رواية جديدة حكاية بنت الريف لصباح عبد الله فتحي - الفصل 46 - الخميس 9/5/2024
قراءة رواية حكاية بنت الريف كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية حكاية بنت الريف
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة صباح عبد الله فتحي
الفصل السادس والأربعون
تم النشر يوم الخميس
9/5/2024
نزلت كلمات شهاب مثل الصاعقة على أذن إيهاب ولا يصدق ما يسمعه للتو، هل صديقه يمزح معه؟ أجل، هو يمزح معي؟ فهو أكثر شخص يعلم كما أنا أحب دهب، لا يمكن أن يفعل بي ذلك، هو يعلم أني أحب دهب وأعشقها منذ سنوات كثيرة، وهو يجمع الكلمات: "أنت بتقول إيه يا شهاب؟ هي مين دي اللي بقت مراتك؟"
شهاب بتوتر وهو يعلم أنه بهذا الفعل خان صديق عمره، هو يعلم أن صديقه يحبها ومع ذلك تزوجها دون علمه، وهل صديقي سيسامحني على هذا الفعل الشنيع في حقه؟ يرد قائلاً: "إيهاب، أنا عارف إن الموضوع صعب عليك، بس هي دي الحقيقة، أنا ودهب اتجوزنا إمبارح وكتبنا كتب الكتاب إمبارح، أنا وعمي مهند، بس والله يا صاحبي كان لازم أعمل كدا لسببين."
ويوقفه عن الكلام صوت صديقه، وهو يرد بغضب قائلاً:
ايهاب بصوت عالي: "مش عايز افهم حاجه، بس جاوب على سؤالي، دهب كانت تعرف وهي موافقة على الجواز دي؟"
شهاب وهو يعلم أن صديقه لن يسمع شيئًا مما يريد قوله، ويقول بحزن: "لا، دهب ماكنتش تعرف حاجة، وهي مش مصدقة ان احنا اتجوزنا فعلاً، بس هي دي الحقيقة، أنا ودهب متجوزين دلوقت."
ايهاب وهو ينظر إلى شهاب بغضب: "يعني انت اتجوزتها بالغصب وكمان من غير علمها؟"
شهاب باسف: "للأسف هو ده اللي حصل، بس اكيد في سبب لكدا."
ايهاب بغضب وعصبية وصوت ممزوج ببعض الحزن: "مش عايز اعرف حاجه بعد، اذنك."
شهاب بحزن واسف: "إيهاب، اسمعني بس."
لكن ايهاب كان لم يسمع شيئًا، شهاب باسف: "أنا اسف يا صاحبي، عارف اني خنتك وكسرت قلبك، بس انت ماتعرفش ايه اللي بيحصل، كان لازم أعمل الخطوة دي علشآان أنقذ عائلتي من الدمار وكمان أنقذ بنت عمي من الموت، اسف أوي يا صاحبي، بس ماكنش عندي حل تاني."
ايهاب نزل من على السلم الدرجة بعشره وباري ماشية بتتكلم في الهاتف وأيهاب ماشي بسرعة، وفجأة يخبط في باري.
باري بغضب: "إيه يا غبي، انت؟"
ايهاب وهو يحاول السيطرة على غضبه: "انا اسف يا نسّة، ماخدش بالي."
❈-❈-❈
وقع هاتف باري أرضاً وتحطم. حملتها من فوق الارض وهي تقول بعصبيه.
باري بعصبية: "يعني انت أعمى؟ هاعمل إيه باسفك، أنا دلوقتي تليفوني هييرجع زي مكان."
ايهاب بغضب ويأخذ الهاتف من يد باري: "بقولك اسف، إيه غبية للدرجة مابتفهميش، ولو علشآان التليفون، هاتي ياستي، أنا هخده وأصلحه وهرجعه لك زي مكان، خلاص ياستي، حلي عن دماغ أمي بقا، مش ناقص."
ويتركها ويأخذ الهاتف ويخرج من المنزل.
باري باستغراب: "ماله ده؟ وبصدمة: تليفوني يالهوي، هعمل إيه دلوقتي، الدروس كلها عليه، يارب، صبرني."
عند دهب، دهب جالسة ومندهشة في ذهنها، "يارب، هو إيه اللي بيحصل ليا؟ ده أنا مش فاهمة حاجة، ليه لما يقرب مني قلبي بيدق بهالشكل؟ وبتوتر، وبحس اني متكتفه، مش قادرة أعمل حاجة، حاسة اني بضعف قدامه، اعمل إيه؟ أنا مش عايزه أحبه، مش عايزه أتعذب نفس عذاب أمي في الماضي."
وفجأة تتذكر شيئًا، "هو فين كتاب الذكريات؟"
تقوم وتدور على الكتاب، وبعد وقت، دهب بدموع، "ياربي، هو فين؟" دورت عليه في الهدوم وفي الشنطة وكل مكان، "يارب، مايكونش اتحرق مع الحاجات اللي اتحرقت."
تضع يديها على جبينها، تحاول الهدوء والتذكر جيدًا، "أين وضعت الكتاب آخر مرة؟" وفجأة يدخل شهاب الغرفة.
شهاب بستغراب: "هو إيه اللي حصل في الاوضه د؟"
وينظر إلى دهب، "هو إيه اللي انتي عملتيه ده يا بنت؟"
دهب من دون اهتمام وهي عمالة تدور على الكتاب وترمي الهدوم في كل مكان: "بدور على حاجة ومش لاقيها."
شهاب بعصبية من طريقة دهب: "يروح عندها، وبعصبية، ويمسكها بأيديه السليمة من دراعها: "بنت انتي، انا لما أكلمك تسيبي اللي في إيديك وتقفي تكلمني، انتي فاهمة؟"
وصمت عندما رأى دموع دهب تلمع على جفون عيونها، وبهدوء: "انتي بتعيطي ليه؟"
دهب تحط يديها على وجهها وتمسح دموعها: "أسفة بس، دي حاجة متخصكش، واتمنى ما تدخلش في أي حاجة تخصني مرة ثانية."
وتشدها أيديها جامد من يد شهاب، وترجع تدور مرة تانية على الكتاب.
شهاب بستغراب: "هو إيه اللي هي بدور عليه مهم للدرجاتي علشآان دموعها تنزل بسببه؟"
دهب بفرحة: "الحمدلله، يارب، لقيته."
شهاب بستغراب: "كتاب؟، وبسخرية: ماكنتش أعرف إنك من عاشقة الروايات يا حضرت الظابط، وياتارا عن أي الرواية دي هي رومانسية للدرجاتي تخلكي تعيطي؟"
دهب بغضب من سخرية شهاب على ذكريات أمها المتوفية، وبصوت عالي من الغضب، وترفع الكتاب بإتجاهه: "ده كتاب حكاية بنت ريف، ذكريات أمي دهب، يا غبي."
شهاب بغضب: "بنت انتي، احترمي نفسك ولمي لسانك، مين ده اللي غبي يا محترمة؟"
دهب بهدوء واستفزاز والابتسامة مستفزة: انت طبعا الغبي لما تتكلم من غير ماتفهم تكون غبي ولم تحكم من غير ماتشوف تكون أعمى ولم بتعشق بتضعف ومن غير واعي منها زي كده حاسه اني بضعف قدامك
وتجي سكته وحطه ايديها علي بوقها'
❈-❈-❈
شهاب واقف ويشعر بأن قلبه سيطير من الفرحة، يعلم أن ذلك قد يكون عاديًا، لكنه فرح لأنه تخيل أن هناك شيئًا في قلب دهب تجاهه، اقترب منها بخطوات ثقيلة بينما هي تبتعد. ويقول: "وأنتِ بتضعفي قدامي ليه؟ كملي سكتي ليه يا قطة؟ لو حبه حاجة كدا ولا كدا، مش عندي مشكلة، بالعكس، أنا أتمنى وأنتِ مراتي دلوقتي، يعني مفيش مشكلة تمنع إن يحصل حاجة بيني وبينك."
دهب ترتجف وتعود للخلف، وتوقفها الحائط وعيناها على شهاب وهي ترغب في المرور من أمامه، لكن يمسكها شهاب بأيديه ويقترب منها أكثر،: "طيب، أبعدني لو مش عاجبك."
دهب ترفع عيونها في عيني شهاب بالدهشة والحيرة، ولكن تصدمها تصرفاته المفاجئة عندما ينحني ليقبل شفاهها بشغف، وتغلق عينيها مستمتعة بتلك المشاعر، لكن في هذه اللحظة تظهر تقي وهي تراقب الحدث من خلف الباب، تبكي بشدة من رؤية هذا المنظر الذي يؤلم قلبها، وتفكر: "ياربي، لقد أحببته من كل قلبي وطوال حياتي لم أنظر إلى رجل غيره، ولكن ماذا قدم لي؟ إلا الألم والعذاب، مالذي فعله؟ لقد تزوج، وكأن كل شيء عادي، يالله، كم قلبي يؤلمني من رؤية هذا المنظر، يجب أن أنسى هذا العشق، يجب أن أنسى وأكمل حياتي، حتى لو كانت الفاتورة قلبي وهذا الألم الذي لا يطاق، يجب أن أنسى ولا أهتم بما يحدث في قلبي، لن أكون هذه الفتاة الغبية بعد الآن." تذهب وهي تمسح دموعها وتعزم على نسيان هذا العشق الذي يعذب قلبها، وتنظر إلى الخلف لتجد من يقف خلفها ينظر لها بحزن.
❈-❈-❈
مهند واقف ينظر إلى تقي، يشعر بالذنب الشديد نحوها. يناديها بحنان ويقول: "تقي، بنتي، ممكن نتكلم مع بعض شوية، يا حبيبة قلبي؟"
تقي تذرف الدموع عندما تسمع مهند يناديها "ابنتي"، وتتذكر ما حدث بالأمس، حيث اكتشفت أن هذا الرجل الذي رعاها منذ صغرها لم يكن كافيًا حنونًا، ولكنه لم يرفض أبدًا طلبها. تنظر له بدموع وبكاء مرير، وتجري وتلتحم في حضنه، تبكي وتقول: "بابا، صحيح، أنت بتكون بابا، أيوه، أنا تقي، مهند، خطاب، وأنت بتقولي بنتي، يعني أنا بنتك صح؟، طيب، ليه؟…
وتتوقف عن الكلام عندما ترى تلك الشيطانة التي تدعي أنها أمها.
مهند بحزن وألم شديد، يقول باستغراب: "إيه اللي إنتِ بتقوليه ده يا تقي، يا حبيبتي؟"
ويأخذها في حضنه، يحاول أن يزرع الأمان في قلبها، ليخفف عنها ما تشعر به من ألم. "إيوا يا حبيبتي، إنتِ بنتي، وحبيبة قلبي، تقي، بنتي الكبيرة، سندي، وروح قلبي." يضيف وهو يحتضنها بشدة، "متفكريش كدا تاني يا تقي، ولا تقولي كلامك ده مرة تانية يابنتي."
تقي وهي تنهار في بكاءها وشهقاتها، تشعر برغبة في أن يكون مهند والدها الحقيقي، وتتمنى أن لا تكون اكتشفت الحقيقه أبدًا، وتبكي بحرقة من الألم الذي يشتعل في قلبها. تقول وهي تمسح دموعها: "ربنا يخليك ليا يابابا، ومتحرمش منك أبدًا. معلش يابابا، حاسة إني تعبانة شوية، بعد إذنك، هروح أرتاح شوية في غرفتي."
❈-❈-❈
مهند باهتمام وخوف ويضع يده على جبين تقي وهو يقول: "تقي حبيبتي، حاسة بإيه؟ يا قلبي، إيه بيوجعك؟ اطلب الدكتور."
ويطلع الهاتف، ولسه هيتصل على الدكتور يوقفه إيد تقي وهي بتقول: "تقي بابا حبيبي، أنا كويسة، مفيش حاجة بتوجعني، بس دماغي مصدعة شوية، هرتاح شوية وإن شاء الله هقوم كويسة، متخفش."
وتحضن مهند وبحزن: "أنا بحبك أوي يا بابا، والله."
داخل غرفة شهاب ودهب.
دهب تبعد عن شهاب بصعوبة كبيرة، ودقات قلبها تزداد وتتخذ أنفاسها بصعوبة شديدة، وهي مش فاهمة إيه اللي بيحصل أو اللي حصل، وتنظر إلى شهاب نظرات ذات معنى، ولكن ماتفسرش وتلتزم الصمت.
شهاب وهو مذهول من حاله وينظر إلى دهب باستفزاز وبسخرية: "إيه يا قطة؟ عجبتك القبلة؟ على فكرة، أنا ممكن أبهرك، بس أنتي سبيلي نفسك يا حضرت الظابط."
دهب بغضب من كلام واستفزاز شهاب: "أنت واحد رخيص، علشان كدا أفكارك وتصرفاتك رخيصة زيك."
وترفع صباعها في وجه شهاب: "وحسك عينك تقرب مني بالشكل ده مرة تانية، وده آخر تحذير ليك يا حضرت الرائد."
شهاب بستفزاز أكثر، كما لو كان يستمتع بغضبها، ويضع إيده على قلبها: "ياه أموت أنا في عنفك ده يا دودو، يا عسل، لو تعرفي عنادك ده بيأثر فيا كدا، وبحس زي ماكن عايز أعمل أكتر من إني أقبلك." ويغمز لها: "وليه لا؟ ماحنا زوج وزوجة برضو، ولا إيه يا قطتي الشرسة؟"
دهب وقد أحمر وجهها غضباً: "آه، تعرف، معاك حق علشان واقفة مع واحد قليل الأدب زيك."
وتأخذ كتابها وهي ماشية، ومن الغيظ تجيب بكل ماتمتلك من قوة ضربة شهاب برجليها في رجله، وبابتسامة نصر: "وده علشان تحترم نفسك يا حضرت الرائد، وتعرف أنت بتكلم مين."
وتركه وترحل.
شهاب بألم وهو ماسك قدمه: "الله يخربيت أمك يادهب، هو أنا ناقص تكسير؟ مش كفاية دراعي؟"
ويمشي بألم وهو يعرج من كثر الألم، بس ماشي: "يادهب شوفي، أنا هعمل فيكي إيه." بابتسامة خبيثة: "طيب، أصبري على رزقك بس، وشوفي."
دهب نازلة من على السلم تشوف نور واقفة في المطبخ لوحدها وبتعمل ميت حاجة مع بعض، تنزل وتروح عندها وبابتسامة: "السلام عليكم، تحبي تساعدي في حاجة؟"
❈-❈-❈
نور وهي مشغولة وماتحبش تخلي دهب تحس إنها غريبة: "ايوه يابنتي، معلش هتعبك شوية، تعالى اقفي وخدي بالك من اللي على النار على ماخلص اللي في أيدي. معلش."
دهب بإحترام: "لا عادي ولا يهمك."
وتروح وتقف زي مانور قالت لها والصمت مسيطر على المكان. نور عايزة تفتح حديث مع دهب بس مترددة.
نور بتردد: "كنت عايزة أسألك عن حاجة كدا يادهب، يابنتي، بس مش تزعلي أو تضيقي، واعتبريني في مقام أمك دهب، الله يرحمها."
دهب باهتمام: "الله يرحمها ويغفر لها ويسكنها فسيح جناته، هي وجميع أموات المسلمين يارب." بابتسامة طيبة: "اتفضلي يا طنط، قولي اللي إنتي عايزة ومن غير خوف، أنا مش هازعل أو أضايق."
نور: "أللهم مأمن يارب العالمين، هي وجميع موت المسلمين، الله يكرم أصلك يابنتي." وبحزن: "هو إيه اللي خلّاكي متأكدة إن أمك دهب ماتت مقتولة؟"
دهب تنظر إلى نور بنظرات ذات معنى وتردف قائلة بثبات وهذا ما زاد توتر نور: "وانتي إيه اللي خلّه حضرتك متأكدة إن كل اللي حصل لماما ده كان قدر ومكتوب."
نور تنظر لدهب ومش عارفة ترد تقول أيه وبحزن: "أنا عارفة يابنتي أن أمك دهب اتعذبت كتير أوي في حياتها، بس اللي أنا مش قادرة أصدقه أن يكون أبوكي هو السبب في موتها، لأن يابنتي إنتي ماتعرفيش أبوكي كان بيحب أمك دهب قد إيه."
وتصمت عن الكلام عندما تسمع صوت ضحك دهب وهي بتقول دهب بضحكت وجع: ههه كان بيحبها وبدموع في هو واحد بيحب حد يخليه يوطي عند رجل أعدائه ولا في حد بيحب حد يسيبه لما يلاقي اللي احسن منه ولا في حد يظلم حبيبها ومش يحقق لها آخر امنيه لها قبل ماتموت ايوه ممكن ماما حبته بجد علشان كدا اتعذبت كتير اوي في حياتها انتي تعرفي ايه آخر امنيه ماما طلبتها ياطنط طلبت بس تسمع صوت اللي اسمه مهند وهو من حقده والكره اللي عنده رفض يكلمها( وتمسح دموعها) بالله عليكي ياطنط ماتقوليش أن كان في حد في العيله دي حب ماما بجد ايوه ماما حبت الكل بس هنا كلكم كنتوا بتعتبروها خدامه من غير فلوس وانا اخد وعد على نفسي اني هرجع حقي وحق امي اللي مالقتش حد ياخده لها وهي عايشه'"
نور بذهول: "انتي عرفتي ده كله منين يادهب؟"
دهب بجمود: "يعني كل اللي أنا قولته حقيقة."
نور باسف: "إيوه، للاسف كله حصل فعلاً مع دهب قبل ما تموت، بس إنتي ماتعرفيش غير اللي حصل بس، مش تعرفي إيه الأسباب يابنتي."
دهب بستغراب: "قصدك إيه؟"
❈-❈-❈
في غرفة شهاب، شهاب خارج من الحمام وماسك في أيده فوطة بينشف بيها شعره وفجأة يشوف الكتاب اللي دهب بكت من أجله. شهاب بستغراب وفضول: ياتارا فيه إيه الكتاب ده علشان الست دهب عيطت لما ما لقيتهوش.
ويروح عند الكتاب ويلاقي عليه صورة بنت تشبه دهب كثير وبستغراب: "مين البت اللي شكل دهب دي؟"
ويفتح الكتاب مكان ما دهب واقفة في القراءة ويقرأ المكتوب
"عودة إلى الماضي"
دهب واقفة ومسكة الفلوس حق الدبلة اللي هي باعتها وبدموع: "يارب اعمل إيه دلوقتي؟ أنا مش عارفة أروح فين ولا أجي منين، حتى مش عارفة أقرا حاجة أفهم منها."
واحد في الخمسين / مالك يا بنتي، أنا واخد بالي منك من الصبح وإنتي بتعيطي وتكلمي نفسك. احكي ليا يا بنتي، أنا قد أبوكي. ما تخفيش.
دهب بدموع: أنا مش من هنا وعايزة أرجع القرية بتاعتي ومش عارفة الطريق، أو هقول إيه للسواق علشان يوصلني.
الرجل: لا حول ولا قوة إلا بالله. قولي يا بنتي اسم قريتك إيه، وأنا إن شاء الله مش هسيبك غير لما توصلي لحد بيتك.
دهب بارتياح: الله يكرمك.
وتذهب مع هذا الرجل الطيب. بعد ما وصفت له قريتها وقالت له اقرب مكان لها تعرف اسمه. وبعد ساعات كثيرة...
الرجل: هي دي قريتك يا بنتي؟
دهب بدموع وتنظر حولها: أيوه هي أنا. بجد مش عارفة أشكرك ازاي،
وبتعطي الرجل بعد المال.
الرجل بزعل أب: إيه ده يا بنتي؟ عيب كده، خلي فلوسك يا بنتي، أنا زي أبوكي.
دهب بدموع: أنا مش عارفة أقولك إيه، والله غير ربنا يكرمك يا رب. وهي نزله من العربية. معلش، مش هقدر أقولك اتفضل، لأني مش عارفة إذا هلاقي حاجة أضيفك بيها ولا لا.
❈-❈-❈
الرجل بابتسامة حنونة: باين عليكي طيبة أوي يا دهب. والله يا بنتي، قلبي اتفتحلك لو ربنا يهديكي وتجي تعيشي معايا، أنا والحجة بس. أقول إيه؟ دماغك حجر؟
دهب بطيبة: الله يخليك ويبارك في عمرك، بس معلش، أنا عايزة أعيش في قريتي وأموت فيها. يلا بلاش أعطلك أكتر من كده.
دهب ماشية في شوارع قريتها، وهي تسترجع جميع الذكريات مع ستها وخالها إسلام. افتكرت لما شافت مهند أول مرة ولسه هتدخل البيت بتاع جدها. واحدة من الخلف تشدها وتوقعها على الأرض.
امرأة بصوت عالي: إنتي إيه رجعك يا وش الفقر؟ احنا ماصدقنا خلصنا منك ومن فقرك ووشك ده. امشي، إنتي مالقيش عيش هنا. ارجعي من مكان ما جتي.
دهب بدموع: معقولة لسه زي ما إنتم وبتعتبروني وش فقر؟
المرأة: امشي من قدامي بدل ما قتلك. أنا بنتي ماتت مقتولة بسببك وتروح عند دهب.
الحاضر
دهب بصوت عالي / شهاب.
❈-❈-❈
دهب دخلت الغرفة ووجدت شهاب يقرأ في ذكريات ولادتها، فغضبت بشدة من هذا الفعل الذي لا يمكن قبوله، وبصوت عالي أظهرت غضبها: "شهاب،(وخذت الكتاب منه بعنف)، أنت مين سمحلك تجي جنب حاجة تخصني؟ إذا كنا هنعيش مع بعض فترة، ياريت كل واحد يعرف حدوده ومش يدخل في حاجة تخص التاني. وزي ما أنا مش بدخل في حاجة تخصك، ياريت مش تدخل في حاجة تخصني!"
وصمتت عندما وضع شهاب صباعه على فمها وشير إليها بالصمت.
شهاب بستغراب: "الله يخربيتك، ده كله علشان قرأت سطرين من الرواية بتاعتك؟ إمال لو قرأتها كلها كنتي عملتي إيه؟"
دهب بعدم استسلام: "كنت قتلتك، وبعدين قولتلك مئة مرة: دي مش رواية، دي قصة حياة أمي دهب الله يرحمها. ومش حضرت الظابط دهب إللي بتتعلق بالكلام الفاضي ده، يا حضرت الرائد!"
شهاب بذهول: "بجد دي ذكريات أمك دهب؟"
دهب بحزن: "أيوه، دي ذكريات أمي دهب."
شهاب بصوت ممزوج بالحزن: "يعني اللي أنا قرأته ده حصل حقيقي مع أمك دهب؟"
دهب بأسف: "للأسف، أيوه."
شهاب: "مع اني مش قراية غير سطرين، بس باين عليها اتعذبت كتير في حياتها بجد."
دهب وهي تحاول السيطرة على دموعها: "للأسف، هو ده اللي حصل فعلاً، وكل عذاب أمي بسببكم، أنتم."
وتذهب هاربة من أمام شهاب من أجل لا تظهر ضعفها، وتتركه واقفًا بجمود ويظهر عليه علامات الحزن واليأس. بعد دقائق يفيق من شروده على صوت صراخ دهب يأتي من داخل دورة المياه.
دهب بصراخ: "شهاب، الحقني!"
شهاب بخوف: "دهب، مالك، حصلك إيه؟"
يركض الي دورة المياه ويفتح الباب. ويقف مصدومًا مما رأى هو رأي دهب داخل دورة المياه، وهي لا ترتدي سوى ثياب المنزل، كانت عبارة عن بنطلون قصير عليه تشرت قطنية، وتترك الحرية لخصلات شعرها الطويل، وكانت أيقونة من الجمال بالنسبة لعينيه، وقسم أنه طول حياته لم يرى فتاة بهذا الجمال. شهاب، وحتى نسي لما هو هنا عندما رأاها بهذا الشكل
❈-❈-❈
دهب بغضب: "انت بتبص ليا ليه كده يابن آدم؟ اقتلها."
شهاب باستغراب وينظر يمينًا ويسارًا وهو يقول: "اقتل إيه ولا مين؟ مش فاهم؟
دهب بخوف: "اقتل الصرصور يابن آدم، أنا عندي فوبيا من الصراصير."
وهنا شهاب لم يعد يستطيع السيطرة على نفسه أكثر من ذلك وضحك بشدة على هذه الطفلة التي تخاف من الصراصير وهو يقول: "يالهههوي، خايفة من حتة صرصار؟ يالهههوي، امال لو ماكنتيش ظابط بقا كنتي خوفتي من نملة."
ويطلق الحرية لضحكات عالية وهذا ماجعل دهب تغضب بشدة.
دهب بغضب: "بتضحك على إيه يابن آدم، أنا مش بقول خايفة، أنا بقول عندي فوبيا من الصراصير."
شهاب بضحك: "طيب اهدي، الله يخربيتك ويخربت أم جمالك، ده فين الزفت الصرصار ياختي."
دهب لا تعلم لماذا هي تشعر بفرحة عندما اعترف لها هذا المتجبر بجمالها كأنثى، وتردف خجولة: "كان واقف على الدوش من فوق."
شهاب ينظر لها بسخرية من خجلها وينظر إلى أعلى، ليرى صرصار يقف على أعلى الدوش فعلاً، ويقول: "طيب هجيبوا ازاي ده؟"
دهب: "أنا ماليش دعوة، اتصرف واعمل حاجة المهم عندي تقتل الصرصار ده."
شهاب بسخرية: "والله مش صعبان عليا غير الصرصار الغلبان اللي هايتقتل وهو مظلوم ومالهوش ذنب في حاجة."
ويقف مصدومًا عندما يسمع صوت ضحكات دهب، ولأول مرة يرى ضحكتها، يا الله كما هي جميلة.
دهب من بين ضحكاتها: "يالههههوي، عليك زعلان علشان حتة صرصار وتفضل تضحك."
شهاب من غير وعي منه، كأنه غائباً عن الوعي بالكامل، يضع يده على خصر دهب يشدها يقربها منه، وأنفاسه عمال تعلى ودقات قلبه تزيد أكثر وهو يقول بأنفاس مشتعلة: "تعرفي، طلعت ضحكتك أجمل بكتير من دموعك ياحضرت الظابط، لا تعلمي مالذي حدث لقلبي عندما رأيتك تضحكين كأنك تمتلكين سعادة العالم بالكامل. هل تعلمين أن هذه الضحكة مثل زهور الربيع الذي على وشك التفتح ونشر عبيرها؟ هل تعلمين يا ملكة عرش قلبي أنك أجمل امرأة في العالم بالنسبة لي؟ رجاءً من أجل قلبي ومن أجل سعادتي، لا تجعلي هذه الضحكة تفارق وجهك الجميل، هذه يا قطتي الشرسة والجميلة."
دهب تنظر إلى شهاب وعيونها تلمع حزنًا على حالة قلبها، حتى عندما وجدت السعادة، إنها خائفة، هل هو حقًا مهتم بضحكتها وحزنها والألم، أم أنه يلعب بمشاعرها وعواطفها كأنثى؟ هذا كله ما كانت تفكر فيه دهب في هذه اللحظة، وتردف قائلة بسخرية وعيونها تلمع من هذه الدموع الواقفة على جفونها: "ضحكت، تعرف ياحضرت الرائد، أني واحدة من البشر اللي نسيت ازاي تضحك من قلبها، أنا مش فاكرة امتي آخر مرة ضحكت فيها، بس بشكر حضرتك لأنك خليت واحدة متكبره ومغرورة زي تضحك من قلبها من بعد سنين طويله.
❈-❈-❈
في غرفة باري.
باري جالسة وتتحدث لنفسها: "يارب، أعمل إيه؟ محتاجة أدرس وكل حاجة على التليفون، حتى المحاضرة اللي كنت غايبة فيها موجودة على التليفون. انا هرن على رقمي وخلي يرجعلي التليفون. إيوه، هو ده الحل. بس خايفه لو شهاب عرف إني كلمت حد من صحابه ممكن يقتلني. هو منبه عليا إني ماكلمش شاب غريب. بس أنا مش هكلمه علشان أتصاحب عليه. مثلاً، أنا بس عايزة تليفوني."
في مكان آخر في شقة إيهاب
إيهاب يجلس ويفكر: "كيف قدر رفيق عمري أن يفعل به ذلك ويأخذ مني حبيبة قلبي؟ مهما كانت الأسباب، لا يحق له أن يسرق حبيبة قلبي. هو يعلم أني أحبها من زمن، ولن أسامحه على هذه الخيانة والغدر. سأنتقم منه بنفس الطريقة، وسأحرق قلبه مثلما حرق قلبي وأخذ مني الفتاة التي أعشقها بجنون."
يُفوق على صوت رنين الهاتف وينظر إلى هاتفه، لا يجد أحداً يتصل، ولكن هناك هاتف آخر. يستغرب ويتذكر ما حدث عندما كان في منزل صديقه، ويمسك الهاتف، يجد عليه صورة فتاة جميلة. ينظر لها باهتمام للحظات، ويجيب على الهاتف: "السلام عليكم."
باري بتوتر: "وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أنا باري أخت حضرة الرائد شهاب. اللي حضرتك كسرت لها التليفون."
شهاب باستغراب: "انتي اخت شهاب؟"
باري بخجل: "إيوه، أنا باري أخت شهاب الصغيرة."
إيهاب يصمت لدقائق ثم يجيب: "أهلاً بيكي، معلش استغربت شوية لأني فكرتك بنت عمه، وكنت مفكر أخت شهاب لسه بت صغيرة بس ماشاء الله الله طلعتي عروسة عسل."
باري بتوتر وخجل من كلمات الغزل من إيهاب: "شكراً، ده من ذوق حضرتك. ممكن أعرف أمته هترجع ليا التليفون؟ أنا محتاجة أوي علشان الدروس والمحاضرات كلها عليه."
إيهاب بخبث: "ليه هو أنتي في سنة كام في المدرسة؟"
باري: "لا حضرتك، أنا مش في المدرسة، أنا في أولى طب."
إيهاب بخبث: "ايه حضرتك دي، أنا إيهاب. قولي إيهاب بس. أنا زي شهاب برضو وربنا معاكي وتكوني دكتورة قمر."
❈-❈-❈
في الجانب الآخر، باري بخجل: "اللهم، ما أمين يارب العالمين. ممكن أعرف أمته تليفوني هايوصلني؟"
إيهاب بخبث أكثر ويفتح الحديث: "ايه مالك؟ هو أنا هاكلك ولا هاكل التليفون؟ مالك حاسس إنك مش على بعضك ليه؟"
في الجانب الآخر، باري بتوتر: "بصراحة متوترة شوية، أنا أول مرة أكلم شاب غير شهاب أخويا، وكمان خايفة من حضرتك لتقول لشهاب حاجة عن الاتصال ده."
إيهاب بخبث: "لا متخفيش، أنا مش هقول لشهاب أي حاجة، ارتاحي وخدي راحتك."
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة صباح عبد الله، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية