نوفيلا جديدة قلبي يحدثني لهاجر التركي - الفصل 2 - الإثنين 20/5/2024
قراءة نوفيلا قلبي يحدثني كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
نوفيلا قلبي يحدثني
نوفيلا جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة هاجر التركي
الفصل الثاني
تم النشر الإثنين
20/5/2024
بعد ساعة كاملة قضتها في المواصلات، ولحسن الحظ أن اليوم لم يكن يومًا مُزدحم مُروريًا بحيث أن اليوم، يوم السبت، وهو عطلة رسمية، أخيرًا وصلت إلي شقة" إسراء"والتي كانت بالدور الثالث، الشقة التي طالما شهدت علي جنانهم وأختراعتهم أثناء فترة الاعداديه، واحدايثهم ومُشاجرتهم، وأيضًا مُزاكرتهم وتعبهم أثناء الثانوية العامة......كانت الساعه تُشير إلي الحادية عشر صباحًا الآن
وقفت أمام الشقة للحظات مُترددة من التقدم والطرق علي الباب،أرتفع رنين هاتفها، فأخرجته، وجدت أن المتصل "إسراء" فـ ردت عليها بسرعه، أتاها صوت الأخري تسألها:
_أنتِ فين يا رانيا هو ده إللي ساعتين وجاية، أنتِ بقالك تلات ساعات؟
أبتسمت بحنو قائلة:
_أنا علي الباب والله؟
عقدت حاجبيها، قائلة بغباء:
_علي الباب فين؟
_لسة غبية زي ما أنتِ متغيرتيش، علي باب شقتكم يا إسراء..
_بتهزري؟
_يا ستِ قومي أفتحي وأنتِ تشوفي....
وبأقل من دقيقة كان قد فُتحَ الباب أمامها، وظهر من خلفهِ "إسراء" التي مازالت تضع الهاتف علي أذنيها ولم تنهي المكالمة بعد، الأثنين وقفوا مُتصنمين بمكانهم يُطالعون بعضهم البعض بإشتياق جارف، تأملتها "رانيا" ببُطء، تطالع كل شئ بها، أنها تغيرت كثيرًا، كثيرًا، فقد أصبحت ذات جسد مُمتلئ ومُتناسق مع طولها، علي عكس "إسراء" السابقة في فترة الثانوية كانت نحيلة جدًا، وبشرتها أصبحت بيضاء علي عكس أيضًا فترة الثانوية كانت سمراء، ولكن سمار خفيف، وشعرها، مهلاً لقد أصبح شعرها كيرلي متوسط الطول، كيف هذا، فقد كان طويلاً مسترسلاً هي تتذكرهُ، فكانت هي دائمًا من تُمشطهُ لها لأن والداتها ترفض، لأنه كان طويلاً وثقيل........
لم تختلف صدمتها عن "إسراء"، فـ" إسراء"هي الآخري مصدومة لا تصدق أن هذه التي أمامها هي صديقتها "رانيا"، لم تتغيرًا كثيرًا فالشكل، لكن أصبحت مُنطفئة وبشدة وهذا يظهر جليًا علي ملامحها الباهتة للغاية، وجها كان أصفرًا وشاحب، وأسفل عينيها هالات سوداء، وأصبحت نحيلة جدًا، فهي كانت علي عكسها تمامًا أيام الثانوية، فقد كانت" رانيا"ذات جسد مُمتلئ، أو ما يُسمي بالكيرڤي، وهي كانت نحيفة.......
قطعوا وصلة الدهشة والتأمل هذهِ، وأنتفضتا يرتمون بأحضان بعضهم بإشتياق كبير، وكلاً منها أدمعت عينيها من شدة أشتياقهم لبعضهم البعض:
_أتغيرتِ أوي يا بت يا إسراء....
أخرجتها من أحضانها قائلة من بين دموعها التي هبطت رُغمًا عنها:
_وأنتِ كمان أتغيرتي بس مش أوي
ظلت تتأمل وجهها، هناك شيئًا مُتغير، لا لا ليس شيئًا بملامحها، ملامحها مازلت كما هي رغم التغير الذي طرأ علي كامل شكلها، تُقسم أن هناك شئ متغير، فهتفت تسأله ومازالت تُدقق النظر إلي وجهها:
_حاسة أن في حاجة غريبة في وشك.... صح صح كان فيه وحمّة في خدك من تحت راحت فين؟
تحسست موضع الوحمة التي لم تكن موجودة من الأساس:
_ما أنا عملت عملية وشيلتها ما أنتِ عارفه كانت مضيقاني....
من ثم شهقت بصدمة قائلة:
_ينهار أزرق أنا سيباكِ كده علي الباب أدخلي أدخلي...
_برضو نهار أزرق، وبعدين خضتيني يا إسراء أنا قولت حصل حاجة...
مرة أخري عاودت "إسراء" أحتضانها لا تصدق أنها أمامها واقعيـًا، فجذبتها وتقدمت إلي داخل الشقة وقفت في مُنتصف الصالون تصرخ بملئ صوتها:
_يا ماما، ماما تعالي شوف مين عندنا، يا أميرة، بت يا أميرة....
خرجت السيدة "إنعام" من الداخل، قائلة بغيظ:
_أي بتصوتي لي، سرينة عايشة معانا يا ناس...
حمحمت تضحك بإحراج، من ثم قالت مُشيرة إلي "رانيا" التي بقيت بمكانها تُطالع والدة"إسراء "بحُب، فكم أشتاقت الي تلك السيدة الحنونة التي طالما كانت لها أم ثانية تغدقها بحنانها وتعاملها مثلما تعامل أبنتيها" إسراء "و" أميرة ":
_مش فاكره مين دي يا ماما؟
دققت نظرها فيها لعدة ثواني، تشعر أنها تعرفها من قبل ليست بغريبة عليها تلك الملامح، ضيقت عينيها تحاول التذكر، من ثم أنفرجت شفتيها بإبتسامة كبيرة، قائلة بعدم تصديق:
_مش معقول، رانيا حمدي....
تقدمت إليها" رانيا"تُبادر بأحتضانها، فضمتها "إنعام" إلي أحضانها بقوة، كم أشتاقت الي هذا الحُض الذي طالما أحتواها كثيرًا، أنها حقًا أشتقت لكل شئ بهذا المنزل، أشتاقت لأيامهم الماضية.......
_يلهوي ده أنا معرفتكيش يا بت؟ أنتِ أختفيتي فين كل ده؟ وأي الغيبة الطويلة دي....
_وحشتوني أوي يا طنط إنعام وحشتوني جدًا، لسة كل حاجة فالبيت زي ما هي وكأني لسه سيباه أمبارح، أنا خلاص رجعت ومش هغيب عنكم تاني أنا مصدقت إني رجعت...
سألتها بعدم فهم:
_أنتِ كنتِ مسافرة ولا أي يا بت؟
ضحكت بمرارة قائلة بإستهزاء :
_مسافرة؟ ده أنا كنت مسجونة ومصدقت خرجت من السجن ده!؟
قالت "إسراء" بقلق:
_سجن؟ سجن أي؟ أنتِ بتتكلمي بألغاز لي؟
تنهدت تنهيدة طويله، ثم قالت:
_هحكي لكم، وأنتو هتعرفوا أنا أقصد إنهي سجن، ما أنا كده كده جاية علشان أحكيلكم.....
جذبتها "أنعام" لكي تجلس بالداخل، جلسوا ثلاثتهم، أخذت هي نفسًا عميقًا ثم أخرجته من رئتيها، وبدأت تسرد لهم كل شئ منذ بداية......
❈-❈-❈
بعد جلسة دامت لأكثر من ساعتين، حكت فيهم "رانيا" كل شئ، أخرجت كل الذي بقلبها، و"إسراء"ووالداتها كانوا يستمعون إليها بتركيز،وقد تأثرو كثيرًا، حتى أن "إسراء"بكت عندما بكت" رانيا" لحظة سردها لتلك اللحظة التي خانها "محمود" عندما وجدتهُ صُحبة أحدي الساقطات في سريرها وفي غرفتها، مجرد أن تتذكر تشعر برغبة في البُكاء لأن الأمر يؤلمها حقًا......
هتفت "إنعام" بحزن كبير عليها:
_يا حبيبتي يا بنتِ كل ده حصل لك وشايلة في قلبك وسكتة؟
أرتفعت شهقاتها المصحوبة ببكائها:
_مكنش عندي حد أتكلم معاه يا طنط، لحد ما نسيت أزاي أفضفض أو أطلع إللي جوايا، أنا عشت أسوء تلات سنين عدو عليا فحياتي، أتخانت أكتر من المرة مية، وببقا عارفة وساكتة، علشان مخربش بيتِ وعلشان ولادي، لكن توصل أنه يجيب واحدة في بيتي وعلي فرشتي وكمان ولادي فالبيت، هنا مقدرتش أسكت وقولت لبابا ووقف جنبي لحد ما طلقني منه!.
_طيب ولادك دلوقتي فين؟
_مع أبوهم، ماهو مكنش عايز يطلق غير لما أتنازل عن حضانة الولاد الأول!.
هنا شهقت "إسراء" قائلة بدهشة:
_وأنتنازلتي؟ طيب لي مجرجرتهوش في المحاكم وطلعتيهم علي عنيه، مش بتقولي كان بيضربك والضرب معلم فجسمك؟؟
_بابا مكانش عايز الموضوع يوصل للمحاكم، هو قولت إني مش مستعدة أشيل مسؤليتهم أنا، وبابا وعدني أنه هيرجعهملي في أقرب وقت أن شاءلله!؟
ربتت علي فخذيها بحنان قائلة قبل أن تنهض:
_أن شاءلله يا حبيبتي ربنا هيبرد قلبك.... أنا هقوم أعملكم غدا، وأنتِ يا إسراء خدي رانيا يا حبيبتي وأدخلوا جوه أوضتك خليها ترتاح...
مسحت دموعها بأطراف أكمام ملابسها، قائلة:
_لا متتعبيش نفسك، أنا عايزة أنزل أنا وإسراء أجيب شوية حاجات ده بعد أذن حضرتك طبعًا؟
_عادي يا حبيبتي، بس بعد ما تأكلوا موحشكيش محشي طنطك إنعام ولا أي يابت..
ضحكت بخفة:
_لا طبعاً أزاي وحشني طبعاً كل حاجة وحشتني والله العظيم...
غادرت وتركتهم بمفردهم، فـ مالت عليها قائلة:
_أحنا هنروح فين
_هنروح نشتري لبس
رفعت حاجبيها:
_بتهزري، لبس اي دلوقتي؟ أنتِ يـ بت مش لسة مطلقة أمبارح ولا أنتِ لا تبالي،هو أي نعم كان خاين وواطي بس برضو؟
أرتفعت ضحكاتها، قائلة:
_هننزل نشتري لبس كتير كتير ونلف علي المولات زى زمان...
ثم أضافت بحماس، بينما كانت تتحسس شعرها:
_وكمان عايزة أغير لون شعري؟
_أنتِ بجد ولا جرافك، فين الأحمر يا ولية، مفيش من الأحمر خالص خالص؟؟
ضربتها في كتفها بخفة:
_تصدقي فكرة، أنا ممكن أصبغ شعري أحمر هيبقي جميل صح أي رأيك؟!.
_هتشل، هتشل والله العظيم؟
ثواني وأنفجترتا ضاحكتين بقوة معًا، لا يصدقون أن أحاديثهم وخروجاتهم قد عادت، وزعت "رانيا" نظراتها هنا وهناك، من ثم سألتها قائلة:
_أومال أم نص لسان فين، مش باينة، أنتو قتلتوا البت ولا أي...
_لا يا ختي ده الثانوية العامة هي إللي هتقتلها قريب، ماهي السنة دي ثانوية عامة، خلاص كبرت مبقتش أميرة اللي كنت بتشوطيها برجلك لما كانت في أولي أعدادي.....
_وحشتني والله، هي فين طيب مش باينة من ساعة ما جيت؟
_عندها درس باين!
❈-❈-❈
بعد لف دام لأكثر من أربع ساعات، أخيرًا أنتهوا من شراء جميع ما تريده "رانيا" أشترت ملابس كثيرة جميلة تتناسب مع سنها الشبابي، فـ هي مازلت لم تُتم عامها الثاني والعشرون، وركزت في أختيارتها علي أختيار الألوان الفاتحة الجريئة، سحلت "إسراء" معها اليوم، فكانت علي وشك أن تنقض عليها تفصل رأسها عن جسدها، ومعها حق، فـ حقًا قد أتعبتها معها باللف كثيرًا هنا وهناك.... صدق من قال إذا أردت أن يكرهك أحدهم أصتحبهُ معاك وأنتَ ذاهب للتسوق وشراء الملابس.
كانتا جالستين ينتظرون دورهم في أحدي صالونات التجميل، أمسكت "رانيا" بمجلة صغيرة قد اعطتها لها الفتاة العاملة هنا لكي تختار منها الوان الشعر، مالت علي "إسراء" التي كانت مندمجة مع مجلة مثلها، لكن بها أشكال لتقليم الأظافر وترميمهم، مازالت تعشق الأظافر وتعشق الأهتمام بهم، ولم تتغير أبدًا، قائلة تأخذ رأيها في اللون الذي عجبها:
_أي رأيك في اللون ده، هيليق عليا؟!.
دققت النظر تتأمل اللون، من ثم هتفت مُعارضة:
_لا ده فاقع أوي مش هيبقي لذيذ خالص! بصي ممكن اللون ده مش غامق أوي ولا فاقع أوي، وأظن هيبقي جميل عليكِ خصوصًا أن بشرتك بيضا؟
تأملت اللون قليلاً، ثم أطرقت برأسها بإقتناع قائلة بأبتسامة:
_خلاص هعمل ده، ولو مطلعش حلو نغيره هو أحنا ورانا حاجة...
ضحكت بصخب:
_لا، أحنا ناس فاضية تمامًا، مش لسة متطلقين أمبارح ولا حاجة؟
_صح، طيب وريني أقتنعتي بحاجة معينة لضوافرك...
رفعت المجلة تجاها، قائلة:
_بصي دول شكلهم لذاذ أوي، أعملي معايا أنتِ كمان، ضوافرك منتنة؟
_منتنة، ده الملافظ سعد يا شيخة، بس ماشي هعمل وكمان عايزة أعمل جلسة تنظيف بشرة وبصي دلعيني بقا أنا عايزة أتدلع النهاردة وبس...
_من عنيا...
_وأنتِ مش عايزة تعملي حاجة في شعرك إللي شبه المقشة ده، ده أنا خايفة منه والله، حاسة إنك مربية حاجة جواه....
لكزتها بمرفقها، قائلة:
_مقشة، أنتِ أيش عرفك أنتِ في الموضة يا مقشة أنتِ، وبعدين أنا بقالي سنين علشان يوصل لنتيجة المقشة دي، قصدي للنتيجة الواو دي!ومش عايزة أبوظه، هعمل بس غسيل وتنظيف مش أكتر
_ماشي يا واو، قومي يلا المكان فضي أهو يلا اتحركِ.....
نهضوا من مكانهم مُتوجهين إلي حيث مكام تصفيف الشعر أولاً، جلست كُلٌ منهما علي مقعد، مالت العاملة علي "رانيا" تسألها بعملية:
_ها يا مدام اختارتِ أي؟
أشارت لها علي اللون الذي أختارته مع "إسراء"قائلة بإبتسامة كبيرة:
_عايزة نفس اللون ده ونفس الدرجة بالضبط....
_من عنيا حاجة تانية؟.
تنهدت، من ثم قالت بشجاعة:
_آه، عايزة أقص شعري.....
❈-❈-❈
دخلت إلي شقتهم في تمام الساعة الواحدة بعد مُنتصف الليل، كانت قد فتحت الباب بمُفتاحها الخاص، تقدمت إلي الداخل، ثم وضعت الأكياس الكثيرة المُمتلئة التي كانت بين يديها جانبًا، ثم مالت تنزع حذائها الذي أدمي قدميها حيث ظلت مُرتديه إياه لساعات طويلة........
كانت الصالة فارغة، بالتأكيد قد نامت والداتها، وهذا أفضل، تقدمت إلي المرآة الموضوعة بجانب الباب، تتفقد مظهرها الجديد، شعرها القصير باللون الأشقر يتناسب فعلاً مع بشرتها البيضاء الشاحبة، لا لم تعد شاحبة، فبعد ما قامت بهِ اليوم عادت الحيوية إلي وجهها وأصبحَ أكثر نضارة عن السابق، ظلت تعبث بخصلاتها القصيرة كم كانت سعيدة بهم للغاية.....
_أنتِ مين؟!.
كانت هذهِ كلمات والداتها، التي خرجت عندما شعرت بحركة ما بالخارج، وجدت من تقف تُعطيها ظهرها، لم تعرفها فالبداية حيث أنها متغيرة من حيث شعرها، لكنها تعرفت عليها فور أن لفت لها رأسها،وبرغم أنها كانت قلقة عليها لتواجدها خارج المنزل لهذا الوقت المُتأخر من الليل، لكنها صاحت بها بحِدة:
_الساعة كام معاكِ يا هانم، وكنتِ فين لدلوقتي، وأي إللي أنتِ عملاه في نفسك ده، أنتِ قصيتي شعرك...؟
لم تُبالي لنبرة صوتها العالية والغاضبة، نعم لن تتعصب بعد الآن ستتعامل مع كل شئ ببرود، ولن تترك مجالاً لتعكير مزاجها، فأخذت تلف حول نفسها قائلة بأبتسامة واسعة اثارت غيظ الأخري:
_بس أي رأيك شكله يجنن كده صح؟ واللون أي رأيك في اللون؟
_أنتِ جرالك أي، جايبة البرود ده منين؟ انا هيجرالي حاجة منك؟
زفرت الهواء بضيق، قائلة:
_في أي بس يا ماما....
_في أي بس يا ماما؟ في أنك وكأنك مصدقتي خلعتي، وهتدوري علي حل شعرم بقا، قاعدة بره البيت لنصاص الليالي مش عارفه كنت فين ورجعالي مهببة مش عارفة أي فخلقتك ولا كأنك لسة عيلة صغيرة...
قاطعتها:
_ما أنا فعلاً صغيرة،هو أنا كبيرة؟
_عيب عليكِ، والله عيب عليكِ، إللي يشوفك بالمنظر ده يقول أي عليكِ، رمت عيالها وأطلقت علشان تدور علي حل شعرها براحتها داخلة خارجة محدش ليه حُكم عليها....
صاحت ببرود:
_ما إللي يقول يقول، الناس كده كده هتتكلم سواء قعدت اطلقت أتجوزت أنشالله موت، هيتكلموا هيتكلموا، دول بيتكلموا علي الميت في قبره مش هيتكلموا عليا أنا، وبعدين أنا خلاص مبقاش يهمني كلام الناس طظ، طظ في أي حاجة تعكر مزاجي ولا تضايقني ولو دقيقة....
طالعتها بصدمة ودهشة من جرأتها وتبجحها معها، هتفت بها بصدمة وأستنكار:
_أي البجاحة إللي أنتِ فيها دي؟ جايبة البجاحة دي منين، ده مش كلام واحدة لسة مطلقة أمبارح ده ولا كأنك كنت في رحلة ولسة راجعة...
_أي يا ماما مطلقة، مطلقة، مطلقة هي وصمة عار عليا ولا أي، هو أنا أول واحدة تطلق يعني؟
_لا أول واحدة تبقا بالفرحة والروقان ده وهي لسة مخروب بيتها وعيالها متشردين من يوم بس؟
بالرغم من أن كلماتها ضايقتها قليلاً، لكنها مازالت علي قرارها لن تسمح لأي شئ بأن يعكر مزاجها، نعم هي أهم من أي شيء، رسمت إبتسامة كبيرة علي شفتيها، وأقتربا من والداتها، تُقبلها عنوة علي خدها قائلة:
_تصبحي علي خير يا حبيبة قلبي، أنا جاية تعبانة وهموت وأنام؟.... الصبح نكمل بقا؟
تركتها مُتصنمة بمكانها، وتقدمت خطوتين، فصاحت بها والداتها قائلة تسألها بحدة وغلظة:
_أستنِ عندك كنتِ فين الأول، أنتِ فكراها وكالة من غير بواب ولا أي؟ تدخلي وتطلعي علي كيفك؟
ألتفتت إليها، وعلي وجهها نفس الإبتسامة الباردة:
_كنت مع إسراء طول اليوم، ها في حاجة تانية بقولك تعبانة ومحتاجة أنام؟
ضيقت عينيها، تسألها مرة أخري:
_إسراء مين؟
_إسراء مجدي يا حبيبتي!.
كررت أسمها بدهشة وإستغراب:
_أسراء مجدي، أنت رجعتي كلمتيها تاني، أزاي ده أنتو مشفتوش بعض بقالكم أربع سنين؟
_ربك بيدبر بقا، وآه أعملي حسابك هي جاية بكره هتتغدي معايا هنا.... وآه نسيت بابا كان عارف إني عندها وطول اليوم كان بيتصل بيا يطمن عليا...... يلا تصبحي على خير!.
هرولت إلي الداخل وتركتها من خلفها، تضرب كفًا بكفًا وتكاد تجن من أفعالها، هتفت"أحلام "بعدم أستيعاب:
_لا دي مش بنتِ، رانيا بنتِ مش كده، دي أكيد واحدة تانية، دي أتبدلت بين يوم وليلة، أيوه أيوه هي عايزة تجنني..... وماشي، ماشي يا حمدي أن ما وريتك مبقاش أنا أحلام؟
ما أن دخلت الأخري غرفتها، حتى القت بالأكياس جانبًا لا تقدر علي تفريغهم الآن فَ هي مُتعبة، وأكثر شئ تريده الآن هو الأرتماء علي سريرها والنوم، أرتمت بأرهاق حتى دون أن تغير ملابسها فقط خلعت السترة الطويلة التي كانت ترتديها، وظلت بالقطعة القُطنية التي كانت أسفل السترة، وقبل أن تغط في النوم وجدت رسالة من" إسراء" تقول فيها:
"هتجي معانا بكره في الخروجة، علشان أعرفك علي باقي الشلة؟!".
ردت بكلمتين فقط، قبل تغلق هاتفها، وتدخل في سُبات عميق" ماشي هاجي ".
يتبع