رواية جديدة ما بين العشق والهوس لأمل نصر الفصل 4 - 3 - الثلاثاء 16/4/2024
قراءة رواية ما بين العشق والهوس كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية ما بين العشق والهوس
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة أمل نصر
الفصل الرابع
3
تم النشر يوم الثلاثاء
16/4/2024
توقفت عما تفعل لتستند بمرفقها على الطاولة وتريح رأسها على قبضة يدها، وتنهدت بشرود قبل أن تتابع لعزة التي كانت شديدة التركيز معها:
-أتعملي يا عزة ان أمي على العكس معانا نحن الخمس فتيات.
كانت تدلل أخوتي الرجال الثلاثة، وتٌفرق في المعاملة بيننا، وحينما سألتها أختي مرة في لحظة ود لما تفعل ذلك، ذكرت لها أن الرجال يعرفون انهم رجال، أم النساء فلابد من تذكيرهم الدائم حتى لا يرفعن أصواتهن ولا يفعلن الخطأ.
تغضن وجده عزة ورأسها تعود للخلف وكأنها تستوعب الجملة لتقول بعد ذلك:
-منطق غريب وعجيب، وأين أباك من ذلك؟
تبسمت لها تجيب:
-أبي هو من ربى إمي على ذلك حبيبتي، لقد تزوجها عن عمر الثالثة عشر، لقد تربت على يديه، كقطعة عجين شكلها كما يريد ثم تركها بعد ذلك تربينا نحن على هذه الأفكار التي زرعها برأسها.
أبي لا يعلم في الحياة سوى العمل بالحقل وتوفير القرش على القرش من المحصول وبيع البهائم على طول العام، حتى يأتي العام الذي بعده فيشتري قطعة أرض جديدة يزيد بها على ما نملكه.
أو عجل صغير يعلفه على الموسم حتى يزوج احدانا أو يبني لأشقائي الرجال في الطابق الثاني فوق منزلنا، دائمًا يدور بدائرة ولا يخرج منها سوى بالنوم ليلًا.
توقفت فجأة لتخاطب عزة:
-اوجعت رأسك بالحديث الكثير اليس كذلك؟
استفاقت عزة لتنفض رأسها وترد ضاحكة:
-ليس وجع بالرأس حبيبتي، ولكنني اندمجت معك وجعلتيني أشعر بما تشعرين به، وقد تبين لي من حديثك أن المرأة تكون جيدة من الرجل، والسيئة أيضًا بفعل الرجل، أليس هذا ما تقصدين؟
زامت بفمها المغلق بابتسامة مع تحريك مقلتيها يمينًا ويسارًا قبل أن تجيبها:
-لا أعلم حبيبتي لاني لم أقصد شيئًا على الإطلاق، أنا حكيتُ لكِ لأبين لكي الفرق بين جدي وجدتي، وأبي وأمي فقط.
ولم افكر حتى بما تقصدينه ولكنك مصيبة في كلامك، نعم كذلك، الرجل في بلادنا هو من يشكل المرأة كما يريد، وهو أيضًا من يجعلها تفيض بالنعومة والأنوثة مع الإهتمام بها ورعايتها، أو يجعلها تجف كشجرة جرداء حينما يهملها ويُعاملها بقسوة.
والدليل هو ما أراه في المسلسلات التركية يا إلهي.
قطعت لتُكمل وهي تعبر بيدها في الهواء حتى أضحكت عزة معها:
-البطل يعامل زوجته كالأميرة، اقسم بالله يعاملها كالأميرة، حتى لو كانت قليلة الجمال أو متواضعة الحال، اه يا عزة لو كنا مكانهن.
قلبت عينيها عزة بسأم رغم ضحكها من أسلوب جارتها في الوصف والمبالغة لتردف بغيظ:
-كم من مرة اقولك لك أن هذا تمثيل يا مجنونة، تمثيل.
استفاقت من حالميتها ابتسام ترد بتشدق:
-وأيضًا في الحقيقة يا عزة، لا تنكري، إن لم تري بعينك استطيع ذكر الامثلة لكِ
-إذكري وسوف نرى.
هتفت بها عزة لتُجيبها الأخرى على الفور
-أقرب دليل إليكِ هو الطبيب عزيز وزوجته ونحن.....
قطعت فجأة على صوت ارتطام قوي ورد إليهم من خارج المطبخ لتنهض عن مقعدها سريعًا هي وعزة معها لترى السبب، ليتفاجأن الاثنتان به:
-عمران!
هتفت بها عزة واستدركت ابتسام لتُغطي رأسها جيدًا بطرحة رأسها التي كانت متراجعة للخلف، تمالك هو ارتباكه ليدعي الغضب بقوله:
-نعم عمران يا عزة، وقد تركتيه عدة ساعات نائمًا بغرفة خزين الأثاث القديم دون سؤال.
التفت عينيها للخلف نحو باب غرفة النوم بدهشة لترد:
-كنت أظنك نائمًا على تختك ومغلق الباب عليك كالعادة.
-لا يا عزة، فقد غلبني سلطان النُعاس على تختي القديم وأنتِ لم تُكلفي نفسك عناء الإطمئنان علي.
هتف بها بصوت عالي أجفل عزة من حدته، فارتبكت ابتسام لتقول مستئذنة:
-عن إذنكم يا جماعة سوف أذهب إلى شقتي.
قالتها وتحركت مغادرة على الفور، فشعرت عزة بالحرج ولم تستطيع أثناؤها بالقول، ليردد هو من خلفها بارتباك:
-أنا لم أقصدك أنتِ يا ابتسام، لما تذهببن؟
تابعت طريقها ولم تلتف إليه، فاالتفت رأسه إلى زوجته ليرى وجهها مُظلم بالحزن، فقال بدفاعية:
-أنا لم أقصدها بالكلام.
-وأنا لم أعرف بنومك على التخت القديم حتى أطمئن عليك.
هتفت بها عزة ردًا على كلماته بنبرة يملؤها العتب، وذهبت من أمامه عائدة لمطبخها، ليتسمر هو محله في موقف لا يحسد عليه، شاعرًا بالغباء بهذا الفعل الذي أغضب الاثنتين.
زفر بضيق وعيناه تهبط للأرض نحو زجاجة العصير الفارغة المتهشمة إلى قطع صغيرة بعد اصطدامه بالطاولة التي كانت عليها أثناء تنصته على كلماتهن لتقع على الأرض وقد كادت ان تكشفه..
❈-❈-❈
أمام المراَة وبوجه متجهم او يدعي ذلك على الأصح، كان يزرر في أزرار قميصه المنشي، بعد استيقاظه وحده دون مساعدتها في إيقاظه باختلاف عن كل يوم، نهض بدون تنبيه المنبه وذهب إلى حمامه على الفور وتحمم بنشاط وكانه استغنى عنها.
أما هي فقد حفظته من كثرة ما كرر هذا الأسلوب معها عقب كل مشاجرة حدثت بينهم، يُخطئ ويعلم بخطئه ويمنعه كبريائه بالإعتراف او ألإعتذار، ثم يفعل هكذا وهي تسامح وتبادر كالعادة بمناوشتها له حتى ينزل إليها من قلعته ويقبل الصلح.
جلس على طرف تخته يدعي تصفح هاتفه بغير تركيز ، فذهنه كان مشغول معها وهي تدخل لتتناول شئ ما من الغرفة، فتسير أمامه ببجامتها الضيقة وقماشها الملتصق بمنحنايتها، قصيرة فوق ركبيتها، وشعرها في الأعلى مرفوع لأعلى رأسها حتى يُظهر جمال عنقها واستدارة وجهها الفتان، واضعة عطرها المميز بقصد تشتيته.
مرة تنحني لتلتقط شيئًا ما من درج تسريحة المرأة، مرة أخرى تقترب لتبحث عن نفس الشئ في درج الكمود من جواره لتزكم أنفاسه برأئحتها وتحتل المجال من حوله فلا يستطيع الفكاك من النظر إليها ومتابعة تحركاتها في البحث عن الشئ الوهمي.
تدعي التركيز في ما تفعل والتغافل عن سهام عينيه وهي تخترقها بتفحص لتفاصيلها بهذا القرب، رغم مكابرته وادعائه تجاهلًا تفضحه عيناه، وانفعالات جسده وصوت تنفسه الذي يصل إليها، في النهاية وبعد ان تستكفي منه تخرج تاركة له الغرفة،
يزفر بصوت عالي عقب انصرافها، يلعن نفسه وكبرياءه الأحمق؛ الذي يمنعه من القرب منها أو الاستجابة لها، فالملعونة تعلم بتأثيرها عليه، وتفعل هكذا بقصد لتجبره على التنازل بترضيتها او الصلح، ولكن هذا لن يحدث أبدًا، لن يفعل حتى لو كان هو المخطئ.
لن يسمح لضعف نفسه بالأنسياق خلف ما يمليه عليه قلبه، لن يفعل، أجفل من شروده على فتح باب الغرفة وهي تطل برأسها إليه وتناديه:
-عصام، لقد أعددت الطعام ووضعته على طاولة السفرة بالخارج، الن تأتي لتأكل؟
رفع رأسه عن متابعة الهاتف ليومى برأسه بحركة خفيفة صامتًا كموافقة ليعود لهاتف مرة أخرى، فتابعت بنبرة صوتها الناعمة:
-إذن فلا تتأخر وتنشغل بالهاتف حتى لا يبرد الطعام وقد تعبت في تسخينه.
زام بفمه بملل من حركاتها المكشوفة، لينهض عن مقعده ويترك الهاتف ثم يتحرك بخطوات متأنية ورزينة، رغم صياح أمعائه الشديد من الجوع، وذلك لعدم تناوله شيئًا ما منذ الأمس.
حتى طعام أفطاره تنازل عنه اليوم بإرادته، فقد خرج من نوبته باكرًا، قاصدًا الذهاب إلى سوق الخضار في الشارع الخلفي للمركز، حتى يبتاع لها التين الذي تعشقه، لم يستطع تناول شطائر الفول والفلافل من عربة العم رمضان كرفيقه عمران، بعد أن تعود على طعامها الريفي الذي تعده يوميًا.
حتى حينما دلف الشقة بكيس التين كان متوقعًا استقبالها له أو رؤية فاكهتها المحببة عبر الكيس الشفاف بالصدفة في يده فيرى اللهفة في عينيها ككل مرة تفعل.
حينما تجري نحوه بسعادة وتختطفه من يده، فتوفر عليه عناء الكلمات والمحاولة، ولكنه صدم بنومها في هذا الوقت، ولم يملك سوى ترك الكيس خارج الغرفة والغطس في النوم تهربًا منها .
يتبع...
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أمل نصر من رواية ميراث الندم, لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية..