-->

رواية جديدة خبايا الهوى لهاجر التركي - الفصل 17 - 2 - الخميس 21/3/2024

    

قراءة رواية خبايا الهوى كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى






رواية خبايا الهوى

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة هاجر التركي

الفصل السابع عشر

2

تم النشر الخميس

21/3/2024




وقفت " سمر " بوهن أمام شقه إبنة خالها ، أخذت تمسح دموعها وتعدل من هيئتها،  تتنفس بصوت عالي في محاولة يائسة منها أن تجعل مظهرها طبيعي حتي لا تُفزع " غالية" حينما تراها، لم تكن تريد ان تأتي لها في مثل هذه الساعة المُتاخرة، لكنها لم تقدر تريد التحدث معها،لانها وإن بقيت هكذا دون أن تتحدث وتخرج ما بجوفها،ستنفجر بالتأكيد......


لا تريد أن تعود إلي المنزل بحالتها المزرية تلك، تريد أن تهدأ تمامًا وكأن شيء لم يكن، والوحيدة القادرة علي إمتصـاص كل هذا البركان الثائر بداخلها هي "غالية"، صديقتها وشقيقتها.... 


طرقت علي الباب عدة طرقات خفيفة، وماهي إلا ثوانـي حتي فُتحَ الباب وظهر من خلفه" عمر"والذي كان يبدو علي مظهره أنه أستيقظ من نومه للتو، فحالة المُبعثرة،  تدل علي إنها أيقظتهم من نومهم، عضت علي شفتيها بخجل من هذا الموقف المحرج التي وضعت نفسها به


 ما أن راها "عمر" إستغرب قليلاً، فليس بالعادة أن تأتي لهم بمثل هذه الساعة، حمحمت هي بخجل قائلة بصوت مختنق: 


_أنا أسفة جدًا علي الإزعاج وإنـي جيت في وقت زي ده، بس، كنت عايزة أتكلم مع غالية ضروري..... 


أفسـح لها الطريق قائلاً بهدوء: 


_لا ولا يهمك إتفضلي غالية جوه، أنا بس إستغربت إنك نازلة في الوقت المتأخر ده لي؟ 


_أنا لسه راجعة من المُستشفي...... 


تخطته مُتجهة إلي حيث غرفة "غالية"، التي كانت جالسة أعلي سريرها تُتابع إحدي الافلام بإندماج، وما أن رأتها تدلف، جعدت ملامحها بإستغراب وقلق، مُعتدلة في جلستها حيث نهضت متجهة إلي" سمر "التي أغلقت الباب خلفها، من ثم سندت بظهرها عليه دون التفوه بكلمة واحدة، لكن عينيها هي من تحدثت، حيث أمتعض وجهها ونتظرت إليها بملامح باكية عدة ثواني، ثم إنفجرت باكية، إنقبض قلب" غالية "مُتقدمة منها بسرعة، وقد تهئ لها مئات السينريوهات البشعة من شدة خوفها عليها....... 


_سـمر مالك في أي..... أي إلا حصل؟ 


لكنها لم تفتح فمها بكلمة واحدة، ودون سابق إنذار إرتمت بداخل أحضانها، تبكي بحرقة، مُخرجة كل ما بداخلها من ألم ووجع،تشكل في هيئة دموع غزيرة ، شددت من إحتضانها تُربت أعلي ظهرها بحنان، وهي لا تفهم شيء، وما الذي حدث، ظلت ما يُقارب الدقيقتين تبكي بأحضانها، هدأت قليلاً، من ثم خرجت من أحضانها مُتحدثة بنبرة مُرتجفة: 


_علاء يا غالية........ علاء 


_ماله علاء  في أي!؟....إهدي طيب وفهمـيني في أي، أنا قلبي وقع في رجلـي، تعالي، تعالي إقعدي كده وإهدي وفهمينـي..... 


أخدتها من يديها متجهة حيث سريرها، أجلستها عليه، وجلست أمامها ممسكة بيديها، قائلة بقلق: 


_سمر ماله علاء؟ وعمل أي فهميني طيب بدل ما أنتِ قاعدة تعيـطِ كده..... 


أخذت نفس عميق، ثم قصت عليها كل ما حدث، بداية من أن أتصل بها يُخبرها أنه يريد التحدث إليها في آمر، في غاية الأهميّة، وطلب منها أن يلتقي بها فورً، تحججت بأنها شعرت ببعض التعب فجاءةً، من ثم طلبت من دكتورها أن تعود إلي المتزل كي ترتاح، وسمح لها بالذهاب، ثم جاء هو لأخذها من أمام باب المستشفى....... 


