رواية جديدة خبايا الهوى لهاجر التركي - الفصل 25 - 3 - السبت 27/4/2024
قراءة رواية خبايا الهوى كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية خبايا الهوى
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة هاجر التركي
الفصل الخامس والعشرون
3
تم النشر السبت
27/4/2024
." بعد مرور شهرين ".
جلست" غالية" بصُحبة أبنة عمتها، في غرفتها في منزل عمتها، كم أشتاقت لتلك الجلسة، وأشتاقت لـ "سمر" أكثر، كلُ منهما حدثت لها عدة أشياء فحياتها دون علم الآخري وهما الذي كان لا يفترقان أبدًا ولا يُخفيان علي بعضهم شيئًا حتي وأن كان تافهًا هكذا أعتادو مُنذ الصّغر، تربعت "سمر" علي سريرها، قائلة بسعادة:
_يااه بقالنا كتير أوي مقعدناش القعدة دي، بجد كُنتِ وحشاني أوي أوي يا غالية...
تنهدت الآخر، قائلة بإعتذار:
_حقك عليا، أنا عارفة أني كُنت مقصرة جدًا معاكِ، بس أديكِ شايفة الدوامة إللي كُنا فيها...
_عارفة، طيب حماتك أي أخبارها دلوقتي سمعت أنها خلاص بقت كويسة...
_الحمدلله بقت كويسة كتير عن الأول ورجعت تقعد معانا وتضحك وتهزر عادي، أصل برضو كانت صدمة عليها، وعلينا كلنا، أزاي بعد العشرة دي كلها يطلقها كده بالبساطة دي من غير ما هي تعرف، دي متوجعتش انه أتجوز عليها قد ما أتوجعت أنه طلقها كده....
تأثرت بها كثيرًا، تمتمت في حُزن حقيقي:
_ده ربنا معاها بجد! طيب ومراته التانية دي خلاص كده أخدت كل حاجة
قلبت عينيها بملل، قائلة:
_أيوه
_مش مصدقة أنه فعلاً أتنازل لها عن كُل حاجة كده؟
_مفيش حد مصدق أصلاً
_طيب وعُمر أي رأيه
_عُمر مفيش بأيده حاجة يعملها الورق سليم...هو خلاص مبقاش فارق معاه،عُمر عايز يبدأ حياته المهنية بنفسه،وأهو رجع شغله مع بابا ومسك له كل حاجة!.
أعتدلت الآخري في جلستها،مُتنهدة بحرارة،قبل أن تُخرج كلماتها التي بداخلها وكتمتها لوقت طويل،وحان الوقت لأن تبوح بهم،سألتها "غالية"قائلة:
_صحيح عاملة أي مع عماد؟؟
_كُنت لسه هحكيلك أصلاً
أعتدلت لها هي الآخري،تُنصت لها بإهتمام،بينما"سمر"هتفت قائلة:
_حصلت حاجات كتيرة أوي في غيابك، ومكنتش لاقية حد أحكيله لحد ما بقيت خلاص هنفجر...
ربتت علي يديها بحنان، قائلة:
_يا حبيبتيَ سلامتك... أنا خلاص جنبك أهو أحكي وقولي كل إللي عايزة تقوليه..
بدأت تسرد لها كل شئ مُنذ البداية:
_علاء جالي الجامعة ييجي من شهر ونص أيام أمتحاناتي جه مرة واحدة بس وقعد يقول كلام كتير ويتهمني إني خاينة وكلام كتير...
_وبعدين.
_مش عارفة أنا متلخبطة جدًا، أنا مش عارفة أنا لسة بحبه ولا لا، بجد تعبت يا غالية، مش عارفة أفكر خلاص، ومن ساعتها مش عارفة اوصله، وأديكِ شايفة أنا مش بخرج من البيت أصلاً من ساعة إللي حصل ماما لحد الآن مش طيقالي كلمة ولا بابا بيبص فَ وشي، مش راضيين يسمعوني!
_وعماد؟؟
_ما الكارثة هنا فـ عماد، بيحبني جدًا وبيعمل كل حاجة تخلي مبسوطة وأنا ساعات بيأنبني ضميري والله العظيم، حاسة أنه مظلوم جدًا معايا، أنا مش عارفه اقدم له رُبع إللي بيقدمهولي، وهو حاسس إني مش عايزاه، بس مُصمم لأنه بيحبني وشاريني، بس أعمل أي فقلبي ده..... أنا قرفت والله وفاض بيا!.
ختمت كلماتها بالبُكاء، أجشت في بُكاء هستيري، أحتضنتها "غالية" سريعًا،تُربت علي ظهرها بحنان بالغ،وقلبها هي الآخري قد آلمها عليها:
_خلاص متعيطيش علشان خاطري،أن شاءلله هنلاقي حل متقلقيش أنا جنبك والله ومش سيباكِ أهو.......
أضافت بنبرة مرحة:
_خلاص أبعدي شوية بقا الواد هيفطس...
قهقهت من بين بُكائها، من ثم خرجت من أحضانها قائلة:
_وبعدين أي بطنك دي، أنا أسيبك كام شهر أرجع الاقيكِ دخلالي بعيل....
_بس يا بت أنتِ....
تحسست بطنها المُنتفخة قائلة:
_ده حبيب مامي!.
❈-❈-❈
. "مساء اليوم التالي ".
ترجلَ" عُمر"من سيارتهِ أمام البناية، الساعة قد تجاوزت الثانية عشر بعد مُنتصف الليل، لأن يومهِ كان طويلاً مُمتلئ بالأعمال التي يجب عليهِ أنجازها، وآخرهم زيارتهِ لمغفر الشُرطة لمُتابعة التحقيقات المُتعلقة بقضية أبيهِ، وكالعادة لم يتوصلوا لأي شئ إلي الآن......
صعد سريعًا إلي الأعلي وتحديدًا شقة والدتهُ وشقيقتهِ، طرق علي الباب بهدوء فتحت لهُ "نادية"مُستقبلة إياه بإبتسامة ودودة،قائلة:
_عُمر تعالَ يا حبيبي....
أنحني يُقبل يديها قائلاً:
_عاملة أي؟
_الحمدلله يا حبيبي، أدخل أدخل....
أغلقت هي الباب من خلفها، بينما أخذ هو ينظر في أرجاء الشقة باحثًا عن شقيقتهِ، فـ لم يجدها، سأل والدتهُ:
_أومال البت أم لسان طويل راحت فين؟!.
تنهدت" نادية "قائلة:
_جوه في البلكونه...
_بتعمل أي فالبلكونة فالوقت ده!؟
_أهو أحسن من حبستها في الأوضة ليل نهار... أنا مش عارفة هي حارقة نفسها عليه لي كده ده كويس أنه غار، لا كنت بطيقه لا هو ولا امه...
_طيب أنا هدخل لها!
قالت كلماتهِ، ثم هرول إليها، وجدها جالسة شاردة تنظر إلي السماء امامها، كانت ملامحها مُنطفئة لم يسبق له وراها بهذا الأنطفاء دومًا كانت" سيري"المرحة المُفعمة بالنشاط والضحك.....
جلس علي الكرسي الذي بجانبها، شعرت هي بوجد احد بجانبها، لفت رأسها إليه، ثم عاودت النظر إلي السماء مرة آخري....
_مُمكن أرخم عليكِ شوية وأقعد معاكِ...
_ما أنتَ قعدت خلاص!.
أبتسم قائلاً:
_عاملة أي
تنهدت بمرارة تُجيبه بهدوء:
_كويسة!..
حاول فتح حديث معها يعلم أنها الآن بحالة لا يرثي لها، وأنها تائهة وحزينة، يجب أن يستدرجها فالحديث أولاً، ثم بعدها يسألها:
_الجو حلو النهاردة، والسما شكلها حلو..
لم تلتفت له، فقط أجابت بكلمة واحدة لا غير:
_آه
_بس عارفة القعدة دي ناقصها أي؟
نظرت إليه، ولم تتحدث، فأكمل بحنان بالغ:
_ناقصها ضحكة سيرين، سيرين بنتي إللي مربيها علي إيدي، ناقصها لمعة عنيكِ......
أغرورقت عينيها بالدموع، فصاح بها بحدة قائلاً:
_أوعي.... أوعي أشوفك بتعيطي علي أي حاجة مهما كانت أي، مفيش حد يستاهل دمعة واحدة من عيونك يا ست البنات، مش أحنا إللي نعيط علي راجل....
كتمت بُكائها، قائلة بنبرة مُتحشرجة:
_بس أنا كُنت بحبه يا عُمر وهو كمان كان بيقول أنه بيحبني، لي يتخلي عني في أكتر وقت أنا محتجاه فيه؟؟
_أنتِ مش محتاجة لحد، أنا جنبك، أنا كفاية، أنتِ مش محتاجة حد جنبك أحنا كلنا جنبك ده أنتِ فرحة البيت كله يا سيرين، وبعدين أي يعني بتحبيه، من أمتا وأحنا لازم كل حاجة بنحبها ناخدها، أو لازم كل حاجة تمشي زي ما أحنا عايزين، ربنا عمل كده علشان يظهر لك أنك حبيتِ او كنتي واهمة نفسك أنك بتحبي، واختارتِ الشخص الغلط....
