رواية جديدة براديسيا (التميمة الملعونة) لبسمة بدران - الفصل 2 - الأربعاء 8/5/2024
قراءة رواية براديسيا (التميمة الملعونة) كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية براديسيا (التميمة الملعونة)
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة بسمة بدران
الفصل الثاني
تم النشر يوم الأربعاء
8/5/2024
في جناح الملكة علياء
الذي يتسم بالفخامة والرقي الشديد
فقد كان به فـ راش مستدير يتوسط الجناح
مصنوع من الفضة مزخرف من الجانبين بالذهب الخالص مطعم بالألماس
وأمام الفـ راش بمسافة ليست بالصغيرة توجد طاولة الزينة أيضا من الفضة تعلوها مرآة كبيرة مرصعة بالأحجار الكريمة
وضع فوقها الكثير من مستحضرات التجميل وأدوات الزينة
بجوار تلك الطاولة غرفة كبيرة للثياب
ويجاورها مرحاض كبير خاص بالجناح
بينما على يسار المرآة يوجد ثلاث درجات وبعدها يصطف مجموعة من المقاعد الفضية المزينة من الخلف برسومات مطلية بالذهب
تتوسطهم أريكة متوسطة الحجم
وبعد قليل من الوقت خرجت من المرحاض وهي ترتدي ثوبا بنفسجيا مصنوع من الحرير بالكاد يغطي خسـ رها النحيل
سارت باتجاه طاولة الزينة ثم شرعت في تمشيط خصلاتها السوداء التي تصل إلى منتصف ظهرها
ومن ثم وضعت بعض مساحيق التجميل فبدت أكثر نعومة وإشراقا
رشت عطرها الناعم ثم ألقت نظرة شمولية على المرآة وابتسامة عذبة تزين ثغرها
فاليوم ستقضي ليلتها بأحضـ ان حبيبها بعد غياب أكثر من ثلاث أيام
استدارت باتجاه الفـ راش وجلست تنتظره وهي تطلق تنهيدة قوية تدل على الاشتياق الشديد لزوجها وحبيب طفولتها ومراهقتها وشبابها
❈-❈-❈
لم تكترث لصوته المرتفع ولا لعينيه الحادتين
بل راحت تتأمله بوله شديد بدءا من خصلاته السوداء الحريرية وعينيه اللتان تشبهان لون القهوة
وشاربه الذي زاده وقارا ورجولة
أجفلت على صوته الحاد مكررا حديثه مرة أخرى: أيتها الفتاة أنا أتحدث معك هيا من أنت؟ وكيف وصلت إلى هنا؟
ازدردت ريقها بصعوبة ثم ابتسمت ابتسامة كبيرة أظهرت غمازتيها بسخاء جعلتها أجمل من الجمال نفسه
تحولت نظراته من الغضب إلى الإعجاب الشديد
لم يرى في حياته جمالا كهذا
كيف لفتاة أن تملك كل هذا الجمال بمفردها؟
لا لا لم أقصد بأنها فتاة أنها حورية حورية وهبطت من الجنة
حسنا هذه أكثر فتاة تليق باسم براديسيا
فبراديسيا هي الجنة والفتاة تلك حورية من الجنة
استفاق من شروده بها على صوتها الرقيق: آسفة يا مولاي أنا نور.
نور يا له من اسم يليق بك
تمتم هذه الكلمات بداخله قبل أن يستمع إلى باقي حديثها
جئت إلى هنا كي أهنئ جلالتك لأنني لم أستطع أن استقبلك في الظهيرة
أوما متفهما
لكنه أراد أن يعرف كيف تسللت إلى هنا وهو يضع الكثير من الحرس حول القصر
ليس من أجل حمايته فالمملكة أمان لدرجة كافية
وهو عادل حكيم والعادل لا يخشى الغدر أبدا
فسألها: وكيف دخلت إلى هنا يا نور؟
يا الله اسمها يخرج من فمه كنوتات موسيقية
ابتسمت ببلاهة وأجابته باندفاع: خالتي تعمل في مطبخ القصر يا مولاي استعرت منها بعض من ثيابها وببساطة سمحوا لي الحرس بالولوج
تفحص ثيابها ثم أومأ متفهما
لكن احتدت عينيه قليلا مغمغما بصرامة: لا تفعلي هذا مرة أخرى يا نور وإلا عاقبتك هل هذا مفهوم؟
أومات موافقة
فملس على خصلاتها بحنو: والآن اذهبي إلى منزلك
استدارت لتذهب لكنها توقفت عندما استمعت إلى صوته: أشكرك على زيارتك
أطلقت ضحكة سعيدة وركضت للخارج كالأطفال
تاركة خلفها قلبا يهدر بجنون
❈-❈-❈
بينما على الجانب الآخر
في منزل يقع على أطراف برادسيا
تجلس امرأة عجوز تدعى كيارا
تنادي بصوتها الجهوري: رونق يا رونق
ثواني وامتثلت المدعوة رونق بين يديها مردفه باقتضاب: ماذا تريدين يا أمي؟
أشارت إليها بالجلوس: أرأيت ما حدث اليوم؟
تطلعت إليها باستفهام
فاستطردت الأخرى: أقصد استقبال الملك تميم
زفرت بنفاذ صبر: الجميع سمع عن هذا الاستقبال يا أمي هاتي ما في جعبتك مرة واحدة
حركت الأم شفـ تيها بازدراء ثم غمغمت بعدم رضا: عليك التحدث معي باحترام أكثر من هذا
ضربت فوق سـ اقيها بقوة: إن لم تخبريني ماذا تريدين سأتركك واذهب
ظفرت باستسلام: حسنا حسنا سأخبرك أريدك أن تكوني داخل القصر
اعتدلت في جلستها وسألتها باهتمام: ماذا؟ أنا أذهب إلى قصر الملك تميم لماذا؟ وكيف؟
لماذا وكيف سأجيبك عليهما ولكن ليس الآن
زجرتها بعينيها: كلا أريد أن اعرف الآن كل شيء يا أمي وإلا لن أنفذ ما تطلبيه مني
صمتت قليلا تفكر فهي تعلم علم اليقين أن ابنتها لن تفعل ما تطلبه منها إلا إذا وضعت يديها على كل تفصيلة الصغيرة قبل الكبيرة
فأردفت باستسلام: أنا اُعدُكي لتكوني ملكة براديسيا القادمة
انتفضت في مكانها كمن لدغتها أفعى
وتساءلت بدهشة: ماذا؟ أنا ملكة باراديسيا!
أجل يا ابنتي النبوءة تقول إن فتاة ستتزوج بالملك تميم وهي ليست من العائلة الملكية
وهذه الفتاة هي أنت
جحظت عينيها في دهشة: هي أنا كيف!
وهل النبوءة ذكرت الاسم
النبوءة يا ابنتي أنا من اخترعتها
والآن فهمتي كل شيء أنا والدتك كبيرة السحرة في المملكة وبإمكانها أن تفعل كل شيء
وكيف ؟
قاطعتها بحدة: يكفي أسئلة اليوم يا رونق عليك أن تتجهزي في أقرب وقت ستكونين بين نساء القصر
لمعت عينيها بسعادة عارمة
فكل فتاه في المملكة تحلم بان تتزوج من ملك وسيم مثل الملك تميم
وكذلك تصبح سيدة هذه المملكة الأولى
استقامت واقفة عائدة إلى غرفتها وأحلام وردية في ذاكرتها
أما السيدة كيارا تابعتها بعينيها ثم راحت تقرأ في ذلك الكتاب التي كانت تضعه جانبا وابتسامة سوداء ترتسم فوق ثغرها
❈-❈-❈
عودة مرة أخرى إلى قصر الملك تميم
ولج إلى جناح والدته بعد أن سمحت له بالدخول
وقف قبالتها ثم انحنى بخفة فعاتبته بحدة: أيها الملك ألم أقل لك لا تنحني أمامي
امسك بيديها ثم قبلهما بالتناوب مغمغما بحنو: إن لم أنحني لك يا أمي لمن انحني إذا؟
أنت سبب وجودي في هذه الدنيا
تعلمت الأخلاق والقيم منك أنت
أتعلمين أحيانا أحسد نفسي بان لي أم مثلك
أنت عظيمة يا ملكة آسيا
كاد أن ينحني مرة أخرى لكنها أمسكت بكتفيه واحتضنته بشدة وهي تتمتم بخفوت: بل أنت هو العظيم يا جلالة الملك
عندما توفي الملك نعيم والدك خفت كثيرا على الحكم فقد كنت شابا يافعا
لكنني حينما أبصرتك تحكم المملكة بحكمة وتواضع وكذلك رحمة وعدل شعرت بالفخر لأنني أمك
ابتعد عنها ممازحا: إذا تصبحين على خير لأنني تأخرت كثيرا على الملكة علياء
اعلم أنها في انتظاري منذ عودتي من حفل الاستقبال
منحته ابتسامة جميلة ومن ثم أومأت له بالموافقة
فانحنى مشاكسا إياها ودلف للخارج بخطا واسعة تاركا والدته تتبع خطواته بعينين دامعتين من شدة السعادة والفرح
❈-❈-❈
شهقت بقوة وهي تضع إحدى يديها على فمها مغمغمة بعدم تصديق: ماذا تقول يا أمير حكيم؟
أطلق ضحكة مجلجلة ثم هتف بتسلية: حسنا سأعيدها لك مرة أخرى يا حلوتي
أريد منك أن ترقصي
ارقص!
قالتها وحمرة الخجل تتسلل إلى وجنتيها المكتنزتين
اومأ مسرا على طلبه
هزت رأسها بهستيريا: لا لا لا لن أفعلها لن أفعلها أبدا
كبت ابتسامته ثم هتف بصرامة: ماذا قلت يا أشرقت؟
هذا أمر افهمني
لوهلة شعرت بالخوف من نبرته الحادة تلك فأخفضت وجهها أرضا وراحت تبكي بقوة
أشفق على هيئتها فدنا منها جاذبا إياها إلى صـ دره يمسد فوق ظهرها بحنو شديد: لا تبكي
تمسكت بقميصه من الخلف وازداد نحيبها فأبعدها باستغراب شديد مردفا: لما كل هذا البكاء؟
أجابته بصوت متقطع: أنا أخجل منك
للمرة الثانية دوت ضحكته في الجناح
فغمغم بعبث شديد: ماذا؟ أقلت تخجلين مني!
أنت جارية لنا منذ أكثر من ستة أشهر وحدث بيننا الكثير والكثير وتخجلين من مجرد رقصة وماذا عن
وضعت يدها على فـ مه تقاطعه عن باقي حديثه الوقح الذي كان سيتفوه به: حسنا لا تكمل سأفعل سأفعل ما تطلبه مني
شعرت بابتسامته الواسعة تحت يدها فاذالتها على الفور
ومن ثم ركضت من أمامه وهي تغمغم: سأرتدي شيئا مناسبا وأعود
تابعها حتى اختفت بداخل غرفة الثياب
ومن ثم تنهد بثقل وجلس فوق الفـ راش
هو يحب تلك الفتاة بجنون
عندما وجدها منذ سبعة أشهر تسير في الطرقات بلا هدف وسألها حين ذاك عن اسمها
فأجابته بكل براءة: اشرقت
أعجبه جمالها البريء
فاصطحبها إلى القصر
واتخذها جارية له
تعلق بها كثيرا
ويوميا يستدعيها إلى جناحه
فهو يعاملها معاملة غير تلك التي كان يعاملها لغيرها من النساء
استطاعت تلك الفتاة البسيطة صاحبة الثمانية عشر ربيعا اختطاف قلب الملك حكيم الذي كان يعرف بصاحب القلب المتبلد
استقام واقفا عندما أبصرها تدنو منه
ترتدي ثوبا باللون الأحمر القـ اني يصل إلى كاحلها ذات فتحتان من الجانبين
أظهر بياض بشرتها الناصع تأملها بافتـ تان
وبخطوات واسعة وقف قبالتها جاذبا إياها إلى صـ دره ملتقطا شفـ تيها في قبـ لة شغوفة متطلبة
ثواني وطوقت عنقه بذراعيها ليذهب سويا إلى عالم جميل لا يعرفه سواهم
❈-❈-❈
ولج إلى جناحها باحثا عنها بعينيه
اتسعت عينيه بانبهار عندما أبصرها تقف في وسط الجناح ترمقه باشتـ ياق شديد
فتحت له ذرا عيها
فاتجه إليها بخطوات واثقة واحتـ ضنها بقوة
ظل متعانقين لوقت لا بأس به حتى ابتعدت هي عن مرمى يديه
ومن ثم جذبته إلى طاولة مزينة بالشموع ذات الروائح العطرة
وعليها أصناف شهية من الطعام الذي يحبه
أجلسته فوق المقعد ومن ثم جلست فوق سـ اقيه تطعمه بحنان
وهو بين الفينة والأخرى يمنحها ابتسامة صغيرة وقبـ لة حانية على أطراف أصابعها
سألته باهتمام: هيا أخبرني ماذا فعلت عند ملكة النورس؟
ضحك بصخب: تقصدين ماذا فعلت في مملكة النورس؟
هزت رأسها نفيا: لا أقصد عند ملكة النورس اعرف أنها امرأة فائقة الجمال هيا أخبرني هل هي حقا جميلة؟
هل هي أجمل مني؟
هل هي
قاطعها إذ وضع يده على فمها: أقسم لك أنني لم أرى وجهها حتى
رمقته بدهشة: ماذا؟
ألم تكن هي الحاكمة للمملكة كيف تقول إنك لم ترها؟
أجابها وهو يسلط عينيه في عينيها: أقصد أنني لم أرى سواك أنت يا ملكة علياء
ابتهجت من كلماته البسيطة تلك
فلم تجد ردا أفضل من أن تعـ انقه ومن ثم تطبع قبـ لة حانية على كلتا وجنتيه
رمقها بمشاكسة: أشعر بان ملكة براديسيا تريد إنهاء السهرة بسرعة
هزت كتفها بدلال وهي تطوق عنـ قه: وأنا أشعر أن ملك براديسيا يريد النوم فقط
ومن قال هذا
هتف بها وهو يحملها باتجاه الفـ راش
❈-❈-❈
على أطراف أصابعها تلج إلى منزلها كي لا يشعر بها والدها ويوبخها على خروجها دون إذنه في الساعة المتأخرة من الليل
كادت أن تغلق الباب لكنها أجفلت على صوته الغاضب: أين كنت يا نور؟
ولا تكذبي لان عقابك سيكون شديد
❈-❈-❈
في قصر الأمير سفيان وبالتحديد في الحديقة
تجلس فتاة في عقدها الثاني ترتشف كوبا من القهوة باستمتاع شديد
دقائق وأنهته على آخره ومن ثم وضعته فوق المنضدة الخشبية المزخرفة
استقامت واقفة واتجهت إلى حوض زهرة الاوركيد التي تعشقها
تتأملها بإعجاب شديد ظلت هكذا لبعض الوقت ومن ثم راحت تتجول في أنحاء الحديقة وهي تشعر باستمتاع شديد
فقد كانت تلك الحديقة
ممتلئة بالمشاعل الفاخرة المصنوعة من الفخار
بداخلها حطب لإشعال النار من أجل الإضاءة
وبعد سيرها لوقت ليس بالقصير وقفت أمام المسبح الكبير تتأمل مياهه الشفاف بانبهار شديد فهي شخصية تعشق الطبيعة بكل جوارحها
ثواني وقفزت في ذهنها صورته الحسنة
تنهدت بوله شديد وغمغمت بخفوت: حكيم
كسا الحزن ملامحها عندما تذكرت أنه يحب تلك الجارية بجنون
صكت على أسنانها بغضب حارق وهي تتوعد لتلك الجارية فقانون العائلة الملكية ينص على أن الفتاة تكون لابن عمها
والأمير حكيم خاصتها
هي فقط
ألقت نظرة شمولية فتنهدت بارتياح عندما وجدت أن الحرس خارج الحديقة
ثواني وخلعت فستانها ليسقط أرضا
ألقت بنفسها بداخل المسبح وراحت تسبح بمهارة شديدة علها تطفئ نيران قلبها المشتعلة
❈-❈-❈
صاح بضراوة وهو يدنو منها قابضا على ذراعها بكلتا يديه بقوة آلمتها: هيا انطقي أين كنتي في هذه الساعة المتأخرة من الليل؟
ابتلعت غصة مريرة في حلقها ولم تعقب فشهقت بقوة عندما أبصرت عينيه تنضحان بالغضب الشديد
ففتحت فمها لتجيب لكنه هدر بها: إياك والكذب وإلا قطعت لسانك يبدو أنني أفرطت في دلالك يا فتاة والآن جاء وقت العقاب
لكن ليس قبل أن اعرف أين كنت تكلمي
لمعت الدموع في مقلتيها واجابته بخفوت وانكسار: كنت عنده يا أبي
لم تبالغ ان قالت انها استمعت الى صوت اصتكاك اسنانه
ضغط اكثر فوق معصمها: ألم اقل لك بأن لا تذهبي الى اي مكان يتواجد به ذلك الملك؟
اومئت مصدقة على حديثه
فاستطرد متسائلا: اذا لماذا فعلت ذلك؟
ازدردت ريقها الجاف اردت: رئيته فحسب صدقني يا ابي هذا الامر ليس بيدي انا اعشق
قاطعها بصراخ: اصمتي لا تكملي هذا الحديث الاهوج كيف تعشقين الملك تميم وهو غارق في زوجته وابنة عمه الملكة علياء؟
لماذا علقت قلبك بوهم يا نور انت اجمل فتاة في المملكة اي رجل يتمنى نظرة من عينيك الجميلتين لماذا فضلتي الألم على الراحة يا ابنتي؟
انسكبت دموع عينيها بغزارة وهي تهز رأسها نفيا: صدقني ليس بيدي يا ابي
زفر بقلة حيلة وجذبها بقوة يعتصرها بداخل احضانه
فهو لم يستطع رؤية دموعها انها وحيدته التي انجبها بعد معاناه
فقد كانت زوجته لديها بعض المشكلات في الانجاب وبعد زواج دام عشر سنوات اتت تلك الحورية وزينت حياتهما
تمسكت بقميصه وراحت تنتحب بصوت مرتفع ليس خوفا من والدها وانما خشية من ذلك العشق الذي سيسبب لها الكثير من المتاعب ووجع القلب والروح
❈-❈-❈
حل الصباح واشرقت الشمس لتنير الكون بضوئها الرباني
تسللت الى شرفة جناح الملكة علياء فاستيقظت منزعجة من اشعة الشمس القوية
زفرت بحدة فهي نست اغلاق الشرفة بالامس
استقامت جالسة وهي تنظر الى الراقد بجوارها بعشق شديد فقد كانت ليلتهما جامحة بما تحمل الكلمة من معنى
رباه كم تعشق ذلك الرجل الذي دائما يشعرها بانها الكون والجميع يدور حولها
خللت اصابعها الطويلة في خصلاته تداعبها بخفة وابتسامة عزبة تزين محياها الحسن
دنت منه وطبعت قبلة طويلة فوق جبينه جعلته يتململ في نومته
ثواني وفتح عينيه لتظهر بنيتاه بوضوح
منحها اروع ابتسامة وهو يغمغم: صباحك حلوٌ يا حلوتي هل نمتي جيدا؟
اجل
قالتها وهي تضع رأسها فوق صدره
داعب خصلة باصابعه هاتفا بمرح: لدي الكثير من الاعمال اليوم واذا بقينا هكذا اكثر من ذلك اعدك بانني سأضرب كل مخططاتي عرض الحائط وابقى بصحبتك طوال النهار
ضحكت بدلال: وليكن ابقى معي فأنا اهم من كل الاعمال التي لديك
بالطبع يا حبيبتي
لكن غيابي عن المملكة خلال الثلاث ايام المنصرمة تراكمت بعض الاشياء علي
استقامت جالسة هاتفة بمرح: اذا هيا قبل ان اغير رأيي
اطلق ضحكة مجلجلة وهو يقفز بسرعة لانه على يقين بان زوجته قادرة على تنفيذ كلامها
وهو سيكون اكثر من مرحب لو ارادت البقاء بصحبته
❈-❈-❈
بعد أن انتهت من فطورها اتجهت إلى مكان آلة القانون المتواجدة في جناحها الذي لا يقل فخامة عن جناح الملكة علياء
أزالت غطاءه وجلست فوق المقعد وراحت تعزف وهي مغمضة العينين وابتسامة سعيدة تشق ثغرها الجميل
بقيت تعزف لوقت لا بأس به حتى أنهت معزوفتها
انتفضت واقفة عندما استمعت إلى صوت تصفيق خلفها
اتسعت ابتسامتها عندما استدارت فأبصرت أخيها ووالدتها يرمقانها بسعادة وفخر
هرولت باتجاه الملك تميم واحتضنته وفعلت المثل مع والدتها
مسدت والدتها فوق خصلاتها بحنو مردفه بجدية: هيا يا حبيبتي ارتدي شيئا مناسبا سأصطحبك إلى السوق
أومأت موافقة
ثم دنت من أخيها ووقفت فوق رؤوس أصابعها طابعة قبلة خفيفة فوق وجنته وهرولت باتجاه غرفة الملابس المتواجدة في جناحها
ابتسم الملك تميم على طفولتها
بينما الملكة آسيا هزت رأسها باستسلام فيبدو أن ابنتها لم ولن تتغير أبدا
تبادلت النظرات مع الملك تميم ثم سألته باهتمام: ماذا سنفعل يا جلالة الملك
رمقها باستفهام
فاستطردت: أقصد بخصوص الأميرة رغد والأمير حمزة كلانا نعلم أنها متيمة به
وماذا عنه؟
تسائل بها الملك تميم باهتمام شديد
أجابته باقتضاب: لا أعلم ماهية شعوره تجاهها؟
أحيانا أرى في نظراته عشقا خفيا لها وأحيانا أرى الجمود في عينيه
ابتسم بخفة مغمغما: لا تقلقي يا أمي دعي هذا الأمر لي والآن سأتركك واذهب إلى الديوان فقد حان الموعد
كاد أن ينحني لكنها أوقفته بإشارة تحذيرية من يدها: إياك وفعلها يا ملك براديسيا هل هذا مفهوم؟
هز رأسه موافقا وابتسامة جميلة ترتسم فوق محياه
استدار دالفا للخارج
لكنه عاد إليها صائحا: جلالة الملكة آسيا
رمقته باستفهام فانحنى بخفة ومن ثم اتجه للخارج بخطوات سريعة لكنها متزنة في نفس الوقت
شيعته بابتسامة جميلة وهي تضرب كفا بالآخر: رافقتك السلامة أينما كنت يا ملك تميم
❈-❈-❈
هيا استيقظ يا أمير عروة لقد تأخرت على ميعاد اجتماع الديوان
فتح كلتا عينيه بصعوبة فهو لم ينم جيدا بسبب الليلة التي قضاها برفقة تلك الجارية
غمغم باقتضاضب: حسنا حسنا
هب واقفا وهو يرمقها بنظرات حادة: أنت ماذا تفعلين هنا؟
ألم أقل لك لا تقضي الليلة في جناحي
أخفضت بصرها أرضا: آسفة يا سمو الأمير فأنا أردت أن أغفو بجوارك
تطاير الشر من مقلتيه ومن ثم رفع يده وصفعها بقوة: أنت خالفت أوامري
ومن اليوم وصاعدا لا تدخلي هذا الجناح مرة أخرى
والآن اغربي عن وجهي
رمقته بعتاب شديد وهرولت للخارج
شيعها بنظرات حارقة ومن ثم استقام واقفا بصعوبة بالغة فجسده لم يرتاح بشكل كاف
اتجه إلى المرحاض ينعش جسده بالماء البارد عله يستفيق قليلا
الأمير عروة الذي يبلغ من العمر ثلاثون ربيعا
وهو توأم الملكة علياء وابن عم الملك تميم
هو لا يعترف بالحب ويتخذ النساء في التسلية ليس أكثر
لكن هل سيظل قلبه باردا هكذا أم سيأتي أحدا يستطيع أن يذيب ذلك الجليد؟
سنعرف في الأحداث القادمة
❈-❈-❈
تتجول برفقة ابنتها الأميرة رغد في السوق الخاص بالأقمشة
وهي ترسم ابتسامة مشرقة على وجهها الجميل
فكلما رآهما شخصا ينحني بهدوء ومن ثم يستكمل طريقه
كادت أن تصطدم بأحدهما لكنه تراجع في آخر لحظة رفع عينيه ليعتذر ويا ليته لم يفعل
فقد جحظت عينيه في دهشة كما أن معدل خفقات قلبه ارتفعت بشكل غير طبيعي وتثاقلت أنفاسه رويدا رويدا
إنها هي الملكة آسيا حبيبة مراهقته التي تخلت عنه من أجل العرش
بينما عنها هي فقد تجمدت في مكانها ترمقه باشتياق شديد
هو زيدان حبيبها القديم
فتحت فمها لتتحدث لكن الكلمات لم تسعفها
فماذا ستقول له بعد كل هذه المدة؟
اتعتذر أم تبرر له فكلاهما لا يجدي الآن
هي أم ملك المملكة الآن
استعاد رباط اجاشه وتحدث بصوت متحشرج وهو ينحني بخفة: تحيا ملكة براديسيا
هزت رأسها بهدوء وهي لا تصدق ما يحدث أمامها
فهو لم يتغير ما ذال وسيما حد الجنون وكأن السنوات لم تمر عليه
صمت الحديث وتحدثت لغة العيون
حتة قاطع ذلك الصمت صوت الأميرة رغد التي هتفت: لنذهب يا جلالة الملكة
استدارت لها فهي تناست وجودها من الأساس
فابتسمت لها بصعوبة: حسنا يا ابنتي
تراجعت لتلقي عليه نظرة أخيرة لكنها لم تجده
شعرت بخيبة الأمل ومن ثم اصطحبت ابنتها عازمة على شراء ما تحتاج لكن بعقل شارد وقلب مفطور
❈-❈-❈
انتبااااه الملك تميم
ملك براديسيا العظيم يشرفكم بحضوره الآن
سادة الصمت وانحنى الجميع احتراما وتقديرا
أما عنه فقد ولج بخطى ثابتة واضعا كلتا يديه خلف ظهره
يرتدي حلته الرسمية التي تتكون من بنطال أسود وقميص أبيض يعلوه سترة سوداء مزخرفة بالحجار تصل إلى ركبتيه وتاج براديسيا يزين رأسه
ارفعوا رؤوسكم
هتف بها بصوت جهوري كي يستمع إليه الجميع
ثواني واستقام الجميع واقفين
مرر بصره على كل الموجودين ومن ثم هتف بجدية وهو يصعد ثلاث درجات العرش: فلنبدأ اجتماعنا إذا
❈-❈-❈
في قصر الأمير سفيان
تجلس فوق مائدة الطعام بصحبة والدتها تتناولان وجبة الفطور في صمت حتى قطعت ذلك الصمت: ماذا فعلتي يا أمي؟
رمقتها باستفهام جعل الأخرى تستشيط غضبا: ألم أخبرك بأن تبلغي والدي كي يفاتح الملك تميم في موضوع خطبتي أنا والأمير حكيم
ضربت رأسها بخفة: أنا آسفة يا ابنتي نسيت بأن أخبر والدك فقد كان متعب بالأمس
تركت الشطيرة من يدها هاتفة بحنق: إذا ومتى ستخبرينه ؟
أجابتها بلهفة: عندما يعود من اجتماع الديوان سأتحدث معه
مدت يدها تربط فوق كفها: لا تخافي يا ابنتي الأمير حكيم سيكون لك
هذه كانت وصية الملك نعيم قبل وفاته وعليه تنفيذها رغما عن أنفه
شعرت بالارتياح نوعن ما من حديث والدتها
فوصية الملك نعيم ستنفذ عاجلا أم آجلا
فقد أوصى بزواج الملك تميم والملكة علياء وها هما تزوجا منذ عشر سنوات
كما أنه أوصى بزواج الأميرة رغد من أخيها الأمير حمزة وحتما سيتزوجان
لمعت عينيها بسعادة ومكر في آن واحد فهي في القريب العاجل ستحصل على ما تريد
❈-❈-❈
مساءً في منزل الساحرة كيارا تجلس في مكان معتم أمامها بلورة كبيرة من الزجاج
تقرأ بعض الطلاسم عليها بصوت بالكاد يسمع
قاطعها صوت طرقات عالية فوق بابها
هبت واقفة وهي تنادي بصوت مرتفع على ابنتها التي لم تخرج من غرفتها: يا رونق افتحي الباب يا ابنتي
زفرت بحنق عندما لم تجد ردا
فقررت أن تذهب هي باتجاه الباب
ثواني وكان يقف بقامته المهيبة يرمقها بابتسامة لعوب
بادلته الابتسامة وهي تفسح له الطريق وتنحني بسرعة: تفضل يا سمو الأمير
تقدمها للداخل بخطى بطيئة مستقلا أقرب مقعد قابله
جلست أمامه مخفضة الرأس حتى استمعت إلى صوته الرخيم: هي اخبريني ماذا فعلتي يا كيارا؟
أجابته بلهفة: خطتنا قيد التنفيذ يا سمو الأمير لا تقلق عما قريب ستذهب رونق إلى قصر الملك فأنا أريد تلك القلادة في أسرع وقت
ابتسم باتساع حتى ظهرت أنيابه؛ حسنا ووقتها؟
أجابته بثقة: وقتها ستكون أنت الملك يا ملك براديسيا القادم
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة بسمة بدران، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية