-->

رواية جديدة نسائم الروح الجزء الثاني من ميراث الندم لأمل نصر الفصل 15 - 1 - الثلاثاء 9/4/2024

 

قراءة رواية نسائم الروح 

الجزء الثاني من رواية ميراث الندم كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى







رواية نسائم الروح 

الجزء الثاني من رواية ميراث الندم

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر

الفصل الخامس عشر

1

تم النشر يوم الثلاثاء

9/4/2024



توقف السيارة السوداء في الشارع المظلم، على مقربة   من المشفي الخاص، ليترجل صاحبها بوزنه الثقيل ،  وينفث الدخان الكثيف في الهواء من سيجارته التي يدخن بها، قبل ان يرفع الهاتف الى اذنه متابعا اتصالاته المستمره، وقد اتخذ موقعًا لا بأس به، كي يتسنى له المراقبة ومعرفة كل جديد اولا بأول


- ايوة يا واد، ايه الاخبار؟

وصله الصوت من الجانب الاخر:

- ايوة يا كبيرنا، انا دلوك مستني الفرصة، غازي الدهشان ساب المستشفى، والراجلين اللي حاططهم حراسة لساتهم صاحين ومفنجلين عينيهم جدام الباب. 


عقب يأمره بحزم:

- مفنجلين ولا حتى حاطين كشافات، الليلة المهمة دي تخلص، انا مش ماشي من هنا غير وانا واخد منك الخبر الأكيد، فاهم ولا لاه؟


- فاهم يا بوي، والله فاهم، بس المسألة كدة معجربة جوي، وانا عايز بس فرصة، فرصة ادخل فيها الأوضة وساعتها هخلص هوا.


- اممم

زام الاول بتفكير متعمق ثم سرعان ما لاحت بعقله الفكرة الشيطانية، 

- انا وجدتها يا واد هتاخد الفرصة اللي بتجول عليها، بس اديني دجايج بس وانا انسق مع  اللي هيسهلك، الليلة يا جاتل يا مجتول. 


❈-❈-❈


طرق على باب غرفتها بعدما يأس من خروجها إليه، منذ عودتها معه من زيارة شقيقها وقد تبدل مزاجها من الفرح الشديد الى حزن وشرود، يعلم السبب الرئيسي لهذا التغير وهو خشيتها من رد فعل شقيقها ان علم بخبر زواجه منه:


- ايوة يا يوسف عايزة ايه؟....

كان هذا الرد الذي وصله منها، بنبرة باكية تؤكد من صحة ظنونه، ليدفع الباب دون انتظار ويلج اليها داخل الغرفة مندفعًا بقلقه عليها، قبل ان يقطع ويتجمد محله لما وقعت عليه عينيه:


- عايز اشوفك واطمن عليكي و.....


شهقت هاتفه بها بإجفال اصابها، لتنهض عن طرف تختها وتسحب اول شيء وجدته بالقرب منها، طرحة الراس التي خلعتها منذ مجيئها، لتغطي عري ذراعيها من توب الطقم الخارجي الملتصق بجسدها، وقماشه الخفيف، بعدما خففت بخلع السترة العلوية منه، فصاحت به غاضبة:


مش تستسني لما اذنلك بالدخول.

تسمر امامها للحظات، هربت منه الكلمات، يبتلع ريقه بصعوبة، قبل ان يتمالك اخيرًا امام حنقها وتوترها، وشعرها الذي تشعثت خصلاته حول وجهها ، بصورة زادت من فتنتها، فرد بصوت لا يشعر به:


- ما انا كنت اجي اطمن عليكي...... 

مسبلة اهدابها عنه بحياء يقتلها هتفت تنهره بكلمات غير مترابطة:

- برضوا كان لازم تستنى........ انا كنت براحتي زي ما شوفت..... مينفعش كدة انا ليه خصوصية. 


إلا هنا وانفرط العقد وذهبت السكرة، لتأتي الصحوة ،ويزفر مخاطبًا لها بتجهم:

- بس انا مش حد غريب يا ورد، انا جوزك على فكرة، يعني من حقي ادخل من غير استئذان، وانتي لو قاعدة بشعرك ولا بحاجة خفيفة مينفعش تجري وتستخبي كدة، بل بالعكس.


قال الأخيرة بانفعال جعلها تطالعه مبهوته بعدم استعياب، وكأنها لا تعي، ليعود زافرًا مرة أخرى، ثم اقترب بخطواته ، حتى وقف قبالها ، قائلًا بنبرة يتخللها الحزم ممتزجًا بحنوه:


- لما تبقي حابسة نفسك عني من ساعة ما رجعنا من مشوار المستشفى، وانا عارف ومتأكد باللي قالبك، يبقى انا يحقلي اكسر الباب عليكي عشان اطمن مش بس ادخل، 


رفع كفه يزيح بعض الشعيرات الملتصقة بوجهها، ثم نزل بها ، يلمس نعومة الوجنتين، ليتابع غير عابئًا بصدمتها وجحوظ عينيها التي على وشك ان تخرج من محجريها حتى امسك بذقنها يرفع وجهها إليه:


- عارف ان الكلام دلوقتي اكبر من ان برائتك تستوعبه، بس احنا خلاص على وشك ، وهندخل في الجد قريب، بعد اللي انتي خايفة منه ما يحصل. 


اومأ برأسه، يؤكد لها بصوت كالهمس:

- ايوة يا ورد، بعد اخوكي ما يعرف، مش هيبقى في حجة عشان تباتي في اوضة غير اوضتي، لأن اللي ما بينا جواز رسمي يا روح قلبي، مش عقد إيجار سكن لاتنين اغراب... فاهماني


قال الأخيرة وقد اقترب برأسه حتى كاد ان يُقبلها ليثبت لها بالدليل احقيته بها، ولكنه اشفق ألا يزيد عليها، حتى تأخذ وقتها في الاستيعاب، ثم تحرك مغادرًا يختم مردفًا بتنهيدة:


- الصبر طيب يا وردتي، وانا مستعد امشي معاكي من اول أ ب تعليم.


❈-❈-❈


دلف لداخل المنزل بخطوات حائرة، عينيه تجول في الأنحاء بشرود يكتنفه، عقله متحفز للبحث والتفكير واشياء أخرى تجعل الدماء تضخ بعقله كسريان الوقود قبل الإنفجار، ولكن ينقصه الوسيلة للمعرفة، بعد علمه بهذه الاخبار الجديدة من زوجته وابنة عمه، حب عمره الأوحد سليمة. 

كيف يعرف؟ واين يجد الدليل؟ وهو في الأصل لم يهتم برفقة الراحل ولا يعرف من اصداقاءه سوى المعروفين من الأقارب او الجيران.......


توقف فجأة عن تساؤلاته، وقد وقعت عينيه على صغيرته رغد اصغر ابناءه، تلعب وتتحدث مع دميتها القماشية داخل الغرفة التي تتشاركها مع شقيقتها الكبرى، 

دلف اليها يلقي التحية قبل ان يجلس جوارها ع الأرض.


- عاملة ايه يا ست رغودة ؟

طالعته الطفلة بابتسامة عذبة:

- حلوة يا بابا ودودو حلوة كمان ، خد سلم عليها .


قالت الأخيرة بالاشارة نحو دميتها،  فضحك يرفع كفه يصافح الدمية ويجاريها في لعبتها :

- اهلا اهلا يا ست دودو، يا ترى انتي مأدبة ولا شجية ومشجلبة زي صاحبتك؟


سمعت منه الصغيرة، لتصدح بضحكات طفولية صاخبة ادخلت اليه البهجة، فقد اشتاق قلبه لسماعها في هذا المنزل الذي عشعش به الحزن منذ رحيل ابنه الاَخر، تحمحم يجلي حلقه كي يستعيد تركيزه في مخاطبتها:


- بجولك يا رغودة، هي امك واختك اسراء راحو فين؟ مش شايفهم يعني.


- ماما نايمة واسراء راحت الدرس مع صحباتها.


ردت بسجيتها، ليزوم هو بفمه، ويردد بكلمات مقصودة:

- اممم.... صاحباتها، معرفهومش انا صاحباتها دول، انتي تعرفيهم؟


اجابته بلهفة، تعدد على اصابعها:

- ايوة يا بابا، سمر بت عم يسرى،  وغادة ودعاء ومريم.


- ما شاء عليكي يا بابا شطورة، طب على كدة كنتي تعرفي اصحاب المرحوم اخوكي؟ ولا العيال اللي كان بيمشي معاهم؟


- ايوة ، عبده واد خالي وعبد المنعم وصاحبه بتاع الورشة.

- مين صاحبه بتاع الورشة؟

سألها باهتمام، وردت الصغيرة:


- دا صاحبه اللي شغال في المدينة الصناعية، كذا مرة كانت امي تزعج لمالك عشان ميمشيش معاه، بس هو مكنش بيسمع كلامها.


سهم بنظره اليها بتفكير متعمق عن هوية هذا الغريب الذي لا يعلمه، حتى ومض عقله لينهض سريعًا مستغلًا نوم زوجته، فيخرج هاتف الراحل من مكان احتفاظها به داخل خزانة ملابسه، ليضعه على شاحن الكهرباء، وفور ان اضاء للأستخدام، هتف مناديًا باسمها لتجاوره على الأريكة:


- شوفي يا بابا، عايزك تبصي معايا هنا على صور المرحوم واصحابه، اول ما يجي بتاع الورشة تشاوري عليه.


اومأت برأسها ليتصفح معها في وسائط الهاتف مجموعة من الصور الكثيرة التي اوجعت قلبه برؤيته للفقيد واوضاعه في الضحك والتصرف بعنجهية تناسب سنه الصغير، حتى اخذه الحنين وكاد ان ينسى، ليستدرك على صيحة الصغيرة:


- اهو ده يا بابا،  هو دا صاحبه بتاع الورشة. 

انتبه وتحفزت كل خلاياه في التمعن بوجه المقصود وجسده النحيل، ليجد ان لديه العديد من المواصفات المقاربة لوصف سليمة.....

❈-❈-❈


دلفت اليه ملقية التحية بفتور، يرتسم على ملامحها نفس التعبير ونظرة العتاب:

- مساء الخير 

- مساء النور.

رد لتحيتها وعينيه لا تحيد عنها، يتابع ما تقوم به من عمل طبي في متابعته بانتباه شديد، حتى اذا قاربت على الانتهاء سألها بفضول يشوبه التردد:


- هوا.... هو انتي ليكي حد في بلدنا جريبك، او انتي نفسك تكوني مثلا زورتيها جبل كدة.

توقفت عما تفعل، لترد متخصرة بذراع واحد:

- بتسأل ليه؟


ادهشه تحفزها، ليقطب باستغراب شديد قائلًا:

- بسأل عشان الاول كنت فاكر انك تجربيلي، لكني عرفت انك الممرضة وبس، مع اني حاسس اني شوفتك جبل كدة أو اعرفك....


- والنبي بجد؟

تفوهت بها مقاطعة له، لتعتدل بوقفتها تعيد باستفسارها بلهفة:

- إيه كمان؟ حاسس بإيه تاني يا بسيوني؟

عاد برأسه للخلف، يتطلع اليها بعدم استيعاب، لا يعلم بسر هذه الفتاة معه:



الصفحة التالية