مسحت "سمر"  عينيها المُمتلئة بالدموع، بعد أن أنهت حديثها، بينما إتسعت عيناي " غالية" بدهشة، ثم إنفجرت ضاحكة بصخب، رفعت الآخري حاجبها بتعجب، ما الذي قالته في حديثها مثير للضحك، بينما الاخري أمسكت ببطنها من شدة الضحك، غير قادرة علي التوقف، وهذا أثار حُنق "سمر" التي صرخت بها بنرفزة: 


_أنتِ بتضحكِ علي أي، أنا الغلطانة إنـي لجأت ليكِ، أنا قايمة ماشية..... 


بصعوبة بالغة أوقفت نفسها عن الضحك، ثم نهضت تمسك بيدين "سمر" التي هبت واقفة بغضب قاصدة الرحيل، قائلة لها بنبرة ساخرة: 


_أقعدي يا هبلة أنتِ رايحة فين...... 


_ممكن أفهم أنا قولت أي يضحك كده يا أبلة غالية. 


مظهرها الغاضب، وملامح وجهها المُمتعضة، تُثير الضحك اكثر، كتمت "غالية" ضحكة كادت تفلت منها، متفادية غضب إبنة عمتها، قائلة لها ببساطة: 


_بقـي أنتِ عاملة في نفـسك كل ده، وجيالـي بعد نص الليل ووقعتـي قلبـي  علشان بس عمل كده، أُمال لو عمل حاجة تانية كنتِ عملتـي أي!؟. 


_هو كان يقدر يعمل حاجة تانـي ده أنا كنت فرجت عليه أُمة لا إله إلاّ الله، وفضحته فضيحة اللحمة في السوق......ثم إني بردو مش فاهمة أنتِ بتضحكـي علي أي!؟. 


إبتعدت عنها، مُتجهة إلي حيث سريرها، تجلس عليه بإرياحية، مُجيبة إياها، بنوعٍ من السخرية والسخط: 


_بضحك علي خيبتـك، ده أنا قولت الراجل مات ولا جرالـه حاجة، داخلة متشحتفة وعمالة تقوليلـي علاء، علاء، جاتك نيلة يا بنت عمتـي، بقي بهدلتـي الراجل وضربتيه بالقلم علشان كان عايز يبوسـك..... 


رفعت الآخري سبابتها في وجهها، مُصححة لها حديثها، قائلة بإمتعاض: 


_لا ده باسنـِي، وبعدين أنتِ كنتِ عايزانـي أعمل أي، أقوله براحتك يا حبيبي أعمل إلا أنتَ عايزه، الحيوان مفـكرنـي واحدة من الزبالة إلا كان بيـعرفهم، مفكرنـي سهلة وعايز ياخد غرضه مني ويرميـني...... 


فتحت "غالية" عينيها بصدمة مُتحدثة بتعحب:  


_يخرب بيتك يا سمر أي كل الدراما دي، كل ده علشان الراجل مقدرش يمسك نفسه عنك وحاول يبوسك..... ولا باسك يا ستـي، خلاص إختـرعتي الف سيناريو في دماغك، أنه شايفك رخيصة وسهلة، أنتِ مكبرة الموضوع أوي. 


_نعم مكبرة الموضوع، أنتِ كنتِ عايزانـي أسيبه؟ أنتِ شكل جرا لمخك حاجـة...... 


أجابتها بهدوء تشرح لها وجهة نظرها: 


_أكيد مش قصدي أنك تسبيه كده عـادي، أنا قصدي أنك اتعاملتـي مع الموضوع بطريقة غلط.... الموضوع مكنش محـتاج كل إلا عملتيه ده، وأذا كان علي أنه يفكرك سهلة ورخيصة، أنتِ عارفة كويس أن علاء مستحيل يشوفك بالصورة دي مهمها حصل، علي الأقل كنتِ أخـدتـي موقف منه..... 


ثم أكملت بمشاكسة: 


_وبعدين ياستي الراجل معذور مقدرش يقاوم سحر جمالك..... 


_أنتِ بتتـريقي يا غالية! 


_يا ستـي أبدًا.... ماهو أنتِ لو كنتِ سمعتـي كلامه ووافقتـي إنه ييجي يتقدم لك مكنش كل ده حصل، علي الأقل تكونوا مخطوبين، يعني في علاقة رسمية وقدام الناس كلها وتُخـرجي وتِطلعـي معاه براحتك ، مش بتتقابلوا زي الحرمية كده، وهو بصراحه عداه العيب، وكان واضح وصريح معاكِ من الأول، ومن أول أسبوعين ليكم مع بعص طلب رقم أبوكِ وكان عايز يطلب إيدك، بس أنتِ إلا بومة فقر......


لَوت فمها بتهكـم، إرتسمت علي وجهها علامات الحزن قائلة بنبرة هادئة يتغلغلها بعض الحزن: 


_وأنتِ بقـي مفكرة أنه لو أتقدم بابا هيوافك، يبـقي أنتِ متعرفـيش بابا بيفكر ازاي، غالية بابا وافـق إني أدخل كلية الطب بس علشان أتجوز دكتور زيـي، يعني مش هيوافـق غير بدكتور....... 


_بس علاء ظابط يا سمر أنتِ ناسيه 


أطلقت ضحكة ساخرة مُجيبه إياها بمرارة: 


_والله أنا كنت زيك كده في الأول، كنت مفكره انه ظابط، أكيد بابا هيوافق وهيتنازل عن فكرة إنـي لازم أتجوز دكتور، ولما علاء طلب مني إنـي احدد له معاد مع بابا، أنا طلبت منه يستني ويديني شواية وقت أمهد لبابا الموضوع...... فتحت معاه الموضوع بصورة غير مباشرة كده، لقيته بيقولـي يا إما دكتور يا أفضل قاعدة جنبه أحسن، وكمان قال لـي أنا مرضاش لبنتـي الدكتورة إنها تتجوز واحد اقل منها في المستوي التعليمي. 


عقدت حاجبيها بدهشة، من تكفير زوج عمتها، ماهذا التفكير، هل فقط وافق علي أن يجعلها تلتحلق بكلية الطب فقط كي تتزوج من طبيب مثلها، نوعًا ما تفكيره جيد وليس جيد في  نفس الوقت، وبما أنهم في حارة شعبية نامية، فلماذا تستنكر هذا التفكر، الحمدلله أنه وافق من الأساس علي فكرة إستكمال دراستها وإلتحقاها بكلية الطب، فالكثير من الذين يعيشون هُنا يرفضون تعليم البنات، قائلين أن الفتاة ليس لها إلا بيت زوجها وأبنائها......


وبما أنه وافق علي تعليمها وأدخلها كليه الطب وكما يقولون صرف عليها دم قلبه كي تصل الي ما هي عليه الآن طبيبة في آخر سنة لها، سنة الأمتياز، وأيضًا بدات في التدريب في إحدى المستشفيات الخاصـة، من حقه أن يضع ساق فوق ساقٍ ويتشرط علي من يتقدم لخطبتها.


_طيب وقولتي لـ علاء أي...!؟ 


_طبعاً مقـدرتش أقوله علي موضوع أن بابا عايزني اتجوز دكتور، ويا كده يا بلاش، قولت له أني حاولت أفتح الموضوع معاه بصورة غير مباشرة، وهو رفض إني اتجوز أو اتخطب غير بعد ما أتخـرج.....


وكأنها تذكرت شئًا ما كانت تود قولهِ وتغافلت عنهُ، فهتفت قائلة: 


_صحيح نسيت أقولك، فاكرة الدكتور إللي عندي في الجامعة إللي كُنت بحكيلك عنه، وأنه كل شوية يقعد يقرفني بنظراته السمجة.. 


أخرجت ضحكة خافتة: 


_أيوه ماله ده كمان؟ 


_تخيلي، اروّح أمبارح من المستشفى، ألاقيه عندنا في البيت وجاي يطلب إيدي البِجح، لا وأي المصيبة الأكبر، بابا موافق جدًا وطاير بيه... 


_أي ده بجد طيب وأنتِ عملتي أي؟؟ 


هزت أكتافها بلا مُبالاة قائلة: 


_هرفض طبعاً، أنا بحب علاء، يعني بعيدًا عن إللي هو عمله ده بس أنا بحبه، وأكيد مش هتجوز حد غيره.... أنا أصلاً كُنت ناوية أتكلم معاه النهاردة بخصوص العريس ده بس حصل إللي حصل بقا!!. 


كادت "غالية"  تتحدث لكن قاطعها صوت رنين هاتف "سمر" التي أخرجتهُ من حقيبتها مُجيبة بسرعة فور أن علمت هوية المُتصل أنه والدها، فهي تخشاه وبشدة، حيث أنهُ حاد الطباع، وعصبي قليلاً، أو لنقول كثيرًا، هكذا نكون صادقين..... أجابت علي والدها الذي اخذ يسألها عن سبب تأخرها، أجابته قائلة بإحترام: 


_كان في زحمة النهاردة شوية، وأنا خلاص علي أول الحارة أهو..... 


اغلقت معه من ثم وضعت الهاتف في الحقيبة مرة اخري، ثم إستاذنت منها سريعًا، كي تعود إلي المنزل خوفًا من غضب والدها قائلة لها قبل أن ترحل: 


_هنكمل كلامنـا بكره ماشي، أنا كده كده بكره أجازة، سلام.......


❈-❈-❈


. "صباحًا". 


فتحت عينيها ببُطء شديد، تحاول أستيعاب ما حولها، نهضت تجلسُ نصف جلسة ومازالت علي سريرها، أستعمت إلي صوت المياه يأتي من المرحاض، وبعد ثواني قليلة كان باب الحمام يُفتح، وخرج منهُ" عُمر"، بشعرهِ المبلول، والذي علي ما يبدو أنه كان يأخذ حمامًا، لم يكن أرتدي ملابسهِ كاملة، وجدها قد أستيقظت، أبتسم لها قائلاً: 


_صباح النور... 


بادلتهُ الإبتسامة بالمثل، قائلة بنبرة مازال النُعاس يُسيطر عليها: 


_صباح الخير، أنتَ نازل الشُغل


كان قد أنتهي من أرتداء ذالك التي شرت القُطني، وبدأ في أرتداء حذائهُ، فأجابها قائلاً: 


_أيوه، مش هتأخر النهاردة هنلف نشوف الشُغل ماشي أزاي في باقي المحلات، يعني النهاردة هرجع بدري....!. 


_طيب أستني هقوم أعملك فطار.. 


هب واقفًا بعد أن أنهي ربط حذائه الرياضي، قائلاً بينما كان يتجهُ ناحية طاولة الزينة: 


_لأ متتعبيش نفسك، أنا هأكل مع وليد تحت..... أبقي جهزي نفسك النهاردة يعني علي الساعة ستة كده!. 


عقدت ما بين حاجبيها: 


_ليه؟


_هنخرج في المكان إللي تحبيه، ويلا متعطلنيش بقا علشان أرجع بدري، هتعوزي حاجة من تحت.. 


أتسعت أبتسامتها المُشرقة، وقد تهلل قلبها فرحًا لتغيرهُ معاها، ها هو قد بدأ يخطوي الخطوات الأولي في تحسين علاقتهم من تلقاء نفسهِ: 


_لأ، كل حاجة موجودة، أنتَ لسة جايب حاجات كتيرة أمبارح. 


❈-❈-❈

. "مساءًا". 


ألقت علي مظهرها بالمرآه نظرة خاطفة، تتفقد هيتها، طالعت نفسها بنظرة رضا عن شكلها النهائي فـ حقًا هذا الفُستان يليقُ بها وبشدة كمان قال لها" عُمر"، عندما رآها به، وكانت تود أن تغيره، لكنه حينما مدح فيهِ، قد تغير رأيها في أقل من ثانية، وقد أعجبها وأصّرت علي إرتدائهُ في تلك الخروجة، سمعت بوق سيارة سأتي من الأسفل، فعلمت أنهُ "عُمر" يستعجلها لكي تنزل، فأغلقت الأنوار سريعًا، من ثم هبطت إلي الأسفل بسُرعة، كادت أن تقع عدة مرات بسبب كعب حذائها.... 


أين كان عقلها عندما أختارت هذا الحذاء تحديدًا، فكان كعبهِ عاليًا خصوصًا وأنها لا ترتدي الاحذية ذات الكعب العالي من الأساس، وجدته ينتظرها بالسيارة، ففتحت الباب الأمامي وجلست بجوارهِ، وأنطلق هو إلي وجهتهِ، والتي كانت إلي إحدي المطاعم القابعة بجوار النيل، وكان المطعم من أختيار "غالية"حيثُ وكلها هو أمر أختيار المكان، فاختارت هذا المطعم خصيصًا لأنها تُفضلهُ وتُفضل أكلاتهِ..... 


بعد مُدة كانوا قد وصلوا إلي المطعم، فترجلوا من السيارة، بعد أن ركنها" عُمر" في مكان مُخصص لركن السيارات، من ثم تقدموا يدلفون إلي داخل المطعم، كان مطعمًا مبني علي التُراث القديم، تشعر أنه مكان آثري، نظرًا لأن تصاميمهُ ترجع إلي التُراث القديم، وأيضًا تلك اللوحات الفنية المُعلقة في زوايا مُتفرقة من المطعم..... 


والانتيكات الهادئة المُتراصة في كل مكان، كان الجو هادئًا، الأنوار خافتة، جلسوا علي طاولتهم، فأخذ "عُمر" يطلب من النادل الطعام بعد أن اختارو ماذا سيأكلون اليلة..... 



يتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة هاجر التركي، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة