رواية جديدة ليتها تعلم لمريم جمعة - الفصل - 14 - 2 - الجمعة 24/5/2024
قراءة رواية ليتها تعلم كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية ليتها تعلم
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة مريم جمعة
الفصل الرابع عشر
2
تم النشر يوم الجمعة
24/5/2024
يومان مضوا عليهِ وهو يعملُ في المحل معَ يُونس ويتدرَّبُ على يد أحد مُحاسبين المحل الكِبار في السن على طبيعة العمَل، وأدرك حقًا أنَّهُ كان سيُصبِح حِمارًا لو أنَّهُ رفضَ عرض يُونس، فالعملُ بالمحل كان مُمتِع ويجعلهُ يتحرَّك هُنا وهُناك ليحسب إجمالي البضائِع والأرباح اليومية كما يُحب بدلًا من أن يجلِسَ طوال اليوم داخل غُرفة مكتب صغيرة تضُم مئات المُحاسبين من أمثالهِ والأجرُ في النهاية زهيدٌ لايُسمن ولا يُغني من جوع..
بعد أن جاء موعِد إستراحتهِ جلس في غُرفة مكتبهِ وفتح هاتفهُ قاصِدًا العبث بهِ قليلًا حتى تنتهي فترة الإستراحة، وأخذ يتصَّفحُ بملل في موقع الـ "إنستجرام" الَّذي لا يفتحهُ إلَّا نادرًا، وقد قرر بعد دقائق أن يقوم بحذفهِ لأنَّهُ ليس لهُ أي معنى، وأصلًا هو قام بتحميلهُ بناءً على رغبةِ شهد كي يُتابعها عليه، وهي لم تعُد موجودة،
وبذِكر شهد خطيبتهُ السابِقة، إتسعت عيناهُ بصدمة كبيرة ونهض واقِفًا كمن لدغتهُ أفعى عندما وجد منشورٍ لها قد نشرتهُ قبل أمس يحتوى على صورةٍ لها ويلتصِقُ بجوارِها رجلٌ آخر، والكفوف اليُمنى لكِلاهُما ممدودة في وجه الكاميرا الَّتي صورتهُما، وقد زُيِّنت أحد إصابعهُم بخواتِم خِطبة، وفوق الصورة كتبت "الحمدلله الَّذي أكرمني بعوضٍ خيرٌ مما ذهب"، وأيضًا يوجد فيديو لهُما وهو يركعُ الشاب الَّذي إرتبطت به على ركبتِها أمامها داخِلَ أحد المطاعِم الفاخِرة وبين يديهِ يحملُ عُلبة زرقاء تحتوي على خاتم وهي تنظُر لهُ بابتسامة وصدمة مرسومة على وجهها بحرافية، وبعدها مدَّت كفِّها نحوهُ وهي تومئ لهُ برأسهِا
كـ علامة على موافقتِها..
ألقى شادي الهاتِف بعُنف على الأريكة وأخذ يمسحُ فوق رأسهِ بقُوة كادت أن تقتلعَ خُصلاتهِ وهو يقولُ بعدم تصديق..:
_دي ماصدَّقت إنها فسخت الخطُوبة عشان تروُح لواحد تاني!!
أنهى شادي حديثهُ وإرتسمت إبتسامة ساخِرة على شفتيهِ من حماقتِه، هو من كان يظُن أنَّها ستعترفُ بخطئِها وتأتي لتعتذِرَ منهُ وتعودُ المياهَ بينهُما لمجراها كما السابق، لكنَّها فاقت كُل توقُّعاتهِ وخُطِبت لآخر بعد بضع أيام من إنفاصالِهما!!
عاد يجلسُ بسُرعة على الأريِكة عندما خطَر ببالهِ شيئًا، وأمسك الهاتِف ودخَل على ملف خطيبها الشخصي الَّذي وجد صفحتهِ بسهولة لأنَّها كانت تشِيرُ له ليعلم هويتُه، وأخذ يتصفَّح منشوراتِه لترتفِع ضحكاتِه عندما وجدهُ يُشبهها في نفس طموحها الَّذي ليس لهُ أي قيِمة، هو أيضًا مثل مايُسمِّها العامِية " بلوجر"، وقد تمتم بنبرة ساخِرة..:
_إتلم تنتون على تنتن.
فُتِح باب غُرفتهِ على حين غَرَّة من قِبل يُونِس الَّذي ولج للداخِل بوجهٍ ظهر على قسماتهِ الإرهاقُ التام، واتجه نحوهُ وجلس بجوارهِ مُرجِعًا رأسهُ للخلف، فسألهُ شادي بإهتمام..:
_عملت إيه في مشوارك؟
_روحت سألت عليه ولقيتُه محامي ليه صيت في مجالُه، وكمان الناس بتقول إنه مُحترم وعيلتُه مُحترمَة ووالدُه ميت..
صمَت يبتلِعُ ريقهُ الجاف ثُم تابَع قائِلًا..:
_المهم يعني إنه عريس كويس ومُناسِب لزهراء وهبلَّغ جدي باللي عرفتُه عنه.
_طب على بركِة الله وألف مُبارك مُقدمًا.
_الله يبارك فيك وعُقبال ما ربنا يُرزُقك باللي تستاهلك.
فتح شادي هاتِفهُ دون أن يرُد عليه، وقام بجلب منشور شهد، ثُم مدَّ الهاتِف نحو يُونس وهو يقُول..:
_بُص كده.
أخذ يُونس منهُ الهاتِف بإستغراب ونظر لما يُشير لهُ شادي، لكن سُرعانٍ ما رفع أحد حاجبيهِ وهو يُشاهد الصور والفيديو وأعقب ضاحِكًا..:
_ماشوفتش أعيَل من كده بجد.. وواضِح أوي إنها بتكايدك، بس المُهم إنت تفهم كده وتشيلها من دماغك وتنتبِه لنفسك.
_ماتقلقش ياعم، دا ربنا عمل كده عشان يخليني أقفل موضوعها نهائي وأبطَّل أفكر فيها، وهي أصلًا ماتستاهِلش كُل خير عملتُه فيها.
_راجِل ياشادي.
قالها يُونس بنبرة فخورة وهو يُربت على ظهرهِ بقُوة، ثُم نهض وحث شادي على إتباعهِ بقولِه..:
_ قوم معايا يلا ورانا شُغل كتير لسا في بدايتُه، وعاوزين نخلص بدري ونريَّح شوية عشان بالليل هجمَّع العيال ونروح نلعب كُورة في المُعز.
هز الأخيرُ رأسهُ موافقًا وتحرَّك معهُ للخارِج، وقد قابلا في طريقهِما وهُما يتجهانِ صوب المخزن وائِل فاستوقفهُ يُونس سائِلًا إياهُ بإستغراب..:
_إيه ياعم وائِل، مش انتَ ورديتك بالليل، إيه اللي جايبك الصُبح يعني؟
إبتسم وائِل وأجابهُ بعفوية غيرُ مُدركًا أنَّ ماسيقولهُ بمثابة قُنبلة..:
_ماهو أصل إنهاردة بالليل في واحد جاي البيت عشان عاوز يتقدِّم لـ رَامَ اللَّه.
❈-❈-❈
شعورٌ أن وجودها ثقيلٌ بين الناس لاينفكُّ يتركُها حتى ولو أنَّهُم أقسموا جميعًا بكُل أقسام الدين أنَّها كالنسمة خفيفة على القلب والرُّوح لن تتخلى أبدًا عن هذا التفكير والوسواس، فلهذا عادت لشقَّتهِم رغم إعترضات كثيرة من زوجةِ عمِّها، وأوَّلُ ماخطت بقدميها داخِل الشقة سرَّعت من خطواتِها كي لايراها والدُها أو والدتها وتغوصُ معهُم في نقاشٍ حول مكوثِها عند عمِّها وتنفِر منهُم أكثر عن ذي قبل، ولكن ومعَ الأسف الشديد أوقفها صوت والدتها العالي وذو النبرة الساخِرة من غُرفة الصالون تقول..:
_عيشنا وشوفنا البنات بقِت زي الرجالة بتبات برا، هي البجاحة وقلة الأدب وصلوا للدرجة دي!
تنهدت ذِكرىٰ بعُمق في مُحاولةٍ منها لإمساكِ لسانها الَّذي يودُّ أن ينطلِقَ ويُجيب مثل طريقتها، وتابعت السيرُ نحو غُرفتِها وبعد أن ولجت بداخُلها أغلقت عليها الباب وقامت بتشغيل الأضواء الصفراء المُريحة للأعيُن والَّتي تجعلُ أجواء الغُرفة ذات طُرازٍ قديم كما تحُبُّ ذلك، وعلى الفور إتجهت نحو فراشِها لتُريح جسدها الَّذي يُؤلمُها دون أي ذكرِ أسباب، ولكن قبلها وقعت عيناها على الكِتابين الموضوعان بعشوائية فوق مكتبِها اللَّذانِ إستعارتهُما المكتبة الَّتي إكتشفتها قبل أن تمرض، وقد إجتاحها حنينٌ مُفاجئ للذهاب إليها والتحدُّث مع صاحبِها المُريب ذو الأحاديث الغامضة، وبِما أن الطبيبُ إسلام أعطاها إجازة لمُدةِ إسبوعًا كاملًا لحين أن تتعافى بالكامِل بعد أن هاتفها في الصباح ليطمئن على أحوالِها من المُمكن أن تذهب في الغد للمكتبة..
وبعد أن تمدَّدت على الفراش إشتمت فجأة عِطرها المُفضل، وشعرت بإنَّ هُناك شيئٌ ينغزُ في ظهرها، فإعتدلت جالسة على الفور ونظرت للخلف لتجد ورقة مطوية بعناية كانت تنامُ أسفلها، فالتقطتها على الفور ليتبين لها أن عِطرها يفوحُ منها وعندما فتحتها وجدتها رسالة وبالتأكيد هي من الشخص المجهول الَّذي لا يجعلُها تنامُ هانئة البال لأيامٌ وليالي من الرُّعب، وأخذت تقرأُ ماكُتِبَ لها هذهِ المرَّة:
"أتعلمين.. منذُ أن علمتُ بوعكتكِ الصحيِّة الَّتي أصابتكِ فجأةً وأنا أشعرُ أنني من مرضتُ وليس أنتِ، وقلبي يُؤلمُني على البُعد الإجباري الَّذي حجبكِ عني وبنى بيننا ألف سدٍ ورؤيتي لكِ من بعيد وأنتِ تتألمينَ وأنا لا أستطيعُ الإقتراب لِأُداوي جراحكِ تُزيدُ من وجعي أكثر، ولكن قريبًا جدًا سيُزِيح السِّتار وسأظهرُ في الساحة وسأُحارِبُ بكُل قوة لِأجل أن أفوز لقلبِك وأسكُن بداخِله، لكن حتى يحينَ الوقت أرجوا أن تعودي قوية كما السابقُ لِأجلي، فأنا لا أستمد القوة إلَّا منكِ..
معَ خالِصُ حُبي "مجنونُ ذِكرىٰ"
يتبع
إلى حين نشر رواية جديدة للكاتبة مريم جمعة، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية