-->

حلقة خاصة من رواية نسائم الروح الجزء الثاني من ميراث الندم لأمل نصر - الخميس 25/7/2024

 

قراءة حلقة خاصة من رواية نسائم الروح 

الجزء الثاني من رواية ميراث الندم كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى





حلقة خاصة من رواية نسائم الروح 

الجزء الثاني من رواية ميراث الندم

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر


تم النشر يوم الخميس

25/7/2024



خرجت الصغيرة التي لا ترتدي من الثياب سوى فانلة بحمالتين على الاكتاف وشورت صغير يظهر السيقان الغضة وهي تهرول من غرفتها تكركر بالضحك ، وخلفها صدح صوت والدتها:


- انتي يا زفتة استني البسي هدومك، امسك البت دي يا عارف لا تطلع ع الشارع، انا عارفاها نصيبة وتعملها. 


سمع منها المذكور ودون جهد منه التقط الصغيرة فور ان اقتربت من الشرفة، وكأنه كان متوقعًا وجهتها، ليرفعها اليه ويقبلها من وجنتيها قائلًا بابتهاج:


- تعالي هنا يا بلوة انتي، امك هتروح السريا الصفرا منك يا بت، مش ناوية تهمدي واصل.

اتت اليه والدتها تخاطبه لاهثة:

- كويس انك لحجت تمسكها، دا انا خوفت لتطول باب الشارع وتفتحه زي المرة اللي فاتت، والله ما عارفة ازاي بتلحج اؤكرة الباب؟


ضحك هو باستمتاع يخبرها:

- الشارع هين يا غلبانة، دي كانت عايزة تجف في البلكونة وهي عريانة كدة عشان اللي ما يشتري يتفرج،  

بت عارف عايزة تبين لحمها للناس يا روح .


قال الاخيرة وكفيه امتدت نحو ابنته ليدغدغها اسفل رقبتها وعلى انحاء جسدها الصغير لتزيد من قهقتها بشقاوة تسلب لب قلبه، فعلقت والدتها التي تبسمت هي الأخرى لفعلها:


- ما انت اللي مجلعها يا سيدي،  لو بتعرف تجرص عليها، يمكن تهمد وتبطل شجلبتها، دي كانت عايزة خالها ، هو اللي كان عرف علمها الأدب صح .


تمتم لها بسخرية:

- اسم الله يا ختي على خالها، اذا كان هو نفسه بيضعف 

معاها، دا ما بيصدق بس يلاقيها في وشه، لو وسط مية راجل بيجعدها على حجره.


تشدقت زوجته تدعي الضيق رغم انتعاشها من الداخل لقوله، وهي تتحرك بها نحو وجهتها:

- ما انتوا الانتين ابهات فاشلين،  نجحتوا في كل حاجة الا دي، هتطلعوا جيل فاشل من العيلة اللي الكل بيشهد بأدب عيالها


تبعها الى داخل الغرفة مردفًا:

- فشر يا حبيبتي، انا بتي هتطلع حاجة كبيرة، لهي واحدة عادية اياك، دي بت عارف الدهشان، هاتي يا ست انتي انا هلبسها بنفسي حبيبة ابوها دي.


التقطها منها والصغيرة استجابت له، لتسكن حركتها فور ان أجلسها على التخت وصار يتناول الملابس ، ليدخل برأسها الفستان المزركش والمزين، والذي ما كادت ان ترتديه الصغيرة حتى وقفت تتمايل بخيلاء جعل والدتها تعلق بحنق:


- اسم الله عليكي يا ختي وعلى حلاوتك، امال انا كنت عدوتك من شوية لما جريتي مني .


قهقه عارف يشاكس زوجته:

- مش حكاية عداوة يا جلبي، بس هي بتعمل شوية تجدير لابوها ، كتر خيرها. 


ازاد عبوسها لتشيح بوجهها عنه للناحية الأخرى، وكما توقعت، بعد لحظات قليلة شعرت بذراعيه تلتف حولها وتضمها بعشق ، يتمتم في تجويف عنقها:

- الحلوة ليها غاية للخصام، وشكلها كدة عايزة تتصالح، وانا راجل احب اراعي جوي الحتة دي، واصالح بضميييير..


ضحكت في استجابة لفعله، ولكن يجبرها الحياء على الرفض مع شعورها لجرأة اللمسات:

- اتعدل يا عارف ونيم ضميرك دلوك البت بتبص علينا 

مش عايزينها تلجط الله يخليك. 


استدرك لمقصدها، ف ارتفعت رأسه عنها مجبرًا لينقل بعيناه نحو ابنته التي كانت تطالعهم بعدم فهم، ليلتقطها ويباشر هجومه عليها يدغدغها مرة أخرى:

- بتبصي على ايه؟ بتبصي على ايه يا بلوة انتي؟ عيلة سنتين ونعملها حساب، دا برضوا كلام دا ياناس. 


وبرد فعل طبيعي صارت ضحكات الصغيرة تصدح بصغب في ارجاء في الغرفة،  ووالدتها من خلفها  تضحك أيضًا لتعلق بيأس وهي تنهض من جوارهما:

- انا هجوم اللبس ، لو جعدت جمبيكم مش هنطلع من البيت اصلا. 

تمتم هو من بين مدعاباته للطفلة:

- البسي وخلصينا يا روح، احنا اساسا مش بيعطلنا غيرك .


وكان الرد بشهقة عالية منها بذهول:

- شوف الراجل، تتمسخر انت وبتك وفي الاخر اطلع انا اللي معطلة الدنيا. 


❈-❈-❈


وبداخل المنزل الكبير 

حيث يتم التجهيز لمأدبة كبيرة تجمع الأفراد الاقرب من العائلة والاصدقاء ، بمناسبة انشاء الفرع الثاني لشركتهم.


كانت هي منشغلة في هذا الوقت في تجهيز التوأم الصغير بعد انتهائها من الكبار،  وقد ارتدوا اجمل الثياب ، وصار الان موعد تصفيف الشعر الناعم، وكعادتها كانت تغني مستمتعة بفعل ذلك معهم،  وسعادتها بهم تزداد يوما بعد يوم كلما كبروا امامها ورأت عوض الله بهم .


انتهت لتنزلهم من فوق قدميها،  ثم تحركت بهم الى داخل الغرفة الثانية ، حيث العاب الاطفال الاربعة،  صغيرها وفتيات غازي الثلاثة ، وقد اتين اليوم لحضور هذا اليوم المميز،  بعدما عادت حضانتهما الى والدتهم، والتي للأسف تم انفصالها للمرة الثانية بعد زواجها لشهور قليلة، ولم تعلم حتى الآن بالسبب، وقد اثر زوجها الا يخبرها، وهي احترمت ذلك.


- ينفع تلاعبوهم معاكم ولا مينفعش؟

هتفت بها تلفت ابصارهم ، فتهلل وجه الكبيرة اية لتردد بترحيب:

- ينفع جوي يا خالة نادية ، هاتيهم وانا هراعيهم بنفسي، 


بالفعل تحركت اليها تتلقفهم بحفاوة ، لتقبلها زوجة ابيها على وجنتها بحب:

- يسلملي الغالي اللي كل يوم بتجلب على عمتها، ايه يا بت الحلاوة دي، انتي كدة ناوية تغلبي روح في جمالها. 


ضحكت الفتاة بخجل لتجذب الاطفال معها للداخل وانتقلت ابصار نادية نحو ابنها الأكبر معتز والذي تأفف ينفخ بضجر فور ان اقترب اشقاءه:


- بعديهم عني يا اية عشان لو حد فيهم مسك العابي ولا كسرها مش هيحصل طيب.


شهقت والدته تردد باستنكار:

- كدة برضو يا معتز، خواتك حبابيك يا ولدي، لو كسروا لعبة نبجى نجيبلك غيرها هو احنا بطلنا على كدة .

زام يغمغم خلفها بتذمر:

- يوووه كل ما اكلمها تجولي نجيب غيرها، فاضي انا اغير كل يوم في حاجتي .


اخفت بصعوبة ابتسامتها،  فهذا العنيد اصبح متطلبًا للغاية رغم صغر سنه، ولا احد يعرف سره سوى زوجها العزيز، تجمعها مساحة من التفاهم، يصعب عليها نفسها اختراقها ، كما تجمعه صداقة قوية مع اصغر فتيات غازي دنيا بقرب يتعدى الاخوة، ولكن لا بأس ، هي أيضًا سعيدة بذلك.


رفعت عيناها نحو شروق، تلك الصغيرة التي ما زالت تخجل حتى الاَن من مواجهتها من وقت تسببها ف سقوطها على الدرج وولادتها مبكرا،  هي لم تفشي بهذا السر امام احد وتخبرهم ان سبب انزلاقها هو قشرة الموز التي تعمدت الصغيرة القاءها في طريقها ، ورغم ذلك هي سامحتها،  بل وأخبرتها ان لن تخبر احد ، مما اجبر الطفلة العنيدة على الخجل منها، وتعمدها الاختباء بعيدا عنها في منزل عائلة والدتها حتى انها لا تأتي إلا هنا سوى مرات قليلة تتعمد دائما ان تكون مؤدبة وعدم تكرار الاذية لها او حتى لأطفالها. 


- انتي فين يا نااادية؟

وصلها الصوت المحبب ، لتخرج كي تلبي ندائه، ولكن وما هي سوى خطوتين لخارج الغرفة، حتى تفاجأت بنفسها تصطدم به بالجسد الصلب، فيستغل هو على الفور ويباغتها برفعها اليه من خصرها، لتشهق بخجل معترضة:


- يا مراري نزلني لحد من العيال يطلع يشوفنا.

- ليه هما جاعدين في الاوضة؟

سألها مستفسرا وذراعيه ما زالت تكبلها، فجاء ردها وهي تحاول نزعها:

- ايوة يا غازي، في اؤضة الالعاب الخمسة، وممكن حد فيهم يطلع دلوك ع الصوت.

- يا ستي بلاها حد فيهم يسمع ولا يشوف، دا حتى عيب


توقعت ان يتركها بعدما سمعتها منه، ولكنه اجفلها للمرة الثانية يقطع بها الخطوات المتبقية نحو غرفتهما في اقل من لحظات قليلة، ثم يصفق الباب عليهما مرددًا بمرح:


- اظن هنا محدش يجدر يشوفنا.

ردت بابتسامة مستترة تدعي عدم الفهم:

- ايوة يعني عايز ايه؟ ولا ناوي تفضل شايلني كدة لحد امتى عشان افهم؟


لاحت على جانبي ثغره ابتسامة ماكرة يقرب انفاسه منها بإغواء وذراعيه تشتد عليها أكثر مرددًا:

- دا برضو سؤال يتسئل في وضع زي ده يا ناادية؟ 


- يا لهوي على نااادية.

تمتمت بها ضاحكة، فما زالت حتى الاَن كلما سمعت اسمها منه بهذه الصيغة الغريبة، لا تنفك عن الدهشة والابتهاج أيضًا، لتواصل بمشاكساتها:


- يا غازي يا كبير ناسك، نزلي يا حبيبي خليني اشوف اللي ورايا، مينفعش الطلطيحة دي، ورجلي مش لاحجة الارض، هو احنا عيال صغيرين؟


تهكم على قولها ضاحكًا:

- لا انا عاجبني فرق الطول اللي بيني وما بينك، وانتي عاملة كدة زي اللعبة في يدي، ما تبطلي بقى تلاعبيني يا بت هريدي. 


قهقهت بصوت عالي يملؤه المرح،  قبل ان يغلق فمها ويبتلع الباقي بجوفه، بعدما نفذت طاقته من العابها، لتسجيب له سريعا، وتنغمس معه في لحظة عشق يسرقاها يوميا بعيدا عن اعين الاطفال او العاملين في المنزل، بشغف لم يقل ولم يفتر طوال سنوات زواجهم معا.


❈-❈-❈


ضغط يتعجلها بالضغط على بوق السيارة، وقد مل من انتظارها بالداخل، وكما توقع خرجت اليه من الشرفة تلوح له بيداها كي ينتظر نصف دقيقة فقط كمان تشير ، لينفخ بضجر ، فهو اعلم بالنصف دقيقة هذه في قاموسها وقاموس جميع السيدات .


اومأ لها على مضض حتى تنتهي، ويستغل هو هذه اللحظات في الاستغفار، ظل على وضعه لحظات حتى أتى اتصال من رقم لا يعلمه، وكعادته رد ليعلم من المتصل،


- الوو مين معايا......... 

- الوو يا حبيبي، ازيك يا غالي، انتي فين مبتسألتش؟


غمغم بداخله يعاود الاستغفار قبل ان يعود إليه سريعًا بحسم:

- صلاح، انا مش منبه عليك متتصلش تاني؟

- دا كلام برضو يا خاين، طب انا قولت لحظة غضب وبعدها هترجع الميا لمجاربها......


- مفيش مية اتعكرت بترجع لمجاريها يا صالح، وانتي ميتك فاسدة من الاول، انا جطعت معاك وجفلت على سنين التوهة بالضبة والمفتاح،  ولو مفكر اني هرجعلها يبجى واهم، اجفل بجى الله يهديك انا ما صدقت لجيت نفسي .


قالها ولم ينتظر رد الاخر، ليزفر بارتياح وكأنه ازاح ثقلا من فوق صدره، هذا الرجل يعيد ذكريات سوداء يحمد الله انه قد تخلص منها، بعدما ساوى اموره مع زوجته الاولي ورد اليها الكثير من اموال لم تكن من حقه، ليكتفي بما يستره الان ، بل ويزيد عن حاجته في معظم الأوقات،  وقد من الله عليه نتيجة ذلك وكافئه.....


عند خاطره الاخير،  ارتفعت رأسه وانتبه لوجه القمر وهو يقترب منه على ذراعي والدته، والتي ما كادت ان تقترب حتى وجدته كالعادة يخرج اليها ويتلقف صغيره منها :

- حبيب جلب ابوك،  

ظل يمطره بالقبلات حتى ادخلت زوجته الأكياس التي كانت تحملها بداخل السيارة ثم تنتظره بها، ليعود هو لجلسته خلف عجلة القيادة، ويشعل المحرك مخاطبًا لها بمزاح:


- ما بدري يا هدير، كنتي استني شوية تاني على ما تتمي النص دجيجة .

ضحكت تجيبه بمرح:

- لا ما انا محبتش اخرك ، عارفاك مستعجل ع المزرعة، 

مالت رأسه نحوها بسخرية:

- لا والله. 

فهقهت تردد بدفاعية:

- طب والله المرة دي ما مني التأخير، ولدك عملها جبل اطلع ما بيه في اخر لحظة، على ما غيرتلوا واتشطف ولبس الحفاضة،  احسب انت بجى كام دجبحة. 


- اممم.

زام يقبل وجنة الطفل الذي مازال يحمله فوق قدميه، ليردف بتسامح:

- معلش، نعديها المرة دي عشان الباشا يحيى ، هنسامح امك عشان خاطرك يا باشا.


همهم الصغير بكلمات غير مفهومة استجابة مع والده الذي فسر مقصده بمشاكسة:

- اهو بيجولي كدابة، اصدجه هو ولا اصدجك انتي؟ انا ولدي ما بيكدبش. 


شهقت هي تدعي الإجفال في مداعبة طفلها:

- يا مراري، كدة برضو يا يحيى، وانا اللي جولت هتوجف جمبي، بتفتري على امك يا يحيى.


قالتها لتتبادل المزاح والمناكفة مع زوجها بمودة اصبحت تلتمسها منه منذ أن انعم الله عليه بالطفل الذي وطد العلاقة بينهما برباط المحبة والصدق، وقد ساهم القرب من ربه في ان يلطف على قلبه ويساعده في مجاهدة نفسه التي كانت تتوق للعشق القديم.


❈-❈-❈


وبداخل منزل سعيد الدهشان والذي كانت تساعده ابنته في هذا الوقت في حسابات الأرض،  بموهبة جديدة اكتشفها بها، بعد انفصالها من زوج الندامة كما تلقبه والدتها، وتغير شخصيتها هي، لتصبح اهدى واعقل قليلًا عما قبل .


- كدة احنا خلصنا حسابات الأرض الشرقية، مش باجي غير الأرض اللي مأجرها للمزارعين .

هم ان يرد عليها ولكن اوقفه ولوج زوجته لداخل الغرفة تحمل على يدها كوبين من العصير :


- عصير منجة ترطبو بيها على جلبكم. 

تناول منها سعيد يرتشفه على الفور مرددًا:

- جاي في وجته يا رئيسة، انا كنت عطشان جوي. 


تناولت فتنة هي الأخرى تشكرها:

- تسلمي ياما، شكلي انا كمان كنت عطشانة ومكنتش واخدة بالي .


- مطرح ما يسري يروي 

تمتمت بها رئيسة بحب ، لتأخذ جلستها على الكرسي المقابل لهما امام المكتب،  وتردف سائلة بفضول:

- خلصتوا حسبتكم ولا لسة 

جاءها الرد من زوجها:

- خلصناهم والبركة في بتك ، والله ساعدتني في الحسبة .


نظرت لها بتفاخر قائلة:

- يجطع من هنا ويوصل من هنا يا سعيد، ربنا عوضك بيها بعد المحروس ما هج مع مرته على روسيا، جال عشان ياخد الجنسية.


علقت فتنة بشراسة مازالت بها رغم التغير البسيط في شخصيتها:

- طبعا ياما، امال اسيب الغريب يطمع فينا، الحاجات دي عايزة حد ثقة ومينفعش ابدا حد غيرنا يطلع عليها.


ردد لها والدها بإعجاب:

- جدعة يا بت، وانا مش عايز اكتر من كدة، كل ما تساعديني يا فتنة انا هزودك بكل اللي تتمنيه، وهكبرك 


- طب وافرض جالها عدلها. 

قالتها رئيسة تذكرهم بها، فجاء الرد من فتنة التي اعجبها اطراء والدها واثقل من ثقتها بنفسها، بعدما فقدتها في زيجتها الثانية، وقد كانت دائما ما تعول على جمالها، الان فقط اكتشفت ان هناك ما هو اهم:


- انا عدلي جربته مرتين، المرة التالتة دي بجى في علم الغيب، لكن دلوك خليني في المهم ، وهو مساعدة ابويا ، سوى رجع ناجي ولا جعد ، انا لا يمكن اسيب مال سعيد الدهشان يطلع عليه حد برا البيت ده ابدا. 


❈-❈-❈


عودة الى منزل غازي الذي ازدحم بعدد الأفراد التي كانت تهل ، من شقيقاته وازواجهم وابنائهم، بالإضافة لاهل زوجته مثل جليلة وابنها شقيق نادية وزوجته التي كانت تساعد في تحضير المائدة مع السيدات تحت إشراف روح .


فلم يتبقى سوى صاحب الاحتفال مع غازي والذي كان يسأل عنه كل دقيقة صهره بسيوني، لينفعل هو الاخر فيتوجه بالسؤال الى زوجته وهي تساعد مع النساء:


- مشمش ، تعالي هنا يا مشمش.

هرولت اليه المذكورة تترك صغيرها مع إحدى العاملات، لتأتي على الفور ملبية:


- ايوة يا بسيوني مالك؟ سرعت الواد بزعيقك. 

ضغط يتكلم من تحت أسنانه:

- وانا اعمل ايه ودمي بيغلي من البارد ده اللي ما شرف لحد دلوك، جافل تلفونه وغازي الدهشان كل دجيجة يسألني عليه عشان الكبارات اللي عازمهم في المندرة، ممكن افهم هو مختفي فين .


اجابته ببساطة:

- قصدك على يوسف، بس هو مش مختفي، انا سيباه مع مراته اصلا قبل ما اجي على هنا كانوا بيفطروا،  


- يعني كل ده مخلصوش وكل؟ هما معاهم ايه تاني؟

فكرت بحيرة تهرش رأسها:

- والله يا خويا ما اعرف، بس انت عارف جوز اختك مخه طاقق ، وما بيصدق يتلم على مراته لوحدهم.....

- بس يا مشمش بطلي كلامك البارد ده.


تمتم بها مقاطعًا لها بحدة لتنكمش بخوف مزعنة لأمره توميء برأسها،  ليخرج صوته بحنق:

- ماشي يا مشمش، انا هشوف البارد ده واشوف شغلي معاه، ولو لجيت ورد معاه، هي كمان هعلجها من رجليها. 


قالها وتحرك على الفور بغضبه، لتمصمص هي بشفتيها مغمغمة بإشفاق:

- يا عيني عليك يا حبيبي، الواد يوسف مربيلك الخفيف.


❈-❈-❈


وفي داخل المساحة التي نشأت بها قصة العشق بينهم،  وقف بالهاتف يلتقط لهما عدة صور ، بعدما اغرقها بالمياه، وأفسد ما ترتديه، لتردد بتذمر:


- كفاية يا يوسف الله يرضى عنك، انا مش فاهمة ايه اللي عاجبك في شكلي وانا مبلولة من ساسي لراسي؟

تبسم يجيبها بمرح:

- الله يا وردتي ، ما انا كمان زيك ومبلول من ساسي لراسي، بس الوقت الحلو ده يرضيكي يعدي كدة من غير ما نسجله، ونحفظه في الذكريات .


قالها واقترب يضمها اليه من خصرها ليلتقط معا صورة ( سيلفي) فتذمرت بين يديه:

- تاااني يا يوسف، انت مبتشبعش صور ولا تسجيل في الذكريات،  احتا لقطنا يجي مية واحدة،  شوية هنا، وشوية في وسط الخضرة والزرع، وشوية عند زينهم وانت بتبهدلنا بمية الخرطوم .


جلجلت ضحكته متذكرًا الاخير:

- حبيبي يا زينهم ، خدتي بالي بعد ما حممناه بقى قمر ازاي؟ 


التوى فمها بسخرية:

- ومابيجاش جمر ليه؟ وانت مخلص عليه علبة الشامبو، عمرك سمعت عن خرفان تستحمى بالشامبو يا يوسف. 


- اه في زينهم. 

قالها وصدحت ضحكاته مرة أخرى، ليقربها اليه، ثم يلتقط العديد من الصورة ولا يعطي باللا لتذمرها، يريد ان يستغل كل دقيقة معها بعد انتهاء اختباراتها الدراسية.

ليجفلها فجأة الصوت الجهوري من خلفه:

- انتوا بتعملوا ايه تحت العنبة؟

انتفض الاثنان ليلتفا اليه بهيئتهما المزرية، وينتبه هو فخرجت صيحته:

- انت عملت ايه في البت يا زفت الطين،  ايه اللي مبهدلك كدة يا جلب اخوكي. 


تمتم الاخيرة ليخلع الشال الصوفي عن رقبته فيسحبها من ذراع زوجها ويدثرها به، فصدر اعتراض الاخر:

- ايه يا عمنا؟ ما انا كمان مبلول زيها، ولا هي هتبرد وانا لا؟ 


رد بسيوني وهو يزيد من ضم شفيقته بهلع:

- وانت يديك راحوا فين؟ ما تنشف نفسك، ثم كمان انا عايز اعرف، جات منين المية اللي مبهدلاكم كدة؟


بخجل شديد خبئت ورد وجهها في حضن شقيقها تتهرب من مواجهته، وزوجها يرد ببساطة:

- المية جاية من خرطوم الزريبة يا باشا، اصلنا حمينا زينهم وولاده،  فالميه غرقتنا معاهم 


وكما توقعت، افتر فاه شقيقها بصدمة، وتشنج غاضبًا يهدر:

- الله يخرب مطنك يا يوسف جاعد تتمسخر والدنيا مجلوبة عليك عند غازي الدهشان وفي الاخر كمان تطلع بتسبح الخروف، انت عايز تشلني يا جدع انت؟


ردد خلفه بهدوء لم يحيد عنه:

- اشلك ليه بس يا بسيو؟ ان كان على عزومة غازي ، الدنيا مطارتش يا حبيبي،  وع العموم اديني رابح اهو، تعالي يا قلبي .


قال الاخيرة  وكفه امتدت ليجذب اليه زوجته، ولكن الاخر ابى ان يتركها:

- سيب البت وروح كانك رايح تلبس.


- استغفر الله العظيم يارب 

غمغم بها زافرا، وقد. خرج اخيرا عن طور هدوئه، ليخاطب الاخر بضيق:

- اللهم اطولك يا روح، يا بسيوني يا حببي اعقل الله يرضى عنك،  انا عايز مراتي تيجي معايا تلبسني وتغير هي هدومها، هتسيبها كدة مبلولة. 


- لاه يا سيدي مش هسيبها مبلولة، وهجيب خلجاتها من عندك،  عشان تغير هدومها،  بس هي في اؤضة وانت في اؤضة، عشان تخلصوا انتوا الاتنين وتهموا معايا انا مش فاضي للكاعتك يا يوسف. 


عرضه كان به شيء من المنطق،  فهو بالفعل حينما يكون معها ينسى الوقت وينسى أي شيء، لذلك لم يجد بدا من ان ينصاع لأمره:


- ماشي يا بسيو، هطاوعك المرة دي عشان مستعجلين بس،.

اكمل متبسمًا بسماجة:

- ويعني هي هتروح مني فين؟ دا حتى الاجازة لينا هنا  لسة طويلة، وانا ناوي اخدها انا وهي بالطول والعرض....


ختم بضحكة زادت من استفزاز الاخر قبل ان يلتف ذاهبًا،  ليغمغم في اثره:

- ابو برودك يا اخي، انا مش عارف متحملاه ازي؟

اردف بالاخيرو نحو شقيقته والتي تبسمت له ببرائة طفلة لم تتعدى الست سنوات، رق قلبه لها،  وهي تخاطبه بحنان:

- يا خوي انت عارفه، هو كدة دايما بيحب يناغشك عشان بيحبك 

ردد خلفها بسخربة:

- بجى هو بيعمل كدة عشان بيحبني انا؟ اه يا بت الفرطوس 


❈-❈-❈


بعد عدة ساعات 

وبعد أن انتهو من تناول الطعام في المأدبة التي اعدها غازي لاحتفاله الصغير ، كانت الجلسة التي تجمع الجميع في الجهة الخلفية للمنزل، حيث اسطبل الخيل وركوب الاطفال على الأحصنة، ولعبهم في جو يسوده المودة والألفة،  والمناكفات المستمرة من غازي وابن عمه عارف، ليوسف. 


- وجالك جلب تسبح الخروف بالشامبو الغالي يا يوسف .

قالها عارف بدهشة تميل نحو السخرية ليرد الاخر بهدوئه:

- اه يا خويا حميته بالشامبو والفرشة كمان،  امال كنت عايزني احميه بالليفة والصابونة،


- لااا يا سيدي طبعا، دا برضو كلام 

عقب بها غازي ليردف بغيظ:

- انت كنت عملتله مساج ولا بادكير ومناكير زي اللي بيعملوه الحريم بالمرة كمان، انت تشل بلد بحالها يا يوسف، يا جزين هو انت متسلط على بسيوني؟ الراجل قرب يكلم نفسه منك


ضحك الثلاثة وجاء رده ببساطة:

- يا عم وانا اجننه ليه بس؟ هو اللي دايمًا متعصب، ومش قادر ينسهالي ابدا اتي غفلته واتجوزت اخته من غير ما يعرف، طب اهي  متجوزها بقالي سنتين،  شفتوها في مرة شكت ولا زعلت مني؟


نفى الاثنان برأسهما ليواصل هو:

- حكم علينا ما نخلف غير بعد ما تخلص كليتها وانا برضو قبلت، مش عشانه، بس عشانها هي متتعطلش ولا تأخر سنة في الدراسة،  دا انا بعد الايام على صوابعي عشان تفضالي من مذاكرتها ودراستها وتبقالي زوجة كاملة، طب تصدقوا بإيه:


- لا اله الا الله.

تمتم بها الاثنان ردا له ف استرسل متابعًا:

- وربنا انا صاحبت تقريبا معظم الدكاترة اللي بيدرسولها، بخاف لحد منهم يتهف في مخه يستقصدها ولا ينقص درجاتها. 


رغم عبثه الدائم إلا ان كلماته البسطة اثرت بصدقها على الاثنان، فلا يشعر بلوعة العاشق سوى عاشق مثله.

ليربت على كتفه غازي بتقدير:

- عارفك يا يوسف والله وحاسس بيك، عشان كدة كد ما تغلط ولا تبهدل الدنيا بعمايلك بعديلك واسامح،


اضاف عارف هو الاخر:

- ربنا يصلح لك الحال يا جميل مع مرتك ، ويهدى عليك بسيوني. 

قال الاخيرة بخبث قابله الاخر بمثله:

- ويعني هو هيغلب فيا، بسيو دا حبيبي .


قالها وانطلقت ضحكات الثلاثة لتصل الى النساء في الجهة القريبة،  حيث الجلسة اسفل عرش الكرم ، لرعاية الأطفال الصغار .


- ابنة روح وتوأم غازي والطفل الوليد سراج ، ابن بسيوني ومشمش التي كانت تحتج بغيظ نحو عمته التي استولت عليه منذ قدومها لمنزل الدهشان:

- كفاية يا بقى يا ورد، انا اشتقت لابني وعايزة اشيله شوية .


تبسمت روح معقبة بفكاهة على قولها:

- اشتجتي لابنك! ايه يا ست؟ انتي محسساني انك مفرجاه بجالك عمر، دول مكانوش ساعتين تلاتة من وجت ما استولت عليه عمته 


قالت الأخيرة بلمحة ماكرة جعلت زوجة اخيها تضرب كفا بالاخر متمتمة:

- يخرب مطنك انتي كمان، هو انتي بتهدي ولا بتسخني 


كورت مشمش شفتيها تعبر عن بؤسها، ليأتي رد الأخرى:

- معلش بجى يا مرة اخوي، بس لازم تعرفي من اولها ، طول ما انا جاعدة عندكم هنا، الواد مش هيفارج حضني، غير عشان يرضع وبس، انما غير كدة انسي ، حتى تغير الحفاضات انا برضوا مش هشيلك همهم، ما انا مبجرفش على فكرة...


قالتها بابتسامة زادت من حنق لتدب بقدمها على الأرض مغمغمة:

- يوووه، دا اتاري يوسف عامل فيا جميلة وانا مش واخدة بالي


قالتها مشمش بعفويتها لتنطلق ضحكات الاربعة ، حتى تدخلت نادية بالسؤال:

- طب وانتي يا ورد ما تتشطري يا ناصحة، وجيبي عيل زيها، مش خلصتي دراسة خلاص .


سمعت منها فتلون وجهها بحمرة مفاجئة، ترتسم على ملامحها ابتسامة غامضة، فهمت عليها بعد لحظات روح لتخاطبها بفراسة:


- شكلك مخبية حاجة يا بت انتي، لتكوني عملتيها؟

امام ترقب الاخربات اومأت برأسها لتنطلق الصيحة من مشمش بغير ادراك:


- ايوة كدة يا وديع، عملتيها يا بلوة ومخبية علينا؟

لم تتمالك ورد ان تكمل بالرد، وقد غلبها الخجل الشديد مع تعليقات الثلاثة لها، وانتباه الرجال لحديثهن، حتى تقدم زوجها اليهم كي يستطلع الامر ، وقبل ان ينبت فمه بالسؤال بادرته مشمش تخبره بلهفة:


- افرح يا يوسف، شكل مراتك عملتها وحامل. 

وعلى عكس ما توقعت من صيحة فرح او صراخ، وجدته يتبسم بثقة يضمها إليه قائلًا:


- وايه الجديد؟ ما انا عارف من اول لحظة ، بس شرطت عليها متتكلمش لحد ما الاقي الوقت المناسب واعلن الخبر بعد ما تخلص امتحاناتها.


على الفور صدحت مشمش بصوت زغروطة قوية لتتبادل مع الاخريات في التهاني والمباركات وانضم الرجلين ايضا غازي وعارف، لتهنئة يوسف وزوجته، حتى وصل صوت الجلبة لمن كان يتبادل الحديث مع أصدقائه الحرس وتفاجأ بما يحدث أمامه،  ليجفلهم بصيحته:


- يعني البت حبلت وانا اخر من يعلم، جدرتي تخبي على اخوكي يا ورد.

تقدمت نحوه على الفور تراضيه:

- والله يا خوي انا ما كنت متأكدة زين، يعني مكانش ينفع اتكلم 


تدخل معها زوجها يؤازرها:

- على فكرة بتقول الصدق يا بسيو، هي كان عندها مجرد شك، وانا اللي قولتلها تركز في دروسها عشان نخلص من الدراسة، بس انا كنت متأكد طبعًا. 


قالها ليزيد من استفزاز الاخر والذي انتفخت اوداجه يهدر به:

- يعني كله منك انت، هو انت ايه ياخي مبتضعبش وجت.

 قابل يوسف ثورته بزهو ووقاحة قائلًا:

- طبعا يا حبيبي هو احنا بنلعب، عشان تعرف بس قدراتي.


هذه المرة خرج الرد من غازي الذي صاح به ينهره:

- انت يا زفت، نجي الفاظك في حريم وسطينا. 


- ودا بيهمه حريم ولا بني أدمين، دا شايل برجع الحيا ووشه مكشوف. 


- وماله يا حبيبي لما يبقى وشي مكشوف،  هتكسف مين ايه ان شاء الله. 

قالها يوسف لينطلق الاثنان في وصلة من المناكفات الحادة والساخنة، قبل ان تهدأ بعد قليل وكان شيئًا لم يكن، ثم تستمر الجلسة بين الأصدقاء الرجال وزوجاتهم السيدات في أجواء تسودها الالفة والمحبة. 



.اللهم انعم على الجميع بالصحبة الطيبة والمحبة من القلب.



.... تمت.....


إلى حين نشر الرواية الجديدة للكاتبة أمل نصر، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية..

رواياتنا الحصرية كاملة