رواية جديدة خبايا الهوى لهاجر التركي - الفصل 23 - 2 - الإثنين 15/4/2024
قراءة رواية خبايا الهوى كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية خبايا الهوى
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة هاجر التركي
الفصل الثالث والعشرون
2
تم النشر الإثنين
15/4/2024
الإضائة المُنبعثة من شُرفة الغُرفة المفتوحة، أضائت الغُرفة بالنور الطبيعي، وليس هناك داعي لإضائة أنوار الغُرفة، كانت تجلس علي مِقعد وثير، متوسط الحجم، أمام بابا الشُرفة تنظر إلي الخواء أمامها بشرود تام، هاتفها كُل دقيقة وللآخري يُعلن عن وصول رسالة ما أو مُكالمة، لكنها لم تُبالي، بل ظلت مُثبتة نظراتها أمامها فقط لا تحيد عن ذالك......
دمعت عينيها بدموع الحنين والإشتياق، فرت دامعة ساخنة علي وجنتيها الحمراء آثر بُكائها مُنذ قليل، لا تُصدق بالتأكيد هي تحلم وكلها دقائق وتستيقظ ويعود كل شئ كما كان، تعود البهجة للمنزل، وتعود الحياة تدبُ فيهِ مرة ثانية، وأهم شئ يعود والداها، أغمضت عنيها بألم وقد هطلت دموعها رُغمًا عنها تُعبر عن مدي الألم التي تشعرُ بهِ، هي ليست بحلم، أنها بقلب الواقع، الواقع المرير، الذي أنقلب علي رأسها وتحطمت فرحتها وأنطفئت.....
هذهِ الأيام أثقل مما تبدو أنها تعبُر من فوق قلبها، لقد فقدنا شخصًا واحدًا، لماذا يبدوا العالم فارغ هكذا، لكن هذا الشخص لم يكن يومًا شخصًا عاديًا أو عابرًا، أنه أبيها، بطلها الأول، وحبيب أيامها، الذي لا يُعوض أبدًا مهما حدث، قلبها يحترق بشدة كُلما تذكرت أنه قد مات غدرًا، ومات قتيل في قلب مكتبهِ، تشعرُ حينها بغصة مريرة تَقفُ في مُنتصف حلقها
"عُمر"، نعم" عُمر"، هو المُتسبب الوحيد في كل ما حدث، هو السبب هي مُقتنعة بذالك، فَـ لو كان يقف بجانب ولداهِ كتفًا لكتفَ طوال الفترة الماضية لكان عَلِمَ من الذي فعل هذهِ الفعلة الشنيعة، فـ هي مُتأكدة أن من فعل هذا ليس سوى أحد أعداء أبيها في مجالهِ، ولو كان "عُمر"، ينتيه لأمور عمل أبيه ولا يركض وراء هُراء فارغ لكان عرفَ من هو بالتأكيد كان سيعرف أعداء والدهِ وأكثرهم عداوة مع أبيها.......
تشعرُ باليغض تجاه شقيقها مازالت علي رأيها، و مُقتنعة أنه هو السبب لأنه لم بطن بجانب أبيهِ، مُنذ وفاة أبيها وهي لم تتحدث إلي" عُمر"، ولا حتي تود التحدث إليه، كُلما تراه يجتاحها شعور بالبُكاء........
مسحت دمعاتها سريعًا، ما أن سمعت صوت طرقات علي باب الغُرفة المُوصد، حمحمت بهدوء، من ثم هبت من مكانها، وتقدمت تفتح الباب، وجدتها زوجة أخيها، سمحت لها بالدخول، ثم سبقتها هي تجلسُ علي السرير، بملل......
_بتعملي أي سيري؟
_ولا حاجة قاعدة....
جلست بجانبها، تحاول أن تفتح معها حوار كي تُخرجها من هذهِ الحالة:
_طيب ما تنزلي تقعدي معانا تحت شوية بدل ما أنتِ قاعدة لوحدك كده ليل نهار؟
أجابتها ببرود وعدم أهتمام:
_لا أنا مرتاحة كده
_مالك يا سيرين فيكِ أي؟ أنتِ كويسة طيب؟
_أيوه الحمدلله...... كُنتِ عايزة حاجة ولا أي؟
تنهدت قائلة:
_لا، بس كُنت عايزاكِ تنزلي تقعدي تحت شوية بدل الحبسة دي، صدقيني حبستك كده مش هترجع حاجة؟
_لا أنا تمام، أنا بس مش عايزة أشوف حد ولا أتكلم مع حد!
_طيب علشان خاطري تعالي ننزل الجنينة شوية، وتفضفضي وتتكلمي وتقولي كل اللى مزعلك، أنا عارفة أن اللي حصل كان صعب، بس هو والله صعب علينا كلنا؟
هزت رأسها بمعني الموافقة، دون جدال، هي بالأساس لا تقّدر علي الجدال، ليس لديها طاقة، إبتسمت "غالية"، بإنتصار، لأنها نجحت أخيرًا في جعلها تخرج من هذهِ الغُرفة اللعينة..........
❈-❈-❈
أخذو يسيرون ببُطء في الحديقة الواسعة المُلحقة بالمنزل، حديقة كبيرة تحاوط المنزل بأكملهِ كان يسيرون دون حديث، حت قطع الصمت صوت" سيرين"، والتي هتفت بحاجب مرفوع، بينما كانت تنظرُ ناحية الرجال الكثيرون المتواجدين حول البوابة، وبداخل الحديقة، وبما أنها لا تخرج من الغُرفة، فللتو رأتهم:
_هُما مين دول يا غالية؟
نظرت الآخري مكان ما أشارت، ثم أجابتها ببساطة:
_دي رجالة حراسة عُمر أصّر أنهم يقفوا علي البوابة وحوالين البيت كله كـ حماية لينا؟
لوت ثُغرها بأستهزاء قائلة:
_بعد أي بقا؟
أستغربت طريقتها العدائية في الحديث، فهتفت قائلة:
_قصدك أي؟ مش فاهمه
_يعني كان فين الخوف ده قبل ما بابا يتقتل بدم بارد، دلوقتي عُمر أفتكر!!
وصلوا إلي طاولة صغيرة دائرية، يلتفُ حولها أربعة كراسي، كل منها سحبت كُرسي وجلست عليهِ، سألتها "غالية"، قائلة:
_أنا ملاحظة أنك بتتكلمي عن أخوك بطريقة وحشة، هو فيه أي، هو عُمر قالك حاجة؟
_وهو ليه عين يتكلم، بعد إللي عمله ده
_عمل أي؟
رجعت الآخري إلي الوراء بأرياحية، قائلة ببساطة، وكأنها تقول شيئًا عاديًا:
_أيوه جوزك السبب، عُمر السبب في موت بابا، مش بعيد يطلع هو إللي قتله كمان؟
شهقة كبيرة خرجت من" غالية"، تنظرُ لها غير مُصدقة، كيف لها أن تقول هكذا عن شقيقها:
_أنتِ واعية أنتِ بتقولي أي يا سيرين؟
_آه واعية أوي كمان، لو كان عُمر وقف جنب بابا وماسبوش لوحده في وش اعدائه يستفرضوا بيه لأنه بقي لوحده، مكان زمان دي كله حصل، وكان زمان بابا وسطنا دلوقتي؟
_وهو كان هيعرف منين أن كل ده هيحصل...؟؟
_والله، يعني مش عارف أن أبوه راجل أعمال كبير وأكيد ليه أعداء كتيرة حواليه وكل واحد عايز ينهش حتة منه من غير رحمة، ليه سابه لوحده وسطهم، وسط الديابة والكلاب؟!.
أخذت تلهث في نهاية حديثها، آثر أنفعالها الكبير أثناء حديثها، كانت تُلقي الكلمات بإنفعال كبير وعصبية، وقد أخذت وضع الهجوم، لم تدري الآخري بما تُجيبها، فنصف حديثها شبه منطقي، لكن هل كان سيُنجم ويعرف أنه سيحدث ما حدث؟؟......
_بس عُمر فعلاً مش ساكت يا سيرين، أنتِ متعرفيش هو قد أي تعبان وبيعمل كل اللي في إيده وإللي مش فأيده علشان يجيب حق عمي الله يرحمه
أي شئ تقوله، أو أي شئ يقوله أي أحدٍ في هذه النقطة تحديدًا تعتبره هُراء لا فائدة منهُ، فهي مازالت علي رأيها ومُقتنعة تمام القناعية أن ما كان سيحدث شئ مما حدث لو كان بجانب أبيها، فهتفت بسُخرية من كلماتها:
_والله فين ده؟ بأمارة أي؟ هاا بأمرة ما رجع يمارس حياته عادي بعد اسبوع من اللي حصل، لا وكمان أي رجع الشركة وأخد مكتب بابا، ماهو خلاص بقا رجع مكانه اللي عمل كل حاجة علشانه، علشانه تعرفي بس أنه أناني.....
صُدمت بل زُهلت، لا تُصدق أن هذهِ الكلمات تخرج منها هي، أنهُ"عُمر"، شقيقها، لا يوجد أحد يحبها بنفس قدر حُب "عُمر"، لها يدللها لا يؤخر عنها طلبًا مهما كان هو، كيف لها أن تتغير من ناحيتهُ إلي هذا الحد، ماذا فعل هو لتنقلب عليهِ هكذا وكأنه عدوها وليس شقيقها، وكأن من تتحدث عليه والداها هي فقط وليس والدهُ هو أيضًا........
كادت" غالية "أن تتحدث مُعاتبة إياها علي ما تتفوه بهِ بغير حساب، وتُوضح لها موقف زوجها مدافعة عنهُ، لأنها أكثر شخص يعلم أنه يُعاني وبشدة أكثر من أي أحد، وإن صلابتهُ هذهِ التي تظهر لهم في صورة برود ولا مُبالاة ما هي إلا قناعًا يرتديهِ أمامهم فقط، وأنهُ عندما يعود إلي غُرفته في نهاية اليوم، ينهار كل هذا الجليد، ويرتمي باكيًا بين أحضانها بعد كل هذهِ الصلابة المُزيفة.....
لكن قاطعَ حديثها دخول زوجة عمهِ" ليلي"، تلك السيدة التي تُطالعها دائمًا بنظرات غريبة عدائية وكأنها قتلت لها قتيل، وهي لم تفعل لها أي شيء بالمرة، هي بالأساس لا تتعامل معاها، أنتفض هُما الأثنين من جلستهم عندما وجدو عدد لا بأس بهِ من رجال الشُرطة يسيرون بجانبها، بينما هي تُطالعهم بنظرات شامتة لا يعلموا لماذا؟، تقدمت منهم بثقة وغرور رافعة رأسها، وبداخل عينيها نظرات غل وحقد فشلت في إخفائهم........
_صباح النور..... أها سوري معلش قطعت عليكم القعدة الحلوة دي..... بس معلش بقا كان لازم أجي بنفسي علشان أنهي فقرة أستضافتكم في بيتي،وأودعكم وأنتو بتخرجوا منه......
❈-❈-❈
وضعت الفتاة العاملة في قسم الحسابات، عدة ملفات أمام "عُمر"، الجالس علي مقعدهِ بمكتب أبيهِ، ببذلتهِ الرسمية السوداء، يتفقد كل ما حدث الفترة الماضية بتركيز كبير، يُريد أن يُحصي كل شئ حدث في غيابهِ، وما الجديد، فهذهِ الشركة قَد بُنيت علي أكتافهِ ولم يكن التفريط فيها سهلاً إلي هذا الحد.......
أغلق الملف الذي بين يديهِ، ثُم رفع عينيهِ إلي الواقفة أمامهِ تنتظر تعليماتهِ أو تعليقهُ علي ما بين يديهِ، حمحمَ قائلاً بجدية:
_في ملف ناقص.... ملف مُناقصة شركة عزام السوايدي، آخر مُناقصة!.
_الملف ده كان مع يوسُف بيه الله يرحمه، لقي فيه شوية أخطاء فـ اخده يعدله بنفسه....
ناولها الملفات قائلاً:
_طيب أبعتلي حُسام، ونُص ساعة وأبقي أبعتلي محمد علشان أراجع كل المُناقصات القديمة اللي حصلت في غيابي!
أومأت لهُ بتفهم، ثم خرجت بهدوء، مُغلقة الباب من خلفها، بينما إستندَ هو بجزعهِ العُلوي إلي الوثير، تقريباً قد مضت ستة أشهور وهو غائبًا عن هُنا، أنها فترة طويلة بالفعل وكانت فترة عصيبة للغاية وثقيلة عليهِ بشدة، لكنهُ قد عاد أخيرًا، عاد إلي موطنهِ ومكان إنتمائهُ، ألقي نظرة خاطفة علي صورة والدهِ رحمهُ الله، الموضوعة أمامهِ أعلي المكتب، إغرورقت عينيهِ بطبقة شفافة من الدموع، قد عاهدا نفسهِ أن حق والدهِ لن يأتي بهِ أحدً غيرهِ ولن ينتظر تصرف الشُرطة، حق والدهِ في رقبتهُ هو، وقريبًا سيعرف من المُجرم ويفعل بهِ ما يشاء أنتقامًا منهُ.......
أستمعَ إلي صوت طرقات علي باب المكتب، عَلمَ أنه "حُسام"، سمح له بالدخول، تقدم منهُ" حُسام"قائلاً ببشاشة:
_أيوه كده هو ده الكلام.... دي الشركة نورت والله العظيم!
_أقعد يا حُسام، عملت...
جلس علي الكرسي المُقابل له، هتف الآخر يسأله بجدية:
_عملت أي في إللي قولت لك أعمله؟
_روحت الصبح للشركة بتاعة صيانة الكاميرات، وعرفت أن كاميرات الڤلة أتعطلت بفعل فاعل ومن البيت نفسه كمان.... أنا حقيقي احتارت؟؟
_تمام أنا هتصرف، عرفت أنا هعمل أي، الطريقة الحنينة دي مش هتجيب نتيجة، هبدأ استعمل بقا طريقة تانية.....
_يا عُمر أنا شايف إنك كده بتحط نفسك قدام المدفع، أنتَ كده هتبقي في خطر، نفترض المُجرم ده عرف إنك بتدور وراه وحاول يخلص منك أنتَ كمان، ساعتها بقا هنعمل أي.....
قاطعَ حديثهم أرتفاع رنين هاتف "عُمر"، وكان المُتصل زوجتهُ، قلقَ أن يكون قد حدث لهم شيئًا في غيابه، أو أصابها هي شيئًا او طفلهُ، فأجابَ سريعًا، أتاهُ صوتها المُختنق من البُكاء، تقول له ببكاء هستيري:
_الحقنا يا عُمر
أنفزع، وأنتفضَ قلبهِ من الخوف، أجابها بصوت مهزوز:
_أي في أي؟
أرتفع نحيباها أكثر، وذدات شهقاتها، تحدثت قائلة من بين بُكائها:
_مرات عمك جايه ومعاها البولبس وعايزين يطلعونا من البيت وبتقول أن ده بيتها......
يتبع