رواية جديدة قابل للكتمان لخديجة السيد - الفصل 3 - 5 - الثلاثاء 30/4/2024
قراءة رواية قابل للكتمان كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية قابل للكتمان
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة خديجة السيد
الفصل الثالث
5
تم النشر يوم الثلاثاء
30/4/2024
كان شاهين يجلس في منزله بجانب زوجته علي الأريكة، يتفحص الهاتف بتمعن يقلب الصور وكل مرة يدقق في ملامح أحفاده الاثنين بحب، وشعر بالضيق لأن حفيدة الآخر بعيد عنه بسبب انفصال إبنه عن زوجته أغلق الهاتف ونظر إلى زوجته التي كانت تشاهد التلفاز بتركيز، ثم عقد حاجبيه متنهدا بعدم رضا
= بقول لك ايه ما تحاولي مع ابنك تخليه يشاور عقله كده ويرجع غاده مراته على ذمه
من تاني حتى عشان خاطر العيل اللي بينهم وابنك مكبر دماغه منه ومش بيسال فيه
استدارت بجسدها له عبست ملامحها بعبوس
وعقدت حاجبيها مغمغة بضيق
= يا شيخ افتكرلنا حاجه عدله ما لقيتش غير البنت دي ترجعها هنا تاني، ده انا لما صدقت خلصت منها وابنك طلقها دي كانت لسانها طويل ومتبري منها وما كانتش بتساعد في شغل البيت ابدا، وبعدين بيني وبينك بقى ابنك ما كانش بيستريح معاها خالص واحنا كنا شايفين ده بعنيني يبقى نرجعه ليه للهم تاني.. اذا كان صوتها كان بيوصل لنا من هنا وابنك مش بيقدر يفتح بقه معاها دي بنت عينها قويه
تنهد بحنق وهو يرد بتشنج مقصود
= ابنك كده كده مش بيقدر على واحده ولا بيعرف يمشي حاله وهيفضل على طول كده الست هي اللي ممشيه، بس انا بقول اللي نعرفه احسن ما نعرفوش وكفايه ان بينهم عيل ما لوش ذنب وبعدين هو هيفضل كده من غير جواز كتير، غير انا مش داخل دماغي أنه طلع بسمه من دماغه خالص بالسرعه دي يخوفي ليكون قاصد يفضل كده من غير جواز عشانها
لم تتفاجأ مايسه كون أبنها الكبير كان معجب بزوجه أخيه بالأول لانه أخبرها بذلك بالماضي ولم تعترض مثله علي أن أبنها معاذ أحق بها، تأففت بضيق وهي تستمع إلى حديثه ثم ردت باستياء
= بلاش مخك يروح لبعيد ده لما تكون هنا الواد بيحبس نفسه في الاوضه لاما يطلع شقته فوق، حتى عينه ما بتترفعش من على الارض طول ما هي موجوده قصاده، ده في مره حتي طلعت تاخد منه الهدوم عشان نغسلها نبه عليا ما تطلعش تاني ولما تكون مستعجلين عليهم قال لي سيبيهم انا هغسلهم على أيدي بس ما تطلعش .
بدت ملامحه أكثر جمودًا وصلابة عن سابق، وهتف قائلاً بشك أكثر
= طب ما ده يخليكي تشكي اكثر انه بيحاول يبعدها عشان بيفكر فيها لسه.. يبقى انا كلامي صح ولازم إبنك يرجع لمراته او حتى يتجوز غيرها المهم ما يفضلش قاعد كده ودماغه عماله تودي وتجيبه لازم واحده تدخل حياته.
أبتلعت زوجته ريقها بقلق شديد من حديثه وصمتت تفكر بشكل جدي ثم أردفت قائلة بنبرة متوجسة
= انت هتقلقني ليه بس إبنك لا مش كده، بس هو انت معاك حق برده ان فعلا لازم يتجوز عشان لو في حاجه في دماغه كده ولا كده ينساها دي خلاص بقت مرات اخوه لازم غصب عنه ما يفكرش فيها .. بس برده البنت اللي اسمها غاده دي مش هترجع على ذمته تاني انا كفايه عليا مستحمله أختها بالعافيه يتجوز أحسن غيرها.
ارتفع حاجبه الأيسر بتفكير عميق دون فائدة، لكنه رغم ذلك أجاب بشكل جدي
= و ابنك برده منشفه دماغه زيك ومش عاوز يرجعها.. ماشي نشوف لي واحده غير غاده بس هنجوزه مين يا ترى؟
وفي ذلك الأثناء لم يلاحظ احد وجود منذر بالخلف وقد استمع الى حديثهما، تجمدت نظراته بعد استيعاب بعد أن أدرك أمر والدته بأنها كانت تعرف أنه معجب ببسمه في البداية أيضًا، ولم تعترض أو تفكر فيه أو في أمره على الإطلاق.. ومثل كل مرة كان الاهتمام والتفكير فقط في معاذ.
كان بطلته واقف بين الجدارة، رمش بعينه بحسرة من قسوة أهله، لا يعلم حقًا لماذا يفعلون به هذا رغم ما يفعله معهم طوال الوقت! تحرك ليغادر إلى غرفة المطبخ قبل أن يراه أحد، وهو غير مصدق لما اكتشفه للتو بالصدفة من هذه الحقيقة المرة التي لم تخطر على باله من قبل. ومن باب الشفقة على وضعه كانوا يفكرون أيضا في زواجه للمرة الثانية من أجل أخيه؟ يبحثون دائمًا ويفكرون في اهتماماته ومصلحته بينما لا أحد يفكر فيه! لكن هذه المرة لم يستطع قبول زواجه للمرة الثانية باختيارهم. لقد اكتفى ما رآه وشهده من رغد، فلم يكرر هذه التجربة.
شعر بجفاف حلقه، فمد يده ليرتشف الماء من الصنبور و وقف لبضع ثوان يتنفس الصعداء. فبدأ على وشك البكاء، لكنه استطاع السيطرة على نفسه. فالبكاء هو الذي يسانده دائماً في هذه اللحظات.. البكاء الذي حرم منه في الماضي! وأصبح يفعل ذلك سراً حتى لا يبوخه والده ويخبره أنه ليس رجلاً حقيقياً.
عاد يفكر مرة أخرى كيف سيخرج من هذا المأزق؟ لكن ليس أمامه إلا حل واحد: أن يسبقهم ويختار هو بنفسه هذه المرة العروسه، المناسبة له و لحالته الخاصة.. ولكن من هي وأين سياجدها؟ فهذه المرة عليه أن يبحث عن شخص قابل للكتمان حتى لا يفضح سره!
❈-❈-❈
في الكافتيريا، زفر الآخر بحرارة وهو يضع قدح القهوة علي الطاولة، ثم نظر نحو ضحي وقال بضيق
= مالك يا ضحى عماله تبصي حواليكٍ كده ليه هو انا خاطفك كل ده عشان طلبت منك نقعد على انفراد! ما احنا في المدرسه ما بعدناش اهو حتى
تمتمت بخجل وهي تفرك يدها بتوتر
= معلش يا أستاذ بس بصراحه مش متعوده اقعد كده مع حد غريب، وبعدين احنا في المدرسه اللي بنشتغل فيها و ده يخلي الناس تتكلم اكتر ممكن حضرتك تتكلم بسرعه وتقول لي ايه الموضوع اللي انت عاوزني فيه عشان انا لحد دلوقتي مش فاهمه حاجه، و لما حضرتك مش عاوزني في شغل امال ايه الموضوع اللي هيكون عاوزني فيه على انفراد
تنهد بقوة باستسلام ثم قال بصوت هادئ
= حاضر زي ما انتٍ عاوزه هتكلم علي طول مع اني واحده غيرك المفروض تكون فهمت الموضوع! جايبك هنا في الكافتيريا وبقول لك عاوزك في موضوع خاص على انفراده يخصنا احنا الاثنين يبقى تفتكري هكون عاوزك في ايه ؟.
هزت رأسها بعدم معرفة وببلاهه، ليكمل قائلاً بجدية
= انا جايبك هنا يا ضحى عشان اعرض عليكي الجواز؟
شهقت بصوت خفيض بعدم تصديق! واعتقدت أنها ربما أساءت الفهم او السمع لذلك ظلت مكانها بصمت ولم تتحرك أنش واحد، عقد حاجبيه باستغراب وهو يتسال باهتمام
= ضحى انتٍ سامعاني انا بقول لك بطلب ايدك للجواز انتٍ ساكته ليه ومبلمه كده
تهدجت انفاسها من اعترافه للمره الثانيه فمعنى ذلك ما استمعت اليه صحيح لقد عرض عليها الزواج؟ هناك شخص تقدم إليها وأخيرا بعد تلك السنوات الماضية كانت لا تستوعب الامر حتى الآن؟ فما يحدث امامها تمنيته كثيراً بالفعل لكن لم تتوقع حدوثه.. برقت أعين ضحي بسعادة وقالت بعدم تصديق
= يعني انا سمعت صح حضرتك عاوز تتجوزني انا! استاذ صالح انت بتتكلم بجد اصلي حاجه مش متوقعه بصراحه .. انت بجد عاوز تتجوزني ولا بتهزر .
مط شفته للجانب ساخراً بملل وهو يقول بتكبر
= يعني تفتكري دي حاجه ينفع اهزر فيها يا ضحى، ايوه اللي سمعتي صح انا عاوزه اتجوزك و عاوز نمره ولدك عشان اطلبك منه كمان.. مش فاهمه مش مصدقه ليه يعني ؟ هو انتٍ مش زي اي بنت ومسيرك تتجوزي ولا انتٍ عامله اضراب على الجواز ولا حاجه
ارتعشت يدها من المفاجاه والفرحه وكل خلايا في جسدها كادت أن تنطق من السعادة، فلا أحد يصدق ما تشعر به الآن؟ أخيراً ستتخلص من لقب عانس! ومن تعليقات المجتمع والناس السخيفه وترتبط بشخص! صحيح يكبرها بخمس سنوات ومن الواضح بأنه سبق وتزوج وهي ما زالت عذراء ولم يسبق لها تجربة الزواج، لكن لا هناك مشكله فهل كانت تحلم بان يتقدم اليها احد من الأساس! هزت رأسها نافية وبابتسامة مشرقة قالت بحرج
= لا الموضوع مش كده بس يعني حضرتك عمرك ما لمحت لي عن حاجه زي كده وعلى طول في حالك وما لكش صداقات فمستغربه الموضوع.. انا اصلا فكرت حضرتك متجوز بصراحه رغم اني مش شايفه دبله في ايديك .
زفير حار اخرجه بقوة وهو يتطلع إليها قبل أن يتحدث بجدية
= هو انا فعلا كنت متجوز بس ما حصلش نصيب، مطلق يعني وما عنديش اولاد، اما كوني يعني مش بلمحلك فانا بصراحه مش من الرجاله اللي لما تعجب ببنت يفضل يعبر بالهدايا والكلام الرومانسي والحاجات دي انا بطلب اتجوز على طول وانا شفتك يعني انك محترمه ومناسبه ليا عشان كده قلت لازم افتحك في الموضوع واشوف رايك .
كان أمر بأنه لم ينجب أطفال حتى الآن بالتأكيد سيسير استغربها لكنها لم تعلق رغم ذلك! فهو رجل لقد تجاوز الاربعينات فلما؟ لكنها ركزت في شيء واحد فقط بانها ستتزوج وتتخلص أخيراً من أقوال المجتمع القاسية .. ولقب عانس!.
زحفت الحمرة نحو وجنتيها وهي تطرق برأسها للأسفل تحاول السيطرة على سعادتها البالغة، ثم قالت بصوت ملهوف
= حاضر هديك نمره بابا ومنه هتعرف رأيي، بس أنا اتاخرت بقى ولازم امشي على طول عن اذنك.
نهضت ضحي لترحل والسعاده لا تسعها، لكنه غمغم الآخر بسرعه بغموض
= ضحى استنى انا لسه ما خلصتش شروطي اقصد كلامي يعني، في حاجه كمان عاوز اقولها لك اصل انا بحب ابقى على نور من البدايه طالما مش بعمل حاجه غلط ولا حرام .
عادت إلى المقعد لتجلس مجدداً، وهتفت بتوجس نوعاً ما
= اتفضل سمعاك .
صمت لعدة لحظات تبعها متمتم بنبرة ذات مغزى
= بصي يا ضحى من غير يعني لف ودوران انا من ضمن شروطي للجواز هتكون حاجات كتير صعبه ممكن عليكي، بس اهمهم و اللي لازم افتحك فيه دلوقتي ان بعد جوازنا لو حصل نصيب تعملي حسابك ان انا ممكن اتجوز تاني عليكي عادي لان انا مش بكتفي بزوجه واحده .
انحسرت ابتسامتها فجاه بقلة حيلة وانتشرت الصدمة علي ملامحها، فلما لا يوجد خبر جيد يكمل للآخر بحياتها وسط تلك الغمامة الرمادية، تخشب جسدها وعضت شفتيها بقهر
وأضاف هو ببساطة وهو يرتشف القهوة
= واظن دي لا حاجه عيب ولا حرام طالما هعرف أعدل ما بينكم ومش هقصر مع واحده فيكم .. قلتي ايه.
هل وصل بها الأمر إلى ذلك الحد، ستتنازل عن حقوقها البسيطة وتقبل بذلك العرض الغريب لأجل التخلص من ضغط المجتمع واهلها عليها، عبست ملامحها وهي تهمس بضعف
= لا انا مش فاهمه او مش مستوعبه هو مش لسه حضرتك قايل لي انك مطلق يبقى ازاي يتتكلم في موضوع أبقي زوجه تانيه .
هز كتفيه بلا مبالاة وقال بجمود
= لا انتٍ فهمتي غلط انتٍ هتكوني الأولى لان انا فعلا مطلق و مش بكذب عليكي وتقدري تسالي عليا بنفسك، وعلى فكره مراتي السابقة برده كان من ضمن شرطي عليها ان انا اتجوز عليها تاني وهي كانت موافقه بس احنا اختلفنا بعد كده في موضوع تاني وبعد كده انفصلنا عشان كده بعرض نفس اللي عرضته عليها من البدايه ان انا احتمال كبير اتجوز تاني ولازم يكون بموافقتك لان انا مش من النوع اللي بيعمل حاجه في الخفه طالما ربنا محللها ليا..
رفعت ضحي وجهها إليه بصمت! استطاع حقا فعلها أن يكسرها ضغط المجتمع.. أن يدعس بكرامتها في التراب!.
فكرت بأنها تريد صـفعه.. تريد أن تضربه أرادت المغادرة. فأليس يعتبر هذا إهانة لها. صحيح أنها لا تملك الكثير من المعلومات عن دينها للأسف، لكنها تعلم أن شرع الله حقا ولا تعترض على ذلك! ولكنها تعلم أيضًا أن تعدد الزوجات من المفترض أن يكون بشروط معينة وخاصة يصعب على البعض أو الكل التوفيق بينهما، كما تعلم أنه من المفترض أن يتزوجها بالأول ثم يفكر في الأمر حتى يرى ما فيها من عيوب حتى يقترح رغبته بالزواج مرة أخرى، لكن ذلك يطلب موافقتها على زواجه للمرة الثانية. وهو لم يتزوجها أصلا. من هو هذا الرجل حقًا وكيف يفكر كذلك.
عبس ملامحه باستياء وهو يضيف بتحذير قوي
= بس لازم تكوني حاطه في اعتبارك انك لو وافقتي وجيتي بعد الجواز رفضتي فانا اسف مش هدي لاعتراضك اي اهتمام لان انا من البدايه صريح معاكي! يبقى انتٍ كمان لازم تلزمي بوعودك وتكوني صريحه معايا هل موافقه تكون في زوجه ثانيه في حياتك ولا لاء ؟.
تلعثمت وهي ترى نظراته المهتمة في رأيها بعد أن فجر تلك القنبلة في وجهه أنه إذا تم زواجهما فعليها أن توافق على شرط أن تسمح له بالزواج مرة أخرى، ستتقاسم فيه مع امرأة أخرى. بالطبع يجب أن ترفض، فهل ستتمكن من تحمل شيء كذلك أيضًا؟ لكن هذا هو أول شخص يتقدم لخطبتها وأخيراً بعد طول انتظار! بعد أن كانت تدعو في كل وقت أن يرزقها زوجاً! حتى تنهي بعض التعليقات السخيفة التي تثار حولها، كونها لم تتزوج بعد لأن عمرها تجاوز الخامسة والثلاثين ولم تتزوج بعد، وتريد أن تتخلص من الخلافات العائلية المستمرة. علاوة على ذلك، فإن ما أحزنها أكثر و جعلها تفقد الامل.
هو أن لم يتقدم لها أحد من قبل، وهو الآن أمامها أخيرا، لكنه يضع شرطا مقابل هذا الزواج، وصعب وليس من السهل قبوله! فهل سترفض بعد كل ذلك ما كانت تتمناه وتطلبه من الله منذ سنوات طويلة؟ ظلت صامتة لفترة طويلة دون جدوى حتي أخيراً هزت رأسها يائسة قبل أن تهتف بضعف
= اديني فرصه أفكر طيب!.
همست بألم وكل حرف تخرجه تعنف نفسها و تلعن غبائها ولسانها الذي نطق بأشياء لم ترغب قولها.. فلما هي لتلك الدرجة ضعيفة؟!!، كانت علي وشك ان تقول لا لكن لسانها خانها لتلك المرة ولن تنكر انها لن تستطيع قولها ابدًا... برغم هواجسها من القادم.. برغم ضيقها
فربما ستصبح أكثر من مجرد زوجة واحدة في حياة زوجها المستقبلي... برغم حنقها منه وهو يملاها شروطه كأنه يأمرها وهو على يقين تام بانها ستوافق وتستسلم للامر خاضعه بسبب ذلك المجتمع القاسي عليها، برغم رغبتها في فعل أشياء كثيرة إلا أنها يبدو تستسلم فوراً و تنسحب ببطء رافعة الراية البيضاء وتخبر جيوشها أن الحرب ستعلن في المرة القادمة .
يتبع..
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة خديجة السيد، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية