-->

رواية جديدة حان الوصال لأمل نصر الفصل 7 - 1 - الخميس 17/7/2024

  


قراءة رواية ما بين العشق والهوس كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية حان الوصال

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر

الفصل السابع

1

تم النشر يوم الخميس

17/7/2024



زمجرة بغليل خرجت منها،  تدفع محتويات مكتبها على الارض بعنف اصدر ضجيجًا دوي في أنحاء المنزل،  حتى اجفل والدتها من خارج الغرفة، لتدلف اليها سائلة بجزع تستكشف الأمر:


- يا نهار اسود، ايه اللي حصل يا لورا؟ 

التفت إليها ، قابضة على شعر رأسها تكاد ان تقتلعه مرددة:

- مفيش حاجة حصلت يا ماما، المصيبة ان مفيش حاجة حصلت؟ ودا اللي هيجنني وبيخليني اسأل نفسي كل دقيقة، انا ايه اللي ناقصني عشان ما يشوفنيش؟ ليه دايما حاططني في خانة القرايب او الموظفة اللي عنده، امتى بقى يحس بيا؟ حتى يرحمني من النار اللي بتاكل فيا وانا كل لحظة يدور عقلي بالهواجس، انه يبص لواحدة غيري  ولا يفكر في الجواز، هتجنن يا ماما هتجنن.


دفعت في الاخيرة احد المقاعد تسقطها بقدمها، قبل ان تخور قوتها وتسقط على الاخر، بمشهد اثار استفزاز والدتها:


- يعني انا افهم من كدة، ان الجنان والتكسير والبهدلة دي كلها، عشان الباشا اللي مش راضي يعبرك ولا يحس بحبك،  ما عنه ما اتنيل، هي خلاص الرجالة صفصفت عليه ؟ الدنيا حواليكي مليانة شباب زي الورد، لكن انتي اللي عميتي نظرك ووقفتي الرؤية عليه هو بس.... فوقي يا حبيبتي قبل الوقت ما يسرقك، ويضيع عمرك بالقعدة جمبه. 


طالعتها بحنق متعاظم، تخاطبها بعتب:

- شكرا اوي يا مامي ع المؤازرة، دا بدل ما تقفي جمبي وتدليني على طريقة تقربه ليا. 


لطمت والدتها كفيها ببعضهما،  لتتخصر ناظرة اليها بقنوط، قابلته لورا بضحكة ساخرة:

- شوفي انتي بتتكلمي ازاي عن إنى اسيبه واشوف غيره بكل سهولة، ومتعرفيش اني بقيت اغير عليه من الخدامين يا مامي، تصدقيها دي؟ انا حالتي بقت متأخرة في حبه، ودوايا هو.


هذه المرة حلت الابتسامة على ثغر والدتها، ولكن بمرارة على حال ابنتها:

- يبقى انتي كدة هتحصلي والدته يا قلبي، ما هو اللي ضيع نجوان هو الهوس بجوزها، اللي هو صورة من ابنه، بس ع الاقل حكيم رغم كل عيوبه كان بيحب مراته، انما انتي يا حلوة،  حجتك ايه؟ مهووسة بحب راجل مش حاسس بيكي من الأساس. 


وعلى عكس ما توقعت بعدما حدثتها بالمنطق، جاءها رد ابنتها بتصميم وتشبث:

- عشان طنت نجوان كانت ضعيفة يا ماما، يبقى تستاهل اللي حصل لها، انما بنتك بقى...... 


توقفت تضع قدما فوق الاخرى، تردف بثقة:

- قوية، وقوية اوي كمان، وعمرها ما هتتنازل عن حلمها . 


❈-❈-❈ 


دلفت تتبعه حينما دفع الباب ليتوقفا الاثنان بمدخل الغرفة، فيشير لها بيده نحو الأخرى، وتفاجأ برؤيتها؛ متكومة على الفراش، تحتضن ذاتها من ركبتيها الى صدرها،  وكأنها طفل صغير، أضاع والديه، وتاه في عالم غير عالمه الذي يعرفه، 


برغم كل ما تحمله من غضب نحوها، إلا ان مشهدها بهذه الصورة مزق قلبها ، كيف انقلبت هكذا من حالة الحالمية والشرود الجميل الى هذه المرأة البائسة التي تبدو كعجوز كسرها الحزن:


- هي ليه عاملة كدة؟

كان هذا هو السؤال الذي صدر منها في رد فعل اولي لما تراه، فتنهد هو بأسى يضع كفيه بجيبي بنطاله قائلا:

- اهي ع الحال ده من ساعة اللي حصل، في البداية كانت بتصرخ بهستيريا واحنا مش فاهمين عايزة ايه؟ فا اضطرينا نديها حقنة مهدئة، نامت بعدها،  لكن من ساعة ما صحيت وهي ع الحال ده، مش عايزة تقوم من ع السرير ولا تاكل ولا تشرب ، انا احترت معاها وبفكر جديا اوديها لأي مصحة.....


قاطعته معارضة على الفور:

- لا حرام ارجوك، الدكتور امبارح نبه على قربك منها ، وانها تحس بحبك واحتياجك ليها ، لو نقلتها للمصحة يستحيل ترجع لطبيعتها تاني ولا تخف .


لحظات من الصمت بينهم، وهو يحدق بها بنظرات لم تفهمها، وهي في انتظار رده. 

، يدهشه خوفها على والدته رغم ما فعلته معها وقد كانت على وشك الموت بسببها،  كيف تمتلك قلبًا يتسع للتسامح في امر كهذا؟

نفض رأسه يتصرف بعمليه، مقررا بذكاء منه استغلال الفرصة:


- طب انا من رأيي تقعدي معاها الاول وتحددي قرارك ، وبعدها اشوف انا الحل المناسب.

اومأت رأسها بتوتر ، لتخطو نحو المرأة المتعبة، تلك التي انتبهت عليها، لتتعلق ابصارها بها، تغشي عينيها الدموع التي بدأت تهطل بندم ورجاء، التمسته بهجة،  لتسقط جالسة بجوارها تخطابها بحيرة وعتاب :


- طب بتعيطي ليه دلوقتي؟ انا اللي حقي ازعل منك على فكرة .

اهتز صوتها في الاخير بتأثر واضح،  لتفاجأ برد فعل نجوان،  التي نهضت بجذعها مرددة بكلمات بالكاد تفهم:

- انتي مش هي، انتي مش هي .

- هي مين؟ وضحي اكتر عشان افهم؟

لم تجد اي رد منها، سوى ان فاجأتها تحتضنها بدموع صامتة، تبلل كتفيها ، تزيد من تشتتها، فتردد بإجهاد وتعب:


- طب والله حرام عليكي اللي بتعمليه فيا ده؟ انا دلوقتي اكرهك ولا احبك،  تصعبي عليا ولا ادعي عليكي عشان كنتي هتموتيني؟ انتي ايه حكايتك معايا؟


دوت عبارتها الاخيرة، برأس ذلك المتابع لمشهدهم من اوله، وكأنها تنطبق على حالته معها، تلك الحنون التي تسامحت في غضون دقائق مع واحدة لا تعرفها سوى من فترة لا تتعدى الأسابيع،  بفعل لم يقوى هو عليه مع اقرب الناس اليه،  رغم مرور السنين. 


❈-❈-❈ 


خرجت اليه بعد قليل، 

وقد بدلت ملابسها،  لأخرى التي أتت بها، بعدما جففتها لها عاملة المنزل، لتخطو نحوه وملامح التردد تعلو تعابيرها، وهو يراقبها ويتشرب تفاصيلها بشغف هو نفسه لا يصدقه، بعد سنوات لا يذكر عددها، تساوت فيها النساء مع الرجال في نظره،  لا يلتفت ولا يعطي بالا لاحداهن، مهما كانت درجة جمالها،  ومميزاتها، انما مع هذه...... يبدو ان الأمر مختلف تماما. 


- تعالي اقعدي يا بهجة. 

هتف يدعوها ، يزيح الحاسوب عن قدميه، مؤجلا العمل عليه حتى ينهي النقاش المهم معها، ليردف فور ان استجابت وجلست امامه:


- ما انا مضطر اتابع بقى الشغل من بيتي.

فهمت على مقصده من خلف الكلمات، لتعقب بأسف:

- معلش يا فندم اننا عطلناك على شغلك.


قالتها لتطرق برأسها بحرج منه، فجاء رده بمراوغة:

- والله لو ع اليوم ده وخلاص ، تعدي يا بهجة، انما المشكلة ع الايام اللي جاية بقى، لو انتي رفضتي الاستمرار،  انا بصراحة مش عارف ساعتها هعمل ايه لحد ما تقوم الدادة نبوية من رقدتها الشديدة دي.


افتر فاهاها تهم بالرد ولكنه كان الاسبق :

- انا مش بضغط عليكي يا بهجة، انتي ليكي الحرية انك تحددي قرارك، وحاجة تانية....


توقف يعطيها مبلغا من النقود في ظرف ابيض، قائلًا:

- دول حاجة بسيطة يا بهجة، وملهمش دعوة بأي شيء.


تطلعت في الظرف المغلق بعدما وضع في كفها،  يظهر مبلغا كبيرة من النقود،  لتعبر عن رفضها:

- بس دول كتير اوي وانا معملتش حاجة. 


- انتي كنتي هتروحي فيها يا بهحة، يبقى معملتيش ازاي بس؟

تمتم بها متفكهًا على غير طبيعته،  ليجبرها على الابتسام رغم توترها، فترد بخجل:

- العمر والأجل دا بإيد ربنا.

- ونعم بالله .


تمتم بها، ثم صمت في انتظار ردها، والذي جاء بعد فترة سائلة:

- طب ممكن اعرف انت هتعمل ايه معاها؟ بس من بعد اذنك يعني بلاش المصحة. 

- معنى كدة انك قررتي عدم الاستمرار يا بهجة؟


جاء ردها بحيرة ظاهرة:

- ما انا بصراحة خايفة منها بعد اللي حصل، وبرضوا صعبانة عليا، ومش فاهمة هي عملت معايا كدة ليه؟


- بس هي بتحبك والتصرف اللي طلع منها دا انا مش عارف هو حصل ازاي ، بس اللي متأكد منه، بعد اللي شوفته جوا معاكي، هو انه لا يمكن يحصل تأني. 


اشار في الاخيرة على ما حدث منذ دقائق بداخل غرفة والدته ، حينما تشبثت بها كالاطفال وبأعين دامعة،  وهذا لا يحدث الا نادرًا. 


حينما وجدها صامتة، تابع يضغط على هذا الجزء الضعيف بها:

- ع العموم لورا لساها بتدور على واحدة ، دا غير انها عرضت عليا تتكفل بيها في بيتها لحد ما الدادة نبوية تسترد صحتها .


- بلاش لورا عشان بتخاف منها. 

خرجت منها سريعا بتعبير واضح عن رفضها، ليعقب هو  بقلة حيلة لا تخلو من مكر:

- طب اعمل ايه بس يا بهجة،  ما هو يا الحل ده، يا اوديها المصحة.


- تاتي المصحة برضو؟

تمتمت بها، ثم اغمضت عينيها تستغفر ربها، وتناجيه العون ، وهو يطالعها بترقب في انتظار الرد،  والذي لم يأتي إلا اخيرا:


- طب انا هاخد الكام يوم دول لحد ما ترجع دادة نبوية ويشفي عنها يارب ، بعدها بقى،  ابقى اقرر استمراري من عدمه من عشرتي معاها. 


زفر بارتياح مغمغمًا:

- وانا مش هنسالك المعروف دا ابدا يا بهجة ، وبرضوا مش هتأخر عنك في عائد مادي تستحقيه. 


تمتمت بتوتر :

- مش مهم العائد المادي، قصاد انها متأذنيش،  ربنا يهديها عليا


الصفحة التالية