أعتدل مُكملاً:
_ الشخص إللي من أول وقعة سابك وجري بالله ده راجل تعتمدي عليه، ده راجل أصلا، أنا لولا أنك رفضتي إني أعلمه الأدب كان زمانه مرمي فالمستشفي مش عارفين يداووه من اللي كنت هعمله فيه، بس علشان نزل دمعة واحدة من عيونك.....
تنهدت بحرارة، قائلة:
_يمكن كان أختيار غلط بس حبيته، وللأسف أنا دلوقتي بتحاسب علي اختياري الغلط ده!.
_مين قالك أنكَ كده بتتحاسبي، أنا لو منك أصلي ركعتين شُكر انه غار فداهية علي رأي ماما.... كل ما تفتكريه، افتكري ودانه إللي شبه ايدين الحلة ولا منخيره إللي كانت هتبقي مشاركاكم حياتكم،يا بنتِ دي كان جاي يبوظ لنا نسل العائلة....
ضحكت رُغمًا عنها، فأكمل هو بنفس النبرة المرحة:
_آه والله، أول ما تفتكريهم، هتلاقي نفسك بتحمدي ربنا، يا شيخة ده كان دمه تقيل تقل مش فاهم أنتِ كان عاجبك فيه أي، ده لما كان بييجي عندنا كنت بحس أن منخيره ساحبة الأكسجين كله من حوالينا كل حتة يتحرك فيها نفسنا يتكتم، خلاص شفط الاكسجين كله...... ماهو حجم عائلي بقا، يااه لو كنتو خلفتوا عيل مناخيره زي ابوه كان جه يوم نلقاهم بيقولو لنا تعالو بنتكم ماتت مخنوقة، عارفة لي علشان كان هيبقي هو وأبنه سحبوا كل أكسجين الشقة والعمارة كلها....
رُغمًا عنها أرتفعت ضحكاتها بصخب، فأبتسم هو بإتساع قائلاً:
_أيوه كده أضحكِ خلي الشمس تطلع، أوعي تزعلي يا حبيبتي، ده من رحمة ربنا بيكِ والله وبعدين هتكتشفي ده، هو مكنش شبهك ولاينفع لك...والله ربنا شايفك فحتة أحسن من كده ومع حد أحسن منه، عارف أنك زعلانه ده هما شوية زعل بس كده فالبدايات، وبعدين افتكري اللي أنا قولتهولك صدقني هتكرهي أمه....
ظلت الإبتسامة علي محياها، ثم أقتربت منه تحتضنه بإمتنان قائلة بشُكر حقيقي نابع من داخلها:
_أنا بحبك أوي يا عُمر، ربنا يخليك ليا!.أحنا تعبناك أوي معانا
شددَ من أحتضانها، مُتمتمًا بحب مُتبادل:
_وأنا كمان بحبك يا قلب عُمر... أوعدني أنك مش هتزعلي عليه تاني!.
خرجت من أحضانه، قائلة:
_أوعدك!.
_طيب حيث كده بقا أقولك علي المُفجأة....
عقدت حاجبيها معًا قائلة بفضول:
_مفجأة أي!.
بدأ يسرد لها بحماس:
_مش أنتِ كان نفسك تعملي شغل خاص بيكِ فمجال التصميم ويكون عندك مساعدين بقا وتشاركِ فعروض...
_أيوه؟ نفسي بجد، دي أمنيه حياتي بس بابا كان رافض
_طيب يا ستِ وأنا حققت لك الأمنية دي، أنت أحلمي وأخوك ينفذ...
توسعت عينيها غير، مصدقة،:
_أزاي ده!؟
_بصي يا ستِ، النهارده أنا كلمت وليد أبن عمة غالية وصاحبي واتفقت معاه أنه يدور لك علي مكان واسع ومناسب أنك تفتحي شغلك الخاص فيه، وكمان عملت أعلان أننا عايزين مصممين شاطرين وكمان عارضين علشان يبقوا في التيم بتاعك، ومن بكره هتنزلي مع وليد تشوفي الأماكن إللي لقاها، وتختاري معاه، وهو هيبقي معاكِ خطوة بخطوة....
صرخت بفرحة وحماس، نضهت تحتضنه بقوة، والسعادة تغمرها لطالما حلمت بأن يكون لديها عملها الخاص، وتحقق كل ما كانت تود تحقيقهُ:
_أنا بجد مش عارفة أقولك أي..... غير ربنا ميحرمني منك يارب!.
_حبيبتي.... طيب خدي المفجأة التانية، هخلي غالية تساعدك وتبقي معاكِ هي كمان درست نفس دراستك، وعلي فكرة شاطره جدا وموهوبة، بس يعني هنستني لحد ما تولد بقا...
دامت جلستهم لأكثر من نصف ساعة، وأصوات ضحكاتهم العالية لم تكف، ظل "عُمر" طوال تلك النصف ساعة، يحكي لها عن زكرياتها وهي صغيرة ومشاكلها التي كانت تفعلها ومصائبها، من ثم يُلقي عليها بعض النُكات السخيفة التي تُضحكها برغم كونها سخيفة، لكن "عُمر" يُلقيها بطريقة مُضحكة جدا.....
دخلت عليهم والداتهم، وقد شعرت بالفرحة، بسبب تحسن حالة إبنتها:
_بسم الله ماشاء الضحكة من الودن للودن اللهم بارك، اومال كنتِ ضربالي بوز لي بقالك أسبوع، ولا هو علشان عُمر، يعني
ضحكت، وضحك معها "عُمر" والذي قال بغرور مُصتنع:
_نحن نختلف عن الآخرون يا ست الكل....
لكزتة بنظرة غاضبة، ثم قالت:
_بس أنتَ كمان، ويلا قوم روح لمراتك الساعة داخلة علي واحدة قاعد كل ده ليه وسايبها لوحدها؟
_ده تلاقيها في سابع نومة أصلاً..
_لا مش نايمة مستنياك يلا قوم أمشي بقا؟
ضيق عينيهِ:
_وأنتِ عرفتِ منين يا حجة...
_بقولك مستنياك أي أفهم بقا... لازم اوضح يعني قدام البت اللي لسه مفركشة مفيش دم نراعي احاسيسها طيب؟
_لا في أي بجد هو النهاردة يوم مميز ولا أي؟
كادت تصرخ أو تشد شُعيراتها من غباء ولدها، صاحت بهِ بعصبية:
_أنتَ بقيت جلنف كده إمتا يا واد، لا وكمان ناسي... يخربيتك ده هتعملك كّفتة...
للحظة شعر أنه بورطةٍ ما لا يعلم ما هي، فتحدث يحاول فهم أي شيء يشعر أنهم يتأمرون عليه:
_طيب أي ما أنا مش عارف والله
ربعت يديها بعِند:
_لا مش هقولك؟ خليها تطين عيشتك تستاهل علشان تبقا تنسي بعد كده؟
_لا علشان خاطري قولي،ده أنا أبنك حبيبك،ترضي يعني أخد علقة،وبعدين غالية بقت شرسة جدا بسبب الحمل اللي جاي بخسارة عليا ده،دي أيدها طرشة.....
ضحكت "سيرين" قائلة لوالدتها:
_خلاص يا ماما قوليله، بدل ما تعمل فيه حاجة وساعتها هيكون حقها بس أحنا محتاجينه برضو....
_بالله لا تسمعي كلامها ده أنا الحيلة، بقولك بقت أيدها طرشة، وبتضرب فأي حتة تقابلها الحمل خلاها فيها صحة عني وعنكم مش فاهم أزاي....
تحدثت "نادية" بإستسلام:
_صعبت عليا أنتَ أبنِ حبيبي برضو
ناولها قُبلة في الهواء:
_حبيبتي يا ست الكل!
_النهارده عيد جوازكم يا بأف وأنتَ ناسي...
ضرب مُقدمة رأسه بتذكر، يا الله كيف له أن ينسي يوم مثل هذا، يحمد ربه أنه صعد إلي هنا اولاً لكي يعرف الآن من والدتهُ، كيف نسي، بالطبع "غالية" كانت تنتظر منه أي تلميح بأنه متذكر ولم ينسي، لكنه بالطبع كان ناسي تمامًا، لأن عقلهِ منشغلاً بمئة شئ، نعم نعم، تذكر أنها كانت تُلمح له بشيئًا من هذا القبيل في صباح اليوم قبل أن يخرج، لكنه غبيًا لم يفهم أي شئ، بالتأكيد هي الآن تنتظره علي أمل آنه تذكر.....
_ياه أزاي نسيت، راح عن بالي خالص، ده أنا كنت فاكر من كام يوم بس النهارده نسيت خالص...
_شوفت، أدعي لأمك بقا؟طبعًا مجبتش لها أي هدية بالمناسبة دي؟
رفع سبباتهُ يقول بعيون ضيقة:
_أوعي تقولي أنك هتنقذيني وتمنعي بيتِ من الأنهيار والواد اللي جاي لسه علي الدنيا أنه بتشرد من غير أب، وجبتِ هدية....
_صح يكش يطمر بس.... أنا بعمل كل ده لوجه الله...
نهض يُقبل يديها:
_متحرمش منك يا نبع الحنان يا مصدر الحب والأطمئنان، ربنا يخليك لينا
_خلاص أنتَ هتشحت؟ هروح اجيبها....
يتبع