-->

رواية جديدة خبايا الهوى لهاجر التركي - الفصل 24 - 3 - الخميس 18/4/2024

 

قراءة رواية خبايا الهوى كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى






رواية خبايا الهوى

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة هاجر التركي

الفصل الرابع والعشرون

3

تم النشر الخميس

18/4/2024



. "في اليوم التالي". 


وقفت أمام طاولة الزينة خاصتها تُرتب خُصلات شعرها قبل أن تخرج للذهاب، لزيارة أبنة خالها، بعد أن علمت أنها قد عادت ليلة أمس، وبما أن والداها ليس موجودًا بالمنزل اليوم، فـ  أنها فُرصة لكي تخرج وتذهب إليها لتجلس معها ولو لنصف ساعة، تكادُ تنفجر من شدة كتمانها لِمَ تشعرُ بهِ، الكلمات مُثقلة تجثو علي قلبها تُريد إخراجها لأي أحد وإلا أنفجرت....... حاولت مرارًا وتكرارًا أن تتجاهل شعورها لكنهُ يؤلم وبشدة... 


ألتقطت بعض أدوات الزينة في محاولة يأسة منها في أن تُخفي تلك الهالات السوداء أسفل عينيها، لكنها لا تعلم أن لا زينة في العالم بامكانها إخفاء هذا الأسى الواضح كوضوح الشمس.... 


دخلت عليها والداتها دون أن تُطرق الباب حتى، وجدتها تقف أمام المرآه، فقالت بهدوء: 


_خطيبك بره؟ أجهزي بسرعة وأطلعي وليد قاعد معاه؟ 


وقع قلم الكُحل من بين يديها بغضب، ماذا أتي بهِ الآن، زفرت بضيق قائلة بوقاحة: 


_وده أي إللي جابّه ده؟ 


فتحت والداتها عينيها بصدمة قائلة تؤبخها علي قلة زوقها،ووقاحتها: 


_أنتِ أتجننتِ يا بت؟ هو أي إللي جاي لي؟ متتعدلي!. 


زفرت هذهِ المرة بقوة وغضب، قائلة بإنهيار وحُزن: 


_يوه بقا.... أنتو أي؟ ما ترحموني، أرحموني لوجه الله، أنا خلاص مبقتش مستحملة حاجة كفاية! 


_في أي هو كان حد جه جنبك... 


رفعت زاوية فمها بسُخرية: 


_كل ده ومجتوش جنبي، لي؟ أنتو مستنين تعملوا فيا أي تاني؟ 


_عملنا فيكِ أي؟ بنعذبك وحبسينك في أوضة الفيران مثلاً، مش أنتِ إللي جبتيه لنفسك بعمايلك السودة والمهببة دي؟!. 


_عندك حق أنا فعلاً إللي جبته لنفسي، حقكم عليا أنتو مغلطوش في أي حاجة أنتو ملايكة.... 


_شوف البت وبجاحتها؟. 


كادت أن تصرخ بأنهيار تام، لولا دخول شقيقها مُبتسمًا، لكن تلاشت إبتسامتهُ عندما إستمع صوت شجارهم العالي، فعقد حاجبيه قائلاً بتساؤل: 


_أي في أي؟ صوتكم عالي لي؟ أنتو ناسيين أن الراجل قاعد بره؟ 


_ولا بنعلي صوتنا ولا حاجة، أنا سيبهالكم خالص..... هروح أقدم للرجالة حاجة يشربها لحد ما البرنسيسة تحن عليه وتطلع 


قالتها "نجلاء"، بنفاذ صبر، من ثم تركتهم وخرجت، ما أن خرجت والداتها، أبتعدت هي عن المرآة، من ثم جلست بوهن علي سريرها، تضعُ كلتا يديها علي وجهها، أقترب منها شقيقها، قائلاً بقلق حقيقي: 


_مالك في أي؟ نجلاء قالت لك حاجة زعلتك... 


تنهدت تنهيدة طويلة، تحاول منع نفسها من البُكاء، من ثم رفعت رأسها إليهِ، وقد رسمت إبتسامة صغيرة علي شفتيها كي تظهر طبيعية قائلة بهدوء: 


_مفيش يا حبيبي، ما أنتَ عارف خنقاتي أنا وماما إللي مش بتخلص، هي، مضايقة بس علشان اتأخرت في اللبس.... 


_مُتأكدة أنّ مفيش حاجة، أنا أخوكِ متخبيش عليا، قوليلي بس مين مزعلك وأنا أزعله علي عُمره


أتسعت أبتسامتها قائلة: 


_مفيش حاجة والله.... متحرمش منك، يلا أنا قايمة أخلص لحسن ماما تجي تطلعنا من البيت أحنا الأتنين 


_طيب أنا هخرج أنا أقعد مع عماد لحد ما تخلصي، خلصي بسرعه بقا ها؟ 


اومأت له: 


_حاضر خمس دقايق؟. 


زفرت بقوة، ها هي فرصتها الوحيدة في الجلوس مع أبنة خالها والبواح بما يضيقُ بهِ صدرها، قد ذهبت أدراج الرياح، بقدوم خطيبها المزعوم...... 


❈-❈-❈


أجتمع الجميع أمام غُرفة النوم المُتواجدة في الشقة التي خصصها الحاج" حلمي"لوالدة "عُمر" وشقيقتهِ، يقفون متوترين بشدة، ينتظرون خروج الطبيب من عند "نادية" بعد وقعت من طولها آثر الصدمة، فقد ذهب"حُسام" اليوم في الصباح الباكر إلي مدينة الأسكندرية لكي يأتي بزوجتهِ ووالداتها، حاولَ "حُسام" طَوال الطريق أن يأتي لهم بالموضوع بطريقة غير مُباشرة ويُمهد لهم الذي حدث في غيابهم........ 


لكنه لم يستطيع، فقرر ترك المُهمة هذهِ علي "عُمر"، وجعلهِ هو من يُخبرها، فالبداية أستغربت" نادية "لماذا لم يذهب بهم إلي منزلهم، فأخبرها أن والد" غالية"قد دعاهم جميعًا لتناول الغداء سويًا في منزلهِ، أقتنعت ولم تقل شيئًا أو تعترض، ولما وصلوا إلي المنزل وصعدو إلي شقة"عُمر" كان الجو كئيبًا للغاية، لا يدلُ أبدًا علي أنهُ هناك عزومة ستُقام، فالنهاية كانت ستعرف ستعرف لا محالة...... 


لذا تشجعَ "عُمر" وقصي عليها كل ما حدث، لم تحتمل فوقعت مُغشيةً عليها بينهم، وقد جلبو لها طبيبًا بسرعة، وها هُم يقفون ينتظرون أن يخرج ويُطمئنهم عليها وعلي حالتها......


عدة دقائق مرت، وأنفتح الباب وخرجت "سلوي"  ، ومن خلفها الطبيب بعد أن أنتهي من فحصاها وتدوين الدواء اللأزم لحالتها، هرولت إليه "سيرين" تسأله بلهفة وخوف: 


_طمنا يا دكتور ماما عاملة أي؟ 


أجابها بعلمية يشرح حالتها الصحية بالتفصيل: 


_صدمة عصبية نتيجة أنها تعرضت لصدمة قوية مقدرتش تستحملها، وده تسبب لها في الأغماء، أنا كتبت لها علي شوية حُقن لازم تأخدهم في وقتهم، وكمان محاليل هتتعلق لها دلوقتى، ونمنع تمامًا أي حاجة تتسبب في عصبيتها أو زعلها...... 


_حاضر يا دكتور، اتفضل...... 


أصتحبهُ إلي الخارج، من ثم عاد مرة آخري يجلس علي أقرب مقعد قابلهُ، جلسَ بضعف وضياع، يضع يديهِ فوق رأسهِ بتعب، أقتربت شقيقتهِ منهُ بينما كانت تبكي، هتفت قائلة: 


_أنتَ هتسكت يا عُمر علي إللي بيحصل ده، مش هتعمل حاجة خالص، هتسيب كل حاجة تضيع وحياتنا تدمر كده وتقف تتفرج..... 


لم يرد عليها فقط ظلَ علي وضعيتهِ، فأكملت هي قائلة من بين بُكائها: 


_ماما كان ممكن يجري لها حاجة.... لو حصل لها حاجة أنا مش هسامحك، أنتَ لازم تتصرف وترجع كل حاجة، لازم تعمل حاجة يا عُمر، اتكلم ساكت لي، سكوتك ده ضيع كل حاجة، أنتَ أي مش حاسس بالمصيبة إللي أحنا فيها أحنا أترمينا فالشارع وسبنا بيتنا.... أنتَ..... 


إلي هُنا ويكفي، لم يعد يحتمل، لا يوجد طاقة لإحتمال كلمة واحدة أخري تتفوه بها، لذا، نهض صارخًا بملئ صوتهِ، يُخرج كل ما بصدرهِ، بعصبية مُفرطة: 


_أنتو إللي أي أرحموني بقا، أنا تعبت مش عارف ألاحق من هنا ولا من هنا؟! مفيش حد حاسس بالنار إللي قايدة جوايا! عَمالين تضغطوا عليا تضغطوا عليا ولاكأني جماد مش بيحس زيه زيكم، أنا خلاص تعبت ومبقتش قادر، كل شوية مصيبة جديدة تتحط فوق دماغي وشيل يا عُمر...... عُمر قِرف وتعب وفاض بيه... 


أخذ يلهث بصوتٍ عالي آثر أنفعالهِ الكبير، الجميع ينظرون إليه بصمت يراقبون أنفاسهِ العالية وأضطراب وجههِ، أكمل يقول بغضب وضيق يُخرج كل ما بداخلهِ من تعب، فـ التراكمات قد تفننت في صنع شخص غاضب، غاضب على أتفه الأسباب: 


_أنا تعبت بقا، شايل شيلة مش شيلتي، أنا مش حِمل كل ده، محدش فيكم حاسس،أنا بعمل كل حاجة علشانكم وأنتو شايفيني ساكت، كل حاجة جاية عليا من زمان أوي وأنا مش بتكلم، شايل همكم فوق كتافي مبقتش بعرف أنام كويس بسبب خوفي وقلقِ عليكم وأنتو مش شافين ده، شايفين أني واقف أتفرج وبس...... 


تنهد بتعب يحاول أنتزاع شيئًا لم يستطع قولهِ،مشاعر سيئة وشرحها أسواء وأصعب، أدمعت عينيهِ بطبقة شفافة من الدموع، لكنه ظلَ متماسكًا، رغم التمزق الذي يمكث بِداخلهِ، بلع ما بجوفهِ، قائلاً: 


_كل يوم مصيبة جديدة، ومطلوب مني إني الاقي حل لكل مصيبة، أنا مضغوط عليا جامد ومش ببين..... أنا بجد تعبان ونفسي تحسوا بـ إللي أنا فيه وترحموني بقا..... 


‏أنهُ ليسَ ممن يحبون الحزن على الإطلاق،بل بالعكس أنهُ يملك روحاً تحب الضحك و المرح، لكن هناك أوقات تحدث فيها أمور تطفئ هذا الكون بأكمله في عينيهِ، وكل هذهِ الأحمال والمتاعب كانت ثقيلة عليهِ للغاية لم يستطع تحملها فقد تحملَ كثيرًا.... وتظاهرَ دائمًا بالعكس وهذا أكثر ما كان يُرهقه


قال آخر كلماتهِ تبعهُ هروبه من بينهم، مهرولاً إلي الغرفة بالداخل، مُغلقًا الباب من خلفهِ بعصبية، للحظة شعرُ بأهتزاز جُدران الغُرفة علي آثر صفعهِ للباب بتلك القوة، جلست "سيرين" علي أقرب مقعد من خلفها، تبكي بمرارة كلمات شقيقها أوجعتها حقًا، كم هو مُتعب ولا يُظهر ذالك، هل كان كل هذا بداخلهِ وهو صامت لا يبوح، هل كان يكتم كل هذا بصدرهِ، ولم يخبر عنه أحد......... حقًا الانفجار بعد الكتمان مخيف جدًا


هرولت "غالية"، خلفهِ، وكانت هي أكثر من يعلم بكل هذا، هي تعلم كم هو مُمتلئ بالحُزن، وإن الحِمل أصبحَ ثقيلاً عليهِ......... هي تشعر بهِ وبألمهِ 


❈-❈-❈


كطِير تعبت أجنحته، من حملهِ،فسقط في الأرض مُتألمًا وحيدًا وخائفًا، جلس بوهن علي السرير، بعد أن أخرجَ البُراكن الذي كان يغلي بداخلهِ لوقت طويل حتى بات لم يستطع تحملهُ بمفردهِ، ‏هذا الأسى لا يُمكن شرحه، انه من النوع الذي يجعلك صامت بعد لحظة أنفجار فقط لا أكثر...... 


دخلت إليهِ" غالية"،  شعرت بوغزة  بقلبها قلقًا وخوفًا عليهِ، تقدمت تجلس بجانبهِ، تُربت علي كتفهِ بحنان بالغ، أشاحَ هو ببصرهِ إلي الناحيّة الآخري لا يُريد أن ترآه بهذا الضعف الذي عليهِ الآن، فهتف يحثها علي الخروج وتركهِ وشأنهِ بمفردهِ: 


_غالية علشان خاطري مش عايز أتكلم ولا أشوف حد علشان خاطري أخرجي خليكِ جنب ماما 


أمسكت بيديهِ بقوة وكأنه تقول له لن أتركك مهما حدث، نبست قائلة بهدوء ونبرة مُتأثرة: 


_وأنا مش هسيبك أنا جنبك يا عُمر وهفضل جنبك طول الوقت مش هتخلي عنك؟ 


_مش عايز أشوف حد أنا دلوقتي مضايق وفيا إللي مكفيني الله يرضي عنك!. 


تشبثت به بقوة أكبر، قائلة بإصرار: 


_مش هسيبك بقولك.... طيب بُص... 


قالت كلماتها ثم نهضت تُغلق أضائة الغُرفة، وبثواني أصبحت الغُرفة مُعتمة تمامًا لا يوجد بها أي نور، حتي أنها أصبحت لا تراه جيدًا، جلست علي بُعد مسافة قصيرة منهُ ثم قالت بحُب: 


_كده أنتَ مش شايفني، أعتبرني مش موجود بس خليني جنبك وبس!. 


صدق من قال أن ‏"الإهتمام الذي نجده في لحظة الضعف أجمل من ألف عبارة حب"، من الواجب عليه أن يشكر ربه فكل سجدة علي وجودها في حياتهِ، الذي أضحي لا يُعوضهُ أي أحد آخر غيرها، أحتلت مكانة بقلبهِ لم يكن يتوقع أن يصل إليها بشر، تقف في ظهرهِ وتُثبت لهُ دائمًا أن العالم مازال بهِ من يستحقون قلوبنا، جلوسها بجانبهِ وتمسكها بهِ إلي هذا الحد، جعلهُ يشعر أنهُ قد تناسي ما كان به، ولا يود شيئًا سوى أحتضانها وكانت هذهِ طريقتهُ فالتعبير عن كم هو مُمتن لوجودها، فقطعَ الأنشات الصغيرة التي بينهم، وأخذها في عناق طويل......... 


يتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة هاجر التركي، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة