-->

رواية جديدة لؤلؤة الليث لإيمي عبده - الفصل 17 - الجمعة 23/8/2024

 

قراءة رواية لؤلؤة الليث كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى






قراءة رواية لؤلؤة الليث

 رواية جديدة قيد النشر

من روايات وقصص 

الكاتبة إيمي عبده


الفصل السابع عشر

تم النشر يوم الجمعة

23/8/2024



تنهد سلمان بضيق، فقد ظن بتواجده هنا سينشغل عن تلك اللؤلؤه التى إقتحمت قلبه بلا إنذار، لكنه لم يستطع، فطيفها يلاحقه أينما كان، ووجهها الشاحب، وهيئتها المريضه، لا تجعل للنوم سبيل إليه، وقد أرهقه التفكير بالأمر، ألهذا الحد هو كريه، مقيت! تخافه الفتيات، أو لنقل الجاريات، لقد صدمه الأمر، ولكنه لم يغضب من لؤلؤه، فلا ذنب لها، تلك الفتاة غيرت نظرته للحياة، لما يلومها على ما لم تقترفه يداها، وللحظه صعقه أمر آخر، إذا كانت لؤلؤه جاريه فمن أين إشترتها والدته؟! وكيف وصلت إلى هذا التاجر؟! ألم تصبح تلك التجارة ممنوعه؟! ثم ما حاجتها إلى خادمه أخرى؟! وهى حتى لا تمكث بالقصر طويلاً! لديها الكثير من الرحلات والحفلات، والركض هنا وهناك؛ لتشترى ما غلى ثمنه، وإزداد سحراً، هل لهذا إشترت لؤلؤه؛ لأنها فاتنه، لكن لا... يمكن لوالدته إقتناء الجواهر والتحف، لكنها تمقت أى أنثى أجمل منها، حتى ولو كانت أنثى الحمار الوحشي!  


صوت علي أعاده إلى واقعه حين سأله بقلق: ما بك صديقى؟


- أنا.. لا شىء، كيف حالك أنت وزوجتك؟


- بخير، لكن إتركنا منى ومن زوجتى، وأخبرنى ما بالك شارد حزين؟!


صمت يفكر للحظات: أخبرنى أنت، إذا ما أحببت فتاة، وأردت الإقتران بها، وعاندتك الحياة، ماذا ستفعل؟


- تعلم جيداً، ماذا فعلت بهذا الصدد! ومازلت فى صراع مع والدى الذى يرفض الأمر مطلقاً، لقد ظنت زوجتى أنه لن يوافق مهما فعلنا، وظننتها تبالغ حتى أخبرته بأمر حملها، لم أكن أتوقع منه هذا!


- نعم، فهو كأخته، لا يهتمان سوى بالمظاهر الحمقاء.


إستنكر علي بغضب: لدرجة أن يأمر بإجهاضها!


أومأ مؤكداً: الغرور الأعمى، قاتل لصاحبه.


-تنهد بحزن: هذا حقيقى، لقد ظننت أنه خائف أن يكون له حفيد غير شرعى، فأخبرته عن زواجنا، فثار وهاج، وإستنكر فعلتى، وأمرنى بأن أتخلص من هذا الجنين، وتلك الزيجة برمتها؛ لأنها لا تليق بنا!


زوى جانب بسخريه: نعم.. أخبرتنى والدتى الغاليه بهذا، وأتت إلي بحمقاء مثلها؛ لتزوجنى إياها؛ لكى لا أعيد فعلتك! 


تنهد سلمان بإنزعاج لتلك الذكرى، وتابع بضيق: لأتعلم.. لقد تحاملت على نفسى؛ لكى لا أضربها، تلك الفتاة سمجه لزجه بلا عقل! لم أرى فتاة بلا كرامة مثلها!


لوح علي بيده فى الهواء بلا مبالاه: إتركنا منها، وأخبرنى من تلك التى أسرت فؤادك؟


رمقه بنظره حذره بجانب عينيه: دون تعليقات جارحه!


قضب جبينه متعجباً: ولما سأفعل هذا؟!


- لأنها جاريه.


- ماذاااا؟! أنت وجاريه! ألم تكن تزدريهن؟!


- نعم، ولكن لؤلؤه غيرت لى فكرى.


إبتسم بإتساع: أنا سعيد لأجلك، لطالما حاولت إقناعك بلا جدوى أن العبيد مظلومين، مجبرين، لا ذنب لهم، ومن يستعبدهم هو الظالم.


- نعم.


أومأ مؤكداً: لا يعلم قيمة الحريه يا أخى سوى من فقدها، ولا يحمد الله على النعمة سوى من ضاعت منه، ولا يعنى فقر أحدهم أو ثراؤه تميزه، لقد كانت ليندا ثريه لكنها بلا عقل.


قضب سلمان جبينه متعجباً: حقا ماذا حدث لها؟!  أخبرتنى أنك وضعتها بحظيرة ما، وبعدها لا شىء.


- أخبرنى أبى أنها رحلت، وتعلم حين يصبح أبى غامضاً لا يطلعنى على شىء، لكن حين إختفت لاحقاً، وسألته أمرنى ألا أذكر إسمها مره أخرى، ولكن زوجتى رأتها بعدها بعدة أيام مع ذاك الشاب الذى إستضافه أبى لعدة أيام، لا أعلم من هو؟! ولكن لدى شعور قوى بأنى أعرفه، لكن لا أذكر من أين؟! أخبرتنى زوجتى أن ذلك كان ليلة الحريق، أتعلم... أظن أن ليندا من إفتعلت الحريق، وساعدها هذا الشاب، أو قبض عليها وأعطاها إلى أبى، ولكن أى إن كان ما حدث، لا أهتم، فمسالك أبى غامضه مريبه، ولا يطلعنى على شىء، والدتك وحدها من تعلم خباياه.


- إنهما أخوين متكاتفين حقاً، يفكران بما يريدانه فقط، وغير مهم ما يريده الآخرين.


- نعم، لكنك لم تخبرنى بعد ما المشكله؟! والدتك؟


- لا.. الفتاة نفسها.


- ما بها؟! ألأنها جاريه؟


- لا.


بدأ يضجر من طريقته فى الممالطه، فحثه بإنزعاج على متابعة حديثه؛ ليفهم ماقصده.


- إذن؟


تنهد بيأس: إنها تخافنى حد المرض!


رفع حاجبيه مندهشاً: ولما هذا؟! ما الذى فعلته بها؟!


أجابه بسخط: لا شىء! وهذا ما يدفعنى إلى الجنون.


- إسترخى، وفكر بهدوء، وأعد سرد كل شىء لى، وسنفكر سوياً.


- حسنا، ولكن لا أظننا سنصل إلى شىء.


- فلنجرب أولاً.


- حسناً.


❈-❈-❈


تنهد كاظم بضيق، وضجر، فاليوم كغيره، بينما فى القرية كانت الحياة ممتعه، مختلفه، كل يوم يختلف عن غيره، وقد وجد سلواه بالجلوس بحديقته، والشرود بالقرية، وأهلها، بأورچيندا التى رفضت العمل معه.


إنه يستمتع حقاً بالتواجد معها، مرحها وحماسها يستهويه، تلك الفتاة أعادت قلبه للحياة، أشعلت بنفسه أحاسيس كان قد نسيها، وظن أنها لن تعود، ولكنها عادت! وكان أقوى من السابق، فوضعته بحيرة من أمره، وأصبح يتمنى لو لم يرسل له أخاها رسالة؛ لطلب المساعده، أو لو كانت أختها فتاة جيده، لما ذهب إلى هناك من الأساس، ولما إلتقاها، ولما جلس مكانه حائراً هكذا! 


لقد تكيف لسنوات بوحدته تلك، والآن أصبح يمقتها، يرغب بمن يؤنسه، أو لنقل من تسعد قلبه بوجودها.


أدرك أخيراً قبل مغادرته للقرية، ورفض عرض أورچيندا العمل معه أن إهتمامه بإصلاح قريتها كان لأنه أحبها، وحين رفضت عرض الشراكة معه تألم؛ لأنه فطن أنها ترفض التواجد معه، وأن ظنونه بأنها تميل إليه، كانت وهم خادع لا أكثر، أراد مشاركتها ليظلا معا؛ ليتقرب منها، ويطلب الزواج منها حين يجدها تبادله نفس المشاعر، لكنها رفضته تماماً، ولا قدرة له على محاوله أخرى قد تدعس كرامته، ففضل الصمت والإنسحاب، نعم... لم تكن صغيرة السن وتناسبه، لكنها لم تتزوج من قبل، ومازالت جميلة نضره، كثمرة آن أوان إقتطافها، ومن حقها أن تتزوج رجلاً خالٍ من الهموم، لا يحمل ماضياً مؤلماً على عنقه، وقد يكون هذا الماضى سبب نفورها منه، فمن ستقبل بالزواج من رجل والدته قاتله، وقتلت من؟ عائلتها! ولأجل ماذا؟ لكى تتخلص من زوجة إبنها الفقيره -وياللحظ- فأورچيندا كمن سبقتها فقيره، معدمه، بسيطه، ساذجه.


❈-❈-❈


مر يومان، وورده لم تعطى ليث جواباً على طلبه الزواج منها هذا لو إعتُبِر هذا زواجاً.


كانت ترتيبات زفاف أحد سكان القبيله تشغل الجميع، وتبهر ورده مما جعلها لا تريد موافقة ليث على إقتراحه، لا تريد أن تفوت على نفسها تلك المُتع التى تستمتع بها العروس، ولا تلك النظرات الفرحه التى يرمقها بها الجميع، وتلك البسمات الخجوله التى توزعها العروس هنا وهناك رداً على كل كلمة تهنئه تسمعها.


وبين مجالس النساء، سمعت ورده الكثير، وعلمت أكثر عن الزواج، وقد ألجمها الخجل عن الإستفسار أكثر، وأدركت أنها تريد حقاً زفاف، لا يمكنها أن تمر بكل ما يقال هكذا بلا مقدمات، أن تتحول من شريكة خيمه مع ليث إلى زوجه بمجرد إيمائة رأس، وما زاد يقينها حين سألها الشيخ عن ما فعله ليث بأوراق الهوية التى طلبها، وللحظه رقص قلبها طرباً، هل أراد مفاجئتها، وسيقيم لها زفافاً، لكنها كانت لحظه فقط، وتهدم كل شىء، حين تابع الشيخ حديثه.


- لقد تعجبت حقا، لما يريد زوجك كل هذه الأوراق؟! ولكنى أدركت أنه محق فالعدد كبير!


قضبت جبينها متعجبه: عدد ماذا؟!


مال نحوها هامساً بحذر: عدد الأسرى، فقط أخبرنى أنه إستطاع إنقاذ عدد لا بأس به من أسرى تجار الرقيق الحقيرين، ولكن الأسرى من بلاد بعيده، يصعب إعادتهم إليها، كما فهمت منه أنهم فقراء معوزيين، لذا فعودتهم إلى ديارهم مجرد عبأ لا أكثر، لذا قرروا العمل هنا.


إبتلعت ريقها بقلق: كم كان عددهم؟


قضب جبينه متعجباً: ألا تعلمين؟!


أجابته بجمود: أعلمهم جميعاً، لكنى أتأكد أن الجميع قد وصلته أوراقه.


حين أخبرها العدد، أدركت أنهم بالفعل الأسرى الذين كانوا معها، ولكن لما لم يشملها معهم؟! لما لم يصنع لها أوراق هويه مثلهم؟! وحينها نظرت إلى الشيخ.


- أخبرنى يا شيخ، حين يتزوج إثنان بلا أوراق هويه، هل هذا صحيح؟


- لا أفهم.


- فلنفترض أن هناك إثنان، يعلم الجميع بأنهما متزوجان، لكنهما لم يكونا زوجين بالفعل، وقد قررا أن يصبحا زوجان، ولكن بلا أوراق أو عقد.


- هذا ليس زواجاً!


- إذن ما هو؟


- إنه الخطيئة بنيتى، فأى شىء يثبت حقيقة زواجهما، فلنفترض أنها أنجبت طفلاً، من أين يمكن التأكد أنه الرجل الذى كان معها هو والده، إنها لا تستطيع تأكيد هوية والده بدون أوراق زواجهما، منذ زمن صنع الإنسان تلك الهويه؛ ليمكننا ترتيب حياتنا كما ينبغى، وعلى كل واحد أن يعتنى بأوراقه، فهى سهلة التلف، كثمرة البرقوق النضجه، سريعة العطب، كذلك الفتاة، إذا لم تصون نفسها، وتتبع الطريق الصواب، ستخسر كل شىء، فالفتاة التى تقبل بالحياة مع رجل بلا زواج حقيقى فتاة بلا حياء، تحيا منكسة الرأس من الخزى طوال حياتها، نادمه على إتباعها غواية الشيطان، فتفقد كل حق لها بأى فرحة تحياها بالنور.


إرتجفت أوصالها لهذا الوصف، فأومأت له بوجه شاحب، فسألها متعجباً.


- ما بك بنيتى؟!


- لا شىء أنا فقط أشعر بالعطش.


أعطاها كوب الماء، فإرتشفته بنهم حتى أغرقت ثيابها، فسألها بقلق.


- هل أنتِ بخير؟!


نهضت تبتسم بإرتباك: نعم.. أستأذن منك.


- تفضلى.


قضب جبينه متعجباً لحالتها، بينما سارت ورده شبه مغيبه، تكاد ترتطم بأى شىء تلتقيه، تتعثر بظلها حتى! وصلت خيمتها، فدخلت تنظر حولها بتيه حتى تهاوت جالسه تبكى خيبة أملها، وإنكسارها.


❈-❈-❈


أحد الأثرياء إنتبه أخيراً لوجود قبيلة من الغجر تمكث بالصحراء القريبه من طريق قصره الفاخر -ويا ليته لم ينتبه- فقد قرر التخلص منهم؛ لأنهم يؤذون نظره حين يمر بهم، لذا أرسل رجاله ليزيلوهم من هناك، بلا إهتمام لقانون، أو لما قد يحدث لهؤلاء الغجر، وإنقلب الزفاف إلى حرب وصراع للحياة، فمن أتوا مهاجمين خيامهم، لم يرأفوا بأحد صغيراً كان أم كبير، ووسط كل هذا الهرج والمرج، إستطاعت ورده الركض لأبعد الحدود، حتى إختبأت خلف صخرة ما، فهم يأسرون أفراد القبيله كالحيوانات، وخشيت أن تعود للأسر مجدداً، وظنت أن ليث مادام يعتقد أنها بلا حياء، وقد ترضى بالحياة معه بلا زواج، فهى بلا أى أهمية بالنسبة له، ولم تكن تدرى أن وسط هذا الهجوم، وأفراد القبيله يتصيدها رجال الثري كالدجاج، كان ليث كالأسد الحبيس، يصرخ منادياً بإسمها، وكل من حاول الإمساك به كان مصيره مؤلماً، وقد دافع أهل القبيلة عن أرضهم بشراسه، فوصل الأمر إلى حد الدماء، وحين إختفت ورده، ولم يجدها ليث إعتقد أنها ممن أُسروا، ولكنها لم تكن بينهم، وهذا يعنى الأسوا، قد تكون قُتلت، وهذا يعنى أنه قد فقدها، لذا إستسلم مهزوماً لقدره، ولكنه ظل ينظر حوله بأمل أن يجدها هنا أو هناك، لكنه لم يجدها مما جعله يتوقف، يصرخ بألم إهتزت له حصوات الصحراء، وجثى على الأرض باكياً، لم يبكى لفقدان عائلته، ولا لضياع لؤلؤه منه، لم يبكى إلا لأجل ورده، وبين ذراعيها، وبدونها أسدلت شمس دنياه الظلال على حياته.


  ❈-❈-❈


ألقى سلمان بصنارة صيده جانباً، وظل يتأمل صفحة المياة المتلألئة أمامه، يرى وجهها الضاحك، وهى تقفز لقطف  الثمار خلسة، يرى سعادتها التى تخفيها عنه، يرى إرتجافها خوفاً منه، ورجائها أن يرحم من تؤذيها، وشحوبها حين أسقطها المرض بسبب خوفها المبهم هذا.


أمسك بصخره من جواره وألقى بها بقوة بإتجاه البحر، فتموجت صورتها مع تموج الماء، وتلاشت من أمامه تلك الخيالات، لكنها لا تترك ذهنه بصحوه ومنامه، وقد أضناه التفكير بالأمر، وكم أراد السؤال عن حالها الآن، لكنه لم يرد أن يثير ريبة أحد، لكى لا تتسلط الأضواء أكثر من هذا على لؤلؤه، وتدفع والدته إلى إيذائها.


ربت علي على كتفه، فأدار سلمان رأسه نحوه بشرود، فتنهد علي بضيق.


- كف عن العبوس، لقد تركت زوجتى الحامل وحدها؛ لأجل ألا أتركك وحدك هنا للبؤس.


- كف عن تأنيبى! لم أجبرك أن تأتى، أنت من أتيت حين اخبرتك أننى سأمكث هنا عدة أيام.


جلس بجواره منزعجاً: أنا لا أؤنبك! ولا يمكننى أن أسترخى هانئاً بجوار زوجتى وأنت هنا وحدك حزين! فأنت لا تأتى إلى هنا إلا إذا كنت متألماً، أنا فقط أريدك أن تخرج  من حالتك البائسة تلك، وكنت ستفعل نفس الشىء من أجلى أليس كذلك؟


- أجل.


- إذن كف عن التذمر لوجودى معك، وإلا قذفت بك إلى البحر.


تنهد بضيق: حسنا.


ظل عابساً كما هو، ولم ينتبه لنظرة علي الخبيثه، ولا لتزحزح علي قليلاً فقليلاً نحوه، حتى دفع جسده بقوه صوب البحر.


شهق سلمان بقوه حين خرج رأسه من الماء، وضرب سطح الماء بسرعه متوجهاً إلى حيث يجلس علي الذى لم يظن للحظه أن سلمان ينتوى ردها له، إلا حين مد يده له ليسحبه من الماء، وهو يقهقه بمرح، حينها لم يمد سلمان يده؛ ليأخذ يد علي، بل أمسك بقدمه وسحبه بقوه نحوه، فسقط الآخر فى الماء.


دفع علي بكفه الماء فى وجه سلمان، وتذمر بإنزعاج: أيها الفظ لم أكن أريد أن أتبلل.


رفع حاجبيه مندهشاً: ولا أنا أيها الأبله! أنت من دفعتنى، فتحمل عواقب أفعالك.


نظر نحوه بإنزعاج، ثم تنهد، وإبتسم: لقد تغيرت يا صديقى.


إبتسم بحالميه: علمتنى أن الحياة تحتاج المرح، لقد كانت شمساً مشرقة ببسمتها العفويه، وأصبحت كالموت بحزنها، أدركتُ أن العبوس والغضب سيئين، وقد يكونا السبب فى خوفها منى.


- ليسا هناك قد، هذا مؤكد يا صديقى، فعبوسك يجعل الخفافيش تفر من مخابئها.


قضم شفته السفليه بغيظ: أتعلم، أنت الخفاش الوحيد هنا، أتسابقنى؟


- موافق جداً، هيا.


تسابقا سوياً، وقضيا وقتاً لا بأس به فى المرح فى الماء، ثم صعدا سويا؛ ليجففا نفسيهما، ويغيران ثيابهما المبتله، حينها قرر سلمان ألا يمكث علي هنا أكثر من ذلك، فزوجته بحاجته، لكن علي رفض المغادرة بدونه، وبعد إلحاح وافق سلمان أن يرافقه بطريق عودته إلى زوجته، ومن ثم يعود إلى قصره، فلم يعد يحتمل إشتياقه لمرآها، وإذا أزعجها وجوده مجدداً، سيجعلها لا تراه، لكنه سيترقبها من بعيد، فقد أصبحت نسيم حياته العليل.


وبالطريق شرد ينظر فى الأفق الذهبى البعيد، حيث تسدل الشمس أشعتها الذهبيه على الرمال، وتغوص بقرصها النارى خلف الجبال، وبين كل هذا كومة قماش لا تضطح معالمها، لكنها بدت كمن تخفى أحد أسفلها! فضاقت عيناه بإرتياب، وهتف سريعاً.


- توقف أيها السائق.


- ماذا هناك، سيدى؟!


أشار برأسه إلى علي: أنظر هناك.


يتبع..

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة إيمي عبده، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية..

رواياتنا الحصرية كاملة