رواية جديدة خبايا الهوى لهاجر التركي - الفصل 29 - 3 - الثلاثاء 20/8/2024
قراءة رواية خبايا الهوى كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية خبايا الهوى
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة هاجر التركي
الفصل التاسع والعشرون
3
تم النشر الثلاثاء
20/8/2024
زفرت الهواء بغيظ، ثم تنفست بعمق، تحاول أن تهدء ذاتها، وأنّ لا تنفعل عليهِ، هو مُحق، نعم، معهُ كامل الحقِ، هي جرحتهُ وأوجعته مع علم مسبق بذالك، لذا، هي مُخطئة ويجبُ عليها أنّ تتحمل بروده التي تعلم جيدًا أنهُ مُصطنع كُليًا، وذالك الجليد اللذي يُحاول أظهارهِ، يخفي خلفهُ شوق كبير لها ولهفة، هي تشعر بذالك، متبادلاً........
نكست عينيها قليلاً الي الأسفل تتفادي الصدام مع عينيهِ، لكي تتحدث دون توتر:
_عمّاد أنا جاية أقول كلمتين ومش طالبة منك غير أنك تسمعني وبس، حتى مش طالبة أنّك تصدقني أو تقتنع بكلامي.... عمّاد أنا بجد آسفة، عارفة أنها كلمة قليلة علي إللي حصل منّي، وعارفة قد أي أنتَ مش هتصدقني لو قولتلك أنه غصبن عني، وساعتها ده كان لمصلحتك أنتَ قبلي....
طالعها بتمعن، يستمع إلي كل حرفٍ يخرج من شفتيها بتركيز، خارجيًا بارد كالجليد، داخليًا منصهر، لا يروقهُ مظهرها الضعيف المُنكسر بهذا الشكل، لقد أعتاد علي"سمر" العنيدة ذات الرأس الصلب.... واللطيفة بنفس الوقت!.
رفعت عينيها لتتقابل مع سودويتيهِ القاتمة، وجدته ساكنًا، وجههُ لا يحمل أي تعبيرات، توترت أكثر للحظة شعرت أن حديثها ليس لهو أي داعي،ويجب أنّ تنسحب فورًا، لكنّ ضميّرها يؤنبها، يدفها للتكملة علي الأقل لترتاح من عذاب الضمير........ وعذاب آخر ترفض الأعتراف بهِ حتي الأن عذاب تخشاه وتشعر بالرهبة منهُ، عذاب أن تُحب للمرة الثّانية.... أنّ تتذوق مراراته أو هكذا تصورتهُ هي بناءًا عن تجربة أولي فاشلة......
أكملت بعد صمت دام لثواني، تُصارع عقلها وقلبها، وبالنهاية فاز قلبها يدفعها للتكملة دون الخوف من النتيجة:
_عارفة برضو أنك مش فاهمني، عمّاد أنتَ كنت بمسابة الشخص الصح فالوقت الغلط بالنسبة ليا!، جيت في توقيت متلخبط وبايظ في حياتي،كُنت هبقي بظلمك معايا لو وافقت أني أكمل بالشكل ده، لأنك متستاهلش ده منّي، آسفي ميجيش حاجه جنب اللي حصل منّي، وعارفة أني المفروض ميكونش ليا عين اجي لحد هنا...... بس...
فركت كفيها بتوترٍ قائلة:
_قلبي قالي أني لازم أجي، وتلقائي لقيت نفسي قدام بيتك، وبعدها هنا دلوقتي، أنا مش عارفة.... بس هو أنا متلخبطة، مش عارفة فيه حاجه جوايا أجبرتني اني أجيلك.... علشان كده أنا محتاجة أعرف أنا لسة مكاني زي ماهو في قلبك ولا لا؟
_مُهم عنك أوي كده؟.
_آه مُهم، عالعموم أجابتك وصّلت، أنا كنت متأكدة وده حقك علي فكرة.....
أستدارت تُغادر، وعينيها قد ترقرقت بالدموع، خطت خطوة ثم عادتها مرة أخري تقول بنبرة متحشرجة منخفضة:
_علي فكرة بسأل السؤال ده،يمكن علشان أنتَ بقيّت ليك مكان محدش وصله قبل كده...... بعد أذنّك!.
أقتربت فقط من الباب،قلبها يدق بعنف دموعها خانتها وهبطت أستدارت بوجهها بعيدًا عنه، ماذا كانت تتوقع غير ذالك..... ما أن لبثت وفتحت الباب بأيدي مرتجفة، سمعت صوت تحريك الكّرسي، وصوتهُ الحاني يقول من خلفها:
_والله العظيم بحبك يا مغلباني
❈-❈-❈
وقفت "غاليّة" في مُنتصف غُرفة صغيرها تُهدهده بين يديها بحنو وحنان، بعد أنّ أستمعت إلي صوت بكائهُ العالي هكذا فجأة، و وقد كانت تنام بجوارهِ في غرفة الأطفال مُنذ أنّ خرج من الحّضانة، وجاء إلي أحضانها.......
عصبي مثل والداه تمامًا، يبكي كثيرًا ولا يصمت إلا بصعوبة بين أحضانها، لذا هي أتخذت غرفة الأطفال غرفتها لحين أشعار آخر...... زوجها يتعب كثيرًا في عملهِ خاصةً بعد تعب والداها ومكوثة بالمنزل، وأسندَ كل شئ لـ زوجها، فأصبحَ الحملُ عليهِ ثقيلاً، لا ينام إلا سويعات قليلة، لذا تحاول قد الأمكان أبعاد أي ضوضاء عنه أثناء نومهِ، وطبعًا الضوضاء كُلها مُتمثلة في ذالك الصغير الشقي......
ظلت تسيرُ بهِ بالغرفة ذهابًا وإيابًا تُغني له بهدوءكي ينام بعد أن أطعمتُه رضعتهُ، دقائق وأخيرًا خلدَ الصغيرُ بالنوم، فوضعتهُ في مضجعهِ بترويٍ، أستدارت فأصتدمت بـ "عُمر" الواقف خلفها، يُربع كلتَا يديهِ أسفل صدرهِ يُطالعها بنظرات مُتضايقة عاقدًا حاجبيهِ.....
أبتسمت لهُ قائلة:
_أكيد صوت عياط يوسُف صحاك..... معلش يا حبيبي كان جعان أوي يا عين أمه، النهارده أتشغلت جامد مع سمر اليوم كان طويل أوي ومُتعب بس الحمدلله عدي علي خيّر.!.
_لا والله.... بقا حتة الكائن إللي ميجيش أتنين كيلو ولا تلاتة وأخدك كده مني علي الآخر، مكنتش أعرف أني هجيب لنفسي دُرة!؟.
ضحكت بصخبٍ، ثم كتمت ضحكتها فورًا عندما أنتبهت لوجود الصغير، قائلة بصوتٍ هادئ خفيض كي لا تُوقظه:
_وطي صوتّك هيصحي أنا مصدقت نيمته، وبعدين أي يا عُمر هتغير من أبنك حبيبك برضو؟
ختمت جملتها مُقتربة منه تعبث بياقة بجامتهِ البيتية بدلع وغنغ، ظلَ هو عاقدًا حاجبيه كما هو لم يلين أمام نظراتها الناعسة كالقطة، أبتسمت بنعومة ومازالت تعبث بياقة البيچامة:
_ ده عيّل صغنون يا روحي....
_عيل بس واخدك منّي برضو؟
_مين قال كده بس، منا معاك أهو.... اليومين إللي فاتوا بس كنت مشغولة في تحضيرات فرح سمر، وأهو الفرح خلص، وافضتلك يا سُكرة أنتِ....
_ثبتيني ثبتيني؟
قلبت عينيها بضجرٍ أنثوي أتقنته بمهارة، تتمايل ناحيتهُ بأنوثة تهمسُ لهُ عن قُرب:
_طول الكام يوم اللي فاتوا، في عز أنشغالي برضو، مغبتش عن بالي علي فكرة.... و وحشتني أوي!.
قالتها بنعومة، بينما تُسبل له بعينيها الناعسة، تاهَ هو دون جهد، وسحرتهُ بسودويتيها الناعسة، فلنَ أخيرًا، وأنفرجت شفتيهِ بأبتسامة عابثة قائلاً بمُشاكسة:
_أنا ماسك نفسي بس علشان شويه كمان وممكن أرمي الكائن ده من البلكونة عادي جدًا لو هياخدك منّي تاني!..
_محدش يقدر يخدني منك يحبيبي....
رفعَ حاجبيهِ يقول:
_أمّا نشوف.... بقولك أي مش هو خلاص أكل ونام؟
مالت عليهِ برأسها بدلال تفهم مقصده قائلة برقةٍ معهودة:
_آه...
_أنا بقول أخطفك شويه قبل ما الأزعاج ده يصحي....
ختمَ جُملته يلتقطُ شفتيها بقُبلة خاطفة قبل أن ينحني يرفعها عن مستوي الأرض........لجولة عشقهم اللامتناهي.
❈-❈-❈
قُرآن الفجر أرتفعَ بالمساجد من حولهم، صوتِ أرتفاع رنين الهاتف الذي دقَ أكثر، من مرة، جعلها تستفيق بفزع، وأستيقظَ هو أيضًا، يلتقطُ الهاتف يري من المُتصل في هذا الوقت المُتأخر، من الليل، سألتهُ بقلق:
_مين بيتصل دلوقتي؟
_ده حُسام....
_بيتصل دلوقتي ليه؟ خير؟
_مش عارفه هشوف أهو....
فتح الخطِ، جائه صوت زوج شقيقتهِ يقول بُسرعة دون مقدمات:
_عُمر سهام مرات عمّك هي إللي قتلت عمي، الشُرطة عرفت وهي دلوقتي بتخطط تهرب من البلد الحقها بسرعة.....
كانت هذه آخر جُملة سمعها عقبها ندآت زوجتهُ وأسألتها، ووجد نفسه يستقلُ سيارتهُ والدماء تكاد تفور من عروقهِ، يقود بأقصي سرعة الطريق خالي، نظرًا للوقت المتأخر، ذاد من سرعة السيارة علي آخرها سرعة جنونية، لا يري أمامه سوى دماء أبيهِ ومظهرهِ عقب قتلهِ....... نار الأنتقام أشتعلت بقلبهِ لتحطمه لأشلاء، منذ شهور طويلة وهو يبحث ويبحث، الجميع ظنَ أنه قد نسي لكن لا لم ينسي دم أبيه متعلق برقبته ليوم الدين....... ورغم عنه بكي حُزنًا شديدًا بكي من كل قلبه
أضاء قوية مُنبعثة من سيارة كبيرة ظهرت أمامه علي الطريق هكذا من العدم، ضربَ النور القوي عينيهِ ضللهُ عن الرؤية، ما هي إلا ثواني وقد كانت أصتدمت السيارتين سويًا مُصدرين أصوات حادة عالية، ثواني وعمَ السكون والظلام.......
❈-❈-❈
رائحة أدخنة سيارة اوشكت علي الأحتراق، أصوات صافرة، أضائة قوية، بكاء، أصتدام سيارتان، أصوت عربات الشُرطة، ثم عربات الأسعاف......... إلي رائحة الأدوية والمعقمات، فتحَ عينيهِ فجأة، ليصتدم بأول شئ بوجهِ، غرفة بيضاء واسعة، أجهزة من حولهِ، أدوية ممرضات....... علي ما يبدو أنه بالمستشفى..... صداع حاد يعصف برأسه الآن..... سمعَ صوت أحدي الممرضات تصيح بفرحة:
_دكتور خليل.... يا دكتور..... الدكتور عُمر فاق، دكتور عُمر فاق....
ثواني وكانَ فوقَ رأسهِ رجل يرتدي بلطو أييض، يبسم بأتساع بوجههُ وهو مازال لا يستوعب شيئًا حتى الآن هتفَ الطبيب قائلاً:
_ألف حمدالله على سلامتك يا دكتور عُمر....
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة هاجر التركي، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية