-->

رواية روضتني 2 (الجزء الرابع من رواية ترويض الفهد) طمس الهوية -لأسماء المصري - الفصل 43 - 1 الثلاثاء 16/4/2024

  

قراءة رواية روضتني 2 (طمس الهوية) كاملة
  تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

 

 


رواية روضتني 2

(الجزء الرابع من رواية ترويض الفهد)

طمس الهوية

للكاتبة أسماء المصري



الفصل الثالث والأربعون

1

تم النشر يوم الثلاثاء

16/4/2024


صعدت معه غرفة صغيرها فحمله على الفور يقبله وهي تمتعض رافضة:

-ليه صحيتو بس يا فارس؟


ابتسم وهو يقبل الصغير:

-وحشني أوي العفريت ده.


تحسس بشرته ملامسا وجهه وهو يسأل المربية:

-الحرارة أخبارها ايه؟


أجابته باحترام:

-نزلت يا باشا، الحمد لله اتحسن كتير عن امبارح.


تركه بفراشه وأعطت ياسمين الصغيرة للمربية وهي تؤكد عليها:

-خلي بالك أحسن چاسمين تتعدي منه، چاسمين مينفعش تسخن.


أومأت مؤكدة:

-متقلقيش يا هانم أنا فصلاهم عن بعض من ساعه جاسر ما تعب.


هزت رأسها باستحسان وخرجت تتبع زوجها الذي سألها بحيرة:

-الولد تعبان من كذا يوم مش كده؟


أومأت فسألها بحدة طفيفة:

-منا بكلمك كل يوم مقولتليش ليه؟


تنهدت بعد أن أخرجت زفرة قوية:

-هو كان ينفع أشغلك بالظروف اللي كنت فيها دي؟ الحمد لله ابنك بقى كويس وملوش داعي اشغل بالك وأنت أصلا فيك اللي مكفيك.


قبلها من وجنتها ممتنا:

-ربنا يخليكي ليا.


تبعته لجناحهما فارتمى على فراشه مجهدا ومتمتما:

-ياااه، الواحد فعلا مبيرتاحش غير على سريره.


مالت عليه تقبله من عنقه:

-قوم خد شاور وتعالى نام للصبح.


ابتسم مقبلا إياها ومتسائلا بدهشة:

-ايه ده؟ هو انا موحشتكيش؟


غمزت تؤكد:

-وحشتني طبعا، بس عارفه انك تعبان ومحتاج ترتاح.


أومأ مؤيدا:

آه والله ومع إن نفسي فيكي أوي بس حقيقي مش قادر من التعب.


ربتت على كتفه بتفهم:

-أنا عارفه يا حبيبي، الجيات كتير، يلا قوم خد شاور وهتطلع تلاقيني مجهزالك هدومك.


هز رأسه موافقا ودلف المرحاض خالعا عنه ملابسه ووقف أسفل المياة المنهمرة عليه حتى انتهى من استحمامه وخرج فوجدها تحمل بيدها ملابس مريحة للنوم فارتداها وأراح جسده على الفراش وتسطحت هي بجواره تملس على شعره ليستدع النوم سريعا ولكنها استمعت لصوت تنهيدته العميقة فنظرت لحدقتيه المحتقنتين بعبرات مكتومة وهمست تواسيه:

-هيخف إن شاء الله يا فارس، خلي أملك في ربنا كبير.


رد بحزن عميق ظهر على نبرته:

-ونعم بالله، ألمرة دي أخطر كتير من المره اللي فاتت يا ياسمين.


وافقته الرأي موضحة:

-عارفه وباين على شكله، خاسس خالص وباين عليه التعب أنا معرفتوش وهو داخل.


سحب ماء أنفه بداخله فربتت عليه تتضرع لله:

-ربنا يشفيه وكلنا بندعيله يا حبيبي.


علق عليها:

-انا خايف أوي، عمي بيقولي نفس حالة بابا الله يرحمه بيعيشها مع ابنه تاني.


بكى رغما عنه مضيفا بأسى:

-أنا فاكر تعب بابا كويس بالرغم كنت صغير بس فاكره، وفاكر هو تعب اد ايه ومش هقدر اعيش التعب ده مع مازن ولا هقدر اتحمل اني افقده هو كمان.


مسحت عبراته المنسابة على وجهه:

-أجمد كده وادعيله وهو إن شاء الله هيعدي منها.


تضرع منتهدا بألم:

-ياااارب.


التفت يسألها باستنباط:

-لما طلعتي فوق اتكلمتي مع چنى في ايه؟


قضمت شفتها بعد أن تم كشفها بتلك السهولة فهو زوجها وأعلم الناس بما تفعله:

-قولت لها تأجل زعلها مننا ومنه لما يخف، ربنا يهديها.


أومأ عدة مرات متتالية بوجه ممتعض:

-بصراحه هي معاها حق تزعل، مازن كان لازم يعرفها عشان تقف جنبه بس...


قاطعته ساخرة:

-شوف مين اللي بيقول كده!


رمقها بنظرات حادة وهي تكمل سخريتها:

-الباشا اللي كل ما يتعب يعمل نفسه مسافر واتفاجئ بيه عامل عمليات خطر وعادي مش المفروض أزعل انه خبى عليا مش كده؟ بس لحد چنى وكل القوانين بتتغير عندك.


تجهم وجهه وحدقها بنظرة حادة وتكلم بضيق:

-كلامك مش صح يا ياسمين، أنا لما بخبي تعبي بخبيه عن الكل مش عنك انتي وبس، يعني لا مازن ولا عمي ولا أي حد بيكون عارف، بس مازن بيخبي على چنى بس وده بيديها الحق تزعل منه انه عرف أهله وهي ﻷ، فهمتي ولا أقول تاني؟


ارتبكت وابتلعت ريقها تجيبه:

-مكانش قصدي اضايقك بس...


قاطعها مجددا:

-بس بقيتي بتغيري من علاقتي بچنى وده شيئ غريب شويتين، لما غيرتك من كارما وعاليا كانت بتوصل لمرحله خطر كنت متفهم ده، حتى غيرتك من بيري مفهومه ومنطقية، لكن افسر غيرتك من أختي بأيه؟ عقل صغير مثلا ولا عبط جالك على كبر.


قوست فمها ممتعضة من إهانته فغلظ صوته وهو يسحب غطاء الفراش:

-للمرة المليون هقولهالك بس دي آخر مره اقولها عشان تعبت وزهقت يا ياسمين.


تخوفت مما يود قوله:

-أنتي أهم وأغلى حد في حياتي، اهم من اخواتي ومن مازن ومن شغلي ومن أي كائن حي على وجه الأرض ومفيش اهم منك في حياتي غير ولادي، وقولتلك هما لهم مكانهم في قلبي غير مكانك خالص يعني حتى ولادي مش واخدين لا من حبي ولا اهتمامي بيكي، يارب تكوني فهمتي وتبطلي غيره.


زفرت بحدة فغمز لها يشير بسبابته لتقترب منه ففعلت فسحب وجهها وأذنها بجوار فمه وهمس بنبرة شبقة:

-عايزك بس مش قادر، فإيه الحل؟


رمشت بأهدابها ولم تجب فابتسم مضيفا:

-ايه رأيك لو تدلعيني أنتي انهاردة من غير ما تخليني ابذل مجهود.


أومأت موافقة وهي تعض على شفتها السفلى فسحبها حتى تسطحت بجسدها فوقه وقبلها من عنقها وهمس بشبق:

-طيب يلا وريني بقى ياسمين المحترفه هتعرف تبسطني ولا لأ؟

❈-❈-❈


طرقت الباب طرقات خفيفة وعندما لم تستمع لرد من بالداخل فتحته بحذر فالساعة تخطت الرابعة فجرا، دلفت على أطراف أصابعها تقترب من نجلها لتتفاجئ بزوجته تنام على الأريكة الموضوعة بداخل الغرفة فتجهم وجهها وعادت أدراجها ناحيتها ودفعتها برقة حتى تستيقظ ففتحت چنى عينيها بخمول وهمست متسائلة:

-في حاجه يا طنط؟


أشارت لها لتتبعها للخارج وفور خروجهما احتدت عليها بنبرة هامسة:

-ايه اللي بتعمليه ده يا چنى؟ هو ده وقت خصام؟


لم تجب بل نظرت لها بتحدي فثارت دينا غاضبة:

-لااااا اسمعيني كويس، ده لا هو وقت دلع ولا وقت خصام، جوزك محتاجك ولازم تبقي جنبه.


ردت ببرود:

-منا جنبه اهو.


قوست فمها وزمت شفتيها للأمام ممتعضة:

-بالطريقة دي؟ نايمة ع الكنبه والأكيد انك مبتكلمهوش مش كده؟


ردت بلامبالاة:

-ﻷ خالص، بكلمة لما بيكلمني زي ما بكلم حضرتك عادي، وهفضل جنبه اراعيه وانفذ له طلباته.


جعدت دينا جبينها مرددة:

-بتكلميه زي ما بتكلميني؟ ليه هو انتي مخصماني أنا كمان؟


ابتسم ساخرة:

-منا لما أكون آخر من يعلم وكلكم عارفين يبقى لا هو معتبرني مراته ولا انتو حتى معتبرني واحده من العيلة، بس تمام أنا موقفي منكم ملوش دعوة بتعبه ولما يخف إن شاء الله هيبقى ليا كلام تاني معاه ومعاكم يا طنط.


رفضت كلماتها تعترض غاضبة بشكل أثار حنق تلك الصغيرة:

-عيب طريقتك دي يا چنى انا مش واخدة منك على الطريقة دي، انتي بتكلمي حماتك واللي هي في نفس الوقت مرات عمك فعيب اوي طريقتك دي، احنا خبينا خوف عليكي مش أكتر هي مش نظرية مؤامرة أصلها.


زفرت چنى بفروغ صبر وسألتها:

-طيب يا طنط أكيد حضرتك مش جايه 4 الفجر عشان تخليني أنام جنب جوزي.


ردت دينا وهي تصر على أسنانها:

-ﻷ طبعا، أنا جايه ادي مازن العلاج بتاعه، تحبي اجيبلك العلاج واقولك على مواعيده عشان تتابعيه انتي؟


رفضت بحركة من كتفيها:

-ﻷ يا طنط مش حضرتك متابعه معاه من الأول وعارفه كل علاجه، كملي بقى.


انهت كلماتها وفتحت الباب دالفة وجلست مربعة على الأريكة ودينا متفاجئة من تصرفاتها فدلفت هي توقظ نجلها:

-مازن، حبيبي اصحى.


فتح عينيه المجهدتين وسألها بصوت مبحوح:

-في حاجه يا ماما؟

أجابته مبتسمه وساعدته على الجلوس:

-العلاج يا حبيبي.


هز رأسه وتناول علاجه وشكرها ونظر لساعة الحائط وعاد بوجهه يحدث والدته:

-ماما من فضلك كنت عايز آخد شاور.


أومأت له:

-حاضر يا حبيبي، أخوك بس يصحى عشان يدخل معاك.


تجهم وجه چنى من ردها فصرت على أسنانها لدرجة أنه سمع صوت اصطكاكها فعقب على حديث والدته:

-لأ يا ماما مفيش داعي لساجد مراتي موجوده ، خليه بس يسندني لحد الحمام عشان مسندش عليها عشان الحمل.


أومأت وخرجت فنظر لچنى وابتسم يشير لها بالاقتراب ففعلت وجلست على حافة الفراش فسألها:

-زعلانه مني؟


أومأت وهي لا تنظر له فأجبر وجهها للتطلع له وتابع حديثه:

-طبعا معاكي ألف حق بس لو عرفتي ليه خبيت عليكي هتعذريني.


رفعت نظراتها لتتعلق بعينيه التي تعشقها وانتظرت تفسيره فتابع:

-لما عرفت إن التعب رجع كنا على وشك الإنفصال وانا حيران اسيبك تكملي حياتك ولو جرالي حاجه ساعتها هتبقي أصلا بتكرهيني ومش هتفرق معاكي، ولا نرجع لبعض عشان مش قادر اكمل من غيرك ومحتاجك تكملي معايا اللي فاضلي كان وقت طويل او قصير.


عبراتها نزلت على وجنتيها رغما عنها واستمعت له يكمل:

-بس قلبي اتغلب على عقلي ومقدرتش ابعد عنك وانا عارف اني أناني باختياري ده بس...


قاطعته وهي منهارة من البكاء:

-انت تبقى أناني لو خرجت من حياتي وأنا بموت في التراب اللي بتمشي عليه يا مازن وقولتلك قبل كده الكلام ده، الوقت اللي هنقضيه سوا هو ده الذكرى اللي هتسيبهالي كانوا سنه ولا 100 حتى.


قبل راحتها وعلق عليها:

-عارف كل ده بس برده خايف اسيبك بدري وانتي لسه صغيره اوي عشان كده قولت بلاش اشيلك هم تعبي وكفايه عليكي مشاكل باباكي ومامتك وابننا اللي حمله تقيل.


بكائها جعله يتحرك على الفراش ليقترب منها أكثر وأحتضنها بقوة هامسا لها:

-بحبك يا اوزعتي، أوعى تزعلي مني ولو بتحبيني زي ما بتقولي سامحيني اني خبيت عليكي.


لم تستطع بعد كلماته أن تكمل في خصامها فرفعت ذراعيها تتعلق بعنقه وتقبله بفمه قبلة محتاجه وابتعدت تخبره:

-انا مقدرش ازعل منك أبدا، بس ليا كلام مع باقي العيلة عشان ساعدوك في انك تخبي عليا.


ابتسم بسمة واسعة وداعب أسفل ذقنها:

-معلش سامحيهم عشان خاطري، أنا اللي اصريت عليهم عشان يخبوا عليكي يعني محدش منهم عمل كده من دماغه.


هزت رأسها عدة مرات وشردت بملامحه المتعبة فابتسم لها مازحا:

-شكلي وحش في الحلاقة الزيرو؟


نفت تحاول إخفاء حزنها فرسمت بسمة كاذبة:

-زي القمر يا ميزو بيه وكل البنات بتحسدني عليك عشان كده انا عايزه اعملك زار يمكن يشيل عننا العين شوية أحسن مش لاحقين نفوق.


ضحك من قلبه فهي قد نجحت أن ترسم البسمة على وجهه وشاكسها:

-زار؟ زار يا چنى هي حصلت لزار؟


رنت ضحكته بالغرفة وانحنى مقبلا إياها قبلة عميقة فابتعدت بسرعه بعد أن شعرت بنفسها تنجرف لرغبتها الفطرية فهما قد ابتعدا عن بعضهما البعض منذ فترة لا بأس بها ولكنه أحكم قبضته عليها وتمتم باثارة:

-عايزك.


نهجت بأنفاسها وأشارت للأبرة الطبية المغروزة بكفه ومعها تلك الأسلاك المزروعة بصدره فتمتم مبتلعا ريقه ناهجا بأنفاسه:

-روحي نادي على ماما تيجي تشيل الكانيولا دي بسرعه أحسن البيت كله هيسمع بينا دلوقتي وأنا مش قادر بصراحه.


ضحكت برقاعة فكتم صوت ضحكاتها موبخا إياها:

-هيسمعونا كده، روحي بقى نادي ماما.


فعلت رجاءه فتحيرت والدته من طلبه:

-عايز تشيل الكانيولا ليه بس يا بني؟


أجابها كذبا:

-مش عارف أنام يا أمي وكده كده لما هصحى هاخد شاور وابقى ركبيهالي تاني.


وافقت مستسلمة وخرجت فسحب چنى بقوة اسقطها بجوارة وهي تصيح به:

-براحه يا مازن على نفسك.


نهج بانفاسه وتكلم بصوت مثار:

-طب يلا بقى بسرعة أحسن وحشاني جدا.

الصفحة التالية