رواية جديدة اليمامة والطاووس (روقة) لمنى الفولي - الفصل 15 - 2 - الأربعاء 22/5/2024
قراءة رواية اليمامة والطاووس (روقة) كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية اليمامة والطاووس (روقة)
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة منى الفولي
الفصل الرابع عشر
2
تم النشر يوم الأربعاء
22/5/2024
أمأ له ايجابا مؤكدا: أيوه وشوفتها واتكلمت معها وأتأكدت أنها هي. صاح وقد أمسك ذراع ياسر بقوة يجذبه نحو الباب: يالا نروح لها حلا، يالا.
ثقل جسد ياسر ولم يتأثر بجذبه له، وهو يخبره بهدوء: مش هينفع يا زينهم، المكان اللي هي فيه له أصول للزيارة.
انقبض قلبه وقد خيل إليه أنها لاقت مثل مصيره ليتسائل متشككا: ليه هي فين.
أسرع يطمئنه نافيا ما قد يثير مخاوفه: في الملجأ، الناس وديتها هناك بعد وفاة جدتك، وعلى فكرة هي كانت فاكرك بس كانت خايفة تكون أنت اللي نسيتها، وفرحت قوي لما عرفت أنك كنت بتدور عليها، خصوصا وهي ظروفها صعبة.
همس بتوجس: ظروف أيه.
أجابه ياسر بجدية: آية دلوقتي عندها سبعتاشر سنة، وبعد أقل من سنة تتم تمناتشر، وساعتها هيخرجوها من الملجأ وهي لا عندها مكان ولا حد تروح له.
هتف محتدا: أمال أنا روحت فين، أنا أخوها المسئول عنها لأخر العمر.
واجهه بما أغفلته مشاعره الثائرة: بس أنت مش أخوها يا زينهم، زمان حياتكم سوى كانت طبيعية لأنكم أطفال وكمان جدتك كانت معكم، لكن حاليا لا جدتك موجودة ولا أنتوا لسه أطفال، ووجودكم مع بعض بالشكل ده مرفوض تماما.
لا يصدق أنه بعدما وجد أمانته الغالية أخيرا، ستضيع منه لأن بعض أوراقا خرقاء تنفي وجود صلة بينهما، هي شرفه وعرضه الذي دفع من عمره بضعة سنوات ثمنا له.
القى ياسربكلمات كانت بمثابة طوق نجاة ببحر حيرته: بس في حل يخلي وجودها معاك مقبول.
انتفض يتمسك بالأمل، متسائلا بحماس: أيه هو.
أجابه ياسر بدون مراوغة: تتجوزوا.
فغر فاهه بصدمة لا يتخيل أنه يعرض عليه الزواج بصغيرته، تلك الصغيرة التي لطالما اعتبرها شقيقته الصغرى، ليهتف مستنكرا: أنا اتجوز يويو، دي أختي.
زفر ياسر بنفاذ صبر: ما قولنا مش أختك [ناظرا للمستوى الذي يشير إليه ليغمغم متهكما] وبعدين أنت معلوماتك قديمة قوي، دي بقيت عروسة زي القمر، [نظر له زينهم شزرا، ليلوح بيده معتذرا ومبررا] أنا بس باوضحلك عشان متتصدميش.
زجره زينهم بغيرة: لا متوضحش وملكش دعوة بيها من أصله.
رفع كفيه مستسلما: خلاص ياعم متزعليش [لتعود نبرته لجديتها] المهم دلوقتي تفكر في اللي قولتهولك، وياريت وأنت بتفكر تحط في دماغك أنكم مش أخوات، تقبلتها كان بيها، متقبلتهاش، متقلقش محلولة بإذن الله، وسكنها وشغلها هيكونوا جاهزين قبل ما تتم التمنتاشر بإذن الله.
ارتمى زينهم بحضن ياسر يبكى ممتنا، حامدا الله على حياة جديدة رزقه بها على شكل محنة يمر بها صاحب معروف، وهي بحقيقة الأمر منحة من الله على هيئة اختبار لعرفانه، اختبار نجح فيه بجدارة، وفاز بالجائزة الكبرى.
ربت ياسر عليه بود: على فكرة هي في دبلوم السنة دي، وأن شاء الله سواء اتجوزتوا أو ما اتجوزتوش، هاتدخلوا الجامعة سوا، السنة الجاية بإذن الله.
شدد من احتضانه له دافنا وجهه الباكي بصدره، ليصيح به مشاكسا: لا مش هينفع كده لو حد دخل هيفهمنا غلط.
❈-❈-❈
نهتت نجوى بإجهاد وهي تسند تلك السجادة التي تحملها للحائط، وقفت تلتقط أنفاسها لاهثة، التفتت للخلف وسرعان ما شهقت مصدومة وهي ترى ذلك الذي يقف أمامها سدا الباب بجسده: أيه ده أنت رجعت أمتى.
ازدرد ريقه وهو يرمق جسدها بشهوة: لسه راجع.
انكمشت وهي تتمسك بطرف جلبابها بيد تغلق فتحته قدر استطاعتها لمدارة صدرها بينما يدها الأخرى تسحب طرفه السفلي لأسفل وقد رفع قليلا جراء معاناتها مع السجادة الثقيلة، خرج صوتها مرتعشا رغم محاولتها الفاشلة لعدم إظهار خوفها منه: ورجعت ليه، نسيت حاجة؟
عض على شفتيه وهو يقترب خطوة مع كل جملة يتفوه بها: سمعت ماما وهي بتقولك تغسلي السجادة، وبتقول لسلوى تنزل تجيب حاجات الغدا، فوصلتهم النادي وهقولت لهم هاركن ولفيت ورجعتلك.
شهقت بفزع وقد التصقت بحائط، فقد كانت تتراجع مع كل خطوة يتقدمها تجاهها: ميصحش كده.
انتهز الفرصة وحاصرها بجسده، وهو يردف بصوت متحشرج وأنفاسه الحارة تلفح وجهها: وهو يصح أن أنت وسلمى مصممين أنك تسافري معها من أول يوم في جوازها، طيب حتى أديهم فرصة يبنسطوا، واحنا كمان ننبسط.
انقض على شفتيها يقبلها بعنف، بينما يديه تعبث بجسدها وتمزق ما تطاله من ثيابها، غير مباليا بمقاومتها، ليصرخ بألم ممسكا بخده الذي عضته بأسنانها: يا بنت الكلب.
استغلت انشغاله لتهم بالفرار ولكنه انتبه لها ليلحق بها ممسكا بها من شعرها، وقد تحول لحيوان شرس، صرخت بقوة أثر صفعه لها، وهو يصرخ بها: أنا غلطان أني كنت حنين معاكي، والله لأوريكي.
انهالت صفعاته على وجهها حتى سالت الدماء من فمها وأنفها، وقبل أن تستوعب الأمر كان يدفعها أرضا، وقد مال فوقها يمزق ملابسها بيد واحدة بينما يسيطر على كلتا يديها بيده الأخرى.
لم يشعر أيا منهما، بتلك الصرخة الصادرة عن سلوى التي رجعت لتصدم بذلك المشهد ومحاولة ذلك الخسيس انتهاك عرض شقيقتها، التي تسمع صرختها الضعيفة بعدما انهكتها المقاومة وهجومه العنيف، تجاوزت صدمتها سريعا وهي تلتقط أول ما طالته يدها، تهبط به فوق رأسه تهشمها، لتصرخ نجوى بفزع بعدما سقط فوقها غارقا بدمه، لتبعده عنها مذعورة وقد توالت صرخاتها وهي تحاول ستر جسدها الذي ظهر معظمه، لتهتف بها سلوى: بطلي صريخ بطلي هتفضحينا، البسي أي عباية أستري نفسك، ويالا بينا قبل ما يفوق.
أسرعت تنفذ أمر شقيقتها التي وقفت تتطلع لكمية دمائه النازفة بذعر، فبالمرة السابقة رغم أنها كانت المعتدية، ألا أنها كانت هادئة، واثقة من وجود ياسين لحمايتها، أما الأن برغم أنها كانت تدافع عن شرف أختها ألا أنها لا سند لها ولا معين، لتفيق من أفكارها على تلك الصرخة المذعورة لإحدى الجارات، فقد نست أن تغلق الباب خلفها.
❈-❈-❈
ضمت إليها صغيرها بحنان، لا تصدق بأن حبهما قد تجسد لكائن حي بهذا الجمال، نعم حبهما، فهي لم تنكر حبه يوما رغم كل ما حدث بينهما، ولكنها لن تسمح للحب بأن يريق ماء وجهها ويحيا فوق رفات كرامتها، اعتلت بجلستها بتحفظ وهي تراه يطل برأسه يراقبهما بشغف.
ليدخل متنحنحا بعدما أفسد انتباهها له متعته بمراقبتهما سويا: عاملين أيه دلوقتي.
تمتمت بآلية: الحمد لله.
ابتسم محبطا من جمودها: دايما يارب في أحسن حال.
تجاهلت وجوده وهي تصب جل اهتمامها على الصغير، فمد يده يداعبه لتتراجع بيدها سريعا كأنما تخشى ملامسته، ورغم حزنه لتصرفها، ألا أنه تظاهر بالمرح محاولا ايجاد سبيل للتواصل معها: أيه هو بنج الولادة نساكي أني رديتك ولا أيه.
أجابته متهكمة: وهو ينفع انسى بعد الفضايح اللي عملتها في المستشفى.
ابتسم سعيدا لتجاوبها معه ومنتشيا لذكرى قربه منها ولو للحظات عادت بعدها لقوقعتها: وهو اللي يحضن مراته ويبارك لها أنها قامت بالسلامة يبقى بيعمل فضايح.
هتفت مغتاظة: هو الحضن وبس، وأنك تزق الكرسي المتحرك، وتصمم أنك تشيلني واحنا خارجين وتنزل بينا تلات أدوار، دي مش فضايح.
ضحك سعيدا وهو يتذكر مشاعره وهي بين يديه تحمل صغيرهما، لتحيا بنفسه روح المشاكسة، وهو يغمز لها بعينيه مردفا بلهجة ذات مغزى: يعني الحق عليا أني عايز راحتك، بذمتك حضني أريح ولا الكرسي الحديد.
استشاطت غضبا وهي تهتف بحدة: بجد كتر خيرك، عايز أيه دلوقتي.
تخلى عن المناورة وهو يجيبها مباشرة: عايزك ترجعيلي يا دعاء، مش عشان رجعتك، لا أنا عايز دعاء حبيبتي بكل كيانها، وأنا أوعدك...
قاطعته متهكمة متذكرة وعوده العديدة: توعدني.
اكتست ملامحه بمعالم الخزي ولكنه حافظ على عينيه بمواجهة عينيها وهو يخبرها بصدق: عارف أني وعدتك كتير وخلفت بس في وعود عمري ماخلفتها، وعدتك أنك تكوني ليا ووفيت رغم كل المشاكل اللي واجهتنا، ووعدت اني هافضل أحبك ومقدرتش أخلف وعدي حتى وأنا باتعذب بالحب ده وفاكرك غدرتي بيا.
ليكتسب صوته صلابة وعزم: والمرة دي بأوعدك بشرفي وغلاوة عبد الرحمن عندي، أني هاحافظ عليكم، وعمري ما هاسمح لحد يدخل ما بينا، ولا يكون له فضل علينا.
التمعت الدموع بعينيها وقد كشف مكمن جرحها منه، فتحشرج صوته وهو يستطرد: يمكن تكوني شايفة أني مستهلش فرصة تانية، لكن على الأقل عبد الرحمن يستاهل تديله فرصة أنه يعيش حياة طبيعة في حضن أمه وأبوه.
مال على صغيره يقبل جبهته، ويفاجأها بمثلها فوق جبهتها هي وهو يستطرد متجاهلا عزوفها عن الرد: أنا مش هاضغط عليكي أكتر من كده، بس عايزك تعرفي أني اتخلصت من أي مكان ليا في ذكرى مع حد غيرك، واتشاركت أنا وياسين في مزرعة جميلة هتعجبك قوي.
التفت بوجهه للجهة الأخرى غير راغب أن ترى احتباس الدموع بعينيه: أنت كده كده، أكيد هتفضلي هنا عند والدك لحد ما تفوقي وتقدري تقفي على رجليكي، أما تقومي بالسلامة، تعالي شوفي المكان يمكن يعجبك، وفي كل الأحوال مش هننقل هناك علطول، لسه هاقدم طلب نقل لفرع تاني من البنك، ولو قررتي أنك تحاولي تصدقيني، أوعدك أنك مش هتندمي.
ألقى كلماته لينسحب بعدها سريعا، بعدما أيقن أنه لن يسيطر على دموعه أكثر من ذلك، ورغم فراره إلا أنها لمحت تلك الدمعة التي سبق فرارها من عينيه فراره هو من غرفتها، ليتردد صدى كلامه بإذنيها، ليرق قلبها له وتلقى كلماته قبولا بنفسها خاصة كلماته عن استحقاق وليدهما لأن يحيا حياة طبيعة، متنعما بحب والديه.
❈-❈-❈
صدحت صافرة عالية تردد صدها ببيت المزرعة، ليعلو بعدها صوت هناء المرح: صباح الخير يا حلوين، زينهم نزل.
ضحكت رانيا بشدة هاتفة: خلصنا من زغرودة فاطمة، طلعت لنا صفارة هناء.
بينما علا صوت شوقية المتهكم بغضب: زينهم مين بقى، ده بقى زينهم بيه، سكن الشقق الواطي بتاع السطوح، لا وهيحل محل فضل، وكمان هو بنفسه اللي بيعلمه على الدفاتر ونظامها.
صاحت بها رانيا مستاءة: اتقي الله يا شوشو، هو زينهم عملك أيه رزق وجاله يقوله لا.
صرخت بها شوقية بهيستريا: بقولك أيه ياروقة مش وقتك خالص، أنت مش حاسة باللي بيا من ساعة ماعرفت اللي عمله الزفت صاحب المزرعة الجديد امبارح.
تسائلت هناء ببراءة: ليه يا شوشو بس ماهو خد شقة فاطمة مش شقتك.
صرخت شوشو بعصبية: أنت غبية يابنتي، شقة أيه اللي بتتكلمي عنها، ماالشقة كده كده هسيبها بعد شهرين، أول ماسي زفت يتدرب على الشغل، ربنا ينتقم منه والمزرعة كلها تتحرق ما يلحق يتهنى بشراها.
نهرتها رانيا معاتبة: لا حول ولا قوة إلا بالله، ليه كده يابنتي، ده من حكم في ماله ما ظلم، ليه تشيلي ذنب دعوة زي دي على الصبح.
لتصرخ بها شوقية ساخطة: طبعا، حقك تدافعي عنه، وأنت خسرانة أيه، بالعكس ده خلى جوزك الكل في الكل، وسلمه دقنه وهيعمل كل اللي في دماغه.
كانت كلماتها بداية لانفجار دواخل نفسها الخبيثة لتهدر بحقد: وبطة هانم اللي مبقتش تسأل على حد وعاملة فيها الست المهمة بعد ما وفاء شغلتها مدرسة في مدرسة خاصة ، طبعا ما هي بقيت على الحجر في بيت حماتها وكلهم مدلعناها، وشايلين عنها هم العيال وقرفهم.
لتزداد نبرتها حدة وحقدا: وست فاتن سافرت لجوزها وعايشة حياتها وهايصة حتى مبتفكرس ترن علي مرة ده أنا حتى عرفت بحملها منك، مع أنه لوليا أنا ولا كان زمنها عرفت ترجع حبه ليها، وكان زمان بتوع النت لاهفينه منها.
لم تشأ رانيا أن تخبرها بأن فاتن لا ترغب بالتواصل معها حتى لا تقع تحت تأثيرها ثانية، فبنظرها هي من أوغرت صدرها وحرضتها على رفض اللحاق بزوجها رغم اتفاقهما، كما كانت عونا لها في تقصيرها بالتواصل معه، حتى صار ما صار.
تغاضت رانيا عن أسلوبها الهجومي وعدائيتها الواضحة، فهي تعلم مدى سخطها لعودتها تحت سطوة حماتها ثانية، لتسترضيها مبررة: معلش يا شوشو الدنيا تلاهي، وربنا يعين كل واحد على حياته. ابتسمت بخبث تبثر بذورها حقدها بنفس هناء كأنما ساءها أن تحصد وحدها الألم: أه طبعا ربنا يعينكم على الهنا اللي أنتوا فيه، وأنتوا هتحسوا باللي أنا فيه ليه، أذا كان محدش انضر في الموضوع ده غيري أنا وهناء.
استمتعت منتشية لصوت هناء الملتاع: ليه هو الراجل ده قال أنه هيمشي فهمي.
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة منى الفولي، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية