-->

رواية جديدة قابل للكتمان لخديجة السيد - الفصل 6 - 1 - الأربعاء 8/5/2024

  

قراءة رواية قابل للكتمان كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

رواية قابل للكتمان

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة خديجة السيد


الفصل السادس

1

تم النشر يوم الأربعاء

8/5/2024



في الطابق الخاص بمنذر، طرق بأنامل كفه على الأريكة الجالس فوقها بحركة شارده بينما استند بذراعه الأخر على حافة النافذة متأملاً بفتور الشارع من حوله، فهو لم يذهب إلى أهل العروس المطلوبة بحجة أنهم سيذهبون أولاً لإثارة الموضوع معهم. وأوضح رغبته في الجلوس هنا وحيدا في انتظارهم! لم يعترضوا ورحلوا فعلا، ولكن ليكن صادقاً مع نفسه، فهو لم يذهب معهم لكي يضعهم أمام الأمر الواقع ولم يستطيعوا الرفض بعد ذلك عندما يعلم الاثنان بفارق السن بينهما .


حرك يده لينظر إلى الساعة. فالوقت قد تأخر 

و هذا ما أثار قلقه، فربما كان الوضع يسير عكس ما أراد وخطط له كان يعرف موقفه، رغم تعقيداً الوضع. وربما لم يكن من المناسب له أن يرتبط بفتاة تكبره بسبع سنوات! ولا يعرف شيء عنها على الإطلاق.. ولا ينكر أنه تسأل عن أخلاقها ووجد أنها طيبة! لكنه لم يقتنع بذلك، فكانت طلقته الأول كذلك أيضا حيث أخبره والده أنها تتمتع بأخلاق جيدة، لكنه وجد العكس تماماً.


لكن الظرف تلك المرة مختلف، فهو أصبح بوضع ربما يكون هامًا، ووجود زوجه جواره سيكون ضروريًا نوعًا ما. أخرج تنهيدة مطولة من صدره متابعًا تمرير أنظاره على المارة مترقبًا عودتهن ببال طويل، لكن داخله يريد ان يمر الأمر بسلام كما خطط واراد .


فرك رأسه بيده والتفت لليمين تارة ولليسار تارة أخر وهو يتنهد تنهيده خافتة، وبدأ يشرد ويفكر في أمر ليس مناسب بذلك الوقت أو كان يجب ان يفكر به من البدايه وليس بعد أن فاتح والده بالموضوع وهم الان بطريقهم يطلبوها للزواج له؟ فكيف سيكون رده فعلها بعد أن تعلم سبب زواجه بها؟ هل ستوافق وتستسلم للامر ام تعترض؟ لكن يجب ان تستسلم ليس هناك حل آخر!. 


وشرد ثانياً في شيء آخر أليس هكذا سيكون ظالم مثل أسرته؟ وقد استغل ضعفه؟ فكان يجب ان يكون صريح معها بالاول وهي تقبل أم ترفض وليس يضعها امام الامر الواقع.

مسح على وجهه بضيق شديد فهو لا يريد ان يسير الوضع كذلك لكن مضطر لفعل ذلك.. ثم إبتلع ريقه بتوجس وحاول أن ينظر الى الوضع من جهه اخرى حتى لا يعذبه ضميره هي كانت تريد شخص للزواج حتى تتخلص من اعباء المجتمع وأسرتها وهو قد حقق لها ذلك ومقابل ذلك هي ستحقق له طلبه أيضا .. مصلحه امام مصلحه! فما المانع بذلك. بمصلحة متبادله من الطرفين!. 


لوي ثغره بابتسامة خفيفة بيأس وخيبة امل هو يكذب على نفسه فهو استغل احتياجها للزواج وانتهى الامر ليس هناك مسمى آخر!. 


آفاق منذر من شروده وتحرك مبتعدًا خطوة للخلف ليوقف اهتزاز هاتفه المحمول الذي كان يتحرك في جيبه، حدق في عدد المكالمات الفائتة من والده ليفهم ماذا يريد منه.. وأنه بالتأكيد عاد من الخارج. 


❈-❈-❈

#


وفي نفس الوقت، كانت ضحي تجلس أمام عائلتها باندهاش مما اخبروها به للتو! أشارت ملامح وجهها ونظراتها إلى تلك الصدمه التي لم تتوقع حدوثها بشكل سريع هكذا، هي توقعت أن يتقدم لها عريس مره ثانيه بعد سنوات عديده مثل سابق أو ربما لم يحدث أبدا مره أخرى! فهي بالأساس اليوم قد فقدت الامل في ذلك، بدأ يدفعها فضولها للسؤال بطريقة قد تربكها وتنفست عدة مرات بعمق لتضبط انفعالاتها غير مصدقة، وتساءلت بتوتر


= انا مش فاهمه حاجه عيدوا اللي انتم قلتوا كده من شويه؟ انا بجد في عريس كان متقدملي النهارده ولا انتوا بتهزروا .


نفخت أمها مستاءًه من كلماتها وقالت بتوبيخ 


= هو ده اللي ركزتي فيه من كل كلامنا؟ بقول لك الواد عنده 28 سنه يعني انتٍ اكبر منه بسبع سنين .. يعني الموضوع اتقفل من قبل ما يتفتح اصلا .


كان فوزى يجلس فوق الأريكة جانبهما فتدخل في الحوار هاتفاً بصوت جاد


= انا سألت جماعه صحابي في المنطقه هنا بالتليفون قالوا بصراحه كل خير عن اهله والعريس و شكلهم ناس محترمين بس هي حكايه السن دي فعلا مشكله .


لوت ثغرها متسائلة بعبوس قوي


= جري إيه يا فوزي وبتسال ليه اصلا من الأساس ما احنا قلنا مش هينفع يعني ايه البنت تتجوز واحد هي اكبر منه! لا وكمان مش سنه ولا اتنين دول سبعه.


بدأ الفضول واضحًا علي ضحي لمعرفة التفاصيل أكثر، وبدت مترددة بدرجة ملحوظة وهي تسأل باهتمام


= وهو شافني فين ده ولا امه هي اللي شافتني وكانت جايه تتقدم؟ لا انا مش قادره استوعب هم كانوا موافقين وعارفين فرق السن وهم جايين يتقدموا 


هزت كوثر راسها بعدم مبالاة وهتفت بنزق


= بيقول شافك في الفرح اللي رحتيه من مده تبع نرمين صاحبتك.. و جوزها يبقى صاحبه وشافك هناك وقال لاهله، انا اصلا مش مستريحه للناس دي كلها على بعضها وخصوصا العريس اللي ما شفناهوش ده اكيد 100% في عيب كده ولا كده عشان كده عاوز يتجوز البنت .. ده غير كمان انه كان متجوز ومخلف .


سلط أنظاره عليها بعدم رضا وهو يقول بعتاب


= بلاش سواء الظن ده إحتمال يكون العريس كان مكسوف يجي ولا حاجه قبل ما يعرف موافقتنا .. في ناس دلوقتي بقت تبعت اهلها الاول يشوفوا الموضوع وبعد كده هو يجي.


ألتفتت الزوجه ناحيته مستغربًا رده العجيبة التي أثارت ربيتها رغم تحفظها علي الموضوع و رفضها، ومع ذلك استجاب وبدا يسال عن الأمر أردفت صارخة باستنكار


= مكسوف! هو انت مالك بتتكلم كده وتدافع ولا كأن الموضوع عاجبك .


تنهد الآخر بانزعاج منها وتحدث قائلاً موضحاً بهدوء


= انا ولا بدافع ولا نيله انا بقول رأيي وبعدين بقى عاوزه الصراحه الناس شكلهم كويسين و هيبقى نسب كويس نتشرف بيه ده أنا يا دوبك عملت كام مكالمه وانا قاعد بسال عنهم كله بيشكر فيهم امال لما اطلع بره واسال اكثر 


تحولت نظراتها للسخريه هاتفه بصوت منفعل


= انا ما قلتش انهم وحشين يا فوزي بس انت ملاحظ فرق السن بينهم ولا مش واخد بالك من المصيبه دي؟ بنتك هي اللي اكبر منه مش العكس .


بينما كانت ضحي تجلس جانب تتابع حديثهما بصمت، واتسعت حدقتاها بصدمة وهي تفكر في الأمر بعدم تصديق، وشعرت بتلك السخونة المتدفقة إلى وجهها عندما بدات تشعر بأن الأمر بات قريب ربما وزادت سعادتها بانعكاس  في عينيها وهي تتسائل نفسها بعدم تصديق


= هو معقول بالسرعه دي اتقدملي واحد ثاني ده انا قلت هاخد يجي سنتين ولا ثلاثه عقبال ما يتقدم لي حد ثاني بس ممكن تكون ماما كلامها صح؟ ويطلع في عيب ولا شكله وحش وبعدين بقى هو انا هتامر ده انا لما صدقت في عريس اتقدم لي تاني هضيع الفرصه دي كمان بقي ولا ايه، يبقى مش هلاقي فرصه ثالثه خالص كده .


آفاقت علي صوت والدها، حيث تنهد فوزي و أجاب ببساطة وهو يهز رأسه نافيا


= ولا مصيبه ولا حاجه في ناس كتير بتتجوز والستات هي اللي بتكون اكبر، الدنيا دلوقتي اتطورت عن زمان وبعدين انتٍ مش واخده بالك ان بنتك عماله تكبر وما كانش في ولا عريس بيتقدم لها إلا ده أول واحد.. فنصيحه مني لازم نفكر مره ثانيه كويس وبلاش نضيع فرصه زي دي كويسه، وبعدين هو احنا هنكذب عليهم ولا حاجه ما هم جايين وعارفين فرق السن وموافقين .. والراي الاول والاخير هيكون لضحى ها قولتي ايه يا بنتي.


التفتت برأسها للخلف لتحدق في وجه ضحي الحائرة، وقبل أن تتفوه بكلمة سألتها كوثر بحدة 


= هو انتٍ لسه بتفكري يا بنت أنطقي و قولي رافضه لو وافقتي هتدفعي ثمن موافقتك كثير 

بصي لقدام يا حبيبه امك وركزي في فرق السن اللي بينكم لما انتٍ تكبري وهو يفضل صغير وانتٍ مش قادره على طلباته.. ده مش بعيد يكون عينه زايغه ولا يفكر يتجوز غيرك .


لم تستطيع ضحي السيطرة على أعصابها لما أصبحت تتعرض له من مهانه سنوات حياتها كلها وهم لا يدرون بشيء، لتقول هي بتلهف


= اكبر وهو يفضل صغير! جري إيه يا ماما هو انتٍ مش واخدي بالك انا بقى عندي 35 سنه هستنى اكثر من كده اكبر إيه؟ وبعدين انتٍ ليه عماله تطلعي في عيوب وانتٍ لسه ما شفتوش اصلا ما يمكن يكون على راي بابا  كويس ما هو سال بنفسه عنه و كله شكر فيه 


انتبهت ضحى الى حديثها لتصمت بسرعه وهي تشعر بالحرج والخجل، في حين نفخت كوثر أنفاسها بقوة كبيرة نتيجة انفعالها، صائحًة بغضب حاد


= افهم من كلامك انك موافقه تتجوزي واحد انتٍ اكبر منه بسبع سنين يا بنت ما تبصي لقدام وركزي، الناس هتاكل وشنا لو عرفت حاجه زي دي .


توترت ضحي من نوعية الأسئلة التي تطرحها عليها أمها هي تعلم أنها محقه والفرق بينهما ليس قليل لكنها بنفس الوقت لا تريد ان تضيع الفرصه مجدداً فهم لا يعرفون شيء مما يحدث معها يوميا، بينما تحدث الأب قائلاً بجدية


= جرى ايه يا كوثر ما تهدي على البنت و تسيبيها تختار اللي هي عاوزاه .. وبعدين احنا عمالين نخمن ليه هيطلع وحش ولا حلو هو انتٍ شفتينا جبنة المأذون لسه هنسال عليه اكتر ولسه في خطوبه يعني قدامنا وقت كتير عشان نعرف اي حاجه وحشه فيه.. اسمعيني يا ضحى خدي وقتك وفكري براحتك وانا كمان هاخد وقتي واسال عنه بدل المره 10 .


شعرت ضحي بالارتياح لكون والدها كان معها واعطاها فرصه للتفكير بشكل أفضل بجدية، تنهدت مخرجة من صدرها الكثير من الهموم مع زفيره مشحونة، وهي تتخيل تحقيق تلك اللحظه التي كانت تنتظرها منذ سنوات طويلة وقد بدأت تفقد الأمل في تحقيقها، أن يرق لها الأمل ويلين نحوها حتى وإن طال وقت تحقيقه، لكن وجود بارقة الأمل سيحمسها على الانتظار.

الصفحة التالية