رواية جديدة خبايا الهوى لهاجر التركي - الفصل 14 - 3 - الأربعاء 13/3/2024
قراءة رواية خبايا الهوى كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية خبايا الهوى
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة هاجر التركي
الفصل الرابع عشر
3
تم النشر الأربعاء
13/3/2024
وقفت أمام شقة "عُمر" بعد أن أوصلها هذا الطفل الصغير، أعتلت علي وجهها نظرة مُشمئزة بعض الشئ، تنظر بتقزز إلي سلة القمامة القابعة بجانب الباب لكن بمسافة بعيدة قليلاً، بلعت ما بجوفها بتقزز واضح، من ثم طرقت علي الباب طرقات هادئة، وقفت تنتظر أن يُفتح الباب، وتري "عُمر" كم أشتاقت له، لم تمر سوي عدة ثواني قليلة، وإنفتح الباب، وظهر من خلفه "عُمر" والذي يبدو من هيئته المُبعثرة أنه أستيقظ من نومه للتو، ما أن رأته أمامها،دون سابق إنذار إرتمت بداخل أحضانه، تضمه إليها بإشتياق يلمع بعينيها الفيروزية......
بينما وقف هو بمكانه مصدوم من فعلتها الجريئة تلك، صدمته جعلته واقفًا بمكانه ينظر إلي الفراغ امامه يحاول إستيعاب كيف جائت هذه إلي هنا، ومن أين علمت مكانه تحديدًا:
_مين دي يا عُمر...
افاق من صدمته علي صوت"غالية"التي، خرجت من غرفتها للتو، رفع يديه ينزع يدين "أمل" التي كانت مُلتفة حول رقبتهِ، حمحم بحرج من موقفه، بينما عقدت "أمل" حاجبيها بغرابة شديدة، ضيقت عينيها هاتفة بتساؤل:
_مين دي يا عُمر، وبتعمل أي هنا في شقتك؟.
اقتربت منهم"غالية"الغاضبة من تلك الوقحة التي أقتحمت منزلها دون إستئذان، وتسأل من هي، وأيضًا كيف لها أن تحتضنهُ هكذا، من هذهِ؟:
_نعم، أنتِ إللي مين يا شاطرة.....
مازل هو واقفًا بينهم ينظر تجاههم هما الاثتين ببعض التشتت، نكزته "أمل" في كتفه بغضب:
_متقولها أنا مين يا عُمر!؟
_دي أمل بنت عمي ياغالية....
نعم قال من؟، نعم نعم أنها سمعت صحيحًا لقد قال "أمل" الأسم ليس غريب عليها، أتسعت عينيها فور أن تذكرت، بالتأكيد هذهِ هي "أمل" حبيبتهِ السابقة، أخذت تُطالعها بنظرات تملئُها الضيق، ظلوا علي وقفتهم حتى تحدث"عُمر"يدعوها للدخول:
_أتفضلي، هتقفي بره كده؟
تقدمت تدخل بطوات هادئة، تُطالع كُل شئ حولها بغرابة، بينما الآخري كانت واقفة تعقدُ ساعديها أسفل صدرها بتحفز،توتر هو قليلاً، هتف قائلاً يُعرفهم علي بعضهم البعض، غير داري بالكارثة التي سيفعلها هو بفعلتهِ تلك:
_غالية دي أمل بنت عمي..... أمل دي غالية..
بلع ما بجوفهِ مُحمحمًا يقول:
_مراتي
شهقة عالية خرجت من "أمل" تزامنًا مع أتساع عينيها بصدمة بالغة، قائلة بعدم تصديق:
_نعم.... مراتك؟ مراتك يعني أي..
جائها الرد هذه المرة من "غالية" والتي حدثتها بغضب:
_هو أي إللي يعني أي؟.... بيقولك مراته يعني مراته، أي حاجة صعبة أوي عليك علشان تفهميها...
طالعتها بنظرات حادة تُطلق عليها سهامًا بنظراتها، قائلة بتعالي قاصدة أهانتها:
_أنتِ كان حد وجهلك كلام.... أنا بتكلم مع عُمر.
أن أنتظر ثانية آخري سيشتعل المكان بهم، لذا تدخل يفصل بينهم، قائلاً:
_غالية لو سمحتي أستني......
ثم ألتفت يوجه حديثهِ لـ"أمل":
_أنتِ عرفتي مكاني هنا أزاي؟
أقتربت منه، حتي أصبح لا يفصلُ بينهم إلا عدة سنتيمترات قليلة، أمسكت بيديهِ، قائلة بهيام ونبرة تُقطرُ عشقًا:
_مش مهم.... المهم إني لقيتك يا عُمر، وخلاص مش هسيبك تضيع من إيدي تاني؟
أفلت يديهِ من بين يديها، ينظر بتوتر إلي "غالية" التي ستحرقهم بنظراتها الآن، قائلاً يُكرر سؤالهِ عليها مرة ثانية، ولكن تلك المرة بحدة:
_عرفتي منين أن أنا هنا يا أمل؟
_مشيت وراك لما كنت عندي عمي..... وبعدين أنا عايزة أتكلم معاك في حاجات كتير أوي أنتَ لازم تعرفها، عايزة أحكيلك حاجات كتيره حصلت في غيابك...
طالعت "غالية" بنظرات مُشمئزة تملئُها الغيرة الواضحة، شملتها من رأسها إلي أخمد قدميها قائلة:
_بس علي إنفراد....
_غالية لو سمحتي أدخلي جوه دلوقتي وأنا هفهمك كل حاجة بعدين!
برغم أنها كادت أن تنفجر من شدة غيرتها عليهِ، لكنها رُغمًا هنا هزت رأسها، من ثم تركتهم مُتقدمة إلي الداخل....
_عُمر أنتَ لازم ترجع.... ودلوقتي حالاً، أنا مش ماشية من غيرك!.
_أنتِ بتقولي أي لا طبعاً مينفعش؟
_لي لي مينفعش، وبعدين أنتَ عايز تقنعني إنك عايش في المكان المُقرف ده كده عادي؟
زفر قائلاً:
_أمل لو سمحتي.... أنتِ جاية لي؟
لا تكاد تُصدق عينيها، أهذا هو "عُمر" الذي عندما كان يرآها كانت عينيهِ تلمع ويُضئ وجههِ برؤيتها، أهذا"عُمر"الذي طالما عشقها حد الموت، كل شئ بهِ تغير، كانت خاطئة عندما ظنت أنها بمجيئها إلي هُنا سيرجع عن ما برأسهِ ويرتمي بأحضانها، نظرت لهُ بصدمة قائلة:
_جاية لي؟، جاية علشانك يا عُمر.... أنتَ أي إللي غيرك من ناحيتي كده، أنا أمل حببتك يا عُمر!.
قالت كلماتها، تزامنًا مع أقترابها منهُ تُحاوط وجههِ بيديها، وكأنها بفعلتها تلك قد لدغتهُ، نفض يديها بعيدًا عنهِ بعصبية صارخًا بيها:
_أنتِ أتجننتِ، أنتِ ناسية أنك ست متجوزة....
نظرت بصدمة إلي يديها المُعلقة في الهواء، والذي نفضها هو من عليهِ للتو وكأنها مُصابة بمرض مُعدي، لمعت عينيها بالدموع، ثم قالت:
_أنا خلاص هتطلق يا عُمر... هتطلق وهنرجع أنا وأنتَ زي زمان، الدُنيا فرقتنا وأتلعب علينا لعبة سخيفة علشان نبعد عن بعض، عُمر أنا لسة بحبك، مكانك جوايا لسة زي ما هو....
أرتفعت زاوية فمهِ بسخرية لاذعة:
_والله! بأمارة أي، بأمارة ما روحتي أتجوزتي رأجل تاني.... وكسرتي قلبي إللي كان بيعشق التراب إللي بتمشي عليه
أغرورقت عينيها بالدموع، وظلت صامتة، صرخ بها بصوت عالي:
_أنطقي ساكتة لي؟ ولا فكراني عُمر الأهبل إللي كان داير وراكِ في كل حتة زمان....
أنتفضت بخوف آثر صراخه بها، أرتفع نحيبها، قائلة من وسط دموعها بنبرة مُرتجفة تُدافع عن نفسها:
_أنتَ ظالمني، أحنا أتلعب علينا وكانوا عايزين يفرقونا........ أنا أمل، أمل حبيبتك إللي مربيها علي إيدك من وهي عيلة بضفاير، أنتَ لسة بتحبني صح، أنا شايفة كده في عنيك... قول أنك لسة بتحبني يا عُمر؟! قول...
_مبقاش ينفع خلاص....أمشي يا أمل، أمشي وأنسي أنك قابلتني النهارده، وياريت محدش يعرف أن أنا هنا؟
_أنتَ بتطردني، مش مصدقة مُستحيل تكون عُمر إللي أنا أعرفه، مُستحيل..
❈-❈-❈
خرجت "غالية "من الداخل بوجه مُحتـقن ،بعد أن سمعت صوت إغـلاق باب الشقه ،مما يدل علي أن"أمـل " قد غادرت بالفعل،إمتـلئت عينيها بالدموع ،تنـظر بحزن الي"عُمر " الذي جلس علي أقرب مقعد قابله، مُنخفض الرأس، وتشويش العالم كله قد أجتمع في رأسهِ الآن، أقتربت منهُ تجثو علي رُكبتيها فأصبحت في مستواه قائلة بنبرة باكية ووجه مُنفطر:
_لسة بتحبها صح.... قول أنك لسة بتحبها، قول، باين في عنيك أنك لسة بتحبها.....
تشعر بالغيرة الشديدة تنهشُ قلبها دون شفقة أو رحمة، وهو يشعرُ بالضياع، وبأن رأسهِ قد أندلعت فيهِ حُمم، لا يستطيع التفكير جيدًا، قاطعها يصرخ بضيق:
_غالية أسكتِ، أسكتِ لو سمحتي....
نهضت من مكانها بغضب عارم، وقد أرتفعت شهقاتها، تبكي بهسترية، قلبها يؤلمها وبشدة، عقلها لم يكف عن رسم سينريوهات بشعة، مثل أنه كان يخدها بكلماتهِ المعسولة التي قالها لها أمس، نعم أنه قال أنها طيبة القلب وقد لعب علي هذه النقطة ببراعة، يستغل طيبة قلبها ويخدعها، لكن لماذا؟ ذاد نحيبها صارخة به بهسترية:
_لا مش هسكت، مش هسكت تاني.... أنتَ أي لي بتعمل فيا كده، أنتَ بتخدعني، أنتَ لسة بتحبها وده باين في عنيك إللي لمعت أول ما شوفتها، ووشك إللي أتغير180درجة...... عايزة ترجع لها روح، روح أرجع لها ماهي حبيبتك بقا إللي من مقامك وبنت عمك، وزي ما قالت مربيها علي إيدك من وهي عيلة بضفايرها لسة.
أخذت تلهث، وأرتفعت أصوات أنفاسها العالية والغير مُنتظة، تنظر له بضياع تنتظر منه تبرير، وأن يقول لها أن ما تقوله ليس صحيح، وهو لا يُحبها حتي الآن، ظل هو بمكانهِ صامتًا كلماتها تضغط علي جرحهِ، أكثر فأكثر، فيذداد أشتعالاً، جن جنونها من سكوته، وفسرت صمتهِ هذا علي أنها معها حق في كلماتها....
_يلا مستني أي؟ قوم روح لها، لي سبتها تمشي أصلا ملمتش شنطة هدومك وأتعلقت في رقبتها ومشيت معها لي؟ ولا أنتَ لسة مستني تعمل حاجة تاني، ولا بقا مستني تشوفلك طريقة تخلغ بيها من الهبلة إلا أنتَ أتجوزتها وأتدبست فيها، علشان ترجع لحبيبة القلب....
مسحت عينيها بطرف أكمامها كالأطفال الصغيرة، ثم نبست مُكملة حديثها بصراخ:
_لا لا أستني، أنا عرفت أنتَ مستني أي؟، أنتَ مستنيها تتطلق من إللي فضلته عنك وراحت أترمت في حضنه، ولا تستنها لي، ما أنت تقدر ترجعوا أمجاد زمان من غير حتي متتطلق، أنت لسة هتستنى، ولا أنتَ هيهمك حرام ولا غيره.....
صرخ بها يُقاطعها، فكلماتها كانت كالخناجر التي تُغرز بقلبهِ:
_بقولك أسكتِ بقا، أسكتِ متتكلميش...
بعناد أكبر وعنفوان، صرخت بكلمات تعلم جيدًا أنها ستُصيبه في مقتل، من حقها أن ترد ولو لجزء بسيط من كرامتها المهدورة:
_مش هخرس، عايزني أخرس لي علشان كلامي بيوجك صح؟.... لهو أنتَ بتحس أصلاً! أنا الغلطانة إني صدقت واحد زيك جبان وغشاش وكداب، طلقني، طلقني يا عُمر، أنا مش عايزة أكمل معاك تاني!.
رفع رأسهِ إليها يُطالها بصدمة، لاحظت هي ذالك، فتابعت تُأكد علي ما قالت:
_أي مستغرب لي؟ آه صح حقك تستغرب ما أنتَ متعود بقا علي غالية الهبلة، إللي كل ما تقول لها كلمة توجعها تحبس نفسها في أوضتها وتعيط وبس... بس لا أنا خلاص فوقت وعرفتك علي حقيقتك..... أنتَ مش الراجل إللي أنا كنت أتمني أكمل حياتي معاه.
ضحكت بسخرية، ضحكة مهزوزة، قائلة:
_لا سوري آسفة، أنتَ مش رأجل أصلا.... إللي يلعب بمشاعر واحدة ميبقاش رأجل، إللي يفكر في واحدة تانية وهو في حضن مراته يبقي خاين ومش رأجل، وإللي لسة بيحب واحدة رمته وراحت لواحد تاني ميبقاق عنده ذرة دم...
إلي هُنا وكفي، لقد ذادت عن حدها، وقد فاض بهِ، لم يدري بنفسهِ إلا وهو يرفع يدهُ وهوى بها علي وجهها، صرخت بألم آثر صفعتهِ القوية، نظرت له بصدمة وبعينان عالقة بهم الدموع، وضعت يدها علي وجهها تتحسس مكان ضربتهِ، بينما نظر هو بصدمة تُضاهي صدمتها إلي يديهِ التي ضربها بها للتو، وللحظة وجد صورة الحاج "حلمي" تتجسد أمامه وينظر له بعتاب، وكأنه يقول أهذهِ هي الجوهرة التي أئتمنتك عليها، أهذهِ هي الأمانة التي عاهدتني أن تحافظ عليها عندما وضعت يدك بيدي.........
ألقت عليهِ نظرة أخيرة، كانت كفيلة بأشعال الندم بداخلهِ، ثم تركته راكضة إلي الداخل، وقف مذهولاً لا يُصدق أنه ضربها، أنه لم يسبق لهُ وأن رفع يدهِ علي أنثي أيًا كانت من هي، وعندما يفعل ذالك، يرفعها علي زوجتهِ؟......
يتبع...