-->

رواية جديدة ما بين العشق والهوس لأمل نصر الفصل 14 - 2 - الأحد 5/5/2024


قراءة رواية ما بين العشق والهوس كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى






رواية ما بين العشق والهوس

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر

الفصل الرابع عشر

2

تم النشر يوم الأحد 

5/5/2024


وفي الشارع الخلفي للمنزل كان عمران منتظرًا بسيارة الأجرة يأكله القلق، ولا يستطيع التحرك وترك مكانه لاستطلاع الأمر حتى لا يكشف نفسه، لذلك ظل منتظرًا حتى لمح شبحها على أول الطريق، ليظل متابع خطواتها البطيئة على جمر، حتى وصلت لتنضم بجواره داخل السيارة بجمود صامتة، ليبادرها على الفور بسؤاله:


-ما الذي حدث؟

لم تجيبه بلسانها بل مالت بوجهها ليرى اثر اللطمة على وجنتها، فهتف يدعي الجزع:

-ضربك بالقلم؟


سمعت منه لتنطلق في موجة حارقة من البكاء، وتشهق غير قادرة على التوقف، وتخرج الكلمات المتقطعة مع بكاءها:


ضربني... وأهان كرامتي أمامها.... أمام عشيقته... يراعي مشاعرها على حساب زوجته.... ليُذلني ويهينني ويتجبر... وكأني حشرة لا تستحق الترضية حتى .


ظل يستمع إليها صامتًا لفترة طويلة، حتى خاطبها بحرص:

-افهم من هذا، أنه ضربكِ وأهانِك امام عشيقته، بعد أن ضبطته متلبسًا؟


أومأت برأسها ليردف هو:

-اقسم أنني لأول مرة أعرف ان عصام جبار بهذه الصورة .

التفت إليه تهدر بانهيار بكاءها:

-جبار معي انا فقط، لاني انا الضعيفة المهانة، الذليلة... ربي ينتقم منك يا عصام انت وعشيقتك، ربي ينتقم منك.


ظلت ترددها مع البكاء الذي لا يتوقف، لتفاجأ بقوله:

-ومن ينتقم لكِ ويرد إليكٍ حقك، ماذا تعطيه؟

توقفت تجيب، وقد أعمتها نار الأنتقام:

-أي شئ تريده.

ردد لها بمغزى ليتأكد:

-أي شئ أريده؟

أجابت بعقل قد ذهب منها:

- أي شئ .


❈-❈-❈


صفق باب المنزل بعد ان ولج لداخله، عقب عودته من نوبة عمله صباحًا، وجدها أمام عينيه جالسة على مقعدها وسط الشقة في انتظاره، كالعادة اَلمه ضميره بشدة لرؤيتها بهذه الحالة التي تلبستها منذ حادث ضربه لها، والتي مر عليها عدة أيام، وهي التزام الصمت بلا أي رد فعل اَخر نحوه. 


لا تنقصه شئ من خدمته ولا خدمة المنزل. ولكنها أصبحت كالجماد أمامه، لا تعاتب ولا يتفوه فاهها بكلمة إليه، أو حتى يرى الدموع التي انفجرت وقتها، أما هو فقد حاول على استحياء معها لفتح الموضوع، ولكنها كانت دائمًا ما تنهي بكلمات مقضية وتتركه، فلا يستطيع اللحاق بها أو ترضيتها؛ حتى لا ترى منه ضعفًا.


-صباح الخير 

القى التحية بعد أن اقترب منها، فالتفت ترفع رأسها اليه سريعًا بالرد قبل أن تنهض على الفور مرددة بروتنية:

-سوف أحضر الفطار.

تحركت بخطواتها نحو المطبخ ولكنه اوقفها بنفاذ صبر، فهذا الأسلوب الذي تتبعه، أصبح يصيبه بالإختناق.


فقال لها بنزق:

-انتظري.

توقفت مذعنة لأمره والتفت رأسها إليه بتساؤل، لتربكه نظرتها الحادة، فخاطبها بخشونة كي يخفي اضطرابه:

-عودي لجلستك الاَن أريدك في كلمتين.


سمعت منه واستدرات لتجلس كما امرها في انتظار جنابه، جلس أمامها ليبادر بفتح الحديث فقال بتردد:

-إلى متى ستظلين على هذه الحالة؟

هزهزت رأسها تدعي عدم فهم السؤال، ليردف لها بسأم:

-تعلمي ما أقصد فلا داعي للتمثيل.


 تنهدت بصمت لتحدجه بنظرة أبلغ من الكلمات، زادت من ثقل ما يشعر به، فهتف بدفاعية مفرطة:

-لا داعي لهذه النظرة يا ابتسام، وإن كنتِ غاضبة من مجرد لطمة على وجنتك، فهذه كانت نتيجة لتهورك وتعمدكِ بتسبب الفضائح لنا.


لو كنتِ تصرفتي بتعقل من البداية، ما كان حدث ذلك معك، هذه المرأة محترمة ولها وضعها أمام الجيران، وأنتِ حتى لم تُعطينا فرصة للتفاهم معك، بماذا كنتِ تنتظرين رد فعلي بعد كل ذلك

-امرأة محترمة!

رددتها خلفه بتساؤل، قابله بحمائية في رده:

-نعم محترمة، لقد وجدتيها بملابسها، وانا بملابسي، لو كان الوضع غير ذلك لكان لك الحق.


حتى والحقيقة واضحة امامها كشروق الشمس يتعمد استغباءها، وكأنها فاقدة للعقل تمامًا، او عمياء البصر لم ترى ملابس المرأة المكشوفة بأم عينيها، أو تجده هو في في غرفة النوم بشعره المبتل، إنه ليس فقط يستغبيها يل أن يستكثر جلسته الآن معها.


وكأنه عرف بما تفكر، فهتف حازمُا بوجهها:

-كُفي عن صمتك هذا والمعاملة الجافة، دعينا ننسى ونتعايش كالعادة، وتذكري أني صبرت ولم أخرج غضبي بالسؤال عن مجيئك فجأة خلفي، ولكني اريد ان اعرف إلاَن،

كيف وصلتي إلى هناك؟


يسألها بحدة ويكابر حتى عن إعطاءها وعد بعدم تكرار ما حدث، لذلك لم ترتبك في ألإجابة بالكذب الذي أواصاها به الملعون جارها:


-جاءني اتصال غريب من امرأة تحذرني من خيانتك اليومية لي مع امرأة اسمها حبيبة،

سمع منها ليأخذها فرصة ويوبخها بجلالة أنسته وضعه:


-وصدقتي على الفور كالبلهاء قول امرأة تريد خراب بيتك؟ هل انت بلا عقل لتنساقي هكذا بلا تفكير خلف قول أي غريب؟ أين رقم هذه المرأة التي هاتفتك، أعطيني الرقم لأكشفها لكِ.


انتظرت حتى انتهى من وصلة التقريع والنعت بصفات الغباء بصبر وابتسامة غريبة تعتلي وجهها، لتُجيب اَخيرًا وتفحمه:

-لا أذكر الرقم، لأن هذا كان منذ مدة طويلة، وانا وقتها كذبت المرأة واغلقت بوجهها المكالمة، ونسيت لأني لم أعير للأمر أهمية.


 ولكن خطئك بالأسم امامي هو من جعلني اشك، لذلك خرجت خلفك في هذا اليوم وراقبتك، حتى دلفت لهذا المنزل وتأخرت بداخله، وعندما سألت، احد الجيران عن إسم البيت، عرفت أنها امرأة وحيدة وزوجها يسافر بالشهور، والباقي انت تفهمه وحدك.


الإجابة كانت مقنعة لدرجة جعلته يرتبك بالفعل، فقال ينهي المناقشة بأنانيته المعتادة:

-ما تم قد تم، الاَن نحن في الحاضر، دعينا نغلق الصفحة، انتِ غضبتِ وانا غضبت، أنتِ أخطأتِ وانا تجاوزت عن خطأك من أجل العشرة بيننا، وستفعلين أنتِ معي بالمثل. 

 

 -للمرة المئة، هو لا يصالحها ولا يسترضيها، هو فقط يريد تجاوز الأمر، يوازن كفتها مع كفته في الخطأ، يا له من رجل عادل.

-لماذا الصمت مرة أخرى؟ ردي بأي شئ، ام أنكِ زهدتي عشرتي وتُريدي العودة إلى البلدة؟ 


توسعت ابتسامة ساخرة على محياها فور فهمها لمغزى كلماته، وهو يلوح لها مرة أخرى بالطلاق، لتجيبه بدراما:

-لا طبعًا يا عصام، وهل أنا غبية لأزهد العشرة منك أنت، يا سيدي وتاج رأسي، لا تكررها بالله عليك.

ختمت قولها لتنهض من جواره، تدعي رغبتها الشديدة في دخول المرحاض.


لتتركه في حالة من التشتت تعصف به، يريد عودتها لطبيعتها ولكن يرفض بشدة ان يتنازل أمامها، لو كانت تبكي وتستعطفه كان الأمر سيُصبح أكثر سهولة من ذلك، من الممكن وقتها أن يرضيها، لكنها الاَن وهي بهذه الصورة من اللامبالاة لن يقدر ولن يفعل.


أما هي فبمجرد دخول المرحاض وصفق الباب خلفها، فلم تتمالك نفسها، وسقطت منهارة على الأرض تبكي بحرقة وتكتم الصوت، شعور الإهانة بالضرب والخيانة يكمله بالتكبر عليها وكأنها حشرة لا تستحق، يريدها التعايش بوجه مبتسم امامه وسعيد 


وكأنها بلا إحساس او كرامة لتملك حق الإعتراض، هذا جزاءها لانها الضعيفة من البداية معه، هذا جزاءها لأنها مكنته منها، برعبها الدائم من هذه الورقة، يشتعل صدرها بحريق تود إطفاءه اليوم وليس الغد بالانتقام.


❈-❈-❈


وفي الشقة المجاورة وبعد ان اغلق الغرفة عليه بحجة النوم صباحًا كما كان يفعل دائمًا، وقد تحسنت زوجته الان وأصبحت تفعل بعض الأشياء البسيطة في منزلها، تنفيذًا لنصائح الطبيبة من أجل صحة الجنين والأم في هذه الشهور بعد مرور مرحلة الخطر.


كان واقفًا بجوار النافذة ينظر للخارج بتفكير عميق، عدة أيام مرت الآن ولم يحدث شئ، من وقت أخذه الوعد منها وهو يجاهد بكل الطرق للإيقاع بهذا الملعون وعشيقته ولم يفلح شئ، حتى فعله الجرئ بمهاتفة زوجها، واخباره عن خيانة زوجته له، حتى يتحرك على الفور لم يحدث، وكأنه الاحمق لم يصدق الاتصال .


إذن ماذا تبقى ليفعله؟ لقد طال انتظاره وطال شوقه، والاَخر مازال يعيش حياته معها ومع العشيقة وكأن شئ لم يكن، يخشى من طول الوقت لو استمر، جائز من الممكن أن تعود وقد تنسى وقد يرضيها ويصالحها 

زفر بضيق ليعود لتخته يحاول النوم او الراحة قليلًا، حتى يصفو ذهنه ويفكر جيدًا.


رفع رأسه فجأة على صوت فتح الباب الخارجي وصفقه على الفور بقوة، ليعلم ان زوجته خرجت إليها لتقضي الوقت معها بمنزلها، وتحرمه حتى من رؤيتها. 


❈-❈-❈


-تكلمي يا امرأة لما هذا الصمت المطبق؟ لقد بدأت اقلق. 

هتفت بالكلمات عزة وهي تخاطبها بخوف حقيقي، فنظرتها بالفعل كانت متغيرة، بالأضافة لصمتها، فهذا السكوت المريب لم يكن أبدًا من صفاتها، لترد الأخرى بابتسامة مغتصبة حتى ترضيها:


-ولما القلق يا عزة؟ يكفيكِ ما تعانيه يا امرأة في حملك بهذا الطفل المزعج.

بادلتها عزة الابتسام بعد ان ذكرتها بأجمل ما تتمناه، لترد بعتب:

-اَخيرًا تذكرتي أمر الطفل المزعج، جزاكِ الله خيرًا سيدتي.


فهمت قصدها لترد متنهدة بأسف:

-سامحيني يا عزة لعدم ترددي عليك هذه الايام، ومساعدتك، انا كنت في حالة لا يعلم بها الا الله.

ردت عزة بطيبتها المعهودة:


-لا اريد المساعدة لقد من الله عليا بالشفاء علي، واصبحت أنجز اشياء منزلي على قدر مقدرتي، ولكني اعتدت صحبتك وجلساتك المرحة يا امرأة .

تبسمت لها ابتسام بمودة حقيقية، تستغرب داخلها، كيف لملاك مثل هذه المرأة ان تتزوج رجل كريه مثل زوجها، 


رضيت به وهي جميلة ولا ينقصها شئ، وهو المعيوب بالتشوه الظاهر بشدة على وجهه، لم يرضَ ولم يقتنع! 

هتف عزة تقطع عنها شرودها مرة أخرى:

-مرة أخرى تصمتين؟ ما بكِ يا امرأة؟

اشرق وجه الأخرى لتعود لا بتسامتها المعتادة لتقول:


-لقد اشتقت إليك بالفعل يا عزة، أدامكِ الله لي.

اومأت لها عزة برأسها ثم لم تقوى على منع السؤال الذي تكتمه بداخلها منذ أيام:

-اين خرجتِ بصحبة عمران؟

حركت ابتسام رأسها باستفسار قبل أن تستوعب مع كلمات عزة التالية:


-انا اقصد منذ عدة ايام، كنت خرجت من شرفتي، فرأيتكما بجوار مبنى الملحلق تتناقشان بحدة ثم خرجتما معًا وبعدها انتِ التزمتِ بيتك.


انهت عزة قولها لترى وقع الكلمات على وجه جارتها، والذي شحب بشدة وكانها تفاجات بالسؤال، لتنفرج شفتيها بعجز لعدة لحظات، وكأنها تبحث عن إجابة، قبل أن ترد اخيرًا وهي تدعي التذكر:

-اَه فهمت قصدك، لقد كان هذا بالفعل منذ عدة أيام حينما تشاجرت مع أحد الباعة الجوالين في السوق بعد ان غازلني بكلمات وقحة.


 سمع زوجك بالأمر حتى أوقفني هنا ليتأكد مني، فقصصت له ما حدث وانا منزعجة، وهو ايضًا انزعج واحتدت كلماته معي، فجعلني اخرج بصحبته إلى السوق، ليتعرف على الشاب ويطرده من البيع في منطقتنا، هذا هو كل ما في الأمر، حتى اسألي زوجك وتأكدي.


ردت عزة بابتسامة غير مفهومة:

-لا لن أسأله يا ابتسام، لأني اثق بيكِ أكثر منه.

صمتت ابتسام وهي لا تدري، إن كانت هذه الجملة من المفروض أن تفرحها ام تُحزنها

يتبع...

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أمل نصر من رواية ميراث الندم, لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية..

رواياتنا الحصرية كاملة