رواية جديدة حكاية بنت الريف لصباح عبد الله فتحي - الفصل 50 - الخميس 9/5/2024
قراءة رواية حكاية بنت الريف كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية حكاية بنت الريف
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة صباح عبد الله فتحي
الفصل الخمسون
تم النشر يوم الخميس
9/5/2024
شهاب يذهب إلى تقي ولا يقدر على قول شيء ويمسك تقي ويبعدها عن جسد منهد بالقوة وينظر إلى الممرضة وينظر إلى جسد مهند وهو يقول بصوت مخنوق من الدموع: "معلش خديه من هنا".
تقي بصوت عالي وبدموع شديدة: "بابا لا ماتلمسهوش ماتلمسيش بابا بابا لا"
وتضرب في جسد شهاب وهي تقول "سبني انا عايزه بابا سبني بقولك" وبصوت عالي "بابا"
وتهدي فجأة. شهاب يشعر بثقل جسد تقي يحملها بين ذراعيه ويضعها في إحدى الغرف التي في المستشفى ويأتي لها بطبيب للاطمئنان عليها.
الطبيب: "ماتقلقش يا ستاذ، هي كويسة بس حصل لها انهيار عصبي بسبب الصدمه وانا علقت لها محلول وان شاء الله هتكون كويسة".
شهاب بحزن وهو يمسح دموعه: "طيب معلش، بعد إذنك يادكتور ممكن تخلي اي ممرضة تقعد جنبها زي مانت شايف الظروف اللي احنا فيها؟"
الدكتور بتفهم: "امرك يا حضرت الرائد، حاضر هبعت ممرضة تفضل مع الانسة"
شهاب بامتنان: "شكراً".
الطبيب: "من غير شكراً ده واجبي".
❈-❈-❈
وبعد ثالث ايام من موت مهند لا أحد في المنزل يشعر بالحياة والضحكة اختفت تماماً من المنزل وحتى الابتسامة أيضاً لا أحد يتذكر. امتي آخر مرة هو ابتسم فيها وديماً الدموع في عيون الكل. فتقي طول الوقت تبكي ولا تشعر بشيء يحدث بجانبها وأما سوزان فهي خسرت أغلى من روحها وتعتمد على الشرب من أجل أن تنسي هذا الألم الذي بداخلها وهذا حالها من يوم موت مهند حبيب قلبها الذي فعلت المستحيل من أجل أن يبقى بجوارها ولا يتركها أبداً. ولكن مالذي حدث فهو قد مات وتركها للأبد وأما تامر فهو يحاول التقرب من ابنته تقي من يوم موت مهند ولكن تقي ترفض حتى النظر له، فهي ترفض الفكرة أن يكون لها أب غير والدها الذي رحل وتركها. وأما دهب فهي دائما هادئة، أو أنها ليست من هذا العالم وتفضل الصمت والجلوس في غرفتها دائماً.
تجلس نور وشهاب في الدور الأرضي،
نور بقلق على حالة دهب، فهي أكثر ما تخاف عليها. فتقي تبكي وهذا شيء طبيعي، أما هي فصامتة طول الوقت كما لو كانت ليست من هذا العالم. نور بحزن: " بقولك اي يا شهاب انا يا بني مش مطمئنة من ناحية سكوتها دهب، ده مرعب قوي لازم نعمل حاجة علشان نطلعها من الحالة اللي هي فيها دي".
شهاب وهو يتنهد بحزن وينظر إلى أمه: حاضر يامي هحاول معها وماكذبش عليكي انا كمان مش مرتاح لسكوتها ده بس انا عارف ان اللي حصل ده هي اكتر واحده اتأثرت بيه وبالاخص المعامله بنها وبين عمي مهند الله يرحمه ماكنتيش كويسة وقبل مايموت هو حكي لها عمل ايه علشان عمتي دهب وانه راح القريه علشان يرجعها مالقهاش ودهب سبب حالته دي حاسه بالذنب مش اكتر بس انا هحاول اطلعها منها باي شكل من الأشكال.
❈-❈-❈
نور باستغراب: أنت بتقول إيه يا شهاب؟ هو مهند راح القرية علشان يرجع دهب؟ الله يرحمها. اليوم ده بس حسب علمي إنه لما رجع وعرف إن دهب سابت البيت، رفض أي حد يجيب سيرتها.
شهاب بحزن: آه، لأنه فكر إن عمتي دهب خنته وهربت مع واحد تاني، زي ما عمتي سوزان قالت له لما وصل القرية مالقهاش.
نور بصدمة من حديث شهاب: أنت بتقول إيه ده؟ أنا ما بقتش فاهمة حاجة. وبعدين، دهب الله يرحمها، كانت بتحب مهند أكتر من نفسها، وكانت بتتمنى له الرضا. يرضى، إزاي تسيبه وتروح مع واحد تاني؟ أنا مش مصدقة إن دهب تعمل كدا ولا تحت أي ظرف من الظروف.
شهاب ينذر الي نور ويصمت لدقائق، ثم يقول ويتذكر يوم اشتعال النيران في المنزل:. على ماظن كدا في حاجة غلط. والماضي والمستقبل مرتبطين مع بعض.
نور: قصدك إيه مش فاهمة؟
شهاب ينظر إلى أمه التي تنتظر الرد منه بفراغ الصبر: ولا حد قادر يفهم حاجة، يا مي، بس أهم حاجة دلوقتي نطلع دهب من حالتها دي ونخليها تقول حاجه او تعيط حتى.
❈-❈-❈
ويذهب متوجهً الي أعلي حيث تجلس دهب في غرفتهم، ويصل ثم يفتح الباب وينظر إلى ذلك التي تجلس علي الأرض وما زال الطعام أمامها ولم تأكل منه شيء، ثم يردف بحزن: هنفضل لحد امتي كدا يا حضرت الظابط؟ دهب بقا دي هي فتاة المستحيل اللي مفيش نيابة ولا قسم ولا كتيبت جيش في مصر اللي وبتحكي عن قوتها وشخصيتها.
ينظر لها ثم يكمل وهو متمسك بيديها / أنا تعبت أوي يا دهب من الحالة اللي أنتي فيها دي. فكرتك قوية وتقدري تطلعي نفسك من أي مشكلة بتوجهك. بس إذا كنتي أنتي ضعيفة كدا، هتخدي حق أمك من اللي كان سبب ظلمها وسبب في موتها. إزاي أنا عارف إنك حاسة بذنب اتجاه عمي مهند، الله يرحمه؟ بس هانعمل إيه؟ أحنا في النهاية بشر وبنغلط.
تنظر له دهب ودموعها تنزل وهذا جعل شهاب يعلم أن حديثه سوف يجيب نتيجة.
شهاب وهو ينظر لدهب: وعارف إنك ظلمتيه وسمعتيه كلام يجرح وهو مالهوش ذنب في حاجة.
ويفضل يذكرها بكل شيئ قد فعلته قصدًا من أجل أن يجعلها تخرج كل ما بداخلها.: وحتى إنتي اتهمتيه بموت أمك دهب، البت اللي هو حبها وما قدرش يحب من بعضها، عارف إنك كنتي بتجرحيه جروح فوق جروحه. بس اللي حصل حصل يا دهب وهو الله رحمه من العذاب اللي هو كان عايش فيه بسبب تانيب الضمير. بس لازم تفوقي يا دهب علشان نعرف مين المجرم الحقيقي ونعاقبه على كل حاجة. ولازم دلوقتي نكون عرفنا هو مين. وبصراحة، إنا شاكك في حد.
ثم يصمت لما يسمع صوت دهب وهي تقول: سوزان.
❈-❈-❈
دهب من غير ان تنظر إلى شهاب وهي تنظر إلى قدميها / سوزان هي السبب في كل حاجه.
نهضت وخرجت من الغرفة ومن المنزل بالكامل وهي تنوي الانتقام من هذه الطبيبة التي كانت سبب موت والدتها التي لم تراها. وتذهب دون أن تعلم ماذا يخبئ لها القدر. بعد وقت، وصلت إلى المكان الذي تتواجد فيه هذه الطبيبة الرخيصة التي باعت ضميرها من أجل بعض النقود. دخلت وهي في غاية الغضب، حتى لم تستأذن بالدخول. وجدت الطبيبة جالسة على الكرسي الرئيسي وأمامها مريضة.
الطبيبة بستغراب من دخول هذه الفتاة المفاجئ، وهي تقول بغضب: "ايه، هي حديقة حيوان الدخول فيها من غير استأذن؟"
دهب بهدوء عكس بركان الغضب الذي بداخلها وتوجه حديثها إلى المريضة: "أنا حضرت الظابط دهب، من بعض الأذى. ممكن تسبيني أنا والدكتورة مع بعض شوية عشان محتاجة في موضوع مهم من بعد إذنك؟"
المريضة تفهم وتقول: "طبعًا، اتفضلي يا حضرت الظابط، أنا اصلا كنت خلصت وخرجة."
دهبت بهدوء وشكرت المريضة قائلة: "شكرًا لذوق حضرتك"
ونظرت إلى الطبيبة بغضب، وهذا جعلها تتوتر أكثر.
الطبيبة بتوتر وتنظر إلى دهب وتبلع ريقها بصعوبة جدا، وتقول: "اتفضلي يا حضرت الظابط، اقعدي واقفة ليه؟"
دهب تذهب بهدوء عكس ما بداخلها، وتجلس دون أن تنطق بحرف، وتنظر إلى الطبيبة فقط، مما جعلها تتوتر أكثر.
الطبيبة بخوف وهي تلاحظ من نظرات دهب أن هذا اليوم لن يمر على خير، وتقول بتوتر: "خير يا حضرت الظابط، في حاجة اقدر أساعدك فيها؟"
دهب بهدوء وتحاول التلاعب بخوف وزيادة قلق الطبيبة، قائلة: "لا مفيش، بس كنت جاية أسأل على مريضة كانت بتتعالج عندك من مرض السرطان. كنت عايزة أطمن على حالتها أكتر، هي عاملة إيه دلوقتي، ممكن أعرف؟"
الطبيبة بستغراب: "مريضة سرطان مين دي واسمها إيه، بس لحظة أكيد حضرتك غلطانة، أنا دكتورة نساء يافندم، مش مرض السرطان. ممكن تكون حضرتك جتي على العنوان الغلط؟"
دهبت بستفزاز: "اها، ممكن برضو معاكي حق، بس أنا للأسف متأكدة إني جيت العنوان الصح، وأنا حابة أوضح لكي إني جاية أسأل على إيه بالظبط. أنا جاية أسألك على مريضة كانت بتعاني من الخبيث في الرحم وكانت بتتعالج عندك.
وتلعب بايديها بقلم من على المكتب، وهي بتكلم الطبيبة: مش عايزة تعرفي كان اسمها إيه؟"
الطبيبة وهي توشك على البكاء: "أنتي عايزة إيه؟"
❈-❈-❈
دهبت بهدوء وفتحت شريط البرشام، قائلة: "ايه يا حبيبتي، اهدي كده واجمدي. احنا لسه في الأول. كنت عايزة اعرف مدة الصلاحية ه بتاعته انتهت ولا لسه، لأنه زي ما تقولي كده عدي عليه 24 سنة كدا."
الطبيبة برعب وهربت منها الكلمات، ولا تقدر على الكلام وتنطق بصعوبة: "بس أنا ممكن أموت."
دهبت وقامت من مكانها وهي تمسك في أيديها البرشام، قائلة: "مانا عارفة مش بقولك احنا مش صغيرين وعارفين بنعمل ايه واه. ماتخفيش، عارفة إنك هتموتي لو خدي حباية واحدة، هتموتي بعد ست شهور، ولو خدي اتنين ممكن سنة. ايه رأيك تخديه كله مرة واحدة وتعيشي كمان عشر سنين؟ أو حاجة اصلا العلاج ده بيموت على البطيء، يعني كل ماخدتي منه كل ماتعيشي اكتر، بس هيكون الموت أرحم لكي."
وفتحت فم الطبيبة بالقوة ووضعت فيه ثلاث حبات من البرشام وتركت الثالثة.
الطبيبة بدموع: "كان ممكن تسجيني أو تبلغي عني ليه الطريقة دي، أنا عندي عيال."
دهب بغضب: "وانتي مافكرتيش للحظة إن دهب امي كانت حامل."
الطبيبة بصدمة: "انتى البنت اللي دهب كانت حامل فيها؟"
دهب بغضب ودموع: "ايوه انا."
الطبيبة بدموع: "فعلاً، إن الله يمهل ولا يهمل، يعني بعد 24 سنة ربنا بعتك ليا علشان تخدي حق امك مني، وانتي حتى ماكنتيش لسه جتي على الدنيا، بس انتي اتخلقتي علشان تخدي حق امك مني ومن غيري. امك كانت غلبانة أوي يابنتي، علشان كده ربنا سبحانه وتعالى ماضيعش حقها، وبعد 24 سنة وبعد موتها لسه ربنا فاكر حقها وبيخده لها." وتبكي بشدة. "أنا ندمانة قوي على كل حاجة، وشكراً إنك اخترتي ليا نفس الطريقة على الأقل عطتيني فرصة أتوب وأحس بنفس اللي امك حست بيها."
❈-❈-❈
دهبت بدموع وهي تنظر إلى هذه الطبيبة التي تبكي، إثبات على توبة الضمير وكما هي ندمانة فعلاً. وطلعت زجاجة صغيرة بها دواء ووضعتها على المكتب أمام الطبيبة، قائلة: "دي حقنة ضد مغعول سم البرشام، خديها واستغلي الفرصة دي وصلحي من أخطائك في الماضي وتوبي إلى الله. ممكن ربنا يسامحك."
وتركتها وذهبت.
أحدهم بضحك بصوت عال من خلف الطبيبة وهو يخرج من دورة المياه: "ههههههه والله وطلعت هبلة زي أمها بالضبط. وأي حد يضحك عليها بكلمتين بس. ايه يا دكتورة، ده انتي لو كنتي ممثلة كنتي بقيتي أكبر ممثلة في العالم كله، والله، ده انا خوفت تكوني توبتي بجد."
الطبيبة بضحكة: "تلميذتك ماتخفيش.
و تاخد الحقنة علشان تحقن نفسها:، بس هتعملي ايه مع البت دي بين عليها مش سهلة."
سوزان وهي تنظر إلى الطبيبة: "لا متخفيش، هي مش هتوصل البيت أصلاً، لأني خليت حد يقطع فرامل العربية بتاعتها، بس انتي بقى أحل مشكلتك ازاي. والله طلعتي مش سهلة."
الطبيبة بستغراب: "قصدك إيه مش فاهمة؟"
سوزان بغدر، تجي حقنة الطبيبة حقنة هواء من رقبتها وتضحك زي الهبلة: "كده انا شرحت لكي، وزيادة. يلا بقا باي باي."
❈-❈-❈
في المنزل، الباب يخبط.
نور بصوت عالي: "حاضر، جاية أهو."
وتفتح الباب وباستغراب من وجود تامر: "استاذ تامر، اتفضل."
تامر باحراج من نظرات نور، خصوصاً أنه يأتي البيت كثيرًا على أمل أن يقترب من تقي.: "مساء الخير يا مدام نور، هل تقي موجودة؟"
نور بستغراب من سؤال تامر وكونه يسأل عن تقي بذات: "ايوه، هي موجودة في الغرفة بتاعتها فوق. اتفضل ارتاح وانا هاطلع انديها."
تامر بحراج: "ممكن أطلع لها انا من بعد إذنك؟"
نور بشك: "اتفضل يا استاذ تامر، البيت بيتك وتقي زي بنتك."
تامر: "شكرًا."
في غرفة تقي، تقي تجلس على فراشها وتضم قدميها إلى صدرها وهي تبكي بشدة على ما يحدث لها. فجأة، تسمع أحدهم يخبط على باب غرفتها بلطف، فتمسح دموعها في لمح البصر بصوت مخنوق من شدة البكاء.
تقي: "اتفضل."
وتنظر إلى ذلك الذي يقف على الباب وتقول بغضب: "انت تاني عايز إيه؟ أنا مش قلتلك مش عايزة أشوفك تاني."
تامر بحزن: "اهدي يا بنتي، أنا بس كنت جاي أشوفك لآخر مرة علشان أنا مسافر ومش هرجع مصر تاني."
تقي تشعر بضيق: "ولكن على ماذا أنا مضيقة؟ فهو تركني منذ الصغر ولم يسأل عليَّ ولا بالهاتف، والآن هو يستسلم بكل بساطة ويريد أن يتركني ثانياً."
تامر بحزن وهو يمسح دموعها: "أنا كنت شاري بيت هنا في مصر على أمل إنك هاتجي تعيشي معايا، بس أنتِ مش حابة. وأنا مش هغصبك على حاجة، ياتقي، بس لسه في أمل تعالي، ياتقي نعيشي سوا." ويقترب منها بحنان. "أنا بحبك أوي ياتقي، وكنت نفسي تتربي في حضني، بس أمك منعتني حتى أشوفك."
تقي تبكي بشدة وتشعر بالحزن والخجل لأن لديها أم مثل سوزان، امراة قاتلة وخائنة أيضاً. إنها خانت زوجها وخانت هذا الرجل الذي عشقها بصدق أيضاً. تقي تبكي وتعانق تامر وهي تقول.
تقي: "ماتسبنيش أنت كمان، أنا ماليش حد، أبويا مات، الرجل اللي رباني مات، وأمي طلعت مجرمة وهتتسجن قريب، والشخص اللي أنا حبيته هو اتجوز وبترجي ماتسبنيش يا بابا." وتحضن تامر وهي تبكي وتردد: "ماتسبنيش."
تامر من السعادة لا يعلم هل يبكي أم يضحك، وهو يحب تقي من خدها ومن رأسها وأيديها، وبصوت ممزوج بالبكاء: "بجد ياتقي؟ بجد ياتقي؟ هاتجي تعيشي معايا؟"
تقي بابتسامة وهي تمسح دموع تامر: "ايوه بجد يا بابا، أنا كمان محتاجالك أوي."
تامر بفرحه ويحضن تقي: "الله، كلمة بابا طلعها منك حلوة أوي ياتقي. قوليها تاني يا تقي، عايز أسمعها منك تاني."
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة صباح عبد الله، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية