها لإني بوچع راسك كل جُمعة بحكاياتها وعنادها اللي أخدته منك ياعُمري..
بتعرفي أنا بدعي الله نتلاقى في أسرع وقت بس لما أطمن إنها في كنف رجَّال يقدر يحافظ عليها بس هي تبطِّل عناد.
_ماهو أنا طول ماعم لاقي رِجَّال شبهك ماراح إتچوز في حياتي ياوائِل.
إلتفت وائِل خلفهُ لإبنتهِ عندما سمِعَ حديثها والَّتي حضرت دون أن يلاحِظ، وقد أكملت بحُب وهي تقترب منهُ أكثر..:
_وبظُن إني راح ضل معك طول عُمرك لإن انت واحد مافي متلك.
إبتسم وائِل ساخِرًا وهو يُحرِّك رأسهُ فاقِدًا الأمل فيها، وأخذ يُشاهِدُها وهي تقتربُ من قبر والدِتها تُلقي عليها السلام ثُم سألها بغيظ..:
_هو ماينفعش كده تسيبيني مرة من نفسك أبقى لوحدي شوية.!
_كُل مرة بتسأل نفس السؤال وكُل مرة بقُولك إن زي ماهي مراتك فهي أُمي برضوا ياحبيبي.
أجابتهُ رَامَ الله ببراءة، ثُم إقتربت منهُ تُشبك أصابعها بخاصته، فقبَّل جبهتها بحنان أبوي خالص، ووضعت هي رأسها على كتفهِ تسألهُ بلهجتها الفلسطينية وهي تنظُر لقبر والدِتها..:
_قولي ياوائِل.. أنا بشبِه ماما ولا شو.!
حرَّكَ الأخيرُ رأسهُ نافيًا وأجابها..:
_لا طبعًا هي جميلة لدرجة إن ما إلها أي شبيه..
صمت وائِل ينظُر ينظُر بطرف عينيه لإبنتهِ الَّتي ترمقهُ بتذمُّرٍ مما قاله، وقبل أن تتحدَّث أكمل هو موضِّحًا وهو يضحك..:
_مابقصد إنك قبيحة يعني لا تسوئي الفهِم يابنت.. بس هي جمالها ماكان بشكلها بس، جمالها كان بروحها وبختلافها.
أعادت رَامَ الله النظر لقبر والدِتها وهي تبتسم مُتعجِّبة من حُب والدِها لوالدِتها الَّذي لم يقِل يومًا رغم أنها فارقتهُم عندما كان عُمرها أربعُ عشر عامًا أي منذُ عشر سنوات ومنذّ أن ماتت وهو لم يترُك يوم جُمعة إلَّا وهو يجلس أمام قبرِها يُحادثها عن مايحدُث لهُ طوال الإسبوع ، وَودَّت حقًا لو كانت قضت معها طويل ولم تترُكها ولكنَّها أقدار
❈-❈-❈
بعد أن تناول رجال العائِلة طعام الغذاء في جلسة كانت هادِئة نوعًا ما، تفرَّق الأباءُ وكان محمود أوَّلهِم الذي لم يرتح في وجودِ إبيه إطلاقًا، بينما جلس الشبابُ في حديقة العِمارة، وكُلَّ واحدٍ مُلتهي في هاتفه، حتى صدح صوتٌ من ناحية الباب الخارِجي القريب منهم يهتفُ بصوتٍ عالٍ..:
_متجمَّعين عند النبي يا أصلاوية.
وقف الجميعُ ما إن عرفوا هوية الشاب المُتحدث الذي سار نحوهم هو والشاب الآخر الَّذي جاء معه، وقد تحدَّث نُوح مُمازِحًا..:
_شادي الجربان هنا عندنا وكمان جايبلنا معاه كريم البخيل؟.. يا ألف مرحب.
_أُسكت انت ياخوخة.
رد عليهِ شادي بتلك الكلِمات الَّتي جعلت الأخير يقذفهُ بكوب المياه البلاستيكية بغيظ وهو يعبر من جواره، فتجاهل الأخير الضربة واقترب من هارون يُعانقهُ بقوة وبعده يُوسف، وفعل كريم المثل بعد أن صافح باقية الشباب، وقد تحدَّث شادي بنبرة مُشتاقة وهو ينظُر لهارون..:
_الجمالية نوَّرت برجوعك ليها من تاني ياصاحبي والله.
ربَّت هارون على ظهر صديق طفولتهِ الذي لأول مرة يراهُ وجهًا لوجه بدلًا من حديثُهم في الهاتف كل سنة مرة بمحبة وإشتياق، بينما هتف شادي مُمازِحًا وهو يُخلل بصره بين الجميع..:
_بصوا أنا بشوف خلقتكُم على طول فمافيش داعي ألف أسلِّم عليكُم نفر نفر عشان أنا مكسِّل أصلًا.
وجلس على الأريكة بإسترخاء بجوار هارون الَّذي ربَّت على فخدهِ يسألهُ ضاحِكًا..:
_بس ريحتك بقِت نضيفة ياض.. إنت إستغفر الله العظيم بقيت بتستحمى ولا إيه.؟
_أيوا بقى بيستحمى كُل إسبوع عشان يليق بالبلوجر خطيبته المصُون.
رفع شادي إحدى حاجبيهِ ينظُر لنوح الَّذي أجاب هارون بتلك الكلِمات بدلًا عنه، وقبل أن يُرد عليه سبقهُ يُونس بقوله..:
_طب طالما هتطلعوا غسيلكُم الوسخ لبعض يبقى مافيش داعي نفتكر إحنا بنقولك ياخُوخة ليه.!
مدَّ شادي كفَّهُ ليضرب خاصة يُونس وهو يضحك قائِلًا..:
_في الجون دي يامعلم.
بحث نُوح عن أي شيئٍ جامد بجوارهِ كي يضربهُم به وهو يسُبَّهُم بغيظ، فأمسكه كريم من ذراعهِ كي يجعلهُ يُعاود للجلوس مُتحدِّثًا بسُخرية..:
_ماهو انت اللي بدأت فمتزعلش وأقعد ساكت بقى..
ثُم وجَّهَ بصرهِ مُنتبهًا كالباقية لسؤالِ هارون لهُ ولشادي..:
_بس انتوا عرفتوا إزاي إننا جينا.
إعتدل شادي في جلستهِ يُجيبه..:
_قابِلت يُونس الصُبح وقالي.
وبينما كاد كريم أن يتحدَّث هو الآخر، إستوقفهُ رنين هاتفهُ مما جعلهُ يستأذِنُ ناهِضًا، وسار بعيدًا عنهُم قليلًا كي يُجيب، فلمح فيروز وهي تسيرُ في الناحية الأُخرىٰ من الحديقة مما جعلهُ يضغطُ على زر الهاتف الجانبي يوقفهُ عن الرنين واتجه نحوها بخطواتٍ سريعة يُناديها لتلتف الأخيرة لهُ بعد أن توقفت عن السير، ووقفت أمامهُ تسألهُ وهي تعقدُ حاجبيها..:
_بشمُهندس كريم!..خير في حاجة ولا إيه.؟
حك الأخيرُ مُؤخرة رأسهُ وهو يبتسم بتوتر بان في إجابته..:
_لا مافيش.. أنا بس لمحتك وأنا ماشي فقولت أسلِّم عليكي مش أكتر.
_أنا تمام الحمدلله.. معلش هستأذنك بس معايا مُكالمة.
أنهت فيروز حديثها تتحرك من أمامهِ تاركة إيَّاهُ ينظُر لأثرِها بحُبٍ شديد ليتها لو تعلم به، ولكنَّهُ عاجِزٌ عن البوح، بينما نظرت فيروز حولها بحذر بعد أن إبتعدت عن كريم تتأكد من عدم وجودِ أحد في الجوار، وعلى الفور أجابت على المكالمة وهي تبتسم بإتساعٍ قائلة..:
_وحشتني أوي.
يتبع