رواية جديدة عقول غيبها العشق لأسماء حميدة - الفصل 12 - 2 - السبت 2/3/2023
قراءة رواية عقول غيبها العشق كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
قراءة رواية عقول غيبها العشق
رواية جديدة قيد النشر
من روايات وقصص
الكاتبة أسماء حميدة
الفصل الثاني عشر
2
تم النشر يوم السبت
2/3/2023
*عند (كيتي) سجينة صياد الوحوش.
لعنت (كيتي) ذاكرتها التي تستحضر لقائهما في صباح أمس، وذلك بعد أن طرقت بوابة القلعة التي يستقيم عند مدخلها بابان كبيران من الخشب العتيق، وشكلها المهيب هذا قد بعث الرهبة في قلبها ولكنها لم تقوى على الابتعاد، وكأنه كان يجذبها إلى مجاله دون أن تراه.
في ذلك الحين كان يمكنها التراجع عندما لم يأتها الرد في المرة الأولى، ولكنها وبكل غباء قبضت على مقرعة الباب المدلاة والتي كانت على شكل كف يد مصنوع من النحاس المصقل لتدق بها على البوابة ولم تكتفي بطرقة واحدة بل والتها بالثانية والثالثة.
مر وقت ولم تتخاذل وكذلك لم تلتقط مسامعها أي صوت ينم عن وجود حركة خلف الباب، لا تعلم لِمَ سيطرت عليها الفكرة لتطرق وبيدها على الباب للمرة الرابعة وليتها لم تفعل، فحين حمَّست حالها ورفعت كفها لتقبض على المقرعة وجدت أحد البابين يتحرك إلى الداخل مصدراً صوت صرير عالٍ نتيجة احتكاك مفصلات هذه البوابة الأثرية القديمة ببعضها.
رفعت بصرها لتتبين من الفاعل، وما إن وقعت نظراتها عليه حُبِست أنفاسها تلقائياً، وكل خلية بجسدها انجذبت نحو هيئته المهلكة وتحركت حواسها تجاهه انتباهاً وإفتتان.
لقد رأت صورته من قبل، ولكن الصورة شيء والواقع شيء آخر، ولكن هذا ظلم!!
لِمَ لم يخبرها هذا القميء (إبرام) عمَن ستوجه لتُحضِر حالها وتستعد لهذه اللحظة؟!
فمَن يقف أمامها الآن يتمتع بحضورٍ طاغٍ، وكل ما فيه ينضح برجولة خاطفة للأنفاس، وبلا مجهود يذكر من قِبَله انجذبت إليه وكأنه مغناطيس قوي.
رمقها باستياء وهي متصنمة بأرضها، يقول بنبرة صوت باترة لكل التوقعات الحالية التي أخذت أفكارها تشطح بها:
-مَن أنت؟ وماذا تفعلين هنا؟!
تراجعت خطوتين إلى الخلف وهو يراقبها بأعين متفرسة وكأنه يتفحصها بنظرات خاطفة ولكنها متمعنة بالوقت ذاته، وكأنه يخترقها ليعلم ما بدواخلها.
استحضرت كل ما لديها من شجاعة وثبات انفعالي لتصمد متمسكة بتلك البشاشة التي رسمتها على وجهها لتبدو ودودة، وهي كذلك بالفعل ولكن في حضرته فقدت ثقتها بحالها.
بسطت يدها إليه بالمصافحة، وهي تقول بتساؤل:
-السيد (أرون دانييل)؟
لم يحرك ساكنًا ولم يبادلها التحية، فرفعت يدها بارتباك تعيد ترتيب خصلاتها قبل أن تخفضها، وهي تضيف:
-أنا (كاميليا عيسى).
ردد بتلجلج لصعوبة نطق الاسم، فوقع اسم كهذا جديد على أذنه وغريب أيضاً:
-(كاملا إيسى)!
أضافت، تقول بعد أن تجهم وجهه وكأنه يحاول تذكرها:
-يمكنك مناداتي ب (كيتي)، فاسمي صعب حق.....
قاطعها دون استئذان أو اعتذار يقول:
-لا أعتقد أن لدي موعد مع شخص بهذا الاسم.
فركت (كيتي) راحتيها ببعضهما في توتر ملحوظ، وهي تقول:
-أجل أنت محق، فأنا لم أحدد موعداً.
رفع كتفه بمعنى أنه غير مهتم، وهو يقول:
-إذاً يمكنك الرحيل.
قالها وهو يستدير ليوالها ظهره، وخطوات قدميه تتجه نحو الداخل ويدها ممسكة بحلق الباب يهم بغلقه، وتغابت للمرة الثانية وهي تتبعه ومن ثم رفعت يدها بتلقائية تمسك بذراعه، تقول بالتماس:
-لحظة. من فضلك سيد (أرون).
سحبت يدها عن ذراعه سريعاً بعد أن استشعرت دفء بشرته على باطن كفها ولاحظت التباين الواضح ما بين بشرته البرونزية وأنامل يدها البيضاء.
ارتجف جسدها بطريقة سريعة ومريبة وكأنها تلقت تواً صدمة كهربائية من مولد عالي الجهد، ولكن إحساسها هذا لا يقارن بما شعرت به عندما رفعت بصرها إليه تتأمله عن قرب تمطره بنظرات إعجاب، التوى ثغره على إثرها بابتسامة ثقة يشوبها السخرية ولكنه لم يغلق الباب بوجهها، فأكملت:
-لقد جئت إلى هنا من..............
قاطعها (أرون) وهو ينظر إليها من أعلاها حتى أغمص قدميها باحتقار يقول:
-أعلم، بالطبع لم أتيتِ إلى هنا آنسة (كيتي)، أنتِ مثلكِ مثل العديد من المتطفلين الذين يحضرون إلى هنا لهم فترة، ولا يحترمون خصوصية الآخرين.
-ولكن سأصدقكِ القول أنتِ أجمل متطفلة حضرت إلى هنا.
لم يريد أن يفصح لها عن كونها الأولى ولا يعرف لما جذبته عينيها ورائحتها الفريدة ولكن لا مجال، شملها بنظرة أخرى وهو يقول بصوت أجش مستكملاً:
-بل رائعة بداية من خصلات شعرك السوداء الحالكة وحتى أظافر قدميك الظاهرة من حذائك الصيفي المكشوف هذا.
رجفة أخرى إثر إطراءه البسيط ذاك، فهو لم يكن بحاجة للتعبير بالكلمات ليجعل بشرتها تنضح بحمرة التأثر والانجذاب، ودت لو تستطيع أن تتلمس وجنتيها بكفيها اللذان صارا أبرد من الثلج لتلطف حرارة خديها اللذان اشتعلا كالجمر.
تلك الحرارة التي تستشعرها الآن جراء تعقيبه زادت حالتها سوءاً ولكنها عدلت عن ذلك؛ فقطعاً ستبدو خرقاء بائسة ما إن رفعت يدها إلى وجنتيها، وستلفت انتباهه لوقع ما قال عليها إذا لم يكن قد انتبه.
ولكنها أسبلت رموشها تخفي الخيبة التي ظهرت بعينيها عندما تذكرت كلمات الحقير (إبرام)، وهو ينصحها بأن ترتدي فستان ملفت وتضع بعض الزينة لتجذب انتباهه، و بالطبع ذكَّرها بأن تحافظ على ابتسامتها الفاتنة وبهذا سيسمح لها (أرون) باختراق حصنه، فعلى ما يبدو أن المشاع عنه أنه زير نساء، وإلا ما نصحها الآخر بذلك.
ولكنها لم تنفذ تعليماته حرفياً، حقاً لقد ارتدت ثوباً جديداً ولكنه محتشمٌ، ولم تضع الكثير من مساحيق التجميل فهي ليست بحاجة إليها إلى جانب أن حرارة الطقس تجعل وجنتيها يشعان بحمرة طبيعية، لم تستخدم سوى محدد الجفون الرمادي لتبرز لون عينيها اللامعتين، وقليلاً من مكثف الرموش ولكنها أولت اهتماماً شديداً بشفتيها وزينتهما بحمرة شفاه وردية زادت من اكتنازهما.
صدح صوتها بنبرة أنثوية هادئة ومميزة وهي تقول:
-أنا لم آتي إلى قلعتك لأتطفل أو اخترق خصوصيتك، كل ما في الأمر أنني أمتلك مهارة في التصوير وسمعت حديث الناس عنك وجئت إلى هنا لأطلب منك التقاط صورة تذكارية لك.
-ويجب أن أعتذر منك لأنني لم أحدد موعداً، ولكنني حاولت الحصول على رقم مسجل لك ولم أتمكن، فعلى ما يبدو أن رقمك غير مسجل بدليل الهاتف.
لوى (أرون) ثغره بتهكم، يقول بسخرية:
-أصدقكِ آنسة (كيتي)، بالفعل رقمي غير مسجل، أتعرفين لِم؟
زوت (كيتي) ما بين حاجبيها، تحاول استنباط ما يقصده وعندما لم تدرك، تساءلت قائلة:
-لِم؟!
(أرون) مستكملًا:
-لأنني لا أريد إزعاج، ولا أحبذ استضافة الغرباء.
رنت آخر كلماته بأذنيها وهي تردد بداخلها "استضافة!!" لابد وأنه فهمها على نحو خاطئ! مَن أتى على ذكر استضافة؟
اللعنة!! هل هذا ما هداه إليه عقله؟! لقد استوعبت ما يرمي إليه الآن، إنه يعتقد أنها من مجانين المشاهير الذين يطاردونهم في كل مكان.
كم هذا محرج ومخزي أيضاً!! سحقاً لك (إبرام)!!
قاومت رغبة ملحة في أن تلتفت بالاتجاه العكسي لبوابة القلعة وتطلق العنان لساقيها؛ لتفر هاربة من أمامه وعلى الفور، ولكن عوضًا عن هذا ظلت ثابتة بأرضها وهي تقول بدفاع:
-لا سيد (أرون) يبدو أنك أخطأت في تقد........
قاطعها (أرون) قائلاً بنبرة حادة:
-لا آنسة، المخطئ الوحيد هنا هو أنتِ، أنا لم آتي إليكِ وأطرق بابكِ لأتودد بهذا الشكل...
لم يستكمل نعته المشين، ولكنها ليست على استعداد للرحيل الآن قبل أن تغير له الصورة البشعة التي أخذها عنها، لذا أردفت تقول باحتجاجٍ:
-من فضلك لا تسئ الظن بي، أنا لم أتصرف أي تصرف يجعلك تقول هذا، كل ما في الأمر هو فقط صورة أردت الاحتفاظ بها.
لم يعقب بكلمة ولم يبدو عليه أي تأثر ولو حتى برمشة عين ظل يحتفظ بثباته وهو يرتكز بنظرات عينيه الثاقبتين عليها، هدوئه أربكها وفي الوقت الذي كانت كل خلية في جسدها ترتجف، بدا هو كالصنم ولم تهتز عضلة واحدة فيه، زاغت نظراتها تحاول إيجاد سبيل لتصرف به انتباهه عنها، فها قد هالت قواها ولم تعد قادرة على إدعاء الصلابة والثبات، وبالطبع هو لاحظ ذلك.
مررت طرف لسانها على شفتيها تحاول ترطيبهما، بينما..........
يتبع..
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أسماء حميدة، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية..