رواية رومانسية جديدة حرب نواعم 

(قواعد عشق النساء)

من روايات وقصص الكاتبة

 هالة محمد الجمسي

( في مصنع السكر الخاص بميرال، وقت الظهيرة) 

نظرت ميرال من أعلى النافذة إلى ساحة المصنع حيث جلس كل العاملين في حالة استرخاء شديد، والبعض الآخر اتخذ حلقات ومجموعات للحديث والثرثرة، أغلقت ميرال نافذة المصنع ثم نظرت إلى مكي المحامي وقالت:

_ازاي يعني مكن اتركب من تلات شهور بس وبايظ؟ مش فاهمة أنا ازاي؟

مكي فكر قليل ثم قال وهو ينظر إلى ملابس الحداد السوداء التي ترتديها ميرال:

_بصي رفقي مهندس الصيانة  راجل شغال مش كسلي وخبير  دا راجل شغال مع ابوك من زمن، وكمان عبقري  وأنا مقدرش اشكك في نزاهته، الراجل بيقول أن المكن فيه خطورة على العمال، لو اشتغل ممكن حد من العمال يم_وت، يبقي احنا كدا بتقدم العمال للم_وت٠ 

نظرت ميرال له ثم تمتمت:

_انا متأكدة أن في حاجة غلط، ومش قادرة احدد اي هي، بس انا مش هقف ساكتة، ولا هوقف المصنع، ودي اول أزمة تواجهني وأول مرة كمان المصنع يوقف كدا من يوم ما بابا فتحه ٠ 

مكي وضع يد على رأسه ثم تابع:

_والله أنا مش عارف اعمل اي؟ 

ميرال فكرت قليل ثم قالت وقد لمعت عينيها ببريق الذكاء :

_بس أنا عارفة هعمل اي٠

مكي وهو يبتسم:

_خير يا بنتي اي الحل؟ 

ميرال نظرت له في هدوء وقالت:

_نجيب خبير تاني، نشوف لو في أجزاء تنفع تتغير في المكن يعني نستبدلها بجزء تاني، اصل فكرة اني اجيب مكن لعشر خطوط انتاج 

دا معناه ملايين، والمكن دا مش قديم ولا خردة دا مكن جديد ممكن يكون جزء منه بس تلف أو حصل فيه مشكلة يبقى الجزء التالف يتغير٠ 

مكي ربت على كتف ميرال وقال:

_طيب ما هو رفقي موجود ولو هو شايف أن دا الحل كان قال٠

 فتحت ميرال نافذة المكتبة مرة ثانية ثم نظرت إلى حيث يقف رفقي يتبادل حوار مع إحدى العمال، أغلقت النافذة مرة ثانية وقالت:

_لا بلاش رفقي، الوضع اللي أنا فيه دا علامة استفهام، وأنا مش هسيب اللي عمل العلامة هو اللي يجاوب عليها،  أنا هجيب خبير تاني، حد من برا، لاني حاسة أن الوضع  اللي في أول يوم أنزل فيه المصنع مش طبيعي، حاسة أن في حاجة غلط٠

رفع مكي يده في علامة استسلام إلى رأي ميرال وقال:

_اللي تشوفيه يا بنتي اعمليه دا مالك وأنت الاولى تحكمي فيه٠ 

رن هاتف مكي فجأة فنظر إلى المتصل ثم قال وهو يهم بالخروج:

_دا مؤنس بيفكرني بميعاد الجلسة اللي في المحكمة بعد ساعة، طيب انا هحضر الجلسة وارجع لك، بالاذن بقا٠ 

هزت ميرال رأسها علامة الموافقة في حين قال مكي وهو ينصرف في كلمات تأكيدية:

_هرجع لك تاني٠ 

جلست ميرال خلف مكتبها تفكر في أمر المصنع ثم نظرت إلى صورة والدها التي توجد أعلى المكتب  وقالت وهي تحدثه :

_ أنا مش هخيب ظنك فيا، مش ههرب من اول اختبار، مش هقول تعبت من اول خطوة، مشكلة و أنا لقيت الحل ليها، بس لازم الاقي الشخص  لازم خبير أنا أثق فيه، حد له خبرة وله نظرة وله وجه نظر سليمة وله اسم مافيش حد يشكك فيه  بس اجيبه منين؟! ومين يدلني عليه؟

ثم برقت في ذهنها فكرة

وهي تتذكر قاسم، فقامت بالاتصال عليه

ميرال: آمل مكنش مصدر ازعاج٠

قاسم :

_لا أبداً

ميرال:

_طيب انا في مصنع السكر وكنت محتاجة خبير هندسي يشوف المكن بتاع المصنع لأن العمال خايفين يشتغلوا وبيقولوا أنه ممكن يسبب لهم ضرر كبير ٠

قاسم:

_خبير هندسي ورفقي موجود!؟ رفقي مهندس شاطر وصيته في البلد والبلاد اللي حوالينا كمان٠ 

ميرال:

_رفقي مش عارف يتعامل مع المكن، بيقول لازم يتغير٠

قاسم:

_غريبة، رفقي بيتعامل مع المكن الخردة ويحوله ل مكن جديد، ومش عارف يتعامل مع مكن مصنعه؟! 

ميرال:

_العمال موقفين الشغل وقاعدين في المصنع تحت٠ 

قاسم:

_طيب ممكن تديني فرصة بس لآخر النهار، في كذا مهندس اعرفهم هتصل بيهم و اجيبهم لحد عندك، أو:::

صمت قاسم فجأة مما دفع ميرال أن تقول:

_أو:: 

قاسم :

_انا شايف أن عيبة كبيرة اوي في وش رفقي لو حد جه وهو واقف، دي إهانة كمان، طيب انا جاي المصنع دلوقت اشوف رفقي واتكلم وياه

لازم هو يقول لي بلسانه أنه ملهوش تصريف فيها، ساعتها اجيب أنا خبير المصنع٠

ميرال:

_وانا في الانتظار٠ 

بعد مرور نصف ساعة كانت سيارة قاسم تتوقف في ساحة المصنع أمام العمال، صافح قاسم العمال ورفقي وكانت ميرال تنظر من أعلى وتراقب الموقف كله، قاسم في لهجة عتاب:

_معقول مصنع زهران ابو المجد اللي بيوزع الصعيد  كله السكر والقاهرة كمان يقف كدا؟ 

أحد العمال:

_ما هو الحال ميرضيش ربنا بردوا يا حضرت العمدة نقف ازاي على المكن واحنا معرضين روحنا للتهلكة؟ 

ربت قاسم على  كتف العامل وقال:

_لا طبعاً مينفعش يكون في نسبة خطورة على اي حد هنا٠

ثم نظر إلى رفقي وقال:

_بس أنا طوالي اقول رفقي مهندس الصعيد  كله واللي مافيش منه اتنين في البر كله، هو اللي يخلي الحديد ينطق تحت ايده مش كدا ولا اي يا رفقي؟ 

رفقي نظر إلى قاسم دقيقة ثم قال:

_في خطورة على العمال٠

قاسم أقترب من رفقي وقال:

_انت صلحت مكن ناس كتيرة قالت إنه هالك وأنت بايدك ديه رجعته للشغل تاني، اي اللي مستعصي عليك اوي كدا؟

رفقي نظر إلى العمال الذين يتابعون في إهتمام حوار قاسم ورفقي في حين هتف رفقي:

_كل حاجة وليها عمر والمكن دا خلاص انتهى، دي كانت صفقة بايظة والمكن ظهر بعد الشغل كله عيوب، الخطوط كلها لازم تتغير٠

نظر قاسم إلى رفقي لحظات شعر أن هناك أمر غير مفهوم، فكر قليل  ثم قال:

_وهو المكن وهو بيتركب مكنش ظاهر العيوب؟ 

تردد رفقي لحظة قبل أن يقول:

_المكن ظهر بعد كام شهر من الشغل٠ 

رفع قاسم وجه إلى رفقي  وقال:

_ضمير ناس ميتة، ناس تعمل صفقات على حساب ناس٠ 

ادار رفقي وجه إلى الجهة الأخرى بعيد عن وجه قاسم الذي قال في سرعة 

_ انت تعرف خليل الدوالي؟ 

نظر رفقي في غضب إلى قاسم وقال:

_طبعاً اعرفه٠ 

قاسم أعقب في هدوء:

_طول عمري اقول أنه مش في شطارتك، بس لما سمع بحكاية المصنع اللي واقف دا، ما هو الخبر دا سمع البلد كلها،  هو بنفسه اللي اتصل عليا وقال لي اتوسط له عند بنت زهران بيه الله يرحمه، عايز يجي هو ويبين كرامة هنا، وأنا قلت له لا رفقي هناك وميصحش تدخل أرض غيرك، بس لو انت تسمح له يقعد وياك و تاخدوا وتدوا في المشكلة دي واكيد هتلاقوا  الحل٠ 

نظر رفقي إلى العمال الذين يترقبون قرار رفقي وقال في لهجة حسم وهو يشعر أن البساط سوف ينزع  من تحت قدمه:

_لا لا، خليل الدوالي راجل سو وشغال في مصانع حديد، ايش دخله بينا؟ وبعدين أنا فاهم هو جاي ليه؟ وعايز اي؟ جاي وناوي يقفل المصنع دا، هو دا غرضه، يعني بدل ما هنغير المكن هنقفل المصنع كله ٠

تأمل قاسم وجه رفقي، ثم قال:

_خلاص بلا منه،  مهما كان خليل غريب وانتم أصحاب المكان،  وأنت وعمالك حاولوا مع المكن تاني، شوفوا العيب فيه وصلحوه، شوف طريقة الامان فين وعززها، المصنع دا فاتح بيوت ناس، المصنع دا لازم يفضل ساتر الناس، ولو كان زهران بيه مات، لازم الكل يرد له الجميل بعد ما مات، أنا عارف ومتوكد  يا رفقي انك قادر تحل اشكال المكن دا، وعارف كمان 

ان المكن  هيشتغل والعمال كمان ومافيش حد هينضر

يتبع