نوفيلا جديدة قلبي يحدثني لهاجر التركي - الفصل 3 - الثلاثاء 4/6/2024
قراءة نوفيلا قلبي يحدثني كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
نوفيلا قلبي يحدثني
نوفيلا جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة هاجر التركي
الفصل الثالث
تم النشر الثلاثاء
4/6/2024
في اليوم التالي سارت" رانيا "بصُحبة" إسراء "، مُتجهين إلي النادي الرياضي، بعد أن تناولوا وجبة الغداء في منزل" رانيا"، وبعدها هبطوا للذهاب للنادي لمُقابلة باقي أصدقائها القدماء، كانت تسير في التراك بتوتر وقلق، لا تعلم لماذا لكنها متوترة، متوترة من رؤيتهم بعد كل هذه المُدة بالطبع سيسألون أين أختفت؟ وماذا حدث لها هي بالطبع لن تود أن تقول لهم شيئًا،هي لا تود أن تتذكر أي شئ مضي،لقد أغلقت صفحة الماضي تمامًا وبمجرد الحديث من قِبَل أي حد تنزعج وتغضب .......
للحظة توقفت بمكانها فجأة، لأنها شعرت برهبة أجتاحتها فجأة هكذا علي حين غرة، فتوقفت "إسراء" هي الأخري تعقد حاجبيها تسألها بقلق:
_في أي؟
_أنا خايفة!.
تنهدت قائلة لها بإبتسامة صغيرة، تُطمئنها أنها ستتولي الأمر:
_ متخافيش أنا عارفة أنا هقول لهم أي؟ هنقول أنك سافرتِ أي حتة ولسة راجعة.... يلا متخافيش بقا، تعالي هتتبسطي معانا أوي، ده أحنا شلة مرووشة......
بادلتها الإبتسامة تلقائيًا، ثم أمسكت بيديها يسيرون إلي المكان المُخصص لتقابلهم، والذين يتقابلون بهِ دائمًا...... ظلت تدعوا بداخلها أن تمر تلك المقابلة علي خيرٍ.
❈-❈-❈
أقترب "إسراء" بمُفردها أولاً، وجدتهم جميعًا جالسون يتسامرون في أمور عدة، وما أن رأؤها رحبوا بها، فأبتسمت بإتساع قائلة:
_عاملة لكم مفجأة؟
أنتباهم الفضول، فهتف "مازن" صديقهم، من نفس سن "إسراء"، وقد كان فتي طويل القامة وبملامح وسيمة شقراء:
_أي نويتي تحلقي شعر الخرفان ده!؟
طالعته بنظرات نارية، ثم هتفت بغيظ:
_تعرف تسكت أنتَ دلوقتي....... بقولكم مفجأة مفجأة؟
سألتها" نانسي"بفضول:
_أيوه أي هي قولي.....
لفت خلفها قائلة:
_تعالي يا رانيا!.
تقدمت منه "رانيا" بملامح متوترة قليلاً، وكل ثانية تُحكم أغلاق معطفها علي جسدها الضئيل وكأنها هكذا تستمد القوة، رسمت إبتسامة قلقة بعض الشئ، وتقدمت منهم، فتحت "نانسي" و "سلمي" عينيهم علي وسعها بصدمة، هل هذهِ حقًا صديقتهم "رانيا"، لكنها تغيرت كثيرًا كثيرًا، أنتفضت الفتاتان يهرولن إليها بعدم تصديق يحتضونها ويُرحبون بها، صاحت" سلمي"قائلة بصدمة:
_رانيا حمدي؟ أي الغيبة دي؟ يلهوي أتغيرتِ جدًا بقيتِ مزة يا بت....
غمزت بطرف عينيها بشقاوة في نهاية حديثها، أحمرت وجنتي الأخري بخجل، من حديثها وخصوصًا أن هناك رجال لا تعرفهم يجلسون معهم، ظلوا ينهالون عليها بكثيرًا من الأسئلة، أين كنتِ؟ وماذا فعلتي؟ وكيف جئتي؟ وأسئلة من هذا القبيل........
نقذتها "إسراء" عندما لاحظت توترها الواضح،من كثرة هذه الأسئلة، فتدخلت قائلة بلُطف:
_بعد أذنكم ياختي أنتِ وهي، براحة علي البت دي لسة جاية من سفر بقالها يومين بس، كانت مسافرة دُبي ولسة راجعة..... تعالي يا رانيا لما أعرفك علي باقي الشلة....
سحبتها من يديها، من وسطهم، ثم أقتربت من "جلال" و"مازن" الذين يتابعون ما يحدث بفضول، وبنفش الوقت مُستغربين من هذهِ، هتفت "إسراء"، تُعرفهم عليها:
_أقدم لك جلال أبن خالة نانسي أكبر مننا بس هو عضو معانا هنا في الشلة الفاسقة دي؟ وده مازن راضي معانا برضو في الشلة.... ودي رانيا حمدي صحبتنا من أيام ثانوي، بس هي سافرت بعد الثانوية.....
نهض الأثنين يسلمون عليها، مد" جلال"يدهُ أولاً وصافحها بهدوء، مع إبتسامة هادئة ودودة، بينما "مازن" صافحها وظل مُمسكا بيديها وهو يتحدث يقدم نفسه علي طريقتهِ الخاصة:
_مازن راضي... 22سنة لسة هتخرج من كلية الآداب السنة دي، و..... سنجل لسة!.
قال كلماتهِ الأخيرة بنبرة ذات مغذي، فسحبت هي يدها من يده بتوتر، حمحمت قائلة:
_أهلاً.....
بينما لاحظت نظرات "سلمي" النارية الموجهة ناحية "مازن" والتي كادت تحرقه بنظراتها، لكنه طالعها ببرود
بعد ساعتين قضوها معهم، ها هم خرجوا من النادي مُتجهين إلي حيث ركنت "إسراء" سيارتها، أغلقت باب السيارة بعد دخولها، قائلة تسأل الأخري الجالسة علي المقعد المجاور لها:
_مالك، أي متبسطيش؟
_لا بالعكس دول لُطاف أوي، بس... بس إللي أسمه مازن ده مش مرتاحة له!.
قهقهت قائلة:
_لا لا، هو مازن كده علي طول، يا بنتي ده أصلا مُرتبط بـ سلمي؟
عقدت حاجبها بدهشة تسألها:
_أي ده، أومال بيقول ليه أنه سنجل!
_لا ده هو بيحب يغيظ سلمي شوية تلاقيهم متخانقين علي حاجات تافهة كالعادة بتاعتهم؟يلا تعالي هوصلك...
❈-❈-❈
مر أسبوعين كاملين علي هذا النهج، كل يوم تخرج إلي النادي الرياضي ولا تأتي إلا مساءًا، أحينا تتواجد بصُحبة الشلة التي توطدت العلاقة بينهم قليلاً وأصبحت تألفهم لكثرة تواجدها معهم الفترة الماضية،لكن لازال هناك رهبة طفيفة، وأحينًا تذهب بمفردها للعب الرياضة أو المشي، وكل يوم تتناول وجبة الغداء هناك، عاشت أسبوعين خالين من أي ضغط نفسي أو تعب، عادا والداتها بالطبع لكنها لم تكن تهتم لكلماتها أو تأخذها بـ عين الأعتبار لأنها تعلم أنها تقول هذا فقط لأنها حزينة علي تركها لأطفالها وخرب بيتها كما تقول، أي أم كانت ستفكر هكذا في هذا الموقف.....
لكنها قد وعدت نفسها بأن تكرس حياتها من أجلها فقط، من أجل سعادة "رانيا"،" رانيا"التي لم ترا يومًا جيد مُنذ اليوم الذي ظهرت فيهِ نتيجة الثانوية العامة، عندما رفضت والداتها أن تجعلها تُكمل دراستها الجامعية قائلة بأن الفتاة ليس لها إلا بيتها وزوجها وأسرتها، وبضغط عمها علي أبيها بجانب زن والداتها، رضخَ لرأيهم ومنعها من التكملة، وبعدها بشهر واحد فقط تمت خُطبتها علي "محمود" ذالك الشاب الذي تقدم لها من طرف عمها، ولم تجلس معه سوى مرات تُعد علي الأصبع، وتم زواجهم بشكل سريع، وكأنها عالة عليهم ويودون أزاحتها.......
لتنتهي حياتها في بيت أبيها، وتبدأ حياتها الزوجية التي لم ترا السعادة فيها يومًا، فقد تغير"محمود "تغييرًا جذريًا من حيث كل شئ، كانت تسمع أن الرجال بالفعل يتغيرون بعد الزواج عن فترة الخطبة، لكن ليس لهذهِ الدرجة، لقد تغير كُليًا بالمعني الحرفي، أوقات كانت تشعر أنه تبدل، وأن هذا الذي معها ليس محمود الخلوق والمُحترم أبن الحسب والنسب، الذي كان معاها في فترات الخطوبة التي دامت لستة أشهر فقط، كانت مُنجذبة له بالبداية كطبيعة أي فتاة عذراء في تلك المشاعر والعاطفيات....
وهو لم يكن يبخل عنها، كان يُغدقها بكلماتهِ المعسولة والذي بحكم خبرتهِ يعلم مدي تأثيرها علي فتاة هو أول راجل بحياتها بعد والداها وشقيقها، كانت تصدقه، وتعلقت به بفترة وجيزة جدًا، وقد برعَ هو بجعلها تتعلق بهِ، لم يبذل معها جهدًا كبيرًا هي بالفعل لا تعلم أي شيء عن تلك المشاعر ويعتبر كانت فترة مراهقتها وهو عرفَ كيف يستغل هذا في صالحهِ......
كانت ترسم حياتها الوردية معهُ مُعتقدة أنه يذوب بها حُبًا، وكأي فتاة بمثل عمرها، كانت تتوقع أنه سيأخذها من نعيم أبيها إلي نعيم أكبر، وأن حياتهم ستكون مُمتلئة بالرومانسية، لكنها وقعت علي جذور عُنقها وأخذت الصدمة الكبيرة بعد الزواج، ورأت تحوله إلي أسوء إنسان رأتهُ بحياتها أذاقها المرار ألوان، أهانة وضرب وخيانة، وكانت هي صامتة، صامتة لأنها لا يصح أن تتحدث أو تبوح بأسرار منزلها، وأن الزوجة الجيدة عليها التحمل والصبر...... ونعم صبرت، صبرت إلي حين كادت تفارق الحياة من شدة حزنها وقهرها علي نفسها...
❈-❈-❈
بعد أن ظلت لساعة تمارس رياضة الركد حول التراك، شعرت بالتعب فأكتفت بهذهِ الساعة وعادت إلي حيثُ طاولتها مرة أخري، أخرجت زجاجة المياه خاصتها، ترتشفُ منها، من ثم ذهبت أولاً لتبديل ملابس الرياضة المُلتصقة علي جسدها بفعل تعرقها، ومن بعدها عادت إلي طاولتها......
كانت قد فكت عُقدة شعرها، وتركتهُ بحرية منسدل يصل طولهِ إلي ما بعد رقبتها، يكاد يلمس كتفيها، وأرتدت ملابسها التي أتت بها، المكونة من بنطال أزرق اللون ومن فوقهِ سُترة بيضاء رقيقة......
ظلت بمكانها تُتابع المارة من حولها، كان اليوم مُشمس لم يكن الطقس باردًا، لذا بقيت لوقتٍ أطول، هي بالفعل كانت تحتاج إلي تلك الجلسة مع نفسها، خصوصًا أن الشلة هُم الآن بفترة أمتحانات، أمتحانتهم علي وشك الأنتهاء، عادا "جلال" لقد كان هو الوحيد الأكبر بينهم فكان يبلغ من العمر الثلاثون، نعم هي أيضًا صُدمت عندما أخبرتها "إسراء" بـ سنهِ، كانت تظن أنه أدني شئ سيكون أكبر منهم بعام أو عامين علي الأقل، لم يظهر عليهِ أبدًا أنه كبير وفي عُمر الثلاثينات، مظهرهِ لا يُوحي بهذا قط، أنه ذو روح شبابية علي ما تظن أكثر منهم هما، يملك روح مرحة، يحب الضحك جدًا، ولكن يعلم متى يكون جادًا، أنه يُعتمد عليهِ ذو شخصية قوية ومُستقلة هذا بجانب شخصيتهِ المرحة طبعاً......
ضحكت بداخلها علي نفسها، تبًا لها كيف لها أن تنتبه لكل هذهِ الصفات، أنها قامت بتحليلهِ وتحليل شخصيتهِ وكأنه تعيش معهُ لفترة طويلة، لكنها بالفعل قد عرفت كل هذا بمحضِ الصدفة فقط ليس إلا.....نعم أنها فقط صدفة، مجرد صدفة، أذًا لماذا ستنتبه له من الأساس....
_قاعدة لوحدك لي؟
صرخت فجأة بفزع وهلع وقد وقع قلبها بين قدميها من شدة خضتها، ما أن رأتهُ هكذا ظهر أمامها من العدم ودون مقدمات، وضعت يديها علي موضع قلبها الذي يدق بعنف أثر فزعها، وأيضا أنفاسها أضطربت، أستغرب هو كثيرًا ماذا قال لها لكل هذا، أنها غريبة بالفعل منذ أن رأها وهو يشعر أنها غريبة تتعامل معهم بحذر شديد وكأنهم بهم مرض معدي، وهنا يتحدث عنه هو وعن "مازن"شكله أخطأ عندما قرر التحدث إليها........
شعرت بالخجل الشديد منه جراء رد فعلها المُفزع هذا، لكن ماذا تفعل أنها كانت تفكر به منذ لا يقل عن دقيقة، وهكذا تراه يظهر أمامها من العدم، حمحمت بخجل قائلة:
_أنا آسفة.... آسفة جدًا!.
طالعها بإستغراب قائلاً بهدوء:
_لا علي أي؟ أنا إللي آسف شكلي خضيتك فجأة كده!.
_كنت سرحانة شوية فعلاً، أتفضل واقف لي؟!
سحبَ كُرسيًا، من ثم جلس بمُقابلتها قائلاً:
_شكلي تطفلت عليكِ، أنا بس لقيتك قاعدة لوحدك يعني، أومال باقي العيال فين؟
_ لا ولا تطفلت ولا حاجة عادي، والبنات عندهم أمتحانات دلوقتي!
_آه صح.......
دام الصمت بينهم لعدة دقائق حتي قطعهُ هو حينا سألها:
_كُنتِ بتشتغلي بقا في دُبي وكده، أصل أنا ليا صُحاب هناك رجال أعمال!!.
توترت للغاية وشعرت للحظة أن معدتها تتقلص، وأن هناك ألم طفيف،وكانت هذه ردة فعل تلقائية لمعدتها عندما تتوتر، او تقلق، لم تجد ما تقوله، فأخذت تعبث بخصلات شعرها القصيرة بأضطراب، من ثم جمعت شجاعتها وتحدثت بعد صمت دام لثواني:
_لا، أنا مكنتش بشتغل أنا كنت مع أسرتي وبس مشتغلتش...
هز رأسهِ مُتفهمًا:
_أنتِ بقالك كتير هناك ولا أي، أصل ملاحظ أنك بتتعاملي مع الكل بحدود أوي، ودي غريبة شوية!؟
_أي الغريب في كده، طبيعي أتعامل بحدود مع ناس يعني مكنش ليا معرفة سابقة بيهم، يعني علي الأقل لحد منتعود علي بعض وكده!....
أبتسم بهدوء كم بدت هادئة وبسيطة، وخجولة جدًا، و..... وغامضة، غامضة بشدة يشعر دائمًا طوال تلك المرات التي جلست بها معهم أنها لا تتحدث كثيرًا لا يعلم هل هذه طبيعتها قليلة الكلام أمّ أنها فقط تخجل منهم لأنها لم تعتاد عليهم بعد، لكن لا أنها تتعامل مع الفتايات بطريقة عادية، أذًا تلك المُعاملة الثانية له هو و"مازن"......
جيد أنها لديها حدود خاصًة في التعامل مع الرجال الغُرباء وهذا شيئًا جيد غير متواجد في باقي فتايات هذا الجيل إلا من رحمَ ربي، لكن هناك شئ خفي بها يجذبهُ ناحيتها كالمغنطيس بطريقة لا إرادية، هكذا رُغمًا عنه يجد نفسه يراقبها دائمًا وهناك طاقة خفية تدفعه للتعرف عليها أكثر وكشف أسرارها،يود أن يعرف ما وراء غموضها هذا، هذا الغموض الذي يجذبه بطريقةٍما لذيذة.....
أعتدلَ في جلستهُ وقد مد جزعهِ الأعلى تجاهها قائلاً:
_طيب ما تتعرفي علينا أي المشكلة؟.
❈-❈-❈
فاليوم التالي أتفقوا علي الخروج إلي إحدي المطاعم، ووقع الأختيار علي مطعم قد تم فتحه مُنذ مُدة قليلة، كـ تجربة جديدة،وكان هذا المطعم أختيار "جلال"، حيث أقترح عليهم أنّ يقضون السهرة بهِ، وقد كان أختيارهِ موفق فـ في تمام التاسعة مساءًا، كانوا قد أجتمعوا جميعًا وتقابلوا أمام المطعم، كان يكمن بمكان هادئ نوعًا ما، وبمنطقة هادئة خالية من الضجيج، وبالداخل كان مُنظمًا وشكلهِ راقي وجيد، وقد أعجبهم جميعًا.........
ألتفوا حول طاولتين، قد تم ضمهم سويًا، لكي يُناسبان عددهم، وبعد قليل جاء النادل يأخذ طلباتهم أقترح عليهم" جلال"قائلاً:
_المطعم هنا بيقدم طبق مُميز، أي رايكم تجربوا....
وافقوا، فطلب من النادل، أن يُحضر لهم جميعًا طبق المطعم المُميز، وبعد عدة دقائق قضوها في الثرثرة في الأ شيء، حول رأيهم بالمكان، وأشياء أخري، بينما كانت"رانيا"تجلس صامتة طوال القعدة، لم تقول شيئًا، تُتابعهم بنظراتها الصامتة فقط لا غير، لازالت تشعر أنها غريبة بينهم، وتخشي التعامل معهم، تشعر بالرهبة تجاههم، وهم أيضًا يشعرون بغرابتها وأنطوائها علي نفسها، وقد لاحظوا أنها تتجنب الأحتكاك بهم، ولم يضغطوا عليها، فتركوها تنخرط معهم علي راحتها و، وقتما تشاء........
بعد قليل جاء النادل، ووضع أمامهم الطعام، فشرعوا في تناوله بتلذذ، بينما هي بدأت تعبث بالشوكة في طبقها بتوتر، دون أن تأكل، نظرات "مازن" المُصوبة عليها طوال القعدة تُربكها وتُشعرها بالخوف والتوتر، كان ينظر لها بنظرا خبيثة غريبة..... ومُرعبة، ما هذا بحق،كُلما تلاقت أعينهم بدون قصدها، ينظر لها بنظرات تأكلها كليًا، وبوقاحة، وبحركة تلقائية، وجدت نفسها تنكمش علي نفسها في مقعدها، ومدت يديها تُغلق سترتها البيضاء المُغلقة فعليًا، لكنها شعرت أنها عارية أمامه، بفعل نظراتهِ التي تجردها من ملابسها دون حياء، تمنت لو تنتبه"سلمي"له وترحمها من هذا التوتر والرعب الذي يبثهم بداخلها كلما نظر لها..........
رفعت عينيها، تنظر إلي الساعة الكبيرة، المعلقة علي الحائط تتمني لو ينقضي الوقت سريعًا وترحل من هنا.....
_مالك يا رانيا، مش بتاكلي لي؟من وقت ما جيتي متكلمتيش خالص!؟
كانت هذهِ كلمات "جلال"، الذي لاحظ منذ وقتٍ أنها متوترة ومشدودة الاعصاب، ويظهر عليها أنها خائفة لا يعلم لماذا؟، انتبه لحديثهِ، فحمحمت بتوتر وإحراج، خرجت كلماتها بصوتٍ مُنخفض قائلة:
_لا أصل... أصل حاسة إني نعست شوية.....
نظرت لها" إسراء"بقلق، من ثم مالت عليها تسألها:
_أنتِ كويسة؟
هزت رأسها أيجابيًا، قائلة:
_آه، مفيش حاجة.....
حاولت ضبط توترها والسيطرة علي نوبة الهلع تلك، لكن جائت كلمات ذالك الوقح، تمحي بداخلها معالهم الطمأنينة، حينما تحدث بكل بجاحة وصلف:
_لا لا نعس أي بس يا مُز، ده لسة السهرة طويلة....
أمتعضت ملامحها، كيف تجرأ وقال لها هذا اللفظ، تبًا له تود لو تصفعهُ بحقيبتها لوقاحتهِ هذهِ، بلعت ما بجوفها بضيق، ولم تُجيبه، وتولي هذهِ المهمة "جلال" حيث تضايق هو الأخر من أسلوب "مازن" المُبتذل معها، هو يعرف صديقه جيدًا زيًر نساء وله طريقة وقحة متلويه في جذبهم وإيقاعهم في شباكهِ بطريقتهِ ومكرهِ، لذا هتف بهِ بضيق قائلاً:
_مازن خليك ساكت من فضلك......
_هو أنا قولت أي بس؟
قاطعتهُ "سلمي" قائلة بعصبية ونفاذ صبر منهُ ومن خيانتهِ وغبائة، هل يظن أنها مغفلة غبية لا تعي له ولأفعاله الخبيثة، هل يظن أنها لا تلاحظ نظراتهِ نحو تلك الدخيلة "رانيا" كما تُلقبها هي، مُنذ أن رأها أول مرة وهو دائمًا يركز معها ويُتابعها وكانها هي ليست موجودة، خيال غير مرئي:
_أي يا حبيبي أنتَ مش بتأكل لي؟ الكلام بعد الأكل،كُل، كُل يا حبيبي....
ضغطت بقوة علي أخر كلماتها، بينما تزجره بنظرات نارية حادة، أبتسم لها بسماجة، ثم لم يتحدث بعدها، بدأو في تناول طعامهم مرة أخري.....، دقائق وأستأذن "مازن" للذهاب للمرحاض، تبعته"سلمي"بعدها بعدة ثواني فقط..... لم يمر سوى خمسة دقائق بالعدد، وأنتفضوا جميعًا علي صوت شجار حاد، وأصوات تكسير تأتي من جهة المرحاص، وصوت"مازن"المُرتفع يملئ المكان، أنتفض "جلال" مُهرولاً إلي الداخل، كذالك عمال المكان وحتي الأناس المُتواجدين، وما هي إلا ثواني حتي وجدو "مازن" يخرج من الداخل مُمسكًا في خناق شابً لا يعرفوه، وأخذ يصدد له اللكمات المُتتالية بشراسة وغضب
صارخًا بهِ بقوة وعروقهِ أصبحت بارذة من شدة غضبهِ الذي كاد يعميه ولا يعلمون لماذا:
_أي يا روح أمك ما تنشف كده،أي مش كنت من شوية عاملي فيها أبن أبوك وبتعاكسي قدامي يا زبالة، أي فاكرني سوسن يا حيلتها؟!....
تبعه بضربات عديدة في جميع أنحاء جسده، وكان الشاب يكاد يفقد وعيه جراء ضرب الأخر له، فكان الشاب هذيل ذو جسد نحيل، وهذا يتناقض تمامًا مع جسد وبنية"مازن"الرياضية والمُتكدثة بالعضلات........ تدخل"جلال"يحاول أنتزاع الفتي من أسفله قبل أن يفقد وعيه، فكان "مازن" في حالة لا يُرثي لها من الغضب الذي عماه الآن، ومن خلفهم "سلمي" تبكي، ومُنهارة.......
صاحت به تترجاه أن يتركه:
_مازن أبوس أيدك كفاية، خلاص كفايه علشان خاطري كفاية بقا.....
انهارت تبكي بحُرقة، بينما الأخر حاول بكل قوته الفصل بينهم، فصاح بهِ"مازن"يُبعده عنه:
_سيبني يا جلال.... ده أنا هشرب من دمه فاكرني سوسن وهسكت له، ده أنا هطلع روحك في أيدي يا حيوان
_مازن بقولك سيبه خلاص سيبه، كفاية اللي عملته...
وكأنه لم يستمع لأي شئ، وظل مُمسكًا بهِ، نهض الشاب بعد أن أستجمع قواه أخيرًا، وأنقض علي"مازن"ولكمه لكمة قوية في وجههِ علي حين غرة، مُستغلاً إنشغالة، حينما حاول "جلال" أبعاده عنه وتهدئته، كانت ضربتهِ قوية جعلت الدماء تسيل من أنف وفم"مازن"هرولت إليه "سلمي" وكادت تموت رعبًا، بينما حاول هو ضربه مرة ثانية إلا أن الأمن جاءو أخيرًا وفصلوا بينهم...........
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة هاجر التركي، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية