-->

رواية جديدة قابل للكتمان لخديجة السيد - اقتباس الفصل 27 - الثلاثاء 23/7/2024

 

قراءة رواية قابل للكتمان كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

رواية قابل للكتمان

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة خديجة السيد


اقتباس 

الفصل السابع والعشرون

تم النشر يوم الثلاثاء

23/7/2024

❈-❈-❈ 


راقبت بسمة من النافذه صغيرها يلهو راكض بالطريق لا يحمل هما لشيء يعانق طفولته بلا خيبات، بينما هي كُتب عليها مبكرًا أن تركض مع الحياة تصارعها لأجل صغير، ربما نحرت طفولته قليلاً إلا أنها لم تتركه وحيد وستكون راضية محتسبة أمرها لله.. وفي تلك اللحظه وجدت والدها قادم متجه نحو البنيه التي تسكن بها وكان وجهه مرهق للغاية، عقدت حاجيبها باستغراب و دخلت حتى تفتح له الباب.


وزع متولي أنظاره حوله بوهن قبل أن يقول متسائلاً بنبرة شبه مختنقة


= منذر فين!. 


أعتقد شاهين أنه يريد منذر حتي يعاتبه كعادته، لذا أجاب بنفاذ صبر 


= منذر مش هنا يا متولي ولو كنت عاوز تدي  كلمتين زي كل مره عشان مش بيسال على إبنه، فالأيام اللي جايه مش هتشوف وشه خالص 


ابتلع ريقه بألم طفيف، شاعراً بعدم الارتياح من شعوره بالذنب بالإضافة إلى نظرات الأقارب والجيران حوله التي تحولت للاحتقار، ثم هز رأسه برفض وهو يقول بصوت متعباً 


= انا مش عاوز اعاتبه ذي كل مره ولا حاجه انا عاوزه اشكره وابوس أيده كمان لو الامر لزم، و اتاسف له واستسمحوا يسامحني انا وبنتي على كل حاجه وحشه عملناها معاه، يا ريتك تدلني عليه يا شاهين او تبلغوا أن خلاص فهمت متأخر هو كان شايل عني ايه


لوي شاهين ثغره للجانب بابتسامة غير مريحة وهو يرد باقتضاب


= انا مش فاهم حاجه عايز تشكر مين! مش ده اللي كل ما تشوفني تقول لي معاك حق تشد عليه وهو عديم المسؤوليه زي ما بتقول وفاشل ومش فالح في حاجه؟ 


أخفض رأسه بخزي وحسرة قبل أن يقول بنبرة باكية


= كنت غلطان واستاهل ضرب جزمه كمان، انت خلفت راجل بجد يا شاهين والمفروض تفتخر بتربيته قدام الناس دي كلها ابنك عمل اللي مستحيل اي راجل يعمله؟ ولو كان عمل العكس برده ما كانش حد هيلومه! بس هو فكر فيا وفي كسرتي اللي بشوفها دلوقتي في عيون الناس وانا ماشي في الشوارع! وفهمت متاخر هو كان شايل عني ايه وليه ساكت و مش بيسال على الواد و كان بيستحمل كلام ذي السم برده عشاني.. آه يا ريت يسامحني يا ريت ربنا كان اداني راجل زيه وانا كنت احافظ عليه العمر كله .


حدقت فيه بسمة بنظرات قلقة، وهتفت بحذر


= بابا انت بتعيط ما تفهمني ايه اللي حصل؟ 


لمعت عيناه تأثرًا، وهو يهتف بنبرة منتحبة 


= انا عارف ان انتم ما تعرفوش حاجه بس  هتعرفوا في كل الأحوال قريب الناس عامله تتكلم في الموضوع وفي سيره بنتي من ساعه اللي حصل؟ العيل اللي ولدته غاده ما طلعش إبن منذر وهي خانته وهو عارف كده وشاف الواطي وهو بيهرب قدام عينيه! و بدل ما يفضحها ولا يعرف حد حتى انتم، ستر على بنتي ووافق ان الولد يتكتب باسمه.. بس ما فيش حاجه بتفضل مستخبيه ومرات الراجل اللي بنتي عملت معاه علاقه في الحرام جت و فضحتها وقالت على كل حاجه  


بدأ يشرح لهما باختصار ما حدث أكثر، بينما اتسعت عينا بسمة بصدمة كبيرة ولم تصدق فعلت أختها الغير أخلاقية وكيف تجرأت علي خيانه زوجها، بينما الأمر كان لدي زوجها معاذ و حماتها وحماها صعب للغاية وهو يحاولون استيعاب كلماته المشينة.


وكأنه في نفس الوقت قد ألقى بقذيفة في وجه مايسة ليفتك بها في الحال، فصرخت شاهقة بلا وعي وهي تلطم على صدرها


=يا نصيبتي! الواد طلع إبن حرام ومش ابن منذر ولا حفيدي؟؟!. 


ابتلع متولي ريقه قهراً وهو يتابع حديثه بصوت مختنق


= عرفت ليه بقول لك عاوز ابوس رجله وايده عشان ابنك سترني يا شاهين !. ابنك عمل اللي مستحيل راجل في الدنيا يعمله رغم اللي بنتي عملته معاه بس فكر في كسرتي.. ولما بقيت امشي مطاطي راسي في الشارع ومش قادر ارفعها فهمت هو كان شايل عني ايه وإني كنت مغفل ومش فاهم اللي بيحصل من ورايا وهو كان شايل عني كتير.. 


وقفت مايسة قبالته غير مصدقة حديثه ولا أفعال غاده وكيف كانت تمثل عليهما دور البراءه وهي بالاصل شيطان على هيئه بشر، 

جمدت أنظارها المخيفة على متولي وهي تصيح بطريقة دونية


= يا نهار أسود ومنيل! بقى بنتك الزباله تعمل فينا كده الواطيه ما طمرش فيها كل اللي عملته! وانا اللي كنت عاوزه ارجعها تاني هنا البجحه، لا وبتدخل بيتنا وتطلع وهي شايله العيل وعينيها قويه ومش خايفه من حاجه و قال ايه كل اللي يهمها مصلحه الواد ما يترباش بعيد عن ابوه حسبي الله ونعم الوكيل فيها يا شيخ.. عرفت تلعب علينا كل ده ازاي وتكدب آه يا بنـ....


شعرت بسمة بحرج والدها وقد اشفقت عليه بشدة ولم تستطيع مساعدته، فهي تعرف جيد طريقه حماتها في العتاب! بالإضافة إلى أنهم محقين ففعلت غاده ليست بسيطة، وقد تأكد والدها أن ليس هناك شخص مثل منذر حقا، 

طالع متولي شاهين بنظرات ممتنة وهو يقول بحرج شديد 


= ابنك راجل بجد يا شاهين واللي ذي ده صعب تلاقي زيه انا مش فاهم اصلا قدر يستحمل كل ده ازاي؟ ولا يوافق أن عيل مش ابنه يتكتب باسمه بس عشان يستر عليا، و فضل مستحمل السنين دي كلها وكاتم في قلبه، عرفت تربي بجد راجل يشيل المسؤوليه واوعى تقول عليه تاني مره فاشل ولا صايع، ربنا يخليهلك ويحميه و يا ريتك تقول له يسامحني ويسامح بنتي كمان لو يقدر.. وهي كمان دلوقتي بتاخد جزاءها من ربنا و العيل مات بسبب إهمالها.. وانا كمان والله هعاقبها عاقب شديد على اللي عملته فيا 


تفاجأ الكل بوفاة الطفل، بينما نظرت مايسة له باحتقار، وقالت بحدة ساخط 


= فهمت ليه دلوقتي منذر كان بس لما بيسمع اسمها حاله بيتشقلب؟ يبقى كان معاه حق بقى فكل اللي كان بيعملة معاها يا ريته فضحها يا شيخ.. قسما بالله لو كنت اعرف اللي فيها كنت انا اللي فضحتها بنفسي وتحمد ربنا ان العيل مات مش لسه على اسمه كنت كملت لها الفضيحه علني قصاد العالم كله .


مــــرر شاهين أنظاره على متولي وهو يراجع كلماته ثم تحولت نظراته مظلمة إلى وجهه، ما أشعل فتيل حنقه وأوصله لذروته، وسرعان ما جذبه بعنف في قميصه صائحًا بجموح


= انت بتقول إيه يا راجل يا متخلف انت؟ هو مين ده اللي يسامحك وبتطلب منه السماح علي ايه؟ بعد ما عمال تهزق فيه في الراحه وفي الجاي قدام الناس كلها؟ قدام الاهل و القرايب والعمال في الوكاله؟ أنت ما عندكش دم ما عندكش احساس؟ إزاي عقلك صورلك ان ممكن حاجه زي كده يسامح عليها


اتسعت عينا متولي وهو يقول بصوت مرتجف


=وكاله إيه اللي رحتها وهزقت ابنك فيها يا شاهين؟؟ انت بتقول ايه انا عمري ما روحت أصلا الوكاله عندك.. ولا شفت حد من قرايبك وعملت حاجه زي كده قدامه .


شعر بدمائه المغلية تحرق روحه من الداخل، فهتف بانفعال ثائر من نفسه وليس من متولي 


= لا عملت، عملت اللي اكتر من كده كمان! قعدته من التعليم رغم انه بيحبه وانت عارف كده كويس! جبرته يشتغل فوق طاقته عشان يتعمل المسؤوليه ومن جبروتك كنت عاوز تشيله كل حاجه! عشان الاخ التاني يجي ياخد الفلوس على الجاهز من غير ما يتعب؟ ويوم ما فكر يتجوز استكثرت عليه يفرح وحرمته وفردت عليه واحده ما تسواش في سوق النسوان حاجه! و عملت ليها قيمه هنا وهي ما تستاهلهاش وخليتها تركب وتدلدل وتتحكم في الواد.. وتقولي ما عملتش؟؟ انت عملت كل حاجه وحشه ممكن حد يتخيلها فيه وعاوز قال ايه يسامحك.


أنصدم معاذ وأسرع يضع يده على قبضتي والده محاولًا انتزاعهما، بينما هز متولي رأسه متفهم أمره لذلك امتص غضبه قبل أن يسيطر عليه هاتفا بجدية


= اهدى يا شاهين انا فهمت انت مالك روح اطلب منه السماح يسامحني ويسامحك، هو قلبه كبير و هيعذرنا وهيعذرك انت اكثر واحد هو انا اللي هعرفك على منذر برده يا ابو منذر.. هو لو ما كانش بيحبك ما كانش يتحمل كل ده منكم .


نظر شاهين إلى نفسه فأدرك حجم حماقته مع إبنه الأكبر، فقد اندفع كالاعمى في تصرفاته معه دون أن يعبأ بالنتائج او التفكير في مشاعره المجروحه، وقد تذكر هنا حديثه عندما اخبره بأنه يتعالج عند طبيب نفساني بسببهم، فهم كانوا اكبر معاناه بالنسبه له.


قطب جبينه ساخراً بألم ليرد بجمود وقد ضاقت نظراته


= يحبنا! الواد اختفى وما نعرفلوش طريق! خلاص راح بعد ما قال كفايه ارحموني و طلع كل اللي جواه، و مش راجع تاني.


هزت رأسها مايسة معترضة وهي تقول بنبرة حزينة


= بس يا شاهين حرام عليك ما تقولش كده لا هيرجع هو ليه غيرنا! احنا قسينا عليه شويه لا كتير بس هو بيحبنا صحيح، ده لما كان بيسمع بس حد مننا تعبان ولا بعافيه شويه يسيب كل اللي في ايديه ويجي يقعد جنبه، وما يطمنش  ولا ينزل يشتغل الا لما يتاكد ان احنا بقينا كويسين.. حتى مهما نعمل فيه ونقول؟ كان يفضل تحت رجلينا ويعمل لنا كل اوامرنا 


أجابها بسخط واضح في نبرته رغم ثبات تعابيره


= واحنا عملنا ايه في المقابل يا مايسه؟ عشان يسامح ويرجع يبقى تحت رجلينا من تاني.. وجهي نفسك بالحقيقه منذر مش هيرجع يبص في وشنا تاني، وبدل ما احنا اللي نعرف قيمته الغريب جي يعرفنا قد ايه ابننا كان راجل كويس 


تنهد متولي مطولاً وشعر أنه يجب أن يرحل الآن، وعندما لاحظت مايسة ذلك ضاقت نظراتها بسخط جلي، وهي تقول بصرامة  


= استني يا متولي! انت قلت الناس كلها عرفت فضيحه بنتك الكبيرة وبصراحه كده بنتك الثانيه عامله عامله سوداء هي كمان! 

الهانم كانت بتكمل تعليمها من غير ما تقول لجوزها ولا تقول لنا، وكفايه علينا ان احنا فيه وكفايه فضايح.. وربي بقي ولادك الاتنين عدل وشوف انت كنت في الغفله ولا ايه


نظر والد بسمة لها بتوتر شديد، واصطبغ وجهه بحرج شديد وتسأل بتوجس 


= قصدك ايه يا ست مايسه ؟.. 


بدات مايسة مشمئزة من غاده وأبيها وكل تلك العائلة الفاضحة لذلك عقدت ما بين حاجبيها بشدة، وصاحت مزمجرة


=خد الهانم معاك بشنطه هدومها والواد كمان مش همنعها منه بس احنا هنشوفه غصب عنها  ومعاذ هيبعتلها ورقه طلقها، و كفايه كده كان نسب يعير.. ومش عاوزين نكرره ولا مع الصغيره ولا مع الكبيره.


احتدت نظرات معاذ بذهول، بل وزاد انعقاد ما بين حاجبيه عقب ما قالته أمه، وبسرعة قال بارتباك 


= امي انتٍ بتقولي ايه؟ استني بس هو آآ


التفتت بسمة برأسها نحو حماتها لتنظر لها ببرود زائف ورسمت القوة والثبات وهي تقاطع حديث زوجها وقالت متعمدة استفزازها


= اسمع كلام امك يا معاذ هي معاها حق برده الطلاق هو الحل لينا سواء اللي عملته اختي ولا ما عملتهوش ده اللي كان لازم يحصل من زمان .


نظرت بسمة إلي غرفة المعيشة حولها والمنزل بحنين عارم ستفتقده لاحقاً وكم آلمها أن تشعر نفسها ستكون بعد طلاقها غريبة في مكان احتضنها لسنوات من حياتها، لكنها هزت رأسها بنفي لذلك الشعور وتابعت حديثها قائلة لرد كرامتها وكرامه والدها 


=واللي لازم تعرفه كمان ان الجوازه دي كلها على بعضها! تمت بعدم رضايا والله يسامحه ابويا اللي خرجني من التعليم مخصوص عشان يجوزني، قال ايه خايف يموت قبل ما يطمن عليا واديني اهو كنت انا اللي بموت هنا بالبطيء.


احتقنت نظرات معاذ بسبب إهانتها أمام الحاضرين، وغضب من فكرة أنه لا يزال يرغب بها بعد كل تصرفاتها تلك ولا يريد الانفصال عنها، وهي تخبره أمام الجميع أنها تزوجت به  بعدم رغبتها، لذلك وافق على الطلاق أيضًا كرد فعل لكرامته بعناده.


وفعلاً تمت إجراءات الطلاق ورحلت بسمة مع والدها، والسبب الرئيسي في ذلك كانت والدته وغادة أختها.


يتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة خديجة السيد، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة