رواية جديدة خبايا الهوى لهاجر التركي - الفصل 28 - 2 - الخميس 6/6/2024
قراءة رواية خبايا الهوى كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية خبايا الهوى
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة هاجر التركي
الفصل الثامن والعشرون
2
تم النشر الخميس
6/6/2024
❈-❈-❈
صوت صُراخ طفل صغير أرتفع يكسر الصمت المُطبق عليهم منذ ما يُقارب الساعة قبل دخولها لغرفة الولادة، الطفل ظل يبكي بصوتٍ عالي وكأنه يقول ها أنا قد أتيت إلي الدُنيا، أنتفضوا من مكانهم جميعًا وكُلُ منهم دب في روحهِ سعادة غامرة، وكأن صرخاتهِ قد أعادت الحياة إلي أجسداهم مرة أخري....
فـ"سُعاد"سجدت باكية تحمد الله علي نجاة حفيدها وخروجهِ إلي الحياة بسلام، بينما "عُمر" شعر بالسعادة لوقت مؤقت، وتذكر زوجتهِ، وفورًا نسي أمر طفله الذي شرفَ إلي الحياة، وأنشغل عقلهِ بأمر زوجتهِ، أقتربت منه والداته تُهنئه قائلة وعينيها ترقرقت بدموع الفرحة:
_مبارك مجالك يا حبيبي، يتربي في عزك.....
أبتسم لها إبتسامة صغيرة، لا يهم الطفل الآن، أين "غالية" كيف حالها، أقترب من غُرفة العمليات ينظر من الشُباك الصغير الدائري، فقد التقطت عينيهِ المُمرضات يحملنا الطفل، بينما زوجته مُمدة علي سرير العمليات لا حول لها ولا قوة، وبعد قليل أنفتح باب الغُرفة وخرجت "غالية" الراقدة علي السرير المُتنقل ومازلت لم تفق من المُخدر.....
أقترب منها سريعًا يتحسس وجهها براحة يديهِ وعيناه تلمع بالحزن عليها، ملامحها شاحبة للغاية..؟.. أخذتها المُمرضات وأبتعدو يسيرون بها إلي الغرفة التي ستمكث بها لحين أن تتعافي كُليًا، وقد تم نقل الصغير إلي الحّضانة نظرًا لأنه ولادَ مُبكرًا للغاية ويحتاج تقريباً شهرًا كاملاً أو أكثر......
❈-❈-❈
. "فاليوم التالي".
كان جالسًا علي الكُرسي المُجاور لسريرها، لم يتزحزح من مكانهِ إلا لدخول المرحاض فقط، ظلَ بجانبها هكذا مُمسكًا بيديها بين يديهِ، لم يغفل عنها لوهلة، مُنذ أن انتقلت لهذهِ الغُرفة وهي لم يُفارقها ورفضَ رفضًا قاطعًا أن يتركها وحدها ويرحل، حتى أن والداته أرادت هي الجلوس بجانبها، أو حتى والداتها هي تجلس بجانبها، لكنه رفض......
أنحني يُقبل يديها التي أصبحت شاحبة، مُحدثًا إياها بكلماتهِ الحانية التي يُلقيها علي مسامعها دائمًا وكأنه مُستفيقة وتسمعه:
_قومي بقا يا غالية، قومي علشان تشوفي أبننا، يوسُف، أنا لسه مشفتوش، مش هشوفه غير لما تفوقي ونشوفه سوا...؟. أصحي بقا وحشتيني أوي....
مسحَ بطرف قميصهِ أسود اللون واللذي مازال مُرتدي إياه حتى الآن دمعة فرت من عينيهِ..... وجد من يُربت علي كتفهِ بحنان، ولم تكن سوى والداته قائلة له:
_يا حبيبي قوم كُل لك لُقمة بس، أو روح البيت أستحمي وأرجع تاني؟.
أجابها ومازال مُصوبًا نظره عليها لم يرفع عينيه من علي ملامها:
_مش هسيبها ياماما.....
_ياحبيبي ما كُلنا جنبها هو كان حد سابها..... طيب قوم حتى شُوف يوسُف.
لمعت عينيها ببريق جميل، قائلة بسعادة بالغة:
_ده صغنون خالص، يا حبيب جدته، يتربي في عزك أنتَ وأمه!.
رفعَ رأسهِ إليها قائلاً بإبتسامة صغيرة:
_أول ما غالية تفوق هنشوفه مع بعض...
_ربنا يقومها بالسلامة يارب!..... طيب يا حبيبيّ أنا هطلع أجبلك الأكل ومتقولش مش هأكل، الأكل ماله ومال ده بس، هتأكل يعني هتأكل بس كده.....
اومأ برأسهِ بإستسلام تام، فذهبت هي مُهرولة لكي تأتي له بالطعام مصدقت أنه أخيرًا وافقَ.........
❈-❈-❈
هناك غمامة سوداء كانت مُبتلعها، ظلت هي تُقاوم وتقاوم حتى تخرج منها أصوات عالية من حولها، وضوضاء لا تعلم مصدرها وأنوار مضيئة بشدة في وجهها، ظلت تقاوم حتى كادت تنقطع أنفاسها لكنها ظلت علي موقفها تود النجاة من تلك الغمامة...... وأخيرًا وبعد مُحاولات كثيرة جدًا أخيرًا أستطاعت أن تعثر علي شُعاع النور في كل هذا الظلام، أستطاعت أن تجد طوق نجاتها.......
فتحت عينيها ببُطءٍ شديد للغاية وكأن هُناك نورًا قوي للغاية ضرب في عينيها فأغمضت عينيها بسرعة، وها هي الآن تحاول فتحهم مرة أخري ولكن بحذرٍ شديد خشيةً من أن يكون هذا النور القوي مازال متواجد.....
ثانية والأخري وكانت قد فتحت عينيها كُليًا وعقلها قد بدأ في العودة إلي الواقع، أنفرجت شفتيها تقول بصوتٍ خفيض للغاية نازاعت هي في إخراجهِ:
_أنا فين.....
تهللَ وجه الجالس أمامها وأنتفض يقترب منها بسعادة قائلاً بفرحة غير مُصدقًا أنها أخيرًا أستفاقت:
_غالية حمدالله على سلامتك يا حبيبتي.... أنتِ فالمُستشفي يا حبيبتي!.
حَاولت عصر دماغها لكي تتذكر أخر شيء رأته قبل أن تبتلعها تلك الغمامة اللعينة، وأول شئ صورهُ لها عقلها هو شكل الدماء، دمائها، فنهضت من مكانها بقوة علي حين غُرة، ووضعت كلتًا يديها علي معدتها المُنتف.... مهلاً أين ذهب! صاحت بذعر:
_أبني..... أبني فين؟ راح فين...
نهضَ يحتضن كتفيها يُطمئنها قائلاً بسعادة:
_حمدالله على سلامتك، يوسُف في الحضّانة أنتِ ولدتي يا حبيبتي!..
نظرت لهُ بذهول تام تحاول الاستيعاب تسأله بعدم تصديق:
_بجد يعني أنا خلاص كده ولدت خلاص....
هز رأسه بتأكيد ومازالت البسمة مُرتسمة علي ثغره:
_أيوه خلاص ولدتي...
_طيب هو فين، عايزة أشوفه هاتلي أبني يا عُمر...
_يا حبيبتي بقولك في الحضّانة اهدئ أنتِ بس وأنا هجبهولك حاضر...... أستني
تركها وخرج إلي الطبيب لكي يُخبرهُ أنها أستفاقت، لكي يأتي للإطمئنان علي صحتها......
❈-❈-❈
. "بعد مرور شهر".
فتحت الباب ببُطء مُترجلة إلي الداخل بعد يومٍ شاق، وحافلاً بالأعمال، رمت بحقيبتها بإهمال علي الطاولة المُجاورة للباب، وأرتمت بجسدها علي أول مقعد وقعت عينيها عليهِ، الحرارة مُرتفعة للغاية فالخارج كادت تنصهر بالمعني الحرفي.......
أن خرجَ ماردً من المصباح الآن وسألها عن أُمنيتها فتلك اللحظة، حتمًا دون أدني تفكير ستقول حمامًا باردً يُنعش جسدها الذي قاربَ علي الذوبان من شدة الحرارة، وهذا ما نوت فعلهُ، نهضت سريعًا إلي المرحاض.......
وبعد تقريباً نصف ساعة قضتهم أسفل المياه الباردة، خرجت مُرتدية روب الإستحمام، وبيديها منشفة صغيرة تُجفف خُصلاتها بها، أتجهت إلي حيث دولاب ملابسها، وأخرجت بيچامة صيفية فضفاضة ومُريحة من القُطن، من ثم أرتدتها، وجلست علي سريرها وعلي قدميها حاسوبها تُتابع بعض الأعمال المُتراكمة عليها، حيث أنها توظفت مُنذ فترة في إحدي شركات الأدوية.......
وبما أنّ اليوم، يوم الخميس وغدًا عُطلة رسمية، إذًا فهذهِ فُرصة جيدة لكي تُنجز أكبر قدر مُمكن من الأعمال المُتكتلة علي رأسها......مؤخرًا أصبحت حياتها هادئة للغاية، يومها يتلخص في أنها تُقضي نصفهُ فالعمل والنصف الآخر أمّا نائمة، أو تتسكع علي مواقع التواصل الاجتماعي، نعم هي هكذا مُرتاحة والحياة تسير في وتيرة هادئة، وقد أنسكبت تلك الهموم من فوق رأسها وأصبحت أكثر راحة.....
وعملها تُحبه بعيدًا عن أنه مُتعب قليلاً، لكنها تُحبه ومُمتنة جدًا له، لأنه لولا ذالك العمل لكانت ظلت بمكانها تُناظر الخيبات، خصيصًا بعد معرفتها بزواج "علاء"، لم تكن حزينة إلي هذا الحَد هي بالأساس أكتشفت أنها لم تُحبه بل فقط أحبت أهتمامه بها وحبُه لها الذي أوهمها بهِ، ولأنها لم تُجرب من قبل شعور الحُب، ففسرت مشاعرها علي أنها حُب وحُبٍ كبيرًا أيضًا، يا لهُ من وهم وضعت نفسها به وصدقته........
وأكبر دليل علي أنها لم تُحبه بالقدر الكافي لتسميتهُ حب حقيقي، أنها فقط يومين وتخطته كُليًا ورمته وراء ظهرها، فحقًا هي تشمئز من سخافتها كيف أوهمت نفسها بهذا الهُراء، يمكن أن يكون هو فعليًا أحبها مع أنها ليست مقتنعة الآن، لكنه لم يتمسك بها بالقدر الكافي نعم هي من ذهبت وخُطبت لغيره لكنه لم يستمع لها ولا كان يود فهم أي شئ، وظل متمسكًا بفكرة أنها خائنة وغدرت بهِ.....
حقًا ليست حزينه، هي فقط تشفق عليهِ، نعم تشفق عليهِ، تشفق عليهِ أن كان تزوج من أخري بهدف الأنتقام منها ليس إلا، حقًا هكذا سيكون رميَ بنفسهِ إلي التهلكة، هو ومن تزوجها، يكفي هكذا انه صفحة وقد أُغلقت لا داعي للتفكير بها مرة أخري...
هي الآن تعيش حياة مُستقرة كل ما تسعي اليه هو التفوق بعملها والأخلاص فيهِ، لكن مهلاً، نعم حياة هادئة والأوضاع مُستقرة، لكن لازالت دومًا تشعر أنّ هُناكَ شيئًا ناقصًا، شئ ما يستمر فالحدوث وهي لا تستطيع تحديده....
أيعقل أنها تحن لـ "عماد" أوه تبًا كيف لها أن تحن وبأي وجهِ تحن لهُ وهي من رمته خلف ظهرها دون الألتفات له مع أنها تعلم جيدًا أنه يُحبها جدًا، من المُمكن أن نقول أنها كانت غبية، غبية جداً جداً، تُرى كيف حالهِ الآن، أمازال يُحبها، تبًا لما مرة أخري بأي حقٍ تتسأل من الأساس......
أيمكن أن نقول أنها أدركت في وقتٍ مُتأخر أنها مفتقداه، نعم شيئًا غريب هي نفسها مُستغربة للغاية، لكن هي حقًا تفتقده، أنه لم يمكث معاها فترة طويلة، لكنه أفني كثيرًا في أظهار لها كم هو يحبها، كان يهتم بها بشكلاً كبير حتى أنه كان ينتبه لكل شيئًا بها وكل تفصيلة، هي نفسها لا تنتبه لها، أحاديثه المُغازلة التي كانت تقابلها هي بالجفاء أصبحت تفتقدها، رسائله الكثيرة اصبحت تفتقدها....... أصبحت تفتقده هو شخصيًا، لا تعلم ما أصباها، لكن... لكن هل من المُمكن أن تكون قد أحب.......... لا لا لا كيف لها أن تحبه بالتأكيد هي فقط تشعر بتأنيب الضمير فقط لا غير نعم أنه الضمير اللعين ليس إلاَ، أنها كارثة كبيرة لا محالة أن كانت ما تحمله بداخلها حُب، حُب جاء في وقتٍ خطأ، خطأ جدًا، لماذا نستفيق فالوقت الخطأ لماذا؟!.
يتبع