-->

نوفيلا جديدة قلبي يحدثني لهاجر التركي - الفصل 1 - الأحد 19/5/2024

 

قراءة نوفيلا قلبي يحدثني كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


نوفيلا قلبي يحدثني

 نوفيلا جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة هاجر التركي

الفصل الأول

تم النشر الأحد

19/5/2024



بأيدي مُرتعشة وقلبٍ مُرتجف فتحت باب غُرفتها المُوصد، من ثم هرولت إلي الداخل سريعًا، أطلقت العنان لدموعها الحبيسة لفترة بداخل جفونها، وقفت في وسط الغُرفة، لم تُحرك ساكنًا، أطرافها بالكامل أصبحت مُثلجة، قلبها ينتفضُ بين أضلعها بعنفٍ، ظلت تنظر حولها بضياع، للحظة شعرت أن قلبها سيتوقف عن النبض وبأنها غير قادرة علي التنفس بشكل طبيعي، فكت ألتصاق قدميها بصعوبة، ثم توجهت بخطوات مهزوزة إلي النافذة المُتواجدة في نهاية غرفتها، فتحتها سريعًا، ليصتدم وجهها بالهواء البارد، لفحتها البرودة ولكنها لم تكن تشعر بأي شئ حينها، فقط كل ما تشعر بهِ أن قطعة من روحها قد سُلبت منها، لا بل تنازلت هي عنها بمحض أرادتها، نعم هي من وافقت وتنازلت برضا تام........


الطقس كان باردًا، والسماء لم تكن صافية، هناك غيوم داكنة تُوحي بهطول أمطار بعد قليل، حتى القمِر مُنطفئ، وحزين هِذه اللِيلة، ظلت بمكانها لعدة دقائق، حتى أنتظمت أنفاسها، وأخيرًا شعرت بالبرودة فأبتعدت عن النافذة خطوتين ليس إلا، وتركتها مفتوحة، أفكار كثيرة تدور برأسها، لم يرحمها عقلها بتاتًا وظل يُعيد علي رؤياها ذالك المشهد الذي طالما حيت لن يُفارق رأسها، ستظل تتذكرهُ، لأنه تركَ ندبة كبيرة بداخلها ندبة، لن تُمحى مهما جاء عليها الزمن..... 


أنتفضت إنتفاضة بسيطة، ما أن فُتحَ الباب فجأة بقوة، وأرتطم بالحائط من خلفهِ من شدة الدفعة، تبعه دخول والداتها، بوجهٍ مُكفهر غاضب، لا يُبشر بالخير أبدًا، ما أن وقعت عينيها عليها، حتى أنهالت بسيل كلماتها الجارحة: 


_أرتاحتي يا رانيا؟ أرتاحتي لما عملتي إللي فدماغك ورميتي عيالك، أنتِ أي يا شيخة جايبة الجبروت ده كله منين؟ 


شهقة قوية، مصحوبة ببُكاء مرير، خرجت من تلك المسكينة، لم تشفق علي حالتها المُزرية أمامها، والتي تدل علي أنها حقًا تتألم وبشدة، لا بل أكملت ألقاء كلماتها السّامة تجلدها بدون رحمة: 


_مبسوطة دلوقتي؟ مبسوطة لما خدتي لقب مُطلقة!؟ عيالك دول ذنبهم أي في كل ده؟؟ 


أنفرجت شفتيها المُرتعشة، قائلة بصوتٍ مُنخفض أثار بُكائها المُستمر: 


_ذنبهم أنه أبوهم!. 


_لا ده ذنبهم أن أمهم واحدة مُستهترة زيك، معندهاش ذرة أحساس بالمسؤلية، مع أول مشكلة رمتهم ولا كأنها خلفتهم وتعبت فيهم....... عملك أي الراجل، ما كان مسّتتك وبيتمنالك الرضا ترضي، ومش بيأخر عنك طلب أفتريتي عليه ليه؟ 


وكأنه هو البرئ وهي المُذنبة المُخطئة في كل شيء، لا يعلمون أنه كسرها مئة مرة سابقًا، لا يعلمون أنه حطمَ قلبها، أنهُ خائن، وغد حقير، لكنهم يرونه بصورة الراجل المثالي الذي لا يُخطئ، نعم كان رجلاً مثاليًا تتمناه أي أمرأة زوجًا لها، لكن هذا أمامهم هُم فقط، يتقمص هذا الدور أمامهم فقط، لكن معها، كان أقل ما يُقال عنه أنه حقير، لا يوجد لديهِ أي ذرة من معالم الرجولة أو النخوة...... 


_نفسي أعرف مين إللي لعب في دماغك وخلاكِ تعملي عملتك السودة دي، أكيد شيفالك شوفة..... 


وعندما وصل تفكيرها إلي هذهِ النُقطة شعرت بالدماء تغلي بداخل أوردتها، فأنقضت عليها، تُمسكها من ذراعيها تهزها بقوة وعُنف غير عابئة بحالتها السيئة الواضحة وضوح الشمس أمامها، صاحت بها بجنون وعصبية: 


_أنطقي هو مين؟ مين إللي ضحك عليكِ وخلاكِ تطلبي الطلاق وترمي ولادك؟ ماهو مش هتعملي كده من الباب للطاق، حصل بينكم أي، أكيد سلمتِ له نفسك ونسيتي أنك عندك دين، وأنك ست متجوزة.... 


كانت تهزها بعنف، وتصرخ بها، وهي لم يكن بوسعها شئ تفعله سوى البكاء بضعف وأنهيار، لم تقوى حتي علي المدافعة عن نفسها، تجاه اتهامات والداتها لها، تلك الأتهامات الشنيعة،كيف كيف؟ تتهمها بأنها خائنة لدينها أولاً ثم لزوجها، كيف طرأ بعقلها هذا التفكير، اليست هي"رانيا"أبنتهم، تربية يداهم، كيف تفكر أنها من المُمكن أن تفعل شيئًا كـ هذا...... 


صمتها هذا أثار الغضب أكثر، بداخل"أحلام"، فرفعت يديها تلتقط شُعيراتها، تجذبها منهم، وكادت تخرج بشعرها بين يديها، من شدة جذبها اليهم، صرخت من أسفلها، تحاول تخليص شعرها، للحظة شعرت أن هناك حريق بفروة رأسها، نتيجة جذب والداتها لخُصلاتها بقوة وغضب، فصرخت بألم يعصف برأسها بأكمله، فصاحت الآخري: 


_أنطقي ساكتة لي؟ مش هسيبك الليلة إللي لما أعرف هو مين؟.... 


_أحلام سبيها... 


خرجت هذه الكلمات بقوة من والدها، الذي هرول إليهم بسرعة ما أن أستمع صراخات أبنتهُ المُستنجدة، وفورًا علمَ أن زوجتهُ لم تتمالك أعصابها ومدت يدها علي أبنتهم، فـ هو يعرفها، أنها عصبية إلي حدٍ كبير، ولا تستطع أن تمسك بأعصابها......، وكأنها لم تستمع إليه، أو أنه لم يدخل من الأساس، ومازالت مُسيطرة علي خُصلات الآخري، والتي دقيقة آخرى وستنخلع بين يديها: 


_والله العظيم لو ما نطقتي وقولتي هو مين، لهدفنك حية مكانك.... 


أقترب "حمدي" منهم سريعًا، وأبعد زوجته بصعوبة عن أبنتهُ، أبعدها بقوة، وما أن أفلتتها والداتها، أرتمت بأحضان أبيها تحتمي به من بطش والداتها، وقد شدد هو من أحتضانها وضمها إليه بقوة، وصاح بزوجتهِ بعصبية: 


_أنتِ أتجننتِ ولا أي، أزاي تمدي إيدك عليها بالشكل ده، أي ملهاش أب، هو أنا مُت..... 


_والله دلوقتي جاي تتكلم، بعد ما وقفت جنبها علشان تنفذ إللي فدماغها، أنا هتجنن منكم، هتجننوني، البت دى في وراها حد خطط لها ورسم لها الطريق علشان تخرب علي نفسها وعلي بيتها.... 


قاطعها قائلاً مُدافعًا عن إبنتهُ، لأنه الوحيد الذي يعلم حقيقة الأمر: 


_بقولك أسكتِ مش عايز كلمة تاني، ملكيش دعوة بيها ولا تجي جنبها، سبيها فحالها.... 


لم تكن كلماته سوى البنزين الذي ذاد النار أشتعالاً، فـ هبت فيهِ بشراسة: 


_أسيبها فحالها.... أنتَ أزاي كده أنتَ كمان، أزاي موافقها علي خراب بيتها... طيب مش مهم جوزها، عيالها، الطفلين الصغيرين دول ذنبهم أي عملولها أي علشان تعمل فيهم كده؟!.... 


كانت بين أحضان أبيها ترتجف بقوة، جسدها بالكامل يرتعش، خارت جميع قواها جميعُ مصادر المُقاومة غرقت، وبقيت هي وحدها علي القارب، لم تقدر حتي علي التفوه بكلمة واحدة، وكأنها فقدت النُطق، كل شيء ينهار علي رأسها دفعةً واحدة، بغير رحمة ولا شفقة بحالها، وبقلبها المُمزق إلي أشلاء صغيرة...... 


ظل أبيها يضمها إلي حمياتهُ، وظل أيضًا يُدافع عنها أمام جبروت والداتها، ويتقاذفون الكلمات، وبقيت هي كما هي مُلتصقة بمكانها، تشعر أن أطرافها بالكامل مُتبلدة،وأنها فقدت السيطرة علي جسدها، حتي أستسلمت ولم تدري بنفسها إلا وهي مُرتخية إلي الخلف، وكادت تسقطُ علي الأرضية، لولا يد أبيها التي كانت مُحتضنة أياها....... 


❈-❈-❈


لا تدري لِمَ، كُل المواد معها تفقد خواصها ، فالماء لا يُطفئ النار ، مُنذ ساعات تقف أسفل المياه وأيضًا لم يتوقف أحتراق قلبها، وصدرها كاد يذوب من حرارة مابهِ، أختلطت دموعها بالمياه المُنهمرة فوقها، دامت حالتها هكذا لنصف ساعة آخري، تقف أسفل مياه الدُش وتترك العنان لجسدها لكي يسترخي، فبعد أن أستفاقت من غيبوبتها القصيرة، وجدت أبيها بجانبها، يُطمئنها يخبرها أنه معاها وخلف ظهرها، ليطمئن الجزء المُتبقي من قلبها، الجزء الذي مازال حيًا بعد أن مات قلبها...... 


ودخلت بعدها إلي المرحاض، لتظل أسفل المياه حتي الآن، تُريد أن تتناسي كل شئ كل شئ حدث، ودت لو تعودُ طفلة صغيرة لأن الرُكب المخدوشة تلتئم أسرع من القلوب المنكسرة، مُنذ الآن هي أمرأة أخري تمامًا، أمرأة لا تقرب بصلة إلي تلك الضعيفة المُنكسرة والمهزومة، ستستمد قوتها من ضعفها وكسرة قلبها.....لن تترك نفسها إلي الرياح تفعل بها ما تشاء، وهي تقف مبتورة اليدين وصامتة، مُنذ الليلة هي وامرأة أخري ستفعل ما بوسعها لدفن الماضي خلفها، وأيضًا دفن تلك الشخصية المُسالمة والضعيفة،لتحل محلها أخري أقوي بفعل ما مرت بهِ........ 


أن  الإنسان يولد من جديد بعد ليلةٍ توقع أنها لن تمرّ ومرت، بعد دموع وتساؤلات لم يجد لها ردًا، بعدما شك في نفسه وكل شيء من حوله في لحظة عجزٍ عن التصديق ورفضٍ تام من هول الخيبة، يولد بقناعات مختلفة وشخصية أنضج، يولد إنسان يسعى وراء أرضاء نفسهِ والعيش بطريقة تُناسبه، وهذا ما حدث معاها تمامًا، وأقسمت علي تنفيذه، من الآن ستحي لنفسها فقط لن تهتم لأي شئ آخر بعد الآن، فما حدث معها لم يكن هينًا، وترتب علي ذالك شخصية جديدة كُليًا، شخصية قوية..... 

❈-❈-❈


خرجت من المرحاض بعد أن ارتدت ملابسها الثقيلة، المكونة من بيچامة شتوية من القُطن، وقفت أمام المرأة تُصفف شعرها، ولكن ما أن لمست الفُرشة فروة رأسها، شعرت بألم فظيع لم تشعر بهِ أسفل المياه، علي ما يبدو أن والداتها كانت تنوي خلع خصلاتها، لم تقدر علي تكملة تمشيط شعرها، فتركته هكذا، وأتجهت إلي دولابها، فتحتهُ بهدوء، من ثم أخذت تُطالع ملابسها، ملابسها القديمة، حيث كانت كلما جائت إلي بيت أبيها للمبيت يومين طوال الثلاث سنوات زواج الماضيين، كانت تترك ملابس لها لكي ترتديهم كلما أتت...... 


وبما أنها رفضت أن تأخذ أي ملابس لها من دولابها في شقة الزوجية، لا تريد شيئًا يذكرها به حتي ولو كانت ملابسها هي، لذا هي الآن سترتدي تلك الملابس، لحين أن تشتري أخري جديدة...... 


التقطت أسدال صلاة كان لوالدتها لا تعلم ما الذي أتي بهِ إلي دولابها، لكن لا يهم، أرتدته سريعًا، وهمت بفرش سجادة الصلاة، وبدأت في تأدية صلاة الفجر، طالت صلاتها لنصف ساعة، كانت كُلما سجدت تنهار باكية ضعيفة وكأنها ليست هي من كانت تقرر منذ دقائق أنها ستكون قوية، لكن الضعف أمام الله لا يُحتسب ضعفًا، ظلت تدعي بقلبٍ مُترجي مُرتجف...... "بَكيتُ كمَا لم تفعَل من قبل، طَمست حَواسها الأربَع ، وتَركت عينيها تخرج كلّ شَوائبها، القَديمَة مِنها وَالحديثَة لم تكن تبكِ ، بل أَمطَرت. 


أنتهت من صلاتها بعد دقائق، تربعت بمكانها، وقد شعرت براحة كبيرة تجتاحها بعد الأنتهاء، تشعر أن الله قد ربتَ علي قلبها وألهمها الطمئنينة، ‏ثم رفعت يدها في جوف الليل مقهورة تدعو على من ظلمها وحطم قلبهاقائلة : 


_لا سامحك الله هلكت قلبي، لا سامحك ولا عفا عنك ولا تقبل منك توبة، واخذك منك صحتك وسعادتك، وأذاقك الله الشعور بذات الشدة وذات الطريقة، وأطال عمرك لترى مصائب الأرض حلت على جسدك ولا دمت سالمًا.... 


نهضت من مكانها، بعد أن طوت سجادة الصلاة، وأتجهت إلي سريرها، سريرها الصغير، الذي طالما أحتواها سابقًا، أرتمت بتعب ‏أُغمضت عينيها في محاولةٍ للنوم، لكنّ ثقلاً يضغط على صدرها، يجعلها منتبه مشدودة مثل وتر، تنهدت تنهيدة طويلة، وأغلقت عينيها مرة أخري ظنًا منها أنها هكذا ستنتهي الحرب........ 


❈-❈-❈


بعد ليلٍ طويل وكئيب، أخيرًا حل الصباح، وتوهجت الشمس في السماء لتُضئ عتمة الكون مرة أخري بعد أختفائها لساعات، أمتلئت الغُرفة بالنور الطبيعي من خلال نافذة الغُرفة، والتي لم يكن عليها ستارة، فقد أزالتها ليلة أمس، تغلغل الضوء إلي عينيها ليُداعب عينيها المُغلقة، تقلبت بمكانها بتأفأف لا تود النهوض، لكن الضوء من حولها يُزعجها، أغمضت عينيها بقوة، قائلة بتأفأف: 


_عايز أي يا ياسين دلوقتي،سيبني أنام لسة بدري علي الحضانة.... 


فتحت عينيها فجأة، من ثم جلست نصف جلسة بمكانها، تتفقد المكان حولها، وجدت أنها ليست بشقتها، وأنها بغرفتها بداخل منزل أبيها، وأن أطفالها ليسوا بحانبها الآن، شعرت بغصة مريرة في حلقها، من ثم تنهدت بتعب، وأزاحت الغطاء، من فوقها. 


وأول شئ جاء ببالها، ونوت فعلهُ، هو أن تنهض الآن وتبحث عن النوت الصغيرة التي كانت تكتب بها جميع أرقام أصدقائها القدماء، وتحتفظ بها هنا، نعم أصدقائها، أول شئ تود تصليحهُ في بداية حياتها الجديده هي عودة علاقتها بأصدقائها، أصدقاء المدرسة، الذي قطعت علاقتها بهم تمامًا بأمر من زوجها بعد الزواج،وأيضًا بحكم أنها لم تُكمل دراستها الجامعية فقط أكتفت بالمرحلة الثانوية،وبعدها تمت خطبتها،ثم بعدها بسنة زواجها ... 


فتحت خزانتها، تعبث بين محتواياتها، حتي عثرت علي تلك النوت الصغيرة، أبتسمت بسعادة ما أن وجدتها، وضمتها إلي صدرها بحب، من ثم جلست علي السرير مرة أخري، وبدأت تبحث عن الرقم المنشود.... 


رقم أقرب صديقة لقلبها، أيام الدراسة، رفيقة سنوات الأبتدائية والأعدادية والثانوية، التي كانت بمثابة شقيقة لها واكثر، "إسراء مجدي" أول فتاة تعرفت عليها في أول يوم لها بالصف الأول الابتدائي، كلما تذكرت كيف تخلت عنها وقطعت علاقتها بها بأمر زوجها، وأيضًا والداتها، التي أتفقت مع رأي زوجها السابق، قائلة بأن الصداقة تكون صداقة دراسة ليس إلا وأن بمجرد زواج البنت يجب أن تقطع علاقتها بأصدقائها لأنها أصبحت زوجة وسيدة منزل، لديها مسؤليات واولؤيات،  وليست متفرغة لتراهات الفتيات تلك، تشعر بالضيق من نفسها 


عثرت علي الرقم أخيرًا، فألتقطت هاتفها فورًا تكتب الرقم، وضغطت علي زر الأتصال، وبداخلها تتمني أن تكون لم تغير رقم هاتفها، بعد أنتظار دام لثواني، أتاها صوت "إسراء" الناعس، نعم أنه صوتها، أنها تحفظه عن ظهر قلب، وتستطيع أن تميزه حتي بعد مرور سنوات، فهما الأثنين كانتا يتحدثان سويًا ليلاً مع نهار.... 


_الوو... 


تحدثت بها "إسراء" التي أستيقظت للتو علي رنة هاتفها برقم غير مسجل، لكنها لم تنتبه وردت دون الأكتراث من المُتصل، أدمعت أعين الآخري علي الطرف الآخر، فكررت "إسراء" كلماتها قائلة بأستغراب: 


_أيوه، مين معايا!؟


لم يأتها ردٍ، فكانت"رانيا"تخجل من التحدث، تخجل وبشدة، أنا تخلت عنها سابقًا، وغدرت بها، بعد أن كانتا صديقتين مقربتين للغاية، فكررت حديثها للمرة الثالثة وقد أثار فضولها أن تعرف من المُتحدث: 


_ألوو، مين.... هتقول مين ولا أقفل؟ 


_لا أستني يا إسراء!!. 


للحظة تصنمت "إسراء" بمكانها، ونهضت سريعًا تعتدل في جلستها بعد أن كانت متسطحة علي السرير، لا تُصدق أنها هي، تبًا نعم أنها هي، هذا هو صوتها، لم تنساه بالمرة مازال مميز في أذنيها، هتفت بشفاة مُرتعشة: 


_رانيا!؟ 


أنفرحت شفتيها قائلة بإشتياق كبير: 


_وحشتيني أوي يا إسراء، وحشتيني جدًا يا جذمة... 


_أنا بجد مش مصدقة أنتِ رانيا بجد ولا أنا لسة نايمة وبحلم ولا أي يا نهار أزرق.... 


هنا ضحكت "رانيا" أنها مازالت مرحة كما هي لم تتغير منذ أربع سنوات مضّت، فصاحت بها بمرح: 


_نهار أزرق تاني يا إسراء مش قولنا نبطل نشتم أيام ربنا ولا أي؟!. 


لم يأتها رد، لم تسمع سوى صوت أنفاسها فقط، فنادت عليها بإستغراب: 


_إسراء أنتِ سمعاني.... يا بت أنتِ روحتي فين؟ 


_والله العظيم ما مصدقة؟ وحشتيني أوي يا رانيا، أنتِ أختفيتي فين كل ده وأي إللي فكرك دلوقتي، أنا مش مستوعبة بجد؟؟ 


إبتسمت قائلة: 


_لا دي حكاية طويلة أوي، لما أشوفك هحكيلك كل حاجة أنتِ مش متخيلة أنتِ وحشاني أزاي، أنا عايزة أشوفك؟!. 


_أنتِ لسة في أسكندرية، أنا فكرتك سافرتِ ولا حاجة.... 


_في أسكندرية آه، أنتِ إللي لسة عنوان بيتكم زي ماهو ولا غيرتوه ولا أتجوزتي ولا أي؟ 


جائتها ضحكات الآخري، وهي مازالت غير مصدقة: 


_لا متجوزتش، لسة عنوانا زي ما هو هنروح فين يعني؟ 


_طيب أديني ساعتين بس وهتلاقيني قدام بيتكم، وهفهمك كل حاجة.... 


_مع إني لسة مش مستوعبة! بس ماشي هستناكِ متتأخريش 


أغلقت معها المُكالمة، وقد شعرت بالسعادة تغمرها هكذا مرة واحدة، "إسراء" رفيقة دربها وحبيبتها وصديقة الطفولة، لا تصدق أنها أخيرا ستُقابلها، وترآها بعد أربع سنوات، يا تُري كيف سيكون شكلها الآن هل تغيرت أم مازالت كما هي بالتأكيد تغيرت أنهم أربع سنوات........ 


نهضت بحماس كبير ونشاط وهرولت إلي المرحاض تريد الأغتسال، وأرتداء ملابسها سريعًا، والذهاب إليها في أسرع وقت ممكن، تريد أن تطير إليها بطائرة.......... 



يتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة هاجر التركي، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة