-->

نوفيلا جديدة حفنة من هؤلاء لسلوى طارق - الفصل 4 و 5 و 6 - الجمعة 19/7/2024


قراءة نوفيلا حفنة من هؤلاء

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


قراءة نوفيلا حفنة من هؤلاء 

قصة قصيرة جديدة

من روايات وقصص 

الكاتبة سلوى طارق

الفصل  الرابع والخامس

تم النشر يوم الجمعة

19/7/2024 

الفصل الرابع

"صديق جديد"

 

 

بعد هذه الزيارة يُرسل "أنس"  تقريره عنها ويوضح به عدم أهلية المدير واستهتاره بعمله كمدير لمؤسسة تعليمية مؤثرة كما أنه ذكر اسم "بشرى" بتقريره وعدم كفاءتها كمعلمة داخل الحجرة الدراسية، وبُنأ عليه يتم تحويل المدير للتحقيق وتأخذ المدرسة جزى...

بالرغم من أنهم جيران إلا أنها لم تعاتبه على هذا التقرير المفجع بحقها كما يعتقد بعض المدرسين؛ فهي من داخلها تدرك أنها استحقت هذه العقوبة فهي لم تؤدي عملها بشكل صحيح...

وبفضل تقريره الوافي وعمله الجاد استطاع عمه "حامد" بأن يضغط على الإدارة التعليمية بنقل "أنس" للعمل بها كمدرس عام للغة الفرنسية، بالفعل نُقل "أنس" إلى عمله بالمدرسة وأُصدر القرار بتوليه منصبه بداية من أول الأسبوع القادم...

     

بداية الأسبوع

استيقظ اليوم بنشاط وحيوية ثم أدى فريضته وقدم الطعام لصغيرته وكل هذا بوقت قياسي فمن شدة حماسته لاستلام عمله استيقظ بالرابعة صباحًا، أوصل صغيرته إلى مدرستها ثم توجه إلى وظيفة أحلامه، لم يستغرق الطريق سوى دقائق قليلة وكان يوقف سيارته أمام الصرح العظيم الذي تمنى منذ كان طفلًا بعمر العاشرة أن يدخله كمعلم...

 

عندما وصل لم يكن الطابور قد بدأ بعد وكانت الطلبة يركضون هنا وهناك لحين وقته الموعود، نظر حوله بسعادة كادت توقف قلبه من شدتها وهو يرى حلمه يتحقق أمام عيناه، انتظر بفارغ الصبر حضور الطابور المدرسي يتلهف لسماع الإذاعة المليئة بالمعلومات الشيقة والمشاركات الجميلة بين الطلاب حين تُطرح الأسئلة وأكثر ما ينتظره هي تلك الدقائق القليلة التي يقف بها احترامًا وتبجيلًا لمصر يُحي بها العلم ويصرخ بعلو صوته قائلًا: "تحيا مصر"

 

كل هذه المشاعر والأحاسيس هُدمت فوق رأسه حينما آتى أحد المدرسين يخبر الطلاب المتراصين بجانب العلم بآسف:

_للأسف يا شباب، الميكرفون بايظ مش هنقدر نقدم إذاعة انهاردة.

كاد أن يتذمر كما يفعل الطلبة الآن ولكنه تحكم بانفعالاته وبقى ثابتًا، عاد الطلبة إلى أماكنهم ثم بدأ مدرس التربية الرياضية يصرخ بعلو صوته حتى يسمعه أكبر قدر ممكن من الطلاب:

_ صفا دور.

 

❈-❈-❈


دخل "أنس" إلى الفصل بهدوء فلم ينتبه أي طالب له بل استمر بالضحك واللعب؛ فقرر وضع حقيبته على الطاولة المُخصصة له ثم وقف أمام السبورة وربع ساعده ينظر إلى الطلاب بصمت، مرت دقيقة تليها الأخرى وبدأ الطلبة يخفضون أصواتهم حينما انتبهوا إليه حتى توقف الصوت نهائيًا، فاعتدل "أنس" بوقفته وقال:

_كده كويس نقدر نقول السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

رد عليه الطلاب السلام؛ فتابع قائلًا:

_أنا أنس مدرس اللغة الفرنسية الجديد، كل واحد يعرفني اسمه يلا.

ثم أشار لأحد الطلبة وهو يقول:

_نبدأ بيك أنت اسمك ايه؟

_مالك عمر.

أجابه الطالب بهدوء؛ فابتسم له "أنس"  وانتقل للطالب الذي يليه ثم الذي يليه حتى تعرف على كل الطلاب والطالبات بالفصل، فطرح سؤال استفتاحي ليُحفزهم على المشاركة والتفاعل معه:

_ تعرفوا ايه عن اللغة عمومًا مش على الفرنسية بالذات؟

بدأ الطلاب يتهامسون فيما بينهم حتى تعالات الهمسات فأوقفهم قائلًا:

_الي يعرف يرفع ايده.

بدأت الأيادي ترتفع والحماس ينتشر بين ذرات الهواء...

 

بعد مرور ساعة إلا بضع دقائق كان وقت الحصة انتهى فحزم "أنس" أقلامه وكتبه ووضعهم بحقيبته ثم خرج من الفصل ولكن اوقفه صوت أحد الطلبة:

_مسيو أنس.

توقف ثم التفت للخلف فوجد ذلك الصبي الذي يُدعى "مالك" يقترب منه حتى وقف أمامه وقال وعيونه تلمع بفرحة وحماس:

_الحصة كانت جميلة قوي يا مسيو، أنا حبيت اللغة اوي.

ابتسم له "أنس" بحب وقال:

_بالعكس يا مالك أنا الي حبيت الحصة أوي انهاردة، ده كان حلم بعيد وأخيرًا اتحقق.

❈-❈-❈


مرت الأيام وازداد بمروها شغف "أنس" بمهنة المعلم وبرسالته السامية ولكنهم يكن يعلم أن اليوم سيقع عليه اختبار قاسي جعله ولأول مرة يضع أعذار لكل من كتب بهم تقارير عن فشلهم بمهنة المعلم...

كانت هذه الدقائق هي أخر دقائق بحصة اليوم، أنهى شرحه قائلًا:

_ وبكده انهاردة نكون أخدنا حصيلة كلمات جديدو وسهلة بإذن الله احفظوها لأن المرة الجايه هطلع من القائمة عشوائي يسمع.

ثم حمل أغراضه وخرج من الفصل بنفس الوقت الذي ضُرب به جرس استراحة الغداء...

 

حينما وصل إلى مكتبه بدأ يُخرج كتبه ليتذكر بعص الدروس بوقت فراغه فاكتشف أنه نسي كتاب القواعد بالفصل، قرر العودة إلى الفصل واحضاره منه بدل ازعاج الطلبة بوقت استراحتهم...

وصل إلى الفصل فلمح من نافذته طالب يفتح حقيبة بنية يبحث بها عن شيء ما ولكنه حينما يجده أعاد غلقها مرة أخرى ثم أمسك بالحقيبة الأخرى المجاورة لها يُخرج منه علبة تحتوي على طعام ثم أخذ منها شطيرة واحدة وأعاد غلقها ثم وضعها مرة أخرة إلى الحقيبة، تمتع "أنس" بذاكرة حديدية وعندما رأى وجه الطالب عرف أن الحقيبة لم تكن له...

 ❈-❈-❈

 الفصل الخامس

"لست بسارق"

 

 

تفاجأ "أنس" بعمار يسرق من حقيبة أحد أصدقاءه الطعام ولسرعة بديهته أكمل طريقه إلى الباب ثم سعل بخفة وانتظر لدقيقة ثم دخل إلى الفصل؛ مثل ببراعة تفاجأه بوجود "عمار" بداخل الفصل فسأله عن سبب وجوده:

_عمار، بتعمل ايه هنا منزلتش ليه الفسحة؟

ابتسم له عمار بهدوء حصل عليه بفضل تأخر معلمه لدخول الفصل  وسعاله من لدقيقة كان ايتعد نفسي بها وطمأن نفسه أنه لم يره، فأجابه بترو:

_نسيت آكلي في الفصل وجعت.

 

رد له "أنس" الابتسامة ثم قال:

_سبحان الله أنا كمان نسيت حاجه بس مسيت كتابي.

ضحكا معًا ثم أخذ "أنس" كتابه وخرج من الفصل...

❈-❈-❈


باليوم التالي أحضر "أنس" معه علبة طعام كبيرة وجهز وجبة كبيرة من الطعام متكاملة مقررًا رفع الحرج عن "عمار" بطريقة ذكية، فعند اقتراب وقت الغداء مر "أنس" على الفصل واستأذن من المدرس وطلب من الطلبة أن يتجمعوا جميعهم بلا استثناء خلف المبنى الثاني ثم انصرف بهدوء إلى هناك....

بالفعل عندما رن الجرس تسابق الطلاب لتلبية نداء معلمهم المحبوب حتى أن "عمار" سار معهم ولم يتخلف عنهم …

عندما وصوا وجدوا مفرش نظيف يفترش الأرض وعليه أصناف طعام كثيرة ومعلمهم يُكمل رص باقية الطعام وعندما التفت لهم ابتسم قائلًا:

_ تعالوا، واقفين بعيد ليه؟، اقعدوا يلا.

اقترب الطلبة ثم جلسوا على المفرش كما أمرهم "أنس"، سأله " مالك" قائلًا:

_ مسيو، ده كله لمين؟

_لينا.

أجابه "أنس"  بهدوء ثم أردف:

_أنا مبحبش أكل لوحدي وكل المدرسين مشغولين دلوقتي، فقررت اعمل غديوة وارجع ذكريات زمان معاكم، ايه رأيكم؟

سعد الطلاب بكلماته كثيرًا ثم بدأوا يتناولون الطعام وهم يمزحون ويضحكون...

 

في نفسه علم "عمار" أن معلمه رائه وهو يسرق الطعام من زميله فأحنى رأيه بخجل منه يتهرب من تلاقي عيناهم معًا، ولكنه لم يستطع الاستمرار بالآكل فقام متحججًا بأن معدته تؤلمه بشدة...

تبعه "أنس"  إلى حيث ذهب فوجده يمسح دموعه، رق قلبه له فناداه برفق:

_عمار.

استدار "عمار" له وهو يخفض رأسه لأسفل يتحاشى النظر بعيني معلمه:

_ نعم يا مسيو.

_مالك زعلان ليه في حاجه ديقتك؟

سأله "أنس" بقلق، فأجابه "عمار"  بسخرية من نفسه:

_ لا أبدًا، مفيش حاجه اكتشفت بس إني نزلت من نظر مدرسي الي بحبه.

وضع "أنس" كفاه على كتفيه ثم قال بحنو:

_مين قال كده؟

وقبل أن يُجيبه "عمار" استأنف حديثه قائلًا:

_عمر ما في حاجه في الدنيا هتنزل من قيمتك في عيني، كلنا بنغلط بس الشاطر الي يصلح غلطه، أنا هنا موجود عشانكم يا عمار، عشان أخد باديكم للمستقبل مش بس بشرح درس وخلاص لاء، أنا بغرز فيكم أخلاق، ده دوري هنا.

ابتسم له "عمار" ثم عاد معه إلى أصدقائه بعدما غسل وجهه ليتناولوا الطعام مع بعضهما...

❈-❈-❈

لم تكن هذه سوى مشكلة بسيطة واجهة "أنس" وبذكاء والقليل من الطعام استطاع حلها ولكنها لم تكن المشكلة الوحيدة التي واجهته بهذه المدرسة ففي الأسبوع الفائت وضع باختبار صعب وهو

احترام متبادل بينه وبين زملاءه المعلمين وبين أحد طلابه الذي يُعاني من نقص بالثقة بالنفس واستحقار لها...

فحينما كان بطريقه إلى مكتب المدير اصطدم به  "مالك"  وهو يركض بسرعة ولم يلتفت له عندما ناداه:

_مالك، يا مالك.

تبعه "أنس" إلى الحمام فوجده يبكي فدخل خلفه ثم فتح صنبور الماء وبلل يده ومسح بها وجه الآخر ثم قال:

_تعالى معايا.

 

أخذه إلى مكتبه ثم اجلسه على كرسي المقابل لمكتبه وناوله كأس ماء ليشربه، ثم سأله:

_ممكن تقولي حصل ايه خلاك تعيط بالشكل ده؟

وضع "مالك" الكوب الفارغ على الطاولة ثم قال من بين شهقاته:

_أنا فاشل.

ثم انفجر بالبكاء مرة أخرى؛ فطبطب عليه معلمه برفق:

_مين قالك كده بس؟

حاول أخذ أنفاسه من بين صراع شهقاته المؤلمة ثم قال:

_ مستر أشرف دايمًا بيقولي كده وهو معاه حق أنا مش بفهم وحمار وغ..

_بس.

أوقفه "أنس" عن متابعة حديثه ثم قال:

_ أولًا التحصيل الدراسي مش دليل كافي على الذكاء ومش معنى إنك ضعيف فيها إنك فاشل نهائي، أنت بس محتاج طريقة تنفع مع تفكيرك تقدر تتأقلم بيها على المذاكرة وتحبها كمان.

 

صمت لدقائق ليرى تأثير كلماته عليه؛ فوجده ينصت له فاستأنف قوله:

_ قولي، يا مالك، أنت بتحب  اليتيوب؟

استغرب "مالك" من سؤاله ولكنه أجابه بنعم؛ فابتسم له "أنس" وقال:

_ما هي بسيطة اهي، اومال مصعبها ليه على نفيك بس؟، بص يا لوكة أنت هتروح البيت انهاردة وتفتح اليتيوب عادي وتبحث عن شرح أي درس أنت عايزه وتتفرج عليه، شوفت الموضوع سهل ازاي.

_ بس، أنا حاولت اعمل كده وبعمل.

_ده الطبيعي ولو مكنتش قلت كنت قلت إنك هتاكل بعقلي حلاوة، وعشان كده حضرتك هتديني رقم موبيلك أو رقم والدك عشان اتابع وأتأكد إنك ذاكرت الي عليك، اتفقنا؟

أومأ له "مالك" ثم بدأ يخبره برقمه الشخصي حتى يتابعه خطوة بخطوة، وبعدها خرجا من المكتب وذهب كل واحد منهما بطريقه...

 

وصل "أنس" إلى غرفة المدرسين وجلس معهم عندما وجد ضالته التي كان يبحث عنها وقرر تنفيذ خطته فطرح سؤال لم يكن أبدًا عشوائي:

_ ايه أكتر نوع مدرس بتكرهوه؟

نظر له المدرسون فهو ولأول مرة يتحدث معهم بأمر أخر غير العمل، ولكنهم أجابوه على أية حال ومنهم من قال أنه يكره المعلم المتراخي ومن قال المتعصب وغيرها من إجابات حتى قدمت "بشرى"  له فرصة ذهبية وهي تُعيد طرح سؤاله عليه:

_ وحضرتك يا مسيو أنس، ايه أكتر نوع مدرس بتكره؟

ابتسم لها ثم قال:

_قبل ما أجاوب خلينا أحكيلكم عن أكتر مدرس أنا حبيته في حياتي، لما كنت في ثانوية عامة كان في مدرس لغة انجليزية ممتاز وكنت بحبه جدًا ولأني كنت ضعيف في اللغة رحت عنده أخد درس خصوصي بس عمل معايا حركة عمري ما هنساها، كل ما كنت بغلط كان بيشتمني ويهني قدام صحابي ورغم إني كنت عارف إنها طريقته في التحفيز بس حركته دي كرهتني فيه جدًا وبعد ما كنت بحبه أنا كرهته.

 

نظرت له "بشرى" وابتسم على ذكاءه بتأليف القصص حتى تتناسب مع متطلباته، فهي استمعت إلى حديثه مع "مالك" عندما كانت تُريد أخذ نصيحة منه للسيطرة على الطلاب بالحجرة الدراسية وبفضول سبقته إلى غرفة المدرسين لترى ما سيفعله وبالحقيقة أعجبها طريقة تفكيره...

 ❈-❈-❈

 الفصل السادس والأخير

"حقيبة سفر"


 

بعد خروجه من غرفة المدرسين انتظرت قليلًا ثم خرجت وراؤه إلى مكتبه، فور وصولها طرقت الباب تنتظر سماحه بالدخول إليه...

وصلها صوته بعد ثانية، ففتحت الباب ووجلت ألى مكتبه وجدته منكبًا على بعض الكراسات يُصححها؛ فنادته:

_ مسيو أنس.

رفع رأسه من على مكتبه وعند رؤيتها دعاها لتجلس:

_مس بشرى، اتفضلي اقعدي حضرتك واقفة ليه؟

_مرسي.

شكرته ثم صمتت وهو ينتظر حديثها فوجدها تفرك كفيها ببعضهما البعض؛ فحاول التخفيف عنها بمزاح سخيف:

_ أنتِ سد الحنك على الفطار؟

_نعم!

_ما تفهمنيش غلط أنا ملاحظ إنك متوترة بدون داعي فحبيت الطف الجو.

نظر له بغيظ وقالت:

_ لا متلطفش.

ابتلعت ريقها الجاف ثم قررت سكب كل شيء بحوزتها دفعة واحدة:

_بص من الأخر كده انا عايزاك تساعدني وتقولي ازاي اسيطر على الأولاد بالفصل، بص بقى لأني كمدرسة فاشلة جدًا و...

_بس بس، في ايه انهاردة؟، هو انتوا متفقين مع بعض كل واحد يجي يقول أنا فاشل!

 أوقفها بسرعة عن إكمال ما تُسميه طلب نصيحة، ثم سألها:

_حضرتك فاضية انهاردة بالليل؟

_نعم!

_نعم الله عليكي، هو ايه الي نعم سألتك سؤال ومنتظر اجابته حضرتك فاضية بالليل؟

أحابته بتبرم قائلة:

_اه، بس ليه؟

_انزليلي هنصور فيديو.

_ايه، أنت... أنت بتقول ايه يا...

_قبل ما تغلطي افهمي الأول فيديو ايه، فيديو لحضرتك وأنتِ بتشرحي عادي جدًا ولو مش حابه في البيت ممكن نسأذن من المدير ونعمله بعد المدرسة هنا.

قاطعها بسرعة قبل أن تبدأ وصلة لن تنتهي من السب النابي، نظرت له بخجل ثم قالت بهدوء يُعاكس ما كان سيحدث قبل دقيقة:

_اه، طب إذا كان كده خليها في المدرسة أحسن، بس معلش أعذرني في السؤال ده ليه وده هيفدني بأيه في السيطرة على الشغب الي بيحصل في حصتي؟

 

رفع حاجبه بسخرية عندما سمع نبرتها ولكنه أجابها على سؤالها:

_ ببساطة بعد ما نصور الفيديو ده هنزله على الجروب الي هعمله مع الطلاب انهاردة، أنا فعل! ا أخدت أرقام تلفونتهم عشان نعمله ونقدر نتابع عليه وأبعت أسئلة ونحلها مع بعض، بش بصرلحة مش هو ده بس الي هيساعدك في السيطرة عليهم وكمان هنحتاج حضرتك تتبعي النصيحتين دول:

أولًا: حضرتك متديش ضهرك أبدًا للطالب وأنتِ بتشرحي، هتقوليل وأكتب ازاي قدامك حلين يأما تكتبي الدرس قبل ما تشرحي أو متكتبهوش أصلًا، بس يُفضل أول حل.

ثانيًا: مهما كنتِ متوترة متبينيش ده للطلاب خالص.

 

بعد انصاتها لنصائحه بشأن طريقة عرضها للمحتوى الدراسي اتفقا على أخذ الإذن من المدير بالبقاء ساعة إضافية بالمدرسة يوم الخميس هذا الأسبوع فقط، وافق المدير على طلبهم خاصة أنه يوم واحد فقط بنهاية هذا الأسبوع...

❈-❈-❈

مرت أيام الأسبوع الباقية بسرعة وآتى يوم الخميس وبفضل الله استطاعا تصوير فيديو تعليمي مميز اظهرت فيه "بشرى" كفاءتها كمعلمة متمكنة من مادتها، وكما وعدها "أنس" قام بتحميل الفيديو على المجموعة على تطبيق الواتساب وأخبر طلابه بضورة رؤية هذا الفيديو كما أنه خدعهم خدعة بسيطة حينما أرسل رسالة محتواها:

_ الدرس مهم جدًا يا شباب ياريت تكملوه للآخر وهسأل فيها المرة الجاية.

وقد صور نفسه بفيديو قصير به معلومة مهمة عن اللغة الفرنسية ليضمن أنهم سيرونه بآخر المقطع.

 

كما تابع "مالك"  يوميًا كما وعده فلاحظ تقدمه المستمر وثقته بنفسه بدأت تتغلل بداخله...

❈-❈-❈


امتحانات منتصف العام الدراسي

مرت الأيام بسرعة حتى آتى أول يوم بامتحانات الشهادة الإعدادية، كُلف "أنس" بمراقبة أحد اللجان بمدرسة أخرى...

وصل "أنس" إلى اللجنة المقرر عليه المراقبة عليها، دخل إلى اللجنة وهو يجر خلفه حقيبة سفر صغيرة لفتت نظر كل من مر عليه حتى أنه استمع إلى سخرية أحد المدرسين منه حينما كان يسير بالرواق  ولكنه لم يُعقب عليه بل اكمل سيره بثقة حتى وصل إلى وجهته...

مرت دقائق قليلة ثم بدأ المراقبون يوزعون أوراق الاختبارات على الطلاب بنظام، استمر الهدوء لدقائق لدرجة أنه شكك بنفسه لإحضاره هذه الحقيبة معه إلى اللجنة وبدأ يلوم بينه وبين نفسه خطيبته "بشرى" رغم أنها لم تخبره بإحضارها بل كانت تسخر منه قائلة:

_ مسيو أنس، لو فاكر إنك بكرة هتقدر تسيطر على اللجنة فمن واقع خبرتي أحب أقولك لاء، ممكن تحافظ على الهدوء لكن الغش مستحيل، الجيل ده ليه طرق عجيبة ومبتكرة في الغش اشي منديل وقلم مايه وغيرها طلبات تأكد إن 50٪ منها بهدف الغش.

وبنأ عليه اشترى  كل أدوات المدرسية والمحارم والمياه حتى أنه اشترى وجبة فطور!

 

أعاده من شروده أحد الطلاب يطلب ممحاة، فارتسمت بسمة حماس على شفتيه وهو يفتح سحاب الحقيبة ليُخرج منها ما طلبه، اندهش الطلاب والمدرسون فانتشرت زوبعة من الفوضى لدقائق قليلة أسرتها صرامة "أنس" وصوته الحاد:

_كله يبص في ورقته.

وبسرعة عاد كل طالب يكمل حل امتحانه، ومرت دقيقة واحدة ثم طلب نفس الطالب ماء، أخرج له "أنس" الماء ثم أعطاها له وهكذا توالت طلبات هذا التلميذ خاصة آخر خمس دقائق على انتهاء نصف الوقت وأصبح الأمر بين "أنس"  وهذا الطالب عبارة عن منافسة شرسة متخفية تحت اسم احتياجات الامتحان الطبيعية، وتسأل المدرسون هل يستطيع "أنس"  تلبية كل احتياجات هذا الطالب، بالفعل استطاع تلبية كل متطلباته المتعلقة بالامتحان ولكنه لم يحسب حساب هذا الطلب حيث ابتسم له الطالب وقال ببطء:

_ أنا.. عايز اروح.. الحمام.

فوجئ "أنس" بهذا الطلب وصمت لبعضة ثوان وبدأ يتجمع العرق على جبينه فابتع ريقه الجاف وعيونه تنظر بكل الاتجاهات وإلى كل زملاءه ولكنه لم يجد من يستطع حفظ ماء وجهه من هذا الطلب سوى رنين المنبه الذي قام بضبطه على نصف الوقت فابتسم براحة وقال ببطء مستفز:

_ نص الوقت عدى.. تقدر تسلم ورقتك وتروح.. الحمام.

                     


تمت

لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية..

رواياتنا الحصرية كاملة