قراءة رواية براديسيا (التميمة الملعونة)  كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

رواية براديسيا (التميمة الملعونة)

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة بسمة بدران

الفصل التاسع

2

تم النشر يوم الثلاثاء

25/6/2024

تسير بخطوات بطيئة وهي تشعر بالسعادة والخجل معا 

فلا تصدق بأنه كان على وشك تقـ بيلها 

استنشقت الهواء بقوة وكأنها تستشعر حرارة أنفاسه العطرة 

نظرت حولها فوجدت نفسها تسير في الحديقة الخلفية للقصر 

وعلى الرغم من الظلام الدامس الذي يحيط تلك الحديقة وقلة الحرس لكنها أكملت طريقها 

فالسعادة التي تشعر بها أقوى من أي شعور يراودها في تلك اللحظة 

دقائق لا تعرف مداها وهي ما زالت تتجول 

لكنها سرعان ما أطلقت صرخة مدوية وهي ترى جـ سد امرأة يفترش الأرض ودماء غزيرة تغطيه 

❈-❈-❈

قطع الردهة ذهابا وإيابا وهو يتفقد ذلك الخادم الأبله فهو تأخر كثيرا 

أخبره بأنه سيغيب لوقت قصير لكنه تجاوز السبع ساعات تقريبا 

زفر بقوة وألقى بجـ سده فوق أقرب مقعد مغمغما بحنق: أين ذهبت يا شعيب؟

فأنا اشتقت لقهوتك كثيرا 

ثواني واستمع إلى صوت طرقات ناعمة فوق بابه 

على الرغم من الدهشة التي اعترته لكنه هب واقفا عازما التعرف على هوية الطارق 

فربما عاد خادمه الأبله 

فتح الباب فاتسعت حدقتاه في دهشة وهو يراها تقف أمامه ترمقه بنظرات كارهة 

وقبل أن يسألها عن سبب زيارتها أبصرها تخرج خنجر كبير من بين ثيابها وتشهره في وجهه 

❈-❈-❈

تجمهر جميع الحرس على أثر صراخها المتواصل

جحظت أعين الجميع في صدمة وهم يرون امرأة مدرجة بدمائها 

صمت الجميع من هول ما رأوا 

فتحدث كبير الحرس أخيرا: ما الذي يحدث هنا؟

هذه الجريمة الثانية في قصر الملك تميم 

أردف بأمر مخاطبا أحد الحرس: اذهب إلى جناح الملك تميم وأخبره بما حدث على الفور 

انصاع الحارث لأمر سيده وهرول يلبي طلبه 

بينما نور جلست على عقبيها تنتحب بقوة واضعة كلتا يديها على وجهها 

حاول كبير الحرس مساعدتها على النهوض لكنها أبت التحرك من مكانها وهي تهز رأسها بهستيريا 

فهذه أول مرة ترى جريمة من ذلك النوع 

ثواني وأتى والدها على أصوات الجلبة التي تحدث في الحديقة الخلفية 

شعر بالفزع وهو يبصر ابنته الصغيرة تجثو على عقبيها وتضع كلتا يديها على وجهها وصوت بكائها يصم الآذان  

دنا منها بخطوات واسعة ينتشلها بين أحضـ انه رغما عنها ويربط فوق خصلاتها وظهرها صعودا وهبوطا كي تهدأ 

ظل هكذا حتى هدأت شهقاتها 

جذبها برفق من وسط الحضور وسار بها باتجاه الملحق الخاص به وهو يشعر بالأسف بما يحدث في ذلك القصر الذي بات حقلا للدماء 

❈-❈-❈

أصابها الذهول وهي تبصره يقف أمامها بكل شموخ يرمقها بنظرات ساخرة 

وكأنه يخبرها بنظراته تلك أنها أجبن وأضعف من فعلها 

وبالفعل هي كذلك 

لم تحمل سلاحا يوما لطالما كانت هادئة ومسالمة 

لكن عليها أن تأخذ بثأر أختها من ذلك القاتل المجرم 

الذي قتلها بدم بارد ودفنها بيده تحت التراب 

حتى إنه رفض أن يخبر أحدا مكان قبرها 

لذا عليها أن تتشجع وتقتله في الحال 

حتى لو كان ثمن هذا هو قتلها 

لا يهم المهم أنها ستجعل روح أختها تستريح 

عزمت على طعـ نه عدة مرات في أماكن متفرقة من جـ سده 

وبعدها ستمثل بجـ ثته 

رفعت يديها المرتعشة لكنها بقيت معلقة في الهواء 

فما زال ذلك المستفز يقف مكانه وكأنه يخبرها أنه لا يخشى الموت 

وحقيقة من يراه يظن أن الموت هو الذي يخشاه وليس العكس 

أطلقت صرخة مدوية عندما شعرت بأحدهم يقبض على رزغها من الخلف 

وما كان هذا سوى شعيب الذي أتى للتو وشاهد تلك المرأة وهي تحاول قتل سيده 

حاولت فك يدها من قبضته لكنها لم تفلح 

بل شعرت بيده الأخرى تكبل خصـ رها مما جعل الفكاك منه مستحيلا 

وحتما ستأخذ عقابها وهو الموت 

فمن يتعدى على ضيف مملكة النورس معروف أن الموت هو مصيره المحتوم 

أما عن الأمير عروة فقد بقي مكانه يشاهد ذلك العرض المسلي بالنسبة له بابتسامة صغيرة 

لوهلة شعر بالشفقة على التي تصيح بقوة وتهذي بكلمات غير مترابطة: اتركني اقتله ذلك المجرم الذي حرمني من أختي الوحيدة 

هيا اتركني اتركني 

استطاع شعيب أخز السلاح منها ومن ثم أفلتها برفق هادرا بعنف: اجننتي أيتها الفتاة كيف تتجرئين على سمو الأمير عروة؟

سترين سآخذك بنفسي إلى كبير حرس المملكة 

يجب أن تعاقبي وبشدة لتكوني عبرة لمن لا يعتبر 

ارتعدت أوصالها من مجرد تخيل ما سيحدث معها 

لكنها فتحت فمها بصدمة وهي تستمع إلى ذلك المجرم يخاطب خادمه: اتركها وشأنها يا شعيب 

رمقه بدهشة 

فاستطرد: قلت لك افعل ما أمرك 

هيا أخرجها واغلق الباب خلفها فأنا أشعر بالنعاس 

انصاع شعيب لأوامر سيده وأخرجها مغلقا الباب من خلفها وهو يبتسم باتساع هاتفا ببلاهة: هيا اشكرني يا سمو الأمير لقد أنقذت حياتك للتو 

فأنا أردت أن أكون مشهورا مثلك 

عدني بأنك عندما تعود إلى براديسيا ستخبر الجميع بما حدث الليلة 

هز الأمير عروة رأسه باستسلام 

فيبدو أن ذلك الأبله لن يجعل ليلته تمضي في سلام 

لم يجد بدا سوى إيماءة خفيفة من رأسه دليلا الموافقة على حديثه مما جعل الآخر يصفق بحماس ويثرثر كثيرا ويتساءل عن هوية تلك المرأة 

❈-❈-❈

هراء كل ما يحدث الآن هنا مجرد هراء 

كيف لجريمة بشعة كهذه ترتكب في منتصف قصري؟

هيا أجبني فورا يا كبير الحرس 

التقصير عند من؟

نكس كبير الحرس رأسه أرضا مغمغما باسف: اعتذر يا جلالة الملك 

حقيقة تلك المنطقة بالذات يتواجد بها حرس قليلون لأننا نركز على المداخل الرئيسية للقصر 

اعلم أن هذا خطأنا نحن لكن اسمح لي أن أتساءل كيف لجارية مثل صفية أن تأتي لذلك المكان  في وقت متأخر كهذا؟

ألا ترى جلالتك أن هناك شيء مريب يحدث هنا؟

وبالتحديد في ذلك الوقت 

أقصد بعد وفاة أشرقت بيومين 

صمت الملك يفكر مليا في حديث كبير الحرس 

كبير الحرس محق يا جلالة الملك تلك الجارية لها يد في موت أشرقت 

ومن أمرها بالقتل قتلها كي لا توشي به لديكم 

تلك الكلمات هتف بها الأمير حكيم الذي انضم لهم الآن 

أومأ الملك تميم متفهما 

فيبدو أن حديثهما مقنع بشكل كبير 

ألقى نظرة جانبية فوق الجـ ثة وهز رأسه باسف مخاطبا كبير الحرس بأمر: خذ تلك الجارية وأدفنها في المدافن الخاصة بالجواري على الفور 

بينما الأمير حكيم دنا منها وبصق بقوة فوق جثمانها هادرا بغل: من الجيد أنك متي يا حقيرة 

صدقيني لو كنتي على قيد الحياة لكنت قتلتك ألف مرة 

رمقها باشمئزا ومن ثم سار بخطوات واسعة إلى الداخل 

فالآن قلبه ارتاح نوعا ما فهو على الأقل عرف بقاتل حبيبته وطفله 

وليس هذا فحسب بل قتلت بطريقه بشعة كما فعلت مع جاريته أشرقت