-->

رواية جديدة ليتها تعلم لمريم جمعة - الفصل - 9 - 3 - الجمعة 22/3/2024

 

  قراءة رواية ليتها تعلم كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية ليتها تعلم

رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة مريم جمعة


الفصل التاسع

3

تم النشر يوم الجمعة

22/3/2024


جلس الجميعُ على المقاعد المتواجدة في إستراحة الحديقة بعد تناولهم طعام الإفطار، وكان محمود قد جاور وائِل في جلستهِ وقد نجح في فتح موضوعٍ معهُ بسؤاله..: 


_قولي يا أبو رَامَ اللَّه، بقالك أد إيه هنا في مصر؟.، وكُنت عايش فين في فلسطين؟.. مش قصدي تطفُّل بس أنا مش مصدق بجد إن عندنا هنا في المنطقة وفي بيتنا حد فلسطيني. 


تنهَّد وائِل بحنينٍ جارِف بعد سماعهِ إسم موطِنهُ الأصلي الحبيب، وأخذ يسرُد عليهِ قصتهُ بلهجتهِ الفلسطينية..: 


_حبيبي يا أبو هارون.. هاد مو تطفُّل ولا إشي، أنا يا سيدي من غَزة العِزَّة، وإجيت عمصر من يجي ست سنين لما إكتشفت إن مرتي مصابة بسرطان وفي مرحلة كتير متأخرة، والأطباء بغزة نصحوا بمعالجتها بمصر، فإجينا هون وما إتكتب إلنا نصيب في إن شام مرتي تعيش معنا وراحت بعد كام شهر للحبايب، وماقدرت إرجع عفلسطين وأسيبها مدفونة هون، فقررت نعيش أنا ورَامَ اللَّه بمصر  لحد مايشاء المولى ويجمعني بيها، وإتعرفت بعدها على الحج يعقُوب وصار رفيقي، وبالمصاري اللي كانت معي شاركته بالتجارة وبس. 


_بس أكيد برضوا حتى لو مصر حلوة وعرفت تستقر فيها بتحن لفلسطين صح؟. 


_واللهِ أي كلمة بقولها مابتوصف نُقطة من بحر الإشتياق اللي جواتي، بشتاق كتير لغزة والصلاة في الأقصى وكُل شبر فيها، وكُل مابتمناه إن الأوطان العربية تتحِّد مشان يحرروها من إيد الإحتلال المعلون، بس للأسف الحُكام العربية تاركينهُم ينهشوا بلحمهُم وساكتين..لُطفك بهم ياالله. 


نطق وائِل آخر كلماتهِ بحُرقة وألم على وطنهِ الَّذي يتدمَّرُ شيئًا فشيئًا ولا يوجد من يُساندهُ سوىٰ الله، ورغم ذلك مازال صامدًا ويُجابه بأقصى قوتهِ الواهية الَّتي تمثَّلت في الصبر واليقين بأنَّ مهما تجبَّر العدو وإزداد توحُّشًا، فإن نهايتهُ قريبة لامحالة. 


وقفت ذِكرىٰ أمام حوض المياه المتواجد في مطبخ شقَّة جدها تغسِلُ الأطباق المُتسخة، وبجوارها تسنيم تأخذ منها الأطباق وتُرتِّبها وهي تنظُر لها بين الفنية والأُخرى بإستغراب وقلق من جمودها المُريب الَّذي هي عليه، ولم تعُد تحتمِلُ صمتها هذا فاقتربت منها تسألُها بصوتٍ خافض كي لا يسمعُها أيًا من المتواجدين معهُم في المطبخ..: 


_ذِكرىٰ انتِ كويسة؟.. سكوتك مخوِّفني على فكرة. 


حرَّكت ذِكرىٰ رأسها تنظُر لها بخواء رغم إبتسامتها الباهتة المرسومة على ثُغرها وأجابتها قائِلة..: 


_وتخافي ليه ياتسنيم ياحبيبتي؟.. على فكرة مابقيتش تفرق أي حاجة بجد، وأنا مش العيلة اللي مُمكن تضُر نفسها بسبب حُب فارغ وواحد ماعدش ليه ستين لازمة في حياتي.. ياريت بجد تسيبك من السيرة دي والموضوع دا. 


كاذبة.. تمتمت تسنيم بها في داخلها، وتقطعُ ذراعيها إن لم تقولُ هذا الكلام وداخلها يحترق، هي تعلمُ أنَّها تستطيعُ تخبئة مشاعرها ووجعها، ولكن هذا خطأ، يجُب عليها أن تُشارك ما يجول داخلها كي لا يحدثُ لها شيئ. 


وعلى مقرِبةٍ من الإثنين كانت رَامَ اللَّه تقِفُ بجوار الشقيقتين حنان وسُندس تساهدهُم في تقطيع الحلوى ونقلها داخل الأطباق المُخصصة لها، فأخذت قطعة بالملعقة تضعها داخل فمها بإستمتاعٍ من مذاقها الرائع، وبعد أن إبتلعتها حدَّثت سُندس قائلة ببسمة واسعة..:


_ أحسن حد بيعمل أُم علي في حياتي بجد، ومابتفشليش في إنك تبهريني بجمال طعمها كُل مرة آجي أكُلها من إيدك ياطنط سُندس. 


نظرت لها سُندس بتأثُّر من كلماتها البسيطة تلك، وردت عليها بحنانٍ وصدق..: 


_أنا أصلًا بعملها عشانك انتِ مخصوص ياراما والله.. وعشان كلامك دا أنا هسيبلك طبق كبير تاخديه معاكِ وانتِ مروَّحة. 


شكرتها رَامَ الله بسعادة بالغة وكأنَّها أعطتها كنزٌ كبير، وتحرَّكت صوب حوض المياه لتغسل كفيها المُتسِختان من الحلوى، وعندما أبصرتها تسنيم أخذت تُعاتبها بقولها..: 


_ياواطية ياللي مابقيناش بنشوفك غير كُل فين وفين.. شكلك كده لقيتي صُحاب غيرنا وبعتينا. 


_ياروحي أنا ما إلي حدا غيركُم إنتوا، بس أنا مشغولة شوي هالأيام بالمشفى. 


ردت رَامَ اللَّه عليها بتلك الكلِمات بحُب وهي تُعانقها، وقد كذبت في الشق الآخير من حديثها والحقيقة كانت أنها تخجلُ من تواجدها بينهُم في الأوانة الأخيرة، ووجودها كان يقتصر على مُعالجة يعقُوب فقط بعد أن أراد يُونس أن يخطُبها ولكنها رفضت لِأسبابٍ تخُصها، وقد لانت ملامِحُ تسنيم قليلًا بعد أن تابعت هي حديثها..:  


_إنهاردة جدو يعقُوب أجل الجلسة بتاعتُه وخلاها بُكرا، وبإذن الله هخلص معاه وهقعُد معاكُم وقت طويل عشان أسمع آخر الأخبار اللي فايتاني. 


هزَّت تسنيم رأسها موافقة، وانتظرت أن تنتهي ذِكرىٰ من مُهمتها وخرج الثلاثة للحديقة، بينما كانت فيروز تحملُ صنية فوقها عدة أطباقٌ من الحلوى، ورُؤىٰ تأخذُ منها واحِدًا تلو الآخر وتُناوله للرجال، وعندما جاء دور يُوسف كادت أن تُناوله طبقهُ ولكنها توَّفقت بعدما قال لها..: 


_مانتحغمش منك ياغُؤىٰ. 


_واللهِ ماتستاهل طبق الحلويات. 


قالتها رُؤىٰ بنبرة مُنفعِلة بعدما نجح يُوسف في إثارة غضبها، وتخطتهُ وأعطت طبقهُ لنُوح الَّذي أخذ يتناولُ منه سريعًا مُصدرًا همهمات مُتلذِّذة بمذاقه هدفها كانت إغاظة يُوسف، وأتبع يقولُ بشماتة..: 


_واللهِ ياواد يايُوسف فايتك طبق بسبوسة وقطايف حاجة آخر عظمة كده. 


نهض يُوسف من مجلسهِ واتجه نحو فيروز يأخذ منها طبقًا، ثُم شكرها وعاد لمكانهِ قائلًا بإرياحية كبيرة..: 


_الجيش قال إتصرف. 


_على فكرة ياهارون إنت لو ناوي تحتكر الموتوسيكل قولي عشان أبقى عامل حسابي وأجيب واحد جديد لإن حضرتك إتأخرت في إنك تبعتهولي. 


ضحك هارون على قول نُوح الساخر، ثُم رد عليهِ موضِّحًا سبب تأخيره..: 


_واللهِ ياعم أنا من ساعة ماجبتلي الموتوسيكل وأنا ماروحتش الورشة، وبصراحة مرضيتش أخلي الشباب يصلحوها عشان كُنت عاوز أصلَّحهولك بنفسي، وكُلها يومين كده وهروح. 


هزَّ نُوح رأسهُ مُتفهِّمًا، ثُم نقل بصرهِ نحو يُونس لتتحول ملامحهُ للإشمئزاز عندما وجدهُ يُجلس شقيقتهِ مودَّة فوق إحدى قدميه، بينما كانت الأُخرىٰ تضُم ذراعيها أمام صدرها وتنظُر للأمامِ بغضب، ويُونس يعبثُ في خُصلاتها ويسألُها نفس السؤال للمرة الألف تقريبًا..: 


_برضوا مش راضية تقوليلي إيه اللي مزعَّلِك مني ياجوزال؟. 


زفُرت مودَّة بضيق، وثم أجابتهُ أخيرًا بنبرة مُعاتبة..: 


_إنت بقالك يومين مابتسألش عليا، وكمان ماجبتليش فانوس زي كُل رمضان. 


ضرب يُونس جبهتهِ يتصنَّعُ نسيانه قائِلًا..: 


_يووه أنا أسف يامودَّة نسيت خالص. 


عبست ملامِحُ مودَّة بحُزنٍ قد إزداد أكثر، وقد أزاحها يُونس من فوق قدمهِ وانحنى يمُد كفِّهِ أسفل المقعد تحت نظرات مودَّة المُتسائِلة حول مايفعله، وبعد أن إعتدل صرخت الأخيرة بعينين مُتسعتين بصدمة وسعادة عندما رأت فانوسًا متوسط الحجم، رسُم على أحد جوانبهِ شخصيات رمضان الكرتونية المشهورة، بينما على الجانب الآخر نُقِش عليهِ إسمها بطريقة جميلة، فاقتربت منه وأخذت تُقبِّلهُ عدة مرات على وجنتهِ واختطفت الفانوس منهُ وهرولت مُتَّجهه نحو مجلس النساء، وأخذت تُعرضهُ على الجميع بسعادة بالغة، ثُم عادت مرة أُخرى ليُونس، بينما إعتدلت رُؤىٰ في جلستها وتحدَّثت مُتسائلة بصوتٍ عالٍ كي يسمعُها الجميع..: 


_بقولكُم ياجماعة.. هو ليه قبل الأذان دايمًا في العادة بيقولوا مدفع الإضغاب إضغب، إيه العلاقة يعني؟. 


كانت ذِكرىٰ قد قرأت القصة الَّتي كانت خلف هذهِ العادة الرمضانية، فأخذت تسردُها عليها قائلة..: 


_زمان في عهد محمد علي، كان مشتري عدد من الصواريخ الحربية عشان يجهز الجيش المصري، وانطلقت طلقة من مدفع من المدافع وهما بيجربوه من فوق القلعة، والصدفة إنها كانت في نفس وقت أذان المغرب في رمضان، والناس فكرت إن دا تقليد جديد من محمد علي بيعلن بيه عن ميعاد الفطار، والناس حبوا التقليد دا وطلبوا من محمد علي إنه يستمر في التقليد دا ووافق، ومن ساعتها بقوا بيضربوه مرتين، مرة ساعة الإمساك ومرة ساعة الفطار وبقت عادة رمضانية مصرية أصيلة. 


_الله بجد. 


هتفت تسنيم ورُؤىٰ بها في وقتٍ واحد مُنبهرين مما سمعوه، بينما نظرت فيروز لنُوران الَّتي تجلسُ بجوار حنان وسألتها بفضول..: 


_قوليلنا يانُوران.. انتِ في جامعة إيه وخلصتي ولا لسا؟. 


_لا أنا مخلصة كُلية صحافة وإعلام بقالي سنة. 


هزت فيروز رأسها دون أن تُعقب على حديثها، وعادت تنظُر لهاتفها وتعبث به بعد أن جاءتها رسالة، بينما نهضت ذِكرىٰ مُستأذنة وذهبت للمرحاض المُتواجد في أحد أركان الحديقة من الخلف لتغسِل وجهها تُحارب النُعاش الَّذي داهمها فجأةً، وبعد أن إنتهت جذبت مناديل من المحرمة المُعلقة فوق الحوض، وأخذت تمسحُ يديها المُبتلين، ثُم خرجت من المرحاض وكادت أن تشق طريقها في العودة إلى مجلس النساء، لكنَّها توقَّفت عندما إستمعت صوتٌ قريبًا منها وتعرفهُ جيدًا يتحدَّث، قادها فضولها نحو مصدر الصوت حتى وجدت صاحبهُ يقفُ مواليًا ظهرهِ لها ويضع الهاتِفُ على أذنيهِ بصمتٍ يستمِعُ لمن يُحادثهُ، ثم قال هو بنبرة مُنفعلة ولكن خافضة نسبيًا كي لا يسمعهُ أحد، ولم يكُن مُنتبهًا لتلك الواقفة خلفهُ تستمعُ لما يقوله..: 


_نبيل إهدى بقى عشان إنت زهقتني بجد.. لسا باقي مُدَّة على تسليم الصفقة، وكُل حاجة متأمنة من دلوقتي لحد مايجي المعاد عشان الشُحنة المرادي غير كُل مرة، فمتزهقنيش بهواجسك دي بقى، مش أول مرة يعني نسلِّم مُخدرات. 


شهقة أنوثية صدحت من خلفهِ بعد أن أنهى حديثهُ، جعلتهُ يستدير سريعًا مُغلقًا هاتفه، فوجد أمامهُ إبنة عمهِ تضعُ كفِّها على ثُغرِها وتطلَّعُ له بملامح مذهولة تمامًا مما سمعته، وقد هتفت قائِلة بعدها بثوانٍ بعد أن خرجت من تجمُدها بنبرة منصدمِة ومُستنكرة..: 


_مُخــدرات!!!. 


عودةً لمجلس النساء..


بين الثانية والأُخرى كانت نُوران تُفرِكُ كفَّيها ببعضيهِما بتوتُّرٍ شديد، وقد لاحظت حنان حالتِها فسألتها بقلق..: 


_مالك ياحبيبتي فيكي حاجة؟. 


هزت نُوران رأسها نافية، ثُم تحدَّثت بنبرة مُترددة..: 


_طنط هو ينفع أطلب طلب؟. 


_عيوني ليكي ياحبيبتي. 


_هو ينفع أقعد معاكُم كام يوم؟. 


❈-❈-❈


بعد أداء الجميعُ صلاة العِشاء والتراويح، طلب نُوح من عمِّهِ مُصطفى بأن يأخُذ تسنيم للمطعم لبعضٍ من الوقت، وبعد أن أعطاهُ تصريح بالموافقة، ظل يتوسَّل لتسنيم حتى تُوافق وتذهب معه، وبعد إلحاحٍ شديدٌ منه وافقت فأخذها وذهبا، وبعد أن وصلا أجلسها نُوح على طاولة ذات أفضل إطلالة في المطعم بأكمله، وعمَّ صمتٌ بينهُما لدقائق، وقطعتهُ تسنيم بقولها ذو النبرة المُقتضِبة..: 


_خير يانُوح؟..إيه اللي فكَّرك بيا؟. 


أطلق نُوح تنهيدة طويلة يُجيبها بصدق..: 


_يعني وهو إنتِ تتنسي أصلًا!..أنا تفكيري وبالي مشغولين بيكي انتِ بس طول الوقت ياتسنيم. 


أعطتهُ تسنيم بسمة ساخِرة رغم إمارات الغضب الواضِحة على وجهها، وثُم ردَّت عليهِ بحدة مُحاولة بقدر الإمكان أن تخفِضَ صوتِها كي لا يسمع الزبائن الَّذين ملئوا الطاولات المُتواجِدة من حولهِم..: 


_أيوا صح، بأمارة الخمس أيام اللي مخاصمني فيهُم على سبب مالهوش ستين أي لازمة. 


_واحد كان هيمد إيده عليكي في الشارع، والحوار إتنشر بين الناس وعرفته بالصُدفة، ولو ماكُنتش سمعته من الناس ماكُنتيش هتعرفيني باللي حصل، فاعوزاني أعمل إيه ياتسنيم؟..أنا لحد اللحظة دي أقسم بالله لسا متضايق ومحروق وماسك نفسي بالعافية من إني أروح أقتل الحيوان دا، بس ماهنش عليا زعلك مني أكتر من كده. 


بدأ وجه تسنيم يلينُ قليلًا بعد سماعِها لكلماته المُبررة، وقالت بهدوء نسبي..: 


_إحنا لو فضلنا ماشيين كده يانُوح، حصلت مشكلة بينا وإنت قاطعتني بالأيام من غير ماتيجي تواجهني أو تاخُد حِوارتنا بعصبية زايدة صدَّقني مش هنكمِّل على النظام دا. 


_وإنتِ برضوا ياتسنيم ياريت تساعديني بكده وتشاركيني كُل حاجة، لإن اللي فعلًا بيضايقني هو إنك بتخبي عليا.. 


وتحوَّلت نبرتهِ الجادة لأُخرى حانية مُتابعًا حديثه..: 


_وعلى فكرة انتِ وحشتيني في الكام يوم خصام دول يابسكويت نواعِم. 


حمحمت تسنيم ببعضٍ من التوتر بسبب كلماته، وأخذت تُحذره بقولِها..: 


_ لم نفسك يانُوح عشان كلامك المنحنح دا ماينفعش، إحنا مخطوبين بس مش مكتوب كتابنا.. يعني لازم يبقى فيه شوية ضوابط في الكلام عن كده. 


_الهيئة بنت حلوة، والقلب جعفر أقسم بالله. 


رفعت تسنيم إحدى حاجبيها تسألهُ بعينيها بماذا يُتمتم بصوتٍ خافض، فابتسم لها بإصفرارٍ يُجيبها..: 


_ولا حاجة يا أُختي تسنيم الفاضلة.. تحبي تاكلي حاجة؟. 


_لا أنا تقِّلت في الفطار بصراحة وماليش نفس، بس هات حلويات.. أهو أي حاجة تغرَّمك وخلاص. 


هزَّ نُوح برأسهِ موافِقًا، ونادى على النادل الَّذي كان يقفُ أمام طاولة قريبة منهُم يُملي مايطلبونه الزبائن الجالسين عليها في ورقة، وعندما سمع صوت رئيسهُ يُناديهِ إقترب سريعًا منهُ قائِلًا..: 


_أُؤمرني يامعلم. 


_حبيبي الأمر لله.. بقولك هاتلي بقى كده تشكيلة تسنيم حلوة بسُرعة. 

  

_إيه!!. 


قالتها تسنيم وهي تعقِدُ حاجبيها بإستغرابٍ شديد من إسمها الَّذي ذكرهُ نُوح وقولهِ الغريب، ورد عليها النادل بدلًا منهُ وهو يبتسم ببشاشة..: 


_أصل المعلم نُوح مسمي الحلويات عندنا تسنيم. 


رمقت تسنيم نُوح بوجهٍ قد إحمر تمامًا في أقل من ثانية، وعندما ذهب النادلُ كي يُحضِرَ طلب نُوح، غمز الأخيرُ لها قائِلًا..: 


_كُنت عاوز أسمي إسم كيرياتيڤ للحلويات عشان نبقى مُختلفين عن أي مطعم، فبصراحة مالقيتش أحسن من إسمك، وكده كده مافيش بينك وبين الحلويات أي فرق.  


غطَّت تسنيم وجهها بكفَّيها تُحاول أن تُخفي خجلها الواضح والَّذي نادرًا ما يُصيبها، فضحك نُوح على فعلتها وأردف يقُول بعبث..: 


_ خلاص كده.. طالما إتكسفتِ يبقى إتصالحتِ. 


❈-❈-❈


مُكالمة من كريم تنتظِرُها منذُ الصباح بعد رؤيتها لتلك الصور، وعقلها لم يتوقف عن التفكير حول هوية من أرسلها وغايته في ذلك، وقد أخبرها كريم أنه سيبحثُ عن صاحب الرقم وسيُعطيها ردًا في الليل بعد عودتهِ من عمله، وها هو قد صدق في كلامهِ كعادتهِ الدائمة، ودق هاتفها وظهر رقمه على الشاشة، فردت عليهِ سريعًا تسألهُ بنبرة مُتلهِّفة..: 


_ها ياكريم.. عرفت صاحب الرقم؟. 


_للأسف يازهراء الرقم إتقفل وإتشفر وحاولت واللهِ أخترقه بس معرفتش عشان معموله حماية ، أكيد صاحب الرقم بيلعب معاكي وهدفه حاجة. 


_تمام ياكريم مُتشكرة. 


وبهذا إنتهت المُكالمة بينهُما وإرتمت على الأريكة تتمددُ بجسدها عليها، وأغمضت عينيها تُحاول أن تُريح عقلها الَّذي أنهكهُ كُثرة التفكير، ولولا أن المجهول لم يضع رقمها على قائمة الحظر بعد إرسالهِ لصورها لكانت إستطاعت أن تتحدث معهُ، ولكن على مايبدوا أن هُناك لُعبة تُحاكُ ضدها.! 


 يتبع

إلى حين نشر رواية جديدة للكاتبة مريم جمعة، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية