-->

رواية جديدة لؤلؤة الليث لإيمي عبده - الفصل 5 - السبت 3/8/2024

 

قراءة رواية لؤلؤة الليث كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى






قراءة رواية لؤلؤة الليث

 رواية جديدة قيد النشر

من روايات وقصص 

الكاتبة إيمي عبده


الفصل الخامس

تم النشر يوم السبت

3/8/2024


كان الرجال يتباحثون بشأن لؤلؤة مع التاجر فرغبته بأخذها لنفسه تعنى خسارتهم الصفقه المربحه التى يريدون إبرامها بشأنها، ورغم رغبتهم جميعا بتلك الفاتنه لكن المال أكثر إغراءاً، وهى بينهم لا تدرى كيف تتصرف حتى بعد أن أفاقت، وبدأت تعى كل ما حولها؛ فقد كانت شابه بعقل طفله تمتعها قصص الليث وحكاياه المشوقه، ولا تعلم شىء بخصوص العالم الخارجى.


❈-❈-❈


تفاجىء ليث بخلو غرفة لؤلؤه، فخرج مسرعاً ليبحث عنها؛ فالغرفه لم تكن مرتبه فقط بل كانت خاويه كالغرف التى تستقبل القادمين الجدد.


وجد علياء تراقبه من بعيد بنظرة سعاده خبيثه، فتوجه إليه يحمل فى نفسه قلقاً مما قد حدث حيث سألها بحده.


- أين هى؟


تصنعت الغباء، وعبست بسخريه: من؟


فإزداد غضبه، وهتف بسخط: لا تتغابى علي أين لؤلؤه؟


إبتسمت بخبث ثم أجابته بتشفى: لقد رحلت.


إتسعت عيناه برعب حقيقى، وعقله يحاول تكذيب ما قالته: ماذا؟! إلى أين؟


ظهر الحقد بوضوح فى نبرتها المتشفيه: وأين برأيك؟حيث تذهب كل الفتيات التى هنا.


بدى الإرتباك، وعدم التصديق على وجهه: هذا مستحيل!


- ولما؟ أوليست كغيرها هنا؟


حرك رأسه إلى كلا الجانبين برفض: لم تتم أى بيعه منذ رحيل ورده!


لكنها لم ترأف به، وهمست بفحيح مخيف: بلى تمت، ولكن بطريقه خاصه هذه المره، فالفتاة مميزه.


لمعت نيران الغضب بعيناه، وقبض بكفه على رقبتها بقوه حتى كاد يكسرها، وهى تحاول الفكاك منه بلا جدوى، ولولا صوته الذى زلزل المكان لما إنتبه لها أحد.


- كيف تأخذون ماهو لى إنها ملكى؟! أتفهمين؟ ملكى.


أتى الرئيس، ورجاله، وكم حاولوا إنقاذ علياء من بين  يد الليث! وهم عدد، وهو واحد لكنه كان أقوى منهم توتاله، ولكنه حين أحس أن قتله لعلياء لن يشفى غليله، ولن يعيد لؤلؤه إليه ألقى بها عنه، ونظر إلى الرئيس بغضب.


- لقد شحذت السكين لمقتلك.


فقهقه الآخر بصخب لكى يخفى الرجفه التى سرت بأوتار قلبه؛ لكى لا يفقد مكانته بين رجاله.


- وهل لديك الشجاعه لتستخدم هذه السكين؟


- الموت سيكون راحةً لك، لن يكون عقاباً مناسباً، أتعلم؟ سأجعلك تتمناه ولن تناله. 


خيم الصمت، فصرخ ليث بغضب، ويأس: أين هى؟


- بيعت وإنتهى الأمر.


- إلى من؟


- لن أخبرك، ولن تتدخل أفهمت؟


قبل أن يجيبه دخل أحد الرجال بوجه مذعور: أيها الرئيس!


- ماذا هناك؟


تلعثم بإرتباك: لقد إنها أقصد.


- ماذا؟ لما تتلعثم بغباء هكذا؟


- فقط من هول الكارثه!


تجمد جسده بخوف: أى كارثه؟


- لقد أعيدت لنا الفتاة!


تهلل وجه ليث، ودون الإنتظار ليستمع للبقيه ركض للخارج مسرعاً، لكن خيبة الأمل التى ظهرت على وجهه كانت واضحه حتى لتلك التى تحولت إلى لبوةٍ شرسه تخدش، وتجرح، وصراخاتها تخيف الثعالب بجوف جحورها النائيه، وحين رأته رغم كل ما حدث ظنته طوق النجاه فحتى لو لم يشعر بها، فهو مختلف عن الرجال بهذا الوكر الدنئ لكن ملامحه جعلتها تصرخ بصوره أقوى، جعلته يفيق من ألمه، وخيبته، ويتأملها ليرى كم عانت، وكاد أن يتحدث حين خرج الرئيس يتبعه رجاله، وبدى السخط على وجهه، وظن أنه قد يخيفها كما كان يفعل دوماً لكنها -وللعجب- أفلتت من يدى رجاله، وإنقضت عليه تقطع وجهه بأظافرها، وبصعوبه بالغه إستطاعو إبعادها عنه، فقد كانت متشبثه به حد الموت، وقد أذهلت الجميع حتى ليث، فرغم أنها لم تكن منذ البدايه وديعه، لكنها لم تكن مخيفه هكذا أبدا!


إنتشلوها من فوق رأسه، وأدخلوها إلى غرفة موصده بالحديد، وأحكموا إغلاق أى مدخل لها بينما ظل ليث يتابعهم بضيق، لقد ظل هنا لسنوات حتى أصبح منهم، يرى الجرائم تُرتكب، وظل صامتاً ليحمى لؤلؤه، وبلحظه، وبين فنيه وأخرى فقدها، ولا مفر أمامه الآن سوى الصبر، والحيله؛ ليعلم أين هى؟ ولكن هل سيستطيع إنقاذها قبل فوات الأوان؟


❈-❈-❈


الأصوات الصارخه التى تطلقها ورده أفزعت كل من تبقى هنا من زملائها، وجعلتهم يتسائلوا للمره الأولى عما قد يلاقونه بالخارج، وبدأت الظنون تساورهم  حول الحقائق التى توضع برأسهم من قِبَل الرئيس، ورجاله فلما لا يعود أحد من الخارج؟ ولو على سبيل الزياره! ولما عادت ورده بهذه الصوره الموحشه؟ ولما لم يعاقبها الرئيس بعد أن كادت تقتله؟! 


ولكن كيف بالرئيس أن يعاقبها، وقد أصبحت مخيفه يخشى منها حتى رجاله بعد ما فعلته بوجهه أصبحوا يخشو الإقتراب من غرفتها حتى ولو من أجل إطعامها،  لقد أصبحت كالأسد الحبيس الجائع الذى يترقب أول فريسه تقع بين براثنه، والأسوأ أن الرئيس أراد التخلص من ليث، وأخبر رؤسائه بتمرده عليه، والسبب فى هذا فكانت ردة الفعل صادمه بالنسبة له حيث أيد رؤساؤه موقف ليث.


- لديه ألف حق، لقد عمل بجد، وتلك الفتاه مكافئه مناسبه له.


إستنكر ما يسمعه: ماذاااا؟! لقد تمرد علي! ألا يستحق العقاب؟!


- لم نعاقبك حين تمردت أنت أيضاً من أجل ما كان إسمها، نعم علياء،  هو على الأقل لم يفعل مثلك، لقد إنتظر.


- ألن تعاقبوه؟!


- لو عوقب ستعاقب قبل منه، ألا ترى كم الكوارث التى إفتعلتها حتى الآن؟


صمت الصوت الآخر للحظه ثم تابع بهدوئه المعهود:  فلننسى أمر تلك العلياء، وإحضارك لليث دون إذن؛ فوجوده كان تكفيرا عن خطاياك لكن فلنرى ما فعلته الآن لقد أبرمت صفقه مع التاجر، ونحن لا نتعامل مع تجار رقيق آخرين؛ فهذا يكشف بعض من أوراقنا الهامه، نحن دوما نتعامل مع المشترين بصوره خاصه، وسريه، ولكنك كسرت القاعده فقط؛ لتنفث عن حقدك تجاه ليث، فأنت لن تستطيع يوماً أن تصبح مثله.  


كاد أن يعترض، لكن الصوت عاد يتابع بحده مفاجئه: والفتاة الأخرى التى عادت وهذا ما لم يحدث بمنظمتنا يوماً! فكيف بجاريه تباع ونتقاضى ثمنها أن يتم إرجعالها ونتكبد من تحت رأسها الخسائر؟! أنت لم تعد تحسن تربيهم، لقد كانت فظه مع المشترى، وكادت أن تقتله، فتخلى عنها، وإستعاد أمواله، وهذا ما لن نغفره لك، لقد أردنا تحذيرك فقط، ولكنك أسأت التصرف مع رجلك المخلص، لذا فإعلم أن هذا التحذير سيكون الأول، والأخير بصوره نهائيه، فإذا ما أحدثت أى خطأ مجدداً حتى ولو كان صغيراً فستكون نهايتك.


تفاجئ بهذا التهديد الصريح: ماذا؟ أنا خادمكم منذ سنوات! وهكذا ستركولوننى خارجاً! 


لكن الآخر لم يبالى، وأوضح له بسخربه: لا عزيزى لن نركلك خارجاً، من ننتهى منه نقتله.


- ما.. ماذا؟


- ماذا ظننت؟ ستظل تحيا هانئ البال بعد ما كبدتتا من خسائر؟ كما أنك تعلم أسرارا لا يجب أن يعلمها أحد.


لقد أصبح على حافة جرف شاهق، وإذا لم يحسن التصرف فلن يرحموه لكنه لم يستطع ترويض ورده مجدداً بل بدأت الثوره تضرم نيرانها بين الأسرى لديه، ومهما كانت المخاوف التى يزرعها منذ سنوات برأسهم؛ ليظلو خانعين، فبعد ما فعلته ورده، والحاله التى عادت عليها دفعتهم للتمرد، وهم كُثُر، ومهما كانت قوته هو ورجاله فالكثره تغلب الشجاعه، ولن يتغلبوا عليهم لقد إعتمد بث الرعب فى نفوسهم لكى يسهل التحكم بهم، ولكى لا ينتبهو لما يحدث حولهم.


❈-❈-❈


لقد كاد ترويض الرئيس لهم لسنوات أن يتبخر فى الهواء، وصل الرئيس حد اليأس ولم يعد لديه حل سوى التذلل لليث رغم نفوره من هذه الفكره ولكنه تفاجأ أن ليث لم يقايضه مقابل مساعدته بمعرفة مكان لؤلؤه بل بدى هادئاً غير مبالياً بصوره تثير الشك، وأكثر ما أقلق الرئيس أن الليث حين دخل إلى ورده لم يخرج مسرعاً، أو حتى أصدر صوتاً ينم عن تعرضه للأذى، وحتى ورده لم تصدر أى صوت ينم عن إنزعاجها من كسره لصومعتها الصامته، لكن هذا يؤشر ببادرة خير، لكن هذا لم يسعده بل على العكس تماماً، فهذا يثبت كفائة ليث وفشله.


❈-❈-❈


حين دخل ليث الغرفه التى وُضعت بها ورده، ظل يتأمل حالها للحظات، لقد أساءوا إلى تلك الفتاه كثيراً، فقد كانت بسيطه ودوده، والآن تحولت إلى قطه شرسه تمقت الضوء، وتختفى تحت الأسره، ولا تأكل طعامهم إلا فوتاتاً.


تذكر منذ دقائق مضت حين أوقفته علياء قبل أن يدخل إلى ورده، رغم مقته لها، ويقينه بحقدها تجاهه لكنه أنصت إليها، وهى تصف له ورده كما تظنها الآن لتحذره منها.


- إنها تظل جائعه لليالى حتى سقطت بين يديها قطتى المسكينه ففتكت بها، لقد كانت مخيفه ومقززه! لا أعلم لما يبقون عليها؟ الكل يرتعب لهيئتها، تلك اللعينه... حتى حين حاولت قتلها فشلت تماماً؛ إنها تتحرك فى الظلام بخفه وسرعه مذهله، والضوء يفزعها فتتحول إلى وحش شرس تفتك بأى إن كان!


لم يبالى بهذيها، وسألها بهدوء: ماذا حل بها لتصبح هكذا؟


لوحت بيدها بلا إهتمام: لا أعلم، ولا أهتم لكنى أوقن أنها أبشع صوره قد يراها أحد، وتواجدها بين من نحاول إخضاعهم ليس فى صالحنا.


نظر لها بإستهزاء: أتعلمين، أنتِ حقا تستحقين مكانتكِ بهذا المكان.


قضبت جبينها بعدم فهم: ماذا تعنى؟


لم يجيبها، وتركها تنظر فى إثره بإنزعاج فهى حمقاء تتظاهر بالجهل؛ لتخفى حرجها من الإهانه بدلاً من أن تفهم أين الخطأ بها؟


❈-❈-❈


حين يأس من أن تظل ورده بمكان واحد ثابته، تنهد بإنزعاج من الظلمه، ومن كثرة حركتها السريعه: هل يمكننى إضاءة الغرفه؟


- لا.


صرخت برفض، فتأفف بضيق، وجلس على أقرب كرسى صامتاً، لا يبدى أى حركه، أو صوت ينم عن وجوده حتى هدأت حركتها، وإقتربت منه بحذر، وجلست فى أبعد نقطه قريبه منه.


لم تُرد له خاصه أن يضىء الغرفه، فيرى وجهها الملىء بالندوب التى أوشك بعضها على الإلتئام، والآخر مازال حديثا فرغم ما مرت به، ورغم بروده تجاهها، لكنها لم تستطع نزعه من قلبها!


طال الإنتظار حتى ظنته لن يتحدث، فتنهدت بيأس، وحينها فقط تحدث ساخراً.


- سمعت أنكِ تأكلين القطط هذه الأيام، فإحذرى من فرائها؛ فقد يتوقف بحلقك.


قضبت جبينها بضيق لظنه المقزز بها: عما تهذى أنت؟!


- عما يقال عنكِ، فأنتِ ترفضين الطعام، وحين تسللت قطة علياء الحمقاء إلى غرفتك خلسه لم تعد، وحتى حين حاولو البحث عنها، لم يجدوها، ولم تصدر أى صوت ولو حتى مواء ضعيف!


- هم حمقى!


كان السخط يملأ صوتها من إصراره الساخر، لقد أرادت فقط الإنتقام من علياء، فقد حاولت تلك المتوحشةِ قتلها، لذا حين سمعت صوت قطتها قريباً من الباب مدت يدها ببطأ، وخفه من بين القضبان الحديديه، وإختطفتها، ولكنها لم تستطع إيذائها.


زاد من إنزعاجها حين وبخها بضيق: وأنتِ كذلك! عدم تناولك الطعام سيقضى عليكِ.


زوت جانب فمها بسخريه: ألا أتناول القطط! ستكفينى.


ضاقت عيناه عليها عله يستطيع أن يتبين ملامحها بعد أن إعتادت عيناه على الظلام.


- لست أحمقاً مثلهم لأصدق تلك الترهات البلهاء، ولاحظت أن الطعام ينقص بمقدارٍ بسيط، كما سمعت من غرفتى حركةً ما وصوتك الهامس للقطه تحثينها على الرحيل، فمن أى مكان أخرجتها؟


إتسعت عيناها بتفاجؤ: هل ستخبرهم؟


صمت للحظه، ثم سألها بهدوء: وهل ستصدقينى إذا قولت لكِ لا؟


همست بضيق: أعتقد هذا.


- إذن؟


- كان حديد النافذه صدئ، ويسهل خلعه، وإخراجها.


قضب جبينه متعجباً: ولما لم تخرجى معها؟!


أجابته بإنزعاج: لأنى أضخم من أن أخرج من هذا الحيز الضيق!


صمتت للحظات، ثم سألته: هل أرسلوك لتستجوبنى؟


- بل لأعيد تروضيك.


قضمت شفتها السفليه بإرتباك: وهل ستفعل؟


تنهد بضيق: لا.


رفعت حاجبيها متعجبه: ولما هذا؟!


أخفى بسمته المستمتعه بصعوبه: تعجبيننى على هذه الحاله.


صرخت بغضب مستنكره قوله: لم أكن أعلم أنك مختل إلى هذا الحد! أيعجيك تعذيبى؟!


عنفها بضيق: أيتها البلهاء! أتحدث عن شراستكِ، عن عدم خوفكِ منهم، ورفضكِ الخنوع مجدداً، عن الأذى الذى تلحقينه بهم.


تجمدت للحظه بذهول: غريب!


قضب جبينه: ولما؟


- لأنك منهم.


إتسعت عيناه، وتجمد جسده لوهله يحاول عقله إستيعاب كلماتها البسيطه المنطقيه، فقد ظل هنا أسير طاعتهم لكى يحمى لؤلؤه، وبالأخير أصبح منهم.


ترك جميع الأسرى هنا يعانوا؛ ليحمى لؤلؤه من تلك الأفعى السامه التى تنتظرها بالخارج، ويحميها من بطش الخفافيش المضطربه هنا بالداخل حتى أصبح كالنسر الوضيع يرضى ببقايا فرائس غيره.


لقد ظل صامتاً، وإعتاد على رؤية ألم غيره، وإستهان بما سيتعرض له هؤلاء الأسرى الأبرياء من مصائر مجهوله فقط؛ ليهرب من المواجهه بالخارج، ومن العجز بالداخل حتى أصبح مثلهم بلا قلب.


لقد ظن أن فؤاده تحطم برحيل لؤلؤه، لكنه كان هادئا بشكل مريب، وأحس بإرتياح أخافه! هل رحيلها عنا له دون أن يدرى تخلصه من مسؤليتها التى تكبل عنقه؟ لكن ألم يكن يحبها طوال سنوات عمرهما؟ أم تراه حقا من كثرة قيده بها، ووعده الأحمق القديم جعلاه أسير لتلك المسؤليه، وحين رحلت كان كمن تحرر رغم أنها رحلت إلى مصير مجهول!


حين طال شروده باغتته بسؤال لم يتوقعه، أو لنقل لم يظنها بحالتها تلك ستتفوه به.


- هل يمكننى أن أرى لؤلؤه؟


تجمد لوهله، ثم أجابها بصوت بارد: لقد رحلت.


إتسعت عيناها بذهول: ماذاا؟! كيف؟!


- كما رحلتِ أنتِ.


هدوئه زاد من ذهولها: لكنى كنت أظنك ستحميها! ستمنع هذا الأمر!


أدار وجهه عنها، وتمتم بغضب مكتوم: لم يكن الأمر بيدى، ولم أعلم إلا بعد رحيلها.


- ياللهول! أتعلم ماذا عانيت بالخارج؟ لقد أخذونى إلى حيوان بشرى لا يأبه بأحد سوى رغباته المقززه، ولم يرأف بحالى أو يرحم ضعفى، ولم أستطع إطاعة أى من طلباته الغريبه، والأسوأ أنه يرى أن لديه الحق بهذا!


كلما أفضت فى وصفها كلما زاد ضيق صدره لكنها لم تنتبه، وتابعت بحزن: أذكر جيدا بصباى كلمات أمى إن عقلى، وجسدى، وقلبى ملكى، وأنا وحدى من يقرر أن أُسلم أى منهم لأى أحد، ولا يجب أن أُسىء الإختيار، أما إذا أُرغمت على التسليم فيجب أن أحارب بأقصى قوتى.


أومأ مؤكداً حديثها: نعم أظنكِ فعلتى فالرجل أعادكِ وهذا ما لم يحدث من قبل!


أوضحت له بمقت: هددته إما أن يعيدنى، أو أقتله.


- ألم تفكرى أنه قد يقتلك؟ 


أجابته بسخريه: لن يستطيع، فالأحمق متزوج من إمرأه من عائله ثريه يهابها، ويشترى الجوارى؛ لينفث به حقده، وهن يتحملن بمنتهى الذل، لكنه يخشى أن تعلم زوجته، فالأمر من الأسرار القذره لقصره، لكن إذا ماتت إحداهن سيصل الخبر إلى زوجته حتما، والتى لن ترحمه.


تنهدت بضيق، ثم تابعت بحنق: ولكنى أعتقد أنها تعلم، وتصمت خوفاً على مكانتها، فهذا يعنى أنها قد تنفصل عنه، ومن ثم ستهتز كرامتها بين نساء مجتمعها المخملى، كلاهما حقير يستحق الآخر.


دقق النظر إلى هيئتها بالظلام: تعلمين الكثير!


- بلى.


- ولما لم تهربى بدلاً من العوده إلى هنا؟!


- أردت أن أكبدهم الخسائر، أردت أن أنتقم، وأن أجعل البقيه هنا يفيقون.


- نعم، ولكن ألم تفكرى بأنكِ أصبحتى ورقه خاسره قد يتخلصوا منها بسهوله؟


أجابته بثقه: لا.. سيحاولون مجدداً، فخسارتى تعنى خسارة أى فرصه للمال الذى سيجنونه من ورائى، وهم لا يهتمون سوى بالمال، وفقط.


أومأ بهدوء: نعم لكن إستمرارك على هذا النهج سيضعك بخانة مفقودى الأمل، لذا قتلك أوفر لهم من إطعامك.


إتسعت عيناها بصدمه، فأومأ لها بتأكيد.


لقد خططت جيداً، لكنه محق فما العمل الآن، وكأنه قرأ سؤالها بعيناها، فأجابها بإنزعاج.


- سأبحث عن حل، لكن يفضل أن تبدأى بتناول الطعام بصوره طبيعيه؛ لتتمكنى من المقاومه أكثر، كما يجب أن تهدئى قليلاً. 


صمت للحظه، ثم تابع بخبث: أو لنقل لا تفترسى سوى الرئيس وعلياء.


إبتسمت بإرتياح: حسنا.

يتبع..

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة إيمي عبده، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية..

رواياتنا الحصرية كاملة