-->

رواية جديدة لؤلؤة الليث لإيمي عبده - الفصل 8 - الأحد 11/8/2024

 

قراءة رواية لؤلؤة الليث كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى






قراءة رواية لؤلؤة الليث

 رواية جديدة قيد النشر

من روايات وقصص 

الكاتبة إيمي عبده


الفصل الثامن

تم النشر يوم الأحد

11/8/2024



اليوم آتته رساله من قريب بعيد له يخبره بأن لديه أخت لديها مشكله كبيره مع عائلة زوجها، ويحتاج عونه فهما رغم أنهما من العائله، لكنهما من الفرع الفقير بها، ويرجو منه أن يساعده، وقد وجدها كاظم فرصه ليبتعد عن القصر وحياته هنا، فسافر إلى القريه؛ ليرى ما القضيه حيث إستقبله قريبه بسعاده، وكم أسعده هو وأخته تأكيد كاظم بأنه سيساعدهما.


كانت تلك القريبه بائسه جداً تقص له معاناتها مع زوج قاسى، وهو يستمع لها بإهتمام، بينما ظل أخاها يستمع بصمت دون تعليق على أى مما تقول. 


- لقد كنت أرجو إسعاده، وأعمل فقط لرضاه، لكنه لم يكن يرضى بأى شىء! ووالدته ترى أننى أقل من أن أصبح خادمه لديها مع العلم أنهم فقراء مثلنا، لكنها كانت تمنى نفسها بتزويحه من إمرأه أثرى؛ ليرفع شأنها ويعوضها فقرها المضجع.


تعجب كاظم مما تقوله: وما الذى أوحى لها أن الفتاة الثريه سترغب به؟!


- فقط لأنه وسيم قليلاً.


ضاقت عيناه عليها: إصدقينى القول؟ هل تزوجتيه لهذا السبب فقط؟!


تلعثمت قليلاً ثم سألته بإرتباك: ماذا تعنى؟


- لأجل وسامته؟


أنكست رأسها بخزى جعل أخاها يتذرع بصنع قدح من القهوه لضيفه؛ ليهرب من هذا الوضع الحرج فأخته عقلها فارغ، وستسبب فى إحراجه، وقد قرأ ذلك بتعابير وجه كاظم.


بينما سخر منها كاظم بإنزعاج: أنتِ حمقاء بالفعل! فلنتخيل أنه أُصيب بحادث ما دمر وسامته ستتركيه يعانى وحده؟! لا فلنعكس القصه، ماذا لو أُصبتى أنتِ هل سترضين بأن يرحل عنكِ كل من حولك لأن جمالك تلاشى؟


أفزعها إقتراحه، فهتفت برفض: لا! بل أريد دعمهم!


لم يبالى بفزعها وتابع بهدوء: إفعلى لغيرك ما تتمنيه لنفسك، حتى يفعله غيرك لكِ، لا تكونى أنانيه ترغبين بأكثر مما تعطيه!


أشارت إلى نفسها بتفاجؤ: أنا لست أنانيه!


- ما قلتيه قمة الأنانيه، سأعيدك إلى زوجك، لكن فكرى قبل ذلك، هل تريدينه لشكله فقط؟ أم لأكثر من ذلك؟ فكرى بعيداً عن مظهره، وأجيبينى ف الغد، وجوابك ما سيحدد كل شىء.


❈-❈-❈


صدع صوتٌ صاخب بمدخل المنزل: يا أهل البيت، أيها الحمقى! لقد أتيت.


رفع كاظم حاجبيه متفاجئاً: ما هذا؟!


نهض الأخ يشعر بالحرج: أعتذر منك.


فتمتمت الأخت بإنزعاج: إنها أختى الحمقاء.


نهضت غاضبه وتوجهت إلى أختها تزجرها بغضب: ألا تتعلمين مطلقاً؟! لما كلما دخلتى المنزل تدخلين بذوبعه هكذا؟!


رفعت رأسها بشموخ، وثقه: لأخرج البؤس من المنزل، ويحل المرح.


دفع الفضول كاظم إلى الخروج؛ لرؤية صاحبة الصوت الصاخب، وحين رأته هتفت بإنبهار، وتلقائيه.


- يا ويلى! من هذا الوسيم؟!


فعنفتها أختها: تأدبى يا فتاة.


لكنها لم تبالى ونظرت إلى أختها تبتسم بسخريه: هل هذا بديل زوجك؟


- ماذااا؟!


تفاجأت بصرخة أختها المصدومه، فأوضحت بلا مبالاه: أنتِ غاضبه منذ وقت طويل، أظنك مللتى من زوجكِ، لكن لو كان هذا البديل فقد أحسنتِ الإختيار، لكنه مسكيناً أساء الإختيار.


- أيتها البلهاء! سيظنك محقه؟


- أنا بالفعل محقه!


- كفاكِ حماقه وإلا عوقبتى.


تهديدها المزعج أثار حفيظة أختها: لست صغيره لأُعاقب!


- بلى، فعقلك صغير.


حينها ظهر أخاهما من الداخل يسألهما بإنزعاج: 

ماذا هناك؟!


فأشارت إليها بإزدراء: إنها تلك الحمقاء.


فتأفف بضيق: ماذا فعلتى مجدداً؟


= لا شىء تعلم كما أعلم أننى بريئه.


إبتسم بعطف: دوماً حبيبتى.


- دللتها حتى لم نعد نستطع التعامل معها.


= أرأيت إنها تغار منى.


نظر لها بإشفاق: بالطبع فلتذهيى إلى غرفتك؛ لتغتسلى، ثم أخبرينى لاحقاً كيف قضيتى يومك؟


بدى الحزن على وجهها، وغادرت صامته، فتعجب كاظم، لكنه قبل أن يسأله، وجد أختها تصرخ بغضب.


- لا أفهم لماذا تدعمها دوماً؟!


قضب جبينه بحزن: أنا أجارى عقلها الصغير، المسكينه كبيره بعقل طفله.


أذعنت لكلماته: أعتذر.


حينها ضجر كاظم مما يحدث: هل يمكننى أن أفهم ما الذى يحدث هنا؟!


- إنها أختنا روچيندا.


- فهمت هذا.


- كما ترى إنها طفوليه جداً، ولا تستوعب بسهوله، إنها بكل أسف مريضه.


- لم أرى بها أى عله!


- لم يقبل بها أى رجل بقريتنا.


لم تخفى عليه نبرة الحقد بصوتها، فعلق بهدوء: إنهم حفنة حمقى.


- ماذا؟!


- أختكما أراها بخير تماماً، إذا كنتما أخويها ولا تفهماها، فكيف بالغرباء أن يفهموها؟


نظر إليه الأخ بإهتمام: ماذا تعنى؟


- أعنى لنحل مشكلة أختك الكبرى، ثم لنرى الصغرى.


إعترضت بتذمر: أنا الصغرى وليست هى!


- يا الهى! ليس من بالخارج فقط الحمقى!


- ماذا هناك يا سيد كاظم؟


- لا تأبه بى، تصبحان على خير.


- وأنت كذلك سيدى.


❈-❈-❈


حين غادر إلى الغرفه التى وضع بها الأخ حقيبته، وأخطره أنها التى سيمكث بها تبادل الأخوين النظرات المتعجبه.


- ما به؟!


- لا أعلم لكن أظنه القادر على حل مشكلتك.


- نعم أظن ذلك، ولكن أخبرنى أهو متزوج؟


قبل أن يجيبها أجابت هى: بالطبع فرجلٌ مثله يستحيل أن يظل حتى الآن بلا زواج، لابد وأن الأميرات تترامى أمامه.


- نعم هذا صحيح، لكنه يرفض الجميع، فهو أرمل يحيا على ذكرى زوجته، لكن لا تفكرى بالأمر.


- لكن لما لا؟!


- أنتِ متزوجه!


- نعم، ولم أعد أطيقه بعد أن رأيت هذا الوسيم الرائع.


- كُفي عن الحماقه لن ينظر لكِ.


قضبت جبينها بإنزعاج: ولما لا؟! فأنا جميله!


- ليس إلى تلك الدرجه، فهناك أجمل منك بمراحل، وكما سمعت فزوجته الراحله كانت ذات جمال نادر، وطبيعه مميزه، وأنتِ مجرد بلهاء!


- إننى قريبته.


- من بعيد عزيزتى، لم يرى وجهك سوى اليوم!


- الحب لا يحتاج وقتاً.


- أنتِ معجبه بهيبته، ووسامته، وسلطانه ليس إلا، لكنه قاسى شرس.


- لا بل طيب عطوف، وإلا ما كان ساعدنا.


- إنه يرأف بالجميع، لكن لا يغفر لأحد.


- ماذا تعنى؟


- أعنى أنه سجن والدته بنفسه، فتعقلى.


إتسعت عيناها بعدم تصديق: ماذا؟! كيف فعل هذا؟!


- لقد منع نشر الخبر فى الصحف، لكن الجميع علم به.


- هذه شائعه.


- لا بل حقيقه، إنها عائله دمويه قتلت والدته الجميع بغيابه، فسجنها لكنه فعل المستحيل؛ لينقذها من الموت، لكن ليس من السجن، وأغلب الظن أن له يد فى المجزرة التى حلت بأهله.


- لا يمكن!


- لا أحد يعلم بالحقيقه، لكنه ليس من الناس التى يسهل الإيقاع بها، وإذا كان زوجك أحمق تغوينه بكلمه، فكاظم لن تستطيعى السيطره عليه مهما فعلتى.


تأففت بإنزعاج، وغادرت إلى غرفتها تفكر بحديث أخاها، فكاظم فرصه لن تعوض، ستصبح سيدة المجتمع، والجميع سيبجلها، وستعود كل عدة أشهر إلى قريتها لتتعالى على الجميع، تنظر بإزدراء إليهم؛ لتكيد أختها الكبرى، وتريها أنها أسعد ما تكون، بينما هى عانساً لا حول لها.


إنها أجمل منها، ودوما ما كانت تتصنع أنها لا ترى هذا، وكانت دوماً تعبث برأسها؛ لتدمر أى زيجه لها؛ لكى تظل خادمه لها، فهى تأتى لخدمتها كلما ودت، فوالدة زوجها عجوز باليه، وزوجها رجلٌ بسيط يريد حياة روتينيه عاديه.


لقد ضجرت منه، لقد أسعدها الزواج منه؛ لأنه أوسم شاب بالقريه، لكنه الأفقر أيضاً، لذا أصبحت تتصيد له الأخطاء، وتنفره، وتدعى أنه ووالدته ظالمين.


❈-❈-❈


ضباب يكسو الهواء، وعيون ترصده بخوف، لكن لا أحد يقترب، جميعهم جبناء يخشون حتى السؤال، يتركونه يأكل من القمامه، وينام على الرصيف، ينظرون نحوه بإزدراء؛ فقد سار بالطرقات غارقة ثيابه بالدماء لعدة ليالى حتى أصبحت هيئته مقززه ورائحته لا تحتمل!


تقدم أحدهم وركله بغضب، وأمره بالرحيل، لذا غادر المكان وسار لا يدرى ماذا يجرى حوله؟ حتى كاد يصطدم بإحدى السيارات، وحين نزل قائدها، وتفحصه، وأراد أخذه معه لم يعترض! وحين أتى معه سمع بكاء طفله أعاد له وعيه فركض نحوها، وإذا بها إبنة عمه التى فقدها منذ عدة أيام، وتيتمت كحاله ولسبب ما علم أنه إذا أخبرهم بصلته بها سيؤذونهما معاً، وسيبعدونه عنها، لذا ظل حارسها الأمين دون معرفة أى أحد حتى هى! وظل يسايرهم حتى يظل بجوارها، فرغم كونهم مجرمين لكنهما بمأمن عن بطش جدته؛ لأنها لن تترك الفتاة على قيد الحياة، ولن يستطيع حمايتها أحد، ولا حتى والدها فوجوده لم يمنع جدته من قيامها بتلك الجريمه، فقد قتلت إبنها الأكبر وزوجته، ولم تكن لتمانع بقتله؛ لتتخلص من الفتاة ووالدتها فقد لاحظ كرهها لها منذ البدايه، فلم تكن تحتضنها أو تدللها كما تفعل معه، لم تُقَبلها حتى أنها لم تنظر بوجهها سوى بمقت!


لقد تمتع بذكاء حاد قد ورثه عن عمه، وقد ساعده كثيراً فى السير بدروب الأشواك التى مر بها، أما لؤلؤه وبكل أسف كانت نسخه مطابقه لوالدتها ورثت عنها طيبتها، وسذاجتها، كانت بريئه لدرجه يسهل التلاعب بها.


نهض اليوم منزعجاً يشعر بإنزعاج، ما الذى أثار تلك الذكريات التعسه برأسه؟! لا يعلم لكن أغلب الظن هو قراره بالهرب من هذا الجحيم، خوفه مما قد يواجهه بالخارج، لكنه أصبح كبير الآن لن يعانى كما كان صبياً

مسح عرق جبينه بضيق فلا حاجه لكى يترك مساراً للقلق بأن يتخلل قلبه ويدمر مسعاه، فالكثيرين يعتمدون غليه الآن، لقد وعدهم بإجتماعهم الأخير أن يخرجهم من هنا قريباً. 


❈-❈-❈


بعيداً عن تلك الجدران الحجريه العتيقه، والأشجار العالية الصامته حيث أشجار النخيل العاليه التى تحيط بالحدائق الغناء وكأنها ستار يحميها من المتطفلين.


سحر الرمال الذهبيه، وعطر البحر المنعش لابد وأن ينسجا معا حوريات فاتنات تسحرن القلوب، كتلك الفتاه المرحه (روچيندا) التى تربت بين أحضان الطبيعه. 


كانت روچيندا تتميز بسحرها الخاص، لا تتعالى بجمالها، ولا تبالى برأى الآخرين، صريحه، بسيطه، محبه للجميع خلاف أختها الحمقاء المتعاليه. 


إستيقظت روچيندا اليوم كأى يوم آخر ينعشها صوت العصافير المغرده، ونوافير المياه تسقى الأشجار، والزهور تشتم عبق الطبيعه الندى.


نهضت منتعشه متناسيه حزنها لتستطيع قضاء يومها.


نظرت إلى عقارب الساعه المتباطئه لتجدها مبكره كعادتها، فتمطأت بكسل، ونهضت لتستمع بلحظات الصباح الأولى، تستقبل أشعة الشمس من نافذة غرفتها لتنعش رئتيها بالنسيم البارد الصافى.


غيرت ثيابها بأخرى فضفاضه بسيطه، وأسرعت بالنزول إلى المطبخ.


❈-❈-❈


بعد عدة دقائق إستيقظ كاظم نشطاً يرغب بالتريض كما إعتاد، فسمع أصوات جلبه من الأسفل، فنزل ليتفاجىء أنها تلك الفتاة الصاخبه التى رآها بالأمس، وهى وحدها من تعد الفطور!


- صباح الخير.


أدارت وجهها نحو الباب مبتسمه: صباحك خير سيدى.


- أدعى كاظم.


عدلت كلماتها: صباح سعيد سيد كاظم.


وجدها كما توقعها بسيطه، لينه، تساير الكل لكى لا تثقل الهموم برأسها، ترتاح لها النفس على خلاف أختها تماماً فإبتسم بود.


- وأنتِ؟ ما إسمك؟


- روچيندا.


- إسم جميل، أتعلمين معناه؟


- نعم إنه الشمس المشرقه، والفتاة ساحرة الجمال.


قبل أن يعلق بأى شىء، تابعت بصوتٍ لا مبالى، لكنها فشلت فى إخفاء ألمها به.


- لكنه لا يناسبنى، أعلم هذا.


قضب جبينه متعجباً: أى أهوج فاقد النظر أخبركِ بهذا؟!


- الجميع.


- لابد وأنهم حمقى، أو عميان.


- لا هذا، ولا ذاك.


- إذن مؤكد فاقدى العقل.


- لما تقول هذا؟


- لأن الإسم يناسبك مئه بالمائه.


- أشكرك على محاولتك التخفيف عنى.


لن تقتنع بسهوله، ولن تدرك الحقيقه الآن تحتاج لأمر يقينى لتدركها لذا فضل تغيير مسار الحديث.


- أين باقى الأسره؟


- إنهما نائمين.


- وأختك ألا تعاونك بتحضير الفطور؟


تابعت عملها وهى تجيبه بلا إهتمام وكأن الأمر لا يعنيها: أختى لا تحسن الطهو.


رفع حاجبيه متفاجئاً، فقد كانت أختها تقول أنها تشقى بمنزل زوجها، فإذا كانت لا تحسن الطهو فبما كانت تشقى؟!


- إذن كيف كانت تطهو فى منزل زوجها؟!


- أنا من أطهو، وأهتم بشؤن منزلها، وأرعى والدة زوجها قبل أن يعود زوجها من العمل.


إزدادت دهشته أكثر فهذا يعنى رفاهية الأخرى تماماً! فأى شقاء تعانيه؟! كما أزعجه إسلوب روچيندا التى تتحدث وكأن ما يحدث الأمر الأكثر طبيعيه فى الوجود!


أخفى تفاجؤه وسألها بهدوء: وهل يعلم زوجها بهذا؟


- نعم بالطبع.


- ويوافق؟


- نعم فكل ما يريده هى.


لا هذا كثير على عقله ليستوعبه فلو كانت من أثرياء القوم، ولديها الخدم لمرر الأمر، فهذا أمر طبيعى بطبقته المخمليه، لكن أن تكون فقيره، وتتخذ من أختها خادمه مجانيه لها بموافقة زوجها، ورضاه فهذا حقا كثير!


- لا أفهم ما فائدتها فى المنزل إذن؟


- زوجته.


تنهد بضيق من تقبل روچيندا لكل هذا ببساطه: وما الذى من المفترض أن يعنيه هذا؟!


فتحت فرن الموقد لتنظر إلى الخبز، ثم رفعت عينيها إلى الطنجره الصغيره؛ لتتيقن من نضج حبات البطاطا، ثم توجهت إلى صنبور الماء؛ لتملأ كوباً من الماء لتضيفه إلى الطنجره لكى لا تحترق البطاطا، وهو يتابعها بهدوء، يكبح رغبه قويه بداخله ليهزها بقوه علها تفيق من غفلتها.


بعد أن ظنها لن تتحدث، وجدها تمسك بقطعة قماش صغيره تجفف بها يديها، وعيناها تنظر إلى يديها بتركيز، وكأنها تخشى أن تبتلعها القماشه! أو تهرب منها!


رفضت أن تنظر إليه، وهى تجيبه بهدوء غريب، وكأنها إعتادت الألم.


- يعنى أن الجميلات خلقن للزواج والقبيحات للخدمه.


صر أسنانه بغضب: أولاً القبح، والجمال شىء ضمنى لا يمكن الحكم عليه من وجهة نظر واحده، قد أرى الجمال فيما يراه غيرى قبيحاً، والعكس صحيح قد يزعجنى ما يسعد غيرى وهكذا، ثانياً الجمال الداخلى من يجعل الشخص جميلا، وليس الجمال السطحى، وثالثاً وهو الأهم من كل هذا أى أحمقٍ أوحى لكى بأن أختك أجمل منكِ؟!


تنهدت بحزن: الجميع يرى هذا.


- حفنة الألوان التى تضعها بوجهها لا تعنى أنها أجمل منكِ مطلقاً!


إبتسمت بإنكسار لظنها أنه يواسيها: لكنها تعجب الجميع.


- أخبرينى أى منكما والدة زوج أختك تحبه أكثر؟


- أنا.


- ولما؟


- لأننى أرعاها بحب.


- نعم.. وأعتقد أنها تتمنى لو أنكِ كنتى زوجة إبنها وليس أختك.


- هذا صحيح، لكن الرجال تحبها هى وليس أنا.


- تختلف خيارات الرجال تبعاً لأطباعهم وطريقة تفكيرهم.


نظرت له أخيراً: بمعنى؟!


- أى أنكِ لستِ أقل جمالاً من أختك.


- لكن لا أحد يرغب بى.


- من قال هذا؟!


- الجميع، حتى أخى يرانى معتلة العقل.


- هو الأبله معتل العقل وليس أنتِ.


صمت للحظه ثم سألها بإرتياب: هل يعجبك زوج أختك؟


اتسعت عيناها ورفضت فزعة: لا! يا إلهى! هو كأخى تماماً!


ضاقت عيناه عليها: صدقاً؟


- بالطبع.


- أنا أقصد بسؤالى هذا قبل زواجه من أختك؟


- لا لم يعجبنى أى من رجال القريه، أراهم حمقى.


- ولما؟!


- لأنهم يعتقدوننى حمقاء.


قهقه بمرح لم يشعر به منذ سنوات: لدى شعور أنهم حمقى بالفعل.


- نعم.


❈-❈-❈


عقد ليث العزم أخيراً على إتمام خطته، وقد أخطر الجميع أن الليله هى ليلتهم الأخيره بهذا الجحيم، لكنه لم يخبرها فقد أتى إلى غرفتها بالمساء.


- ألازلتِ مستيقظه؟


بدى على وجهها الحزن يكسوه عتاباً صامتاً: لما تتعجل نومى؟


تعجب لحالها: ما بكِ؟!


- لا شىء سأخلد إلى النوم، تصبح على خير.


توجهت إلى فراشها بقدمين مثقلين وكأنها مقيده بأغلال حديديه تمنعها من الحركه، وبدأت تترنح حتى كادت تسقط أرضاً لولا أن لحق بها مسرعاً، وإلتقفها قبل أن تتهاوى على الأرض، ثم أسندها حتى فراشها وأجلسها عليه بحذر.


- ما بكِ، أهناك ما يؤلمك؟


- لا.


صوتها البارد الخالى من الحياة جعله يقضب جبينه بضيق، وهتف بسخط: ماذا هناك ورده؟


صوته الساخط زاد من غضبها فصرخت بإستياء: أيها الوغد! ماذا فعلت بك لتكرهنى هكذا؟!


إتسعت عيناه بتفاجؤ، وكاد يعترض لكنها لم تعطه الفرصه فقد تابعت صراخها.


- لا ذنب لى أننى من عدت، وليست لؤلؤه!


لم ينزعج من ذكر إسم لؤلؤه أو يتأثر حتى، لكنه أحس بإختناق لمجرد الفكره.


- أيتها البلهاء! ما علاقة لؤلؤه بصراخكِ هذا، وأى وغد عبث برأسكِ، وأوهمكِ بأننى أكرهك!


- وماذا يعنى أن تخطط لإنقاذ الجميع عداى؟!


- من أخبرك؟


- أتلك هى المعضله؟ إطمئن رعاياك المخلصين لم يتفوهوا بحرف سمو الملك.


سخريتها جعلته يرغب فى دق عنقها لكنه حافظ على هدوئه، وأنصت لها وهى تتابع بحزن.


- سمعت إثنين يتهامسان بالقرب من غرفتى، أشعر أنك من أرسلتهما عمداً لتوصل رسالتك المؤلمه إلي.


- أتريننى بتلك البشاعة؟!


- أنت من لا ترانى مطلقاً!


تنهد بضيق ثم أوضح لها بضيق: لم أخبرك؛ لأنه لم يتثنى لى الفرصه لرؤيتك، وأتيت الآن؛ لأنكِ شريكتى بهذه الخطه أنا وأنتِ سننفذها سوياً، والبقيه سيتبعون خطانا.


سخرت من كلماته: أتلك حيله تخدعنى بها؟ إطمئن لن آتى معك يكفينى ما مررت به من ذل.


لم يعد يحتمل فقبض على كتفيها بغضب وأخذ يهزها بعنف: أفيقى من نوبة الحزن الغبيةِ تلك، لا وقت لدينا للعتاب والبكاء، حين نخرج من هنا إفعلى بى ما شئتى ، لكن الآن لابد وأن نغادر وإلا فقدنا فرصتنا الوحيده، والتى لن يغفرها لكِ أحد هل لديكِ القدره على تحمل ذنب كل من هنا؟ إنهم يأملون بالحريه وبغبائكِ ستضيعينها.


يتبع..

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة إيمي عبده، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية..

رواياتنا الحصرية كاملة