-->

رواية جديدة خبايا الهوى لهاجر التركي - الفصل 22 - 2 - الأحد 7/4/2024

  

قراءة رواية خبايا الهوى كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى






رواية خبايا الهوى

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة هاجر التركي

الفصل الثاني والعشرون

2

تم النشر الأحد

7/4/2024



. "مساءًا". 


خرجت من المرحاض بوجه شاحب يميلُ إلي الصفار، آلام معدتها تشتدُ عليها، دوئها التي من المُفترض أن تتناوله قد نفذ، ولن تقدر علي الخروج في هذا الوقت، تحمالت علي نفسها من ثُم أتجهت إلي غرفتها في منزل عائلة زوجها، والتي كانت بداخل جناح كبير مُخصص لهم فقط، دخلت الغرفة بخطوات بطيئة آثر آلام معدتها، نزعت حاجبها أسود اللون هن رأسها، تبعتهُ تنزع عنها ملابسها حتي بقيت قط ببجامة صفيفة خفيفة من اللون الكُحلي، ما أن كادت أن تدخل إلي المرحاض، تصنمت في مكانها، من أن سمعت آنين بُكاء مكتوم وشهقات عالية، أنصتت جيدًا تحاول أستشعار من أين يأتي؟ 


أنخلع قلبها بفزع ما أن أيقنت أنه هو زوجها الذي يبكي بكل هذه الحُرقة والمرارة، والصوت قادم من شُرفة الغُرفة، فهرولت سريعًا إليه، وقفت لدقيقة مشدودة ومُتصنمة بمكانها من هول ما رآتهُ، فكان جالسًا القُرفصاء علي أرضية الشرفة، يضمُ رُكبتيه إلي رأسهِ مُحتضنًا نفسهِ، أنها المرة الثانية التي ترآهُ يبكي فيها، لكن تلك المرة مُختلفة تمامًا عن كل المرات، أنها المرة الأولي التي ترآه بمثل هذا الضعف والوهن، هل الراجل حقًا تبكي إلي هذا الحد؟ 


بالطبع لا! فالرجال من شيماهم أنهم أقوياء يتحملون الصعاب والشدائد والمِحن، هذا ما تربت عليهِ ورآتهُ في والدها أولاً ثم الباقي من حولها،لكن أن وصل إلي هذه الحالة فهذا أعتراف صريح أن الأمر قد نال منهُ ما نال، وأنه لم يقدر علي تحملهُ، وأن الأمور خرجت عن سيطرته..... 


فكت ألتصاقها بالأرض من أسفلها، وهرولت تجثو علي رُكبتيها قائلة بفزع: 


_عُمر حبيبي مالك في أي؟؟ 


رفع رأسهِ إليها فظهر لها وجههُ المُنفطر من البُكاء كطفل صغير تاه عند والداتهِ فالسوق، عينيه حمراء بشدة ومُحاطة بسواد داكن آثر تناوله المُستمر للسجائر دون رحمة أو شفقه بنفسهِ، وهو من كان لا يمسك بين يديهِ لفافة واحدة طوال حياتهِ، مسح عينيهِ سريعًا خجلاً منها قائلاً بنبرة مبحوحة، جاهدَا أن تخرج عادية لكنها خرجت بالفعل مُتأثرة بالبُكاء: 


_مفيش.... مفيش حاجة؟ 


وبدون سابق إنذار أنتشلتهُ إلي أحضانها تضمهُ إليها، وكأنها شعرت أنه بالفعل يحتاج وبشدة إلي هذا الحُضن، بكت معهُ كما لم تبكي من قبل، مُتأثرة لحالهِ وتتفهم ما يمر بهِ، هتفت من بين بُكائها برجاء: 


_أبوس إيدك متسكتش يا عُمر، أتكلم فضفض علشان خاطري، فضفض وأتكلم عيط صرخ أعمل كل إللي أنتَ عايزه بس متسكتش وحياتي عندك ما تسكت........ 


وكأنهُ كان ينتظر منها أن إشارة لكي ينهالُ عليها بكل ما يضيق به صدره ويؤرق نومهِ: 


_مات زعلان منّي يا غالية، مات زعلان منّي، جالي وأنا محترمتوش، مات غضبان عليا، أيوه حقه، حقه يزعل مني ويغضب عليا كمان أنا مقدرتوش، اتعاملت بقسوة، ومعملتش أحترام لأنه أبويا...... 


صمت لعدة ثواني يحاول أن يجمع شتات نفسهِ، بينما الآخري كانت تستمعُ إليه وتبكي معهُ، أكمل قائلاً بحُرقة: 


_لي مات وسابني قبل ما أصلح كل حاجة، وكأنه كان بيقولي أنت لازم تتعاقب علي اللي عملته في أبوك مهما كان ده أبويا، يعني مكنش ينفع أعمل أي حاجة من اللي عملتها حتي لو كان عمل معايا أي، أنا غلطان والله العظيم غلطان وعارف، وندمان، بس هو لي سابني أنا......


خرجت منهُ شهقة مُصاحبة لبُكاء مُستمر: 


_والله العظيم أنا خلاص كنت نويت وكنت هصلح كل حاجة، ليه مشي؟ لي؟ أنا كنت عايز نبقي عيلة كلنا وهو يبقي راضي عني، مدانيش فرصة، أنا أستاهل كل اللي بيحصلي، أنا أبن عاق، ابوه مات غضبان عنه.... 


_متقولش كده علشان خاطري، عمي الله يرحمه كان بيحبك جدًا ومش مُمكن يزعل منك مهما عملت، أدعيله بالرحمة يا حبيبي أدعيله بالرحمة، والله هو بيحبك، وده قضاء وقدر وحد الله وأستغفره ده الشيطان هو إللي بيوسوسلك كده.... 


_لا هو زعلان أنا حاسس!ده حقه أنا قسيت عليه جدًا، بس والله العظيم بحبه وكنت بتمني كل يوم أننا نبقي قريبين من بعض زي أي أبن وابوه بس هو مكنش بيديني الفُرصة، أنا عملت كل ده كرد فعل للي عمله معايا...... 


ضمتهُ إلي أحضانها مرة ثانية بحنان بالغ، قائلة: 


_معني أنه جالك لحد عندك يبقي كده سامحك وخلاص مش زعلان منك 


قاطعها بغضب وصرامة: 


_بس أنا اتعاملت معاه بقسوة وجبروت ومشيته زعلان


ثم تابع بضعف: 


_والله كنت ناوي اروحله وأصلح كل حاجه بس هو مستناش 


_ربنا يرحمه ميجوزش عليه غير الرحمة دلوقتي يا حبيبى أدعيله بالرحمة؟ 


خرج من أحضانها، صاح بغضب عارم: 


_رحمة أي؟ أبويا مش مرتاح في تربته، أبويا مات غدر مات مقتول في وسط بيته جوه مكتبه، وأنا وقفت مقدرتش أعمل حاجة، أنا هرتاح ولا يهدئ لي بال إلا لما أعرف مين الكلب إللي جابته الجرأة أنه يهوب ناحية بيت يوسُف التركي لا وكمان يقتله من غير ما حد يحس 


تحدثت بهلع مما يُفكر بهِ: 


_ أي إللي بتقوله ده، أنتَ عايز تودي نفسك في داهية، ده شُغل الحكومة، هي هتجيب حقه!. 


_لي هو أنا مش راجل علشان أستني البوليس إللي تجبلي حق أبويا؟؟ 


_لا راجل وسيد الرجالة، بس عايز تضيع نفسك، لو مش خايف علي نفسك خاف عليا وعلي يوسُف الصغير!. 


لثواني لم يسعفهِ عقلهِ علي أستيعاب ما قالت، فركز قليلاً، ثم هتف بعيون ضيقة: 


_يوسف الصغير مين.... 


إبتسمت لهُ بإتساع، آن الآوان أن تُخبره، إلي متي ستظل تُخفي عنهِ،أنه الوقت المُناسب، خصيصًا أنه من المُمكن أن يكون سبابًـا في تحسن حالتهُ، أمسكت بيديه تضعُها علي بطنها المُنتفخة إنتفاخ بسيط، قائلة بحُب: 


_يوسُف الصغير.... إبنك، أيوه أنا حامل يا عُمر، في حتة منك بتكبر جوايا كل يوم، هتبقي أب يا حبيبى 


نظر لها بذهول كبير وصدمة ألجمت لسانهِ، أنقبضت ملامح الآخر ظنًا منها أنه تضايق لسماع هذا الخبر، بلعت ما بجوفها بتوتر، بينما فجائها "عُمر"، بإبتسامة كبيرة أتسعت علي وجههِ، أبتسمت لإبتسامتهُ تلقئيًا، فهتف بعدم تصديق: 


_أنتِ بتتكلمي بجد؟ أنتِ حامل.... حامل حامل بجد؟ ولا بتهزري 


خرجت منها ضحكة عالية، وقد أشرق وجهها كم كانت تخشي تلك المواجهة للغاية، أجابتهُ مؤكدة: 


_هو ده فيه هزار برضو، أيوه حامل يا حبيبي يعني كلها سبع شهور ونص وتبقي بابي!. 


مازالت يديه موضوعة علي بطنها وكأنه يتحسس صغيرهُ الذي جاءَ في وقتهِ ليكون الدواء الذي سيُخفف عنهُ، عقد حاجبيه معًا قائلاً يسألها: 


_سبع شهور ونص لي؟ أنتِ في الكام.... 


_شهر ونص 


_وأنا لي معرفش؟ 


قال كلماتهِ بنبرة غاضبة، توترت هي، من ثم قررت أن تُخبرهُ: 


_بصراحه كُنت خايفة أوي؟ 


ردد كلماتها بإستغراب: 


_خايفة؟ خايفة من أي؟ 


_فاكر في أول جوازنا لما قولتلي إنك مش عايز تخلف دلوقتي، أنا والله كنت بأخد الحبوب بإنتظام زي ما قولت لي!.... 


عضت علي شفتيها مُكملة: 


_بس معرفش أزاي حملت كده حتي وأنا بأخد الحبوب، أنا يادوب عرفت من أسبوعين بس مكنتش أعرف، وخفت، خفت اقولك تخليني أنزله لان حملت من وراك


_أنتِ عبيطة يا غالية أخليكِ تنزلي أي.؟..... ده أبني 


تنهدت بإرتياح، لأن الجبل الذي كان يجثو علي قلبها قد إنزاح، وذهب التوتر والحُزن، وكأن هذا الخبر قد انساه ما كان عليه مُنذ قليل، تهللَ قلبهِ يتراقصُ فرحًا، هل بالفعل سيكون أبً، نعم سيكون أب ولديهِ طفل قطعة من روحهِ، هتف قائلاً بعدم تصديق مرة آخري،وكأنه يخشي أن يتعلق بأمل ويختقي فجأة من بين يديهِ: 


_أنتِ بجد حامل..... قولي و الله العظيم أنا حامل!. 


_والله العظيم حامل، في أي يا عُمر...... بجد مبسوط... 


أجابها سريعًا بعيون ألتمعت بالفرحة عوضًا عن الحزن الذي كان مُصاحبها لأيام: 


_مبسوط أوي أنتِ مش متخيلة أنا مبسوط أزاي...... 


صمت مُفكرًا ثم تحدث بنبرة حزينة: 


_تفتكري هبقي أب كويس ليه أو ليها، تفتكري ولادي مش هيطلعوا زيي؟ 


أحتضنت وجههِ بكفيها قائلة: 


_يا حبيبي أنتَ أعظم أب فالدنيا، وإن شاء الله هتربيهم أحسن تربيه، ربنا يخليك لينا وميحرمناش منك إبدًا؟ 


_أنتِ لازم تتابعي مع دكتورة علشان نطمن علي حبيب بابا، أن شاءلله ييجي ولد 


رفعت حاجبيها، قائلة بغيظ: 


_والله أنتَ طلعت منهم؟ أشمعنا ولد بقا لي مش بنت قمر كده زي أمها... 


التقطت كفها يُقبلها بحنان قائلاً: 


_يا عيوني بنت ولد مش مهم المهم أنها هتبقي حتة منك، بس إن شاءلله ولد يعني 


ضربتهُ بغيظ قائلة بضحكة مكتومة: 


_بطل رخامه بقا، أن شاءلله بنت


_لا ولد


_لا مش أنا إللي بحمل وبتعب يبقي أنا إللي أختار


_ولله هو بمزاجك؟ ده بيد ربنا 


ضحكت قائلة: 


_لا ما أنا هدعي كتير أنها تبقي بنوتة 


شاركها الضحك بفرحة، وسعادة غزت قلبهِ بعد كل هذا الحُزن..... 


❈-❈-❈


. "في صباح اليوم التالي". 


أستيقظ الجميع في الصباح، علي أصوات زغاريد" نادية "، التي ما أن سمعت الخبر بدأت تُهلل بسعادة، وتُطلق الزغاريد غير عابئة بأن عندهم حالة وفاة، وكأن الخبر أسعد قلبها لدرجة أنها لم تكترث لأي شئ آخر.......... 


الجميع كان سعيدًا بهذا الخبر، وسعادة" عُمر"كانت تُضاهي سعادتهم أجمع، مُنذ أن أستيقظت "نادية"، حتي أتجهت إلي المطبخ بنشاط تُعد الطعام لزوجة أبنها التي تحمل الآن بأحشائها طفلاً ويجب أن تتغذي جيدًا جدًا من أجل صحتها أولاً ثم صحة ولي العهد القادم 


رفضت أن تجعل"غالية" تتحرك من مكانها، وآمرتها أن لا ترفع كوبً من الماء من علي الأرض، وأن ترتاح كامل الراحة حتي يأتي ولي العهد سليم مُعافي وبصحة جيدة، وأجبرتها أيضًا علي المكوث بالغرفة، وأن لا تتحرك من علي السرير، كم كانت سعيدة لإهتمامها بها إلي هذا الحد.... 


وفي اليوم التالي أصتحبها "عُمر"، إلي الطبيبة، ليطمئن بنفسهِ علي حالة صغيرهُ، فأخبرتهم الطبيبة أنه بصحة جيدة، فقط عليها أن تتبع نظام غذائي مُعين مُمتلئ بالڤيتامينات وأيضًا أن ترتاح علي الأقل فالشهور الأولي أهم...... 


وبعد أن خرجت من عند الطبيبة، أصتحبها إلي منزل أبيها لكي تزفُ لهم هذا الخبر السعيد، والذي ما أن سمع والداها الخبر بكي فرحًا واخذ يسجد شكرًا لله، كم كانوا يخشون أن تكون" غالية "لديها مشاكل وراثية تتسبب في تأخر الإنجاب مثل والداتها......... 



يتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة هاجر التركي، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة