رواية روضتني 2 (الجزء الرابع من رواية ترويض الفهد) طمس الهوية -لأسماء المصري - الفصل 36 - 2 الأحد 25/2/2024
قراءة رواية روضتني 2 (طمس الهوية) كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية روضتني 2
(الجزء الرابع من رواية ترويض الفهد)
طمس الهوية
للكاتبة أسماء المصري
الفصل السادس والثلاثون
2
تم النشر يوم الأحد
25/2/2024
❈-❈-❈
انتفض من نومته ينهج بأنفاسه وينظر حوله ليجد نفسه بالغرفة الفندقية التي مكث بها بتلك السفرة؛ فاعتدل وحاول تنظيم أنفاسه المضطربة واضعا راحته موضع قلبه ليهدأ من ضرباته العالية ونظر لحالته المثارة فاغلق عينيه محركا رأسه بضيق وترك فراشه متجها للمرحاض خالعا ملابسه ليقف أسفل المياة ليغتسل وهو مغلق لعينيه تاركا المياة تنساب على جسده لتطفئ لهيبه المحترق.
بتلك الأثناء هاتفته هي حتى انقطع الخط وعندما لم تجد ردا نظرت لنفسها بالمرآة متعجبة من حالها، هل لهذا الحد استطاع أن يذيب جليد قلبها أم أنها كانت بانتظاره ليشعل ذلك الحريق الذي تشعره بداخها؟
خرج هو من المرحاض ملتفح بمنشفة عريضة غطت جزعة السفلي ووقف يجفف شعره ونظر لهاتفه المضيئ فوجده تلك المكالمة الفائتة منها وقبيل أن يعاود هو الإتصال بها وجدها تتصل به فابتسم مجيبا لها الفور:
-صباح الخير.
أجابت بخجل:
-صباح النور، صحيتك ولا ايه؟
نفى برأسه وكأنها تراه:
-ابدا، كنت في الحمام بس.
ارتبكت فهي نسيت لما هاتفته من الأساس فضربت رأسها بقبضتها فتذكرت فورا وسألته:
-عملت ايه مع شركة الطيران؟ لقيت حجز؟
جلس على طرف الفراش وترك المنشفة الصغيرة من يده وفتح مكبر الصوت ينظر لرسائل شركة الطيران وأخبرها:
-هو الرحلة بتاعتي فيها أماكن لكن رحلتك ﻷ، بس زي ما قولتلك رحلتي كانت من مطار إسكندرية وراجعه على مطار إسكندرية.
سألته بحيرة:
-طيب مفيش رحلات تانيه على مطار القاهرة؟
أجابها وهو يهم بارتداء ملابسه:
-أول رحله بعد أسبوع من انهارده.
زمت شفتيها للامام وابتسمت تمزح معه:
-أكيد مش هنحجز بعد اسبوع يعني.
اتسعت بسمته يسألها مازحا:
-وفيها ايه؟ أنا لو عليا مش عايز أرجع.
خجلت من حديثه وأطرقت رأسها وكأنه سيرى خجلها هذا:
-أنت أكيد بتهزر.
نفى وقد شرد بصوتها العذب:
-لأ مبهزرش.
تنهدت فاستمع لتنهيداتها:
-طيب خلاص، الحل احجزلك في رحلتي بس ده معناه هيكون قدامنا 5 ساعات مثلا ونكون في المطار.
وافقته بهمهمة بسيطة فسألها:
-هتقدري بعد كل المسافة دي والترانزيت كمان انك تسافري من اسكندرية للقاهرة بالعربية؟
حركت كتفيها بحيرة:
-هعمل ايه؟ إلا لو أسافر في رحلتي عادي وأنت تسافر انهاردة.
صرخ بخضة ودون مقدمات:
-ﻷ، احنا هنرجع مع بعض زي ما اتفقنا.
صمتت فتغزل بها:
-حتى صوت نفسك بيحسسني بالدفئ.
لم تعقب عليه بل قضمت أسفل شفتها ونظرت لنفسها بالمرأة وهي تتحسس وجنتها الساخنة وتبتلع بخجل فهمس:
-عارفة اني حلمت بيكي.
عقبت برقة:
-خير اللهم اجعله خير؟
آمن عليها:
-آمين يارب، يارب يتحقق لأنه حلمي من ساعة ما شوفتك.
رمشت بأهدابها فتابع:
-حلمت إنك بفستان ابيض وانا ببدله سودا و...
قاطعته ضاحكة:
-وفي قاعة أفراح بنقطع التورته؟
نفى بصوت معترض:
-تؤتؤ، الفرح كان خلص.
فهمت مقصده فارتبكت وغيرت مجرى الحديث:
-طيب أنا هقفل معاك عشان تلحق تحجز في شركة الطيران أحسن الأماكن تتاخد و...
قاطعها ضاحكا:
-يا هرابه، أنا حجزت أونلاين وأنا بكلمك.
عادت لتهربها:
-طيب أنا هلبس عشان كنت عايزه انزل اشتري شويه هدايا وكمان الحق الم الشنط.
علم انه حالك لا محالة من دلالها الذي يقتله رويدا رويدا فوافق:
-ماشي يا نرمين أنا عارفك طالما قررتي تهربي مش هعرف اتلم عليكي، المهم متفطريش عشان هعدي عليكي نفطر سوا ونلف نشتري الهدايا اللي انتي عيزاها.
وبالفعل انتهيا من شراء الكثير والكثير من الهدايا للجميع وعادت لفندقها وهو بانتظارها حتى تحضر حقائبها ففعلت ودلفت تجلس بجواره متسائلة:
-هنروح الفندق عندك نجيب الشنط؟
نفى وهو يخبرها:
-شنطي ورا في الشنطه.
نظرت شاردة من النافذة تودع تلك المدينة الساحرة ولكنها شهقت بخضة تسأله:
-العربية دي مش كنت مأجرها؟ هتسلمها ازاي؟
غمز لها مبتسما:
-مأجرها من المكتب اللي في المطار عشان ابقى قريب.
مدحت ذكائه وتحركت برفقته لداخل المطار ومنه للطائرة وظلا معا يتحدثان تاره ويشردان بعضهما ببعض تارة أخرى حتى وصلا لميناء الأسكندرية الجوي فساعدها بحمل حقابها حتى وصل لمكان صف سيارته ووقف ينظر لها بتيه:
-مين يصدق اننا نفضل مع بعض كل الوقت ده، 11 ساعه انا وانتي في السما ولسه هنقضي 3 ساعات تانيين لحد ما نوصل، أنا أول ما أشوف جدك هبوسه على الجِميل اللي عمله فيا بجد.
ركبت بجواره وامتعض وجهها قليلا وهي تسأله:
-أنا عايزه أعرف ازاي قدرت توصل لجدو وتخليه كمان يقولك على مكاني؟
غمز لها كعادته وهو يبتسم:
-جدك قفشني من أول يوم دخلت فيه بيتكم ووقتها قالي خد خطوات بطيئة عشان متهربش منك ولما السكك كلها اتقفلت في وشي كلمته وقولت له ساعدني.
وجدها تعقد حاجبيها بالضيق فتابع:
-جدك قالي لو أنا شايف انها مش عيزاك مكنتش ساعدتك.
لمعت عينيها تصيح باعتراض:
-نعم نعم نعم؟ مين اللي عيزاك ومش عيزاك؟ جدو قالك كده؟
أومأ لها والبسمة تزين وجهه:
-ما هو زي ما كشفني كشفك يا نرمين.
التفت ينظر لها بعد أن توقفت السيارة بإشارة مرور:
-بلاش تكابري بقى أنا تعبت، وعارف انك مش هتقبلي بالساهل بس خليني احس بفتفوتة أمل.
قوست فمها تجيبه:
-كل ده مش فتفوته؟
أومأ وهو يؤكد:
-ايوه بس الفتفوته دي لازم تكمل بالخطوبة عشان أنا مش هعرف أكلمك واتعامل معاكي ومفيش بينا صفة رسمية.
ارتبكت وأشاحت وجهها عنه ولم يسعه هو الوقت لينظر لها بعد أن فتحت الإشارة فأضطر للقيادة مرة أخرى، ولكنه لم يتوقف عن محادثتها:
-عارف أنك هتقولي خطوة الخطوبة لسه بدري عليها بس أنا ليا وجهة نظر في الموضوع ده.
انتظرت تفسيره فأكمل:
-الأول بحكم وجودك في الشركة كان في تعامل وقرب حتى لو كنت بنتهز أي فرصة عشان اجيلكم البيت واقضي معاكي وقت خارج الشغل، بس حاليا أنتي مش شغاله معايا ولا بعرف اشوفك في اي تجمعات تبع العيلة يبقى ايه اللي هيحصل عشان نقرب من بعض أكتر ونفهم بعض اكتر ونقرر إذا فعلا عايزين نكمل مع بعض ولا ﻷ؟
بالرغم من منطقية حديثه إلا أنها وضعت عينيها على نهاية حديثه وشعرت بغصة تعتصر قلبها من احتمالية فشلها من جديد، ولكنه لم يتركها لعقلها الجامح متابعا:
-مع اني متأكد وعارف أنا عايز إيه ومش مستني لا خطوبة ولا غيره عشان أئكدلك اني عايزك انهارد قبل بكره، بس لازم آخد خطوات بطيئة زي نصيحة جدك عشان متهربيش يا هرابه.
ابتسمت ولكن عينيها ظلت شاردة تفكر باحتمالية فشلها من جديد وهو يكمل حديثه:
-وعشان أنا مش حابب يكون في أي خطوات في السر أهلك وأهلي ميعرفوهاش فلازم خطوبة يا نرمين ولا تسمحيلي أقولك يا نرمو؟
نظرتها القوية له جعلته يضحك عاليا ومن قلبه وهو يحرك ساعديه:
-خلاص خلاص بلاش البصة دي، هقوله يا ستاذة نرمين، حلو كده؟
سحب شهيقا عميقا وطردته بتمهل فأوقف السيارة بالاستراحة وقبل أن ينزل منها التفت ينظر لها وعيونه تنطق بكل ما بداخله وسألها:
-ها يا نرمين، انتي حاسه بحاجه من ناحيتي ولا أنا من كتر عشقي ليكي بتخيل حاجات مش حقيقة؟
أطرقت رأسها بخجل فتابع:
-ردي عليا، عيزاني ولا ﻷ؟
ارتبكت وأومأت بصمت فأصر عليها متوسلا:
-ﻷ أبوس ايدك أنا عايز اسمع ردك.
دمعت عينيها رغما عنها فمد راحته بعفوية يمسح عبراتها ولكنها ابتعدت عن لمساته البريئة؛ فنظر لها بتوسل:
-قوليلي، آه ولا ﻷ؟
ابتلعت ريقها ورت بصوت مبحوح من خجلها الذي سيطر عليها:
-ايوه.
زفر بارتياح واتسعت بسمته ﻷذنيه وهو يسألها:
-أتوكل على الله واطلبك من جدك ووالدك؟
بللت شفتيها وحاولت إخفاء خجلها الذي تجلى بحمرة وجهها وأجابته :
-موافقه.
ترك انفاسه المحبوسة بداخله أخيرا وصاح عاليا بفرحة عارمه وهو يضغط على بوق السيارة بسعادة:
-الله أكبر، يا فرج الله.