-->

رواية جديدة اليمامة والطاووس (روقة) لمنى الفولي - الفصل 14 - 2 - الثلاثاء 21/5/2024

 

قراءة رواية اليمامة والطاووس (روقة) كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية اليمامة والطاووس (روقة)

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة منى الفولي


الفصل الثالث عشر

2

تم النشر يوم اثلاثاء

21/5/2024



 دلف لغرفة شقيقه بالمستفى محييا: صباح الخير يا ياسين، جاهز؟

ظهر شقيقه مرتديا بذلته كاملة وهو يغمغم بإحباط: أيوه، يالا بينا.

تحركا بطريقهما لخارج المستشفى متجهاين لسيارة ياسين القابعة أمامها، ليحتل ياسر مقعد القيادة بينما جواره ياسين، الذي غمغم مستهجنا: مش عارف أيه لازمة أنك تيجي توصلني المسافة دي كلها وترجع تاني في القطر.

أجابه ياسر بهدوء: أنت اللي صممت أنك تروح شقة مطروح ومكنش ينفع أسيبك تسوق المسافة دي كلها وأنت لسه خارج من المستشفى.

غمغم ياسين معترضا: ما قولتك أني كويس، بس حتى لو كده كان ممكن أروح أنا في القطر وخلصنا.

رد ياسر دون أن يلتفت؛ مهتما بالطريق: وتبقى هناك من غير عربية وتتحبس في الشقة.

تمتم ياسين متهكما: حد قالك أني رايح اتفسح، أنا لولا أني مش طايق أرجع البيت، وفي نفس الوقت مينفعش أقعد أكتر من كده في المستشفي، مكنتش فكرت أسافر.

اتسم صوت ياسر بالاهتمام والجدية قائلا: وعشان اللي أنت قولته ده أنا عندي فكرة عايز أعرضها عليك.

وانطلق يشرح فكرته، مثيرا دهشة ياسين وحيرته.

❈-❈-❈   


أمسكت نجوى بالشرشف، تضعه على السرير، لتفاجأ بتلك اليد تلتف حول وسطها ترفعها فجأة لتجد نفسها بين أحضان ذلك المنحل وقد وضع يده الأخرى فوق فمها يمنعها من الصراخ، قاومته بعنف، ليشدد من قبضته عليها، وهو يهمس بإذنيها بأنفاس محمومة: أهدي، أهدي متخافيش، متعملليش فيها خضرة الشريفة، أمال طلقك ليه وأخوه طلق أختك اللي بيموت فيها من تحت راسك، أنت كده كده مبتخلفيش، خايفة من أيه بقى.

سالت من عينيها دموع القهر، وهي تشعر بالإشمئزاز من جسدها الذي يلاصقه بتلك الطريقة الفجة، لتزداد قهرا، وهي ترى خلود تفتح الباب بقوة، لتصرخ بها معنفة: ياليلتك السودة، أنت بتهببي أيه هنا.

دفعها بعيدا بقوة، لتتلقفها خلود ممسكة بها تكيل لها الضربات بعنف، لتأتي سلوى على صرخاتها، لتحاول انتزاع شقيقتها من بين أيديها صارخة بها: سيبيها يا مفترية مالك ومالها.

لتصرخ عليها خلود بسوقية: مالها هي ومال ابني يا أختي، جاية أوضته ليه، لو فاكرة أنها هتلف عليه تبقى بتحلم، ده الحيلة وعايزة أفرح بعياله.

تشبثت نجوى بيد شقيقتها وهي تصرخ منتحبة: والله كدابة هي اللي قالت أروق أوضته.

صاح والدها الذي أتى على صراخهم: في أيه أنتوا مابتبطلوش صريخ.

صاحت خلود مندفعة تمنع أي منهما من الكلام: بنتك الفاجرة، بتتسحب داخلة لمودي، لولولا أنا قفشتها.

علت صرخات نجوى، بينما سلوى تصيح بها: منك لله يا مفترية، ربنا يفضحك، شوفي بنتك اللي ماشية على حل شعرها.

صرخت خلود بزوجها: هي حصلت تجيب سيرة سيتها، قسما بالله ما أنتوا قاعدين فيها، هي كلمة، لواحدة فيهم تتجوز الشيخ وهدان وتغور وتاخد التانية معها، ياما الاتنين يغوروا في داهية، مليش دعوة أن شالله، يروحوا جهنم.

صرخ بهما والدهما دون أن يتبين حقيقة ما سمعه: مشبعتوش فضايح مش كفاية الشارع كله واكل وشي من ساعة طلاقكم.

صرخت سلوى بوجهه: احنا اللي فاضحينك، والشمام ده، والهانم اللي راجعة أمبارح شاربة، هما دول اللي مشرفينك.

ارتفعت يده تصفعها بعنف وهو يصرخ بوجهها: أنا اللي غلطان أني مكسرتش رقبتك من أول مرة خرجتي عن طوعي واتجوزتي، البيه اللي راميكي علينا دلوقتي، وزي ما خلود قالت، واحدة منكم تتجوز الشيخ وهدان وتغور وتاخد التانية معها، ياما تغوروا انتوا الاتنين ومشوفش وشكم تاني. رغم ألم صفعته، ألا أن ألم كلماته أعظم، فوالدها العزيز يؤيد زوجته في بيع إحداهما لرجل تخطى الستين، متخذا من سترهما ذريعة، لن تتركهما يتلاعبا بمصيرها يجب أن تمشي من هنا، يجب أن تعود لحياتها، مؤكد أن ياسين قد اشتاقها الأن، بالمرة السابقة كان يكابر، كان ألمه واضح بعينيه مهما تظاهر بالعكس، يكفي أن يراها لمرة واحدة ليعود إليها، المهم أن تراه ثانية بأي وسيلة كانت.

❈-❈-❈ 

ارتفعت الطرقات على باب شقة والد دعاء، التي نظرت والدتها متعجبة فوالدته تتجاهل الطرقات متظاهرة بالانشغال بينما هي تمنعها من الحركة وتطالبها بالراحة بأغلب الأوقات، تحركت متخطية أفكارها مستجيبة للطرقات المتزايدة.

فتحت الباب لتجد أمامها ياسر حاملا عدة حقائب ثقيلة، لتخطو للخلف مفسحة له طريقا للداخل، وهي تتسائل بدهشة: أيه ده كله.

أجابها لاهثا من فرط المجهود: دي مانجة، كل شنطة فيها نوع، عرفت من شهرين أنك كان نفسك فيها وملقتهاش، أنا معنديش استعداد تجيبلي ولد عويسى.

نظرت لوالدتها متشككة: وأنت عرفت منين أني كان نفسي فيها.

توترت والدتها فارة للمطبخ، بما لا يدع مجال للشك ولكنه ضحك قائلا: حبيب بابا هو اللي قالي.

حاولت التظاهر بالجدية، لكنه لمح ابتسامتها المتوارية، خلف غضبها المزعوم.

❈-❈-❈

جلس ياسين بالشرفة ينظر للبحر بشرود، واهم حين ظن بأنه فر منها إلى هنا، بل الأقرب للصواب أنه قد فر بها، فذكرياتهما بكل مكان هنا، فهي من أختارت الشقة وأثثتها، كل ركن هنا ينبض بلمساتها الأنثوية بينما ألوانها المفضلة تكسو الشقة عن بكرة أبيها، حتى أن صوت البحر يردد صدى كلماته العاشقة لها.

ارتفع رنين الهاتف، نظر إليه بلا اهتمام فهو رقم غير مسجل، ولكن مع اصرار المتصل استجاب خشية أن يكن احد مرضاه يستنجد به، لينتفض قلبه بين ضلوعه، وهو يستمع لصوتها الملهوف: ياسين.

احتبست الكلمات بحلقه لا يصدق أن تجروء على الاتصال به بعد ما كان منها، ليأتيه صوتها المستغيث يناشده ثانية: ياسين أنا عارفة أنك سمعاني، رد علي يا ياسين أنا محتاجك قوي.

هي تحتاجه هذا أذن سر اتصالها، فالأمر دوما يدور حولها وحول احتياجاتها، احتاجت زوج يمنع والدها من كسر والدتها، فقبلت زواجه، احتاجت بعدها من يعولها هي وشقيقتها، فكان هو موجود، وحين احتاجت من ينقذ شقيقتها ولو بذنب عظيم علقته برقبته هو، فترى بأي أمر تحتاجه، وماذا ستلقي على كاهله، ترجم لسانه ما تردد بعقله دون وعي، مرددا بخفوت: عايزة أيه يا سلوى.

اندفعت صائحة تروي له أزمتها وقد طمأنها رده عليها وتجاوبه معها: الحقني يا ياسين، أنا قاعدة في بيت بابا ولا الشغالة، والزفتة مراته مطلعة عيني.

أقلقها صمته فاضافت ضاغطة على موطن أرقه من يوم خطبتهما دي يوميا بتعزم محمد أخوها، وبتقعد تقهرني بعياله وتعايرني أنه خلف وأنا لا عشان ضحيت عشانك يا ياسين.

عندما ذكرت رؤيتها لغريمه الأوحد بقلبها اشتعلت نيران غيرتها، وكادد يهب غاضبا كعادته كلما أتت على ذكره، ولكان لغباءها أسرعت تطفأ غيرتها بسيل معايرتها له الذي لطالما اغرقته به، ليدرك أنها مازالت كما هي ما لم تناله بالحيلة تسعى له بالضغط والإرهاق النفسي، وقد أكدت ظنه بهذا وهي تستطرد بإلحاح:  ياسين لازم تشوف حل يا ياسين مش ممكن تتخلى عني عشان غلطت، أنا عايزة أشوفك ياياسين بس خايفة أجي البيت الاقي ياسر.

أجابها بحكم التعود: أنا مش في البيت يا سلوى أنا سايبه من يوم اللي حصل.

زفرت براحة: تبقى في مطروح، أنا عايزة أجيلك يا ياسين احنا لسه في العدة، ومن حقي أخد فرصتي وافهمك أنا اتصرفت كده ليه.

لعن معرفتها بدواخل نفسه التي تجعل هروبه منها دربا من المستحيل، حاول التماسك وألا يخبرها بأنه من سيأتي إليها عن فوره بصعوبة، لينطق لسانه مجبرا عكس ما بقلبه: مش هينفع يا سلوى.

أسرع بإنهاء المكالمة وحظر الرقم قبل أن يضعف أمامها كعادته، ليعود للغرق بأفكاره بها بعدما حولت كلماتها الجارحة أشواقه لها لأشواك تئن لها روحه، متأملا أن يكون ألمه هذا أعراض انسحابها من حياته بعد إدمان وجودها، مفكرا بأن اقتراح ياسر قد يكون بمثابة فترة نقاهة له، ليمسك هاتفه متصلا بأخيه، ليعاجله بكلمات مقتضبة: ياسر أنا موافق.

❈-❈-❈

ارتفع غطيط زينهم، بينما ياسر يجلس بجواره كاتما ضحكته وهو يعد شيئا ما بينما ينظر لساعته باهتمام، لتنفجر ضحكاته التي لم يستطع كتمانها أكثر من ذلك، ليستقيظ زينهم متفاجأ بضحكاته، لتزداد ضحكاته هيستريا وهو يصيح ضاحكا: تشخيرك بقوة أربعين شخيرة بالدقيقة، ده أنت غلبت الماكنة اللي هاني رمزي كان عايز يجيبها في محامي خلع.

ابتسم زينهم مستغربا وجوده: أنت جيت امتى، [ليهتف باهتمام] أوعى تكون واقع في مشكلة.

ابتسم مشاكسا: لا متخافش، كنت جاي في مصلحة قريبة من هنا، وقولت ميصحش اجي هنا من غير ما اسمع شخيرك، يوووه قاصدي من غير ما اشوفك، ماهو شخيرك ممكن اسمعه عادي من أول البلد.

ضحك زينهم متمتما بحرج: ربنا يحظك.

ابتسم له بود وهو يفض لفافة تفوح منها رائحة شهية: قوم نتعشى سوا، أكيد اتغديت من ساعة ما جيت ونمت كالعادة.

تجهم وجه زينهم وهو يغمغم معاتبا: جايب عشاك معاك، ليه مش هنعرف نضايفك.

ابتسم له ياسر وهو يجبره على الجلوس بمقابله وبينهما الطعام: لا جايب عشا عشان اتعشى مع صاحبي، ومش محتاج حد يضايفني، لأني صاحب بيت.

جبرت كلماته الطيبة خاطره، فابتسم ممتنا وهو يمد يده للطعام بشهية.

❈-❈-❈

استندت دعاء على الحائط خلفها بوهن، بينما والدتها تبكي بخوف أمام باب الرعاية المركزة بالمستشفى الذي يعمل به ياسين، أتى ياسر مهرولا، تحتضن عينيه حبيبته وهو يسألها بلهفة: أيه اللي حصل.

لم تستطع التفوه ولو بكلمة فتولت والدتها الاجابة من بين نحيبها: 

كان قاعد وسطنا زي الفل، وفجأة مسك صدره وصرخ ووقع وسطنا من طوله، سعاد الممرضة اللي فوقنا قالت لازم نجيبله الاسعاف، طلبناهم أكتر من عشر مرات ومحدش عبرنا لحد ما طلبتك وبعت الأسعاف دي اللي جابتنا على هنا.

تناوب عدد كبير من الأطباء الدخول والخروج من الغرفة مما أثار فزعهم، لتسأل أحد الممرضات بلهفة: هو عامل أيه يا بنتي.

اجابتها الممرضة بابتسامة: الحمد لله يا حاجة الوضع استقر ومفيش حاجة تخوف وشوية ويفوق وتقدروا تتكلموا معه.

غمغمت دعاء قلقة بوهن: أمال أيه اللي داخلين خارجين دول كلهم.

ضحكت الفتاة مجاملة: لا ده الدكتور ياسين، أصله حبيب الكل ومن ساعة ماتصل يقول نبعت عربية اسعاف لعمه، والمستشفى اتقلبت و كل شوية دكتور يجي يعمل الواجب خصوصا وأن الدكتور قلقان جدا وكل شوية يتصل يتطمن.

شكرها ياسر فابتسمت مغادرة تتمتم بدعواتها بالشفاء.

مرت نصف ساعة أخبروهم بعدها باستقرار الحالة وإفاقة المريض، ومنع الزيارة لعدة ساعات حتى يتم نقله لغرفة عادية.

مرت تلك الساعات كدهر بين بكاء زوجته ورعب دعاء الذي انفطر قلب ياسر حزنا عليها ورعبا من تأثير حالتها النفسية على حملها.

التف الجميع حول فراشه بالغرفة التي قد نقل إليها، بينما الطبيب يبتسم بلطف: اطمنوا يا جماعة كل شيئ تمام والله والحاج زي الفل.

هتفت دعاء بلوعة: بجد يا دكتور يعني هو كويس دلوقتي والموضوع ده مش هيتكرر تاني.

ابتسم مجيبا بتهذيب: متخافيش حضرتك دي....

اندفع ياسين مهرولا داخل الغرفة، ملقيا التحية وهو يسأل الطبيب باهتمام: أزي الحالة دلوقتي يا دكتور.

صاح الطبيب مندهشا: دكتور ياسين، برضو صممت وجيت سايق المسافة دي كلها رغم تعبك، مأنا طمنتك، ولا حضرتك مش واثق في.

أجابه ياسين بلباقة: العفو يا دكتور بس زي ما قولت لحضرتك، هو في مقام عمي وحالته تهمني جدا.

ابتسم له الطبيب متفهما وهو يتبادل معه بعض المصطلحات الطبية لتتنفس دعاء الصعداء وهي ترى الارتياح المرسوم على وجه ياسين بعد سماعه للوضع الطبي لوالدها.

تشاحنات عدة أفكار شتى برأسها لتحسم أمرها وهي تراه يغادر مع الطبيب للإطلاع على التقارير الطبية، فاستوقفته هاتفة: دكتور ياسين.


يتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة منى الفولي، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة